ابن خلدون
ابن خلدون | |
---|---|
شخصية | |
ولد | عبد الرحمن بن محمد بن محمد، ابن خلدون أبو زيد، ولي الدين الحضرمي الإشبيلي 27 مايو 1332 |
توفي | 17 March 1406 | (عن عمر 73)
الديانة | الإسلام |
الطائفة | سني[1] |
المذهب | مالكي[2] |
العقيدة | أشعري[3][4] |
أبرز الاهتمامات | |
أبرز الأفكار |
|
مناصب رفيعة | |
أبو زيد عبد الرحمن بن محمد بن خلدون الحضرمي ( /ˈɪbən xælˈduːn/؛ 27 مايو 1332 - 17 مارس 1406، 732-808 هـ) كان عربي شمال افريقي تونسي المولد أندلسي الأصل،[10] يُعرف بأنه عالم الاجتماع وفيلسوف ومؤرخ [11][12] معروف على نطاق واسع بأنه أحد أعظم علماء الاجتماع في العصور الوسطى،[13] ويعتبره الكثيرون والد علم التأريخ وعلم الاجتماع والاقتصاد والديموغرافيا.[14][15][note 1][16][note 2]
عاش بعد تخرجه من جامعة الزيتونة في مختلف مدن شمال أفريقيا، حيث رحل إلى بسكرة و غرناطة وبجاية وتلمسان، كما تَوَجَّهَ إلى مصر، حيث أكرمه سلطانها الظاهر برقوق ، ووَلِيَ فيها قضاء المالكية، وظلَّ بها ما يناهز ربع قرن (784-808هـ)، حيث تُوُفِّيَ عام 1406 عن عمر بلغ ستة وسبعين عامًا و دُفِنَ قرب باب النصر بشمال القاهرة تاركا تراثا ما زال تأثيره ممتدا حتى اليوم[17] [18] ويعتبر ابن خلدون مؤسس علم الاجتماع الحديث واب للتاريخ والاقتصاد[19].
كتابه الأكثر شهرة، "مقدمة ابن خلدون"، والذي كتبه في ستة أشهر كما ذكر في سيرته الذاتية ،[20] أثر علي المؤرخون العثمانيون في القرنين السابع عشر والتاسع عشر مثل حاجي خليفة ومصطفى نعيمة وأحمد جودت باشا، الذين استخدموا نظرياته لتحليل نمو وانحطاط الدولة العثمانية.[21] تفاعل ابن خلدون مع تيمورلنك، مؤسس الإمبراطورية التيمورية.
في الآونة الأخيرة، تمت مقارنة أعمال ابن خلدون بأعمال الفلاسفة الأوروبيين المؤثرين مثل نيكولو مكياڤلي، وجامباتيستا ڤيكو، وديڤد هيوم، وگيورگ ڤيلهلم فريدريش هيگل وكارل ماركس وأوگست كومت بالإضافة إلى الاقتصاديين ديڤيد ريكاردو وآدم سميث، مما يشير إلى أن أفكارهم وجدت سابقة (على الرغم من عدم التأثير المباشر) في بلده. كما كان له تأثير على بعض المفكرين الإسلاميين المعاصرين (على سبيل المثال أولئك الذين ينتمون إلى المدرسة التقليدية)، وكذلك على ريغانوميكس.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
حياته
ولد ابن خلدون في تونس عام 1332 (732 للهجرة) بالدار الكائنة بنهج تربة الباي رقم 34. أسرة ابن خلدون أسرة علم وأدب، فقد حفظ القرآن الكريم في طفولته، وكان أبوه هو معلمه الأول[22]، شغل أجداده في الأندلس وتونس مناصب سياسية ودينية مهمة وكانوا أهل جاه ونفوذ، نزح أهله من الأندلس في منتصف القرن السابع الهجري، وتوجهوا إلى تونس، وكان قدوم عائلته إلى تونس خلال حكم دولة الحفصيين. يتعقب ابن خلدون أصوله إلى حضرموت وذكر في موسوعته كتاب العبر المعروفة باسم " تاريخ بن خلدون " أنه من سلالة الصحابي وائل بن حجر ولم يدعي أنه يعرف كل أجداده إلى الصحابي.[23]
رحل ابن خلدون بعلمه إلى مدينة بسكرة حيث تزوج هناك بإحدى بناتها، ثم توجه عام 1356 إلى فاس أين ضمه أبو عنان المريني إلى مجلسه العلمي و أستعمله ليتولى الكتابة مؤرخا لعهده و ما به من أحداث، و قدر لإبن خلدون رحيل آخر عام 1363 ميلادي إلى غرناطة و من ثم إلى إشبيلية ليعود بعد ذلك لبلاد المغرب، فوصل إلى قلعة ابن سلامة (مدينة تيارت الجزائرية حاليا) فأقام بها أربعة أعوام و شرع في تأليف كتاب العبر و أكمل كتابته بتونس ثم رفع نسخة من كتابه لسلطان تونس، ملحقا إيّاها بطلب الرحيل إلى أرض الحجاز لأداء فريضة الحج و وجد ابن خلدون سفينة تستعد للعودة إلى الإسكندرية فركبها و توجه إلى القاهرة أين قضى بقية حياته[24][25] ، و تولى هناك القضاء المالكي بمصر بوصفه فقيها متميزا خاصة أنه سليل المدرسة الزيتونية العريقة وكان في طفولته قد درس بمسجد القبة الموجود قرب منزله سالف الذكر المسمى "سيد القبة". توفي ابن خلدون في القاهرة سنة 1406 م (808 هـ). ومن بين أساتذته الفقية الزيتوني الإمام ابن عرفة حيث درس بجامع الزيتونة المعمور ومنارة العلوم بالعالم الإسلامي آنذاك.
يعتبر ابن خلدون أحد العلماء الذين تفخر بهم الحضارة الإسلامية، فهو مؤسس علم الاجتماع وأول من وضعه على أسسه الحديثة، وقد توصل إلى نظريات باهرة في هذا العلم حول قوانين العمران ونظرية العصبية، وبناء الدولة وأطوار عمارها وسقوطها. وقد سبقت آراؤه ونظرياته ما توصل إليه لاحقا بعدة قرون عدد من مشاهير العلماء كالعالم الفرنسي أوجست كونت.
عدد المؤرخون لابن خلدون عددا من المصنفات في التاريخ والحساب والمنطق غير أن من أشهر كتبه كتاب بعنوان: العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر، وهو يقع في سبعة مجلدات وأولها المقدمة وهي المشهورة أيضا بمقدمة ابن خلدون، وتشغل من هذا الكتاب ثلثه، وهي عبارة عن مدخل موسع لهذا الكتاب وفيها يتحدث ابن خلدون ويؤصل لآرائه في الجغرافيا والعمران والفلك وأحوال البشر وطبائعهم والمؤثرات التي تميز بعضهم عن الآخر.
اعتزل ابن خلدون الحياة بعد تجارب مليئة بالصراعات والحزن على وفاة أبويه وكثير من شيوخه إثر وباء الطاعون الذي انتشر في جميع أنحاء العالم سنة 749هجرية (1323 م) وتفرغ لأربعة سنوات في البحث والتنقيب في العلوم الإنسانية معتزلا الناس في سنوات عمره الأخيرة، ليكتب سفره المجيد أو ما عرف بمقدمة ابن خلدون ومؤسسا لعلم الاجتماع بناء على الاستنتاج والتحليل في قصص التاريخ وحياة الإنسان. واستطاع بتلك التجربة القاسية أن يمتلك صرامة موضوعية في البحث والتفكير.
- ابتكر ابن خلدون وصاغ فلسفة للتاريخ هي بدون شك أعظم ما توصل إليه الفكر البشري في مختلف العصور والأمم. أرنولد توينبي
- إن مؤلف ابن خلدون هو أحد أهم المؤلفات التي انجزها الفكر الإنساني. جورج مارسيز
- ان مؤلف ابن خلدون يمثل ظهور التاريخ كعلم، وهو أروع عنصر فيما يمكن أن يسمى بالمعجزة العربية. ايف لاكوست
- انك تنبئنا بأن ابن خلدون في القرن الرابع عشر كان أول من اكتشف دور العوامل الاقتصادية وعلاقات الإنتاج. ان هذا النبأ قد أحدث وقعا مثيرا وقد اهتم به صديق الطرفين (المقصود به لينين) اهتماما خاصا. من رسالة بعث بها مكسيم غوركي إلى المفكر الروسي انوتشين بتاريخ 21/ايلول سبتمبر 1912.
- ترى أليس في الشرق آخرون من أمثال هذا الفيلسوف. لينين
- ففيما يتعلق بدراسة هيكل المجتمعات وتطورها فإن أكثر الوجوه يمثل تقدما يتمثل في شخص ابن خلدون العالم والفنان ورجل الحرب والفقية والفيلسوف الذي يضارع عمالقة النهضة عندنا بعبقريته العالمية منذ القرن الرابع عشر. روجية غارودي
هذا غيض من فيض مما قاله بعض أقطاب الفكر الغربيين ناهيك عن المفكرين العرب والمسلمين وفيما يلي سنحاول حصر بعض المواضيع التي تناولها ابن خلدون بالبحث دون أن ندعي أننا سنوفيها حقها وكيف نستطيع ذلك وفي كل يوم نكتشف الجديد حول هذا العالم.
تعليمه
مكانة عائلته الاجتماعية مكنته من الدراسة على يد أفضل المدرسين في المغرب الكبير. تلقى علم التربية الإسلامية الكلاسيكية، ودرس القرآن الكريم الذي كان يحفظ عن ظهر قلب، واللسانيات العربية، وأساسفهم القرآن، الحديث، الشريعة (القانون) والفقه علم التاريخ.
لقد تجمعت في شخصية ابن خلدون العناصر الأساسية النظرية والعملية التي تجعل منه مؤرخا حقيقيا - رغم أنه لم يول في بداية حياته الثقافية عناية خاصة بمادة التاريخ - ذلك أنه لم يراقب الأحداث والوقائع عن بعد كبقية المؤرخين، بل ساهم إلى حد بعيد ومن موقع المسؤولية في صنع تلك الأحداث والوقائع خلال مدة طويلة من حياته العملية تجاوزت 50 عاما، وضمن بوتقة جغرافية امتدت من الأندلس وحتى بلاد الشام. فقد استطاع، ولأول مرة، (إذا استثنينا بعض المحاولات البسيطة هنا وهناك) أن يوضح أن الوقائع التاريخية لا تحدث بمحض الصدفة أو بسبب قوى خارجية مجهولة، بل هي نتيجة عوامل كامنة داخل المجتمعات الإنسانية، لذلك انطلق في دراسته للأحداث التاريخية من الحركة الباطنية الجوهرية للتاريخ. فعلم التاريخ، وان كان (لايزيد في ظاهره عن أخبار الأيام والدول) انما هو (في باطنه نظر وتحقيق وتعليل للكائنات ومبادئها دقيق وعلم بكيفيات الوقائع وأسبابها عميق، لذلك فهو أصيل في الحكمة عريق، وجدير بأن يعد في علومها وخليق(المقدمة). فهو بذلك قد اتبع منهجا في دراسة التاريخ يجعل كل أحداثه ملازمة للعمران البشري وتسير وفق قانون ثابت.
يقول: "فالقانون في تمييز الحق من الباطل في الأخبار بالإمكان والاستحالة أن ننظر في الاجتماع البشري الذي هو العمران ونميز ما يلحقه لذاته وبمقتضى طبعه وما يكون عارضا لا يعتد به وما لايمكن أن يعرض له، وإذا فعلنا ذلك، كان ذلك لنا قانونا في تمييز الحق من الباطل في الأخبار، والصدق من الكذب بوجه برهان لا مدخل للشك فيه، وحينئذ فاذا سمعنا عن شيء من الأحوال الواقعة في العمران علمنا ما نحكم بقبوله مما نحكم بتزييفه، وكان ذلك لنا معيارا صحيحا يتحرى به المؤرخون طريق الصدق والصواب فيما ينقلونه."
وهكذا فهو وان لم يكتشف مادة التاريخ فانه جعلها علما ووضع لها فلسفة ومنهجا علميا نقديا نقلاها من عالم الوصف السطحي والسرد غير المعلل إلى عالم التحليل العقلاني والأحداث المعللة بأسباب عامة منطقية ضمن ما يطلق عليه الآن بالحتمية التاريخية، وذلك ليس ضمن مجتمعه فحسب، بل في كافة المجتمعات الإنسانية وفي كل العصور، وهذا ما جعل منه أيضا وبحق أول من اقتحم ميدان ما يسمى بتاريخ الحضارات أو التاريخ المقارن. "إني أدخل الأسباب العامة في دراسة الوقائع الجزئية، وعندئذ أفهم تاريخ الجنس البشري في إطار شامل.اني ابحث عن الأسباب والأصول للحوادث السياسية. كذلك قولهداخلا من باب الأسباب على العموم على الأخبار الخصوص فاستوعب أخبار الخليقة استيعابا.وأعطي الحوادث علة أسبابا."
علم الاجتماع
يعتبر ابن خلدون مؤسس علم الاجتماع أو علم العمران البشري. وقد ذكر في كتاب مقدمة ابن خلدون: ". وهذا هو غرض هذا الكتاب الأول من تأليفنا."، وهو علم مستقل بنفسه موضوعه العمران البشري والاجتماع، ويهدف إلى "بيان ما يلحقه من العوارض والأحوال لذاته واحدة بعد أخرى، وهذا شأن كل علم من العلوم وضعيا كان أم عقليا وأعلم أن الكلام في هذا الغرض مستحدث الصنعة غريب النزعة غزير الفائدة، أعثر عليه البحث وأدى إليه الغوص. وكأنه علم مستبط النشأة، ولعمري لم أقف على الكلام في منحاه لأحد من الخليقة.
لقد قاد المنهج التاريخي العلمي الذي اتبعه ابن خلدون إلى التوصل إلى علم الاجتماع، وهذا المنهج يرتكز على أن كل الظواهر الاجتماعية ترتبط ببعضها البعض، فكل ظاهرة لها سبب وهي في ذات الوقت سبب للظاهرة التي تليها. لذلك كان مفهوم العمران البشري عنده يشمل كل الظواهر سواء كانت سكانية أو ديمغرافية، اجتماعية، سياسية، اقتصادية أو ثقافية. فهو يقول في ذلك:"فهو خبر عن الاجتماع الإنساني الذي هو عمران العالم وما يعرض لطبيعة هذا العمران من الأحوال مثل التوحش والتأنس والعصبيات وأصناف التغلبات للبشر بعضهم على بعض، وما ينشأ عن الكسب والعلوم والصنائع وسائر ما يحدث في ذلك العمران بطبيعته من الأحوال." ويناقش أيضا نظرية التطور لدى داروين وان لم يغص فيها. ثم يأخذ في تفصيل كل تلك الظواهر مبينا أسبابها ونتائجها، مبتدئا بإيضاح أن الإنسان لا يستطيع العيش بمعزل عن أبناء جنسه حيث: "ان الاجتماع الإنساني ضروري فالإنسان مدني بالطبع أي لا بد له من الاجتماع الذي هو المدنية. وهو معنى العمران.
يناقش ابن خلدون العمران البشري بشكل عام مبينا أثر البيئة في البشر وهو مايدخل حاليا في علم الاتنولوجيا والانثروبولوجيا، ويتطرق لأنواع العمران البشري تبعا لنمط حياة البشر وأساليبهم الإنتاجية قائلا: "ان اختلاف الأجيال في أحوالهم انما هو باختلاف نحلتهم في المعاش." مبتدئا بالعمران البدوي باعتباره أسلوب الإنتاج الأولي الذي لا يرمي إلى الكثير من تحقيق ما هو ضروري للحياة: ".ان أهل البدو المنتحلون للمعاش الطبيعي. وانهم مقتصرون على الضروري الاقوات والملابس والمساكن وسائر الأحوال والعوائد."
ثم يخصص الفصل الثالث من المقدمة للدول والملك والخلافة ومراتبها وأسباب وكيفية نشوئها وسقوطها، مؤكدا أن الدعامة الأساسية للحكم تكمن في العصبية. والعصبية عنده أصبحت مقولة اجتماعية احتلت مكانة بارزة في مقدمته حتى اعتبرها العديد من المؤرخين مقولة خلدونية بحتة، وهم محقون في ذلك لأن ابن خلدون اهتم بها اهتماما بالغا إلى درجة أنه ربط كل الأحداث الهامة والتغييرات الجذرية التي تطرأ على العمران البدوي أو العمران الحضري بوجود أو فقدان العصبية. كما أنها في رأيه المحور الأساسي في حياة الدول والممالك. ويطنب ابن خلدون في شرح مقولته تلك، مبينا أن العصبية نزعة طبيعية في البشر مذ كانوا، ذلك أنها تتولد من النسب والقرابة وتتوقف درجة قوتها أو ضعفها على درجة قرب النسب أو بعده. ثم يتجاوز نطاق القرابة الضيقة المتمثلة في العائلة ويبين أن درجة النسب قد تكون في الولاء للقبيلة وهي العصبية القبلية . ومن هذا الباب الولاء والحلف إذ نصرة كل أحد من أحد على أهل ولائه وحلفه للألفة التي تلحق النفس في اهتضام جارها أو قريبها أو نسيبها بوجه من وجوه النسب، وذلك لأجل اللحمة الحاصلة من الولاء. أما إذا أصبح النسب مجهولا غامضا ولم يعد واضحا في أذهان الناس، فإن العصبية تضيع وتختفي هي أيضا. . بمعنى أن النسب إذا خرج عن الوضوح انتفت النعرة التي تحمل هذه العصبية، فلا منفعة فيه حينئذ. هذا ولا يمكن للنسب أن يختفي ويختلط في العمران البدوي، وذلك أن قساوة الحياة في البادية تجعل القبيلة تعيش حياة عزلة وتوحش، بحيث لا تطمح الأمم في الاختلاط بها ومشاركتها في طريقة عيشها النكداء، وبذلك يحافظ البدو على نقاوة أنسابهم، ومن ثم على عصبيتهم.
. الصريح من النسب انما يوجد للمتوحشين في القفر. وذلك لما اختصوا به من نكد العيش وشظف الأحوال وسوء الموطن، حملتهم عليها الضرورة التي عينت لهم تلك القسمة. فصار لهم ألفا وعادة، وربيت فيهم أجيالهم. فلا ينزع إليهم أحدا من الأمم أن يساهم في حالهم، ولا يأنس بهم أحد من الأجيال. فيؤمن عليهم لأجل ذلك منت اختلاط انسابهم وفسادها. أما إذا تطورت حياتهم وأصبحوا في رغد العيش بانضمامهم إلى الأرياف والمدن، فإن نسبهم يضيع حتما بسبب كثرة الاختلاط ويفقدون بذلك عصبيتهم. . ثم يقع الاختلاط في الحواضر مع العجم وغيرهم وفسدت الانساب بالجملة ثمرتها من العصبية فاطرحت ثم تلاشت القبائل ودثرت فدثرت العصبية مدثورها وبقي ذلك في البدو كما كان. وهكذا نخلص للقول في هذا الصدد بأن العصبية تكون في العمران البدوي وتفقد في العمران الحضري.
العصبية والسلطة في مرحلة العمران البدوي
بعد أن تعرض ابن خلدون لمفهوم العصبية وأسبا وجودها أو فقدانها، انتقل إلى موضوع حساس وهام، مبينا دور العصبية فيه، ألا وهو موضوع "الرئاسة" الذي سيتطور في (العمران الحضري) إلى مفهوم الدولة. فأثناء مرحلة "العمران البدوي" يوجد صراع بين مختلف العصبيات على الرئاسة ضمن القبيلة الواحدة، أي ضمن العصبية العامة حيث: (.ان كل حي أو بطن من القبائل، وان كانوا عصابة واحدة لنسبهم العام، ففيهم أيضا عصبيات أخرى لأنساب خاصة هي أشد التحاما من النسب العام لهم مثل عشير واحد أو أهل بيت واحد أو أخوة بني أب واحد، لا مثل بني العم الأقربين أو الأبعدين، فهؤلاء أقعد بنسبهم المخصوص، ويشاركون من سواهم من العصائب في النسب العام، والنعرة تقع من أهل نسبهم المخصوص ومن أهل النسب العام، إلا أنها في النسب الخاص أشد لقرب اللحمة). ومن هنا ينجم التنافس بين مختلف العصبيات الخاصة على الرئاسة، تفوز فيه بطبيعة الحال العصبة الخاصة الأقوى التي تحافظ على الرئاسة إلى أن تغلبها عصبة خاصة أخرى وهكذا.(.ولما كانت الرئاسة انما تكون بالغلب، وجب أن تكون عصبة ذلك النصاب (أي أهل العصبية الخاصة) أقوى من سائر العصبيات ليقع الغلب بها وتتم الرئاسة لأهلها. فهذا هو سر اشتراط الغلب في العصبة، ومنه تعين استمرار الرئاسة في النصاب المخصوص).
يحدد ابن خلدون مدة وراثة الرئاسة ضمن العصبية القوية بأربعة أجيال على العموم، أي بحوالي 120 سنة في تقديره.(ذلك بأن باني المجد عالم بما عاناه في بنائه ومحافظ على الخلال التي هي سبب كونه وبقائه، وبعده ابن مباشر لأبيه قد سمع منه ذلك وأخذ عنه، إلا أنه مقصر في ذلك تقصير السامع بالشئ عن المعاين له ثم إذى جاء الثالث كان حظه في الاقتفاء والتقليد خاصة فقصر عن الثاني تقصير المقلد عن المجتهد ثم إذا جاء الرابع قصر عن طريقتهم جملة وأضاع الخلال الحافظة لبناء مجدهم واحتقرها وتوهم أن أمر ذلك البنيان لم يكن بمعاناة ولاتكلف، وإنما هو أمر واجب لهم منذ أول النشأة بمجرد انتسابهم وليس بعصبية. واعتبار الأربعة من الأجيال الأربعة بان ومباشر ومقلد وهادم).وبذلك ينهي ابن خلدون نظريته المتعلقة باسلطة أثناء مرحلة (العمران البدوي) ويخلص إلى نتيجة أن السلطة في تلم المرحلة مبنية أساسا على العصبية بحيث لا يمكن أن تكون لها قائمة بدونها.
العصبية والسلطة في العمران الحضري
انطلاقا من نظريته السابقة المتعلقة بدور العصبية في الوصول إلى الرئاسة في المجتمع البدوي، واصل ابن خلدون تحليله على نفس النسق فيما يتعلق بالسلطة في المجتمع الحضري مبينا أن العصبية الخاصة بعد استيلائها على الرئاسة تطمح إلى ما هو أكثر، أي إلى فرض سيادتها على قبائل أخرى بالقوة، وعن طريق الحروب والتغلب للوصول إلى مرحلة الملك (. وهذا التغلب هو الملك، وهو أمر زائد على الرئاسة. فهو التغلب والحكم بالقهر، وصاحبالعصبية إذا بلغ رتبة طلب ما فوقها). معتمدا في تحقيق ذلك أساسا وبالدرجة الأولى على العصبية حيث أن (الغاية التي تجري إليها العصبية هي الملك). فهذه اذن المرحلة الأولى في تأسيس الملك أو الدولة، وهي مرحلة لا تتم إلا من خلال العصبية.
بالوصول إلى تلك المرحلة يبدأ (العمران الحضري) شيئا فشيئا وتصبح السلطة الجديدة تفكر في تدعيم وضعها آخذة بعين الاعتبار جميع العصبيات التابعة لها، وبذلك فانها لم تعد تعتمد على عامل النسب بل على عوامل اجتماعية وأخلاقية جديدة، يسميها ابن خلدون (الخلال). هنا تدخل الدولة في صراع مع عصبيتها، لأن وجودها أصبح يتنافي عمليا مع وجود تلك العصبية التي كانت في بداية الأمر سببا في قيامها، (يتراءى لنا مبدأ نفي النفي في المادية الجدلية<إضافة رابط المادية الجدلية ان وجد>). ومع نشوء يتخطى الملك عصبيته الخاصة، ويعتمد على مختلف العصبيات. وبذلك تتوسع قاعدة الملك ويصبح الحاكم أغنى وأقوى من ذي قبل، بفضل توسع قاعدة الضرائب من ناحية، والأموال التي التي تدرها الصناعات الحرفية التي التي تنتعش وتزدهر في مرحلة (العمران الحضري) من ناحية أخرى.
لتدعيم ملكه يلجأ إلى تعويض القوة العسكرية التي كانت تقدمها له العصبية الخاصة أو العامة(القبيلة) بإنشاء جيش من خارج عصبيته، وحتى من عناصر أجنبية عن قومه، وإلى اغراق رؤساء قبائل البادية بالأموال، وبمنح الإقطاعات كتعويض عن الامتيازات السياسية التي فقدوها. وهكذا تبلغ الدولة الجديدة قمة مجدها في تلك المرحلة، ثم تأخذ في الانحدار حيث أن المال يبدأ في النفاذ شيئا فشيئا بسبب كثرة الإنفاق على ملذات الحياة والترف والدعة. وعلى الجيوش ومختلف الموظفين الذين يعتمد عليهم الحكم. فيزيد في فرض الضرائب بشكل مجحف، الشئ الذي يؤدي إلى إضعاف المنتجين، فتتراجع الزراعة وتنقص حركة التجارة، وتقل الصناعات، وتزداد النقمة وبذلك يكون الحكم قد دخل مرحلة بداية النهاية، أي مرحلة الهرم التي ستنتهي حتما بزواله وقيام ملك جديد يمر بنفس الأطوار السابقة اغلتي يجملها ابن خلدون في خمسة أطوار. (. وحالات الدولة وأطوارها لا تعدو في الغالب خمسة أطوار.
- الطور الأول طور الظفر بالبغية، وغلب المدافع والممانع، والاستيلاء على الملك وانتزاعه من أيدي الدولة السالفة قبلها.فيكون صاحب الدولة في هذا الطور أسوة بقومه في اكتساب المجد وجباية المال والمدافعة عن الحوزة والحماية لا ينفرد دونهم بشيء لأن ذلك هو مقتضى العصبية التي وقع بها الغلب، وهي لم تزل بعد بحالها.
الطور الثاني طور الاستبداد على قومه والانفراد دونهم بالملك وكبحهم عن التطاول للمساهمة والمشاركة.ويكون صاحب الدولة في هذا الطور معنيا باصطناع الرجال واتخاذ الموالي والصنائع والاستكثار من ذلك، لجدع أنوف أهل عصبيته وعشيرته المقاسمين له في نسبه، الضاربين في الملك بمثل سهمه.فهو يدافعهم عن الأمر ويصدهم عن موارده ويردهم على أعقابهم أن بخلصوا إليه حتى يقر الأمر في نصابه
الطور الثالث طور الفراغ والدعة لتحصيل ثمرات الملك مما تنزع طباع البشر إليه من تحصيل المال وتخليد الآثار وبعد الصيت، فسيتفرغ وسعه في الجباية وضبط الدخل والخرج، وإحصاء النفقات والقصد فيها، وتشييد المباني الحافلة والمصانع العظيمة، والامصار المتسعة، والهياكل المرتفعة، وإجازة الوفود من أشرف الأمم ووجوه القبائل وبث المعروف في أهله. هذا مع التوسعة على صنائعه وحاشيته في أحوالهم بالمال والجاه، واعتراض جنوده وادرار ارزاقهم وانصافهم في اعطياتهم لكل هلال، حتى يظهر أثر ذلك عليهم ذلك في ملابسهم وشكتهم وشاراتهم يوم الزينة.وهذا الطور آخر أطوار الاستبداد
الطور الرابع طور القنوع والمسالمة ويكون صاحب الدولة في هذا قانعا بما أولوه سلما لأنظاره من الملوك واقتاله مقلدا للماضين من سلفه. ويرى أن الخروج عن تقليده فساد أمره وأنهم أبصر بما بنوا من مجده.
الطور الخامس طور الإسراف والتبذير ويكون صاحب الدولة في هذا الطور متلفا لما جمع أولوه في سبيل الشهوات والملاذ والكرم على بطانته وفي مجالسه، واصطناع أخدان السوء وخضراء الدمن، وتقليدهم عظيمات الأمور التي لا يستقلون بحملها، ولايعرفون ما يأتون ويذرون منها، مستفسدا لكبار الأولياء من قومه وصنائع سلفه، حتى يضطغنوا عليه ويتخاذلوا عن نصرته، مضيعا من جنده بما أنفق من أعطياتهم في شهواتهم. وفي هذا الطور تحصل في الدولة طبيعة الهرم، ويستولي عليها المرض المزمن الذي لا تكاد تخلص منه.أي أن تنقرض).(المقدمة) واذن فان تحليل ابن خلدون بولادة ونمو وهرم الدولة هو ذو أهمية بالغة، لأنه ينطلق من دراسة الحركة الداخلية للدولة المتمثلة في العصبية، تلك المقولة الاجتماعية والسياسية التي تعتبر محور كل المقولات والمفاهيم الخلدونية. فقد اعتمد عليها اعتمادا أساسيا في دراسته الجدلية لتطور المجتمعات الإنسانية(العمران البشري) وكأنه يبشر منذ القرن الرابع عشر بما اصطلح على تسميته في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين ب (المادية الجدلية). وفي غمرة انطلاقت العلمية الرائعة الرائدة وضع إصبعة على العصب الحساس والرئيسي، وان لم يكن الوحيد في تطور (العمران البشري) ألآ وهو الاقتصاد
علم الاقتصاد
ان النتيجة التي توصل إليها ابن خلدون في الفصل الثاني من مقدمته عند بحثه للعمران البدوي وهي:(ان اختلاف الأجيال في أحوالهم انما هو باختلاف نحلهم من المعاش) قادته بالضرورة إلى دراسة عدة مقولات اقتصادية تعتبر حجر الزاوية في علم الاقتصاد الحديث، مثل دراسة الأساليب الإنتاجية التي تعاقبت على المجتمعات البشرية، وانتقال هذه الأخيرة من البداوة إلى الحضارة، أي من الزراعة إلى الصناعة والتجارة:(.وأما الفلاحة والصناعة والتجارة فهي وجوه طبيعية للمعاش.أما الفلاحة فهي متقدمة عليها كلها بالذات.وأما الصناعة فهي ثانيها ومتأخرة عنها لأنها مركبة وعلمية تصرف فيها الأفكارو الأنظار، ولهذا لا توجد غالبا إلا في أهل الحضر الذي هو متأخر عن البدو وثان عنه).
يركز ابن خلدون على الصناعة جاعلا منها السبب الأساسي في الازدهار الحضاري:(ان الصنائع انما تكتمل بكمال العمران الحضري وكثرته. ان رسوخ الصنائع في الأمصار انما هو برسوخ الحضارة وطول أمدها). كما تناول مقولة تقسيم العمل بالتأكيد على أن(النوع الإنساني لا يتم وجوده الا بالتعاون)، لعجز الإنسان عن تلبية جميع حاجاته مهما كانت قدرته بمفرده، حيث أن (الصنائع في النوع الإنساني كثيرة بكثرة الأعمال المتداولة في العمران. فهي بحيث تشذ عن الحصر ولا يأخذها العد.(مثل) الفلاحة والبناء والخياطة والنجارة والحياكة والتوليد والوراقة والطب.) أما القيمة فهي في نظره (قيمة الأعمال البشرية):فأعلم أن ما يفيد الإنسان ويقتنيه من المتمولات ان كان من الصنائع فالمفاد المقتنى منه قيمة عمله.إذ ليس هناك الا العمل، مثل النجارة والحياكة معهما الخشب والغزل، إلا أن العمل فيهما أكثر فقيمته أكثر، وان كان من غير الصنائع فلا بد في قيمة ذلك المفاد والقنية من دخول قيمة العمل الذي حصلت به، إذ لولا العمل لم تحصل قيمتها.فقد تبين أن المفادات والمكتسبات كلها انما هي قيم الأعمال الإنسانية). ولم يغفل أيضا عن مقولة (القيمة الزائدة) وان لم يعالجها بشكل معمق عند تعرضه لصاحب الجاه:(وجميع ما شأنه ان تبذل فيه الاعواض من العمل يستعمل فيه الناس من غير عوض فتتوفر قيم تلك الأعمال عليه، فهو بين قيم للأعمال يكتسبها، وقيم أخرى تدعوه الضرورة إلى إخراجها، فتتوفر عليها، والأعمال لصاحب الجاه كبيرة، فتفيد الغني لأقرب وقت، ويزداد مع مرور الأيام يسارا وثروة). من كل ما تقدم نستطيع المجازفة والقول إن أعمال ابن خلدون وبالذات
- ويرفض ابن خلدون تدخل الدولة المباشر في الإنتاج والتجارة لما يترتب عليه من أضرار اقتصادية. فهو يرى أن حاجة الدولة لتغطية نفقاتها المتزايدة تدفعها نحو هذا التدخل ولكن النتيجة حينئذ تكون بعكس القصد. يكتب ابن خلدون "اعلم أن الدولة إذا ضاقت جبايتها بما قدمناه من الترف وكثرة العوائد والنفقات وقصر الحاصل من جبايتها على الوفاء بحاجاتها ونفقاتها، واحتاجت إلى مزيد المال والجباية، فتارة توضع المكوس على بياعات الرعايا وأسواقهم كما قدمنا وتارة بالزيادة في ألقاب (معدلات؛ أسعار) المكوس إن كان قد استحدث من قبل، وتارة بمقاسمة العمال والجباة وامتكاك (امتصاص) عظامهم، لما يرون أنهم قد حصلوا على شيء طائل من أموال الجباية لا يظهره الحسبان (المحاسبون)، وتارة باستحداث التجارة والفلاحة للسلطان على تسمية الجباية (باسم الجباية)، لما يرون التجار والفلاحين يحصلون على الفوائد والغلات مع يسارة أموالهم، وأن الأرباح تكون على نسبة رؤوس الأموال. فيأخذون في اكتساب الحيوان والنبات لاستغلاله في شراء البضائع والتعرض بها لحوالة الأسواق، ويحسبون ذلك من إدرار الجباية وتكثير الفوائد. غلط عظيم وإدخال الضرر على الرعايا من وجوه متعددة". مما تقدم يبين لنا أن مقدمة ابن خلدون تعتبر أول موسوعة في العلوم الإنسانية، بل هي باكورة العمل الموسوعي العام قبل ظهور عصر الموسوعات بحوالي خمسة قرون
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الفلسفة
يرى ابن خلدون في المقدمة أن الفلسفة من العلوم التي استحدثت مع انتشار العمران، وأنها كثيرة في المدن ويعرفها قائلا: بأن قوما من عقلاء النوع الإنساني زعموا أن الوجود كله، الحسي منه وما وراء الحسي، تدرك أدواته وأحواله، بأسبابها وعللها، بالأنظار الفكرية والأقيسة العقلية وأن تصحيح العقائد الإيمانية من قبل النظر لا من جهة السمع فإنها بعض من مدارك العقل، وهؤلاء يسمون فلاسفة جمع فيلسوف، وهو باللسان اليوناني محب الحكمة. فبحثوا عن ذلك وشمروا له وحوموا على إصابة الغرض منه ووضعوا قانونا يهتدي به العقل في نظره إلى التمييز بين الحق والباطل وسموه بالمنطق. ويحذر ابن خلدون الناظرين في هذا العلم من دراسته قبل الاطلاع على العلوم الشرعية من التفسير والفقه، فيقول: ¸وليكن نظر من ينظر فيها بعد الامتلاء من الشرعيات والاطلاع على التفسير والفقه ولا يكبن أحد عليها وهو خلومن علوم الملة فقل أن يسلم لذلك من معاطبها·.
لعل ابن خلدون وابن رشد اتفقا على أن البحث في هذا العلم يستوجب الإلمام بعلوم الشرع حتى لا يضل العقل ويتوه في مجاهل الفكر المجرد لأن الشرع يرد العقل إلى البسيط لا إلى المعقد وإلى التجريب لا إلى التجريد. ومن هنا كانت نصيحة هؤلاء العلماء إلى دارسي الفلسفة أن يعرفوا الشرع والنقل قبل أن يمعنوا في التجريد العقلي.
فلسفة ابن خلدون
امتاز ابن خلدون بسعة اطلاعه على ما كتبه القدامى على أحوال البشر وقدرته على استعراض الآراء ونقدها، ودقة الملاحظة مع حرية في التفكير وإنصاف أصحاب الآراء المخالفة لرأيه. وقد كان لخبرته في الحياة السياسية والإدارية وفي القضاء، إلى جانب أسفاره الكثيرة من موطنه الأصيل تونس وبقية بلاد شمال أفريقيا إلى بلدان أخرى مثل مصر والحجاز والشام، أثر بالغ في موضوعية وعلمية كتاباته عن التاريخ وملاحظاته.
بسبب فكر ابن خلدون الدبلوماسي الحكيم، أرسل أكثر من مرة لحل نزاعات دولية، فقد عينه السلطان محمد بن الأحمر سفيرا إلى أمير قشتالة لعقد الصلح.[22] وبعد ذلك بأعوام، استعان أهل دمشق به لطلب الأمان من الحاكم المغولي تيمور لنك، والتقوا بالفعل.[22]
الفكر التربوي عند ابن خلدون
له مساهمة فعالة في علم التربية والذي لم يكن معروفا كعلم أكاديمي مستقل مثل اليوم، وقد عملت دراسات كثيرة حول فكرة التربوي، ويمكن إجمال أفكاره التربوية في التالي:
- أن العلم ينقسم إلى علمين علم نقلي وعلم عقلي.
- التدرج في التعليم.
- البدء بالمحسوسات والتدرج حتى الملموسات.
- يكون تعليم الصبي بداية بعض سور القرآن الكريم وبعض الأشعار حتى تقوى ملكة الحفظ.
الغرب وابن خلدون
كثير من الكتاب الغربيين وصفوا تقديم ابن خلدون للتاريخ بأنه أول تقديم لا ديني للتأريخ، وهو له تقدير كبير عندهم. ربما تكون ترجمة حياة ابن خلدون من أكثر ترجمات شخصيات التاريخ الإسلامي توثيقا بسبب المؤلف الذي وضعه ابن خلدون ليؤرخ لحياته وتجاربه ودعاه التعريف بابن خلدون ورحلته شرقا وغربا، تحدث ابن خلدون في هذا الكتاب عن الكثير من تفاصيل حياته المهنية في مجال السياسة والتأليف والرحلات، ولكنه لم يضمنها كثيرا تفاصيل حياته الشخصية والعائلية.
كان شمال أفريقيا أيام ابن خلدون بعد سقوط دولة الموحدين تحكمه ثلاث أسر: المغرب كان تحت سيطرة المرينيين (1196 - 1464)، غرب الجزائر كان تحت سيطرة آل عبد الودود (1236 - 1556)، تونس وشرق الجزائر وبرقة تحت سيطرة الحفصيين (1228 - 1574). التصارع بين هذه الدول الثلاثة كان على أشده للسيطرة ما أمكن من المغرب الكبير ولكن تميزت فترة الحفصيين بإشعاع ثقافي باهر. وكان المشرق العربي في أحلك الظروف آنذاك يمزقه التتار والتدهور.
مسار النهوض والسقوط
الكثير يذكر قول اين خلدون: المغلوب مولع بتقليد الغالب أبدا، ونذكر أيضا أن الظلم مِؤِذن بخراب العمران، وغير ذلك من المقولات التي أصبحت كالأمثال في تداولها، ولكننا نغفل عن أن تلك المقولات التي أضحت قوانين جارية في أوساط الناس، متعلقة بجزئيات متناثرة لا يمكن أن تحدث خارج سياق يحكم سلوكات الناس الفردية والجماعية.
وهذا السياق هو الطبيعة البشرية التي يعيش وفقها ووفق قوانينها الناس كأعراف وعادات جارية أو كما يسميها ابن خلدون العمران البشري والاجتماع الإنساني، إن لم يدخل تعديل ما على هذه الطبيعة، فإنها تسير وفق نظام راتب ومطرد لا يتغير ولا يتبدل إلا بقدر ما يدخل عليه من تعديلات سلبية وإيجابية.
وسياق هذه الطبيعة –كما لاحظ ابن خلدون- يقتضي أن الناس لا يتوارثون النهضات وما تقتضيه من أنشطة وفعاليات وحرص، بقدر ما تتوارث الأجيال ثمارها، ثم يتساقط هذا الإرث وهذه الثمار جيلا بعد جيل إلى أن يقع السقوط النهائي، عند الطبقة الثالثة بعد طبقة بناة المجد.
لاحظ ذلك ابن خلدون في نشأة الدول وكيفية سقوطها، كعادة ثابتة وجارية، ولكن هذا الموضوع باعتباره متعلقا بالسلوك الإنساني وطبيعته التي خلق عليها، يمكن تعميمه على كل ما يبنيه الإنسان ويتعرض للسقوط على يديه كبناء المجتمعات والحضارات والأمم والثقافات كل هذه الأمور تولد على أيد البناة ويتوارثها مَنْ بعدهم ثم تسقط بعد فترة حددها ابن خلدون بأربع طبقات أو أربعة أجيال.
فالبداية تعود إلى واقع ما قبل المجد والبناء، الذي ينطلق منه البناء، وهو التخلف والمهانة والضعف، كما هو واقع ما قبل النهضة، وقد عبر ابن خلدون عن ذلك بقوله أن كل شرف وحَسَب فعدمه سابق عليه شأن كل محدث ثم إن نهايته في أربعة آباء:
الأب الأول: وهو الجيل الأول أو الطبقة من الناس الذين بنشئون الدولة أو المجتمع أو الحضارة أو النهضة ويبنون المجد باني المجد عالم بما عاناه في بنائه ومحافظ على الخلال التي هي أسباب كونه وبقائه؛ لأنه المؤسس الذي يعرف لكل جزئية قيمتها، ومن ثم يكون حرصه على الشيء بقدر ما أنفق في سبيل إحداثه، والمنشئ بطبيعة الحال قد انفق الكثير.
وهذا الجيل أو هذه الطبقة هي التي أعطت أقصى ما يمكن من الجهد والعمل والحرص من أجل تحقيق النهوض.
ثم يأتي الأب الثاني، أو الجيل الثاني: الذي لم يشارك في هذا البناء والنشاط والنهوض، وإنما يسمع عنه ممن سبقه إذ يأتي بعد أبيه مباشرة وقد سمع منه ذلك وأخذه عنه إلا أنه مقصر في ذلك تقصير السامع بالشيء عن المعاين له، وليس من سمع كمن رأى كما يقال، فلا يُقدِّر ما سمع حق قدره، فيكون كمن اجتهد وجد وعمل فصنع وأنشأ.
ثم يأتي الأب الثالث أو الجيل الثالث: الذي لا يبقى له من الحظ إلا الاقتفاء والتقليد خاصة فقصر عن الثاني تقصير المقلد عن المجتهد، وهنا يبدأ النزول والشروع في السقوط الذي سيكون على يد الأب الرابع أو الجيل الرابع أو الطبقة الرابعة، الذي سيفقد كل ما له علاقة بالسابقين له، بحيث لا يحسن حتى التقليد الذي كان عند من سبقه، فيضل عن طريقتيهم جملة و-قد- أضاع الخلال الحافظة لبناء مجدهم واحتقرها وتوهم أن ذلك البنيان لم يكن بمعاناة ولا تكلف وإنما هو أمر وجب لهم منذ أول النشأة بمجرد انتسابهم. ذلك هو واقع الأمم المتخلفة التي لا تجد ما تفخر به إلا ما صنع الآباء والأجداد وأجداد الأجداد.
ولكن هل ما ذكره ابن خلدون هنا حتمي بحيث يقع في أجيال كل نهضة تقع في العالم؟ يجيب ابن خلدون عن هذا السؤال بقوله واشتراط الأربعة في الأحساب إنما هو في الغالب وإلا فقد يدثر البيت من دون الأربعة ويتلاشى وينهدم وقد يتصل أمرها إلى الخامس والسادس إلا أنه في انحطاط وذهاب واعتبار الأربعة من قبل الأجيال الأربعة: بانٍ ومباشرٍ لهُ ومقلدٍ وهادمٍ، فالباني والمئشئ للحضارة أو الدولة أو المشروع، والمباشر هو الممارس والمتعامل المباشر للثمار وللمنتوج المحصل عليه، والمقلد لم يشهد البناء وربما لم يحدث عنه وإنما هو مقلد للمارسة وحسب، أما الهادم فلا يشعر بمسؤولية تجاه ما بين يديه، بحيث يعجز عن مجدر التقليد كما أسلفنا.
ويعلل ابن خلدون ما توصل إليه بكونه استقراء لواقع المجتمعات، فلو افترضنا ان إنسانا أنشأ مصنع تجاري، لا شك ان إنشاءه لهذا المصنع أخذ منه الكثير من الجهد والتفكير والنشاط غير العادي، أما إبنه فلا يشعر بذلك التعب والشقاء الذي عانى منه والده، ولكن ربما حدث عنه، فنفسيته تجاه الموضوع ليست بنفس المستوى الذي كان عند والده، ومن ثم فإن الفاعلية نفسها تتأثر بهذا الشعور الأضعف، ثم يأتي إبن الإبن الذي لا يعلم عن نشاط الجد شيئا، وإنما وجد والده ينشط فيه فقلده ولكن اهتمامه سوف لا يمت لاهتمام المنشئ بصلة حيث لم يسمع عن كيفية الإنشاء والأتعاب التي كانت في سبيل إيجاد هذا المصنع، أما الرابع فعلى يديه يسقط المصنع لأنه يتعامل مع هذا المصنع وكانه خلق مع العائلة، فلا يشعر بإمكانية زواله أصلا.
وقد شرح مالك ابن نبي رحمه الله ذلك، في رسمه البياني لنشأة الحضارات وزوالها، وربما كان ذلك تطويرا لفكرة ابن خلدون نفسها، حيث قسم مراحل النشأة والزوال إلى ثلاث، مرحلة الروح، ومرحلة العقل، ومرحلة الغريزة. 1. فمرحلة الروح هي مرحلة الإقلاع والدافعية القصوى للإنشاء والبناء والصعود. 2. أما مرحلة العقل فهي مرحلة تشبه الاستقرار والرتابة والاستمرار وربما التردد، لكن ما يفقد هنا هو الصعود حيث تضمر الدافعية ويضعف التعلق بالمثل العليا تحت تأثيرات كثيرة، تحدث مع الزمن وتغير طباع الأجيال. 3. وأخيرا مرحة الغريزة وهي مرحلة التوقف والانحدار والتلاشي والغثائية. يبقى سؤال ما هو الفرق بين تحليل ابن خلدون وبن نبي؟ خاصة وأن أحدهما قسم المراحل إلى أربع والآخر ثكرها ثلاثا. [26]
وظائف تولاها
كان ابن خلدون دبلوماسيا حكيما أيضا. وقد أرسل في أكثر من وظيفة دبلوماسية لحل النزاعات بين زعماء الدول: مثلا، عينه السلطان محمد بن الأحمر سفيرا له إلى أمير قشتالة للتوصل لعقد صلح بينهما وكان صديقا مقربا لوزيره لسان الدين ابن الخطيب.كان وزيرا لدى أبي عبد الله الحفصي سلطان بجاية، وكان مقربا من السلطان أبي عنان المرينىقبل أن يسعى بينهما الوشاة. وبعد ذلك بأعوام استعان به أهل دمشق لطلب الأمان من الحاكم المغولي القاسي تيمورلنك، وتم اللقاء بينهما. وصف ابن خلدون اللقاء في مذكراته. إذ يصف ما رآه من طباع الطاغية، ووحشيته في التعامل مع المدن التي يفتحها، ويقدم تقييما متميزا لكل ما شاهد في رسالة خطها لملك المغرب الخصال الإسلامية لشخصية ابن خلدون، أسلوبه الحكيم في التعامل مع تيمور لنك مثلا، وذكائه وكرمه، وغيرها من الصفات التي أدت في نهاية المطاف لنجاته من هذه المحنة، تجعل من التعريف عملا متميزا عن غيره من نصوص أدب المذكرات العربية والعالمية. فنحن نرى هنا الملامح الإسلامية لعالم كبير واجه المحن بصبر وشجاعة وذكاء ولباقة. ويعتبر ابن خلدون مؤسس علم الاجتماع.
ساهم في الدعوة للسلطان أبى حمو الزيانى سلطان تلمسان بين القبائل بعد سقوط بجاية في يد سلطان قسنطينة أبى العباس الحفصى وأرسل أخاه يحيى بن خلدون ليكون وزيرا لدى أبى حمو.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وفاته
توفي في مصر عام 1406 م، ودفن في مقابر الصوفية عند باب النصر شمال القاهرة. وقبره غير معروف. والدار التي ولد بها كائنة بنهج تربة الباي عدد 34 بتونس العاصمة بالمدينة العتيقة.
له قصيدة في الحنين لموطنه تونس
أحن إلى ألفي وقد حال دونهم | مهامه فيح دونهن سباسب |
ويبقى ابن خلدون اليوم شاهدا على عظمة الفكر الإسلامي المتميز بالدقة والجدية العلمية والقدرة على التجديد لاثراء الفكر الإنساني.
كتبه ومؤلفاته
- تاريخ ابن خلدون، المكتبة الوقفية للكتب المصورة واسمه: كتاب العبر وديوان المبتدأ والخبر في معرفة أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر.
- شفاء السائل لتهذيب المسائل، نشره وعلق عليه أغناطيوس عبده اليسوعي.
- مقدمة ابن خلدون
- التعريف بابن خلدون ورحلاته شرقا وغربا (مذكراته).
مرئيات
الرئيس الأمريكي الأسبق رونالد ريگان: عندما كنت شابا درست في الاقتصاد عن حكيم يدعى ابن خلدون عاش قبل 1200 سنة في مصر، قال إنّ الامبراطوريات في بداياتها تكون لديها الضرائب منخفضة والايرادات عالية، وعند انهيارها تكون ضرائبها عالية وايراداتها منخفضة. |
انظر أيضاً
المصادر
- ^ "Ibn Khaldun – His Life and Work". Archived from the original on 13 September 2013. Retrieved 25 February 2017.
- ^ Ahmad, Zaid (2010). "Ibn Khaldun". In Oliver Leama (ed.). The Biographical Encyclopaedia of Islamic Philosophy. Continuum. doi:10.1093/acref/9780199754731.001.0001. ISBN 978-0-19-975473-1.
- ^ Doniger, Wendy (1999). Merriam-Webster's Encyclopedia of World Religions. Merriam-Webstar Inc. p. 82. ISBN 978-0-87779-044-0.
- ^ أ ب ت ث ج https://themaydan.com/2017/11/myth-intellectual-decline-response-shaykh-hamza-yusuf/ "Ibn Khaldun on Philosophy: After clarifying what was meant precisely by philosophy in the Islamic tradition, namely the various schools of peripatetic philosophy represented either by Ibn Rushd or Ibn Sina, it should be clear why Ibn Khaldun was opposed to them. His critique of philosophy is an Ash’ari critique, completely in line with the Ash’aris before him, including Ghazali and Fakhr al-din al-Razi, both of whom Ibn Khaldun recommends for those who wish to learn how to refute the philosophers"
- ^ Muqaddimah 2:272–73 quoted in Weiss (1995) p 30
- ^ Weiss 1995, p. 31 quotes Muqaddimah 2:276–78
- ^ Moss, Laurence S., ed. (1996). Joseph A. Schumpeter: Historian of Economics: Perspectives on the History of Economic Thought. Routledge. p. 87. ISBN 978-1-134-78530-8.
Ibn Khaldun drited away from Al-Farabi's political idealism.
- ^ Shah, Muhammad Sultan. "Pre-Darwinian Muslim Scholars’ Views on Evolution." (2017).
- ^ In al-Muqaddima, Ibn Khaldun cites him as a pioneer in sociology
- ^
Savant, Sarah Bowen (2014). Genealogy and Knowledge in Muslim Societies: Understanding the Past. Edinburgh University Press. p. 77. ISBN 978-0-7486-4497-1.
Banu Khaldun al-Hadrami (Yemen, but not Qahtan), to which belonged the famous historian Ibn Khaldun. The family's ancestor was 'Uthman ibn Bakr ibn Khalid, called Khaldun, a Yemeni Arab among the conquerors who shared kinship with the Prophet's Companian Wa'il ibn Hujr and who settled first in Carmona and then in Seville.
The Historical Muhammad, Irving M. Zeitlin, (Polity Press, 2007), p. 21; "It is, of course, Ibn Khaldun as an Arab here speaking, for he claims Arab descent through the male line.". The Arab World: Society, Culture, and State, Halim Barakat (University of California Press, 1993), p. 48;"The renowned Arab sociologist-historian Ibn Khaldun first interpreted Arab history in terms of badu versus hadar conflicts and struggles for power." Ibn Khaldun, M. Talbi, The Encyclopaedia of Islam, Vol. III, ed. B. Lewis, V.L. Menage, C. Pellat, J. Schacht, (Brill, 1986), 825; "Ibn Khaldun was born in Tunis, on I Ramadan 732/27 May 1332, in an Arab family which came originally from the Hadramawt and had been settled at Seville since the beginning of the Muslim conquest...." Ibn Khaldun's Philosophy of History: A Study in the Philosophic Foundation of the Science of Culture, Muhsin Mahdi, Routledge; "His family claimed descent from a Yemenite tribe originating in Hadramawt" Issawi, Charles. "Ibn Khaldūn". Encyclopedia Britannica, 13 March 2021; "the greatest Arab historian", "the family claimed descent from Khaldūn, who was of South Arabian stock, and had come to Spain in the early years of the Arab conquest and settled in Carmona." Cheddadi, Abdesselam, “Ibn Khaldūn, ʿAbd al-Raḥmān”, Encyclopaedia of Islam, THREE; "was one of the greatest Arab historians, a philosopher, and a sociologist" - ^ Muhammad Hozien. "Ibn Khaldun: His Life and Work". Islamic Philosophy Online. Archived from the original on 13 September 2013. Retrieved 19 September 2008.
- ^ "Ibn Khaldūn – The Muqaddimah: Ibn Khaldūn's philosophy of history". Encyclopedia Britannica (in الإنجليزية). Retrieved 22 December 2020.
- ^ Bernard Lewis: "Ibn Khaldun in Turkey", in: Ibn Khaldun: The Mediterranean in the 14th Century: Rise and Fall of Empires, Foundation El Legado Andalusí, 2006, ISBN 978-84-96556-34-8, pp. 376–80 (376) S.M. Deen (2007) Science under Islam: rise, decline and revival. p. 157. ISBN 1-84799-942-5
- ^ Farid Alatas, Syed (2015). Applying Ibn Khaldūn: The Recovery of a Lost Tradition in Sociology. Routledge. ISBN 978-1-138-12596-4. OCLC 914395509.
- ^ Sulkunen, Pekka (2 September 2014). "The proto-sociology of Mandeville and Hume". Distinktion: Journal of Social Theory (in الإنجليزية). 15 (3): 361–365. doi:10.1080/1600910X.2014.897639. ISSN 1600-910X. S2CID 144222817.
- ^ • Joseph J. Spengler (1964). "Economic Thought of Islam: Ibn Khaldun", Comparative Studies in Society and History, 6(3), pp. 268-306.
• (Boulakia 1971, pp. 1105–1118) - ^ (ar) ابن خلدون، موقع يا بيروت
- ^ (ar) ابن خلدون وابتكار علم الاجتماع، موقع تاريخ الإسلام
- ^ Gates, Warren E. (1967). "The Spread of Ibn Khaldûn's Ideas on Climate and Culture". Journal of the History of Ideas (University of Pennsylvania Press) 28 (3): 415–422. doi:10.2307/2708627.
- ^ Ali Zaidi, Islam, Modernity, and the Human Sciences, Springer, 2011, p. 84
- ^ Lewis, Bernard (1986). "Ibn Khaldūn in Turkey". In Ayalon, David; Sharon, Moshe (eds.). Studies in Islamic history and civilization: in honour of Professor David Ayalon. Brill. pp. 527–30. ISBN 978-965-264-014-7.
- ^ أ ب ت ابن خلدون في إسلام أونلاين
- ^ عبد الرحمن بن محمد بن خلدون، المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر، ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر الجزء السابع ص 379 ـ 380
- ^ (ar) وثائقي | علماء مسلمون : 9 ابن خلدون،وثائقي ابن خلدون
- ^ تونس تحتفي بميلاد ابن خلدون الجزيرة.نت، تاريخ الولوج 4 يونيو 2013
- ^ "مسار النهضة والسقوط عند ابن خلدون".
المراجع
- الموسوعة العربية العالمية.
- التعريف بابن خلدون ورحلته غربا وشرقا. تأليف: عبد الرحمن ابن خلدون
- مقدمة ابن خلدون
- مقدمة المكروديناميكا الاجتماعية. الدورات المئوية والتيارات الالفية في أفريقيا / تأليف أندريه كاراطائف ISBN 5-484-00560-4
- الموسوعة السياسية - الحزء الثالث.
وصلات خارجية
- تحميل نسخة إلكترونية رائعة لمقدمة ابن خلدون.
- دار الارقم بن أبي الارقم، باب السلف الصالح صدقوا ما عاهدوا الله عليه - حكماء وعلماء وفلكيون وادباء ومفكرون وخلفاء ومبدعون مسلمون
- إسبانيا تحتفي بالذكرى المئوية السادسة لوفاة ابن خلدون
- صور لتشكيلة من مقتنيات ابن خلدون الشخصية ضمن معرض ابن خلدون جسر بين الشرق والغرب في مصر
- ابن خلدون
- ابن خلدون في إسلام أونلاين
- كيف غير علماء المسلمين وجه العالم؟ - مقالة مترجمة
- جوجل يحتفل بذكرى ميلاد مؤسس علم الاجتماع "ابن خلدون" أريبيان بزنس، 27 مايو 2011
- يبليوغرافيا الدِّراسات الخلدونيّة :مؤلفات ابن خلدون ومصادر دراسته علم وعمران، فريد جحا.
خطأ استشهاد: وسوم <ref>
موجودة لمجموعة اسمها "note"، ولكن لم يتم العثور على وسم <references group="note"/>
- Harv and Sfn no-target errors
- Short description is different from Wikidata
- علماء مسلمون
- الدول التاريخية الإسلامية
- ابن خلدون
- أشخاص أرخوا للجزائر
- أشخاص من مدينة تونس
- أندلسيون
- اقتصاديون إسلاميون
- تطور ثقافي-اجتماعي
- خريجو جامعة القرويين
- علماء أندلسيون
- علماء اجتماع
- علماء اجتماع تونسيون
- علماء الإنسان
- علماء عرب
- علماء من العصور الإسلامية الوسطى
- فلاسفة مسلمون
- قضاة تونسيون
- كتاب سيرة ذاتية
- مؤرخون تونسيون
- مؤرخون عرب
- مؤرخون مسلمون
- مستكشفون مسلمون
- نظريات التاريخ