محضر الجلسة الثامنة عشر بين عدلي باشا ومستر لندسي بوزارة الخارجية
محضر الجلسة الثامنة عشر بين عدلي باشا ومستر لندسي بوزارة الخارجية، في 12 أكتوبر 1921، مفاوضات سنة 1921 - 1922 (عدلي-كرزون)، بين عدلي يكن باشا ومستر لندسي بوزارة الخارجية. منشور من "وزارة الخارجية المصرية، القضية المصرية 1882 - 1954، المطبعة الأميرية بالقاهرة 1955، ص 177 - 179"
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
المنشور
اجتمع صباح هذا اليوم عدلي باشا والمستر لندسي في وزارة الخارجية ودار بينهما الحديث الآتي:
عدلي باشا - إن اللورد كيرزن قرأ لي المذكرات التي رفعتها إليه عن أحاديثنا السابقة، وقد لاحظت فيها بعض الاختلاف عن النصوص التي عرضتموها أولا. على أن شيئا منها لم يتم عليه الاتفاق. وحبذا لو أمكنني الاطلاع على صورة من هذه المذكرات قبل استئناف المناقشة.
المستر لندسي - سأستأذن اللورد في ذلك.
( وقد جرّ سياق الحديث إلى التعرض للمسائل التي كانت موضوع تلك المذكرات ).
عدلي باشا - إني أجد صعوبة كبرى في أن يدخل شيء عن القناة في نصوص المعاهدة مهما تكن الصيغة التي تتخذ في ذلك، وهذا نظرا لتاريخ مسألة مد الامتياز في مصر، ثم إني أتساءل عن وجه التشيع للمد كطريقة لصيانة القناة مع إمكان وجود غيرها. أما المستشار المالي فقد لاحظت أن الصيغة التي قرأها على اللورد كيرزن تشير إلى أن لمندوب الدين أن يبدي آراءه، وأن يطلب ما يشاء من المعلومات عن المسائل المالية في حين أن البلاد كانت تعارض في جواز الاستشارة وهي أهون من الأمرين مجتمعتين، بل ومن أيهما. وأما تأمين الأجانب فإني لا أرى معنى لاشتراط استبقاء مستشارين سلطانيين مع أن اللوائح التي يراد إشراكهم في تحضيرها ستعرض حتما بحكم بقاء الامتيازات على جمعية المحكمة المختلطة أو على الدول لتكون سارية على الأجانب، وفي هذا العرض ما يغني عن ذلك الاشتراك. ثم إننا تذاكرنا في الحكمدارين وفي المكتب على سبيل الخبرة أي أن يؤخذ أحدهما دون الآخر لا على أن يؤخذا مجتمعين.
( وبهذه المناسبة تناول عدلي باشا الكلام عن الامتيازات وإلغائها وسأل المستر لندسي عن رأيه بشأن ذكر ذلك في المعاهدة ).
المستر لندسي - نحن متفقون على تأجيل هذا الموضوع ولكن يصح أن ينص في المعاهدة على أن الطرفين المتعاقدين يرغبان في الوصول إلى حل بشأن إلغاء الامتيازات.
عدلي باشا - ( اعترض على ما يجري من عقد معاهدات بين إنجلترا وبين بعض الدول صاحبة الامتيازات تعترف فيها هذه الدول بالحماية الإنجليزية على مصر مع قيام المفاوضات الحالية بشأن إلغائها، وتتعهد إنجلترا لهذه الدول بضمانات مخصوصة تحل محل الامتيازات قد لا تكون هي التي يستقر عليها الرأي حينما تعالج مصر هذا الموضوع).
المستر لندسى - إن هذه المعاهدات ترجع إلى مخابرات قديمة قد انتهت. ولا بد الآن من تغيير هذه المعاهدات بغيرها.
(ثم انتقل الكلام إلى أسلاك التلغراف البحرية والتلغراف اللاسلكي).
عدلي باشا - لم يسبق لنا أن تناقشنا في هذا الموضوع، وأرى أن النصوص المقترحة تقيد الحكومة تقييدا شديدا وتلحق بسيادتها نقصا كبيرا. ولا أرى وجها أو مصلحة للتعرض لحرية الحكومة المصرية في إعطاء ما ترى إعطاءه من الامتيازات بمدّ مثل تلك الأسلاك، أو بإقامة محطات للتلغراف اللاسلكي في زمن السلم لأن ذلك عمل تجاري محض. أما زمن الحرب فإن ما تحتفظ به مصر من حقوق الرقابة على طرق المواصلات في تلك الحالة كفيل بنفي كل المخاوف لأن انجلترا بصفتها حليفة مصر ستكون شريكتها في استعمال تلك الرقابة.
المستر لندسى - أخشى أن تستعمل هذه المواصلات لترويج دعوات خطرة كدعوة البلشفية.
عدلي باشا - ليست هذه المواصلات هي الطريقة الوحيدة لترويج الدعوات، وليس الاحتياط فيها بكاف وحده لمنع انتشار دعوة خطرة، وإنما الوقاية الحقيقية من أمثال هذه الدعوات مصلحة مصر في إحباط مسعى كل من يمشى بين الناس بمثل هذه الدعوة. وفي ذلك يجب أن يُطمأن إلى تقدير مصر لمصلحتها وحسن نظرها في شؤونها.
المستر لندسى - قد يكون هذا صحيحا بالنسبة لحكومتكم الحاضرة، ولكن كيف يؤمن ألا تجيء حكومة بعدكم يكون لها منزع ووجهة غير منزعكم ووجهتكم.
عدلي باشا - إن مثل هذا الاحتياط غلو ومبالغة. وإذا كان يراد الاعتراف باستقلال مصر وتوليها شؤونها بنفسها فيجب أن ينطوي في ذلك شيء من الثقة بها والركون إلى حسن نظرها؛ وإلا أصبح الاستقلال كلمة لا معنى لها. وإذا كنتم ترون أن مرمى المفاوضة هو النظر في ضمانات تحل محل النفوذ الحالي لانجلترا في الإدارة المصرية فليس كذلك يرى المصريون. وكل ما يمكن أن يفهم أو أن يسلم به في هذا الباب هو أن يكون لانجلترا في المنطقة التي تخصص لقوتها العسكرية أن تنشيء ما تراه ضروريا لهذه المنطقة من المواصلات التلغرافية مع الخارج.
(ثم انتقلا إلى الكلام في تعويض الموظفين، فاقترح المستر لندسى بمناسبة وجود المستر برسيفال في لندن أن يكون حديث صدقي باشا معه في ذلك الموضوع بحضور المستر برسيفال. ثم تم الاتفاق على أن يقصد صدقي باشا وشفيق باشا إلى وزارة الخارجية في الغد للكلام مع المستر لندسى فيه. وقد حصلت المقابلة فعلا وبعد حديث طويل في ذلك الموضوع وعد صدقي باشا بتقديم مذكرة، وقد قدمت بتاريخ 18 أكتوبر).
المصادر