اسمه الحارث بن سعيد بن حمدان بن حمدون الحمداني، وأبو فراس كنيته، وُلد في الموصل320 هـ، وقُتل في 357 هـ في موقعة بينه وبين ابن أخته أبو المعالي بن سيف الدولة. نشأ في كنف ابن عمه وزوج أخته سيف الدولة الحمداني بعد أن قتل ناصر الدولة أباه سعيد بن حمدان، فنشأ عنده كريماً عزيزاً، وولاه منبج من أعمال الشام كما صحبه في حربه ضد الروم. اغتيل والده وهو في الثالثة من عمره على يد ابن أخيه جرّاء طموحه السياسي، لكنّ سيف الدولة قام برعاية أبي فراس.
استقرّ أبو فراس في بلاد الحمدانيين في حلب. درس الأدب والفروسية، ثم تولّى منبج وأخذ يرصد تحرّكات الروم. وقع مرتين في أسر الروم. وطال به الأسر وهو أمير ، فكاتب ابن عمه سيف الدولة ليفتديه، لكنّ سيف الدولة تباطأ وظلّ يهمله. كانت مدة الأسر الأولى سبع سنين وأشهراً على الأرجح. وقد استطاع النجاة بأن فرّ من سجنه في خرشنة، وهي حصن على الفرات. أما الأسر الثاني فكان سنة 962م. وقد حمله الروم إلى القسطنطينية، فكاتب سيف الدولة وحاول استعطافه وحثّه على افتدائه، وراسل الخصوم . وفي سنة (966) م تم تحريره.
وفي سجنه نظم الروميات، وهي من أروع الشعر الإنساني وأصدقه.
علم سيف الدولة أن أبا فراس فارس طموح، فخاف على ملكه منه، ولهذا أراد أن يحطّ من قدره وان يكسر شوكته ويخذله ويذلّه بإبقائه أطول فترة ممكنة في الأسر.
ولهذا قام بمساواته مع باقي الأسرى، رغم انه ابن عمه، وله صولات وجولات في الكرم والدفاع عن حدود الدولة وخدمة سيف الدولة الحمداني.
وفاته
بعد سنة من افتداء الشاعر، توفي سيف الدولة (967) م وخلفه ابنه أبو المعالي سعد الدولة، وهو ابن أخت الشاعر. وكان أبو المعالي صغير السن فجعل غلامه التركي فرعويه وصياً عليه.
وعندها عزم أبو فراس الحمداني على الاستيلاء على حمص، فوجّه إليه أبو المعالي مولاه فرعويه، فسقط الشاعر في أوّل اشتباك في الرابع من نيسان سنة 968م وهو في السادسة والثلاثين من عمره.
وهكذا نجد أنّ رأي سيف الدولة الحمداني فيه كان صادقاً وفي محله. فقد كان أبو فراس الحمداني طموحاً الأمر الذي جرّ عليه الويلات.
قال ابن خلكان: «وهذا يدل على أنه لم يقتل أو يكون قد جرح وتأخر موته ثم مات من الجراحة»، قيل إن الذي قتله هو قرغويه غلام سيف الدولة بأمر من أبي المعالي بن سيف الدولة، كان مقيماً في حمص. وجرت المعركة قرب قرية صدد، فقتل وأخذ رأسه، وبقيت جثته مطروحة في البرية، إلى أن جاءه بعض الأعراب فكفَّنه ودفنه.
قال الثعالبي «شعره مشهور سائر بين الحسن والجودة والسهولة والجزالة والعذوبة والفخامة والحلاوة»، له غزل رقيق عذب، يجمع في غزله أخلاق الأمراء الفرسان العاشقين، وهذه الخصائص تظهر في غزلياته واضحة، من ذلك قصيدة "أراك عصي الدمع" التي اشتهر بها.
وتظهر في سياق هذه القصيدة صفات العاشق الفارس في حوارية استعطافية رائقة لا تخلو من فخر الفارس ومباهاته بشجاعته بين يدي محبوبته:
فَلا تُنكِريني يا اِبنَةَ العَمِّ إِنَّهُ
ليَعرِفُ مَن أَنكَرتِهِ البَدوُ وَالحَضرُ
وَلا تُنكِريني إِنَّني غَيرُ مُنكِرٍ
إِذا زَلَّتِ الأَقدامُ وَاِستُنزِلَ النَصرُ
مرَّ شعره بمرحلتين في بداية حياته الشعرية؛ في المرحلة الأولى ظهر شـعره متأثراً بفحول الجاهليين والأمويين. وفي المرحلة الثانية جرى على مقتضيات عصره، فجاء شعره بسيطاً واضحاً بعيداً عن التكلف، إضافة إلى النزعة الخطابية في غرضَي الفخر والحماسة:
لنا أوَّلٌ في المكرمات وآخـرُ
وباطـنُ مجـدٍ تغلبيٍّ وظاهرُ
تبوَّأتُ من قَرْمَيْ مَعَدٍّ كليهما
مَكَاناً أراني كيفَ تُبنَى المفاخرُ
أنا الحارثُ المُختارُ مِن نسلِ حارثٍ
إذا لمْ تسُدْ في القومِ إلا الأخايِرُ
وأبو فراس، شاعر وجداني سخَّر كثيراً من شعره للحديث عن مشاعره وأحاسيسه، وما يعتلج في صدره من آلام وآمال، وعمل على تضمين ذلك في شعره، وجاء بعضه في سياق أسلوب السرد الحكائي، كقوله يخاطب حمامة في أسره في إحدى رومياته البديعة:
أَقولُ وَقَد ناحَت بِقُربي حَمامَـةٌ:
أَيا جارَتا هَل تَشعُرينَ بِحالي
مَعاذَ الهَوى ما ذُقتِ طارِقَةَ النَوى
وَلا خَطَرَت مِنكِ الهُمومُ بِبالِ
أَيا جارَتا ما أَنصَفَ الدَهرُ بَينَنا
تَعالَي أُقاسِـمكِ الهُمومَ تَعالَي
أَيَضحَكُ مَأسـورٌ وَتَبكي طَليقَةٌ
وَيَسـكُتُ مَحزونٌ وَيَندِبُ سالِ
لقد كُنتُ أَولى مِنكِ بِالدَمعِ مُقلَةً
وَلَكِنَّ دَمعي في الحَوادِثِ غالِ
قائمة القصائد
القائمة التالية، قائمة غير مكتملة لقصائد أبو فراس الحمداني[1]، لمطالعة القصائد كاملة، انظر هـنـا: