الخنساء
الخنساء | |
---|---|
وُلِدَ | 575 |
توفي | 645 (aged 69–70) |
المهنة | شاعرة |
،
تماضر بنت عمرو بن الحرب بن الشريد السُلمية، وشهرتها الخنساء (و. 575 - ت. 664)، هي شاعرة رثاء في عصر الجاهلية. لقبت بهذا الاسم بسبب ارتفاع أرنبتي أنفها. تزوجت من ابن عمها رواحة بن عبد العزيز السلمي، ثم من مرداس بن أبي عامر السلمي. عاشت أيضاً في عصر الإسلام، وأسلمت بعد ذلك.
في عام 612، قتل هاشم ودريد ابنا حرملة أخاها معاوية. قامت الخنساء بتحريض أخيها الأصغر صخر بالثأر، واستطاع الأخير قتل دريد انتقاماً لأخيه، ولكنه أصيب وتوفي في عام 615. وقيل أن الخنساء أصيبت بالعمى من شدة بكائها على موت أخيها. ومع قدوم عصر الإسلام، حرضت أبناءها الأربعة من مرداس بن أبي عامر السلمي وهم عمرة وعمرو ومعاوية ويزيد على الجهاد، وقد استشهدوا جميعاً في معركة القادسية.
تعد الخنساء من أشهر شعراء الجاهلية، وقد قامت بكتابة الشعر خصوصاً بعد رحيل أخويها. وطغى على شعرها الحزن والأسى والفخر والمدح. قال عنها نابغة الذبياني: "الخنساء أشعر الجن والإنس". وقيل أن رسول الإسلام محمد بن عبد الله كان يعجب بشعرها.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
كنيتها
هي أم عمرو، تُماضِر بنت عمرو بن الحارث بن الشريد، من بني رِياح، ثم من بني سليم؛ لقبت بالخنساء؛ والخَنَس: قصر الأَنف وتأخره مع ارتفاع قليل في أرنبته، يكون في بقر الوحش والظِّباء فيزينها، غلب عليها هذا اللّقب، وأخمل اسمها، فلا تُعْرف إلاَّ به.
حياتها
كانت الخنساء أَشعر شواعر العرب في الجاهليّة والإسلام، وأجودهن وأبينهن وأشهرهن، وأطولهن بكاء على أخ، وأسخنهن دمعة. عاشت في الجاهلية أمثل شطري حياتها وأطولهما، ثم أدركت الإِسلام فأسلمت، وحسن إسلامها، ولما وفدت مع قومها، من بني سُليم، على النّبي، استنشدها شعرها فأعجبه، فكان يستزيدها قائلاً: هيه يا خنساء!
خطبها دريد بن الصمة، وطلبها حليلة له، فصدّته، وقالت: أَتُرانِي تارِكَةً بَني عَمِّي كَأَنَّهُم عَوالي الرِّماحِ، ومُرْتَثَّةً (الرث: البالي من كل شيء) شيخَ بني جُشَم!
وقد كان للخنساء من بني عمها ما أرادت؛ إذ خطبها رواحة بن عبد العزّى السّلمي فتزوجها، وأولدها أبا شجرة، ثمّ خلف عليها مرداس ابن أبي عامر السّلمي، فأولدها بنين عدة، منهم: زيد ومعاوية وعمرو وعباس ويزيد وعمرة.
شهدت سوق عكاظ، الّذي كان يأتيه الشعراء فيعرضون فيه أشعارهم على النابغة الذبياني، وهو في قبة حمراء كانت تضرب له، فزاحمت من حضرها من الشعراء، ودافعتهم على التقدم، وقال لها النابغة مرة، وكان قد أنشده الأَعشى وحسان بن ثابت: واللهِ لولا أَنَّ أبا بصير (يعني الأعشى) أنشدني آنِفًا، لقُلْتُ: إِنَّكِ أَشْعرُ الجِنِّ والإِنْس. وقال لها أيضًا: واللهِ ما رَأَيتُ ذاتَ مَثانةٍ أَشْعَرَ مِنْك!
أشعارها
كانت الخنساء أول أمرها تقول البيتين والثلاثة، فلما قتل أخواها انثال الشعر على لسانها، وفتحت لها أبوابه، فبزت سائر النساء الموتورات في الجاهلية والإسلام، وخصتها ربات الشعر والبيان بفيض من معاني الرثاء وألفاظه، فأخذت تشقق معانيه، وتفتن في سبك ألفاظه، ومن رائق شعرها وأجمله، وأَوقعه في النفس، ممّا سبقت إليه، قولها ترثي صخرًا
[1]:
وإِنَّ صَخْرًا لَتَأْتَمُّ الهُداةُ بِهِ | كَأَنَّه عَلَمٌ في رَأْسِهِ نارُ |
وإِنَّ صَخْرًا لَوالِيْنا وسَيِّدُنا | وإِنَّ صَخْرا إِذا نَشْتُو لَنَحَّارُ |
وقولها فيه:
يُذَكِّرُنِي طُلُوعُ الشَّمْسِ صَخْرًا | وأَذْكُرُهُ لِكُلِّ غُرُوبِ شَمْسِ |
وما يَبْكُونَ مِثْلَ أَخِي ولَكِنْ | أُعَزِّي النَّفْسَ عَنه بالتَّأَسِّي |
وقولها في معاوية:
أَلا ما لِعَيْنَيْكَ أَمْ ما لها؟ | لَقَدْ أَخْضَلَ الدَّمْعُ سِرْبالَها |
أَبَعْدَ ابنِ عَمْرٍو مِنَ آلِ الشَّرِيْـ | ـدِ حَلَّتِ الأَرْضُ أَثْقالَها؟ |
وقولها فيه:
أَلا لا أَرَى فِي النَّاسِ مِثْلَ مُعاوِيَهْ | إذا طَرَقَتْ إِحْدَى اللَّيالِي بِداهِيَهْ |
شهدت القادسية في أربعة من بنيها، فأوصتهم بالصبر والثبات والرباط، وذكرتهم بما أعد الله للمجاهدين في سبيله من عظيم الثواب، وحسن المآب، وقالت لهم: اغْدوا إلى قتال عدوّكم مُسْتَبْصِرين، وبالله على أعدائه مُسْتَنصرين، فإذا رأيتم الحرب قد شَمَّرَت عن ساقها (أي اشتدَّت واضطَرَبت)، فتَيَمَّمُوا وطِيْسَها (أي شِدَّة الضِّراب فيها)، تَظْفَروا بالغُنْم والكَرامَة في الخُلْد والمَقامة. فقاتل بَنُوها يومئذٍ العَدوّ قتالاً شديدًا أَوْرَثَهم الشّهادة جميعاً، ولمّا بلغها خبرُهم، قالت: الحَمد لله الّذي شَرَّفَني بقتلهم، وأرجو من ربّي أنْ يجمعَني بهم في مُسْتَقَرّ رحمته. وكان عمر بن الخطّاب y يُجْري عليها أرزاق بَنِيْها الأربعة حتّى قُبِض.
اشتهرت الخنساء ببكاءة بني سليم، وما وصل من شِعرها يعين على تقبّلِ هذه التسمية؛ إِذ جل قوافيها يرشح بالرثاء الموجع، والبكاء الحار، والدموع البوادر، ولاسيما المتحدّرة منها على صخر؛ لجوده وبذله وحلمه، ونظر إليها عمر بن الخطاب، وبها ندوب في وجهها، فقال: ما هذه النّدوب يا خنساء؟ قالت من طول البكاء على أخوي؛ قال لها: أخواك في النار؛ قالت: ذلك أطول لحزني عليهما.
عدها ابن سلام في طبقة أصحاب المراثي، وجعلها تلو متمم ابن نويرة أول أربعة شعراء في هذا الطبقة، وذهب بعضهم إلى أنّه لم تقل امرأة شعرًا قطّ إلا تبين الضعف فيه إلا الخنساء. وقال عنها المبرد: كانت الخنساء وليلى بائنتين في أشعارهما، مُتقدِّمتين لأكثر الفحول، وربّ امرأة تتدّم في صناعة، وقلّ ما يكون ذلك.
وقيل لجرير: من أشعَر الناس؟ قال: أنا لولا الخنساء. قيل: لم فضلتك؟ قال: لقولها:
إِنَّ الزَّمانَ، وما يَفْنَى لَهُ عَجَبٌ، | أَبْقَى لَنا ذَنَبًا، واسْتُؤْصِلَ الرَّاسُ |
إِنَّ الجَدِيْدَيْنِ فِي طُولِ اخْتِلافِهِما | لا يَفْسُدانِ، ولَكِنْ يَفْسُدُ النَّاسُ |
وهبت الخنساء شعرها للرثاء خاصة، وأكثر قوافيها المَوقوف عليها في رثاء أخويها، ولم تخرج من الرّثاء إلى غيره من موضوعات الشعر، إلا قليلاً، في الفخر بأبيها وأخويها، ورهطها بني سُلَيم.
امتاز شعرها بجَزالة اللفظ، ومتانة التّركيب، في حسن تأتّ وجودة سبك، مع وضوح في المعنى، وسهولة في العبارة، مَشْفُوعَيْن بطَبع فطرت عليه، أبعدَها من التّكلّف والتّصنّع، وقَرّبها من نَثْلِ الشّعر على السجية، وممّا يُسْتَمْلَح من شعرها قولها، من بائيَّتها العالية:
يا عَيْن ما لَكِ لا تَبْكِيْنَ تَسْكابا؟ | إِذْ رابَ دَهْرٌ وكانَ الدَّهْرُ رَيَّابا |
فابْكِي أَخاكِ لأيْتامٍ وأَرْمَلَةٍ | وابْكِي أَخاكِ إِذا جاوَرْتِ أَجْنابا |
لها ديوان شِعر مطبوع، جُمِع فيه ما أبقتْ عوادي الدّهر من قوافيها، ونُشِرَ نَشراتٍ عدَّة.
وفاتها
عاشت في الإسلام حتّى أول خلافة عثمان بن عفان، وتوفّيت مورّثة ابنيها عباس بن مرداس وعمرة شعرها، مختصّة ابنتها عمرة بالرثاء والبكاء، فرَثت أخويها يزيد بن مرداس الذي قتله هارون ابن النعمان بن الأَسلت، وعباسا الشاعر الّذي مات بالشام، بمراث مشهودة مشهورة، ما أَشبهها بحديث أمها في صخر ومعاوية.
نقد
- ابن قتيبة: " اما ما ادخلت الخنساء من صفات جديدة في المرثية، فمن الصعب ان نحدده، لانه لم يصل الينا شي تام من هذا النوع قبل قصائدها، إلا ما ورد عن المهلهل، وهو في مجمله يقرب من طريقة الخنساء[2]، ولكن مالا شك فيه هو ان من تبعها من شعراء الرثاء، وشواعره اغترفوا جميعهم من بحرها الفياض بفيض العاطفة البشرية"
- كرنكوف: "ألاحظ على مراثيها القصر، وصدق التفجع والحزن، ونكاد نقطع بان قصائدها ألهمت عدد كبيرا من شعراء المراثي المتأخرين، ومنهم ابنتها عمرة"[3]
- بطرس البستاني: " لعل الغلو أظهر خاصة في الخنساء، فهي مغالية في حزنها ولوعتها، مغالية فيما نعت به صخراً.. ورثاء الخنساء عاطفي بحت، ولا يشوبه تكلف"[4]
- أفرام البستاني يقول: "فهي شاعرة أكثر منها ناظمة، وهو ما يروقنا فيها"[5].
- بنت الشاطئ: اخذت على الخنساء قصر قصيدتها، وخلو شعرها من الحكمة أو قلتها فيه[6].
- مصطفى صادق الرافعي[7]: " ولا يهولنك كثرة اسماء النساء اللأتي قلن شعرا، فعمود الشعر عندهم الرثاء، وليس لهنت إلا المقاطيع والابيات القليلة، ولم تبن منهن إلا الخنساء وليلى الأخيلية وما شعرت الخنساء حتى كثرت مصائبها"
- المستشرق گوستاف فون گرنباوم[8]: واذا كانت المراثي قد نشأت من نياحات النساء، إلا ان هذا الفن انما بلغ اوجه في مراثي الخنساء الشاعرة التي عاشت في النصف الأول من القرن السابع". وقال ايضا: اما الخنساء فقد جعلت قمم الجبال تتدحرج بداعي وفاة اخيها، والنجوم تهوي، والارض تهتز، والشمس تظلم"[9].
انظر أيضاً
المصادر
- ^ مقبل التام عامر الأحمدي. "الخنساء". الموسوعة العربية. Retrieved 2013-12-17.
- ^ الشعر والشعراء ص 197.
- ^ دائرة المعارف الإسلامية.
- ^ ادباء العرب في الجاهلية وصدر الإسلام ص 223 ط 8 بيروت..
- ^ الروائع العدد 38 المقدمة.
- ^ ديوان الخنساء.
- ^ تاريخ آداب العرب ج3 ص 61.
- ^ دراسات في الأدب العربي ص 137.
- ^ دراسات في الأدب العربي ص 137.
المراجع
- ابن سَلاَّم، طبقات فحول الشّعراء، تحقيق محمود شاكر (مطبعة المدني، القاهرة 1974).
- ابن قتيبة، الشّعر والشّعراء، تحقيق أحمد محمّد شاكر (دار المعارف، القاهرة 1958).
- أبو الفرج الأَصفهانيّ، الأغاني (دار الكتب المصريّة، القاهرة 1935).
وصلات خارجية
- "A Great Arab Poetess of Elegy", an essay about Al-Khansa
- Other Women's Voices collection, contains links, secondary sources, and excerpts