آل أبو عليان
جزء من سلسلة عن |
---|
تاريخ السعودية |
|
خطأ لوا في وحدة:Portal-inline على السطر 80: attempt to call upvalue 'processPortalArgs' (a nil value). |
آل أبوعليان، أو أولاد علي، هم مؤسسو إمارة القصيم وعاصمتها مدينة بريدة المعروفة اليوم وهم أمراؤها وما يتبعها من القصيم لما يقارب الثلاثة قرون من سنة ٩٨٥هـ حتى سنة ١٢٨٠هـ، وهم اول من بايع الدولة السعودية وناصر الدعوة السلفية، وكان لهم دوراً كبيراً في ازدهار التجارة والزراعة والصناعة وزيادة عدد سكان بريدة وزيادة عمرانها وتفوقها على جميع بلدات القصيم. وهم من جعل بريدة العاصمة المركزية لمنطقة القصيم وليصبحوا بعدها أمراء للإقليم بأكمله. يذكر مقبل الذكير أن بلدة بريدة تأسست في أواسط القرن العاشر، وعلى مدار ثلاثة قرون، تأسس فيها قرى كثيرة وازداد عمرانها، ثم اصبحت إقليماً (القصيم) يرجع حكمه إلى صاحب بريدة. لأسرة آل أبوعليان أهمية تاريخية كبيرة في نجد حيث كانوا ولا يزالون من أشد المناصرين للدعوة السلفية وأئمة الدولة السعودية الأولى والثانية والثالثة.
فقد كانت لهذه الأسرة مواقف مشرفة وبطولات وتضحيات كبيرة مع الدولة السعودية الأولى والثانية بمساهمتهم في نشر الدعوة الإصلاحية للشيخ محمد بن عبد الوهاب في القصيم ومد الحكم السعودي شمال الجزيرة العربية، وكان لهم جيش يضرب مشارف الجزيرة العربية، ولهم راية مكتوب عليها عبارة (لا إله إلا الله محمد رسول الله). يذكر الدكتور عويضة في كتابه نجد قبل الوهابية أن آل أبوعليان أصبحوا حلفاء الدولة السعودية وظهروا كأبطال في نصرة القضية السلفية وفي عهدهم اصبحت مدينة بريدة المركز الإداري والإقليمي في القصيم ونافست شقيقتها عنيزة على مكانة البلدة الأقوى والأكثر نفوذاً ورخاء في القصيم.
كانت لغزوات قائد جيش القصيم الأمير حجيلان بن حمد آل أبو عليان العنقري التميمي، المتوفى عام ١٢٣٤هـ في المدينة، دوراً كبيراً في ادخال الكثير من المناطق كمنطقة حائل ومنطقة الأحساء تحت راية وحكم الدولة السعودية الأولى، وكان عقيد حربٍ دائم الظفر، وصل في غزواته إلى بلاد الشرارات في الشمال وكذلك حدود بادية الشام، وكان من أقوى وأشهر حكام آل ابوعليان على مر تاريخهم وقد كان أمير بلاد القصيم في ذلك الوقت لمدة تزيد عن أربعين سنة متواصلة. وكما كان الأمير حجيلان بن حمد رائد النهضة لمنطقة القصيم وصاحب مشروع تنموي، ازدهرت التجارة المحلية والتجارة الخارجية (العقيلات) والزراعة والصناعة والتعليم السلفي في زمنه وكان عصره عصراً ذهبياً على المنطقة وكان له سياسة حكيمة في توطين وجذب المهاجرين، فكان هذا هو السبب الرئيسي في زيادة أعداد المهاجرين وزيادة وتوسع البلدات في القصيم بشكل سريع وملفت. ذكر الدكتور عبد الله الصالح العثيمين رحمه الله بكتابه تاريخ المملكة العربية السعودية أن أمير القصيم حجيلان بن حمد آل أبوعليان كان احد أشهر الأمراء والقادة الذين كان لهم أثراً تاريخياً كبيراً في الدفاع عن الدولة السعودية ومداً لحكمها وقد قام بالكثير من الغزوات من اجلها. وكان الأمير حجيلان بن حمد يهدف إلى تنشيط التجارة من جهة والقضاء على البطالة من جهة أخرى وانعاش اقتصاد اقليم القصيم بصورة أكبر فقدم الأمير كما يتحدث الرواة المال ومنح الأرض والدكاكين وأعطى الراحلة وأدوات الصناعة والتجارة وغيرها من متطلبات المهن، وتبعاً لهذا الإجراء شهد اقتصاد بريدة وتجارتها حركة غير عادية في ذلك الوقت وانصرف الكثيرون إلى عمليات الاتجار والزراعة وتنامت المهن والحرف اليدوية فيها وأصبحت بريدة مقصداً وميداناً حراً للتجارة والزراعة والصناعة بأنواعها وأنماطها المختلفة وسجلت الأسواق فيها حضوراً لافتاً حدث عنه المهتمون كثيراً إلى درجة أن الرواة يذكرون أنه في عهد إمارة حجيلان بن حمد التي استمرت قرابة الأربعين عاماً تم توسيع سور بريدة (العقدة) أو الحامية ثلاث مرات نظراً لتوسع حجم المدينة وزيادة عدد السكان فيها وازدهار الحياة بأوجهها المختلفة.
وكما كان الأمير عبد الله بن حسن آل أبوعليان أيضاً مناصراً للإمام عبد العزيز بن محمد آل سعود في غزواته حتى استشهد في معركة مخيريق الصفا، والصفا: جمع صفاة وهي الأرض الصخرية الصلدة، والعقبة: المكان المرتفع الصعب المرتقى من حجارة الجبل، وقد وقع في تلك العقبة الكثير من الركاب والرجال وقتل من الرجال الذين كانوا مع الإمام عبدالعزيز نحو خمسين رجلاً ومنهم الأمير هذلول بن ناصر آل ثنيان آل سعود. وكما كان الأمير عبد العزيز بن محمد آل أبو عليان موالياً للدولة السعودية وقاتل مع الإمام تركي بن عبد الله ومع الإمام فيصل بن تركي. ولم يتجرأ ابن رشيد أو غيره على اقتحام أسوار بريدة أو حكم القصيم في عهد آل أبوعليان (أولاد علي) لأنهم كانوا الحصن المنيع للبلدة وأهلها من هجوم أي غاشم عليها ولم يضعوا أيديهم في ايدي الأتراك او ابن رشيد يوماً لأنهم كانوا من أشد المناصرين لدعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب وائمة الدولة السعودية الاولى والثانية، وكثير من المؤرخين يعزو سبب سقوط الدولة السعودية الثانية إلى زوال إمارة آل أبوعليان الذي كانت الحليف الاستراتيجي لهم ثم تحالف ال مهنا مع ابن رشيد وحربهم على الدرعية واسقاطها.
تعرض آل أبو عليَّان وبريدة لعدد من الحملات والهجمات العسكرية الشرسة والحصار الطويل لإقتحام أسوارهم وقلاعهم المنيعة، بسبب تحالفهم وولائهم للدولة السعودية، ومناصرتهم لدعوة الإمام محمد بن عبدالوهاب. ومن اشهر تلك الحملات حملة حاكم الأحساء دجين بن عريعر في سنة ١١٨٨هـ٬ ثم تلتها حملة عنيفة أخرى بقيادة حاكم الأحساء سعدون بن عريعر في سنة ١١٩٦هـ (سنة ذبحة المطاوعة) واستمرت لمدة خمسة أشهر، فبرزت من خلالها شجاعة وفطنة وعظمة شخصية الأمير حجيلان بن حمد رحمه الله في الثبات والصبر في حماية بريدة وأهلها من الهلاك، وقد سطر هذه الحادثة كبار المؤرخون والعلماء النجديون في كتبهم كالعلامة حسين ابن غنام أحد أشهر تلامذة الإمام محمد بن عبدالوهاب وكذلك المؤرخ والأديب العلامة عثمان ابن بشر الذي عاصر الدولة السعودية الأولى والثانية ودون أحداثهما. وكذلك في سنة ١٢٠١هـ تم الهجوم على بريدة بحملة عسكرية أخرى بقيادة حاكم المنتفق ثويني العراق ولكنها فشلت. ثم جاءت حملة عثمانية بقيادة طوسون باشا في سنة ١٢٢٩هـ وفشلت أيضاً. يذكر جون غوردن لوريمر في كتابه دليل الخليج: (( في أوائل مايو وصل طوسون باشا إلى القصيم، وفي الرس لحق حلفاؤه السياسيون من رجال القصيم ومنهم الفرسان الذين طلبوا منه التقدم، ولكن حجيلان أقوى رجل في القصيم كان مخلصاُ في ارتباطه بقضية الوهابيين فلم يشترك في هذا الأمر، بل على العكس جمع أنصاره حوله واستعد للحرب في بريدة)). وفي عام ١٢٣٣هـ وصل إلى بريدة حملة عثمانية أخرى بقيادة إبراهيم باشا فاقتحموها وضيقوا على أهلها وهاجموا المدينة بقصف مدفعي عنيف، وأمطروها بوابل من القذائف مدة يوم وليلة، واستولوا على إحدى قلاعها، ورموا أعناق حاميتها المؤلفة من مئتي رجل، وبعد أن قتل من أهلها ستين رجلاً طلبوا الأمان من ابراهيم باشا فوافق بعد ان اخذ معه عبدالله ابن الأمير حجيلان بن حمد. وقد ورد ذكر حملة ابراهيم باشا على بريدة في عدد من الوثائق التاريخية الموجودة في دار الوثائق القومية في القاهرة٬ أربع منها كتبها ابراهيم باشا لوالده محمد علي باشا من موقع الأحداث في القصيم. وممن قتل في هذه الحملة جد أسرة الحسون في بريدة وبعض من ابناءه بعدما قصفت مقصورتهم (مقصورة السادة) بالمدافع. يذكر المؤلف ابن عبيد في كتابه تذكرة أولي النهى: (( انه في في الجنوب الشرقي من بريدة وفي حارة السادة يقع موضع آثار حصن عظبم قد ضاد ثويني وابراهيم باشا وكان ذلك الحصن عظيم الحيطان بحيث يبلغ مسطح الحائط ثلاثة أمتار ولاتزال بقيته موجودة حتى الآن)). وقد ذكر الأديب موسى النقيدان في كتابه مسافات في ذاكرة رجل من بريدة: ((ان مراسلات الغازي إبراهيم باشا إلى والده محمد علي باشا الذي زحف إلى نجد للقضاء على الدولة السعودية الأولى تقول ان كل بلدات القصيم استسلمت بلا قتال ماعدا السادة التي واجهنا بها مقاومة، وعائلة الحسون امراؤها ويرجعون إلى بني تميم وهم أقرباء راشد الدريبي آل أبو عليان، هذا العناد والإصرار من عائلة الحسون تشاهده واضحا عليهم في قوة بأسهم واصرارهم الشديد)). وقد تأكد لنا خبر ورواية مقتل جد الحسون وبعض ابناءه رحمهم الله من عدد من الأعمام من كبار السن وأبناء العمومة الثقات من أسرة الحسون في بريدة حفظهم الله. ولم تتوقف الحملات العثمانية الغاشمة على نجد حتى بعد سقوط الدولة السعودية الأولى وتخريب الدرعية، حيث يذكر ابن بشر في حوادث سنة ١٢٣٦هـ مقتل أمير بريدة عبدالله آل محمد بن حسن آل أبوعليان وكذلك محمد بن غانم آل أبوعليان رحمهما الله بعد مقدم حسين بيك ومن معه من عساكر الدولة العثمانية إلى القصيم.
رحب أمراء آل أبوعليان بالمهاجرين إليهم حينما كانت بريدة مقصداً للناس وفتحوا اسوارهم إليهم واكرموهم واعانوهم على صعوبة الحياة في ذلك الزمن ولم يشعروا أحداً منهم أنه غريب او ثقيل فاستوطن كل من هاجر لهم، ونجد هذا سبباً لحب أهلها لها والانتماء والحب الكبير لأرضهم، حيث يقول أمير القصيم وشاعرها ابوزيد (دار بها اشرب ياشريبي وأنا أشرب) اي الجميع يشربون بالتساوي ولايتقدم القوي على الضعيف لكن للأسف عندما يذكر تاريخ أسرة آل أبوعليان فإن بعض الرواة يذكر جانب واحد هامشي من تاريخهم وهو تنازعهم على الإمارة فقط ويغفل العين عن مآثرهم ويتجاهل محاسنهم ودورهم التاريخي البارز في نهضة مدينة بريدة ومنطقة القصيم كافة، وهذا الصنيع بميزان العدل لايجوز فيجب أن تذكر محاسنهم أيضاً، واخطائهم تغرق كما قيل في بحر حسناتهم. في عهد آل أبوعليان ومن عاصمة القصيم تحديدا تأسست أسواق العقيلات أشهر أسواق نجد وانطلقت أول قافلة للعقيلات في عهد الأمير حجيلان وتتابعت بعدها رحلات العقيلات للعالم ثم تأسس جيل تجاري لا يعرف إلا التجارة والصلاة كما وصفهم الريحاني. لقد تجح آل أبوعليان في تأسيس مدينة اخرجت أجيال تشع نوراً على الجزيرة حتى اليوم.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
نسب آل أبو عليان
يرجع نسب آل أبوعليان ونخوتهم (أولاد علي) إلى العناقر ويقال لواحدهم العنقري ويذكر بعض النسابة ان الأصل المنقري و لكنها صحّفت نسبة الى بني منقر من بني سعد بن زيد مناة بن تميم، وبني سعد أحد البطون الكبار في قبيلة بني تميم بن مر بن إد بن طابخة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان من ذرية نبي الله إسماعيل بن إبراهيم الخليل عليهما السلام، ومن بني منقر الصحابي الجليل قيس بن عاصم المنقري التميمي. والعناقر عشيرة كبيرة تنتشر مساكنهم في نجد وتتفرع منهم خمس فخوذ أساسية وهم آل أبوعليان أمراء القصيم وآل خنيفر أمراء ثرمداء وآل معمر أمراء العيينة وآل غنام أمراء جنوبية سدير وآل جارالله أمراء مرات وآل إبراهيم في الكويت (ملوك اللؤلؤ ) وهم من أبرز عوائل الكويت العريقة، وتعرف كذلك بأسرة (الابراهيم الدورة ) نسبة إلى أملاكهم وقصورهم في البصرة العثمانية، ولهذه الأسرة الكريمة دور ملموس في تاريخ الكويت ونهوضها حيث كانت من أوائل الاسرة مع آل صباح في بناء الكويت.
تاريخ آل أبو عليان
خرجت أسرة آل أبوعليان العنقري التميمي من منطقة الوشم موطنهم الأصلي، ويظهر أنهم قرروا اتخاذ مكاناً لهم يخصهم بحيث يكون تأسيساً لنواة الإمارة التي يخططون لها ؛ لأنهم لم يرضوا الاندماج في القرى لكثرتهم ومن تبعهم ؛ ولأن ذلك قد يحرج أهل القرى في مضايقتهم في مكانهم أو معيشتهم ولم يوافقوا على الانضواء تحت إمارة أي بلد كان في ذلك المكان والوقت ، وبعد دراسة المنطقة قرر آل أبو عليان شراء مورد بئر ماء يسمى بريدة، وكان موردا للبادية يملكه آل هذال من عنزة كما هو مشهور ومستفيض، فتم شراؤه عام ٩٨٥ هــ ، ثم بنى آل أبو عليان مدينة بريدة المعروفة اليوم وأسوارها، وفي الوقت نفسه أسسوا إمارة وجيش القصيم واستمرت فيهم الرئاسة حتى عام ١٢٨٧هـ.
تأسيس آل أبوعليان لمدينة بريدة
يذكر ابن عيسى في تاريخه: [ إنَّ بريدة كانت ماءً لآل هذال شيوخ عنزة ،فاشتراه منهم راشد الدريبي سنة 985 تقريباً ] ( عقد الدرر : 82 ).
ويذكر مقبل الذكير في تاريخه: (أمراء بريدة آل أبي عليان، وهم الذين أسسوها، فإن جدهم راشد الدريبي اشترى موضعها من آل هذال شيوخ عنزة، وكانت في ملكهم، ثم عمرها) مخطوطة مطالع السعود في تاريخ نجد وآل سعود.
ويقول ابن بسام: [وفي سنة ٩٨٥ هـ تقريباً اشترى راشد الدريبي بريدة من آل هذال شيوخ قبيلة عنزة، وكانت مورد ماء لهم، وسكنها وعشيرته آل أبوعليان]. (خزانة التواريخ النجدية).
ويقول القاضي : [ أول نشأة بريدة عام 948 وكانت مورداً لآل هذال فاشتراها راشد الدريبي من آل عليان وقام بعمارتها فسكنها ] ( تاريخ نجد : 13 ).
يقول ابن بليهد : [ لم تُبعث بريدة إلا بين القرنين القرن التاسع والقرن العاشر ] ” صحيح الأخبار 5 / 215 ” ،وقال أيضاً : [ الذي اكتشفها الدريبي … في النصف الأخير من القرن العاشر تقريباً ] ” صحيح الأخبار 1 / 154 “.
يقول الرحالة داوتي الذي زار بريدة في عام 1879م الموافق لـ 1296 هـ: (أُسست بريدة قبل ثلاثة قرون ).
عشرات الكتب التاريخية اللاحقة تؤكد هذه المعلومة كتاريخ ابن يوسف، وتاريخ ابن لعبون، وتاريخ البلدان النجدية للوهيبي، حياة الشيخ محمد بن عبدالوهاب لحسين خزعل، وكنز الأنساب للحقيل، وكتاب مسافات في ذاكرة رجل من بريدة للنقيدان، وكتاب تاريخ نشأة مدن وقرى نجد ومعاني أسمائها للشعيبي، كتاب سيرة آل هذال شيوخ قبيلة عنزة للشيخ احمد العامري الناصري، شبه الجزيرة في عهد الملك عبد العزيز لخير الدين الزركلي وغيرها الكثير من الكتب التي تؤكد أن بريدة لم تكن تعرف قبل تأسيس آل أبوعليان لها. فالفضل يعود بعد الله لإسرة آل أبوعليان في تميز وظهور وتغلب مدينة بريدة على باقي مدن القصيم.
والبعض يشكك في هذه الروايات التاريخية المتواترة والمستفيضة عن نشأة مدينة بريدة مثل الرحالة العبودي ويقول أن هذه الروايات غير صحيحة شكلاً ولاموضوعاً ويستغرب كيف تلقاها الناس بالقبول ويذكر حججه الواهية ويقول: ان تاريخ بريدة دفنته رمال الصحراء وكيف يشتري الأمير راشد الدريبي آل أبوعليان من شيخ بدوي بئر والماء في بريدة إلى وقت قريب على بعد ٤ أمتار. وهناك مقبرة ونخيل بالقرب من بريدة، والشماس كانت مأهولة بالسكان وهناك انقطاع بين راشد الدريبي وحمود الدريبي، وآل هذال بن مشعان لايمكن أن يكون هو الذي باع بئر وموضع بريدة على راشد الدريبي. فنرد عليه ونقول:
أولاً: لماذا لم تدفن رمال الصحراء تاريخ جارتها عنيزة أو بقية بلدان نجد السابقة لبريدة في التأسيس كثرمداء ؟؟؟ الذي قدم منها آل أبوعليان وسبقتها بالتأسيس بقرون مديدة والذي أسسها امرؤ القيس التميمي وذكرها الشاعر الجاهلي علقمة الفحل في قصيدته وذكرها الشاعر جرير في شعره وذكرها الحسن الأصفهاني في كتابه بلاد العرب في القرن الثاني الهجري وذكرها ياقوت الحموي في معجم البلدان المتوفى في القرن السادس الهجري وذكرها ابوعبيد الله السكوني في القرن السابع الهجري حيث قال: ثرمداء من أرض اليمامة لبني امرئ القيس بن تميم.
ثانياً: يوجد لدينا تاريخ موثق وقطعي الدلالة ومتواتر عن نشأة مدينة بريدة ولايلزمنا ولسنا بحاجة للتخمين الظني والتكهنات وإعمال العقل في هذه المسألة.
ثالثاً: المقصود ليس البئر بذاته ولكن يشمل البئر والموضع الذي حوله كي يملكه فيسكنه ويعمره ويؤسس إمارته فيه هو وعشيرته كما ذكر ذلك المؤرخ مقبل الذكير: (أمراء بريدة آل أبي عليان، وهم الذين أسسوها، فإن جدهم راشد الدريبي اشترى موضعها من آل هذال شيوخ عنزة، وكانت في ملكهم، ثم عمرها).
رابعاً: آل هذال بن مشعان لايمكن أن يكون هو الذي باع بئر وموضع بريدة على راشد الدريبي وهذا صحيح لكن آل هذال من عنزه متعاقبين على شيخة عنزة في ذلك المكان والوقت ومنهم الحبلان من العمارات ، يذكر نسابوا كل من حرب وعنزة: أن عنزة قي القرن العاشر الهجري كانت تمتلك كل ضواحي المدينة، ثم تمتد ديارها على طريق القصيم إلى وادي الرمة حيث كانت عقلة الصقور ديار الصقور من عنزة حتى دارت حرب طاحنة بينهم وبين حرب وسميت وقعة المجللة التي أجلت على أثرها قبائل عنزة من هذه الديار (جامع أنساب قبائل السرحان: الصفحة ١٠٩) تأليف سلطان طريخم المذهن السرحانى.
خامساً: أقدم وثيقة تاريخية ذكرت بها مدينة بريدة هي وثيقة بخط الشيخ ابن عضيب يذكر بها جامع بني عليان في بريدة كما ذكر ذلك العبودي، وأقدمُ حادثةٍ تاريخيةٍ في بريدة سجّلتها المصادر كانت سنة 1107 ( ابن بشر والفاخري وابن بسام ، وتاريخ هذه الحادثة عند ابن عيسى سنة 1109 )، فلو كانت بريدة تعرف بهذا الأسم كمدينة قبل هجرة آل أبوعليان لها لذكرها المؤرخون والرحالة في كتبهم ووثقت كغيرها من بلدان نجد ولذكروا إمارتها وامراؤها ومعالمها وشيء ولو نتف من اخبارها او تاريخها.
سادساً: يذكر البعض ان الشماس وغيرها كانت مأهوله بالسكان وحولها مقابر ونخيل وأبار ونرد ونقول ان هذه المناطق سواء سبقت او لم تسبق بريدة فهي خارج سور وحدود مدينة بريدة ولم تكن جزء منها، فالشماس والموطا شيء وبريدة الحديثة شيء آخر واسمها حديث ولم يعرف كمكان أو قرية في تلك المنطقة أبداً. فلو توسعت بريدة اليوم واصبحت عنيزة ضمن حدود مدينة بريدة ودخلت بها على سبيل المثال، فهل نستطيع القول أن تاريخ نشأة بريدة هو تاريخ نشأة عنيزة؟
سابعاً: يعتمد ويستند بعض المؤرخين في العصر الحديث في كتبهم على تاريخ ابن عيسى والذكير في كل وقائع نجد والقصيم، فلما جاء عند مسألة تأسيس آل أبوعليان لمدينة بريدة شكك بها، فالمنطق يقول إما ان تنكر كل الوقائع المذكورة في تاريخ ابن عيسى والذكير او تأخذها كلها من دون تشكيك مبني على الظن والوهم، واليقين لايزول بالشك أبداً.
ثامناً: عندما قدم راشد الدريبي إلى بريدة وسكنها كانت بئر ولا شيء حولها كما ذكر ذلك المؤرخون وتناقلها الرواة، فكيف تكون أرض بريدة مأهوله بالسكان ولم يذكر المؤرخون ان آل أبوعليان قد تنازعوا أرض أو بئر بريدة مع أحد من الناس.
تاسعاً: لم تتخذ بريدة شكل القرية أو البلدة الصغيرة قي ذلك الوقت والدليل أنه لا يوجد أي نص تاريخي او نتف اخبار عن أي أمير حكم بريدة قبل آل أبوعليان و لا يوجد أيضاً أي نص تاريخي أو وثيقة تاريخية من مبايعة أو وصية ميراث أو بيت من القصيد الفصيح أو النبطي حتى يذكر به بريدة قبل تأسيس آل أبوعليان لها في سنة ٩٥٠ هـ
عاشراً: الجامع الأول والأسواق التاريخية والشوارع القديمة والأسوار الأولى وقصر الحكم في بريدة كان بأسماء أمراء آل أبوعليان، فما مامعنى كل هذا؟ معناه أنهم هم المؤسسين وهم من وضع حجر الأساس لهذه البلدة .
الحادي عشر: حكم آل أبوعليان لمدينة بريدة لثلاثة قرون أكبر دليل على صحة الروايات التاريخية المتواترة عن شراء وتملك راشد الدريبي بئر بريدة والموضع الذي حوله من آل هذال ثم سكنها وعمرها وتأمر عليها هو وذريته.
الثاني عشر: عدم ذكر المؤرخين القدماء لبريدة في كتبهم هو أكبر دليل على أن بريدة حديثة النشأة وصحة روايات المؤرخين كابن عيسى والذكير وغيرهم الكثير.
الثالث عشر: سقوط اسم او اسمين بين راشد وحمود الدريبي لا علاقة له بصحة مارواه المؤرخون بخوصوص تاريخ نشأة بريدة، ذكر المؤرخون كابن عيسى والذكير حدث مهم وهو تأسيس راشد الدريبي لبريدة عندما اشتهرت وبرزت ونمت وقويت إمارتها فيما بعد، والفترة المنقطعة تاريخياً والأسماء التي سقطت مابين راشد وحمود الدريبي وهي فترة قرن تقريباً هي فترة بناء وتأسيس لبلدة بريدة ولم تكن هناك أحداث مهمة ليذكرها المؤرخون، لكن بعدما قويت شوكتها في القصيم وتمظهرت كمدينة مؤثرة في المنطقة، بدأت تدخل التاريخ السياسي واصبح لها مكانة بين بلدان نجد، بمعنى اخر بعد تأسيس ونمو وتوسع بريدة وزيادة عدد المهاجرين لها والذي اخذ قرابة القرن او أكثر، بدأ ظهور بريدة على الساحة في عهد حمود الدريبي وحجيلان بن حمد وبدأت تدخل التاريخ السياسي وبدأت تعرف باسمها الجديد وبرزت وبدأ ذكرها عند المؤرخون بعدما كانت بئر ماء لابن هذال اشتراها الأمير راشد الدريبي ثم عمرها وسكنها وتأمر عليها ذريته من بعده.
الرابع عشر: وجود قبور ونخيل بالقرب من موضع بريدة وبئرها اذا صح هذا الإدعاء، فهو لا يعني وجود بلدة حديثة مأهولة بالسكان متكاملة البنيان وأسمها بريدة والتي لها أسوار مستقلة وجامع حديث مستقل وأسواق وشوراع حديثة وإمارة دخلت التاريخ السياسي.
الخامس عشر: جامع بني عليان الذي يعتبر اقدم وأول جامع في بريدة أكبر دليل على صحة الروايات التاريخية المتواترة عن نشأة بريدة وانها كانت بئر ماء وموضع غير مأهول بالسكان قبل آل أبوعليان وإلا لأسس سكانها المسلمون بكل تأكيد جامع يقيمون فيه صلاتهم وجمعتهم.
السادس عشر: في آواخر عهد إمارة آل أبوعليان أصبحت مدينة بريدة أكبر الحواضر في إقليم نجد كافة كما ذكر ذلك الرحالة فيلبي، وماتشهده مدينة بريدة العاصمة الإدارية لمنطقة القصيم اليوم من ازدهار ونمو بالتجارة والزراعة وتوسع جغرافي وزيادة في عدد السكان وغيرها، هو ثمرة لتخطيط وجهود ورؤية المؤسسين الذين بدأوها من الصفر.
السابع عشر: مايقوم به بعض المؤرخين المعاصرين للأسف من محاولة لدفن وطمس تاريخ آل أبوعليان كمن يحاول ان يخفي الشمس بيديه، أهل بريدة معروف عنهم الوفاء ولكن بعض من يشكك في تاريخ بريدة لا يمثلهم جميعاً وهذا تنكر وجحود منهم لإصحاب الفضل عندما يطعنوا في الروايات التاريخية المستفيضة المتواترة.
الثامن عشر: لقد كان القصيم قبل تاريخ هجرة آل أبوعليان العناقر من بني تميم وتأسيس العاصمة الإدارية بريدة في منتصف القرن التاسع الهجري منازل للبوادي تابعه لليمامة (ارجع لكتاب الأحوال السياسية في القصيم، ص ١١، تأليف أ.د محمد السلمان) ولكن بعد هجرة آل أبوعليان أخذت مدن القصيم وقراه تنشأ وتنمو وبدأت تشتهر وتقوى شوكتها في نجد.
التاسع عشر: نخوة آل أبوعليان هي أولاد علي وهو جدهم (عليان) تصغيراً ل (علي) وكانوا يتفاخرون به: (حنا ضنى ليلى سلايل عليان) ثم أصبحت فيما بعد نخوة وفخر لأهل القصيم كافة، فعلى ماذا يدل هذا الشيء؟ ألا يدل هذا أن آل أبوعليان أمراء القصيم سابقاً هم من قوى شوكة العاصمة بريدة ومن أسسها ورفع من مكانة المنطقة ودافع عنها وادخلها التاريخ.
العشرين: يدعي البعض ان بئر بريدة كان بئر ماء لبني ضبينة ولد جعدة بن غني بن أعصر بن سعد بن قيس بن عيلان عبس وسعد أمهما ضبيعة بنت سعد بن غامد من الأزد، وكانت موجودة قبل الإسلام وورد ذكرها في معجم ياقوت الحموي ونرد عليه ونقول:
١- ينكر العارفون بمواقع نجد ان تكون بئر بني ضبينة هي نفس بئر بريدة التي كانت تحت ملك ابن هذال وباعها على الدريبي لإختلاف المواقع، فموقع ماء بني ضبينة الوارد في معجم ياقوت الحموي يقع في منطقة الباحة (ابن بليهد~صحيح الأخبار، والعبودي ~ المعجم الجغرافي، والجاسر ~ المعجم الجغرافي).
٢- لنسلم جدلاً ان موقع بئر بني ضبينة في القصيم وليس في الباحة، هناك فرق شاسع بين بئر ماء في صحراء ترده قبيلة وبين مدينة حديثة عامرة بالسكان، فذكر اسم بئر البريدة في معجم ياقوت، لا يعني وجود مدينة بأسوارها وأسواقها وجامعها وحكامها وتاريخها وشعراءها وفرسانها وبشر يعيشون.
٣- لنفرض جدلاً أيضاً ان بريدة ماء لبني ضبينة وموقعها في القصيم وليست في الباحة، فهذه البئر بقيت تتوارثها البادية حتى وصلت لابن هذال ثم اشتراها الدريبي آل أبوعليان منه ثم عمرها ثم سكنها فتأمر عليها هو وذريته ثم أصبحت مدينة دخلت في كتب التاريخ والجغرافيا بعدهم.
٤- ماهذه المدينة التي لا يعرف لها جامع او حكام او معارك او شعراء او فرسان أو علماء او مراسلات او أسواق او أسوار ولم يذكرها المؤرخون والجغرافيون في كتبهم او الشعراء في قصائدهم، ولا وجود لأي ذكر لها بأي وثيقة من مبايعة او دين او وصية او قصة او خبر، ولا وجود لأي أثر لها.
الواحد والعشرين: تنازع آل أبوعليان لم يكن في كل الأحوال على السلطة ولكن بسبب الظروف السياسية المضطربة في نجد في ذلك الوقت تقريباً حيث كان الإختلاف كبير والإنشقاق واسعاً، حيث انقسم الناس بين مؤيد للدعوة الإصلاحية والإمام محمد بن سعود وبين مؤيد للأتراك واتباعهم في نجد وقصة ذبحة المطاوعة مشهورة ومعروفة عند أهل القصيم وهي مثال حي على واقع الحال السياسي في القصيم خاصة ونجد كافة. وكما أن التنازع والاقتتال على السلطة بين المسلمين وغيرهم منذ القدم والمتتبع للتاريخ الإسلامي والحروب العالمية والممالك وكيفية قيام الدول وكيفية سقوطها منذ فجر التاريخ في ذرية آدم يرى التنازع والاقتتال والتدافع على الإمارة سبباً ظاهراً معلوماً وموجود دائماً بين الأسر الحاكمة. وسأضرب بعض الأمثلة لذلك:
قام بندر بن طلال الرشيد بقتل عمه متعب بن رشيد من أجل حكم حائل، ثم قتل محمد بن عبدالله الرشيد بندر بن طلال الرشيد ولم يكتفي بذلك بل قتل جميع أبناء طلال العبدالله الرشيد، وخطط سلطان الحمود العبيد الرشيد لاغتيال حاكم حائل متعب العبدالعزيز وإخوته الثلاثة، وتم ذلك في ديسمبر 1906. ثم تولى الأمير عبد الله المتعب العبدالعزيز الرشيد الحكم في مارس 1920 بعد اغتيال الأمير سعود العبدالعزيز الرشيد.
وتنازع حكام الأحساء بنوخالد مشهور أيضاً، فآل حميد تقاتلوا على الإمارة بعد موت سعدون؛ إذ تنازع دجين بن سعدون، وأعمامه: علي، وسليمان وغرير، وأولاد محمد بن غرير، واستولى على الأمر علي ومن بعده أخوه سليمان. ثم إن المهاشير من بني خالد غدورا بسليمان بن محمد بن غرير وأخرجوه. فقدم الخرج ومات فيها سنة ست وستين ومائة وألف. ثم استولى غرير (عريعر) على السلطة، وهو ابن دجين بن سعدون بن محمد بن غرير وذلك بعد أن قتل عم أبيه غرير بن محمد.
والتنازع بين الأشراف في الحجاز من القرن السادس هجري كذلك حيث قتل حسن بن قتادة والده قتادة في شهر جمادى الآخرة، من سنة 617 هـ بمكة، وكان عمره حين مقتله نحو 90 سنة. وقتل عبيد الشريف يحيى بن سرور الشريف شنبر طعناً بالخناجر في داخل الحرم والتي كانت السبب في نهاية عهد الشريف يحيى بن سرور كأمير مكة.
والتقاتل بين القبائل في البادية كثير ومعلوم في كل أجزاء الجزيرة العربية في ذلك الوقت والسبب الرئيسي الذي أدى إلى سقوط الدولة السعودية الثانية هو التنازع والتقاتل داخل الأسرة على الحكم. وغيرهم من الإمارات والممالك في داخل الجزيرة العربية وخارجها.
استغرب حقيقةً لماذا لم ينكر الرحالة العبودي مثلاً الروايات التي تتحدث عن الاقتتال التي حصل بين أمراء آل أبوعليان والتي ذكرها ابن بشر وابن عيسى وتقبلها على أنها حقائق ثابتة ولكنه في نفس الوقت انكر الروايات المستفيضة بخصوص تأسيس أسرة آل أبوعليان لمدينة بريدة.
آل أبوعليان هم المؤسسين وهم اللبنة الأولى في بناء الصرح الشامخ مدينة بريدة العاصمة الإدارية للقصيم وهم أمراء القصيم لثلاثة قرون، وهم السبب الرئيسي في جعل بريدة أهم مدينة في القصيم لتصبح عاصمة القصيم بدلاً من جارتها عنيزة التي سبقتها بالتأسيس لأربعة قرون، ولقد قويت شوكة القصيم في زمنهم، فهم من رفع من مكانتها التجارية وادخلها التاريخ، فرسانهم واشعارهم وأسوارهم وحصونهم وجامعهم الكبير وأسواقهم ومعاركهم شاهداً على هذا كالشمس في وضح النهار.
آل أبوعليان هم أول من حصن بريدة ووضع لها أسوار تحيط بها (سور الأمير راشد الدريبي الأول والثاني وسور الأمير حجيلان)، وهم أول من بنى قصر للإمارة بها، وهم من بنى أول جامع في بريدة والمعروف بالجامع الكبير ببريدة (جامع بني عليان)، وهم أمراء العقيلات وحماة قوافلها.
وهم من أسس سوق داحس قبل انتقالهم للوسعة ثم الجردة الذي كان النواة الأولى والبداية لإنطلاق العقيلات للعالم الذي قال عنه المستشرق داوتي والرحالة مستو توتشل أنه أكبر سوق يباع فيه الإبل في العالم. آل أبوعليان هم من بنى قبة رشيد وشيد شارع الصناعة التاريخي، وهم من أنشأ سوق داحس والحي الدبلوماسي أول ساحة عرفتها بريدة عند تأسيسها.في عهدهم ازدهرت التجارة وتنوعت المنتوجات الزراعية والصناعية، وكثرت الهجرة إليها فازداد عدد عمرانها وتوسعت المدينة بشكل ملفت لأن الناس تبحث عن الأمن ورغد العيش.
تطوير بريدة والقصيم
لعبت أسرة آل أبوعليان دوراً تاريخياً بارزاً في نهضة مدينة بريدة والقصيم كافة كافة عمرانياً وسكانياً وسياسياً وتجارياً وزراعياً وصناعياً وعلمياً من منتصف القرن التاسع الهجري حتى آواخر القرن الثاني عشر الهجري:
١- آل أبوعليان هم المؤسسين وهم اللبنة الأولى في بناء الصرح الشامخ مدينة بريدة العاصمة الإدارية للقصيم وهم أمراء القصيم لثلاثة قرون، وهم السبب الرئيسي في جعل بريدة أهم مدينة في القصيم لتصبح عاصمة القصيم، ولقد قويت شوكة القصيم في زمنهم، فهم من رفع من مكانتها التجارية والزراعية والحرفية وادخلها التاريخ والجغرافيا، فرسانهم واشعارهم وأسوارهم وحصونهم وجامعهم الكبير وأسواقهم ومعاركهم شاهداً على هذا كالشمس في وضح النهار.
٢- آل أبوعليان هم أول من حصن بريدة ووضع لها أسوار تحيط بها (سور الأمير راشد الدريبي الأول والثاني وسور الأمير حجيلان)، وهم أول من بنى قصر للإمارة بها، وهم من بنى أول جامع في بريدة والمعروف بالجامع الكبير ببريدة (جامع بني عليان)، وهم أمراء العقيلات وحماة قوافلها. وهم من أسس سوق داحس قبل انتقالهم للوسعة ثم الجردة الذي كان النواة الأولى والبداية لإنطلاق العقيلات للعالم الذي قال عنه المستشرق داوتي والرحالة مستو توتشل أنه أكبر سوق يباع فيه الإبل في العالم. آل أبوعليان هم من بنى قبة رشيد وشيد شارع الصناعة التاريخي، وهم من أنشأ سوق داحس والحي الدبلوماسي أول ساحة عرفتها بريدة عند تأسيسها.في عهدهم ازدهرت التجارة وتنوعت المنتوجات الزراعية والصناعية، وكثرت الهجرة إليها فازداد عدد عمرانها وتوسعت المدينة بشكل ملفت لأن الناس تبحث عن الأمن ورغد العيش.
٣- لقد قويت شوكة منطقة القصيم وازدهرت وسطع نجمها بعد هجرة أسرة آل أبوعليان لها وبعد تأسيسهم لمدينة بريدة وتحديداً في عهد حاكم القصيم حجيلان بن حمد بعدما مرت فترة على القصيم كانت مأواً للصوص وقطاع الطرق الذين يغيرون على الحجاج في القرن السابع الهجري. ولقد مرت على منطقة القصيم عدة قرون انعدمت فيها المعلومات التاريخية حتى انقضاء القرن الحادي عشر الهجري عندما ادخلها التاريخ حاكم القصيم حجيلان بن حمد آل أبوعليان التميمي.
٤- ساند الأمير حجيلان بن حمد آل أيوعليان العنقري التميمي دعوة الإمام محمد بن عبدالوهاب وثبت على بيعة الدرعية بالرغم من تهديد حاكم الأحساء سعدون بن عريعر ومهاجمته له وساهم في نشر الدعوة السلفية في منطقة القصيم عن طريق استقطاب العلماء والمشائخ في جامع بني عليان وبرز كأحد قادة ألوية الدولة السعودية حيث اخضع جميع مناطق شمال المملكة لحكم الدولة السعودية. كان الأمير حجيلان بن حمد رجلاً مهيباً ذو دهاء ورأي سديد وكان ذا دين وصلاح وعبادة واستقامة.
٥- كانت القصيم منازل للبوادي في القرنين الثامن والتاسع الهجريين، فأخذت قرى القصيم تنشأ وتنمو بشكل متسارع بعد هجرة أسرة آل أبوعليان لها وكما تم تأسيس حواضر جديدة في القصيم بعد هجرتهم إليها منها على سبيل المثال (الهلالية، الخبرا، والبكيرية، والشماسية).
٦- آل أبوعليان هم أول من جمع بلدات وقرى القصيم تحت إمارة واحدة وأول أمير لمنطقة القصيم كان منهم ثم تعاقب على إمارة القصيم أكثر من ٢٠ أمير من أسرة آل أبوعليان.
٧- أسس آل أبوعليان جيش القصيم الجرار بقيادة حاكم القصيم حجيلان بن حمد سيف الدولة السعودية حيث كانت تصل مغازية إلى نقرة الشام ومشارق المدينة المنورة حتى أصبحت نخوة آل أبوعليان (أولاد علي) نخوة لأهل القصيم كافة.
٦- بدأ يلمع نجم القصيم وبدأت تدخل التاريخ السياسي بعدما قويت إمارة بريدة في عهد حجيلان بن حمد بعد انقضاء القرن الحادي عشر الهجري عندما أصبحت مدينة بريدة في ذلك الوقت أقوى وأشهر حواضر منطقة القصيم وأصبحت عاصمتها حتى يومنا الحاضر.
٧- تم تأسيس الجامع الكبير في بريدة (جامع بني عليان) في عهد أسرة آل أبوعليان حيث كان مركزاً ومنارة للعلم والعلماء في نشر عقيدة التوحيد وتعاليم الدين، فقد كان بمثابة جامعة لمنطقة القصيم كافة في ذلك الوقت وهو أول مأقيم في مدينة بريدة ثم بنيت حوله البيوت الطينية والأسوار والبوابات والأسواق المشهورة.
٨- في عهد أسرة آل أبوعليان تقدمت مدينة بريدة على كل حواضر القصيم ونجد التي سبقتها بالتأسيس بقرون حتى أصبحت مدينة بريدة في أواخر عهدهم أكبر حواضر نجد كافة ومازالت اليوم أكبر حواضر نجد بعد العاصمة الرياض.
٩- ازدهرت التجارة المحلية في القصيم في عهد أسرة آل أبوعليان حيث تم تأسيس أشهر الأسواق في القصيم كافة في ذلك الوقت (سوق داحس قبل انتقالهم للوسعة ثم الجردة، سوق العليان، سوق قبة رشيد وغيرها من الأسواق التاريخية المشهورة في مدينة بريدة.
١٠- نشطت وازدهرت التجارة الدولية (التصدير والاستيراد) في عهد أسرة آل أبوعليان حيث بدأ إنطلاق قوافل العقيلات للعالم من بريدة ثم أصبحت أهم محطة تجارية في نجد وكان لأمراء آل أبوعليان (أمراء عقيل) الدور الكبير في حماية قوافل العقيلات.
١١- ازدهرت الزراعة وكثرت المنتوجات الزراعية في عهد أسرة آل أبوعليان وذلك بسبب توزيع حاكم القصيم حجيلان بن حمد الأراضي الزراعية على المهاجرين وأمرهم باستصلاحها.
١٢- ازدهرت الحرف الصناعية في عهد أسرة آل أبوعليان كذلك حيث تم تأسيس شارع الصناعة التاريخي في عهد حاكم القصيم حجيلان بن حمد.
١٣- آل أبوعليان هم أول من حصن مدينة بريدة ووضع لها أسوار وبوابات تحيط بها (سور راشد الدريبي الأول والثاني) وسور الأمير حجيلان بن حمد المنيع الذي صمد لحصار جيش الأحساء لمدة خمسة أشهر بقيادة سعدون بن عريعر والذي صمد كذلك أمام جيش العراق بقيادة الثويني.
١٤- كان حجيلان بن حمد رائد النهضة لمدينة بريدة وصاحب مشروع تنموي، ازدهرت التجارة والزراعة والصناعة في زمنه وكان عصره عصراً ذهبياً على المنطقة وكان له سياسة حكيمة في توطين وجذب المهاجرين لبريدة، فكان هذا هو السبب الرئيسي في زيادة أعداد المهاجرين لها وتوسع البلدة بشكل سريع وملفت.
١٥- رحب أمراء آل أبوعليان بالمهاجرين إليهم واكرموهم ولم يشعروا أحداً منهم أنه غريب او ثقيل فاستوطن بريدة كل من هاجر لها، ونجد هذا سبباً لحب أهلها لها والانتماء والحب الكبير لأرضهم، يقول أمير القصيم وشاعرها ابوزيد (دار بها اشرب ياشريبي وأنا أشرب) اي الجميع يشربون بالتساوي ولايتقدم القوي على الضعيف.
١٦- الجامع الكبير في بريدة (جامع بني عليان سابقاً) كان بمثابة جامعة إسلامية ومحكمة للقضاء لمنطقة القصيم منذ بداية تأسيسه وله الدور الكبير في تأسيس الدعوة السلفية بالمنطقة ونشر وتأصيل العلم الشرعي لأبناء المنطقة كافة وماكان هذا ليكون لولا الله ثم حرص حكام أسرة آل أبوعليان السابقين به واستقطاب العلماء كامثال الشيخ عبدالعزيز بن سويلم الذي كان والده الشيخ محمد بن سويلم قاضي القصيم واحد تلاميذ الإمام المجدد الشيخ محمد بن عبدالوهاب، تعلم على يديه خلق كثير من أبناء المنطقة من ضمنهم الشيخ عبدالله بن صقيه. أثر علماء الدعوة السلفية ظاهر ومشاهد على أهل القصيم وبريدة حتى يومنا الحاضر.
١٧- ذكر الكثير من المؤرخون ومنهم الشيخ ابن بشر في كتابه عنوان المجد في تاريخ نجد ج1 ص146 “اهل القصيم ينقضون البيعة” انه في سنة 1196 هـ قتل أهل القصيم علماء الدين والقضاة والشيوخ والوعاظ والمرشدين، وعقدوا المؤتمرات التي اجتمع فيها الأشرار من الآفاق وتشاوروا، فاستقر رأيهم على التخلص من العلماء بالقتل، ولم يرتضوا بالقتل بديلاً، ومضى كل مندوب إلى قومه لينفذوا هذه الخطة، فوقع قتل كثير من العلماء والصالحين، قتلوهم بينما هم يتجهون إلى المساجد للصلاة أو مجالس العلم أو الإصلاح بين الناس وتسمى ذبحة المطاوعة، وكان السبب في ذلك خوفهم من تهديد ابن عرير لهم بالقتل ان لم يثبتوا له ولائهم له ومعادتهم للدعوة السلفية والدولة السعودية، ولكن قد نجى الله الشيخ ابن سويلم لأن أمير بريدة حجيلان بن حمد ثبت على موقفه بنصرة دعوة الإمام محمد بن عبدالوهاب والدولة السعودية ولم يرضخ لتهديدات ابن عريعر حليف الترك في ذلك الوقت، وبالفعل هاجم سعدون بن عرير وحاصر مدينة بريدة لخمسة أشهر لكنه فشل في اقتحامها ومن ثم عاود الكرة جيش العراق بقيادة الثويني ففشل في ذلك أيضاً.
١٨- لم يتجرأ ابن رشيد أو غيره على اقتحام أسوار بريدة أو حكم القصيم في عهد آل أبوعليان (أولاد علي) لأنهم كانوا الحصن المنيع للبلدة وأهلها من هجوم أي غاشم عليها ولم يضعوا أيديهم في ايدي الأتراك او ابن رشيد يوماً لأنهم كانوا من أشد المناصرين لدعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب والدولة السعودية الاولى والثانية، وكثير من المؤرخين يعزو سبب سقوط الدولة السعودية الثانية وسقوط القصيم أيضاً فيما بعد بيد ابن رشيد إلى سقوط إمارة آل أبوعليان الذي تعتبر الحليف الاستراتيجي لآل سعود ومن ثم تحالف ال مهنا مع ابن رشيد ثم حربهم على الدرعية.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ذبحة المطاوعة
ذكر ابن بشر في حوادث ١١٩٦ هـ: في هذه السنة أجمع أهل القصيم على نقض بيعتهم لإبن سعود ماعدا أمير بريدة حجيلان بن حمد آل أبوعليان العنقري التميمي وأهل الرس وقرية التنومة وتعاهدوا ان يقتل كل أهل بلد علماء الدعوة السلفية الذين عندهم وارسلوا إلى سعدون بن عريعر يستحثوه للمساعدة. ذكر الكثير من المؤرخون “اهل القصيم ينقضون البيعة” انه في سنة 1196 هـ قتل أهل القصيم علماء الدين والقضاة والشيوخ والوعاظ والمرشدين، وعقدوا المؤتمرات التي اجتمع فيها الأشرار من الآفاق وتشاوروا، فاستقر رأيهم على التخلص من العلماء بالقتل، ولم يرتضوا بالقتل بديلاً، ومضى كل مندوب إلى قومه لينفذوا هذه الخطة، فوقع قتل كثير من العلماء والصالحين، قتلوهم بينما هم يتجهون إلى المساجد للصلاة أو مجالس العلم أو الإصلاح بين الناس وتسمى ذبحة المطاوعة، وكان السبب في ذلك خوفهم من تهديد ابن عرير لهم بالقتل ان لم يثبتوا له وولائهم ومعادتهم للدعوة السلفية والدولة السعودية، فقتل أهل الخبراء منصور وثنيان أباالخيل وقتل أهل الجناح رجلاً يقال له البكري وعلقوه من عصية رجله في خشبه وقتل أهل الشماس ابن حوشان وارسل أهل عنيزة الشيخان عبدالله القاضي وناصر الشبيلي فقتلهما سعدون صبراً. لكن قد نجى الله شيخ بريدة ابن سويلم لأن الأمير حجيلان بن حمد العنقري التميمي ثبت على موقفه بنصرة دعوة الإمام محمد بن عبدالوهاب وولائه للدولة السعودية ولم يرضخ لتهديدات ابن عريعر حليف الترك في ذلك الوقت، وبالفعل هاجم سعدون بن عرير وحاصر مدينة بريدة لخمسة أشهر لكنه فشل في اقتحامها ومن ثم عاود الكرة جيش العراق بقيادة الثويني ففشل في ذلك أيضاً.
حصار بريدة
حصار مدينة بريدة في منطقة القصيم وقع في السنة السادسة والتسعون بعد المائة والألف 1196هـ عندما أرسل سعدون بن عريعر حاكم الأحساء سابقاً جموعاً من بني خالد و غيرهم من قبيلة الظفير وعربان شمر ومن حضر من عربان عنزة لغزو بريدة فضربوا عليه الحصار لمدة خمسة أشهر. فنزلت تلك الجموع عند سور أمير القصيم حجيلان بن حمد العنقري وأحاطوا بها و بادر منهم رجالاً للقتال فظهر بهم أهل بريدة و قتلوهم و أرسلوا رؤوسهم إلى سعدون فامتلأ غيظاً و غضباً. و قال ان ظفرت بأهل بريدة قطعتهم إرباً إربا. ثم زحف سعدون بنفسه إلى بريدة بجنوده و حصل بينهم قتال شديد فلم يحصل على طائل، ثم ساروا يوماً آخر على السور و راموا الصعود عليه لهدمه، فقاتله أهل بريدة بقيادة الأمير حجيلان أشد القتال عنده فانهزموا عند السور وتركوا قتلاهم، ثم رأى سعدون أن يسوق آلاته و جموعه و يهدمون سورها و بروجها، فأقبل بكيد عظيم و ساقها عليهم وقت الصباح فرجعوا و لم يحصلوا على طائل. فتحسر سعدون على ذلك و أرسل إلى أعوانه من اهل القصيم و غيرهم يشاورهم فيما يكيد فيه لأهل بريدة ويخترق سورهم، فاتفق رأيهم أن يعمل مدفع كبير يهدم به السور، فجمع له أعوانه من أهل القصيم كثيرا من آنية الصفر و النحاس، فقاموا يعالجون صبّ المدفع و صنعته فكلما أرغوها في قالب خبت، و كلما أوقد عليها النار فسدت. ففسد عملهم و لم يتم لهم أملهم فقاموا يراوحونهم و يغادونهم القتال والنصر دائماً لأهل بريدة في زيادة.
و كان أمير بريدة يومئذ والمقوم لهذه الحرب والثابت في هذا الضرب و الكرب، الأمير حجيلان بن حمد العنقري التميمي من رؤساء آل أبي عليان، علم ابن عمه ورجال معه يريدون خيانته والوقوف مع سعدون، فأرسل إليه وضرب عنقه والرجال الذين معه ورمى رؤوسهم على سعدون من خلف السور، فلما مضى خمسة أشهر، ضاقت صدور العربان و المحاربين، وعزموا على اقتحام البلد فصنعوا عجلا من الخشب يريدونه وقاية عن الرصاص لمن يمشي خلفه، و ساقوه إلى مرقب البلد، و في المرقب من أهلها عشرة رجال . فاجتهدت تلك الجنود، في وصول العجل، و لم يجدوا إلى ذلك سبيل، فرجعوا به. ثم حمل سعدون و جموعه على البلد حملة هائلة و ساقهم إليها، فحصل عند السور و البروج من القتال و الازدحام أمر عظيم ، و قاتلهم أهل البلد قتالاً شديداً و ردوهم على أعقابهم و قتل منهم عدة قتلى فداخلهم بعد ذلك الفشل وهموا بالرحيل. في آخر الحصار، تزوج حجيلان أثناء الحصار زوجته الثانية لولوة بنت عبدالرحمن العرفج آل أبوعليان الشهيرة بالعرفجية. فلما سمع سعدون ضرب الدفّ سأل عنه ، قيل له : أنه مضروب لعرس حجيلان فعند ذلك، علم أن حجيلان لم يأبه به وبحصاره فارتحل هو و جنوده، و كان لهذا الصمود أمام الحصار ثم اخضاع المناطق التي خلعت الطاعة أثراً كبيرا في تثبيت سلطة حجيلان . فقد علا نجم الأمير حجيلان و ثبت أمره كقائد سعودي حتى أنه استطاع أن يوصل الرايات السعودية إلى سوق الشيوخ ثم تعرض بعد ذلك لغزو المنتفق و واصل هذا البطل غاراته شمالاً فأخضع شمّر و عرب الشرارات و وصل إلى بادية الشام وساهم في اخضاع الأحساء للحكم السعودي. وهذا السور من مآثر الأمير حجيلان بن حمد آل أبوعليان العنقري التميمي التي تدل على بعد نظره، وحرصه على مستقبل بلده، ذلك السور العظيم الذي عرف بسور حجيلان، والذي بناه وأحاط به بريدة ولم يكن له نظير عند إنشائه في أي بلد من بلدان نجد، اشتهر بتصديه لحصار الغزاة وهو أمنع سور أدير حول بريدة في كل تاريخها لأنه صمد للمَدافِع والآليات. وقد عجزت عنه مَدَافِع العراق بقيادة ثويني ومَدَافِع مصر التي أحضرها إبراهيم باشا مَدَافِع سعدون بن عرير حاكم الأحساء. كما امتاز الأمير حجيلان بن حمد آل أبوعليان العنقري التميمي بالشجاعة وصواب الرأي والحكمة، كان كريما عطوفاً قد جعل من قصره أشبه ما يكون بدار إيواء للضعفاء، كان أحد قادة ألوية الدولة السعودية الأولى المخلصين منذ عهد الإمام عبد العزيز بن محمد آل سعود وابنه سعود وحتى عهد الإمام عبد الله بن سعود بن عبدالعزيز بن محمد آل سعود وبعد سقوط الدرعية عام 1233هـ أخذه إبراهيم باشا إلى المدينة المنورة وكان شيخاً طاعناً في السن وفيها مات عام 1234هـ .
وخلال الحصار ألقى الأمير الشاعر حجيلان بن حمد آل بو عليان العنقري التميمي أمير القصيم هذه القصيدة:
الأقدار يرمن الفتى بالجهاير
وكلٍ إلى ما قدر الله صاير
فلو زانت الدنيا ليالٍ فنكرها
كثير وترمي بالخطا والخطاير
فرد النبا يا طارشٍ قد لفت به
من الهجن وجناً من بعيد المساير
لقيدوم هباس المناعير باللقا
وحمال بالضيقات عنها الكباير
حرٍ فهو مقدم ظعن كل قبيله
منا الضيف في غبر السنين العساير
حليف الندى سعدون بن محمد
حريب الردى يوم احتمال الجراير
ابا اسئلك بالله العظيم الذي بنا
بيتٍ تجيه اكبارها والصغاير
وش الذي تبغيه منا ترى الولي
الى علت يا زبن المراميل غاير
لك الخير مبسوطٍ على جاهد الوطا
ومن لا يراعي الله بالغدر جاير
ترى نجد يا عيد المراميل ما بها
من الفضل الا ما يضيف الخطاير
وخالقك لو نلنا احذاها معيشه
صبرنا ولو سقنا اكبار الخساير
فكم ليلةٍ بتنا مقاوا وجودنا
للاضياف والعاني ندور الستاير
انقاسي بها من سو كل قبيله
ونمرح بسوٍ بين شورٍ وشاير
وغادي ومنحاشٍ وطمعٍ وخايف
وصوعٍ ومصيوعٍ من السو ناير
وبالصبح نفجا الضد منا بغاره
تخلا بها جرد السبايا عقاير
كم واحدٍ منا شجاعٍ مجرب
يخلا على البيدا ولا هوب ثاير
وكم قايد أضعان رميناه والقنا
الى حقت الضيقات يدعى كساير
وياما ذبحنا من مقادم قبيله
الى درهمن الزمل والعقل طاير
الله بحق ايات عما ويوسف
انه يجنبنا جميع النكاير
ويدفع عنا كل سوٍ تريده
يا مزبن الجيران معطي البداير
حنا فلا نجفاك وانت جفيتنا
بلا سبب منا على الناس صاير
وطاوعت فينا كل كلبٍ امبلل
كويناه من حر الضنا بالحظاير
لا عاد شحاذ ٍويبدي صداقه
وهو والولي يدي عليك البشاير
ليتك اتميز يا ذوي الجود والثنا
ومن له بزينات المعالي ذخاير
لما كان تجفانا وتبدي صداقة
لمن هو عدوٍ في عطاياك باير
وحنا هل الفعل الذي تكره العدى
وندقم شبات الضد الى ابدا النكاير
وصبارتٍ بالحرب لو طال هجرته
وللضيف ريفٍ في السنين العساير
وصلو على خير البرايا محمد
عدد ما لعى القمري وما طار طاير
سقوط إمارة آل أبو عليان
(فترة الإمام فيصل بن تركي الثانية) 1259هـ - 1282هـ
في عام 1277هـ:
قُتل الأمير عبدالعزيز آل محمد بعد سلسلة من الأحداث التي وقعت في القصيم ثم عين الإمام فيصل بن تركي عبدالرحمن ابن ابراهيم مكانه. ذكر الشيخ مقبل الذكير في مطالع السعود في اخبار نجد ان مهنا كان يتطلع للرئاسة فاتصل في الإمام فيصل في الخلاف الذي وقع بينه وبين عبدالعزيز، فاستمرت هذه الصلة، ولكن الاخبار التي يسوقها مهنا عن عبدالعزيز لايمكن الركون إلى صحتها، وانى للأمير عبدالعزيز ان يتقيها وهو لا يعلم عنها، ولكنها اثرت على الإمام فكانت عاملاً قوياً على استمرار الوحشة حتى انتهت بالحادث المؤسف في الشقيقة. ويتحدث الاخباريون ان الإمام عبدالله بن فيصل عندما علم بذهاب عبدالعزيز بن محمد إلى مكة قال لمن معه: ليذهب مادمنا تخلصنا منه ولكن مهنا الصالح الذي كان يطمع في الإمارة ويخطط للحصول عليها منذ زمن قال: ان هذا ليس بالرأي الصواب لأنه سيعود بعد ذلك، والرأي ان تلحقه وتقضي عليه وانا امدك بالسلاح والخيل. وبالفعل قتل الأمير عبدالعزيز مع أولاده في الشقيقة. فمن المعلوم ان مهنا قد استغل الخلاف الذي حصل بين الإمام فيصل بن تركي والأمير عبدالعزيز المحمد لإبعاد آل أبو عليان والوصول للإمارة حيث كان يخطط ويسعى للوصول للاماره منذ فتره والمثل المعروف عند اهل نجد (جاك يا مهنا ما تمني) ضرب فيه بعدما وصل لإمارة القصيم. وذكر كذلك الشيخ عبدالله ال بسام في كتابه علماء نجد خلال ثمان قرون ان والد الشيخ عبدالله أبا الخيل كان ينهى اخاه مهنا أبا الخيل عن التشوف لإمارة القصيم والرغبة في الإستيلاء عليها من آل أبوعليان. وقد نقل الرحالة العبودي ماتحدث به اهالي بريدة ان سليمان القفاري نصح مهنا بعدم السعي للإمارة وقال له خل عنك الإمارة اللي من وراها بني عليان وخل عيالك ينامون بالساقي آمنين مطمئنين، وبطبيعة الحال لم يلتفت الى نصحه. وذكر المؤرخ والأديب عبدالرحمن بن عبداللطيف آل الشيخ محقق كتاب تاريخ نجد لابن بشر بإن مهنا أبا الخيل عينه الإمام فيصل أميراً على بريدة في سنة 1280هـ، وبعد وفاة الإمام فيصل بن تركي عزله الإمام عبدالله بن فيصل عن إمارة بريدة ثم ثار على آل عليان أمراء بريدة القديمين واغتصب منهم الإمارة وأجلاهم إلى بلد عنيزة ولكنه لم يلبث حتى قتل. وذكر ابن بسام في تحفة المشتاق في حوادث سنة 1287هـ: انه اجتمع الشيخ محمد العبدالله ومحمد عمر آل سليم ومن ساعدهما من أهل بريدة وأمروا فيهم حسن آل عبدالمحسن آل محمد آل أبو عليَّان. ثم ذكر بداية إمارة مهنا الثانية عام 1288هـ، وهي نفس السنة التي أجلا فيها مهنا آل سليم والصويلح ومن معهم لعنيزة. وهناك نص لابن عيسى يوضح تاريخ ولاية الأمير حسن آل عبدالمحسن آل محمد آل أبو عليَّان إمارة بريدة عام 1287هـ، ويوضح كذلك بداية ولاية مهنا الصالح الثانية في بريدة عام 1288هـ، ويؤكد ماذكره ابن بسام في تحفة المشتاق وماذكره كذلك الشيخ والمؤرخ والأديب عبدالرحمن آل الشيخ ان الإمام عبدالله بن فيصل عزل مهنا عن الإمارة في عام 1282هـ. وذكر مقبل الذكير ان الإمارة بقيت بيد آل أبوعليان إلى ان تغلب عليهم مهنا الصالح ابا الخيل وقتلهم واجلاهم عنها. وقد ذكر الأديب الروائي والمؤرخ موسى النقيدان رحمه الله ان دولة العليان سقطت في آواخر الدولة السعودية الثانية وآخر أمراءهم عبدالعزيز بن محمد آل أبو عليَّان جاء بعدها آل مهنا أثر انقلاب عسكري خطير، وحركة تمرد حيكت في سواد ليل. وقد ذكر الرحالة تشارلز داوتي ان قصر حجيلان (قصر بريدة) بناه الأمير عبدالله ابن عبدالعزيز بن محمد الذي قتل على يدي مهنا عندما اغتصب الحكم. وأبناء الأمير المقتول هربوا إلى عنيزة وبعد مضي سنوات، تسللوا اثناء الليل ودخلوا بريدة، وعندما كان الطاغية مهنا يمر من المكان الذي كانوا فيه، اندفع أولاد عبدالله وقتلوه، وفي الوقت ذاته تشبث عبدالله المهنا بالمدينة، الذي كان له قدم اقصر من الأخرى، وكما ان اهل بريدة الذين عانوا طويلاً من طغيان المهنا لم يكونوا على استعداد لمساندة قتل الغير بدون وجه حق. إلى ان قال رأيت بعض أمراء آل أبو عليان في عنيزة، كان احدهم من مرضاي، وهو الذي يستحق حسب الميراث ان يكون الأمير الحالي لبريدة. وقد نقل العبودي في معجمه قصيدة الجمل وهو من اهالي عنيزة وهي شاهد على صنيع مهنا:
ترى البخيت اللي نصوح لجاره
إلى بدر شيء والى الكل مستور
انظر مهنا لا بلينا بعاره
غدار بارحامه وهو مقدم الشور
ولم نطا طيقه وحقر خباره
وادرك بها نسل المحمد على الدور
ادرك بها ساس الندى والخياره
ياحيف سيف الهند بدل بصاطور
في عام 1278هـ:
قدم الأمير محمد الغانم إلى عنيزة وشجع أبناء عمه لإستعادة إمارتهم، فخرجوا على خمس رايات وقصدوا بريدة فدخلوها آخر الليل وصاحوا في وسط البلد، وقصد بعضهم بيت مهنا الصالح أبا الخيل، فانتبه إليهم رجال الأمير عبدالرحمن ابن ابراهيم فوضعوا فيهم السيف وقتل منهم عدة رجال، واخرجوهم من البلد ولم تنجح خطتهم لاسترداد إمارتهم ومدينة أجدادهم.
في عام 1279هـ:
عزل الإمام فيصل بن تركي عبد الرحمن ابن إبراهيم بعد هزيمته في معركة رواق أمام أهل عنيزة، ثم عين مكانه الأمير أحمد السديري ولكن أهالي الأحساء طلبوا من الإمام ان يعيده إليهم فأعاده ثم عين مكانه الأمير سليمان الرشيد ولكنه لم يلبث طويلاً في الحكم بسبب كثرة الشكايات التي كانت تبعث ضده والتي كان وراءها مهنا الصالح الذي كان يخطط لها منذ زمن بعيد.
في عام 1280 هـ:
عين الإمام فيصل بن تركي مهنا الصالح لفترته الأولى واستمر أميراً على بريدة حتى عزل عنها عام 1286هـ.
(فترة حكم الإمام عبد الله بن فيصل الأولى) 1282هـ - 1288هـ
في عام 1286هـ:
عزل الإمام عبد الله بن فيصل مهنا عن الإمارة وأعاد مكانه الأمير أحمد السديري بدلاً منه.
في عام 1287هـ:
لما سمع الأمير أحمد السديري بوقعة جودة وهزيمة الإمام عبد الله بن فيصل أمام سعود بن فيصل انسحب إلى الغاط، ثم بعدها اجتمع الشيخ محمد العبد الله والشيخ محمد بن عمر آل سليم ومن ساعدهما من أهل بريدة وأمروا فيها حسن آل عبد المحسن آل محمد آل أبو عليان.
وفي عام 1288هـ:
ركب مهنا لسعود بن فيصل وطلب منه تعيينه أميراً على بريدة ليشاركه في الغزو ضد الإمام عبدالله بن فيصل، فوافق سعود بن فيصل على ذلك فدخل مهنا بريدة خفية وحصر الأمير حسن آل عبدالمحسن آل محمد آل أبو عليان في قصره ثم استولى على الإمارة، واجلى آل أبو عليان ومعهم آل سليم إلى عنيزة.
وفي نفس السنة من عام 1288هـ:
قبل معركة البرة، ارسل مهنا ابنه حسن ليقاتل مع سعود ضد جيش الإمام عبدالله بن فيصل والذي كان معه الأمير حسن بن عبد المحسن آل محمد آل أبو عليَّان. فلذلك استغل مهنا الخلاف الذي حصل بين الإمام عبدالله بن فيصل وسعود، فوقف مع سعود لإبعاد الأمير حسن آل عبدالمحسن آل محمد آل أبو عليان وللوصول للإمارة في الفترة الثانية عام 1288هـ. وكذلك استغل ابنه حسن بن مهنا الخلاف بين الإمام عبدالله بن فيصل وابن رشيد، فوقف مع ابن رشيد طمعاًفي الإمارة ولكي لا يعيد الإمام عبدالله بن فيصل الإمارة لأهلها الأصليين آل أبو عليان لاسترداد إمارة اجدادهم السليبة.
وخلال هذه الفترة قال الشاعر محمد العبدالله الحسين العرفج رحمه الله قصيدته الشهيرة وهو في عنيزة يستحث بها أبناء عمومته من آل أبوعليان على إسترداد إمارة القصيم وبلدتهم بريدة من مهنا بعدما أخرجهم منها ويشجع أمير عنيزة زامل السليم على نصرتهم كما وعدهم:
في ذكر عالم الخفيات بادي
محيي العظام البالية يوم الإنشار
يقول ابن عرفج كلام الوكادِ
من ضامره شروى التهامي طار
والله من حر لجا في فؤادي
وإلا إنها في ضامري شبت النار
يالله ياخالق جميع العبادي
يا واحدٍ بيدة تصاريف الأقـدار
إن تخذل الباغي وراعِ الفسادِ
وان تنصر المجلي على جند الأشرار
إن سهل المولى مسكنى البلادِ
ونصونها عن كل نذلٍ وبوّار
حنا هل العادات يوم التنادي
عاداتنا من ضدنا نأخذ الثار
حنا طلبنا الصلح وأمر القوادِ
نبيه عذرٍ عند علام الأسرار
وإلا فلا للصلح عندي مقادِ
إلى بعد فعل يذكّر بالأمصار
فعلٍ يقولونه حضر وبوادي
إنا تقاضينا وصارت لنا الدار
هي دارنا محيينها بالرشاد
حامينها برجالها اللي لهم كار
دار الجماعة بين صفرا ووادي
ياحيهم ربعٍ وياحي من دار
يالله عساها للسحاب الغوادي
يا الله عساهم مايشوفون الأكدار
ما أنسى بريدة والجماعة زنادي
هم عزوتي يوم أعتزي والهوا حار
ما أنساه يوم انسى شرابي وزادي
منساه لو منها تجرعت الأمرار
والله ماأنسى صــالح يـاالسـرادي
وغانم وخرشت والحميضي وعمّار
لابد من يشوف المعادي
ماشاف غيره يوم الأيام تندار
والله من هّلت عليه جمادِ
والقلب كنه في مراميض مجمار
ياراكبٍ من فوق صلب العضادِ
تنصى بني عليان بعيدين الأذكار
قل فعلكم ماصار من عصر عاد
صرتم شمات للمخاليق والعار
بالعون تهتوا عن طريق الرشاد
سوِّد لكم من حد صنعا لسنجار
يا لابتي ردوا لحدب الهنادي
عفّوا جوانب داركم فرَّخ الفار
وإلا عليكم رايةٍ به سوادِ
للمعتزي منا ولا غار من جار
النار لو كبرت عوضها رماد
والحر مايصبر إلى شاف الإنكار
إن كان ماخذنا القضا بالأيادي
والله ما توخذ نسانا من العار
ياناس كفّوا عن كثير الدوادي
والله ماسمع هرج رخوين الأشوار
أرسلت سلطان ولا جا ردادِ
ماظنتي فيه الردى نسل سجّار
كن فراشي فوق شوك القتاد
والشرب لو هو باردٍ بالحشا حار
اشكي على الله ثم طير الهـدادِ
زامل وزامل له زعانيف وصطار
هذا لنا ياشيخ عشر عدادِ
في داركم جيران منّـاب عِّذار
يا شيخ هذا هو محل الجهاد
يوم الهوا ساعف على جند الأشرار
تم الكلام وفي فؤادي هوادي
والحمد للمولى على كل ما صار
وصلاة ربي ما حدا العيس حادي
وعداد ماطافوا على البيت زوّار
على النبي الهاشمي خير هادي
وعداد ما فتق نباتٍ بنوار
(فترة حكم الإمام عبدالله بن فيصل الثانية) {1291هـ - 1307هـ}
في عام 1292هـ:
حاول صالح بن عبدالعزيز آل محمد وعمر بن تركي بن عبدالعزيز آل محمد وابراهيم بن علي بن عبدالعزيز آل محمد وعبدالله بن حسن بن آل عبدالمحسن آل محمد وغانم بن محمد الغانم وابراهيم بن عبدالله الغانم وابن الحميضي وابن مرشد استرداد إمارة القصيم بعدما قتلوا مهنا ولكن محاولتهم لم تتكلل بالنجاح وقتلوا جميعاً رحمهم الله ماعدا ابراهيم ابن غانم وذلك ان امير عنيزة لم يفي بعهده ووعده الذي قطعه لهم بمناصرتهم بعد ان يقتلوا مهنا وذلك ان اهالي عنيزة نصحوه بعدم التدخل. وقد ذكر تشارلز داوتي هذه الحادثة بالتفصيل عند زيارته لبريدة في عهد حسن المهنا وقال ان قصر حجيلان بناه الأمير عبدالله ابن عبدالعزيز آل محمد الذي قتل على يدي مهنا عندما اغتصب الحكم. وأبناء الأمير المقتول هربوا إلى عنيزة وبعد مضي سنوات، تسللوا اثناء الليل ودخلوا بريدة، وعندما كان الطاغية مهنا يمر من المكان الذي كانوا فيه، اندفع أولاد عبدالله وقتلوه، وفي الوقت ذاته تشبث عبدالله المهنا بالمدينة، الذي كان له قدم اقصر من الأخرى، كما ان اهل بريدة الذين عانوا طويلاً من طغيان المهنا لم يكونوا على استعداد لمساندة قتل الغير بدون وجه حق. إلى ان قال رأيت بعض أمراء آل أبو عليان في عنيزة، كان احدهم من مرضاي، وهو الذي يستحق حسب الميراث ان يكون الأمير الحالي لبريدة.
:
وفي نفس السنة من عام 1292هـ:
قام حسن بن مهنا على عبدالمحسن المدلج وابنيه وقتلهم بحجة انهم يكاتبون من بقي من عشيرتهم في عنيزة ليستردوا إمارة اجدادهم.
وفي عام 1293هـ:
ذهب جماعة من آل أبو عليان إلى الإمام عبدالله بن فيصل في الرياض وكان منهم عبدالله بن عبدالمحسن آل محمد وعبدالله بن عرفج وحمد الغانم وابراهيم بن عبدالمحسن بن مدلج ورجال من عشيرته ومعهم كتاب من زامل بن سليم أمير عنيزة موجه الى الإمام عبدالله بن فيصل يطلب منه نصرة آل أبوعليان والقدوم عليه في عنيزة ويعده بمساعدتهم والقيام معهم، فمال الإمام عبدالله بن فيصل إلى ذلك وخصوصاً ان مهنا وابنه حسن قد حاربوا ضده وساندوا سعود بن فيصل طمعاًفي الإمارة، فسار الإمام عبدالله بن فيصل بجنود من المسلمين من البادية والحاضرة لإعادة آل أبو عليان إلى إمارتهم ومدينتهم السليبة، فقام حسن بن مهنا بالكتابة إلى ابن رشيد يستنجده ومن ثم لبى ابن رشيد طلبه، ويذكر مؤرخ عنيزة البسامفي تحفة المشتاق ان ابن رشيد ارسل لأمير عنيزة والبسام يلتمس منهم عدم مناصرة الإمام عبدالله بن فيصل، ولما علم الإمام بخبر مقدم ابن رشيد لبريدة رجع مع جنوده إلى الرياض، ففشلت محاولة آل أبو عليَّان الثالثة لاسترداد امارتهم.
وفي عام 1294هـ:
تتبع حسن المهنا بقية أمراء ال ابو عليان وارسل سرية مع ابن عمه يطلبون حمد آل غانم وابراهيم بن عبدالمحسن بن مدلج فوجودهم ثم قتلوهم رحمهم الله. وانتهت بذلك إمارة آل أبوعليان بعد مقتل آخر أمرائها.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
أولاد علي
أولاد علي نخوة العقيلات وأهل القصيم وعلياً هو جد أسرة آل أبوعليان حكام القصيم سابقاً لثلاث قرون اشتهر بالشجاعة والإقدام، وأسرة آل أبوعليان هم من أسس مدينة بريدة وإمارة القصيم، وهم أول من جمع بلدات وقرى القصيم تحت إمارة واحدة وأول أمير لمنطقة القصيم كان منهم ثم تعاقب على إمارة القصيم أكثر من ٢٠ أمير من أسرة آل أبوعليان لثلاث قرون مضت، وهم أول من أسس جيش القصيم الجرار بقيادة حاكم القصيم حجيلان بن حمد التميمي سيف الدولة السعودية حيث كانت تصل مغازية إلى نقرة الشام ومشارق المدينة المنورة وكان به حمية كبيرة على أهل القصيم وقوافل العقيلات حتى أصبحت نخوة آل أبوعليان (أولاد علي) نخوة لأهل القصيم كافة وتشبه اليوم (عيال زايد) نسبةً لحكام الإمارات. فإذا ذهب احداً من أهل القصيم للعراق أو الشام وسألوه من أين أنت قال أنا من ( أولاد علي ) فيعرفون انه من وسط الجزيرة وبالتحديد من القصيم. وأكثر من روج لهذه النخوة هم تجار العقيلات وهم سبب انتشارها في ذاك الوقت.
يقول حكام القصيم السابقين آل أبوعليان في عرضتهم الحربية التي كانوا ينشدونها دائماً ومطلعها:
حنا ضنا ليلى سلايل عليان *** عدونا من كأس الأمرار نسقيه
يقول الشاعر محمد العوني :
أولاد علـي اليـوم ذا وقـت نفعـكـم *** لا رحـم أبـو نفـس تتاجر بمالها
أولاد عـلي أن الليـالـي قصـيــرة *** ولا للفتـى غيـر الثناء من نوالها
أولاد علـي اليـوم مـا هـوب باكـر *** قومـو بعـزم الليث ماضي فعالها
ويقول ابن فرهود أحد شيوخ عنزة:
سلم على القصمان ربع بهم نوف *** أولاد علي مرخصة كل غالي
قال الشاعر ناصر الغليقة:
أولاد علي كاسبين الشكالة *** كم واحد ردوه عن درب عانيه
قال الشاعر صالح الطويان:
أولاد علي لابتي مالهم أجناس *** بشاشة بضيوفهم والمسايير
إن عدو الأجاود هم ذروة الناس *** وهم هل الطولات زبن المقاصير
قال الشاعر محمد بن عبدالله:
أولاد علي مهدية صعب الأضداد *** مهدية صعب الحصان العزومي
قال الشاعر علي الخياط:
ربعي هل الطولات والباس الشديد *** خطر عزايمها تهد جبالها
أولاد علي هم عما عين الضديد *** عقالها يوم الوغى جهالها
أمراء آل أبو عليان
1- الأمير راشد بن عبدالله الدريبي آل أبوعليان من اشترى بئر بريدة من آل هذال أحد شيوخ عنزة، وكانت في ملكهم، ثم عمرها وأول من تولى إمارة بريدة عام ٩٨٥هـ. يقول ابن عيسى: [ إنَّ بريدة كانت ماءً لآل هذال شيوخ عنزة ،فاشتراه منهم راشد الدريبي سنة 985 تقريباً ] ( عقد الدرر : 82 ). ويقول مقبل الذكير: (أمراء بريدة آل أبي عليان، وهم الذين أسسوها، فإن جدهم راشد الدريبي اشترى موضعها من آل هذال شيوخ عنزة، وكانت في ملكهم، ثم عمرها) مخطوطة مطالع السعود في تاريخ نجد وآل سعود. ويقول ابن بسام: [وفي سنة ٩٨٥ هـ تقريباً اشترى راشد الدريبي بريدة من آل هذال شيوخ قبيلة عنزة، وكانت مورد ماء لهم، وسكنها وعشيرته آل أبوعليان]. (خزانة التواريخ النجدية). ويقول القاضي : [ أول نشأة بريدة عام 948 وكانت مورداً لآل هذال فاشتراها راشد الدريبي من آل عليان وقام بعمارتها فسكنها ] ( تاريخ نجد : 13 ). ويقول ابن بليهد : [ لم تُبعث بريدة إلا بين القرنين القرن التاسع والقرن العاشر ] ” صحيح الأخبار 5 / 215 ” ،وقال أيضاً : [ الذي اكتشفها الدريبي … في النصف الأخير من القرن العاشر تقريباً ] ” صحيح الأخبار 1 / 154 “.
2- حمود بن عبدالله الدريبي آل أبوعليان وتولى الإمارة عام ١١٥٣هـ.
3- راشد بن حمود الدريبي آل أبوعليان وتولى الحكم في عام ١١٥٤ هـ، من أكثر حكام آل أبوعليان صلابة وشجاعة وتحركاً بل وتقلباً لثبيت الحكم وإبقاءه في يده وقد ذكر المؤرخون أنه داهية من دهاة القصيم لايخاف من شيء في سبيل تحقيق غايته، ويذكر المؤرخون أيضاً انه هاجم وانتقم من قبيلة الظفير التي عاونت أهل الشماس ومن معهم على أهل بريدة في عام ١١٥٥ هجري وهو أول من أحاط مدينة بريدة بسور ويعرف بسور الدريبي، تقدر مساحة المنطقة العمرانية المحيطة بالسور ب 8000 متر مربع , ويبلغ طول محيطه أكثر من 360 متر.
4- الأمير راشد الدريبي آل أبوعليان وتولى الإمارة عام ١١٨٢هـ.
5- الأمير عبدالله بن حسن آل أبوعليان وتولى الإمارة عام ١١٨٤هـ .
6- الأمير راشد الدريبي آل أبوعليان وتولى الإمارة عام ١١٨٨هـ.
7- الأمير عبدالله بن حسن آل أبوعليان وتولى الإمارة عام ١١٨٩هـ.
8- الأمير حجيلان بن عبدالله بن حسن آل أبوعليان وتولى الإمارة عام ١١٩٠هـ، أمير بريدة وحاكم منطقة القصيم لمدة أربعين سنة متواصلة، لايذكر تاريخ منطقة القصيم إلا ويذكر معها حجيلان بن حمد، ساهم في نشر دعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب وحارب لأجلها وسجل تاريخاً واسعاً في إخضاع إمارة حائل والأحساء تحت راية وحكم الدولة السعودية الأولى وقام بحملات عسكرية على المناطق الشمالية من الجزيرة العربية حتى وادي السرحان وحتى أطراف العراق والشام ، وهزم التحالف العربي المكون من أربع قبائل ومعهم إمارة ابن عريعر ، وكان عقيداً في الحرب مظفراً لا تهزم له راية، توفي في المدينة عام ١٢٣٤هـ . وفي عهد حجيلان بن حمد شهدت مدينة بريدة والقصيم كافة حركة علمية كبيرة في جامع بني عليان (الجامع الكبير ببريدة) حيث انتدب الشيخ عبدالعزيز ابن سويلم من الدرعية إلى بريدة الذي أسس القضاء بها، وحرص الأمير حجيلان بن حمد أشد الحرص على بقاء الشيخ عبدالعزيز ابن سويلم وعدم رجوعه إلى الدرعية لتعليم أهل القصيم أمور دينهم.
تحدث الكثير عن التطور الكبير الذي لحق بريدة و الخبوب في عهد حجيلان بن حمد فضلاً عن سياسية التوطين البناءة التي اتّخذها في بريدة فكانت نظرة بعيدة منه تكشف مدى فهمه و تقديره لإدارة الأمور و السير بها و هذا لم يكن متوفراً عند الكثير من الأمراء النجديين حينذاك . و يذكره ابن بشر رحمه الله بقوله : ((و كان حجيلان من أشد الناس حميّة لأهل بلدانه مع محبته لأهل هذا الدين و شدة نصرته له و لأهله)) . و كانت امارته خير و بركة على بريدة و على ما يتبعها من القصيم إذ استمرت حوالي أربعين سنة فازدهرت في زمنه بل كان عصره أول عصر ذهبي لها . و قد قويت شوكة القصيم في زمنه حتى أنه كان يغزو في نقرة الشام و في مشارف المدينة المنورة و ناصر آل سعود و اتفق معهم على تحكيم الشرع و إقامة علم التوحيد فَنَعِمَت البلاد بالعدل و الاستقرار. و قد توسعت بريدة في عهده و كثر المهاجرون إليها مما رفع من عدد سكانه ، و كان كثير من هؤلاء من المناطق المجاورة الذين امتهنوا تلك المهن التي لم يكن أهل القصيم يمتهنونها . كما نزح قسم من أهل الجناح قرب عنيزة إلى بريدة بعد هدمه سنة 1201هـ.
و كانت له سياسة حكيمة في توطين القادمين في البلاد فكان إذا ذُكِر له أن أجنبياً قد إلى البلاد استدعاه و سأله : لماذا قدمت إلى بلادنا ؟ فإن قال قدمت للشغل . قال حجيلان : يا ابني شغل بلدنا لأهل بلدنا ثم أضافه ثلاثة ايام و أعطاه زادا يعينه على الوصول إلى أي بلدة يختارها و أبعده عن البلد . و إن قال : إنما جئت لأسكن في البلاد و اكون من جماعتكم . قال له أهلا و سهلا ثم أعطاه قطعة من الأرض الصالحة للزراعة بدون مقابل، و يقول له : لك مهلة كذا و كذا من الوقت ، إن أصلحتها فهي لك و إلا استرجعناها منك.
و يصف محمد بن عبدالكريم الحنايا -في مقال له- هذه السياسة : ((وكان حجيلان بن حمد يهدف إلى تنشيط التجارة من جهة والقضاء على البطالة من جهة أخرى وانعاش اقتصاد مدينته بصورة أكبر فقدم الأمير كما يتحدث الرواة المال ومنح الأرض والدكاكين وأعطى الراحلة وأدوات الصناعة والتجارة وغيرها من متطلبات المهن وتبعاً لهذا الإجراء شهد اقتصاد بريدة وتجارتها حركة غير عادية في ذلك الوقت وانصرف الكثيرون إلى عمليات الاتجار والزراعة وتنامت المهن والحرف اليدوية فيها وأصبحت بريدة مقصداً وميداناً حراً للتجارة والزراعة والصناعة بأنواعها وأنماطها المختلفة وسجلت الأسواق فيها حضوراً لافتاً تحدث عنه المهتمون كثيراً إلى درجة أن الرواة يذكرون أنه في عهد إمارة حجيلان بن حمد التي استمرت قرابة الأربعين عاماً تم توسيع سور بريدة (العقدة) أو الحامية ثلاث مرات نظراً لتوسع حجم المدينة وزيادة عدد السكان فيها وازدهار الحياة بأوجهها المختلفة هذه السياسة المنبثقة من عقلية ورؤية فذة قبل ما يقارب العقدين ونصف من الزمن تحكي فعلاً جدارة أبناء بريدة في رسم صورة المستقبل وقدرتهم على الاضطلاع بمسؤولياتهم و استشعار دورهم فنظرية حجيلان بن حمد الاقتصادية تستحق التدريس في زمننا هذا وهي جديرة بالاهتمام والتقدير)). وهذه السياسة نراها متّبعة الآن في وزارة الزراعة بور للمواطنين بهدف استصلاحها و تمهلهم ثلاث سنوات للنهوض بها و الا استعيدت منهم و اعطيت لغيرهم.
و يعبّر عن هذه السياسة آخر بقوله : (( إستجابة لهذا البرنامج الإصلاحي الطموح إنفتح باب الهجرة إلى بريدة على مصراعيه، جاء إلى بريدة المهاجرون من داخل الجزيرة العربية وخارجها، كما وجد البناءون والحرفيون ( الصناع والنجارون والدباغون والجزارون ) في بريدة فردوسهم الجديد. إستوطن ببريدة عدد كبير من أبناء القبائل الذين إستطعموا حلاوة الإستقرار. كما لاذ بها عدد من الهاربين من ملاحقة الثارات. بل يعتقد أن من أهل بريدة من ترجع أصولهم إلى قوميات غير عربية، فمن الملاحظ أن لهجة أهل بريدة مزيج من لهجة بني تميم ولهجات القبائل والمجتمعات المستوطنة شمالي الجزيرة العربية وشمالها حتى الحدود التركية، لقد شكل هذا الخليط مجتمعاً جديداً مرصعاً بفسيفساء عديدة ومتنافرة الألوان وإن شئت قل لوحة سريالية لايتفق إثنان على تفكيك رموزها فكل يستوحي منها رؤية خاصة به حسب ثقافته ووفقاً لحالته النفسية، و أصبح الولاء للمدينة والدفاع عن مصالحها الإقتصادية هو القاسم المشترك بين مواطنيها)).
-و لحجيلان بن حمد -رحمه الله- عدة مآثر و آثار منها ذلك السور العظيم المعروف باسمه و هو الذي لم يبنَ على بريدة مثله قبله أو بعده . و قد صمد أمام هجمات المدافع التركية التي جاءت من العراق (حصار 1201هـ) أو في التي جاءت من مصر (حصار1233هـ) و لا تزال بقاياه موجودة إلى وقت قريب و بمعاينة احد البواقي وجدوا ان عرضه ثلاثة امتار و زيادة و هذا بعد قرنين من الزمان . و قالوا : بأنه كان البعير يمشي فوق السور في أصل الجدار و يفرغ حمولته من الطين يمنة و يسرة فيخلطون الطين في اماكنهم . و تبلغ نسبة الزيادة في المساحة بينه و بين السور السابق له (سور الدريبي) أكثر من 300% في فترة لا تتجاوز ثلاثين عاماً، و هي نسبة نمو عالية جدا بالنسبة لتلك الفترة في نجد . و كان بناء هذا السور بمشاركة أهل القرى القريبة من بريدة فقد أشار عليهم حجيلان بهذا معللا ذلك بأنه ليس لأهل بريدة فقط بل للجميع و يجب على الجميع المشاركة فيه. و قد قدّر الربدي في كتابه “بريدة؛ نموها الحضري و علاقاتها الاقليمية” الكثافة السكانية لنهاية فترة حكم الأمير حجيلان بن حمد بأكثر من 4416 نسمة بزيادة قدرها 3056 نسمة عن الفترة التي سبقت حكمه.
-و كان للأمير حجيلان –رحمه الله- توجه معروف للعمل الخيري المنظم من خلال تخصيص دور لرعاية الأيتام و اللقطاء و كان برعاية مباشرة منه و كان هذا انجازا فريدا لم اقرأ بوجود مثيل له في نجد حينذاك ، وأراد الله ان يكون احد اللقطاء -و اسمه عباد- ممن رباهم حجيلاهم في دوره و اصبح بوابا للقصر هو من سيتسبب في مقتل ابنه الوحيد “عبدالله” في آخر حياته. فأقام في داخل قصره و بمساعدة زوجته لولوة بنت عبدالرحمن العرفج “العرفجية” غرف للعجزة و المشلولين و ذوي العاهات و المعتوهين الذين أصيبوا بعاهات مستديمة ، و كذلك الأيتام و الأرامل و اللقطاء من الجنسين ، كل هؤلاء أسكنهم حجيلان و وفّر لهم الطعام و الماء و الملبس ، فأصبح الناس إذا رأوا مشلولاً أو مصاباً بعقله أو لقيطاً قالوا: سلّموه حجيلان ، أو اذهبوا به إلى قصر حجيلان.
-قضاء الأمير حجيلان بن حمد نهائيا على بلدة الشماس سنة 1196هـ و نزوح أهلها الى الشماسية و جزء إلى بريدة نفسها كان له اثر اقتصادي كبير على بريدة . فقد فتح المجال لبريدة في التوسع في كل الاتجاهات و ابعد عنهم ذلك الخصم القديم الذي يقف عائقاً امام تطور بريدة ، و ادى هذا ايضا الى زيادة دخل بريدة من الضرائب و الزكوات التي أصبحت تؤدى إلى الأمير حجيلان بن حمد من سكان القرى و البلدان المحيطة.
9- الأمير عبد الله بن حجيلان بن حمد آل أبوعليان وتولى الإمارة في عام ١٢٣٤هـ لكن قام بقتله رشيد بن سليمان الحجيلاني، ثم اخذت بثأره والدته الفارسة لولوة العرفج في القصة المشهورة التي سارت به الركبان.
10- الأمير رشيد بن سليمان الحجيلاني آل أبوعليان وتولى الإمارة عام ١٢٣٥هـ، وينسب إليه سوق قبة رشيد لذي يعتبر واحد من أقدم الأسواق الشعبية في مدينة بريدة.
11- الأمير عبدالله بن محمد بن عبدالله بن حسن آل أبوعليان وتولى الإمارة عام ١٢٣٥هـ.
12- الأمير سليمان بن عرفج آل أبوعليان وتولى الإمارة عام ١٢٣٦هـ.
13- الأمير فهد بن مرشد آل أبوعليان وتولى الإمارة عام ١٢٣٧هـ.
14- الأمير محمد بن علي العرفج آل أبوعليان وتولى الإمارة عام ١٢٣٧هـ، فارس جهبذ من نوادر الرجال في الشجاعة وفنون القتال كان مرافقا ً للعقيد المشهور حجيلان بن حمد آل أبوعليان العنقري التميمي في غزواته ، كما أن للعرفج أشعار وملاحم كثيرة فهو جمع بين الفروسية والشعر، توفي عام ١٢٥٨هـ . ووالده هو الذي بنى سوق داحس والذي يعتبر أول سوق للبيع والشراء في بريدة من الأبل حتى البضائع الأخرى العادية وكان سوقاً قبل أن ينتقل إلى الوسعة السوق الثاني لبريدة وقبل رحيلهم إلى السوق الثالث الجردة في عام ١٣٤٠هـ.
15- الأمير عبدالعزيز بن محمد بن عبدالله بن حسن آل أبوعليان وتولى إمارة القصيم في عام ١٢٤٣هـ حتى وفاته في عام ١٢٧٧هـ ولمدة ٣٤ عاماً.
16- الأمير عبدالمحسن بن محمد بن عبدالله آل أبوعليان وتولى الإمارة عام ١٢٦٦هـ.
17- الأمير عبدالعزيز بن محمد بن عبدالله آل أبوعليان وتولى الإمارة عام ١٢٦٧هـ.
18- الأمير عبد الله بن عبدالعزيز بن عدوان آل أبوعليان وتولى الإمارة عام ١٢٧٥هـ.
19- الأمير محمد بن غانم آل أبوعليان وتولى الإمارة عام ١٢٧٦هـ.
20- الأمير عبدالعزيز بن محمد بن عبدالله آل أبوعليان وتولى الإمارة عام ١٢٧٦هـ.
21- الأمير سليمان رشيد بن سليمان الحجيلاني آل أبوعليان في عام ١٢٨٠هـ.
أسر آل أبو عليان
- الراشد: منسوبون إلى راشد الدريبي وهم من ذريته.
- المزيد: من العقيل.
- الحميضي: هاجروا للعراق بعد مقتل الأمير عبدالعزيز المحمد وعاد بعضهم للرياض.
- الزومان.
- الرشيد: من ذرية رشيد الحجيلاني.
- البوعليان : من آل عبدالمحسن من آل محمد من ذرية عبدالله بن حسن، ومنهم العليان.
- العرفج.
- السلطان: من العرفج.
- الغانم.
- المذهان: من الغانم.
- المرشد.
- النصار.
- العبود: من النصار من اهل السادة.
- العدوان: منهم ابوخشرم.
- المدلج: من العدوان.
- العميريني.
- السلامة.
- العباس: من السلامة.
- الحمدي.
- العجلان.
- الجارالله.
- العبدالرحيم.
- السابح: من العبدالرحيم.
- الطرباق: من المهيد، أقرب أسر آل أبوعليان لهم العبدالرحيم.
- الفريحي: أقرب من لهم العبدالرحيم.
- الحميدة.
- السنيدي.
- الشبيلي.
- الحسون: وأقرب أسر آل أبوعليان إليهم: الدِّخيل والقعير والرعيجاني من أهل السادة، والعضيبي متفرعون من أسرة الحسون.
- الدِّخيل: (بكسر الخاء) الملقبين بالمصاريع من أهل السادة.
- القعير: من أهل السادة متفرعين من الدِّخيل المصاريع.
- الرعيجاني: من أهل السادة متفرعين من الدِّخيل.
- اليحيى.
- العسافي.
آثار ومعالم
أسوار آل أبوعليان القديمة في بريدة
أسوار بريدة القديمة هي من أولويات التخطيط والإنشاء في البلدة لبناء المساكن والمرافق , لأنها الدرع الواقي لمن في داخلها من الغزاة وغيرهم , من الذين قد لا يمنعهم إلا حماية الأسوار وحراسها.
ويحرصون على بنائها من خامات البناء المتوفرة في أراضيهم، من أحجار وطين والتي يُحضِرونها من مقاطع الجبال ومطاين التربة القريبة من البلدة، على ظهور الإبل والحمير والبغال، و في البدء لعملية البناء فإنهم يخططون ويحددون الأسوار ومواقع القلاع والأبواب، ويحفرون الأساس للأحجار حفر عميقة تصل لأكثر من ثلاثة أذرع، و سُمكِه قد يسير عليه البعير لتفريغ الطين لمواصلة البناء.
بريدة قديماً كانت تحاط بسور خارجي وله بوابات محددة للدخول حتى إذا جن الليل عليها أغلقت هذه البوابات مع وجود حراس عليها لحراستها، والتي تهدأ في سكون الليل وتهدأ في نوم عميق مع همسات الليل وظلمته.وتهدأ ساحاتها وأسواقها بعد يوم حافل بالنشاط والتجارة
ومن الأسوار القديمة في بريدة :
1- سور الدريبي : وهو أول سور بُنِيَ ومعروفاً في بريدة وقد بناه الأمير حمود بن راشد الدريبي آل أبوعليان، يقول الأستاذ الدكتور محمد بن صالح الربدي في كتابه ص 34 حمود الدريبي هو أول من أقام سوراً معروفاً يحيط بمدينة بريدة والمسمى «سور الدريبي» وتقدر مساحة المنطقة العمرانية المحاطة بالسور خلال هذه الفترة ب8000م2 أي بمساحة تقارب 100 متر طولا في 80 متر عرضا، ويتوسطها مسجد البلدة الوحيد المسجد الجامع الحالي (جامع بني عليان) الذي اختير موقعه بين النواة والحي الجديد الذي أنشأه الدريبي. ويبلغ طول محيط السور الذي أحيطت به بريدة أكثر من 360 مترا. وعن الطريقة الفنية والهندسية لبناء الأسوار يقول الربدي لبدء عملية البناء فإنهم يخططون ويحددون الأسوار ومواقع القلاع والأبواب ويحفرون الأساس للأحجار حفراً عميقة تصل لأكثر من ثلاثة أذرع «الذراع نصف متر تقريبا» وسمكه قد يسير عليه البعير لتفريغ الطين لمواصلة البناء.
2- سور حجيلان : من مآثر الأمير حجيلان بن حمد التي تدل على بعد نظره، وحرصه على مستقبل بلده، ذلك السور العظيم الذي عرف بسور حجيلان، والذي بناه وأحاط به بريدة ولم يكن له نظير عند إنشائه في أي بلد من بلدان نجد، اشتهر بتصديه لحصار الغزاة وهو أمنع سور أدير حول بريدة في كل تاريخها لأنه صمد للمَدافِع والآليات. وقد عجزت عنه مَدَافِع العراق بقيادة ثويني ومَدَافِع مصر التي أحضرها إبراهيم باشا مَدَافِع سعدون بن عرير حاكم الأحساء.
أرسل سعدون بن عريعر حاكم الأحساء جموعاً من بني خالد و غيرهم من الظفير و عربان شمر ومن حضر من عربان عنزة لغزو بريدة، فنزلوا عند سور حجيلان وأحاطوا بها و بادر منهم رجالاً للقتال فظهر بهم أهل بريدة و قتلوهم و أرسلوا رؤوسهم إلى سعدون فامتلأ غيظاً و غضباً. و قال ان ظفرت بأهل بريدة قطعتهم إرباً إربا. ثم زحف سعدون بنفسه إلى بريدة بجنوده و حصل بينهم قتال شديد فلم يحصل على طائل، ثم ساروا يوماً آخر على السور و راموا الصعود عليه لهدمه، فقاتله أهل بريدة بقيادة الأمير حجيلان أشد القتال عنده فانهزموا عند السور وتركوا قتلاهم، ثم رأى سعدون أن يسوق آلاته و جموعه و يهدمون سورها و بروجها، فأقبل بكيد عظيم و ساقها عليهم وقت الصباح فرجعوا و لم يحصلوا على طائل. فتحسر سعدون على ذلك و أرسل إلى أعوانه من اهل القصيم و غيرهم يشاورهم فيما يكيد فيه لأهل بريدة ويخترق سورهم، فاتفق رأيهم أن يعمل مدفع كبير يهدم به السور، فجمع له أعوانه من أهل القصيم كثيرا من آنية الصفر و النحاس، فقاموا يعالجون صبّ المدفع و صنعته فكلما أرغوها في قالب خبت، و كلما أوقد عليها النار فسدت. ففسد عملهم و لم يتم لهم أملهم فقاموا يراوحونهم و يغادونهم القتال والنصر دائماً لأهل بريدة في زيادة. و كان أمير بريدة يومئذ والمقوم لهذه الحرب والثابت في هذا الضرب و الكرب، الأمير حجيلان بن حمد من رؤساء آل أبي عليان، علم ابن عمه ورجال معه يريدون خيانته والوقوف مع سعدون، فأرسل إليه وضرب عنقه والرجال الذين معه ورمى رؤوسهم على سعدون من خلف السور، فلما مضى خمسة أشهر، ضاقت صدور العربان و المحاربين، وعزموا على اقتحام البلد فصنعوا عجلا من الخشب يريدونه وقاية عن الرصاص لمن يمشي خلفه، و ساقوه إلى مرقب البلد، و في المرقب من أهلها عشرة رجال . فاجتهدت تلك الجنود، في وصول العجل، و لم يجدوا إلى ذلك سبيل، فرجعوا به. ثم حمل سعدون و جموعه على البلد حملة هائلة و ساقهم إليها، فحصل عند السور و البروج من القتال و الازدحام أمر عظيم ، و قاتلهم أهل البلد قتالاً شديداً و ردوهم على أعقابهم و قتل منهم عدة قتلى فداخلهم بعد ذلك الفشل وهموا بالرحيل. في آخر الحصار، تزوج حجيلان أثناء الحصار زوجته الثانية لولوة بنت عبدالرحمن العرفج آل أبوعليان الشهيرة بالعرفجية. فلما سمع سعدون ضرب الدفّ سأل عنه ، قيل له : أنه مضروب لعرس حجيلان فعند ذلك، علم أن حجيلان لم يأبه به وبحصاره فارتحل هو و جنوده، و كان لهذا الصمود أمام الحصار ثم اخضاع المناطق التي خلعت الطاعة أثراً كبيرا في تثبيت سلطة حجيلان . فقد علا نجم الأمير حجيلان و ثبت أمره كقائد سعودي حتى أنه استطاع أن يوصل الرايات السعودية إلى سوق الشيوخ ثم تعرض بعد ذلك لغزو المنتفق و واصل هذا البطل غاراته شمالاً فأخضع شمّر و عرب الشرارات و وصل إلى بادية الشام.
الرحالة الغربيين الذين وصفوا بريدة وأسوارها
لوريمر الذي يقول أن بريدة مركز تجاري هام ولكن تجارتها ونشاطها تبلغ أوجها خلال الأربعة شهور التي تلي جمع البلح، عندما يعود البدو الرحل لشراء البلح والأرز والقماش من المدينة.وفي بعض الأحيان تقام نحو ألف خيمة في وقت واحد خارج أسوار المدينة.
ويقول باركلي دونكيير في رحلته عبر الجزيرة العربية: عبرت جمالنا أبوابها وأحمالها تتأرجح فوق ظهورها ها نحن أخيرا في بريدة قادونا بسرعة عبر البوابة إلى فناء مفتوح داخل المدينة.
ويقول ليتشمان الذي وصل إلى بريدة عام 1912م إنها قرية مسورة لها ميدان ويذكر بأن القادم إلى القرية من الشمال أو الشرق لا يرى إلا كتلة سكنية مربعة تحجب خلفها بساتين النخيل.. كان دخوله من خلال بوابة خشبية كبيرة توجد في موضع السور، وعبر مكان واسع وفي الشمال الشرقي منه يوجد حصن توجد فيه حامية عسكرية مهمتها تتبع مثيري الاضطرابات في البراري المجاورة. ويذكر أنها المدينة الرابعة من حيث الحجم وتعداد السكان في نجد حيث يبلغ سكانها آنذاك حوالي عشرة آلاف نسمة.
قلعة وقصر بريدة
قلعة آل أبو عليَّان الشهيرة وكان بداخلها قصر حجيلان بن حمد الذي انشأه عبد الله ابن امير القصيم عبد العزيز بن محمد آل أبو عليان والذي قتله مهنا ثم استولى على إمارة البلد من عام ١٢٨٠ حتى عام ١٢٩٢ وفقاً لكلام الرحالة داوتي.
ولقد وصف داوتي قصر بريدة المعروف بقصر حجيلان ووصف القلعة العظيمة التي أقام فيها وصفاً دقيقاً وبتعجب وانبهار وتسائل كيف تم بنائها ومن بناها في وسط الصحراء، ووصف فناء القصر الواسع وانه مثل سوق من الأسواق ووصف عمارته المبنية من الصلصال الغريبة والعجيبة تماماً.
يذكر كارل توتشل ان في بريدة قلعة شاهقة رابظة في شمال شرق المدينة ولها سور علوه ٤٠ قدما يرجع عهده إلى ٦٠٠ سنة وبرج قطره حوالي ٥٠ قدما وإذا ماعلوتها اتجه بصرك إلى مناظر جميلة ورائعة من تلال الصحراء وتموج رمالها وبيوت الحاكم رحبة وفسيحة ومبنية بشكل جذاب ضمن استحكامات القلعة.
ويذكر حافظ وهبه ان عدد قرى القصيم نحو ٥٠ قرية واغلبها تعتمد على بريدة ولذلك تسمى بأم القصيم، والقلعة الرئيسية شمال شرق البلدة وارتفاع الجدار ٤٠ قدما، وبنيت بناء هندسياً جميلاً قبل ٦٠٠ سنة ويسمونها القصر أيضاً، يسكن بها الأمير العاهل ويسكن بها الملك عبدالعزيز وقت إقامته ببريدة.
كتب الاستاذ مصطفى مراد الدباغ في كتابه الجزيرة العربية موطن العرب ومهد الإسلام ان في بريدة قلعة شاهقة تربض فوق مرتفع في الشمال الشرقي من المدينة ويرجع بنائها إلى اكثر من ٦٠٠ عام وإذا صعد الزائر إلى قمة برجها العالي شاهد منظراً ممتعاً للصحراء و ماورائها والتي تحيط بالمدينة.
ويتحدث الأديب والمؤلف الدكتور حسن بن فهد الهويمل في كتابه عن قصر بريدة وأن هناك قصر مشهور قديماً قدم بريدة وكان يسمى (القلعة) وربما كان قلعة فقط للإشراف لأنه يقع فوق تل من الرمل، والمطل من مقاصيره يرى مسافات بعيدة من كل الجهات وبعد اشتداد الخوف تحول إلى قلعة ومسكن للأمير.
وصف الرحالة الدنماركي باركلي رونكيير قلعة بريدة ورسمها بيده وقال على بعد بضعة كيلومترات وخلف سلسلة من التلال ترتفع جدران بلون الرمال تتخللها مجموعة من الأبراج، وخلف الجدران منازل بأحجام مختلفة وقلعة ضخمة مشيدة من نفس طين المنازل وبها عدة ابراج وفتحات في الجدران للمراقبة.
وذكر الرحالة وليم بالجريف ان مهنا كان يعيش في القلعة القديمة بالركن الشمالي الشرقي من المدينة، والتي تبعد قليلاً عن أسوارها، والقلعة تشغل مساحة كبيرة وتبدو هائلة الحجم ومهيبة، ويبدو انها عبارة عن مجموعة من المنازل الخارجية، والمبنى الرئيسي في القلعة قوي ويستطيع ان يصمد للحصار.
والتقط المصور فيلبي صورة شهيرة لقلعة بريدة ووصفها بالعظيمة من الداخل والخارج، وذكر ان قلعة آل أبو عليَّان الأصلية لحكام بريدة تعرف باسم قصر حجيلان وسكن فيها داوتي يومين، وذكر انه توصل إلى نتيجة ان قصر حجيلان شكل جزءً من التوسعة اللاحقة المعروفة باسم قصر مهنا ونواة للقصر الكبير.
ذكر ابن عبيد في التذكرة في سنة ١٢٩٧هـ ان حسن بن مهنا شرع في إصلاح قصر الحكم في بريدة وذكر المؤلف والأديب الدكتور حسن بن فهد الهويمل في كتابه بريدة: كلمة إصلاح أكثر دقه من تأسيس وذلك ان ابن مهنا أصلح قصر الحكم في بريدة ووسعه وجوده ولم يؤسسه. وهناك وثيقه تبين ان حسن بن مهنا قد باع بيته المعروف على إبراهيم محمد الربدي في سنة ١٣٠٨هـ وذلك قبل معركة المليداء وسقوط القصيم بيد ابن رشيد بقليل.
وذكر إبراهيم بن عبدالعزيز المعارك في كتابه بريدة ماض مجيد وحاضر مزدهر ومستقبل مشرق: ان قصر الحكم في بريدة مقر إمارة القصيم وبيت المال ويعود تأسيسه إلى عهد الأمير راشد الدريبي آل أبو عليَّان رحمه الله عام ٩٨٥ هـ والأمير حجيلان بن حمد آل أبو عليَّان رحمه الله في عام ١١٩٦هـ.
وذكر ابراهيم المسلم في كتابه بريدة ان اول من بنى قصر الحكم في بريدة راشد الدريبي ثم قام بإصلاحه حفيده في عام ١١٥٤ هـ ثم قام بترميمه مع سور المدينة الأمير حجيلان بن حمد في عام ١٢٣٤ هـ وظل مقر لأمراء القصيم وكان الملك عبدالعزيز يقيم به اثناء زيارته للقصيم.
وذكر الدكتور محمد الربدي في كتابه بريدة ونموها الحضري ان قصر بريدة اهم سمات التوسع بل اهم السمات العمرانية ويقع في الزاوية الشمالية الشرقية من المدينة تقريباً وعرف واشتهر باسم قصر مهنا وهو نفسه مكان قصر وقلعة بريدة القديمة جداً قدم نشأة بريدة.
وداوتي حل ضيفاً في مقر إقامة حسن بن مهنا في مناخ الشيوخ ويقع وسط البلد المسكن الذي أقام فيه داوتي عند جابر يقع في طرف المدينة في المكان المسمى قصر الحجيلان وهو القلعة وقصر بريدة ووصفه وصفاً دقيقاً بتعجب وانبهار والذي بناه الأمير عبدالله بن عبدالعزيز بن محمد آل أبو عليَّان.
ويذكر صاحب متحف العقيلات الأستاذ عبداللطيف الوهيبي أن الأمير حجيلان بن حمد هو من أسس قصر بريدة وحدثت عدة تطويرات من بعده سمي بعد ذلك بقصر مهنا.
مقالة اكثر من قيمة ورائعة عن بريدة بقلم الدكتور صالح سليمان الوشمي ونشرت في مجلة الفيصل العدد ٥٠ في عام ١٤٠١هـ يذكر فيها ان من اهم القلاع وأشهرها في بريدة (قصر الإمارة) القديم وقد بني بالحجارة والطين وقد وزعت من الداخل على أروقة وغرف تناسب الشكل الخاص بالقلاع. ويكمل الدكتور صالح الوشمي كلامه عن اشهر قلعة في بريدة (قصر الإمارة) ويقول ادركت هذه القلعة قبل الهدم وقد استوعبت في بداية العهد السعودي اغلب الدوائر الحكومية ويقيم فيها الحاكم الإداري للمنطقة ويقول الدكتور عبدالرحمن زكي ان مقر الحاكم يجذب انظارنا وهو يشغل القلعة القديمة.
ذكر الشيخ ابن بسام في حوادث ١٢٩٢هـ: "ان آل أبو عليَّان شيوخ بريدة دخلوا القصر المعروف في الجردة وهو محوط بالبناء والمعروف اليوم بقصر حسن لأنه احكم بناءه بعد ذلك". هذا النص يدل على ان القصر لم يكن يعرف سابقاً او بالأمس بقصر حسن المهنا وان حسن احكم بناءه لاحقاً ولم يبنيه.
هناك وثيقة تذكر مبيع دار في عام ١٣١٣هـ عند باب القلعة الجنوبي وهي (القلعة القديمة)(قصر الحكم) (قصر حجيلان) شمال شرق بريدة التي ذكرها حافظ وهبه والدباغ والبسام وابن عيسى ود. الهويمل والمسلم والوهيبي والمعارك والعبودي ود.الوشمي ود.عبدالرحمن زكي والرحالة توتشل ورونكيير وبلجريف وداوتي وفيلبي.
ذكر العبودي في معجم بلاد القصيم وعلى خرائط جوجل أيضاً ان قصر بريدة يقع شمال شرق بريدة وان أول من بناه وأسسه راشد الدريبي، وهو قصر الحكم في بريدة (القلعة)(قصر حجيلان) الذي وصفهما داوتي وفيها قتل آل أبو عليَّان وهي نفس القلعة والقصر التي اصلحهما وجودهما حسن المهنا لاحقاً.
في عام ١٢٩٢هـ، يذكر العلامة الشهير موسوعة التاريخ والأنساب ابن عيسى في مخطوطه ان آل أبو عليَّان دخلوا القصر الذي في الجردة المعروف اليوم بقصر الشيوخ وهو اذ ذاك محوط بالبناء وفي وسطه دار وذلك قبل ان يبنيه حسن هذا البناء.
الخلاصة: من السابق يتضح ان المؤرخين والرحالة يتحدثون بإعجاب وانبهار عن قلعة قديمة مهيبة وضخمة وهائلة الحجم وتشغل مساحة كبيرة ومحصنة بإحكام ويمكن مشاهدتها من بعيد ولها ابراج شاهقة وبداخلها قصر الحكم في بريدة والذي كان يسمى قصر الحجيلان ويقيم بها حاكم القصيم وتحوي مباني وغرف أخرى ومسجد وبئر ماء وغيره.
الجامع الكبير ببريدة (جامع بني عليان)
الجامع الكبير (جامع بريدة): أقدم مسجد وأول جامع بني في بريدة، يطلق عليه سابقاً اسم (جامع بني عليان) نسبة لأسرة آل أبوعليان الذين أسسوا مدينة بريدة وأول من سكنها وعمرها ومن حكمها لثلاثة قرون، ولا يعرف تاريخ تأسيسه على وجه التحديد لكن يقول المؤرخ محمد بن ناصر العبودي: ((أول مسجد أسس في بريدة هو جامع بريدة الكبير الذي يتوسط البلدة القديمة، وهناك وثيقة والتي تعتبر من اقدم الوثائق عن مدينة بريدة وضعتها في كتاب معجم أسر عنيزة مكتوبة بخط يد الشيخ عبدالله بن احمد بن عضيب قاضي عنيزة بتاريخ 1060 هجري تقريباً يذكر بها جامع بني عليان في بريدة)).
يعد جامع بريدة (جامع بني عليان) القلب الرمزي لمدينة بريدة والذي كان يسمى سابقاً بجامع بريدة فقط لأنه الجامع الوحيد الذي يؤمه أهل بريدة جميعاً حتى عام 1366هـ، فلما تعددت الجوامع بعد هذا التاريخ أطلق عليه (الجامع الكبير) للتفريق بينه وبين الجوامع الأخرى، وورد ذكره في عام 1153 هجري لما زار مدينة بريدة الرحالة (المستر رويمر) قال إنه يمتاز بالبساطة مثل الجوامع النجدية الأخرى. استمر الجامع باستقبال المصلين في صلاة الجمعة والجماعة من الأهالي، إلى أن زاد عدد سكان بريدة بشكل كبير، ما استدعى إنشاء جامعي السكيتي والبطين على طرفي بريدة جنوباً وشمالاً في العام 1366هـ، وقد تمت إعادة بناء الجامع الكبير على نفقة خادم الحرمين الشريفين الملك فهد رحمه الله ويسمى باسمه اليوم (جامع خادم الحرمين الشريفين)، حيث شهد تغييرات وزيادات لم يشهدها في بنائه من قبل، رغم توسعته في عامي 1313هـ و 1359هـ على يد الشيخ القاضي عمر بن محمد سليم، وقد أورد ذلك العبيد في تاريخه، حيث قال ((إن بن عمر بعث للملك عبدالعزيز برغبته توسعة الجامع، فبعث إليه بخمسة عشر ألف ریال فرنسي تقدر بخمس وأربعين ألف ریال عربي)) فأصبح يسع خمسة آلاف من المصلين، وفي عام 1374هـ.
أضيء الجامع بالكهرباء من خلال ماطور خاص، وجعل فيه مكبر الصوت لسماع الأذان وخطبة الجمعة. وفي عام1377هـ، والتي عرفت عند العامة بسنة الهدام؛ لكثرة ما تهدم من البيوت والمساجد، بسبب تتابع الأمطار وتواصلها، تم الشروع في توسعة الجامع التي استمرت حتى العام 1414هـ، حيث شرع في هدمه وبنائه على الطراز الحديث على نفقة خادم الحرمين الشريفين، ولا يزال الجامع يعتبر من الشواهد العمرانية لمحافظة بريدة، حيث يتوسط سوقها القديم الذي لازال محافظاً على اجتذاب المتسوقين رغم احاطته بالمراكز التجارية الحديثة.
لم يكن المعمار وجماليته الاستثناء الوحيد الذي يتمتع به هذا الجامع بل الدور العلمي الرائد واللافت فمنذ تأسيسه وهو مصدر إشعاع علمي وفكري حيث عرف بحلقاته العلمية التي كان له أكبر الأثر في نشر الثقافة الإسلامية وإثراء الحركة العلمية في بريدة والتي كان يقودها المشائخ من آل سليم الذين كان لهم الأدوار العلمية والقضائية بالقصيم خلال نصف قرن من الزمان وإن لمجالس الفقهاء في هذا الجامع آثار وأخبار حيث تلتئم الحلقات وتغص بطلاب العلم لينهلوا من أنهار الشريعة ويستعطرون بعبق السنة وتطرح فيها القضايا الساخنة والدليل والاستشهاد والاستنباط مما جعل بريدة تعيش أجواء علمية مزدهرة، ودعونا نأخذ مقطعاً زمنياً لهذا التوهج العلمي بقلم من عاصر تلك الفترة المؤرخ إبراهيم العبيد، ولقد نقلت ذلك بتصرف يسير من وصفه لمجالس الشيخ عمر بن سليم فيقول (كان الشيخ عمر إذا صلى الغداة جلس يلقي دروس النحو والقواعد إلى طلوع الشمس وغالبا ما يدرس به الأجرومية وقطر الندى وملحة الإعراب وألفية ابن مالك ثم يذهب إلى بيته للاستراحة والوضوء ثم يرجع إلى المسجد ثم يشرع الطلاب في العلوم الدينية حديثاً وفقهاً وتوحيداً وأصولاً وفروعاً وآداباً ويحضر مجلسه من القراء والمستمعين ما يربو عدده ألف وقل ما شئت من الرغبة والحرص في الطلب وبعد صلاة الظهر يجلس للتدريس قدر ساعتين وكذلك بعد صلاة العصر وكان هذا التدريس يجعله لمتن الورقات في الفقه وأصول العقيدة بعد ذلك يأخذ التلاميذ في الدراسة عليه في بلوغ المرام في الحديث حفظاً وقد يدرس في هذا الوقت في مصطلح علوم الحديث وبعد صلاة المغرب في الفرائض فإذا أذن المغرب يقرأ عليه في التفسير والتاريخ) ثم يقول: (ورأينا من الإقبال والرغبة ما لا يخطر على الأوهام وشاهدنا من الانكباب على التدريس ما لا تبلغه عبارة فيا لذلك الوقت والزمان ما أحلاه وما أعظم الأنس وما أحسن ذلك الاجتماع) فكم نحن مدينون لهذا الجامع الذي خرج علماء أفذاذا سطعت أسماؤهم في سماء العلم والمعرفة ومنهم إمام الجامع الشيخ المقتفي لأثر السلف الصالح أبو محمد عبدالله بن إبراهيم القرعاوي فما إن تضع قدمك في أولى عتبات هذا الجامع ويطرق سمعك صوت الإمام وهو يرتل القرآن بقراءة مؤثرة تهز أوتار القلوب إلا وتتخيل أنك قد انتقلت إلى عالم الروحانية والزهد والنسك بما لا يخطر على البال أن يكون في هذا القرن من الزمان، ولقد تميز الشيخ القرعاوي بخطبه الرائعة التي يلقيها من أعواد منبر هذا الجامع فتجذب المخالف وتستميل المفرط وتقرب البعيد وتتألف القلوب وتجلي غشاوات الجهل وترسم طرق النجاة فيزول معها ظلام الشك وضباب الحيرة.
أسواق آل أبوعليان
اكتسبت مدينة بريدة بمنطقة القصيم منذ القدم وحتى وقتنا الحاضر أهمية تجارية كبرى بفضل تنوع منتوجاتها المحلية التي امتهنت في مجالات التجارة والزراعة والصناعة كالدباغة والخرازة والندافة والبناء والمشغولات التقليدية وبيع وشراء المواشي والتمر والبشوت والأسلحة وغيرها. وكان للدور الكبير والبارز الذي قام به مؤسسي مدينة بريدة من أسرة آل أبوعليان أبلغ الأثر في تنمية التجارة المحلية وازدهارها من خلال تأسيس العديد من الأسواق ومن أشهرها أسواق داحس وقبة رشيد التي كانتا النواة الأولى وبداية انطلاق العقيلات بالرحلات التي قاموا بها إلى بلدان الشام والعراق والسودان وغيرها من الدول، وجلبهم لمختلف أنواع البضائع من الملابس والأغذية المعيشية. وأسهم تجار الماشية من خلال ممارستهم لتجارة بيع وشراء أنواع الأنعام في أسواق الماشية في حين كانت الأسواق التجارية بالمنطقة على وجه العموم مكاناً خصباً لمزاولة الأنشطة التجارية وملتقى لتجار بريدة ومحافظات المنطقة ومناطق المملكة ولأفراد المجتمع لتبادل المنافع كما كان لها دور في ايجاد فرص العمل في تلك الحقبة.
يقول الأستاذ أحمد بن حسن المنصور في كتابه حاضرة منطقة القصيم وقاعدتها أنه من أشهر الأسواق وأقدمها في بريدة “أسواق العليان” نسبة لأسرة آل أبوعليان وجدهم عليَّان الذي يذكرونه في شعرهم وعرضتهم الحربية دائماً:
حنا ضنا ليلى سلايل عليَّان
عدونا من حنظل الشري نسقيه
وسوق العليان من أوائل الأسواق التي عرفت داخل أسوار بريدة القديمة تقع جنوب الجامع الكبير وقد أخذ جزء منها طريق الملك فيصل والباقي لازال مقاماً عليه أسواق الذهب والملابس والأقمشة، ولم يبق من الأسواق القديمة إلا ما دون في صفحات الكتب وحفظ في ذاكرة الرواة والشعراء.
وهناك أيضاً “سوق داحس” الذي بناه والد الشاعر الفارس الأمير محمد العلي العرفج آل أبوعليان ويعتبر أول سوق للبيع والشراء في بريدة من الأبل حتى البضائع الأخرى العادية وكان سوقاً قبل أن ينتقل إلى سوق الوسعة السوق الثاني لبريدة وقبل رحيلهم إلى السوق الثالث سوق الجردة عام 1340هـ، ويعتبر سوق داحس و سوق قبة رشيد هما النواة الأولى لمدينة بريدة ولم يطرأ عليهما أية تغيرات حتى الآن ما عدا تلك المظلة التي وضعت فوقه بعدما أصبح سوقاً للذهب ، وتدرجت فيه الأسواق على مر العصور التي مضت من سوق للأبل إلى مقصب إلى سوقٍ للبضائع النسائية إلى سوقٍ خالصٍ للذهب.
وهناك أيضاً سوق قبة رشيد يعتبر واحد من أقدم الأسواق الشعبية في مدينة بريدة وينسب السوق لمنشأه الأمير رشيد بن حجيلان أحد أمراء آل أبوعليان عام 1206 هـ والذي بناه حينما أقام قصراً جديدًا وربطه بقصره القديم بقبة على ممر تجاري في السوق فكان يستظل تحته عن الشمس والأمطار وأصبح مع مرور الزمن واحد من معالم مدينة بريدة التجارية. ويعتبر سوق قبة رشيد واحد من أقدم وأهم الأسواق في منطقة نجد لتسويق البضائع حيث كان فيه أكثر من 100 حانوت لبيع التمر والسمن والإقط والجراد والملابس والأحذية الجلدية المصنوعة محليًا وكذلك كان يحوي محلات لبيع اللحوموالبرسيم وكان قبة رشيد ملتقى للرسائل التي يرسلها أبناء المدينة لأهاليهم حيث كانت تصل إلى بعض الدكاكين ومن ثم توصل إلى المرسل إليه.
إلى جانب أسواق العليان هناك “أسواق الجردة”، وتقع قرب الجامع الكبير (جامع بني عليان) الذي سمي فيما بعد بالجامع الكبير، ويعتبر “ميدان الجردة” الذي يقع شرق جامع بني عليان من أكثر الميادين شهرة في بلدان نجد القديمة حيث كان السوق الأكبر في الجزيرة العربية لبيع وشراء الإبل بل يؤكد يعض المؤرخين أنه أكبر سوق للإبل في العالم وفق وصف المستشرق (داوتي) في عام 1225هـ وما ذكره أيضاً الرحالة مستر توتشل حينما قال إن بريدة أعظم سوق للإبل في العالم، وهو أقدم وأهم الأسواق في منطقة نجد، كان يجتمع فيه أبناء المنطقة وما حولها من أجل شراء وبيع المنتجات اليدوية والبضائع والماشيه لاحتواءه على جميع أنواع البضائع التجارية.
شارع الصناعة التاريخي
شارع الصناعة التاريخي ببريدة واحد من أهم الشوارع وشريان من شرايين مدينة بريدة قديماً والذي أنشأه الأمير حجيلان بن حمد آل أبوعليان في القرن الثاني عشر حتى ينمي البلدة ويطور من إقتصادها. ويقع الشارع قديماً في داخل سور الدريبي الأول والثاني بجوار قصر حجيلان وتسمى (ساحة القصر)، حيث كانت بريدة في ذلك الوقت تتكأ على ثلاث أثافي رئيسية: شارع الصناعة، و سوق داحس الذي الذي بناه والد الشاعر الفارس الأمير محمد العلي العرفج آل أبوعليان، و سوق قبة رشيدوالذي أنشأه الأمير رشيد بن حجيلان آل أبوعليان وكانت هذه الثلاث مرتكزات هي المغذيات الإقتصادية الأساسية لمدينة بريدة آنذاك.
بدأ في هذا الشارع صناعة الأدوات البسيطة والمعدات ولوازم النجارة الخفيفة والمعدات الزراعية البدائية وصناعة الأواني المنزلية وأواني الطبخ ودلال القهوة العربية وادوات تحميص القهوة وقرب الماء ولوازم البادية والمزارعين واعمال النجارة وبقية الحرف المتعددة، حيث تخرج من هذا الشارع العشرات من الصناعيين وكبار رجال الأعمال والتجار الذين كانت بدياتهم من هذا الشارع التجاري.ومع تطور نهضة الحركة الصناعية بشكل عام في بريدة وتطور النشاط الفعلي للصناعة تطور هذا الشارع وصار يعج بالحركة والازدحام اليومي ومواد البناء ولوازم النجارة وادوات الزينة ومحلات المفروشات وبيع الستائر ولم يقتصر على هذه المحلات بل ان المكاتب الهندسية والخدمات العامة والعقارية والمقاولات كان لها نصيب أيضاً، ومع مرور الوقت شهد ظهور محلات متخصصة بالأجهزة التقنية الحديثة المتعددة حيث شهد مراحل التطور التاريخي لهذا الشارع وحدثت نقلة كبرى حيث صار شارع الصناعة تباع به الوسائل التقنية الحديثة وأجهزة المنازل التي غيرت وجهه ليصبح فيه أكبر الاسواق والمراكز التجارية الحديثة وأصبح يعج بالحركة والازدحام من المرتادين لما فيه من احتياجات الزبائن في اليوم الحالي.
يقول ابن بشر: ((كان حجيلان من أشد الناس حميّة لأهل بلدانه مع محبته لأهل هذا الدين و شدة نصرته له و لأهله))، كانت له سياسة حكيمة في توطين القادمين في البلاد فكان إذا ذُكِر له أن أجنبياً قدم إلى البلاد استدعاه و سأله : لماذا قدمت إلى بلادنا ؟ فإن قال قدمت للشغل، قال حجيلان : يا ابني شغل بلدنا لأهل بلدنا ثم قام بضيافته ثلاثة ايام و أعطاه زادا يعينه على الوصول إلى أي بلدة يختارها و أبعده عن البلد. و إن قال : إنما جئت لأسكن في البلاد و اكون من جماعتكم، قال له أهلا و سهلا ثم أعطاه قطعة من الأرض الصالحة للزراعة بدون مقابل، و يقول له : لك مهلة كذا و كذا من الوقت، إن أصلحتها فهي لك و إلا استرجعناها منك.
كان الأمير حجيلان بن حمد يهدف إلى تنشيط التجارة من جهة والقضاء على البطالة من جهة أخرى وانعاش اقتصاد مدينته بصورة أكبر فقدم الأمير كما يتحدث الرواة المال ومنح الأرض والدكاكين وأعطى الراحلة وأدوات الصناعة والتجارة وغيرها من متطلبات المهن وتبعاً لهذا الإجراء شهد اقتصاد بريدة وتجارتها حركة غير عادية في ذلك الوقت وانصرف الكثيرون إلى عمليات الاتجار والزراعة وتنامت المهن والحرف اليدوية فيها، وإستجابة لهذا البرنامج الإصلاحي الطموح إنفتح باب الهجرة إلى بريدة على مصراعيه، جاء إلى بريدة المهاجرون من داخل الجزيرة العربية وخارجها من البناءون والحرفيون ( الصناع والنجارون والدباغون والجزارون ).
أصبحت بريدة مقصداً وميداناً حراً للتجارة والزراعة والصناعة بأنواعها وأنماطها المختلفة فسجلت الأسواق فيها حضوراً لافتاً تحدث عنه المهتمون كثيراً إلى درجة أن الرواة يذكرون أنه في عهد إمارة حجيلان بن حمد التي استمرت قرابة الأربعين عاماً تم توسيع سور بريدة (العقدة) أو الحامية ثلاث مرات نظراً لتوسع حجم المدينة وزيادة عدد السكان فيها وازدهار الحياة بأوجهها المختلفة هذه السياسة المنبثقة من عقلية ورؤية فذة قبل ما يقارب العقدين ونصف من الزمن تحكي فعلاً جدارة الأمير حجيلان بن حمد في رسم صورة المستقبل وقدرته على الاضطلاع بمسؤولياته و استشعار دوره، فنظرية حجيلان بن حمد الاقتصادية تستحق التدريس في زمننا هذا وهي جديرة بالاهتمام والتقدير.
شخصيات بارزة
لولوة العرفجية
هي لولوة بنت عبدالرحمن العرفج آل أبوعليان العنقري التميمي زوجة الفارس الأمير حجيلان بن حمد ال ابوعليان العنقري التميمي وتكنى بالعرفجية
لما هدم إبراهيم باشا الدرعية حمل معه بعض آل سعود وآل شيخ كرهائن ولما وصل القصيم أخذ أمير القصيم حجيلان بن حمد وتعذر حجيلان بأنه مسن ، ورفض إبراهيم باشا إلا أن يذهب معه ، وقال: سأجعل ابنك عبدالله ( الوحيد ) هو الأمير على القصيم ، قال : أخشى عليه من بني عمومتي الذي بيننا وبينهم ثارات ، فقال إبراهيم باشا: أجمعهم ويبايعونه على المصحف أن لايخونوا ، فجمعهم وبايعوا فلما وصل إبراهيم باشا المدينة رأى حجيلان في المنام رؤياً، وهي أن فلاناً وفلاناً من آل أبو عليان ، منهم سليمان بن رشيد ، شقوا صدره وأخذوا قلبه ، ففزع حجيلان وأولها بأنهم قتلوا ابنه وقصها على إبراهيم باشا فقال : إن فعلوها تأكلهم النار ؛ لأنهم بايعوا على المصحف وخانوا ، وأما أولئك فإنهم لما أيقنوا إن الباشا أبعد فإنهم جاءوا بالليل إلى حارس القصر واسمه عباد (وكان حجيلان وجده وهو صغير مرمي لايعرف أباه فرباه حتى كُبر) فأعطوا عباد قليلاً من المال وطلبوا منه أن يفتح لهم القصر ، ففتح لهم فدخلوا وكان عبدالله بن حجيلان نائماً مع زوجته في السطح لأنهم في الصيف ، فطلعوا إليه ولم يميزوا بينه وبين إمرأته ؛ لأنه صغير ولم ينبت الشعر في وجهه، وجميل وله جدايل ، فتلمسوا ذكره فلما تأكدوا منه قتلوه ، وصار الأمير سليمان بن رشيد بن حجيلان ، فلما علمت لولوه العرفج حزنت حزناً شديداً ، وقالت:
ياحيف عبدالله طريحٍ لعباد
ولد الزنا ليتنا ماغذيناه
وقالت تهجو سليمان الرشيد :
الديرة اللي شاخ فيها طويلان
تنعاف لو ذاري نفوده زمرد
إن ماخذينا القضا من سليمان
لابدكم من سطوته يالمقرد
وكان سليمان طويل القامة .
ثم جاءت لولوه لعباد وقالت له: كيف تفتح الباب لإعداء عمك ويقتلوا ابنه وعمك الذي رباك وفعل بك وفعل ، فتعذر منها وقال: ماتريدينه أنا مستعدٌ به فقالت: أريدك تفتح لي الباب في الليل ، قال أنا مستعد ، فلما انتصف الليل جاءت ومعهاخدمها ففتح عباد لهم الباب ، فأول مابدأت به قتلت عباد ثم ذهبت إلى غرفةٍ في القصر مخزن للسلاح وملح البارود وأشعلت فيها النار وكان الأمير سليمان نائم في السطح فانفجر البارود ومات من مات ومن سلم هرب يريد الباب وكانت واقفة هي وخدمها فمن مر قتلوه والجرحى أجهزت عليهم ، وهكذا أدركت ثأر ابنها ، وبعد حوالي عشرين سنة أشاد بفعلها أمير الجبل عبدالله العلي بن رشيد بقوله :
عيسى يقول الحرب للمال نفاد
انشد مسوي السيف هو ليش حانيه
ليا عاد ماناصل ونضرب بالحداد
هبيِّت ياسيفٍ طوى الهم راعيه
ليا عاد مانرويه من دم الاضداد
فكزوه يم العرفجيه ترويه !!
وهكذا سجلت العرفجية موقفاً بطولياً خلد التاريخ ذكرها ، وما هي إلا إنموذجاً فريداً لتلك النسوة.
جدل
اذا كان جل وقت آل أبو عليَّان التنازع:
١- كيف نجحوا في تشميخ بريدة وجعلها عاصمة الواحات في الجزيرة العربية والمدينة الرئيسية في نجد في التجارة والعمران وعدد السكان؟
٢- كيف استطاعوا ان يسبقوا جميع المدن والأقاليم المجاورة لبريدة والسابقة لها في التأسيس لقرون في زمن قصير؟
٣- كيف نجحوا في إعادة إحياء القصيم بعدما كان خارج التاريخ والجغرافيا وموارد مياه للبوادي لقرون؟ ثم كيف نجحوا في استقطاب المهاجرين إليهم وزيادة عمرانه؟
٤- كيف استطاعوا ان يتسيدوا على القصيم وان يكونوا لاعباً رئيسياً في التاريخ والأحداث السياسية في الدولة السعودية الأولى والثانية؟
للأسف عندما يذكر تاريخ أسرة آل أبوعليان فإن بعض المؤرخين يذكر جانب واحد هامشي من تاريخهم وهو التنازع السياسي فقط ويغفل العين عن مآثرهم ويتجاهل محاسنهم ودورهم التاريخي البارز في نهضة منطقة القصيم كافة، وهذا الصنيع بميزان العدل لايجوز فيجب أن تذكر محاسنهم أيضاً، واخطائهم تغرق كما قيل في بحر حسناتهم.
تنازع آل أبوعليان لم يكن في كل الأحوال على إمارة القصيم ولكن بسبب الظروف السياسية المضطربة في نجد في ذلك الوقت تقريباً حيث كان الإختلاف كبير والإنشقاق واسعاً في الجزيرة العربية حيث كان أهل نجد قبل دعوة الشيخ المجدد على حالة يرثى لها ثم انقسم اهل نجد وحكامها بين مؤيد للدعوة الإصلاحية والإمام محمد بن سعود وبين مؤيد للأتراك واتباعهم، وقصة ذبحة المطاوعة مشهورة ومعروفة عند أهل القصيم وهي مثال حي على واقع الحال السياسي في القصيم خاصة ونجد كافة.
لم يكن التنازع بين الأمير راشد الدريبي والأمير عبدالله بن حسن على بسبب الإمارة، ولكن بسبب انقسامهم بين مؤيد ومعارض لبيعة الدولة السعودية الجديدة ودعوة الإمام محمد بن عبدالوهاب. فكان أمير القصيم عند قيام الدولة السعودية الأولى هو راشد بن حمود الدريبي وكان معارضاً لها حتى أنه قاوم جيش الدرعية ولكن الأمير عبدالله بن حسن من الذين أيد وبشدة بيعة الدرعية ونصرة الدعوة السلفية وكذلك الأمير حجيلان بن حمد سيف الدولة السعودية الأولى حاكم القصيم لأربعين سنة. وسبب التنازع الثاني هو عندما علم وتحقق حجيلان بن حمد بنية خيانة ابن عمه سليمان الحجيلاني في فتح البوابات لسعدون بن عرير فقتله ثم أخذ الثأر رشيد بن سليمان الحجيلاني فقتلوا عبدالله بن حجيلان. من هذه القصتين نعلم انه لم يكن التنازع على الإمارة هو السبب الرئيسي ولكن الاضطرابات والحروب والثارات والانقسامات التي كانت تشهدها الجزيرة العربية في ذلك الزمان وأثرها على الاختلاف بين أسرة آل أبوعليان. فتقاتل أهل القرى في نجد بذلك الوقت أيضاً كان معلوماً ومدوناً في كتب التاريخ كثرمدا وأثيثة والمجمعة وحرمة والرياض ومنفوحة وغيرهم فيما بينهم البين ومع جيرانهم. وكما أن التنازع والاقتتال على السلطة بين المسلمين وقبل الإسلام وغير المسلمين منذ القدم والمتتبع للتاريخ الإسلامي والحروب العالمية والممالك وكيفية قيام الدول وكيفية سقوطها منذ فجر التاريخ في ذرية آدم يرى التنازع والاقتتال والتدافع على الإمارة والحكم سبباً ظاهراً معلوماً وموجود دائماً في كل الأسر الحاكمة. وسأضرب بعض الأمثلة فقط لذلك الزمن:
١- تنازع ال علي وال رشيد من شمر معلوم وقيام بندر بن طلال الرشيد بقتل عمه متعب بن رشيد من أجل حكم حائل، ثم قتل محمد بن عبدالله الرشيد بندر بن طلال الرشيد ولم يكتفي بذلك بل قتل جميع أبناء طلال العبدالله الرشيد، وخطط سلطان الحمود العبيد الرشيد لاغتيال حاكم حائل متعب العبدالعزيز وإخوته الثلاثة، وتم ذلك في ديسمبر 1906. ثم تولى الأمير عبد الله المتعب العبدالعزيز الرشيد الحكم في مارس 1920 بعد اغتيال الأمير سعود العبدالعزيز الرشيد.
٢- تقاتل وتنازع أهل عنيزة فيما بينهم على الإمارة وأغلب أمراؤها إما مقتول أو معزول أو مخرج منها أو متنازل عن الحكم : فوزان بن حميدان بن حسن بن معمر السبيعي قتله آل جناح من بني خالد بقيادة دويس بن صعب، دويس بن صعب بن شايع الخالدي أخرجه حميدان بن معمر، وحميدان بن فوزان بن حميدان بن حسن بن معمرالسبيعي أخرجه المشاعيب بزعامة حسن بن مشعاب، وحسن بن مشعاب السبيعي قتله آل جناح الذين أخرجهم رشيد بن محمد السبيعي، ورشيد بن محمد السبيعي قتله سعود بن شعاب السبيعي، وسعود بن مشعاب السبيعي قتله دخيل وعبدالله أبناء رشيد بن محمد السبيعي، وعبد الله بن رشيد بن محمد السبيعي قتل في عنيزة بوشاية من عبد الله الجمعي، وعبد الله بن حمد بن جمعي السبيعي قتله يحيى بن سليمان الزامل، وحمد بن عبد الله بن يحيى بن صالح السبيعي قتله السليم سنة السطوة
٣- تنازع حكام الأحساء بنوخالد مشهور أيضاً، فآل حميد تقاتلوا على الإمارة بعد موت سعدون؛ إذ تنازع دجين بن سعدون، وأعمامه: علي، وسليمان وغرير، وأولاد محمد بن غرير، واستولى على الأمر علي ومن بعده أخوه سليمان. ثم إن المهاشير من بني خالد غدورا بسليمان بن محمد بن غرير وأخرجوه. فقدم الخرج ومات فيها سنة ست وستين ومائة وألف. ثم استولى غرير (عريعر) على السلطة، وهو ابن دجين بن سعدون بن محمد بن غرير وذلك بعد أن قتل عم أبيه غرير بن محمد.
٤- التنازع بين الأشراف في الحجاز من القرن السادس هجري كذلك حيث قتل حسن بن قتادة والده قتادة في شهر جمادى الآخرة، من سنة 617 هـ بمكة، وكان عمره حين مقتله نحو 90 سنة. وقتل عبيد الشريف يحيى بن سرور الشريف شنبر طعناً بالخناجر في داخل الحرم والتي كانت السبب في نهاية عهد الشريف يحيى بن سرور كأمير مكة.
٥- التقاتل بين القبائل في البادية كثير ومعلوم في كل أجزاء الجزيرة العربية في ذلك الوقت والسبب الرئيسي الذي أدى إلى سقوط الدولة السعودية الثانية هو التنازع والتقاتل داخل الأسرة على الحكم. وغيرهم من الإمارات والممالك في داخل الجزيرة العربية وخارجها.
استغرب حقيقةً لماذا لم ينكر الرحالة العبودي مثلاً ويعمل عقله في نفي الروايات التي تتحدث عن الاقتتال التي حصلت في الجامع بين أمراء آل أبوعليان والتي ذكرها ابن بشر وابن عيسى وتقبلها على أنها حقائق ثابتة ولكنه في نفس الوقت انكر الروايات المستفيضة بخصوص تأسيس أسرة آل أبوعليان لمدينة بريدة.
يتفرع اليوم من أسرة آل أبوعليان عشرات الأسر ولاتكاد تسمع بأي قصة قتل فيما بينهم أبداً في عهد الدولة السعودية الثالثة ولكن ظروف العصر في ذلك الوقت وكثرة الإضطرابات والفتن والشقاق والنزاع السياسي والجهل الذي كان يعم المنطقة كان سبباً في التقاتل والتناحر في غالبية أجزاء الجزيرة العربية كما ضربنا الأمثلة السابقة وليس بين حكام آل أبوعليان فقط.
المراجع
1- "تحميل وقراءة كتاب تاريخ بعض الحوادث الواقعة في نجد تأليف إبراهيم بن صالح بن عيسى pdf مجانا". كتب pdf. اطلع عليه بتاريخ 20 يناير 2019.
2- "تحميل وقراءة كتاب العقود الدرية في تاريخ البلاد النجدية - السوابق تأليف مقبل بن عبد العزيز الذكير النجدي pdf مجانا". كتب pdf. اطلع عليه بتاريخ 20 يناير 2019.
3- "مصورات عبد الرحمن النجدي - الكتب - تاريخ نشأة مدن وقرى نجد ومعاني أسمائها - منصور الشعيبي PDF". www.moswarat.com. اطلع عليه بتاريخ 20 يناير 2019.
4- "عقد الدرر فيما وقع في نجد من الحوادث في آخر القرن الثالث عشر وأول الرابع عشر". www.goodreads.com. اطلع عليه بتاريخ 13 يناير 2019.
5- "مقتطفات من تاريخ بني تميم". www.goodreads.com. اطلع عليه بتاريخ 14 يناير 2019.
6- "تحميل كتاب مسافات في ذاكرة رجل من بريدة ل موسى النقيدان | مكتبة ال كتب pdf". كتب pdf. اطلع عليه بتاريخ 21 يناير 2019.
7- "بُريدة". www.al-jazirah.com. اطلع عليه بتاريخ 20 يناير 2019.
8- "تاريخ ابن يوسف - المكتبة الوقفية للكتب المصورة PDF". waqfeya.com. اطلع عليه بتاريخ 21 يناير 2019.
9- "سوابق عنوان المجد في تاريخ نجد | مصادر ابن بشر". books.rafed.net. اطلع عليه بتاريخ 14 يناير 2019.
10- "الشعر وثيقة تاريخية اجتماعية عن أهل نجد". جريدة الرياض. اطلع عليه بتاريخ 21 يناير 2019.
11- 📖 كتاب معجم أسر بريدة pdf 📖.
12- جمهرة أنساب الأسر المتحضرة في نجد.
13- 📖 كتاب تاريخ ابن لعبون 📖.
14- الناصر، آل وهيب، حمد (1994). معجم أسر بني تميم في الحديث والقديم. توزيع مكتبة الحرمين،.
15- "تحفة المشتاق في أخبار نجد والحجاز والعراق". www.goodreads.com. اطلع عليه بتاريخ 15 يناير 2019.
16- "تحميل كتاب قلب جزيرة العرب - كتب PDF". مجلة الكتب العربية - كتب و روايات. اطلع عليه بتاريخ 21 يناير 2019.
17- الوهيبي، عبداللطيف بن صالح بن محمد (2016-11-22). العقيلات: مآثر الأباء والأجداد على ظهور الإبل والجياد: الجزء الأول. العبيكان للنشر. ISBN 9786030180431.
18- "من أعلام آل أبو عليان المتقدمين". www.abjjad.com. اطلع عليه بتاريخ 20 يناير 2019.
19- "خزانة التواريخ النجدية الجزء الأول". www.goodreads.com. اطلع عليه بتاريخ 12 يناير 2019.
20- ابن غنام (1949). ابن غنام - تاريخ نجد (الطبعة الأولى 1368ه-1949م).
21- "18 أميراً تعاقبوا على إمارة القصيم منذ تأسيس المملكة". www.al-jazirah.com. اطلع عليه بتاريخ 13 يناير 2019.
22- حسين خلف الشيخ خزعل. حياة الشيخ محمد بن عبد الوهاب.
23- "بريدة مدينة الحضارة والتاريخ". www.al-jazirah.com. اطلع عليه بتاريخ 27 يناير 2019.
24- "الدليل إلى معرفة أنساب الأسر التميمية في المملكة العربية السعودية". www.abjjad.com. اطلع عليه بتاريخ 12 يناير 2019.
25- إبراهيم، العمرو، عمرو بن (2010). "بريدة في عهد إمارة حجيلان بن حمد آل أبو عليان: (1194 - 1234هـ / 1780 - 1818م)". thesis.mandumah.com. اطلع عليه بتاريخ 12 يناير 2019.
26- "بريدة: من خلال كتاب يتحدث عنها «داخل الأسوار وخارجها»". www.al-jazirah.com. اطلع عليه بتاريخ 13 يناير 2019.
27- "بريدة داخل الأسوار وخارجها". www.al-jazirah.com. اطلع عليه بتاريخ 13 يناير 2019.
28- حسن، منصور، أحمد بن (2005). بريدة: داخل الأسوار وخارجها. توزيع مؤسسة الجريسي للتوزيع والإعلان.