دن، يُعرف أيضاً باسم حور-دن، ديمون، ويدمو، دن-سيمتي، ويسوت-بيتي، هو سادس فراعنة الأسرة المصرية الأولى. وهو أفضل حاكم موثق أثريًا في هذه الفترة، ويُنسب إليه الفضل في جلب الرخاء إلى مملكته.
كان دن أول من استخدم لقب "ملك مصر العليا والسفلى" وأول من تم تصويره وهو يرتدي التاج المزدوج (الأحمر والأبيض). ومن الجدير بالذكر أن أرضية مقبرته في أم القعاب، بالقرب من أبيدوس، بُنيت باستخدام الجرانيت باللونين الأحمر والأسود، مما يجعلها أقدم مقبرة معروفة تستخدم هذا الحجر الصلب كمادة بناء في مصر مع مجموعة من السلالم المؤدية إليه. خلال فترة حكمه الطويلة، أسس العديد من عادات طقوس البلاط والملكية التي اعتمدها الحكام اللاحقون، وكان يحظى باحترام كبير من قبل خلفائه المباشرين.
أطلق عليه المؤرخ المصري القديم مانيتو لقب "أوسافايدوس" وقدر فترة حكمه بعشرين عاماً،[1] في حين أن قائمة تورين للملوك تالفة وبالتالي غير قادرة على تقديم معلومات حول مدة حكم دن.[2] يعتقد علماء المصريات والمؤرخون بصفة عامة أن دن حكم 42 عاماً، اعتماداً على النقوش على حجر پالرمو.[3]
توفر بيانات الكربون المشع الحديثة من المقابر في أبو رواش، والتي تعود إلى عهد دن، تقديرًا محتملاً لارتقاء دن العرش عام 3011-2921 ق.م. (1σ).[4]
-
اسم سرخ الفرعون دن موثق جيدًا في طبعات الأختام الترابية، وعلى النقوش العاجية وفي النقوش على الأواني المصنوعة من الشيست، الديوريت و الرخام. عُثر على القطع الأثرية في أبيدوس وسقارةوأبو رواش.[5] كما وُثق اسم دن في المستندات اللاحقة. على سبيل المثال، تناقش بردية برلين الطبية (عصر الرعامسة) العديد من طرق العلاج لعدد من الأمراض المختلفة. ويقال إن بعض هذه الأساليب نشأت في عهد دن، لكن هذا البيان قد يكون مجرد محاولة لجعل النصائح الطبية تبدو تقليدية وموثوقة.[6] وبالمثل، ذُكر اسم دن في بردية عاني (التي يرجع تاريخها أيضًا إلى عصر الرعامسة) في الفصل 64.[7]
هويته
جزء من نقش عاجي يُظهر الفرعون دن وهو يرتدي التاج المزدوج لمصر العليا والسفلى. عُثر عليه في مقبرة دن، وهو محفوظ حالياً في المتحف المصري.
كان اسم سرخ دن هو "دن" أو "ديوين"، ويعني على الأرجح "من يجلب الماء". وهذا يتفق مع اسم ميلاده، وهو "خاستي" أي "رجل الصحاري". ويعتقد علماء المصريات مثل توبي ولكنسونوفرانشيسكو تيرادريتا أن اسم الميلاد يشير إلى الصحراء الشرقية والغربية – وكلاهما يحيطان بمصر مثل الدروع الواقية – أو إلى مصر السفلىوالعليا. وهذا يتوافق مع مقدمة لقب "يسوت-بيتي" الذي يحمله دن. وقد تم تصميم هذا اللقب الملكي لإضفاء الشرعية على سلطة الحاكم على مصر بأكملها.[8][9]
كانت عائلة دن موضوعًا لبحث هام. كانت والدته الملكة مر نيث؛ هذا الاستنتاج مدعوم بطبعات الأختام المعاصرة والنقش الموجود على حجر پالرمو. زوجات دن هن الملكات سمات، ناخت-نعت. كوا-نعت، وربما قاي نيت. كما كان له أبناء كثيرون. من الممكن أن يكون خلفاؤه المحتملون الملك عنجي إب والملك سمر خت.[5][10]
كما كانت عائلة دن الملكية محل بحث جيد. المقابر الفرعية والمصاطب الفخمة في سقارة كانت مملوكة لكبار المسؤولين مثل إپكا وعنخ كا وحما-كا ونبيتكا وأمكا وإني-كا وكا-زا. في مقبرة فرعية في جبانة دن، عُثر على لوحة نادرة لقزم اسمه "سر-إنپو".[3]
تمت قراءة اسم ميلاد دن بشكل خاطئ في عصور رعامسة . تحتوي قائمة أبيدوس على كلمة "سپاتجو" مكتوبة برمزين لكلمة "مقطع". هذا مستمد من رمزي الصحراء اللذين استخدمهما دن في الأصل. تشير قائمة تورين للملوك إلى "Qenentj"، وهو أمر يصعب ترجمته. لا يزال أصل الهيروغليفية المستخدمة في قائمة تورين للملوك غير معروف. لوحة سقارة تحذف دن تمامًا بشكل غامض.[11]
حكمه
العلامة العاجية EA 32650 من مقبرة دن. السجل العلوي الأيمن يصور الملك دن مرتين: على اليسار يجلس في جناح هبسد الخاص به، وعلى اليمين يركض في سباق رمزي حول علامات على شكل حرف D. يرتبط هذا الحفل بما يسمى "سباق العجل أبيس". القسم الأيمن-الأوسط يتحدث عن مداهمة مدينة "الباب الجميل" وعن إصابة ابنة دن بمرض مجهول. يتحدث القسم الأيمن السفلي عن زيارة "أرواح پيه" في المملكة "وينت". يصف الجزء الأيسر من النقش محتوى الوعاء الذي كان ينتمي في السابق إلى النقش ويذكر المسؤول الرفيع حماكا، الذي كان من الواضح أنه مسؤول عن تسليم الجرة التي تحمل النقش.
للملك دن له العديد من الإنجازات من أهمها أنه أعاق قطاع الطرق الذين كانوا يغيرون على سكان الدلتا الغربية، وهو أول ملك فكر في تنظيم مياه النيل وفيضانه في منطقة الفيوم، وكان ألو من حبس الأوقاف على المعابد، وقد دفن في العرابة المدفونة في مقبرة كسيت أرضيتها بقطع من الجرانيت، وهو أول ملك ذكر قبل اسمه لقب "نيسوت - بيتي" ويعني بذلك ملك الوجه القبلي والبحري. وصور في حجر بالرمو مرتديا التاج الأبيض، رمز الوجه القبلي ثم مرتديا التاج الأحمر رمز الوجه البحري. وقد كشف في سقارة عن مقبرة لوزيره حماكا بها أقراص من الحجروالنحاسوالخشبوالعاج ومحلاة بمناظر بديعة وبعضها مطعم بقطع من المرمر.[12]
البداية
وفقًا للسجلات الأثرية، في بداية حكمه، كان على دن أن يتقاسم العرش مع والدته مرني عت لعدة سنوات. ويبدو أنه كان أصغر من أن يحكم نفسه. لذلك، حكمت مرني عت بصفتها الوصية أو الفرعون الفعلي لبعض الوقت. ولم يكن مسار العمل هذا غير عادي في التاريخ المصري القديم. ربما قامت الملكة نعيت حتپ بدور مماثل قبل مرني عت، في حين أن الملكات مثل نفرو سوبكوحتشپسوت أصبحن فيما بعد حاكمات مصريات. كوفئت والدة دن بمقبرة خاصة بها ذات أبعاد ملكية وعبادة جنائزية خاصة بها.[5][10]
الأحداث
كان إدخال الترقيم باستخدام الهيروغليفية أحد الابتكارات الهامة في عهد دن. قبل ذلك، كانت أحداث العام البارزة تُصوَّر فقط في اللافتات والمنمنمات، مسترشدة أحيانًا بالعلامة الهيروغليفية rnpt "نخلة العثكول"، والتي تعني "سنة". منذ عهد دن فصاعدًا، استخدم المصريون الترقيم الهيروغليفي لمجموعة من الأغراض بما في ذلك حساب مجموعات الضرائب ولشرح أحداث السنة الخاصة بهم.[13]
دن هو أول ملك مصري مشهود له بالنقوش الصخرية في شبه جزيرة سيناء. يظهر نقشان أو ربما ثلاث نقوش للملك وهو واقفاً برفقة بعض مسؤوليه.[14]
تم تسجيل معظم الأحداث الدينية والسياسية في عهد دن في النقوش العاجية العديدة ونقش حجر پالرمو. تظهر تلك النقوش تطورات هامة في الطباعة والفنون. تم تقسيم السطح فنيًا إلى أقسام، يعرض كل منها أحداثًا فردية. على سبيل المثال، تشير إحدى هذه النقوش إلى وباء ضرب مصر في ذلك الوقت. يُظهر النقش صورة الشامان مع وعاء أو جرة غير محددة عند قدميه. هناك نقش قريب يبدأ بـ "هينو..." لكن من غير الواضح ما إذا كان ذلك يعني "توفير" أم أنه المقطع الأول من اسم "هينو-كا" (مسؤول رفيع المستوى).[3]
وهناك علامة أخرى تُعرف باسم "علامة مكگريگور"، تُظهر أول تصوير كامل لملك مصري يرتدي ما يسمى بغطاء الرأس النمس. وتظهر الصورة دن في لفتة تعرف باسم "ضرب العدو". يحمل دن في إحدى يديه صولجانًا، وفي اليد الأخرى يمسك عدوًا من شعره. بفضل الجدائل واللحية المخروطية، تم التعرف على العدو على أنه من أصل آسيوي. تقول الكتابة الهيروغليفية على الجانب الأيمن "أول ضربة للمشرق". على الجانب الأيسر مكتوب اسم المسؤول الكبير "إني-كا".
ويبدو أن دن أرسل قواته إلى شبه جزيرة سيناء والصحراء الشرقية عدة مرات. النهب الرحل، الذين عرفهم المصريون الأوائل باسم جونتج.و "الأشخاص الذين يحملون أقواس الصيد"، كانوا أعداء دائمين لمصر، وكثيرًا ما كانوا يسببون المشاكل. وقد ورد ذكرهم مرة أخرى في نقش صخري في شبه جزيرة سيناء تحت حكم سمر خت، أحد خلفاء دن.[3][15][16]
السنة 18-22 في الصفحة اليمنى من قطعة حجر القاهرة C5.
وردت من الأحداث على قطع حجر پالرمو. تسجل قطعة أكسفورد الأحداث التالية:
السنة الرابعة: أول عد للذهب.
السنة الخامسة: مرافقة حورس؛ التعداد الثاني للماشية.
السنة السادسة: ...(القسم متضرر)... من رحيت.
السنة السابعة: مرافقة حورس؛ التعداد الثالث للماشية.[17]
وتسجل قطعة حجر القاهرة C5 الأحداث التالية:
السنة 18: صنع تمثال لـ وير-ودجت.
السنة 19: ضرب شعب الستجيت.
السنة 20: عمل تمثال للإلهة معفدت؛ رفع أعمدة السنتج.
السنة 21: ضرب شعب التجسم.
السنة 22: زيارة مقالطعة سمر-نت جرو الملكية؛ احتفال الهبسد الأول.[18]
مدخل المقبرة "T" بعد ترميمه، مقبرة دن، أم القعاب، أبيدوس.
دُفن دن داخل مقبرة في منطقة أم القعاب في أبيدوس ("مقبرة T") ، والتي ترتبط بملوك الأسرة الأولى الآخرين.[22] تعد مقبرة T من أكبر وأفضل المقابر بناءاً في تلك المنطقة، وهي أول مقبرة تتميز بدرج وأرضية مصنوعة من الجرانيت.[23]
وكانت مقبرة دن أول مقبرة تحتوي على سلالم تؤدي للمدفن، حيث كانت مقابر الملوك الأوائل سطحية. من الممكن أن تكون المقبرة قد استخدمت كمخزن لفائض الإنتاج خلال حياة الملك، مع إضافة القطع الجنائزية ليستخدمها دن لاحقًا في الحياة الآخرة.[24]
كما تعتبر المقبرة T أول مقبرة تشتمل على عناصر معمارية مصنوعة من الحجر بدلاً من الطوب اللبن.[24] في التصميم الأصلي للمقبرة، كان يوجد باب خشبي في منتصف الطريق تقريبًا أعلى الدرج، وباب منزلق أمام غرفة الدفن، مصمم لمنع لصوص المقابر.[25] وكانت أرضية المقبرة مرصوفة بالجرانيت الأحمر والأسود من أسوان، وهو أول استخدام معماري موسع لمثل هذا الحجر الصلب.
وجه تمثال مركب يصور دن، عُثر عليه داخل المقبرة T في أم القعاب.
عُثر على تم عشرين علامة مصنوعة من العاج والأبنوس في مقبرته، 18 منها بواسطة فلندرز پتري في أكوام الأنقاض التي تركها إميل أميلينو الأقل دقة.[24] من بين هذه العلامات أقدم الصور المعروفة لفرعون يرتدي التاج المزدوج لمصر (انظر أعلاه)، بالإضافة إلى الركض بين النصب التذكارية كجزء من مهرجان سد.[24] كما عُثر على طبعات الأختام التي توفر أقدم قائمة ملوك مؤكدة.
المقبرة T محاطة بمواقع دفن 136 رجلاً وامرأة[23] الذين دفنوا في نفس وقت دفن الملك. يُعتقد أنهم خدم الملك، ويشير فحص بعض الهياكل العظمية إلى أنهم تعرضوا للخنق، مما يجعل هذا مثالًا على التضحية البشرية التي تعتبر شائعة لدى فراعنة الأسرة الأولى. يبدو أن هذه الممارسة قد توقفت بنهاية الأسرة، حيث أخذ الأوشبتي مكان أجساد الأشخاص الفعليين لمساعدة الفراعنة في العمل المتوقع منهم في الحياة الآخرة.[25]
آثاره
في 25 يوليو2012 أعلن جيولوجيون من المعهد الفرنسي للآثار الشرقية بالقاهرة عن اكتشاف قارب شمس فرعوني يرجع لأكثر من 5.000 سنة، في منطقة أبو رواش، غرب القاهرة. ويعود القارب لعصر الفرعون دن.[26]
والمركب كان مدفون تحت رمال المصطبة السادسة في الموقع، ويتكون من 11 قطعة خشبية بطول ستة أمتار وعرض 150 متر. وسوف يُنقل المركب إلى المتحف المصري لاعادة تركيبه. وبعد افتتاح المتحف سوف يعرض القارب في قاعة النيل.
^ أبSiegfried Schott: Altägyptische Festdaten. Verlag der Akademie der Wissenschaften und der Literatur, Mainz 1950, (Akademie der Wissenschaften und der Literatur Mainz - Abhandlungen der Geistes- und Sozialwissenschaftlichen Klasse 1950, Vol. 10, ISSN 0002-2977
^Pierre Tallet: Zone Miniere Pharaonique du Sud Sinai, I, Catalogue complémentaire des inscriptions du Sinaï, Kairo 2012, ISBN978-2724706291, p. 16-18, no. 1-3
^R. B. Parkinson, Whitfield Diffie, Mary Fischer, R. S. Simpson: Cracking Codes: the Rosetta Stone and Decipherment; Band 2. California Press, New York 1999, ISBN0-520-22248-2, page 74.
^A. J. Spencer: Early Dynastic Objects, Catalogue of the Egyptian Antiquities in the British Museum, London 1980, ISBN0-7141-0927-4, page 65, obj. No. 460.
^Toby A. H. Wilkinson: Royal Annals of Ancient Egypt: The Palermo Stone and its Associated Fragments. Taylor and Francis, London 2000, ISBN978-0-7103-0667-8, page 248-252.
^Toby A. H. Wilkinson: Royal Annals of Ancient Egypt: The Palermo Stone and its Associated Fragments. Taylor and Francis, London 2000, ISBN978-0-7103-0667-8, page 202&203.
^after Siegfried Schott: Altägyptische Festdaten. Verlag der Akademie der Wissenschaften und der Literatur, Mainz/Wiesbaden 1950, page 59–67.
^Toby A. H. Wilkinson: Royal Annals of Ancient Egypt: The Palermo Stone and its Associated Fragments. Taylor and Francis, London 2000, ISBN978-0-7103-0667-8, page 108–176.
^Günther Dreyer: Mitteilungen des Deutschen Archäologischen Instituts Kairo (MDAIK), Vol. 46 (1990); page 80; Obj. 9.
^Clayton, Peter A. Chronicle of the Pharaohs: The Reign-by-Reign Record of the Rulers and Dynasties of Ancient Egypt. p. 24. Thames & Hudson. 2006. ISBN0-500-28628-0
^ أبAdams, Barbara and Ciałowicz, Krzysztof M. Protodynastic Egypt. p. 65. Shire Egyptology. 1988. ISBN0-7478-0357-9
^ أبتثShaw, Ian and Nicholson, Paul. The Dictionary of Ancient Egypt. p. 84. Harry N. Abrams, Inc. 1995. ISBN0-8109-9096-2
^ أبShaw, Ian. The Oxford History of Ancient Egypt. p. 68. Oxford University Press. 2000. ISBN0-19-280458-8
.jpg){kind=small}
.jpg){kind=small}
.jpg){kind=small}
.jpg){kind=small}
.jpg){kind=small}
_Colorized_per_source.jpg){kind=small}
_,_Kerma_Museum,Sudan_(2).jpg){kind=small}
,_Hamadan_mint.jpg){kind=small}
