تاريخ هولندا
جزء من سلسلة عن |
---|
تاريخ هولندا |
تاريخ هولندا، هو تاريخ الشعب البحري المزدهر على دلتا الأراضي الوطيئة الماشية على بحر الشمال في شمال غرب أوروپا. عند وصول الرومان وبداية التاريخ المكتوب عام 57 ق.م، كانت البلاد مأهولة بأعداد قليلة من الجماعات القبلية المختلفة عند أطراف الامبراطورية. كان للحكم الروماني الذي استمر ما يزيد عن أربعة قرون آثار ديموغرافية عميقة، تجلت في النهاية في تأسيس ثلاثة شعوب جرمانية رئيسية في المنطقة: الفريزيون، الساكسونيون السفليون، والفرنجة. بحلول القرن الثامن دفعتهم الإرساليات الهيبرونية-الاسكتلندية، والأنگلو-ساكسونية لاعتناق المسيحية. وفي النهاية أصبح أحفاد الفرنج الساليانيين مسيطرين على المنطقة، ومن أحاديثهم نشأت اللغة الهولندية.
اندمج الحكم الكارولنجية بسلاسة داخل الامبراطورية الرومانية المقدسة وتلاه depredation الڤايكنگ، وتُرك النبلاء المحليين أحرار جزئياً في تشكيل الدوقيات والمقاطعات المستقلة إلى حد كبير. لعدة قرون، كانت برابانت، هولندا، زيلاندا، فريزلاند، گلره وغيرها في حالة قتال متقطع فيما بينها، لكن فيا لوقت نفسه استمرت التجارة والنمو، واستصلحت الأراضي، وازدهرت المدن. مجربين بحكم الطبيعة على العمل معاً، وعلى مدار قرون بنوا وحافظوا على شبكة من الأراضي البحرية المستصلحة والسدود المائية التي وقتهم مد البحر والفيضانات، في عملية قاموا من خلالها بتحويل بلادهم المقفرة إلى حديقة مثمرة، لتصبح سيدة بحر الشمال وما وراء أعالي البحار، ولتخرج من النضال كواحدة من أكثر الدول تقدماً وإقداماً في أوروپا.
بحلول 1422، بسط فيليپ من برگندي سيطرته على معظم الأراضي الناطقة بالهولندية وظهر مفهوم أمة الشعوب الناطقة بالهولندية. إلا أنه تحت حكم شارل الخامس ومن بعده فليپه الثاني، أصبحت هولندا البرگندية جزءاً من الامبراطورية الإسپانية. جعل الإصلاح الپروتستنتي الكالڤانية هي الديانة السائدة في الشمال (هولندا)، والكاثوليكية في الجنوب (بلجيكا). قام الإسپان بهجوم مضاد تحت قيادة دوق ألبان وألسكندر فارينز. عام 1566، وليام من اورانج، الكالڤيني، أطلق شرارة حرب الثمانين عاماً لتحرير الهولنديين من جميع الأديان من الإسپان الكاثوليك]]. كانت الثورة الهولندية نضالاً ملحمياً ضد الإسپان؛ وفازت بسلام وستفاليا في النهاية عام 1468.
وُلدت الجمهورية الهولندية، الأمة الناطقة بالهولندية التي تضم الپروتستانت، الكاثوليك، واليهود-وسياسات تسامح فريدة. ومع ذلك، فالمقاطعات الجنوبية (بلجيكا حالياً)، مقارنة كانت تضم الكاثوليك الناطقين بالهولندية والفرنسية، ظلت تحت حكم إسپانيا. استفادت هولندا بشكل كبير من تراجع أنتوِرپ والتدفق الهائل للاجئين الپروتستنت.
أثناء الثورة ازدهرت التجارة وازدهرت كذلك المقاطعات المتحدة. أصبحت أمستردام من أهم المراكز التجارية في شمال أوروپا. في العصر الذهبي الهولندي، والذي كان في أوجه حوالي عام 1667، كان هناك ازدهار ملحوظ للتجارة، الصناعة (خاصة بناء السفن)، الفنون (خاصة الرسم)، والعلوم. مستخدمة قوتها البحرية وأسطولها التجاري العملاق، بنت هولندا امبراطورية هولندية عالمية، قوة بحرية امتد نفوذها التجاري، الامبراطوري والاستعماري إلى آسيا، أفريقيا والأمريكتين. وكانت تجارة العبيد على وجود الخصوص مربحة.
بحلول منتصف القرن 18 حدث تراجعاً لعدة عوامل اقتصادية. كان عدد السكان أقل من 2 مليون. كانت سلسلة الحروب مع بريطانيا وفرنسا باهظة. كان النظام السياسي في البلاد تحت سيطرة الأوصياء الأثريات و(أحياناً)stadtholders المنحدرين من آل اورانج. وفي النهاية، فقدت أمستردام مركزها الريادي لصالح لندن. عام 1784 انتهت الحرب مع بريطانيا العظمى نهاية كارثية. كان هناك فوضى متنامية ونزاع بين الاورانجيين والوطنيين مستلهم من الثورة الفرنسي، وأخيراً النزاع من فرنسا نفسها. تأسست الجمهورية الباتڤية الموالية لفرنسا (1795–1806)، ومع توطيد السلطة الفرنسية تحت حكم ناپليون تحولت تدريجياً إلى دولة تابعة لفرنسا، والذي بلغ ذروته في مملكة هولندا (1806–1810) والمحافظة الامبراطورية لاحقاً.
بعد معركة لايپزيگ والانهيار اللاحق للامبراطورية الفرنسية عام 1813، عادت هولندا "كإمارة سيادية" مع تقلد آل اورانج الملك. أكد مؤتمر ڤيينا عام 1815 على هذه السلطة بتأسيس مملكة هولندا. الملك وليام الأول مُنح أيضاً الحكم على بلجيكا. كانت الهوة الثقافية بين الشمال والجنوب كبيرة للغاية. ثارت بلجيكا عام 1830]] واعترفت القوى الأوروپية باستقلالها. بعد فترة تحفظ في البداية، نشأت المشاعر الليبرالية القوية في هولندا، ولهذا ففي دستور 1848 أصبحت البلاد ديمقراطية برلمانية بنظام ملكي دستوري. التصنيع والتحضر جعل منها دولة صغيرة مزدهر بامبراطورية ضخمة.
كانت هولندا على الحياد أثناء الحرب العالمية الأولى، وكانت العشرينيات والثلاثينيات سنوات هادئة. في 10 مايو 1940 غزة ألمانيا النازية البلاد، وبعد تدمير روتردام، تم احتلالها. حوالي 100.000 يهودي هولندي لقوا حتفهم في الهولوكوست وتوفى الكثيريرين أيضاً. في 5 مايو 1945، انتهت الحرب بعد التحرير الذي تم بصفة رئيسية على يد القوات الكندية. سنوات ما بعد الحرب كانت وقت الشدة، الكوارث الطبيعية والهجرة الجماعية، والتي تلاها إعادة البناء، برامج الأشغال العامة واسعة النطاق (حاصة أعمال الدلتا)، التعافي الاقتصادي، التكامل الأوروپي والوصول التدريجي لحالة الرفاه. كان هناك أيضاً نزاع من إندنسيا، والذي انتهى بانسحاب هولندا تماماً من مستعمراتها السابقة هناك عام 1961. أعلنت سورينام استقلالها عام 1975. الكثير من شعوب إندونسيا وسورينام، ولاحقاً من بلدان أخرى أيضاً، انتقلوا إلى هولندا، مما أدى إلى تحول البلاد إلى مجتمع متعدد الثقافات.
تميز النصف الثاني من القرن 20 بالسلام والازدهار السبي. بحلول القرن 21، أصبحت هولندا بلداً حديثاً وديناميكاً باقتصاد ناجح، منفتح دولياً (16 أكبر اقتصاد في العالم، 2010) ومعيار مرتفع للحياة.
تاريخ البلدان الواطئة
| |||||
---|---|---|---|---|---|
أسقفية لييج 985–1790 |
هولندا البورگندية |
دوقية لوكسمبورگ اندمجت 1441 | |||
1384–1477 | |||||
هولندا الهابسبورگ 1477–1556 | |||||
البلاد الواطئة الاسبانية 1556–1581 | |||||
هولندا الاسبانية |
هولندا المتحدة 1581–1795 |
1581–1713 | |||
هولندا النمساوية |
1713–1790 | ||||
الولايات المتحدة البلجيكية |
1790 | ||||
أسقفية لييج 1790–1795 |
هولندا النمساوية |
1790–1794 | |||
الجمهورية الفرنسية |
الجمهورية الباتاڤية 1795–1806 |
1795–1804 | |||
الامبراطورية الفرنسية |
مملكة هولندا 1806–1810 |
1804–1815 | |||
المملكة المتحدة الهولندية 1815–1830 |
الدوقية الكبرى لوكسمبورگ | ||||
مملكة بلجيكا منذ 1830 |
مملكة هولندا منذ 1830 |
(في اتحاد شخصي مع هولندا حتى 1890) |
تعني هولندا Holland البلاد المنخفضة Netherlands، وإن كانت قديماً تشمل أيضاً لوكسمبورگ وبلجيكا.[1]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
قبل التاريخ (قبل 800 ق.م.)
التغيرات التاريخية على الطبيعة
التلال والكثبان الشاطئ
مسطحات المد والجزر والمسطحات الرملية والمستنقعات المالحة
مستنقعات الخث ومناطق طمي الفيضانات
(بما في ذلك مجاري الأنهار القديمة وخروقات ضفة النهر والتي تمتلئ بالطمي أو الخث) أودية الأنهار الكبرى (التي لم يشملها مع الخث)
كثبان نهرية (كثبان العصر الجليدي))
المياه المفتوحة (البحر والبحيرات والأنهار))
الطبيعة في العصر الجليدي (> −6 م مقارناً مع NAP)
الطبيعة في العصر الجليدي ( -6 م – 0 م)
الطبيعة في العصر الجليدي ( 0 م – 10 م)
الطبيعة في العصر الجليدي ( 10 م – 20 م)
الطبيعة في العصر الجليدي ( 20 م – 50 م)
الطبيعة في العصر الجليدي ( 50 م – 100 م)
الطبيعة في العصر الجليدي ( 100 م – 200 م)
|
أول مجموعة من الصيادين (قبل 5000 ق.م.)
وصول المزارعين (حوالي 5000-4000 ق.م.)
Funnelbeaker والثقافات الأخرى (حوالي 4000-3000 ق.م.)
ثقافات Corded Ware و Bell Beaker (حوالي 3000-2000 ق.م.)
العصر البرونزي (حوالي 2000-800 ق.م.)
فترة ما قبل الرومان(800-58 ق.م.)
العصر الحديدي
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وصول الجماعات الجرمانية
القبائل
القبائل الموضحة في الخريطة على اليمين:
- A. Frisii,
- B. Canninefates,
- C. Batavi,
- D. Marsac(i)i,
- E. Toxandri,
- F. Menapii,
- G. Ampsivarii,
- H. Chamavi,
- I. Sicambri,
- J. Bructeri,
- K. Tubantes,
- L. Usipetes, و
- M. Tencteri.
الجماعات القبلية الأخرى الغير ظاهرة على هذه الخريطة ولكن مرتبطة بهولندا هي:
- Chatti
- Chattuarii,
- Salii,
- Tungri, and
- Ubii.
الكلت في الجنوب
كان يسكنها الكلتيون عندما غزتها القوات الرومانية بقيادة يوليوس قيصر Julius Caesar في القرن الأول قبل الميلاد.
نظرية Nordwestblock
العصر الروماني (57 ق.م. - 410 م)
المستوطنات الرومانية في هولندا
الباتاڤيون
- مقالات مفصلة: باتاڤي (قبيلة جرمانية)
- ثورة الباتاڤي
ظهور الفرنكيون
الفرانكيين Franken - وهم شعب جرماني - طردوا الرومانيين من البلاد المنخفضة في القرن الخامس الميلادي.
اختفاء الفريزي
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
أوائل العصور الوسطى (411-1000)
الفريزيون
الفرنجة
شكوك حديثة عن التقاليد الفرنكية والفريزية وتميز الساكسون
ظهور اللغة الهولندية
التنصير
سيطرة الفرنجة، وإدماجها في الإمبراطورية الرومانية المقدسة
لما تولى شارلمان Charlemagne العرش كانت هولندا جزءاً من أملاكه، فأدخل إليها الديانة المسيحية، ولكن المملكة الفرانكية انهارت في القرن التاسع الميلادي، وانقسمت البلاد المنخفضة عام 870م بين المملكة الفرانكية الشرقية - التي أصبحت ألمانيا فيما بعد - والمملكة الفرانكية الغربية التي أصبحت فرنسا فيما بعد. وكانت هولندا آنذاك جزءاً من المملكة الفرانكية الشرقية.
غارات الفايكنج
العصور الوسطى العليا (1000-1432)
جزء من الامبراطورية الرومانية المقدسة
الانقسام السياسي
الفريزيون
بزوغ هولندا
كانت الأقاليم المحتشدة حول حوض الراين الأدنى ومصابه الكثيرة من أغنى أقاليم العالم في العصور الوسطى. فقد كان في جنوب الرين إقليم فلاندرز الممتد من كاليه Calais مخترقاً بلجيكا الحالية إلى نهر الشلد Sheldt. وكان هذا الإقليم من الوجهة الرسمية إقطاعية من ملك فرنسا، ولكنه كان من الوجهة الفعلية تحت حكم أسرة مالكة من النبلاء المستنيرين لا يحد من سلطتهم إلا ما كان للمدن من استقلال ذاتي تفخر به. وكان الأهلون القريبون من الرين ينتمون إلى العنصر الفلمنكي، وأصلهم من عنصر ألماني يسكن البلاد المنخفضة ويتكلمون لهجة ألمانية؛ أما من كانوا يقطنون في غرب نهر ليس Lys فكانوا من الوالون Walloons- وهم خليط من الألمان والفرنسيين امتزجوا بأصل كلتي- ويتكلمون لهجة فرنسية. وأثرت غنث وأودنارد Audenaarde، وكورتربه، وإيبرس، وكاسل Kassel في الإقليم الشمالي الشرقي الفلمنكي؛ وبروج، وليل، ودويه في الإقليم الجنوبي الغربي الولوني، أثرت هذه البلدان من تجارتها وصناعتها وإن كانتا قد سببتا لها الاضطراب. وكانت كثافة السكان في هذه المدن أكثر منها في سائر المدن الأوربية القائمة في شمال جبال الألب، وكانت هذه المدن تسيطر على حكامها الأشراف في عام 1300؛ فقد كان قضاة المقاطعات الكبرى يؤلفون من بينهم محكمة عليا للبلاد ويتفاوضون مستقلين مع المدن والحكومات الأجنبية(56). وكان أولئك الحكام الأشراف في العدة يتعاونون مع المدن، ويشجعون التجارة والصناعة، وكانت لهم عملة مستقرة، ووضعوا منذ عام 1100- أي قبل إنجلترا بمائتي عام- نظاماً عاماً للمقاييس والموازين يعمل به في جميع المدن.
لكن حرب الطبقات قضت في آخر الأمر على حرية المدن وحرية حكامها الأشراف. والسبب في ذلك أن صعاليك المدن زاد عديدهم، واشتد غضبهم وسلطانهم، وأن الحكام الأشراف انضموا إليهم ليناهضوا بهم الطبقة الوسطى الغنية المغترة بنفسها؛ فلجأ التجار إلى فليب أغسطس يطلبون إليه المعونة، فوعدهم بها يرجو بذلك أن يخضع فلاندرز إلى التاج الفرنسي خضوعاً أتم من ذي قبل. وكانت إنجلترا تحرص على أن تبقى أهم سوق تصرف فيها صوفها بعيدة عن سيطرة ملك فرنسا، فعقدت حلفاً مع حكام فلاندرز، مع هينولت Hainault دوق برابانت Brabant وأتو الرابع Otto IV إمبراطور ألمانيا. وهزم فليب جيوش هذا الحلف عند بوفين (1214)، وأخضع حكام فلاندرز، وحمى النظام الألجركي للتجار. ولم ينقطع نزاع السلطات والطبقات بعد هذه الهزيمة؛ حتى إذا كان عام 1297 تحالف الكونت جي ده دمبيير Guy de Dampierre مرة أخرى مع فلاندرز وإنجلترا؛ فما كان من فليب الجميل إلا أن غزا فلاندرز، وزج جي في السجن، وأرغمه على تسليم البلاد إلى فرنسا. فلما أن زحف الجيش الفرنسي لاحتلال بروج، ثار العامة عليه، وهزموا الجنود، وذبحوا أغنياء التجار، واستولوا على المدينة. وبعث فليب بجيش قوي ليغسل هذه الإهانة التي لحقته؛ وألف عمال المدن من أنفسهم جيشاً مرتجلاً عاجلاً هزموا به الفرسان والجنود المرتزقة التي بعثت بها فرنسا في معركة كورتريه (1302)؛ واخرج جي ده دمبيير الشيخ من سجنه وأعيد إلى منصبه، واستمتع الحلف العجيب بين الحكام الأشراف والصعاليك الثوار بالنصر عشر سنين.
وظلت البلاد المعروفة لنا الآن باسم هولندة جزءاً من مملكة الفرنجة من القرن الثالث حتى التاسع؛ ثم أصبحت في عام 843 هي الطرف الشمالي لدولة لورين الحاجزة التي أنشأتها معاهدة فردون Verdun. وقسمت تلك البلاد في القرنين التاسع والعاشر إقطاعيات كي تستطيع صد غارات الشماليين. وقطع الألمان الأشجار من الإقليم الكثيف الغابات الواقع في شمال نهر الرين، واستقروا فيه، وأطلقوا عليه اسم هولندة، أي أرض الغابات. وكان معظم أهله أرقاء أرض، منهمكين في كدحهم لانتزاع القوت من أرضين لابد لهم أن يقيموا الحواجز حولها لوقايتها من ماء البحر أو لتجفيفها بعد أن تطغى المياه عليها. غير أنها كانت تضم أيضاً مدناً ليست كالمدن الفلمنكية ثروة أو اضطراباً، بل تعتمد اعتماداً سليماً على الصناعة المستقرة والتجارة المنتظمة. وكانت دوردرخت Dordrecht أكثر هذه المدن رخاء؛ كما كانت أوترخت Utrecht مركزاً للعلوم، وهارلم مقر كونت هولندة؛ وأضحت دلفت Delft عاصمة البلاد إلى حين، ثم انتقلت العاصمة حوالي عام 1250 إلى لاهاي The Hague . وكان أول ظهور أمستردام في عام 1204 حين شاد أحد الأعيان الإقطاعيين قصراً حصيناً عند مصب نهر أمستل Amstel؛ واجتذب هذا الموقع الأمين على الزيدرزي Zuider Zee والقنوات الكثيرة التي تخترقه في كل مكان- اجتذب هذا الموقع التجارة، ثم جعلت المدينة في عام 1297 ثغراً حراً تفرغ فيه المتاجر ويعاد شحنها دون أن تؤدي ضرائب جمركية؛ وأضحى لهولندة الصغيرة من ذلك الحين شأن عظيم في شئون العالم الاقتصادية، وفيها غذت التجارة الثقافة كما يحدث في غيرها من البلدان، فنحن نسمع في القرن الثالث عشر عن شاعر هولندي مارلانت Maerlant، يهجو حياة رجال الدين المترفين هجاء لاذعاً. وبدأ الفن الهولندي حياته الفذة العجيبة في الأديرة، وكان يشمل النحت، وصناعة الخزف، والتصوير، وتزيين الكتب.
وكانت دوقية برابانت تقوم إلى جنوب هولندة، وكانت تشمل وقتئذ مدائن أنڤرس Antwerp، وبروكسل ولوڤان Louvain. أما لييج فكان يحكمها أساقفتها حكماً مستقلاً، وكانوا يتركون لها قسطاً كبيراً من الحكم الذاتي؛ وكان إلى جنوب برابانت مقاطعات هينولت، ونامور Namur، ولمبورگ Limburg، ولكسمبرج؛ ثم دوقية لورين ومدائنها تريير Trier، ونانسي Nancy، ومتز؛ ثم عدة إمارات أخرى خاضعة خضوعاً اسمياً لإمبراطور ألمانيا، ولكنها كانت متروكة في الأغلب الأعم لأشرافها الحكام. وكان لكل من هذه الأقاليم تاريخه الحافل بأحداث السياسة، والحب، والحرب؛ فلنودعها ولننتقل إلى غيرها. وكان في جنوبها وغربها إقليم برغندية التي تكون الآن الجزء الشرقي من وسط فرنسا؛ وكانت حدودها تتبدل على الدوام تبدلاً لا يشجعنا على تعيينها، أما أحداثها السياسية فإنها تتبدل على الدوام تبدلاً لا يشجعنا على تعيينها، أما أحداثها السياسية فإنها كفيلة بأن تملأ مجلدات ضخمة عديمة الفائدة. وحسبنا أن نقول عنها إن رودلف الأول جعلها مملكة مستقلة في عام 888؛ وإن رودلف الثالث أوصى في عام 1032 بضمها إلى ألمانيا. ولكن جزءاً منها ضم فرنسا في هذا العالم نفسه وأصبح دوقية تابعة لها. وكان أدواق برگندية، كما كان ملوكها السابقون يحكمونها، حكماً يدل على الحكمة والذكاء، وكانت الكثرة الغالبة منهم تحرص على السلم. ويقع أزهى عصورهم في القرن الخامس عشر.
التوسع والنمو
الهوك وحروب الكود
فترة البرگنديين والهابسبورگ (1433-1567)
فترة البرگنديين
لم تلق الأراضي المنخفضة اهتماماً كبيراً من حكامها الفرنسيين والألمان إلا بعد تطور تجارتها وازدهارها واتساع صناعتها. وقد ساندت المدن النبلاء الفرنسيين المحليين ضد الحكام الأجانب، وتمكن دوقات بورغندي Bourgogne الفرنسيون في مطلع القرن الرابع عشر الميلادي من السيطرة على معظم الأراضي المنخفضة عن طريق الإرث والزواج والحرب والشراء،وأنشؤوا حكومة مركزية خضعت للامبراطورية النمساوية بعد زواج مكسيميليان Maximilian I بماري أميرة برگنديا.
حكم هابسبورگ من إسبانيا
في عام 1506م ورث شارل الخامس Charles V أراضي دوقات بورغنديا، وبعد عشر سنوات أصبح ملكاً على إسبانيا باسم شارل الأول، وبذلك خضعت الأراضي المنخفضة للحكم الإسباني، وبعد موته عام 1556 صارت هولندا ضمن ممتلكات ابنه الذي تسمى بفيليب الثاني Philip II.
كانت تجارة نافقة في بلاد الفلاندرز إبان نضج شارل أفضل من الانصراف إلى صناعة ضعيفة مشتتة. وساد الكساد في بروجس وغنت، وعاشت بروكسل باعتبارها قصبة فلمنكية، وكانت لوفان تشكل اللاهوت وتصنع الجعة وأنتورب تتحول - وسوف تكون عند حلول عام 1550 - أغنى مدينة في أوربا وأكثرها حركة وعملاً. وحولت التجارة الدولية والمال ذلك الميناء الهزيل على نهر شلدت العريض الصالح للملاحة بفضل انخفاض المكوس الجمركية على الواردات والصادرات والارتباط السياسي مع أسبانيا وبورصة متخصصة، وشعارها يقول بأنها أنشئت ad usum mercatorum cuiusque gentis ac linguae (ليفيد منها التجار القادمون من كل البلاد والمتحدثون بجميع الألسنة(11)". وكان القيام بمشروع أي عمل حراً من قيود الطائفة الحرفية والحماية البلدية، التي أبقت الصناعة القروسطية غير متقدمة لحسن الحظ. وفتح المصرفيون الإيطاليون هناك وكالات وأقام "التجار المغامرون" الإنجليز مستودعاً وركز آل فوجر وجوه نشاطهم التجاري، وبنى الهانز مؤسستهم العظيمة بيت الشرقيين (1564). وشهد الميناء 500 سفينة تدخل إليها أو تغادرها كل يوم و 5.000 تاجر يشتغلون بتبادل السلع. وكانت حوالة مالية مسحوبة على أنتورب وقتذاك أشيع شكل للعملة الدولية. وفي هذه الفترة حلت أنتورب بالتدريج محل لشبونة، وأصبحت أكبر ميناء أوربي لتجارة التوابل، وكان الوكلاء الفلمنكيون يشترون حمولات السفن الداخلة إلى لشبونة قبل أن تفرغ ثم ترسل مباشرة إلى أنتورب لتوزيعها في شمالي أوربا. وكتب سفير البندقية يقول: "لقد حزنت لرؤية أنتورب لأني شهدت مدينة تبز البندقية(12)"، وكان يشهد التحول التاريخي للزعامة التجارية من البحر الأبيض المتوسط إلى شمال الأطلنطي. وحفزت هذه التجارة الصناعة الفلمنكية فانتعشت حتى في غنت، وأمدت الأراضي المنخفضة شارل الخامس بمبلغ 1.500.000 جنيه (37.500.000 دولار) سنوياً، وهو يعادل نصف دخله الكلي(13).
واستجاب بمنح الفلاندرز وهولندة حكماً صالحاً معتدلاً، اللهم إلا في مجال الحرية الدينية - وهي هبة لم يكد يدركها أصدقاؤه أو أعداؤه. وكانت سلطته من الناحية الدستورية مقيدة بتعهده الذي أقسم على تنفيذه بمراعاة مواثيق المُدن والمقاطعات وقوانينها المحلية، وبالحقوق الشخصية والعائلية، التي حافظ عليها سكان المُدن بشجاعة، وبمجالس الدولة والمالية، ومحكمة للاستئناف أنشئت لتكون جزءاً من الإدارة المركزية. وكان شارل بوجه عام يحكم الأراضي المنخفضة حكماً غير مباشر عن طريق نواب يقبلهم المواطنون: أولاً عمته، وحاضنته ومربيته مرجريت النمساوية، ثم شقيقته ماري، ملكة هنغاريا السابقة، وهما امرأتان تتمتعان بكفاءة وإنسانية ومهارة. ولكن شارل أصبح أشد استبدادً باتساع رقعة الإمبراطوريّة وأقام حرساً أسبانياً في المُدن المتكبرة، وقمع بقسوة أي مخالفة خطيرة لسياسته الدولية، فعندما رفضت غنت أن تصوت على قرار بالاعتمادات العسكرية التي طلبها ومنحتها له المُدن الأخرى، أخمد شارل الثورة باستعراض قوة لا جدال فيها، واقتضى إعانة مالية وتعويضاً، وألغى الحريات التقليدية التي كانت تتمتع بها البلدية، واستُبْدِل بالحكومة المختارة محلياً موظفون معينون من قبل الإمبراطور (1540)(14). ولكن لم يكن هذا المتبع في الأغلب. وعلى الرغم من هذه القسوة العارضة فقد ظل شارل يحظى بشعبية بين رعاياه في الأراضي المنخفضة، ونال الثقة لما حققه من استقرار سياسي ونظام اجتماعي، وطدا دعائم الرخاء الاقتصادي، وعندما أعلن تنازله عن العرش حزن كل المواطنين تقريباً(15).
وسلم شارل بالنظرية المتداولة القائلة بأن السلام القومي والقوى يتطلبان حدة المعتقد الديني، وخشي أن تؤدي البروتستانتية في الأراضي المنخفضة إلى تعريض جناحه للخطر في نزاعه مع فرنسا وألمانيا اللوثرية، فأيد الكنيسة تأييداً كاملاً في قمع الهرطقة في الفلاندرز وهولندة. وكانت حركة الإصلاح الديني هناك معتدلة قبل لوثر، ودخلت بعد عام 1517، مثل ما دخلت اللوثرية ومذهب المنكرين للتعميد من ألمانيا، والزونجيلية والكالفينية من سويسرة والألزاس وفرنسا. وسرعان ما ترجمت رسائل لوثر إلى الهولندية وشرحها وعاظ في انتورب وغنت ودوردرخت واترخت وتسفولى ولاهاي. وتزعم الأخوة الرهبان الدومنيكان حركة معارضة نشيطة دحضوا فيها آراء خصومهم، وقال أحدهم إنه يود لو استطاع أن ينشب أسنانه في زور لوثر، وإنه لن يتردد في أن يذهب لتناول العشاء الرباني والدم يلطخ فمه(16). ورأى الإمبراطور، وهو لا يزال شاباً، أن يخمد الهياج بنشر "إعلان ملصوق" بناء على طلب البابا، يحرم طباعة مصنفات لوثر أو قراءتها. وفي العام نفسه أمر الحاكم العلمانية بتنفيذ منشور ورمس في سائر الأراضي المنخفضة ضد كل مَن يعرض آراء لوثر. وفي اليوم الأول من يوليو عام 1523 أرسل هنري فوس وجوهان إيك، وهما راهبان أوغسطينيان إلى المحرقة في بروكسل، فكانا أول شهيدين من البروتستانت في الأراضي المنخفضة. وسجن هنري الزتفيني، وهو صديق وتلميذ للوثر، ورئيس الدير الأوغسطيني في أنتورب، وفر، وقبض عليه في هولستاين وأحرق هناك (1524) وكان تنفيذ هذه الأحكام بالإعدام بمثابة إعلان لآراء المصلحين الدينيين.
وعلى الرغم من الرقابة فإن ترجمة لوثر للعهد الجديد انتشرت على نطاق واسع، وتداولها الناس في هولندة بحماسة أكثر من الفلاندرز الغنية. وكانت هناك أمنية لإعادة المسيحية إلى بساطتها الأولى، فنشأ عنها أمل، بعد مرور ألف عام، في عودة المسيح مبكراً، وإنشاء أورشليم جديدة لا تكون فيها حكومة، ولا زواج ولا ملكية، وامتزجت بهذه الأفكار نظريات شيوعية عن المساواة وتبادل العون بل "والحب الحر(17)". وتكونت جماعات تنكر التعميد في أنتورب وماسترخت وأمستردام. وجاء ملشيور هوفمان من أمدن إلى أمستردام عام (1531) وأعاد جون الليدني عام 1534 الزيارة يحمل معه يحمل معه عقيدة المنكرين للتعميد من هارلم إلى منستر. وقدر أن ثلثي السكان في بعض المُدن الهولندية كانوا من المنكرين للتعميد. بل إن العمدة في ديفنتز تحول لنصرة القضية. وشحذت المجاعة الحركة، فأصبحت ثورة اجتماعية. وكتب صديق لأرازموس عام 1534 يقول "إن اشتعال حماسة المنكرين للتعميد في هذه المقاطعات يجعلنا نشعر بقلق بالغ لأنه يتصاعد مثل ألسنة اللهب ولا تكاد توجد بقعة أو مدينة لا تتأجج فيها سراً شعلة التمرد(18"). وحذرت ماري الهنغارية الإمبراطور؛ وكانت وقتذاك نائبة له، من أن الثوار قد وضعوا خطة لانتهاب كل ضروب الملكية من النبلاء ورجال الأكليروس والأرستقراطية التجارية، وتوزيع الغنائم على كل رجل حسب حاجته(19). وفي عام 1535 أرسل جون الليديني مبعوثين لتدبير ثورة في نفس الوقت يقوم بها المنكرون للتعميد في عدة محلات هولندية، وبذل الثوار جهود الأبطال، فقد استولت جماعة على دير في فريزلاند الغربية، وحصنته، وحاصرهم الحاكم بالمدفعية الثقيلة، ومات 800 وهم يدافعون دفاعاً لا أمل فيه، (1535) وفي 11 مايو اقتحم بعض المنكرين للتعميد المسلحين قاعة المدينة في أمستردام واستولوا عليها، فطردهم سكان المدينة، ونكلوا بالزعماء، وانتقموا منهم انتقاماً مفزعاً من رجال مفزعين، فاستلت الألسنة، ومزقت القلوب من أجساد الأحياء، وألقي بها في وجوه المحتضرين أو الموتى(20).
وظن شارل أن ثورة شيوعية تتحدى البناء الاجتماعي بأكمله، فاستقدم محكمة التفتيش إلى الأراضي المنخفضة، وخول موظفيها سلطة سحق الحركة وكل الهرطقات الأخرى، مهما قضى ذلك على الحريات المحلية. وأخذ بين عامي 1521 و 1555 يصدر الإعلان الملصق بعد الإعلان ضد الانقسام بين الطبقات الاجتماعية أو الانشقاق الديني. وقد كشف أعنف هذه الإعلانات (25 سبتمبر سنة 1550) عن تدهور الإمبراطور، ووضعت الأسس التي قامت عليها ثورة الأراضي المنخفضة ضد ابنه:
لا يحق لأحد أن يطبع أو يكتب أو ينسخ أو يخفي أو يبيع أو يشتري أو يعطي في الكنائس أو في الشوارع أو غير ذلك من الأماكن أي كتاب أو رسالة من تأليف مارتن لوثر، أو جون أو يكولا مباديوس، أو أولريخ زونجلى، أو مارتن بوسر، أو جون كالفن، أو غيرهم من الهراطقة، الذين استهجنت أعمالهم الكنيسة المقدسة... ولا يحق له أن يحطم أو يؤذي بأي صورة أخرى تماثيل العذراء المقدسة، أو القديسين الذين اعترفت بهم الكنيسة... وليس له أن يعقد اجتماعات سرية أو اجتماعات غير قانونية، أو يحضر أي اجتماع من هذه الاجتماعات، التي يدعو فيها أنصار الهراطقة المذكورين ويعمدون ويدبرون مؤامرات ضد الكنيسة المقدسة والصالح العام... ونحن نمنع جميع الأشخاص العلمانيين من أن يتحدثوا أو يجادلوا في أمر يتعلق بالكتب المقدسة جهراً أو سراً... أو أن يقرأوا أو يعلموا أو يفسروا الكتب المقدسة، ما لم يكونوا قد درسوا اللاهوت في حينه، أو اعترفت بهم إحدى الجامعات المشهورة، أو يرحبوا بأي رأي من آراء الهراطقة المذكورين... وإلا تعرضوا للعقوبات المنصوص عليها فيما يلي... الرجال (تقطع رؤوسهم) بالسيف والنساء يدفن أحياء إذا لم يصررن على أخطائهن، وإذا أصررن عليها فإنهن يعدمن حرقاً، وفي كلتا الحالتين تصادر أملاكهن كلها لمصلحة التاج.
وتمنع كل الأشخاص أن ينزلوا عندهم أو يستضيفوا أو يزودوا بالطعام أو الدفء أو الملابس أو يؤيدوا بأية طريقة أخرى أي امرئ يعتقد أنه هرطيق، أو يشتبه في أن له سمعة سيئة كهرطيق، وكل من يتخلف عن التنديد بأي واحد من هؤلاء الذين نأمر بإدانتهم يكون عرضة للعقوبات المذكورة آنفاً... وكل مَن يعرف شخصاً موصوماً بالهرطقة يجب أن يبلغ عنه ويسلمه... ويكون للمبلغ، في حالة الإدانة، الحق في نصف أملاك المتهم... ولكي لا يكون لدى القضاء والموظفين أي ذريعة - بحجة أن العقوبات جسيمة جداً وشديدة، ولم ينص عليها إلا لإثارة الفزع في قلوب المجرمين - ليوقعوا عليهم عقوبة أقل مما يستحقون (نأمر) بأن يعاقب المجرمون حقاً بالعقوبات التي أعلنا عنها سابقاً، ونحظر على جميع القضاة أن يغيروا أو يخففوا العقوبات بأية طريقة، ونحظر على أي أحد، في أي ظرف أن يطلب منا، أو من أي أحد أو سلطة، أن يمنح عفواً عن، أو أن يقدم التماس في صالح، هؤلاء الهراطقة أو المنفيين أو الهاربين، وإلا تعرض للحكم عليه إلى الأبد بعدم الأهلية لتولي الوظائف المدنية أو العسكرية، ولأن يعاقب بعقوبة يقضى بها عليه بطريقة تحكمية(21).
وعلاوة على هذا كان يطلب من أي شخص يدخل البلاد المنخفضة أن يوقع على تعهد بالولاء للعقيدة المحافظة بحذافيرها(22).
وتحولت الأراضي المنخفضة عن طريق هذه المنشورات اليائسة، إلى ساحة قتال بين الشكلين للقديم والجديد من المسيحية، وقدر سفير البندقية في بلاط شارل أن 30.000 شخص، وهم كل المنكرين للتعميد تقريباً، هلكوا عام 1546 في هذه المذبحة الإمبراطوريّة الطويلة(23)، التي قتل فيها الآمنون من المواطنين، وخفض تقدير آخر أقل إثارة عدد الضحايا إلى 10.000 شخص(24). وبقدر ما كان الهولنديون المنكرون للتعميد مهتمين، بقدر ما نجحت محكمة التفتيش الكارولينية، وظل بقية منهم على قيد الحياة في هولندة بإبداء عدم المقاومة، وهرب بعضهم إلى إنجلترا، حيث أصبحوا من أنصار البروتستانتية النشطين في عهد إدوارد السادس وإليزابث. وانهارت الحركة الشيوعية في الأراضي المنخفضة بعد أن روعها الاضطهاد وخنقها الرخاء.
ولكن عندما انحصرت موجة المنكرين للتعميد تدفق نهر من الهوجينوت المطاردين إلى الأراضي المنخفضة من فرنسا، وجاءوا معهم بإنجيل كالفن، وراقت الحماسة الصارمة القائلة بالحكم الديني للهرطقة الجديدة، لمن ورثوا تقاليد المتصوفة وإخوان الحياة المشتركة، وكان قبول كالفن للعمل باعتباره كرامة بدلاً من أن يعد لعنة، وللثورة باعتبارها بركة بدلاً من أن تعد جريمة، وللنظم الجمهورية باعتبارها أكثر موافقة من الملكية للمطامح السياسية لطبقة رجال الأعمال، يحتوي على أجزاء تلقى ترحيباً متفاوتاً من كثير من العناصر بين السكان. وما أن حل عام 1555 حتى كانت هناك جماعات كالفينية للمصلين في إيبرس وتورنيه وفالنسينس وبروجس وغنت وأنتورب، وكانت الحركة تنتشر في هولندة ويرجع الفضل إلى الكالفينية لا إلى اللوثرية، أو مذهب المنكرين للتعميد، في أن ابن شارل سوف يحصر خلال جيل مرير، في صراع قدر له أن يشطر الأراضي المنخفضة إلى قسمين، ويحرر هولندة من السيطرة الإسبانية، ويجعلها موطناً وملجأ من أعظم المواطن والملاجئ للفكر الحديث.
وفي عام 1555 طرح شارل الخامس كل أحلامه ما عدا حلمه بأن يموت في طهارة، وتخلى عن أمله في قمع البروتستانتية في ألمانيا والأراضي المنخفضة أو مهادنة الكاثوليكية في مجلس ترنت، وتخلى عن طموحه في زعامة البروتستانت والكاثوليك والألمان والفرنسيين، في زحف رائع يقوم به ضد سليمان والقسطنطينية والتهديد التركي للعالم المسيحي. وقد أدى إفراطه في الطعام والشراب والعلاقات الجنسية وحملاته المنهكة وأعباء منصب واجه صدمة تغيير ثوري إلى تحطيم جسده وتبلد سياسته وتحطيم إرادته. وكان يشكو من قروح، وهو في الثالثة والثلاثين، واكتهل في الخامسة وأصيب وهو في الخامسة والأربعين بالنقرس والربو وسوء الهضم والتأتأة، وكان وقتذاك يقضي نصف وقت يقظته في ألم، ووجد أنه من الصعب عليه أن ينام، وكثيراً ما كانت الصعوبة التي يجدها في التنفس تجعله يجلس منتصباً طوال الليل، وكانت أصابعه مشوهة بداء المفاصل، إلى درجة أنه لم يكد يستطيع أن يقبض على القلم، الذي وقع به على صلح كريبي. وعندما قدم كوليني رسالة من هنري الثاني، لم يستطع شارل أن يفتحها إلا بصعوبة وقال متسائلاً: "ما رأيك في يا سيدي أمير البحر؟ ألست فارساً رائعاً يستطيع أن يهاجم ويحطم حربة، أنا الذي لا أستطيع أن أفتح خطاباً إلا بعد مشقة كبيرة؟(25)". ولعل قسوته العارضة وشيئاً من الوحشية التي هاجم بها البروتستانتية في الأراضي المنخفضة، ترجع إلى نفاد صبره بسبب آلامه. وأمر بقطع أقدام الأسرى من الجنود الألمان المرتزقة، الذين حاربوا في صفوف فرنسا، على الرغم من أن ابنه الذي قدر له أن يكون فيليب الثاني الصلب الرأي، طلب لهم الرحمة(26)، وقد حزن حزناً مريراً دام طويلاً لوفاة زوجته الحبيبة إيزابلا (1539)، ولكنه سمح في حينه بحضور عذارى لا حول لهن ولا طول إلى مخدعه(27).
ودعا في خريف عام 1555 إلى عقد اجتماع لمجلس الطبقات في الأراضي المنخفضة، يوم 25 أكتوبر، واستدعى إليه فيليب من إنجلترا. وفي قاعة دوقات برابانت الواسعة المغطاة بالسجاجيد في بروكسل حيث اعتاد فرسان الجزة الذهبية أن يعقدوا اجتماعاتهم، اجتمع النواب والنبلاء والحكام من سبع عشرة مقاطعة في نطاق حرس من الجند المدججين بالسلاح. ودخل شارل يستند على كتف وليام أف أورانج، الذي قدر له أن يكون عدواً لابنه في المستقبل. وتبعه فيليب مع نائبة الإمبراطور ماري المجرية، ثم أمانويل فيليبرت أف سافوي، ومستشارو الإمبراطور، وفرسان الجزة الذهبية، وكثير من الأعيان الآخرين الذين أقبلت عليهم الدنيا يوماً قبل أن تنساهم. وعندما جلس الجميع نهض فيليبرت وشرح في إسهاب ووضوح اغتبط لهما شارل، الأسباب الصحية والعقلية والسياسية التي حدت بالإمبراطور إلى إبداء رغبته في أن يتنازل عن حكم الأراضي المنخفضة لابنه. ثم وقف شارل نفسه وهو يتكئ من جديد على أمير أورانج الوسيم فارع القامة، وتحدث ببساطة، وفي صميم الموضوع، ولخص كيف ارتقى إلى أن بلغ آفاقاً متسعة من السلطان على التعاقب وتحدث عن ذوبان حياته في الحكم. وتذكر أنه زار ألمانيا تسع مرات وإسبانيا ستاً وفرنسا أربعاً وإنجلترا وأفريقية مرتين، وقام بإحدى عشرة رحلة بالبحر واستأنف كلامه قائلاً:
هذه هي المرة الرابعة التي أفكر فيها في الذهاب لإسبانيا من الآن... ولم يسبق أن جربت شيئاً سبب لي مثل هذا الألم العظيم... الذي أشعر به وأنا أفترق عنكم من اليوم دون أن أترك خلفي ذلك السلام والهدوء اللذين طالما رغبت في تحقيقهما... ولكني لم أعد قادراً على مباشرة شئوني دون أن أشعر بتعب شديد يسري في بدني، وبالتالي ألحق بالدولة الضرر... وإن ما يتطلبه تحمل المسؤولية من اهتمام عظيم، وما تسببه خور بالغ للعزيمة، وصحتي التي تدهورت من قبل، كل هذه لم تعد تترك لي القوة اللازمة للحكم... وينبغي لي في حالتي هذه أن أقدم لله والانسان حساباً خطيراً إذا لم أطرح السلطة عن كاهلي... وأن ابني، الملك فيليب قد وصل إلى سن تكفي لأن يكون قادراً على حكمكم، وهو، كما ارجو، أمير صالح لكل رعاياي المحبوبين(28).
وعندما تهالك شارل متألماً في مقعده نسى الحاضرون خطاياه واضطهاده وهزائمه، رثاء لرجل عمل جاهداً مدى أربعين عاماً، حسب ما أملته عليه آراؤه وسمحت به قدرته، تحت وطأة أثقل الالتزامات في عصره، وبكى كثير من السامعين. ونصب فيليب رسمياً حاكماً للأراضي المنخفضة، وحلف يميناً مغلظة (كما سوف يذكر بها فيما بعد) أن يراعى كل القوانين والحقوق التقليدية للمقاطعات. وفي أوائل عام 1556 سلم له شارل تاج إسبانيا، بكل ممتلكاته في العالم القديم والعالم الجديد، واحتفظ شارل باللقب الإمبراطوري، وكان يأمل أن ينقله لابنه قريباً، ولكن فرديناند احتج، وفي عام 1558 تنازل الإمبراطور عن لقبه لأخيه. وسافر شارل بحراً في السابع عشر من سبتمبر سنة 1556 من فشلنج إلى أسبانيا.
الإصلاح
مقدمة للحرب
حرب الثمانون عاما (1568–1648)
اندلعت ثورة في الأراضي المنخفضة ضد حكم الملك فيليب الثاني، وكان من أسبابها استياء سكان الأراضي المنخفضة من سياسة إسبانيا، وعزم الملك على استئصال المذهب البروتستانتي، إضافة إلى ذلك أدى فرض حكام وموظفين إسبان إلى إثارة كبار النبلاء وعلى رأسهم ڤيلهلم فون أورانج Wilhelm von Orange المسمى بالصامت، فأرسل الملك فيليب الثاني دوق ألبهِ Le duc d’Albe لإخماد الاضطرابات القائمة، ولكن الأخير أقام نظاماً إرهابياً، إذ أعدم قرابة ثمانية آلاف ثائر، إلا أنه لم يتمكن من قمع الثورة؛ مما أدى إلى استدعائه إلى إسبانيا عام 1573م وإرسال الحاكم فارنزه Farnese، الذي تمكن من إعادة المقاطعات العشر الجنوبية الكاثوليكية إلى إسبانيا، في حين تابعت سبع مقاطعات نضالها تحت قيادة ڤيلهلم فون اورانج، وكونت في عام 1579 اتحاد اوترخت Union of Utrecht، وأعلنت تلك الأقاليم استقلالها عن إسبانيا في عام 1581 مكونة جمهورية المقاطعات المتحدة، وتحالفت مع إنكلترا وفرنسا في كفاحها؛ مما اضطر الإسبان إلى منح الثوار هدنة مدة اثني عشر عاماً (1609-1621م)، لكن إسبانيا لم تعترف باستقلال جمهورية المقاطعات المتحدة - التي أصبحت معروفة فيما بعد باسم جمهورية هولندا- إلا في عام 1648م.
العصر الذهبي
.
الهولنديون 1715-1795
أعجب الناس جميعاً بالهولنديين. وقد وصف المسرحي الدنمركي هولبرگ، الذي زار الأقاليم المتحدة (هولندة) و "بلجيكا" في 1704، هذه البلاد وصفاً تحمس فيه على الأخص لقنواتها التي كانت زوارقها كما قال "تنقلني من مكان لآخر" في هدوء عذب و "تمكنني من إنفاق كل ليلة في مدينة كبيرة، حتى أنني كنت أستطيع في الأمسية ذاتها أن أذهب إلى الأوبرا أو المسرح وصولي رأساً"(7). وقد أعربت عن مثل هذا السرور الليدي ماري ورتلي مونتجيو بعد اثني عشر عاماً فقالت:
"إن هذا البلد كله (هولندة) يبدو وكأنه حديقة فسيحة الأرجاء: فالطرق كلها حسنة الرصف، تظللها على الجانبين صفوف الأشجار، وتحفها قنوات واسعة غاصة بالزوارق الغادية الرائحة... وكل الشوارع (في روتردام)... معتنى بنظافتها جداً... حتى أنني جلت بأرجاء المدينة كلها تقريباً أمس، متنكرة، في خفى دون أن تنالني لوثة قذر واحدة، وترى الخادمات الهولنديات يغسلن الطوار...بعناية تفوق عناية خادماتنا بغسل غرف نومنا. ومراكب التجار تصل (على القنوات) حتى أبواب البيوت. والدكاكين والمتاجر نظيفة بهية إلى حد مدهش، غاصة بمقادير هائلة من السلع الجميلة"(8).
على أن هذه التقارير الوردية وصفت هولندة قبل أن تحس بالآثار الاقتصادية لانتصارها على لويس الرابع عشر في حرب الوراثة الأسبانية. ففيها أراقت دمها ومالها إلى ما يقرب الإنهاك؛ فتضخم دينها العام، وفقدت كثيراً من تجارة النقل التي ذهبت إلى حلفائها العسكريين الذين كانوا رغم تحالفهم العسكري معها منافسين لها في التجارة-وإلى ألمانيا. وهبطت أرباح شركة الهند الشرقية من أربعين في المائة إلى 1715 إلى اثني عشر ونصف في المائة في 1737، وأرباح شركة الهند الغربية الهولندية من خمسة في المائة في 1700 إلى اثنين في المائة في 1740(9). وجرت حرب السنين السبع مزيداً من الأذى. ذلك أن مصرفيي أمستردام أثروا بفضل القروض المرتفعة الفائدة التي أقرضوها للدول المحاربة، ولكن صلح 1763 أنهى هذه النعمة الكبرى، فأفلس كثير من المصارف الهولندية، وتضرر نتيجة لذلك كل مشروع تجاري كبير. كتب بوزويل الذي كان في هولندة في 1763 يقول "إن الكثير من كبريات المدن تضعضعت إلى حد محزن... وأنت تلتقي بمجموع من القراء الذين يتضورون جوعاً وهم عاطلون"(10). وزيدت الضرائب فأفضى ذلك إلى هجرة رأس المال والعناصر البشرية الصلبة؛ وفي هذه الفترة امتزجت دماء المستعمرين الهولنديين والألمان في جنوب أفريقيا وانبعث البوير ببطء نتيجة الامتزاج.
وجاء الانتعاش بفضل خلق الهولنديين وجدهم وأمانتهم. فقد عكف شعب هادئ قوي مدبر على فلاحة أرضه، وتشحيم طواحين هوائه، ورعي أبقاره، وتنظيف معامل ألبانه، وإنتاج ألوان لذيذة من الجبن الشهي الكريه الرائحة؛ وكانت هولندة سباقة بين دول أوربا في مضمار الزراعة العلمية(11). واستعادت دلفت سوق البرسلان الذي فقدته. واسترد مصرفيو أمستردام الهولنديون واليهود ما اشتهروا به من جدارة بالثقة وقدرة على التصرف؛ فأقرضوا المال بقليل من الفائدة والمخاطرة، وحصلوا على عقود رابحة بدفع رواتب الجند وتموينهم؛ ولجأت الحكومات ورجال الأعمال إلى أمستردام طلباً للقروض، وندر أن ردوا فارغين؛ وطوال ذلك القرن المضطرب كله تقريباً كانت بورصة أمستردام المركز المالي للعالم الغربي. كتب آدم سمث حوالي عام 1775 يقول: "إن إقليم هولندة... بالنسبة إلى مساحة أرضه وعدد سكانه، بلد أغنى من إنجلترة"(12).
وأكثر ما راع فولتير في 1725(13) كان تعايش مختلف الأديان تعايشاً لم يكدر صفوه مكدر. فهنا كان كاثوليك سنيون وكاثوليك جانسنيون (ألم يكن جانسن نفسه هولندياً؟)، وبروتستنت أرمينيون من القائلين بحرية الإرادة، وبروتستنت كلفنيون من القائلين بالقضاء والقدر، ومعمدانيون من القائلين بتجديد العماد، وسوينيون، وإخوان مورافيون ويهود، ثم حفنة من أحرار الفكر يصطلون في دفء التنوير الفرنسي(14). وكان أكثر القضاة من البروتسنت، ولكنهم "كانوا يأخذون النقود بانتظام من الكاثوليك" كما يقول مؤرخ هولندي "للإغضاء عن ممارستهم شعائر دينهم والسماح لهم بشغل مناصبهم"(15). وكان الكاثوليك الآن ثلث السكان الذين بلغ عددهم ثلاثة ملايين. أما الطبقات العليا، الملمة بأديان كثيرة بفضل اشتغالها بالتجارة، فقد تشككت في هذه الأديان كلها، ولم تسمح لها بالتدخل في القمار، والشراب، والشره في الطعام، وشيء من الفسق المتستر على الطريقة الفرنسية(16).
وكانت الفرنسية لغة المثقفين. وكثرت المدارس، واشتهرت جامعة ليدن بدراساتها في الطب التي أحيت ذكر بويهافي العظيم. وكان في كل المدن جمعيات للفنون، ومكتبات، و "قاعات للخطابة" تعقد مباريات دورية في الشعر. وكان تجار التحف الهولنديون يتمتعون بشهرة أوربية بكنوزهم وتزييفاتهم(17). وكان عصر الفن الهولندي الذهبي قد ولى بموت هوبيما (1709)، ولكن كورنيلس تروست كان على الأقل صدى يردد عظمته. وربما كان أروع نتاج الفن الهولندي في هذا العصر هو الزجاج الرقيق المنقط أو المحفور بأبر من الماس(18). وكانت أمستردام عشاً للناشرين، بعضهم شرفاء وبعضهم قراصنة. وهبط النشاط الخلاق في الأدب إلى مستوى منحط النصف الأول من القرن الثامن عشر، ولكن حوالي 1780 غذت حركة إحياء للأدب شاعراً مطبوعاً هو ڤليم بلدريدك.
ويروي بوزويل أن صديقاً له أخبره أنه سيجد الهولنديين "سعداء في غبائهم"(19)؛ ولكن بوزويل كتب من أوترخت يقول "إننا نعقد اجتماعات متألقة مرتين في الأسبوع، وحفلات خاصة كل مساء تقريباً.. وفي زمرتنا سيدات جميلات محبوبات هن من الكثرة بحيث لا تستطيع الصحائف الكثيرة أن توفيهن حقهن من الثناء"(20) وأروع الصفحات في مذكرات بوزويل السريعة الموجزة عن هولندة تلك التي تصف غرامه المتردد بزيليده أو "حسناء زويلين"-وهي ايزابيللا فان تويل. وكانت تنتمي إلى أسرة عريقة مرموقة؛ فأبوها "سيد زويلين وفستبروك" كان أحد حكام إقليم أوترخت. وقد تلقت من التعليم فوق ما تحتمل، فباتت تجر بهرطقاتها في فخر، وهزأت بالتقاليد، والأخلاق، والدين، ومراتب الشرف، ولكنها فتنت الناس جميعاً بحسنها ومرحها وصراحتها المثيرة. وقد أحجمت عن الزواج المهذب الوفي، وكتبت تقول "لو لم يكن لي أب ولا أم لما تزوجت.. ولا اغتبطت كل الاغتباط بزوج يتخذني كخليلته؛ ولقلت له "لا تنظر إلى الوفاء على أنه واجب. فما ينبغي أن يكون لك غير حقوق العاشق وغيرته"(21). فأجاب بوزويل أشد الفاسقين إلحاحاً في أوربا "يا للعار يا زيليدتي، أي أوهام هذه" ولكنها أصرت على موقفها "إني لأوثر أن أكون غسالة لحبيبي، وأن أسكن علية، على حرية أسرنا الكبيرة الجرداء وآداب سلوكها المهذب"(22).
وجازت زيليدة سلسلة من العلاقات الغرامية التي خفتها وحيدة مثخنة بجراح لا تبرحها. وراحت تهدئ أعصابها بالأفيون وهي بعد في الرابعة والعشرين. وحين بلغت الثلاثين (1771) تزوجت سان-هياسنت دشاربير، وهو معلم خاص سويسري، وذهبت لتعيش معه قرب لوزان. فلما وجدته قاصراً من الناحية الفكرية، وقعت في أربعيناتها في حب رجل يصغرها بعشر سنين، فقضى وطره منه ثم هجرها. والتمست التنفيس في كتابة قصة أسمتها "كاليست" (1785-88)، طرب لها سانت-بيف أي طرب. وحين بلغت السابعة والأربعين، التقت في باريس ببنجامن كونستان، وكان فتى في العشرين، فأغوته بفكرها (1787) وكتب يقول "إن لمدام شاربير أسلوباً غاية في الأصالة والحيوية ف النظر إلى الحياة، واحتقاراً عميقاً جداً للتعصب، وفكراً بالغ القوة، وتفوقاً على أوساط الناس عارماً محتقراً... حتى أنني على غرابة أطواري وتكبري مثلها... وجدت في حديثها لذة لا عهد لي بها قط... وقد انتشينا باحتقارنا للنوع الإنساني"(23). وسار الحال على هذا المنوال حتى عام 1794 حين وجد بنجامن نشوة جديدة مع مدام دستال. واعتكفت زيليدة في عزلة مرة، وماتت في الخامسة والستين، بعد أن خلقت خواء الحياة الدنيا واستنفدته.
ولو شاءت لوجدت غذاء للتشاؤم في التاريخ السياسي للأقاليم المتحدة في القرن الثامن عشر. ذلك أن حكم البلاد بعد موت وليم الثالث (1702) احتكرته أولجريكه من كبار رجال الأعمال انصرفوا إلى فرض الضرائب على الشعب ومحاباة الأقرباء والدس والتآمر. كتب كاتب هولندي في 1737 يشكو هذه الحال فقال "إن المواطنون ممنوعون من المشاركة في الحكومة... ولا يطلب منهم نصيحة ولا رأي في إدارة شئون الدولة"(24). وقد تكشف العجز الحربي لهذا النظام حين دخلت هولندة حرب الوراثة النمساوية (1743) فغزاها جيش فرنسي ولم يلق مقاومة تذكر، وسلمت مدن كثيرة دون جدال. كتب المرشاي دنوال يقول "علينا أن نتعامل مع شعب غاية في اللطف والكرم"(25) على أنهم لم يكونوا كلهم كذلك، فقد ارتفعت أصوات معظم المواطنين مطالبة بزعيم حربي ينقذ البلاد على نحو ما فعل وليم الثالث في 1672، ونصب سليله غير المباشر، وليم الرابع أمير أورانج، حاكماً للأقاليم السبعة، وقائداً للجيش، وأميراً للبحرية (3 مايو 1747)؛ وفي أكتوبر جعلت هذه المناصب وراثية في أسرته، ومعنى ذلك أن الملكية أعيدت في واقع الأمر، غير أن وليم الرابع كان فيه من التمسك بالخلق المسيحي ما لا يجعله قائداً حربياً صالحاً؛ فلم يستطع أن يعيد النظام إلى الجيوش، وتوالت الهزائم يقفو بعضها بعضاً، وفي معاهدة إكس-لا-شابل (1748) كانت هولندة محظوظة لاحتفاظها بأراضيها سليمة، ولكنها عادت خربة من الناحية الاقتصادية ومات وليم بالحمرة وهو في الأربعين (1751)، وقامت أرملته الأميرة آن-بالوصاية على العرش إلى أن ماتت (1759)، ثم حكم لودفج إرنست أمير بروزويك-فوفلنبوتل البلاد حكماً صارماً كفئاً حتى بلغ وليم الخامس سن الرشد (1766).
وفي الحرب الدائرة بين إنجلترة والمستعمرات الأمريكية احتجت هولندة على عدوان البريطانيين على السفن الهولندية، وانضمت إلى روسيا في "الحياد المسلح" المبرم في 1780؛ وأعلنت إنجلترة عليها الحرب، واستولت على جميع السفن الهولندية تقريباً، وفي معاهدة باريس (1783) كادت مصالح هولندة أن تغفل، فنزلت عن نجاباتام (في جنوبي الهند) لإنجلترة، وسمحت للإنجليز بحرية الملاحة في جزؤ الملقا. وهكذا لم تعد هولندة تلعب دوراً بين الدول.
ودمرت هذه الخطوب شعبية وليم الخامس. ثم إن نجاح الثورة في أمريكا حفز الأفكار الديمقراطية في الأراضي الواطئة، وأفضى إلى قيام حزب "الوطنيين" المناهض للأسرة الحاكمة. وكانت القلة صاحبة المال تمتص ثروة الأمة المتناقصة خلال كل تغيير في الحكومة امتصاصاً ألجأ رجالاً كثيرين إلى التسول ونساء كثيرات إلى البغاء في المدن التي كانت يوماً ما مزدهرة يسودها النظام. وفي 1783. تكونت سراً جماعات من "الرماة الأحرار" في أمستردام ولاهاي للإعداد للثورة. وفي 1787 استولى "الوطنيون" على السلطة، ولكن وليم الخامس أعيد إلى عرشه بفضل تدخل بروسيا المسلح. ثم نفخت الثورة الفرنسية الحماسة من جديد في أفئدة الوطنيين، فدعوا فرنسا لتخف لنجدتهم. وعليه ففي 1794 غزت الجيوش الفرنسية هولندة، وبطشت بالجيش الهولندي، وفر وليم الخامس إلى إنجلترة، وانضم أنصار الثورة الهولنديون إلى الفرنسيين في تنظيم الجمهورية البتافية (1795-1806). وفي 1815 أعاد ابن وليم الخامس بيت أورنج-نيساو إلى السلطة باسم الملك وليم الأول، وأسلاله يتربعون على عرش هولندة اليوم (1967).
الهولندية في الأمريكتين
أسس الهولنديون مستعمرات كثيرة في أنحاء مختلفة من العالم، ففي العالم الجديد أسسوا منذ عام 1615 أمستردام الجديدة، التي انتزعها منهم الإنكليز عام 1664، وأطلقوا عليها اسم نيويورك، واستقروا في جزر الآنتيل، وفي گويانا، وسورينام وفي أقصى جنوبي إفريقيا أنشأوا مستعمرة الكاب عام 1651، وبذلك سيطروا على طريق الهند.
تجارة الرقيق
الهولنديون في آسيا
في شرقي آسيا فقد أسسوا باتاڤيا (جاكرتا) في إندونيسيا، واستقروا في مالاقا 1641م وفي سيلان 1651، وأقاموا علاقات تجارية مع اليابان والصين، ونظموا التجارة عن طريق الشركات الكبرى، مثل شركة الهند الشرقية Ostindien kompanie وشركة الهند الغربية Westindien kompanie وشركتي الشمال والشرق أو الليڤانت Levante.
الهولنديون في أفريقيا
الجمهورية الهولندية: Regents and Stadholders (1649–1784)
وقد حدثت في هولندا انقسامات دينية وسياسية بعد الاستقلال، فمع زوال الخطر فقدت أسرة أورانج السلطة، وذلك بسبب نشاط الحزب الجمهوري المعارض، وتمكن جان دوڤيت J.Dewitt أحد أعضاء هذا الحزب من الوصول إلى رئاسة المقاطعات المتحدة في عام 1653م، ولكن الأمور عادت إلى ما كانت عليه عندما هاجم لويس الرابع عشر Louis XIV المقاطعات المتحدة وأُجبرت الجمعية العمومية على تسمية ڤيلهلم الثالث Wilhelm III من أسرة أورانج حاكماً عاماً.
أمستردام
فترة Stadtholderless الأولى والحروب البريطانية الهولندية (1650–1674)
- مقالات مفصلة: فترة Stadtholderless الأولى
- الحروب البريطانية الهولندية
بدأت قوة هولندا تميل إلى الأفول في النصف الثاني من القرن السابع عشر بسبب الحروب التي خاضتها مع إنكلترا وفرنسا وما تكبدته من خسائر فادحة نتيجة لذلك، إضافة إلى عامل أساسي أدى إلى تراجعها وهي قدرة كل من إنكلترا وفرنسا الكبيرة على تكريس كميات وطاقات ورؤوس أموال كبيرة لمشروعات ما وراء البحار.
أما الحرب الثانية 1665-1667م فجاءت نتيجة استيلاء الإنكليز على بعض المراكز التجارية الهولندية في إفريقيا وعلى امستردام الجديدة (نيويورك)، وقد وقفت فرنسا والدنمارك إلى جانب هولندا، وانتهت هذه الحرب بتوقيع صلح جاء لمصلحة إنكلترا التي احتفظت بنيويورك.
الحرب الفرنسية الهولندية والحرب البريطانية الهولندية الثالثة (1672–1702)
وقد تحالفت إنكلترا مع فرنسا في الحرب الثالثة ضد هولندا 1672-1678م، وانتهت هذه الحرب بخسارة هولندا بتوقيع معاهدة نيميگ Nimègue عام 1678م.
فترة Stadtholderless الثانية (1702–1747)
التدهور الاقتصادي في القرن الثامن عشر
وقد اجهدت هذه الحروب هولندا، وفقدت في الحرب الثانية سيادتها على البحار، وتوقفت صناعتها وتجارتها عن التوسع .
الثورة البرتقالية (1747–1751)
الوصاية والحكم (1752–1779)
الحرب البريطانية الهولندية الرابعة (1780–1784)
صعد الحاكم الهولندي وليم الثالث على عرش إنكلترا عام 1689 مع زوجته ابنة الملك الإنگليزي، وبوصول آل أورانج إلى السلطة ثانيةً كانت السلطة السياسية للبرجوازية الهولندية قد تضعضعت، وبدأت قوتها الاقتصادية بالضعف. وقد نجحت هولندا وإنكلترا وبعض الدول الأوربية الأخرى في هزيمة فرنسا في حربين هما: حرب عصبة أوگسبورگ 1689-1697 وحرب الوراثة الإسبانية 1710-1714م.
الفترة الفرنسية الباتاڤية (1785–1815)
تمرد وطني وقمعه (1785–1795)
الجمهورية الباتاڤية (1795–1806)
وقعت هولندا خائرة القوة فريسة للجيوش الفرنسية التي غزتها عام 1795، فأقام الفرنسيون حكومة جديدة وأطلقوا على البلاد اسم الجمهورية الباتافية أما بريطانيا فقد استولت على معظم الممتلكات الهولندية فيما وراء البحار.
مملكة هولندا وضمها من قبل الإمبراطورية الفرنسية (1806-1815)
وقد نصب نابليون الأول شقيقه لويس ملكاً على الجمهورية الباتافية، التي أصبحت مملكة هولندا، وجعلها نابليون الأول جزءاً من فرنسا عام 1810، ولكن الهولنديين تمكنوا من طرد الفرنسيين عام 1813.
المملكة المتحدة الهولندية (1816–1839)
وفي مؤتمر ڤيينا 1815م تم توحيد هولندا وبلجيكا في مملكة هولندا، وذلك لمنع التوسع الفرنسي، وأصبح ڤيلهلم السادس أمير أورانج هو الملك ڤيلهلم الأول على هولندا التي فقدت مستعمرة الكاب في جنوبي إفريقيا وسيلان وقسماً من گويانا.
الاقتصاد
عدت هولندا القوة الاقتصادية الأولى في أوربا في القرن السابع عشر، فقد ازدهرت فيها الزراعة وعمل سكانها بصيد الأسماك، كما نشطت صناعتها فصنعت أوترخت ولايدن Leiden الأقمشة المتنوعة كالمخمل والأقطان والأجواخ. ووجدت مصانع عديدة في أمستردام لتكرير السكر وصناعة التبغ، وصناعة الماس أيضاً، ولكن مصدر الثروة الأساسي الهولندي جاء من تجارتها البحرية العالمية، فقد أنشأ الهولنديون مراكز تجارية خاصة بهم في معظم سواحل العالم، ونظموا تجارتهم عن طريق الشركات الكبرى.
وقد أسهم غنى هولندا الاقتصادي في دفع النشاط الفكري، كما دعم البرجوازيون الكبار فيها سياسة التسامح الديني؛ مما جعلها المكان الذي يقصده عدد من العقول الحرة في أوربا.
الانفصال عن بلجيكا
وقد نجم عن الخلافات الاجتماعية والدينية والاقتصادية والسياسية بين الهولنديين والبلجيكيين قيام الثورة البلجيكية عام 1830 التي أدت إلى حصول بلجيكا على الاستقلال، وضمنت الدول الكبرى في معاهدة لندن (1831) حياد البلجيك.
وأنهت لوكمسبورگ الروابط السياسية بالعائلة المالكة الهولندية عام 1890م، عندما تولت العرش ڤلهلمينة Wilhelmine ابنة وليام الثالث بعد وفاة والدها، وكانت قوانين لوكمسبورگ لا تسمح لامرأة بالحكم.
التطور الديمقراطي والصناعي (1840-1939)
الإصلاح الدستوري 1848
التغير الاجتماعي
التركيز الاستعماري
الحياد خلال الحرب العالمية الأولى
بقيت هولندا محايدة خلال الحرب العالمية الأولى (1914-1918)، وقد تضرر اقتصادها أثناء هذه الحرب؛ لأن العمليات البحرية الألمانية والبريطانية قد عوقت تجارتها إضافة إلى عمليات صيد الأسماك والشحن فيها.
فترة ما بين الحربين
الحرب العالمية الثانية (1939–1945)
أما في الحرب العالمية الثانية (1939-1945م)، فقد غزتها الجيوش الألمانية في أيار/مايو 1940م، ودمرت قاذفاتها مدينة روتردام، فاستسلم الجيش الهولندي. وقد ترأست الملكة ڤلهيلمينة الحكومة الهولندية في المنفى بلندن.
الغزو والاحتلال النازي
عانت هولندا الاحتلال الألماني، وقد ازداد تأزم الأوضاع فيها عند سقوط الهند الهولندية - اندونيسيا- في يد اليابان حليفة ألمانيا عام 1942. وخلفت الحرب العالمية الثانية أضراراً جسيمة في هولندا، فقد دُمرت نصف مصانعها تقريباً، وخطوط ملاحتها، ومعظم سككها الحديدية، ونجم عن دمار السدود إغراق سُبْع أراضيها تقريباً، وقد هاجر مئات الألوف من مواطنيها إلى استراليا والولايات المتحدة الأمريكية وكندا.
الهولوكوست في هولندا
المقاومة والتعاون
هيأ الهولنديون أنفسهم بعد الحرب لإعادة بناء بلادهم التي أصبحت عضواً في منظمة الأمم المتحدة منذ عام 1945م،
الحرب في جزر الهند الشرقية الهولندية
- مقالة مفصلة: حملة جزر الهند الشرقية الهولندية
آمال زائفة وشتاء الجوع
التحرير
الأعقاب
الازدهار والوحدة الأوروبية (1946-اليوم)
وقد نزلت الملكة ڤلهيلمينة عن العرش لابنتها يوليانا عام 1948م، واعترفت هولندا في العام التالي باستقلال إندونيسيا نتيجة للثورة المشتعلة فيها منذ عام 1945م، وأصبحت سورينام وجزر الأنتيل الهولندية بما فيها أوربا منذ عام 1954م شريكتين متساويتين في المملكة الهولندية، التي أسهمت عام 1957م في تكوين السوق الأوربية المشتركة.
تخلت هولندا في عام 1962م عن السيطرة على ايريان جايا إلى الأمم المتحدة، التي أعطت السيطرة عليها إندونيسيا في العام التالي، ونالت سورينام استقلالها عام 1987م. ونزلت الملكة يوليانا عام 1980م عن العرش لابنتها بياتريكس Beatrix ملكة هولندا حالياً
تتمتع هولندا في الوقت الحاضر بمستوى معيشة مرتفع، يرجع بالدرجة الأولى لسياستها في التعاون الاقتصادي في الداخل والخارج، وهي من الأعضاء المؤسسين للاتحاد الأوربي.
الفيضانات والسيطرة على الفيضانات
الاوروبية
إنهاء الاستعمار والتعددية الثقافية
التحرير
السياسة الحديثة
ملوك هولندا في العصر الحديث
المؤرخون
- Julia Adams, economic and social history[2]
- Petrus Johannes Blok, survey[3]
- J. C. H. Blom, survey[4]
- M. R. Boxell, political history[5]
- Pieter Geyl, Dutch revolt; historiography[6]
- Johan Huizinga (1872–1945), cultural history[7]
- Jonathan Israel, Dutch Republic[8]
- Louis De Jong, World War II[9]
- John Lothrop Motley, American historian of the Dutch Revolt[10]
- Jan Romein (1893–1962), theoretical and world history[11]
- Jan de Vries, economic history[12]
انظر أيضا
- Canon of Dutch History
- الأدب الهولندي
- ديمغرافيا هولندا
- الشتات الهولندي
- جزر الهند الشرقية الهولندية
- الامبراطورية الهولندية
- الاقتصاد الهولندي
- جغرافيا هولندا
- تاريخ بلجيكا
- History of religion in the Netherlands
- تاريخ أوروبا
- تاريخ ألمانيا
- تاريخ لوكسمبورگ
- قائمة رؤساء وزراء هولندا
- قائمة ملوك هولندا
- سياسة هولندا
- مقاطعات هولندا
- هولندا في الحرب العالمية الثانية
الهوامش
- ^ راغب العلي. "هولندا (تاريخياً)". الموسوعة العربية. Retrieved 2012-07-31.
- ^ J. Adams. The Familial State: Ruling Families and Merchant Capitalism in Early Modern Europe. Ithica: Cornell University Press, 2005
- ^ Petrus Johannes Blok. History of the People of the Netherlands (5 vol 1898–1912) part 1 to 1500, online from Google; part 2 to 1559. online from Google; part 3: The War with Spain 1559-162, online from Google; part 4 on Golden Age online from Google; online edition from Google, vol 5 on 18th and 19th century
- ^ J. C. H. Blom, and E. Lamberts, eds. History of the Low Countries (2006). ISBN 978-1-84545-272-8. 504pp excerpt and text search; also complete edition online
- ^ See Jaap Verheul, Besamusca, Emmeline, and J. Verheul et. all. Discovering the Dutch: on Culture and Society of the Netherlands. Amsterdam: Amsterdam UP, 2010. Print.
- ^ Pieter Geyl, The Revolt of the Netherlands: 1555–1609 (1958) online edition
- ^ Peter Burke, "Historians and Their Times: Huizinga, Prophet of 'Blood and Roses.'" History Today 1986 36(Nov): 23–28. ISSN 0018-2753 Fulltext: EBSCO; William U. Bouwsma, "The Waning of the Middle Ages by Johan Huizinga." Daedalus 1974 103(1): 35–43. ISSN 0011-5266; R. L. Colie, "Johan Huizinga and the Task of Cultural History." American Historical Review 1964 69(3): 607–630 in JSTOR; Robert Anchor, "History and Play: Johan Huizinga and His Critics," History and Theory, Vol. 17, No. 1 (Feb., 1978), pp. 63–93 in JSTOR
- ^ Jonathan Israel, The Dutch Republic: Its Rise, Greatness, and Fall, 1477–1806 (1995) ISBN 978-0-19-820734-4. complete online edition; also excerpt and text search
- ^ J. C. H. Blom, "Ludovico Locuto, Porta Aperta: Enige Notities over Deel XII En XIII Van L. De Jongs Koninkrijk Der Nederlanden in De Tweede Wereldoorlog." [After Louis Spoke, Everything Was Clear: Some Notes on Volumes 12 and 13 of Louis De Jong's Kingdom of the Netherlands in World War Ii]. Bijdragen En Mededelingen Betreffende De Geschiedenis Der Nederlanden 1990 105(2): 244–264. ISSN 0165-0505. A review of a great masterpiece. (in Dutch)
- ^ John Lothrop Motley, The Rise of the Dutch Republic, 1555–84 (2 vol. 1856) Gutenberg editions online and History of the United Netherlands, 1584–1609 (4 vol., 1860–67) Gutenberg editions online For a criticism of Motler see Robert Wheaton, "Motley and the Dutch Historians." New England Quarterly 1962 35(3): 318–336. in JSTOR
- ^ A. C. Otto, "Theorie En Praktijk in De Theoretische Geschiedenis Van Jan Romein" [Theory and Practice in the "Theoretical History" of Jan Romein]. Theoretische Geschiedenis 1994 21(3): 257–270. ISSN 0167-8310 (in Dutch).
- ^ See Arthur van Riel, "Review: Rethinking the Economic History of the Dutch Republic: The Rise and Decline of Economic Modernity Before the Advent of Industrialized Growth," The Journal of Economic History, Vol. 56, No. 1 (Mar., 1996), pp. 223–229 in JSTOR
قراءات للإستزادة
- Arblaster, Paul. A History of the Low Countries. Palgrave Essential Histories Series New York: Palgrave Macmillan, 2006. 298 pp. ISBN 1-4039-4828-3.
- Blok, Petrus Johannes. History of the People of the Netherlands (5 vol 1898–1912) famous classic; part 1 to 1500, online from Google; part 2 to 1559. online from Google; part 3: The War with Spain 1559–1621, online from Google; part 4 on Golden Age online from Google; online edition from Google, vol 5 on 18th and 19th century
- Blom, J. C. H. and E. Lamberts, eds. History of the Low Countries (2006) 504pp excerpt and text search; also complete edition online
- Hooker, Mark T. The History of Holland (1999) 264pp excerpt and text search
- Jonathan Israel. The Dutch Republic: Its Rise, Greatness, and Fall, 1477–1806 (1995) a major synthesis; complete online edition; also excerpt and text search
- Kossmann, E. H. The Low Countries 1780–1940 (1978)
- Kossmann-Putto, J. A. and E. H. Kossmann. The Low Countries: History of the Northern and Southern Netherlands (1987)
- van Oostrom, Frits, and Hubert Slings. A Key to Dutch History (2007)
- Pirenne, Henri. Belgian Democracy, Its Early History (1910, 1915) 250 pp. history of towns in the Low Countries online free
- Rietbergen, P.J.A.N. A Short History of the Netherlands. From Prehistory to the Present Day. 5th ed. Amersfoort: Bekking, 2002. ISBN 90-6109-440-2
- Schama, Simon, The Embarrassment of Riches: An Interpretation of Dutch Culture in the Golden Age (1991) excerpt and text search, very well written broad survey
- Vlekke, Bernard H. M. Evolution of the Dutch Nation (1945) 382 pp. online edition
- Wintle, Michael P. An Economic and Social History of the Netherlands, 1800–1920: Demographic, Economic, and Social Transition (Cambridge University Press, 2000) online edition
- van Zanden, J. L. The Economic History of The Netherlands 1914–1995: A Small Open Economy in the 'Long' Twentieth Century (Routledge, 1997) excerpt and text search
وصلات خارجية
- History of the Netherlands
- Short survey of the Dutch history
- De Tachtigjarige Oorlog (in Dutch)
- Chronologisch overzicht van de Nederlandse geschiedenis (in Dutch)
- Timeline from 1914
- History of Netherlands: Primary Documents
- Netherlands Institute for War Documentation
- The Netherlands in prehistory
- History of Holland, George Edmundson, 1922, Project Gutenberg EBook.
- The Canon of the Netherlands.
- Virtual Tour of Dutch History (101 Sites in Google Earth with Links)
- Overview of historical novels about The Netherlands and Belgium