ابن قتيبة الدينوري
أبو محمد عبد الله بن مسلم بن قتيبة الدينوري (213-رجب 276 هـ أي 828-13 نوفمبر 889م) نحوي لغوي، ولد ببغداد وقيل بالكوفة وأقام بالدينور مدة فنسب إليها. صاحب كتاب المعارف وأدب الكاتب؛ قال عنه ابن خلكان في وفيات الأعيان: «كان فاضلاً ثقة، سكن بغداد وحدث بها عن إسحاق بن راهويه وأبي إسحاق إبراهيم بن سفيان بن سليمان بن أبي بكر بن عبد الرحمن بن زياد بن أبيه وأبي حاتم السجستاني ... وتصانيفه كلها مفيدة».
ولد بالكوفة، ثم انتقل إلى بغداد، حيث استقر علماء البصرة والكوفة، فأخذ عنهم الحديث والتفسير والفقه واللغة والنحو والكلام والأدب والتاريخ، مثل أبي حاتم السجستاني وإسحاق بن راهويه وأبي الفضل الرياشي وأبي إسحاق الزيادي والقاضي يحيى بن أكثم والجاحظ، ولهذا اعتبر ابن قتيبة إمام مدرسة بغدادية في النَّحو وفَّقت بين آراء المدرستين البصرية والكوفية. كما عاصر قوة الدولة العباسية، وصراع الثقافات العربية والفارسية والأجناس العربية وغير العربية، وما أسفر عنه من ظهور الحركة الشعوبية ومعاداة كل ماهو عربي. كما عاصر صعود الفكر الاعتزالي وسقوطه. فكان لكل ذلك تأثيره في معالم تفكيره، وتجديد موضوعات كتبه كما يظهر في مؤلفاته.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
تفنيده للمعتزلة
اختير قاضيًا لمدينة دينور، ومن ثم لقب بالدينوري. وفي عهد الخليفة المتوكل العباسي، الذي أزال هيمنة فكر المعتزلة، عاد ابن قتيبة إلى بغداد، وشهر قلمه وسخره لإعلاء السنة وتفنيد حجج خصومها، وبذلك استحق أن يقال: إنه في أهل السنة بمنزلة الجاحظ عند المعتزلة.
تلاميذه
وفي بغداد اشتغل بالتدريس، فتتلمذ عليه خلق كثيرون، رووا كتبه، ونقلوا إلينا علمه مثل: النحوي ابن درستويه، وعبد الرحمن السكري، وأحمد بن مروان المالكي، وأبو بكر محمد بن خلف بن المرزبان وغيرهم.
وأهل السنة يحبونه ويثنون عليه، ويعدونه إمامًا من أئمتهم كما فعل الخطيب البغدادي والحافظ الذهبي وابن تيمية.
موسوعي
ولتعدد اهتمامات ابن قتيبة وتنوع موضوعات كتبه، يُعدُّ عالمًا موسوعيًا، فهو العالم اللغوي الناقد المتكلم الفقيه النحوي. وتعود شهرته في التاريخ والأدب إلى كتابه الشعر والشعراء، وبوجه خاصّ إلى مقدمة هذا الكتاب، وما أثار فيها من قضايا نقدية.
مؤلفاته
ومن مؤلفاته:
- غريب القرآن الكريم
- غريب الحديث
- عيون الأخبار
- مشكل القرآن
- مشكل الحديث
- كتاب الشعر والشعراء
- طبقات الشعراء
- الأشربة
- إصلاح الغلط
- كتاب التقفية
- كتاب الخيل
- كتاب إعراب القراءات
- كتاب الأنواء
- كتاب المسائل والجوابات
- كتاب الميسر والقداح وغير ذلك.
مصادر
- وفيات الأعيان لابن خلكان.
مقدمة عيون الأخبار
"وسينتهي بك كتابنا هذا إلى باب المزاح والفكاهة وما روي عن الأشراف والأئمة فيهما، فإذا مر بك أيها المتزمت حديث تستخفه أو تستحسنه أو تعجب منه أو تضحك له فاعرف المذهب فيه وما أردنا به. واعلم أنك إن كنت مستغنيًا عنه بتنسكك فإن غيرك ممن يترخص فيما تشددت فيه محتاج إليه، وإن الكتاب لم يعمل لك دون غيرك فيُهيًّأ على ظاهر محبتك، ولو وقع فيه توقي المتزمتين لذهب شطر بهائه وشطر مائه ولأعرض عنه من أحببنا أن يقبل إليه معك. وإنما مثل هذا الكتاب مثل المائدة تختلف فيها مذاقات الطعوم لاختلاف شهوات الآكلين.
"وإذا مر بك حديث فيه إفصاح بذكر عورة أو فرج أو وصف فاحشة فلا يحملنك الخشوع أو التخاشع على أن تصعر خدك وتعرض بوجهك، فإن أسماء الأعضاء لا تؤثم وإنما المآثم في شتم الأعراض وقول الزور والكذب وأكل لحوم الناس بالغيب ... فتفهم الأمرين وافرق بين الجنسين.
"ولم أترخص لك في إرسال اللسان بالرفث على أن تجعله هجيراك على كل حال وديدنك في كل مقال، بل الترخص مني فيه عند حكاية تحكيها أو رواية ترويها تنقصها الكناية ويذهب بحلاوتها التعريض، وأحببت أن تجري في القليل من هذا على عادة السلف الصالح في إرسال النفس على السجية والرغبة بها عن لبسة الرياء والتصنع. ولا تشعر أن القوم قارفوا وتنزهت وثلموا أديانهم وتورعت.
"وكذلك اللحن إن مر بك في حديث من النوادر فلا يذهبن عليك أنا تعمدناه وأردنا منك أن تتعمده، لأن الإعراب ربما سلب بعض الحديث حسنه وشاطر النادرة حلاوتها ... ألا ترى أن هذه الألفاظ لو وفيت بالإعراب والهمز حقوقها لذهبت طلاوتها ولاستبشعها سامعها وكان أحسن أحوالها أن يكافئ لطف معناها ثقل ألفاظها."
الإمام الحافظ ابن قتيبة الدينوري في مقدمة كتاب "عيون الأخبار"
وفاته
توفاه الله في وقت السحر في شهر رجب سنه (276) رحمه الله رحمة واسعة.