يوهان دى ويت
يوهان دى ويت Johan de Witt | |
---|---|
الموظف الأعظم لهولندا | |
في المنصب 1653–1672 | |
سبقه | أدريان پاو |
خلفه | گاسپار فاگل |
تفاصيل شخصية | |
وُلِد | دوردرخت، هولندا | 24 سبتمبر 1625
توفي | 20 أغسطس 1672 لاهاي، هولندا | (aged 46)
الحزب | States Faction |
الدين | الكنيسة الاصلاحية الهولندية |
يوهان ده ويت Johan de Witt هير ڤان زويد- إن نورد-لينشوتن، سنلرِوارد، هكندورپ وإيسلڤيره [1] (عاش 24 سبتمبر 1625 - 20 أغسطس 1672) كان شخصية رئيسية في السياسة الهولندية في منتصف القرن 17، حين كانت تجارتها البحرية في فترة عولمة جعلت المقاطعات المتحدة قوة اوروبية سائدة أثناء العصر الذهبي الهولندي. وقد سيطر ده ويت على النظام السياسي في هولندا منذ نحو 1650 وحتى قبيل مصرعه المروع في 1672، عاملاً مع مختلف الفرق من تقريباً كل المدن الرئيسية، وخصوصاً بلدته دوردرخت، ومسقط رأس زوجته، أمستردام.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الخلفية
بعد أن ظفرت الأقاليم المتحدة باستقلالها عكفت عقب معاهدة وستفاليا على طلب المال واللهو والحرب. كان أهلها أقل أمم الأرض اكتفاءً بأنفسهم، فمحاصيل أرضها لا تقيم أكثر من ثمن سكانها، وحياة البلاد تعتمد على التجارة الخارجية واستغلال المستعمرات، وهذان يعتمدان على بحرية قادرة على حماية السفن والمستوطنات الهولندية. وكان تفوق أسبانيا البحري قد ولى بـهزيمة الأرمادا الأسبانية، ونشرت البحرية الإنجليزية التي ازدهاها النصر قلوعها فوق أرجاء مترامية من المحيط. وما لبث التوسع التجاري الإنجليزي أن اصطدم بالسفن الهولندية والمستوطنات الهولندية في الهند وجزر الهند الشرقية، وأفريقيا، وحتى في "أمستردام الجديدة" التي ستصبح نيويورك. وأحس بعض الإنجليز، الذين لم تهدأ فيهم بعد حمية هوكنز ودريك، أن هؤلاء الهولنديين الجبابرة ينبغي أن يحل محلهم بريطانيون جبابرة، وأن هذا ميسور بنصر أو نصرين بحريين. وقد ذكر إيرل كلارندون في تقرير له "أن التجار ألفوا الحديث عن الفائدة الكبرى التي يجنونها من حرب سافرة مع الهولنديين، وعن سهولة قهرهم، وعن حجم التجارة التي يمكن أن ينقلها الإنجليز بعد ذلك"(44) وراقت كرومويل الفكرة.
ففي 1651 أقر البرلمان الإنجليزي قانوناً للملاحة يحظر على السفن الأجنبية أن تجلب لإنجلترا أي بضاعة إلا ما ينتجه بلدها. وكان الهولنديون يشحنون إلى إنجلترا حاصلات مستعمراتهم، فتوقفت الآن هذه التجارة الرابحة. وأرسلوا بعثة إلى لندن للحصول على بعض التعديل في القانون، فلم يكتفِ الإنجليز برفض الطلب، بل طالبوا بأن تخفض المراكب الهولندية أعلامها إذا التقت بالمراكب الإنجليزية في "المياه الإنجليزية" (أي جميع المياه بين إنجلترا وفرنسا والأراضي المنخفضة) اعترافاً بسيادة الإنجليز على تلك البحار. وعاد المبعوثون الهولنديون بخفي حنين إلى لاهاي. وفي فبراير 1652 استولى الإنجليز على سبعين سفينة تجارية هولندية وجدوها في "المياه الإنجليزية". وفي 19 مايو التقى أسطول إنجليزي بقيادة روبرت بليك بأسطول هولندي بقيادة مارتن ترومب، ورفض ترمب خفض علمه، فهاجمه بليك، وانسحب ترومب. وهكذا بدأت "الحرب الهولندية الأولى".
وأوشكت انفصالية الأقاليم، المفروض أنها متحدة، أن تجر عليها الدمار. ذلك أن الزعامة الحربية الموحدة التي أتاحها لها من قبل أمراء أورنج كانت قد انقطعت، وأصبح المجلس التشريعي للولايات جمعية للمناقشة والجدل بدلاً من أن يصبح دولة. أما الإنجليز فكانوا يملكون حكومة قوية ممركزة يرأسها رجل شديد البأس هو كرومويل، وكان لهم بحرية أفضل، وقد أوتوا جميع الميزات التي حبتهم بها الجغرافيا والرياح الغربية السائدة. فدمروا أساطيل الصيد الهولندية، واستولوا على المراكب التجارية الهولندية، وهزموا أمير البحر الهولندي درويتر تجاه ساحل كنت. وانتصر ترومب على بليك تجاه دنجينيس (30 نوفمبر 1652)، ولكنه مات في المعركة في يوليو التالي. وكانت نتيجة سنة واحدة من الحرب إثبات تفوق إنجلترا بالبرهان الدامغ. وكاد حصار الإنجليز للساحل الهولندي يشل الحياة الاقتصادية في الأقاليم المتحدة. وأشرف الألوف من سكانها على الهلاك جوعاً وهددوا بالتمرد.
النشأة
في هذه المرحلة الحاسمة التعسة اضطلع يان دي ويت بزعامة البلاد، وكان ينتمي إلى أسرة بعيدة العهد بالتفوق في التجارة والسياسة الهولنديتين. وقد انتخب أبوه يعقوب دي ويت عمدة على دوردرخت ست مرات. أما جان فقد تلقى كل التعليم الميسور، وجاب أرجاء فرنسا مع أخيه الأكبر كورنيليس، والتقى بكرومويل في إنجلترا، ثم استقر في لاهاي محامياً (1647). وبعد ثلاث سنوات كان أبوه واحداً من الزعماء الجمهوريين الذين أودعهم السجن وليم الثاني أمير أورنج، رئيس الدولة، رغبة في توطيد سلطته السياسية والحربية على جميع الأقاليم. فلما مات وليم الثاني (1650) رفض المجلس التشريعي قبول ابنه الذي ولد عقب وفاته خلفاً له، ربما متأثراً في ذلك بإقامة إنجلترا حكومة جمهورية فيها (1649) بصورة بدا أن التوفيق حالفها، وألغى منصب رئيس الدولة. وأصبحت المسرحية الداخلية للأقاليم المتحدة صراعاً بين الروح التجارية الجمهورية المسالمة التي يمثلها دي ويت، والروح الأرستقراطية العسكرية التي أزمع أن يحييها بعد قليل الشاب المتحمس وليم الثالث.
وفي 21 ديسمبر 1650، انتخب يان دي ويت-وهو لا يزال في الخامسة والعشرين-كبيراً لولاة دوردرخت، وممثلاً لها في المجلس التشريعي للأقاليم المتحدة. وفي فبراير 1653 عينه المجلس حاكماً أعلى للجمهورية، وناط به مهمة عسيرة هي مفاوضة إنجلترا المنتصرة على الصلح. وكان كرومويل قاسياً لا يرحم، فطالب بأن يعترف الهولنديون بالسيادة الإنجليزية ويحيوا العلم الإنجليزي في القنال الإنجليزي، وبأن يسلموا بحق القباطنة الإنجليز في تفتيش السفن الهولندية في البحر، وبأن يؤدوا رسوماً نظير امتياز الصيد في المياه الإنجليزية، وبأن يدفعوا تعويضاً عن قتل الهولنديين للإنجليز في أمبوبنا عام 1623، وبأن ينحوا بصفة دائمة عن الوظائف أو السلطة جميع أفراد بيت أورنج-الذي قطع على نفسه عهداً بأن يرد أسرة ستيوارت إلى عرش إنجلترا لما بينه وبينها من مصاهرة. وحذف دي ويت هذا البند الأخير من المعاهدة كما قدمت للمجلس التشريعي وكما تصدق عليها منه (22 إبريل 1654)، ثم أقنع المجلس التشريعي لإقليم واحد-هو إقليم هولندا-بقبول المعاهدة بما فيها هذا البند. ولم يغتفر له وليم الثالث فعلته هذه قط.
ثم وطد دي ويت مركزه بالزواج من وندلا بيكر الغنية، وأصبح عن طرقها صهراً لأمراء التجارة في امستردام، وبتأييدهم شغل أهم المناصب في هولندا هو وأبوه، وأخوه، وبنو عمومته، وأصدقاؤه؛ وسرعان ما قبض على زمام الحكم كله في الإقليم. وقبلت أقاليم أخرى زعامته على مضض، لأن هولندا التي أغنتها موانيها كانت تدفع سبعة وخمسين في المائة من نفقات الاتحاد، وتقدم معظم الأسطول الهولندي، ولم يكن محبوباً من جماهير الشعب. ولكن حكمه كان مستنيراً وكفؤاً. فقد حد من النفقات الباهظة، وخفض الفائدة على الدين الفدرالي، وأجرى فحصاً شاملاً للأسطول، وبنى سفناً أفضل، ودرب عاملين جدداً في البحرية. وإذ كان يعكس مشاعر التجار، فإنه كافح في سبيل السلام ولكنه استعد للحرب. وفي 1658، ثم في 1663، أعيد انتخابه حاكماً أعلى للأقاليم المتحدة. وقد وقع من نفوس المراقبين بإخلاصه لمهام الحكم، وببساطة مسلكه وتواضعه، وبنقاء حياته العائلية. ويسرت له ثروة زوجته العيش في منزل فخم يستطيع أن يستقبل فيه المبعوثين الأجانب في جو مهيب، ولكن ذلك المنزل كان مركزاً للثقافة الهولندية أكثر منه مركزاً للمظهر المترف، فقد امتزج فيه الشعر بالسياسة، ونوقش العلم والفلسفة ربما بحرية لا يطيقها ناخبو دي ويت الكلفنيون. وحتى سپينوزا، ذلك المهرطق المرهوب، وجد صديقاً وفياً وحامياً له في الحاكم الأعلى.
السياسي
لقد كانت مأساته دائماً أنه أحب السلام أكثر من الحرب، بينما كان جيران الجمهورية الغنية يكتلون قواهم للقضاء عليها. وفي 1660 رد تشارلز الثاني إلى عرش إنجلترا، فأوصى جان دي ويت مشدداً بأن يرضى عن ابن أخته وليام أورانج الثالث، وبعد قليل طالب بإلغاء "قانون الإبعاد" الذي أقصى بمقتضاه وليم عن المناصب، ووافق دي ويت وهكذا مهد الملك الاستيوارتي لسقوط أسرة ستيوارت على غير قصد منه. وفي اكتوبر 1664، استولت حملة إنجليزية على مستعمرة نيو أمستردام الهولندية، وأطلقت عليها اسماً آخر هو نيويورك تكريماً لدوق يورك (جيمس الثاني مستقبلاً) وكان يومها قائد البحرية الإنجليزية. واحتج المجلس التشريعي للأقاليم المتحدة، ولم تعبأ إنجلترا بالاحتجاج، وفي مارس 1665 بدأت الحرب الهولندية الثانية.
وقد برر الموقف ما سبق أن اتخذه دي ويت من استعدادات. ذلك أن ضعف القيادة قد انتقل من المجلس التشريعي إلى حكومة تشارلز الثاني الغافلة العاجزة، وبينما كان الملك المرح يراقص خليلته، ظفر دي ويت بالثناء حتى من أعدائه على الهمة والإخلاص اللذين بذلهما لكل نواحي التنظيم الحربي وتفاصيله. فقد أبحر غير مرة مع الأسطول، وعرض نفسه لكل مخاطر المعركة، وألهم الملاحين بشجاعته وغيرته. ولم تكن البحرية الهولندية إلى ذلك الحين كفؤاً للبحرية الإنجليزية في السفن أو الرجال أو النظام، فأوقعت البحرية الإنجليزية بقيادة دوق يورك هزيمة حاسمة بالبحرية الهولندية في أول لقاء كبير في الحرب (لوفستوفت، 13 يونيو 1665). على أن المواطنين الهولنديين الصابرين أعادوا بناء أسطولهم وولا عليه رجلاً من أقدر وأجرأ أمراء البحر الذين عرفهم التاريخ. وفي يونيو 1667 قاد هذا الرجل، وهو ميشيل أدريانسزون درويتر، ستاً وستين سفينة إلى نهر التيمز، واستولى على قلعة شيرنيس (على نحو أربعين ميلاً شرقي في لندن)، وحطم الحواجز التي تعترض الدخول في نهر ميدواي (الذي يصب في التيمز عند شيرنس) وأخذ، أو حرق، أو أغرق ست عشرة سفينة حربية كانت راسية هناك دون تأهب لمثل هذا الزائر الوقح (12 يونيو 1667). وإذ لم يكن بتشارلز الثاني ولع بالحرب، فقد أمر دبلوماسييه أن يعرضوا على الهولنديين صالحاً مقبولاً. وفي 21 يوليو 1667 وقعت الدولتان معاهدة بريدا، وبمقتضاها نزل الهولنديون لإنجلترا عن نيويورك التي خالوها غير هامة، ووافقوا على أن يحيوا العلم الإنجليزي في المياه الإنجليزية، ونزلت إنجلترا للهولنديين عن مستعمرة سورينام (گويانا الهولندية في أمريكا الجنوبية) وعدلت قانون الملاحة لصالح التجارة الهولندية. وكانت المعاهدة نصراً معتدلاً لدى وبث وبلغت به قمة نجاحه.
غير أنه ارتكب الآن سلسلة من الأخطاء القاتلة، فقد زاد من تنفير مؤيدي وليم الثالث بأن أجاز في المجلس الإقليمي لهولندا (5 أغسطس 1667) "مرسوماً دائماً" يمنع أي حاكم لأي إقليم من تولى قيادة الجيش أو البحرية العليا للاتحاد. فاستقال على إثر ذلك أتباع الأمير الشاب من الجيش وتركوه خلواً من القواد المحنكين. ولسوء الحظ وقع هذا الحدث، الناجم عن المنافسة بين أسرتين، بينما كانت فرنسا تغزو الأراضي المنخفضة الأسبانية، فهددت بذلك المصالح الحيوية الأقاليم المتحدة. فلو أن فرنسا هيمنت على الأقاليم الجنونية لأسرعت بفتح الشلت للتجارة الأجنبية من جديد، فإذا انتعشت بذلك تحدت السيادة التجارية لأمستردام، وأصبح اقتصاد الأقاليم الشمالية كله في خطر. ثم كم من الزمن سيقف لويس الرابع عشر عند الحدود الهولندية لا يتجاوزها؟ لو أن رأيه استقر على أن يلتهم الأقاليم المتحدة، ويستولي على مصاب الراين، لما بقي للبلد في الواقع وجود، ولقضي على البروتستانتية الهولندية قضاءً مبرماً.
وعرض دي ويت على الملك المتعدي سلسلة من الحلول الوسط، ولكنه رفضها. فاتفق مع إنجلترا (23 يناير 1668)، ثم مع السويد، على حلف ثلاثي للدفاع المشترك ضد التوسع الفرنسي. ووافق لويس في لباقة على إنهاء "حرب الأيلولة" (الوراثة الأسبانية) شريطة أن يستبقي نطاقاً من المدن والحصون التي استولى عليها في فلاندر وإينو. وارتضت هذه الشروط إنجلترا والسويد، ثم الأقاليم المتحدة، في معاهدة إكس-لا-شاپل (2 مايو 1668). وبدا أن دبلوماسية دي ويت جنبت البلاد الخطر، وفي يوليو انتخب للمرة الرابعة ليشغل منصب الحاكم الأعلى للجمهورية فترة خمس سنوات أخرى.
ولكنه أخطأ استقراء سياسات ملكي فرنسا وإنجلترا. ذلك أن لويس لم يغتفر للهولنديين قط في غزوه الأراضي المنخفضة الأسبانية. فأقسم أنه "إن ضايقته هولندا كما ضايقت الأسبان فسيرسل رجاله بالمجارف والمعاول ليقذفوا بها في البحر(45)"، ربما بفتح الجسور البحرية عليها. كانت تغيظه الجمهورية، وكان يطمع في الراين، فعقد النية على تدمير تلك، والسيطرة على هذا. وزادت الصراع شدة حرب التعريفات الجمركية التي نشبت بين الخصمين؛ فقد فرض مولبير رسوماً مانعة على البضائع الهولندية التي تدخل فرنسا، ورد الهولنديون عليها بمثلها. ولكن الذخيرة الحربية استثنيت استثناءً بارعاً من هذه القيود؛ ذلك أن لوفوا، وزير الحربية الفرنسي، أقنع رجال الصناعة الهولنديين بأن يبيعوه مقادير هائلة من العتاد الحربي(46)، وفي الوقت نفسه امتنع رجال الأعمال الهولنديون عن الموافقة على الضرائب التي أراد دي ويت فرضها لتزويد الجيش بالإمداد والمؤن. وأثبت السلك الدبلوماسي الفرنسي حذقه، أو ثراءه، بعزلة إنجلترا والسويد عن تحالفهما مع الأقاليم المتحدة. فوافق تشارلز الثاني في معاهدة دوڤر السرية (1 يونيو 1670) على التخلي عن الحلف الثلاثي والانضمام إلى لويس في حربه مع الهولنديين. أما السويد فقد انسحبت من الحلف في 1672 لحاجتها للمعونة الفرنسية ضد الدنمرك وألمانيا، ووعدت أسبانيا، والإمبراطورية، وبراندنبورگ، الجمهورية بالمساعدة، ولكن ما كان تحت تصرفها من قوات كان أضأل أو أبعد من أن يكون له كبير وزن أمام القوات المجندة الضخمة التي أطلقت الآن على الأقاليم المتحدة براً وبحراً. وعاد دي ويت يعرض التنازلات والحلول الوسط، فرفضها لويس.
وفي 23 مارس 1672، بدأت إنجلترا الهجوم على الجمهورية الهولندية، وفي 6 إبريل أعلنت فرنسا عليها الحرب. وسرعان ما زحف نحو 130.000 مقاتل على الدولة الصغيرة يقودهم تورين، وكونديه، ولكسمبورگ، وفوبان، ولويس نفسه. يقول فولتير "لم يشهد الناس من قبل جيشاً فخماً كهذا الجيش(74)"، واخترقت القوة الفرنسية الرئيسية، باستراتيجية بارعة وغير متوقعه، الأراضي الألمانية-مهدئة ثائرة القرى بـ"الهدايا"-لتهاجم النقط الأضعف تحصيناً. وفي 12 يونيو، وتحت نيران الهولنديين وبصر الملك، عبر الفرنسيون الراين، وهم يسبحون عرض الأقدام الستين التي لم يسمح لهم عمقها أن يخوضوها؛ وأصبح هذا حدثاً محبباً تتناوله الصور والأيقونات الملكية. وزحفت الجيوش الملكية شمالاً إلى قلب الأقاليم المتحدة، فاستولت بسهولة على المدينة تلو المدينة. واستسلمت أوترخت دون مقاومة. وأذعن إقليما أوفريسيل وجلدر لاند، ولم يبق بعد قليل غير أمستردام ولاهاي. ولم تجد كثيراً تلك الهزيمة التي أوقعها درويتر في 6 يونيو بالأسطولين الإنجليزي والفرنسي مجتمعين في خليج ساوثوولد. وطلب دي ويت الصلح، فطالب لويس بتعويض ضخم، وبسيطرة الفرنسيين على جميع الطرق الهولندية البرية والبحرية، وبرد الكاثوليك إلى جميع أرجاء الجمهورية. ورفض الهولنديون هذه الشروط لأنها لا تفضل العبودية، فلجئوا إلى دفاعهم الأخير: وفتحوا الجسور، وأدخلوا البحر عدوهم القديم صديقاً منقذاً، وما لبثت المياه أن تدفقت على اليابس، وتقهقر الفرنسيون عاجزين أما هذا الفيضان الذي أخذهم على غرة.
ومع هذا فقد حربت البلاد، فكانت جيوش أسقف مونستر وناخب كولونيا، المتحالفين مع لويس، تزحف دون عائق على إقليم أوڤريسيل، والسفن الفرنسية والإنجليزية تغير على التجارة الهولندية رغم أنف درويتر، وأشرفت الحياة الاقتصادية للدولة المحاصرة على الانهيار. أما دي ويت فقد كافح خلال هذه الشهور القاسية كما لم يكافح أي رجل قبله في تاريخ هولندا-فجمع الأموال، وجهز الأسطول وزوده، ووقف إلى جوار درويتر في معركة خليج ساوثوولد، وحاول بالبعثة تلو البعثة أن يفاوض على صلح ينقذ وطنه. وفي يونيو 1672 عرض لويس أن ينزل له عن ماسترشت وأجزاء من برابانت الهولندية، وأن يدفع كل نفقات الحرب. ولكن لويس أزدرى هذا العرض أيضاً، ولما سمع مواطنوه بأمر العرض نددوا به رجلاً يبيت استسلام الخيانة للويس(48). وألقى عليه الشعب الآن كل تبعة ما أصابهم من نكبات. واتهموه بالنقه الساذجة المستهترة في وعود تشارلز الثاني ولويس الرابع عشر، ورموه بتعيين أقاربه في أكثر من عشر وظائف مجزية، وفوق هذا كله لم يستطيعوا أن يغتفروا له حرمان بيت أورنج من امتيازاته الحربية والسياسية التي حفظت على الأقاليم الهولندية حريتها طوال قرن من الزمان. ثم لاموه على عجز قواده البورجوازيين وجبنهم. ورماء القساوسة الكلفنيون بأنه ملحد مقنع، وتابع لديكارت وصديق لسپينوزا(49). وحتى طبقات التجار التي كانت من قبل سنده الأكبر انقلبت عليه الآن واتهمته بأنه منظم الهزيمة.
مصرعه وشقيقه
وشاركه أخوه كورنيليس في تلقي بعض الجماهير وشتائمها، وهو الذي قاسمه من قبل مكافآت المنصب وأعباء الحرب ومخاطرها. وفي 21 يونيو 1672 بدلت محاولة فاشلة لاغتيال يان، وبعد يومين تلتها محاولة أخرى لقتل كورنليس. وفي 24 يوليو قبض موظفو لاهاي على كورنليس بتهمة التآمر على أمير أورنج. وفي 4 أغسطس استقال جان من منصبه حاكماً أعلى. وفي 19 أغسطس عذب كورنيليس وحكم عليه بالنفي. وشق يان طريقه خلال المدينة المادية إلى سجن الجيفانجينبورن ليرى أخاه رغم أنه حذر بأنه يعرض حياته للخطر. وما لبث جمع من الغوغاء أن احتشد خارج السجن يحرضه رئيس شرطة وصائغ وحلاق. وكان هناك حارس مدني كلف برد الغوغاء ولكنه شاركهم حقدهم على الأخوين دي ويت، فلم يبد أي مقاومة حين حطموا أبواب السجن واندفعوا إلى داخله. وقبضوا على يان وكورنليس، وجروهما إلى الميدان، وضربوهما حتى الموت، وعلقوا جثتميهما على عمود نور ورأساهما منكسان (20 أغسطس 1672). وماتت الجمهورية الهولندية بموتها، وعاد بيت أورنج إلى السلطة من جديد.
عالم الرياضيات
بجانب كونه رجل دولة، فقد كان يوهان دى ويت أيضاً عالم رياضيات مكين. ففي 1659 كتب "Elementa Curvarum Linearum" كملحق لترجمة فرانس ڤان شوتن لكتاب رينيه ديكارت "La Géométrie". وفيه، اشتق دى ويت الخصائص الأساسية للصيغ التربيعية، وكانت خطوة هامة في حقل الجبر الخطي.
في 1671 نشر يوهان دى ويت كتاباً بعنوان Waardije van Lyf-renten naer Proportie van Los-renten ('قيمة العوائد السنوية مدى الحياة بالمقارنة بسداد السندات'). وقد جمع هذا الكتاب اهتمامات رجل الدولة وعالم الرياضيات. فمنذ العصور الوسطى، فقد كانت العوائد السنوية مدى الحياة وسيلة لأن "يشتري" شخصٌ عائداً منتظماً من مصدر معتمَد. فالدولة، على سبيل المثال، يمكنها أن تعطي أرملة عائداً منتظماً (معاش) حتى وفاتها، مقابل دفعة مقدَّمة 'مرة واحدة'. وقد كانت هناك أيضاً سندات الاسترداد التي كانت تشبه قرض عادي إلى الدولة. بيـَّن دى ويت - باستخدام رياضيات الاحتمالات - أنه لنفس القدر من المال، فإن سنداً بفائدة 4% سينتج عنه نفس الربح لعائد سنوي مدى الحياة فائدته 6% (1 في 17). إلا أن 'ستاتن' في ذلك الوقت كانوا يدفعون 7% (1 في 14). النشر عن العوائد السنوية مدى الحياة رؤي أنه أول مقاربة رياضية لموضوع الفرصة والاحتمالات. وبعد الوفاة الشنيعة للشقيقين، أصدرت 'ستاتن' عوائد سنوية مدى الحياة في 1673 بالعائد القديم، 1 في 14.
وفي 1671 واتت دى ويت فكرة تحديد العائد السنوي مدى الحياة كمتوسط موزون للعوائد السنوية المؤكدة، حيث كانت الأوزان هي احتمالات الوفاة (ومجموعها واحد)، وبذلك ينتـُج القيمة المتوقعة للقيمة الحالية لراتب مدى الحياة. ويعود تقديم إدموند هالي (الشهير بمذنـَّبه) لفكرة راتب مدى الحياة إلى سنة 1693، حين أعاد التعبير عن عائد سنوي مدى الحياة كقيمة مخصومة لكل دفعة سنوية مضروبة في احتمال الحياة لتحصيل تلك الدفعة وجمعهم حتى يصبح احتمال الحياة (طول العمر) صفراً. مقاربة دى ويت كانت ثاقبة بشكل خاص وسابقة لعصرها. فباستخدامنا للمصطلحات الحديثة، فقد عالج دى ويت العائد السنوي مدى الحياة كمتغير عشوائي وقيمته المتوقعة هي ما نسميه "قيمة عائد سنوي مدى الحياة". وكذلك بمصطلحات حديثة، سمحت مقاربة دى ويت للمرء أن يفهم الخصائص الأخرى لذلك المتغير العشوائي مثل انحرافه المعياري standard deviation، skewness، التفلطح kurtosis، أو أي خصائص أخرى في هذا المجال.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
العائلة والدرع
لمقالة عن أسرة دى ويت، انظر هنـا.
يوهان دى ويت في الثقافة الشعبية
حرق الشقيقين دى ويت صـُوِّر بزخم درامي في الفصول الأربعة الأولى من التيوليپ السوداء، الرواية التاريخية التي كتبها ألكسندر دوماس، الأب في 1850، وكان لهذا الحدث آثاره على مجمل حبكة الرواية.
وفي وقتها، ساعد كتاب دوما في التعريف بهذه المأساة للقارئ الفرنسي (والقراء في البلدان الأخرى حيث تـُرجمت الرواية) والذين كانوا لولاه جاهلين بالتاريخ الهولندي.
طالع أيضاً
- كونراد ڤان بويننگن
- المقاطعات المتحدة للأراضي الواطئة
- الموظف الأعظم Grand Pensionary/Raadspensionaris van Holland
السفن
حالياً أحد السفن الحربية الهولندية مسماة على اسم يوهان دى ويت. Hr. Ms. يوهان دى ويت هي مركبة رصيف إبرار برمائي من طراز روتردام LPD.
المصادر
ديورانت, ول; ديورانت, أرييل. قصة الحضارة. ترجمة بقيادة زكي نجيب محمود.
- ^ Johan de Witt at Heren van Holland (Dutch)
- ^ Rietstap, Johannes Baptist (1861). Armorial général, contenant la description des armoiries des familles nobles et patriciennes de l'Europe: précédé d'un dictionnaire des termes du blason. G.B. van Goor. p. 1135.
- ^ BUNEL, Arnaud. "Héraldique européenne, Provinces-Unies et Royaume des Pays-Bas, Stadhouders et Souverains des Pays-Bas". Retrieved 8 July 2011.
أدبيات
- Herbert H. Rowen, John de Witt, grand pensionary of Holland, 1625-1672. Princeton, N.J.: Princeton University Press, 1978, which is summarized in
- Herbert H. Rowen, "John de Witt: Statesman of the "True Freedom"". Cambridge University Press, 2003.
- Herbert H. Rowen, The princes of Orange: the stadholders in the Dutch Republic. Cambridge and New York: Cambridge University Press, 1988.
- Herbert H. Rowen, The princes of Orange: the stadholders in the Dutch Republic. Cambridge and New York: Cambridge University Press, 2003.
- Petrus Johannes Blok, "History of the people of the Netherlands". New York: G. P. Putnam's sons, 1898.
- Pieter Geyl, "Orange and Stuart, 1641-1672". Scribner, 1970.
- Jonathan I. Israel, "The Dutch Republic: Its Rise, Greatness, and Fall, 1477–1806" Oxford University Press, 1995. ISBN 0-19-820734-4
- Peter de la Court: de la Court, Peter (1746) [1662]. MEMOIRS OF Cornelius de Witt and John de Witt, - Pieter de la Court, The True Interest and Political Maxims, of the Republic of Holland. London: London: John Campbell, Esq,. doi:October 18,2011.
{{cite book}}
: Check|doi=
value (help)CS1 maint: extra punctuation (link)
وصلات خارجية
- The Project Gutenberg EBook of History of Holland, by George Edmundson
- http://www.1911encyclopedia.org/John_De_Witt
- O'Connor, John J.; Robertson, Edmund F., "يوهان دى ويت", MacTutor History of Mathematics archive
- Friends of De Witt (Dutch)
مناصب سياسية | ||
---|---|---|
سبقه أدريان پاو |
الموظف الأعظم لـهولندا 1653-1672 |
تبعه گاسپار فاگل |
- CS1 errors: DOI
- مواليد 1625
- وفيات 1672
- رياضياتيو القرن 17
- محللون رياضيون
- علماء رياضيات هولنديون
- سياسيون هولنديون
- مسيحيو الاصلاح الهولندي من هولندا
- الموظفون العظام بهولندا
- سياسيون هولنديون مغتالون
- وفيات بسلاح ناري في هولندا
- أشخاص من دوردرخت
- خريجو جامعة لايدن
- خريجو جامعة آنگر (قبل 1793)
- أشخاص اُغتيلوا في هولندا
- تاريخ هولندا