الكنيسة المارونية
عقيدة الكنيسة المارونية | |
---|---|
شعار البطريركيّة المارونيّة، وقد كتب عليه بالسريانية واللاتينية والعربية من سفر إشعياء: "مجد لبنان أعطي له". | |
الدين | المسيحية |
زعيم | مار بشارة بطرس الراعي |
مَنشأ | شمال بلاد الشام |
إمتداد | لبنان، سوريا، فلسطين، إسرائيل،[1] الأردن، فرنسا، السويد، مصر، الخليج العربي، الولايات المتحدة، كندا، المكسيك، أمريكا الوسطى، البرازيل، الأرجنتين، الإكوادور، فنزويلا، جنوب إفريقيا، وأستراليا.[2] |
عدد المعتنِقِين | حوالي 6.000.000[3] |
مؤسس | مار مارون |
مراكز | - ضريح مار مارون في براد سوريا - دير سيّدة بكركي في - دير مار مارون - عنايا في |
العقائد الدينية القريبة | الطوائف الكاثوليكية إيمانيًا والطوائف السريانية طقسيًا |
الكنيسة المارونية أو الكنيسة الأنطاكية السريانية المارونية (بالسريانية: ܥܕܬܐ ܣܘܪܝܝܬܐ ܡܐܪܘܢܝܬܐ ܕܐܢܛܝܘܟܝܐ) هي كنيسة مسيحية سريانية مشرقية اجتمعت نواتها الأولى حول القديس مارون كحركة رهبانيّة ما لبثت أن ضمّت علمانيين، لذلك دعيت باسمه.[4] وقد أكد المجمع البطريركي الماروني الذي ختم أعماله عام 2006[5] هوية الكنيسة بأنها: ”كنيسة أنطاكية سريانية ذات تراث ليتورجي1 خاص“. يعتبر الموارنة أيضًا من دوحة الكنيسة السريانية تاريخيًا وطقسيًا وثقافيًا، أما إيمانيًا، فهم جزء من الكنيسة الكاثوليكية التي تقرّ بسيادة البابا، رغم ذلك، فللكنيسة المارونيّة بطريركها الخاص وأساقفتها، ويقيم البطريرك في بكركي الواقعة ضمن قضاء كسروان اللبناني، ويعاونه اثنان وأربعون أسقفًا[6] موزعين على ست وعشرين أبرشية في قارات العالم الخمس.[7] وللكنيسة المارونيّة رهبناتها الخاصة،[8] وتعتبر الرهبنة اللبنانية المارونية أكبر رهبنة في الشرق الأوسط.
وبحسب الإحصاءات، يبلغ عدد الموارنة في العالم ستة ملايين نسمة، حوالي 920000 منهم في لبنان،[9] وإلى جانب تواجدهم في لبنان، يتواجد الموارنة في سوريا. أما عن الاغتراب المارونيّ، فهو يتركز أوروبيًا في فرنسا وأمريكيًا في الولايات المتحدة والبرازيل والمكسيك. كذلك يوجد عدد كبير من الموارنة في أستراليا ودول الخليج العربي وإفريقيا الغربية، وبناءً عليه تعتبر الكنيسة المارونيّة، أكبر كنيسة مشرقيّة داخل النطاق الأنطاكي، وتحل ثانيًا بعد الكنيسة القبطية على مستوى الشرق الأوسط. أيضًا تعتبر الكنيسة المارونيّة أكبر هذه الطوائف من حيث التواصل الجغرافي لأماكن الانتشار.[10]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
مار مارون
- مقالة مفصلة: مارون
إثر مرسوم ميلانو سنة 313، أخذ وضع المسيحيين في الامبرطورية الرومانية بالتحسن، فقد أصبحت المسيحيّة وبعد ثلاثة قرون من الاضطهادات، دينًا رسميًا في الإمبرطوريّة، ما ساعد على توسع انتشارها في حوض البحر المتوسط.[11] أما في سوريا فقد إنتشرت المسيحيّة بقوة في الأماكن الساحليّة، بجهود الجيل الأول من رسل المسيح الذين مرّ أغلبهم من هناك مبشرًا.[12] أما في الأماكن الداخليّة، فقد ظلت الوثنيّة مسيطرة وقويّة للغاية، على الرغم من مجمع نيقية والاعتراف بالمسيحية دينًا للإمبرطوريّة، حتى باتت كلمة وثني ترادف معنى قروي.[13]
وضمن هذه البيئة الوثنيّة ظهر مار مارون. إن المرجعين الأساسيين الباقيين عن حياته حتى اليوم، رسالة وجهها يوحنا الذهبي الفم من منفاه في القوقاز إلى مار مارون، حوالي العام 405، وشهادة ثيودوريطس أسقف قوروش، في كتاب أعده خصيصًا للحديث عن الرهبان في القورشيّة وضواحيها؛ ورغم عدم وجود رابط بين مارون يوحنا الذهبي الفم، ومارون ثيودوريطس، إلا أن ثقاة المؤرخين استبعدوا احتمال وجود مارونيين، في القورشية عاشا خلال الفترة ذاتها، ولم ينل التأريخ سوى واحدًا منها، ما دفع إلى القول أن كلا المرجعين يشيران إلى مارون، أبي الطائفة المارونيّة.[14]
إن رسالة يوحنا الذهبي الفم ذات طابع شخصي، ولا تعطي معلومات وافية عن القديس الذي تسميه "كاهنًا وناسكًا"، في حين أن المرجع الثاني لا يأت على ذكر كونه كاهنًا، لكنه في الوقت نفسه يذكر مصطلحات، تستخدم في اللغة الإكليريكيّة للكهنة وحدهم،[15] وينال المرجع الثاني أهمية خاصة، لأن ثيودوريطس وهو أسقف المكان الذي تنسك فيه "مارون الإلهي" كما يسميه، قد نقل شهادة مقبولة بمقاييس ذلك العصر، عن نشاط الراهب وحياته وتقشفه،[16] وما يمكن قوله عن حياة القديس مارون، في ضوء هذه الشهادة، أنه كان رائدًا في مجال الترهب، إذ إنه ابتكر طريقة جديدة، وهي الترهب في العراء، دون أن يأوي إلى سقف عدا خيمة صغيرة ما كان يستظلها إلا نادرًا،[17] وأنه مارس ضروبًا عديدة من التقشفات، ولم يكن منقطعًا عن المجتمع خلال جميع فترات حياته، إذ عندما انتشر صيت قداسته، وفد الناس إلى الجبل المنسك للقاءه، فكان يعظ الزوار ويرشدهم ويقدم التعزية للمصابين والحزانى،[17] حتى أشيع أن الشياطين نفسها قد تحاشت حضرته،[16] ونتيجة لهذا فقد قصده عدد كبير من الرهبان يودون التتلمذ له، فيجزم ثيودوريطس، أن أكثر نساك منطقة قوروش ساروا على طريق مارون، وأزهروا في مختلف أنحاء سوريا الشمالية.
وإثر هذه الحياة الحافلة توفي مار مارون قرابة عام 410 وقامت منازعات على جثمانه بين سكان القرى المجاورة، وسرعان ما اعترفت جميع كنائس ذلك الزمان بقداسته، إذ تقيم الكنيسة الكاثوليكية والكنيسة الأرثوذكسية تذكارًا له في الرابع عشر من شباط كل عام.[18] أما الموارنة ففي التاسع من شباط كل عام[19]
مكان تنسك القديس مارون، وضريحه
قامت في التاريخ شكوك كثيرة حول المكان الذي تنسك فيه القديس مارون، بل إن الأمكنة المقترحة لذلك تنوعت وتعددت جغرافيًا من مغارة مارون الراهب في منطقة الهرمل اللبنانيّة، إلى جبل سمعان شمال غرب مدينة حلب،[20] وفي الآونة الأخيرة وبجهود أبرشية حلب المارونيّة، وبالتعاون مع وزارة السياحة السوريّة، اكتشف المدفن الأول للقديس مارون وكذلك مكان التنسك، فإذ إن ثيودوريطس لا يذكر مكانًا لإقامة الضريح والكنيسة العظيمة،[21] إلا أنه يذكر خطف إحدى القرى الكثيرة العدد والمتاخمة لمكان التنسك للجثمان وإقامة مزار فخم لإكرامه، نظرًا لأهميته لسكان تلك المنطقة، ويعزي نفسه بأن ذكر القديس قائم لديه بدل ذخائره البعيدة عن مركز الأسقفيّة القوروشيّة.
إن الحفريات، والمكتشفات، أثبتت ما ذهب إليه المؤرخون الموارنة طويلاً دون أن يستطيعوا إثباته، فكنيسة براد، وهي البلدة عظيمة الأثر كثيرة السكان، بنيت حوالي العام 410 أي في الفترة التي توفي فيها مارون، ولأن صفات ما وصفه ثيودوريطس، تنطبق على براد بشكل منطقي،[20] ولكون مار مارون هو العظيم الوحيد الذي توفي في حدود تلك السنة، يمكن الجزم بأن براد هي المكان الصحيح لدفن مار مارون.
يُذكر أن كنيسة براد تعتبر أكبر كنيسة في شمال سوريا برمته بعد كنيسة القديس سمعان،[22] وقد بنيت بجانبها كنيسة صغيرة عام 561، مما يدل على استمرار النشاط في المنطقة.[22] أما عن مكان التنسك فهو قلعة كالوتا على الطريق المستقيم جنوب براد ويبعد عنها حوالي 3 كيلومترات، والآثار المكتشفة تثبت ذلك أيضًا. أما ذخائر مار مارون، فقد نقل التقليد الماروني، أنها نقلت مع الهجرة المارونيّة إلى لبنان على يد مار يوحنا مارون، حيث وضعت في دير كفرحي، الذي بات اسمه منذ ذلك اليوم "ريش مورو" (بالسريانية: ܪܝܫ ܡܘܪܐܢ)، أي "هامة مارون"، لكن الهامة نُقلت عام 1137 إلى إيطاليا خلال التواجد الصليبي، وأعيدت إلى لبنان عام 1999، إلى دير كفرحي، من جديد.[23]
دير مار مارون وصيغة إيمانه
إلتف حول مار مارون، عدد كبير من الأتباع الرهبان، أولاً في الجبل المنسك ومن ثم في جميع أنحاء القورشيّة والمشرق. منهم إبراهيم القورشي، الذي أرّخ حياته ثيودوريطس أيضًا، وذكر خبر انتقال إبراهيم إلى لبنان مبشرًا حيث أقام في أعالي منابع نهر أدونيس، ما أدى أن يطلق على النهر تسمية نهر إبراهيم،[24] ولم يكن تلاميذ مار مارون حكرًا على الرجال بل تواجد عدد من النساء الراهبات،[25] وكان لهؤلاء الرهبان بدورهم تلاميذ أيضًا.
ومن الثابت أنه خلال الفترة القريبة من مجمع خلقيدونية، تجمع رهبان مارون المشتتين في مختلف البقاع ضمن دير واحد وصفه بعض المؤرخين بكونه "عظيم البنيان" ومنهم المؤرخ أبي الفداء الذي أضاف في شهادته أنّ من بنى الدير هو الإمبراطور مرقيان، ما زاد في أهميته لكونه قد بني بأمر إمبراطوري.[22] ويضيف أبو الفداء أن هذا الدير كان من المنافحين عن صيغة خليقدونية في الإيمان والتي تنص على أن طبيعتي المسيح الإلهية والبشريّة قد لبثتا طبيعتين بعد اتحادهما ولم يمتزجا أو يختلطا في طبيعة واحدة، كان البابا ليون الأول أبرز من شرحها في رسائله المعروفة في التاريخ باسم «طومس لاوون»؛ وتشير دراسات حديثة صادرة عن معهد الأبحاث المارونية في جامعة الروح القدس الواقعة في الكسليك إلى دور لثيودوريطس نفسه في التشجيع على بناءه.[26] ويقدم المؤرخ العباسي المسعودي وصفًا أكثر دقّة للبناء فيقول أن ما لا يقل عن ثلاثمائة صومعة كانت محيطة به،[22] ولم يحسم بعد الجدل الحاصل في تحديد الموقع الدقيق لمكان بناء هذا الدير الذي دمر أواخر القرن العاشر،[21] لكن من المتفق عليه أنه بني في مكان ما في أفاميا قرب نهر العاصي.
إن الدير لا يكتسب أهميته فقط لكونه نواة الكنيسة المارونيّة، بل لأنه يوصف أيضًا في مراسلات الأقدمين، بأنه عظيم الأديرة في سوريا الجنوبية، وبالتالي، من خلال هذا الدور الريادي المنسوب له على سائر الأديرة، يمكن فهم الطريقة التي تكونت بها المارونيّة في القرنين اللاحقين بوضوح أكثر.
يعتقد البعض بأن الرأي القائل بخليقدونية دير مارون قد ظهر خلال القرن السادس عشر على يد تلامذة الجامعة المارونيّة في روما؛ تحديدًا على يد الأسقف جبرائيل القلاعي. وسعى كثيرون من البحاثة، إثبات ذلك الرأي، من خلال تفنيد المراسلات التي تثبت خليقدونيته المبكرة،[27] لكن قسمًا آخر من البحاثة، أبدوا تأييدًا للرأي الكنسي التقليدي وبدورهم قدّموا عددًا من الوثائق التي تثبت هذه الخليقدونية، أبرزها رسالة رهبان الدير أنفسهم إلى البابا هرمزدا في خريف سنة 517 إثر تعرضهم لكمين على يد ساويريوس بطريرك أنطاكية المناوئ للخليقدونية حينذاك، وردّ البابا على هؤلاء الرهبان برسالة مؤرخة في شهر شباط من سنة 518. وقع من رهبان الدير 350 راهبًا في هذا الكمين،[28] ولم يشكك غالبية المؤرخين بوقوع هذه المجزرة، لكونها قد وقعت في فترة مضطربة من تاريخ الكنيسة، اعتادت خلالها السلطة سواءً أكانت للخليقدونيين أم مناوئيهم استخدام مثل هذه الأساليب؛ ويقيم الموارنة وكاثوليك العالم تذكارًا لهؤلاء في 31 يوليو كل عام.[29]
أما عن الأدلة الأخرى التي تثبت خليقدونية دير مارون، هي رسالة رهبان دير مارون إلى مناوئيهم رهبان بيت أرباز العام 592، وكذلك مراسلات مجمعي سنتيّ 518 و536 في القسطنطينية وهي تشمل عدة رسائل موجهة لبطريرك القسطنطينية مينا والبابا أغابيتس والإمبراطور يوسطيان الأول،[30] وهناك أيضًا المجمع المحلي الذي عقد في سوريا الجنوبية إثر إدانة ساويرس الإنطاكي وعزله عام 518،[22] فالراجح والمتفق عليه لدى ثقاة الباحثين، أن الدير أقله حتى القرن السابع، قد ظل خليقدوني المعتقد. ويذكر أن ساوريرس لم يدن لارتكابه المجزرة بل أدين لآرائه اللاهوتية المنافية لصيغة خليقدونية،[31] ويذكر أيضًا أنه لدى حرمه العام 518 هرب إلى مصر وأقام هناك،[32] وأدار من منفاه عددًا من الكنائس والأديرة في سوريا وبعض مناطق العراق، البعيدة عن سطوة الإمبراطورية البيزنطية منشأً بذلك الكنيسة السريانية الأرثوذكسية.
إن هذا الانقسام، ساهم في تعزيز موقع دير مارون، كقائد للقسم السرياني من الكنيسة الخليقدونيّة، التي كانت قد اصطبغت أكثر فأكثر بالصبغة اليونانية حتى طغت عليها، وساهم أيضًا في تسريع نشوء الطائفة المارونيّة خلال القرن التالي، وهذه الأحداث تلقي الضوء أيضًا على طبيعة ريادة دير مارون لسائر أديرة سوريا الجنوبية، ففي المراسلات السابق ذكرها، يوقع ممثلو الدير بكونهم اكسرخسًا، أي الرقيب أو الدير المتقدم على سائر الأديار في منطقته، ومن المعروف على ما نقله المؤرخ وبطريرك الإسكندرية الملكي، سعيد بن بطريق، أن الامبراطور هرقل شخصيًا زار الدير عام 628 وأقام فيه قبيل إعلانه العقيدة المونوثيلية،[33] أما عن علاقة ثيودرويطس والدير، فيمكن استقائها من رسالة دير أرباز نفسها، فيصف الرهبان المناوئون خصومهم، بفرع المرارة التي أنبتها ثيودوريطس.[34]
الموارنة في أواخر العهد البيزنطي
إن الوثائق القليلة للطقوس المارونيّة والتي تعود لتلك الفترة المبكرة من تاريخ الكنيسة تظهر في الحقيقة أن الموارنة في طقوسهم أقرب إلى الطقس السرياني الغربي من الطقس السرياني الشرقي، رغم أن بصمات هذا الطقس واضحة حتى اليوم في ليتورجية الكنيسة ممثلة بنافور شرر، على سبيل المثال،[35] أما بالنسبة لوضع الموارنة التاريخي، فإن المناكفات بين الخليقدونيين وخصومهم قد وصلت لحد صدع الإمبرطوريّة البيزنطيّة وشقها نصفين، ما جعلها لقمة سائغة في يد أعدائها، فشهد العام 611 احتلال الفرس لسوريا، وإعلانهم تقاربًا مع اللاخليقدونيين، بيد أنّ الإمبرطور البيزنطي هرقل تمكن من استعادة ما فقده في عام 622، إثر حروب مريرة.
أدرك الإمبرطور أهمية وحدة الدولة الدينية للحفاظ عليها، لذلك سعى للتوحيد بين الخليقدونيين ومناوئيهم، لكن هذه المحاولات باء أغلبها بالفشل. إحدى أهم هذه المحاولات هي، صيغة الإيمان المونوثيليّة،[36] التي اقترحت كحل وسط بين القائلين بالطبيعتين والقائلين بالطبيعة، أي الخليقدونيين ومناوئيهم، من خلال القول بالطبيعتين والمشيئة، وللترويج لهذه العقيدة زار الإمبرطور سوريا، ونزل في دير مارون على العاصي العام 628، ثم انتقل في العام الذي يليه إلى مدينة منبج شرقي حلب قرب نهر الفرات، حيث اجتمع وبطريرك اليعاقبة أثناسيوس واثني عشر من أساقفته مناقشًا أمور الإيمان، وبعد اثني عشر يومًا من النقاش رفض البطريرك صيغة الإيمان الجديدة، ووضع الحرم عليها، فاستشاط الإمبرطور غيظًا وأمر بتشديد الاضطهاد على أتباع الكنيسة اليعقوبية، فيذكر مؤرخو تلك الحقبة أثناسيوس التلمحري وسعيد بن بطريق، أن رعايا كاملة يعقوبية في السابق قد دخلت في إطار المارونيّة، وأن الموارنة قد استولوا بالقوة على عدد من الكنائس اليعقوبية في منبج وحمص.[37] إن دخول رعايا كاملة في المارونيّة يفترض وجود رعايا من قبلها، وهكذا يمكن القول أنه وبنشاط دير مارون قد تأسست الطائفة المارونيّة،[38] وساعد اضطهاد الامبرطور هرقل لليعاقبة في التوسيع من نفوذها، وقد حصل أمر مشابه لاحقًا في عهد الخليفة الأموي معاوية بن أبي سفيان، إذ يذكر التاريخ أن الموارنة واليعاقبة تناظروا في حضرة الخليفة،[39] ويبدو أن الموارنة قد افحموا نظرائهم فأمر الخليفة أن تجبى من اليعاقبة ضريبة سنوية بعشرين ألف دينار وأن يجرد اليعاقبة بعضًا من كنائسهم مانحًَا إياها لنظرائهم الموارنة،[37] إن هذه الحقائق تنفي بعض الآراء، من الموارنة ذاتهم، بأن تأسيس الكنيسة كان على يد مار يوحنا مارون أواخر القرن السابع،[40] إذ يظهر أنه كان للموارنة رعاياهم وكنائسهم وأساقفتهم وأديرتهم خلال نهاية القرن السادس والفترة الأولى من القرن السابع على الأقل، وقد وصل التوسع الماروني في سوريا ذروته من خلال الوصول إلى سدة البطريركيّة الأنطاكيّة لاحقًا نهاية القرن السابع، وأما مصطلح موارنة، فقد ظهر خلال هذه الفترة متوازيًا مع ظهور مصطلح ملكيين، تمييزًا لجناحي الكنيسة الخليقدونية اليوناني والسرياني.[41][42]
عقب فرض هرقل العقيدة المونوثيلية بالقوة، اعتنق الموارنة هذه العقيدة، أسوة بالروم الأرثوذكس في أنطاكيا والقسطنطينية وسائر الكنائس، بل إن تأثير العقيدة المونوثيلية وصل إلى روما بذاتها حيث دان بها حبرين أعظمين، الأمر الذي يجعل البعض يقول أن القول بهرطقة الموارنة لاعتناقهم هذه العقيدة ردحًا من الزمن هو ادعاء واه.[43][44]
الفتح الإسلامي
إن المصادر المختلفة القليلة التي أرخت تلك الفترة، وهي في الغالب لمؤلفين يعاقبة، تذكر أن مناطق قرى حلب ومنبج وحمص وحماة وأفاميا وشيزر ومعرة النعمان ومناطق أخرى في وادي نهر العاصي، قد أصبحت ذات غالبية مارونية كثيفة.[45]
شهدت تلك الفترة أيضًا خروج سوريا من السيطرة البيزنطية ودخولها تحت إمرة العرب الفاتحين، وساعد المسيحيون السوريون سيّما النساطرة في دخول المسلمين لسوريا، حيث سافر بطريرك النساطرة خصوصًا إلى المدينة المنورة للقاء عمر بن الخطاب خليفة الدولة التليدة وطالبه بتخليص أبناء كنيسته من السيطرة البيزنطيّة.[46][47] وعندما سقطت مدن شرق الفرات ذات الغالبية اليعقوبيّة فتح سكانها الأبواب مهللين، المجد لرب النقمة الذي نجانا من يد البيزنطيين،[48] وهكذا يُلاحظ أن سوريا التي كان سكانها حينذاك يناهزون الأربعة ملايين سقطت في يد عدد قليل نسبيًا من الجنود خلال وقت قياسي،[49] وما ذلك إلا بسبب القسوة البيزنطية، التي ما كان الدين إلا أحد أوجهها العديدة، فالضرائب التي كان يفرضها البيزنطيون على سبيل المثال، كانت كافية لجعل الوضع الاقتصادي في الإمبرطوريّة مهترئًا، وأما عملية الاندماج بين سوريا والفاتحين الجدد فكانت عملية طويلة ومعقدة ولم تختفِ جميع آثارها قبل العصر المملوكي، فقد ظلت السريانية لغة سوريا حتى القرن الثاني عشر،[50] وظل للأساقفة نفوذهم في البلاط، أما عدد المسلمين في ختام العهد الأموي فلم يكن يتجاوز 120 ألفًا من مجموع سكان سوريا البالغ أربعة ملايين،[51] وهذا ما يفسر أحد أسباب تسمية عمر بن الخطاب بالفاروق، فهو من فرّق الاقتتال المسيحي الداخلي.[52]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
يوحنا مارون بطريركًا
برز الموارنة كجماعة رهبانية ثم طائفة دينية اتفقت مع الروم الأرثوذكس بالحفاظ على الوحدة الكنسيّة والإيمانيّة في خليقدونية، لكنهم اختلفوا معهم بحافظهم على خطهم التراثي والفكري السرياني، لأن الملكيين الإنطاكيين اندمجوا في تراث بيزنطة كليًا، وفي الوقت نفسه اتفق الموارنة مع اليعاقبة بحافظهم على خطهم التراثي والفكري الروحي السرياني، لكنهم اختلفوا وإياهم منذ المجمع الخليقدوني،[53] ولو لم يتوفر للموارنة حظ الالتقاء مع كنيسة روما والغرب لكان مصيرها كمصير بقية الكنائس التي تعرف اليوم باسم الكنائس الوطنية المستقلة، ولو لم تتمسك بلغتها وطقسها وخطها الحضاري لكان حظها كحظ الكنيسة الملكية التي اندمجت في تراث بيزنطة بشكل كلي،[54] ورغم نشوء الطائفة في أواخر القرن السادس إلا أنه لم يكن لها بطاركتها أو رئاساتها الخاصة.
إثر الفتح العربي، فقد الملكيون البيزنطيون حظوتهم لدى السلطة لأن الخلفاء الأمويين تخوفوا من الرابط بين الملكيين وبيزنطة، فمُنع الملكيون من إقامة بطاركة لهم،[55] فأقام الأباطرة البيزنطيون بطاركة إسميين لأنطاكية في القسطنطينية،[56] وظلت الحالة على ماهي عليه ما يفوق الأربعين عامًا، وبعضًا من هؤلاء البطاركة عينوا تعينًا ولم ينتخبوا انتخابًا،[57] وسوى ذلك فإن أغلب سكان الرعيّة الأنطاكية، سيّما في الأرياف إن كانوا خليقدونيين فهم من الموارنة، فقد تراجعت أعداد متتبعي الطقس الملكي البيزنطي، وهم في الغالب سكان المدن، أمام تقدم الدين الإسلامي،[58] في هذه الظروف اجتمع الأساقفة الموارنة وانتخبوا في دير مارون على العاصي يوحنا مارون بطريركًا في عام 685 إثر وفاة البطريرك ثيوفانس في القسطنطينية وشغور الكرسي الإنطاكي،[59] فأصبح الموارنة بذلك طائفة وفق المفهوم المتوافق عليه للكلمة، وورثوا أيضًا رئاسة الكرسي الأنطاكي.[60]
وعندما عادت حظوة الملكيين لدى الخلفاء الأمويين سمح مروان بن الحكم عام 745 برسامة بطريرك لهم هو ثيوفلاكت بن قنبرة الذي كان يعمل صائغًا للخليفة،[61] فقاد البطريرك الجديد حملة على دير مارون على العاصي لكن حملته هذه قد فشلت ولم تحقق أهدافها، وفي إثرها أخذ الموارنة والملكيون ببناء كنائس منفصلة، في المناطق المختلطة بينهم كمدينة حلب،[62] ولم يذكر مؤرخ هذا الحادث، أثناسيوس التلمحري، أن في الدير بطريركًا لأن البطريرك كان قد انتقل إلى لبنان الذي ظل تحت سيطرة الإمبرطورية البيزنطية ممثلة بوكلائها المردة ردحًا من الزمن،[63] ويذكر التلمحري عدة أسباب لهذه الحملة منها أسباب طقسية كاستعمال الموارنة للتقديسات الثلاث، ومنها عقائدية تتعلق بالمونوثيلية، ومنها رغبة الملكيين بالاحتفاظ بالكرسي الأنطاكي الذي كان قد آل إلى سيطرة الموارنة،[61] ويمكن القول أنه وإثر هذه الحملة ومثيلاتها التي تكررت من قبل البدو والسلاطين، قد دمر دير مارون على العاصي، وأخذ الموارنة ينزحون تدريجيًا نحو جبال لبنان،[34] فالمسعودي يذكر أن دير مارون والصوامع المحيطة به قد دمرت من جراء غزوات البدو وظلم الحكام، ولم يبق من الموارنة في وادي العاصي حوالي سنة 956 - سنة وفاة المسعودي - سوى جماعات صغيرة متفرقة أما القسم الأكبر فقد نزح إلى جبال لبنان، حيث يذكر المستشرق جورج تشالنكو أن النزوح هذا ساعد في الحفاظ على هوية الطائفة، فتنظم الموارنة في ظل الجبال، التي حوت مختلف الأقليات الأخرى كالشيعة والظنيين،[64] ضمن مجتمع بيروقراطي منظم بقيادة الإكليروس وكبار العائلات تنظيمًا قويًا، ولم تكن طبيعة جبال لبنان تسمح بقيام المدن فقامت القرى الكبيرة عوضًا عنها.[34] وليس هناك أية معلومات تتحدث عن البطاركة الموارنة في تلك الفترة إلا أنه من المعروف أنهم أقاموا في دير سيدة يانوح في قضاء جبيل اللبناني.[65] إن أقدم الوثائق الموجودة اليوم تعود إلى زمن البطريرك يوسف الجرجسي عام 1100،[66] أما من سبقه من البطاركة فهناك لائحة بأسمائهم فقط دون أعمالهم عثر عليها البطريرك الدويهي في دمشق مكتوبة بالسريانية،[67][68] بل حتى إن شخصية يوحنا مارون وبطريركيته لا تتوافر أدلة موثوقة عنها، فالوثائق القديمة وإن كانت تشير إلى بطاركة موارنة في القرن الثامن لكنها لم تشر إلى أعمالهم أو أسمائهم. هناك مرجع وحيد يسميه الدويهي "معتقد اليعاقبة"[69] يذكر شخصًا باسم يوحنا مارون كان أسقفًا على البترون التي تحوي دير ريش مورو، تلقى رسامته الأسقفية على يد مبعوث بابوي إلى المشرق،[70] أما عن عقيدته فهي الديوثيلية، أي أنه لم يكن مونوثيليًا،[71] لكن ما يزيد الأمر تعقيدًا تضارب رواية البطريرك الدويهي والسمعاني وهما من كبار المؤرخين الموارنة في سيرهما حول بطريركية يوحنا مارون ومؤلفاته،[72] فلا يسع في ظل غياب المراجع والوثائق إلا القول بأن الموارنة تولوا شؤون الكرسي الأنطاكي أواخر القرن السابع على الأرجح، وكان أول من تسلم زمام الكرسي الإنطاكي يوحنا مارون.[73]
المردة وثورة المنيطرة
ذهبت بعض المصادر المارونية المتأخرة إلى نسبة الموارنة إلى المردة،[74] الأمر الذي أبطلته كافة البحوث الحديثة.[75] [76] وخلال هذه الفترة نشبت ثورة المنيطرة أوائل العهد العباسي والتي حفظت في الزجليات الشعبية[77] وما يثبتها تاريخيًا فتوى الإمام عبد الرحمن الأوزاعي بمنع المساس بمسيحي جبل لبنان،[78] ورغم هذه الثورة فلم تكن العلاقة بين الموارنة والعباسيين سيئة للغاية فقد ذكر التاريخ ثيوفيل بن توما الماروني الذي عمل ككبير علماء الفلك لدى الخليفة العباسي المهدي،[33] وقيس الماروني الذي صاغ كتابًا عن العالم مبتدءًا بالخليقة ومنتهيًا بخلافة المكتفي،[79] بيد أن القرنان العاشر والحادي عشر كانا شديدي الظلمة بالنسبة للتاريخ الماروني قبل أن تتحسن الأمور مجددًا مع القدوم الصليبي.
الموارنة في قبرص
يعتبر الوجود الماروني في جزيرة قبرص وجودًا مبكرًا يرقى إلى القرن الثامن، وقد أصبحت قبرص بمرور الزمن موئلاً طبيعيًا لهؤلاء المهاجرين من سوريا ولبنان، حتى بات عدد القرى المارونيّة في الجزيرة أواسط القرن الثالث عشر، ستين قرية،[80] وشكلوا حوالي عشرين ألفًا من عماد الجيش القبرصي، وبات لهم أسقف مقيم هناك بدءًا من العام 1316؛ لكن هذا الوجود أصيب بنكسة كبيرة أعقاب الفتح العثماني للجزيرة عام 1571، وما تلاه من تردي الوضع الاقتصادي والفتن المستمرة والاضطهادات الدينية، وغيرها من العوامل، فلم يبق من هذه القرى سوى ستة عشر قرية بحلول عام 1820، وساهمت النزاعات اليونانية التركية على أرض الجزيرة في هجرة آلاف الموارنة عام 1971 من شمال قبرص الخاضع لسيطرة تركيا، ولم يبق من هذه القرى اليوم سوى أربعة تعتبر قرية كورماتيكس أكبرها،[81] ويتكلم أبناء هذه القرى إلى جانب اللغتين التركيّة واليونانيّة، لغة خاصة تعرف باسم اللغة العربية المارونيّة القبرصيّة،[82] هي في الحقيقة مزيج بين اللغة السريانيّة، وبعض المفردات الدارجة في اللهجة اللبنانيّة المحكيّة، واللغة العربية، وتعتبر من اللغات المهددة بالانقراض.[83]
الموارنة في الأراضي المقدسة
- مقالة مفصلة: كنيسة فلسطين المارونية
الموارنة في العهدين الصليبي والمملوكي
انطلقت الحملة الصليبية الأولى بمباركة البابا أوربان الثاني عام 1096، من أوروبا عبر أراضي الإمبرطوريّة البيزنطية، ووصلت إلى سهول كليكية عام 1097 ومنها اجتازت جبال طوروس تجاه أنطاكية التي سقطت بأيديهم في حزيران سنة 1098،[84] وسار الصليبيون على الطريق الساحلي جنوبًا وبلغوا طرابلس في ربيع عام 1099 حينئذ حصل الاتصال الأول بين الموارنة والصليبيين في بلدة عرقا شمال لبنان،[85] ولم يكن الموارنة هم السباقون، كما هو شائع لاستقبال الصليبيين، إذ سبقهم إلى ذلك ابن عمار صاحب طرابلس الفاطمي، وقدم لهم الهدايا وزودهم بالمؤن.[86][87]، ذلك إن الاضطهادات العباسية لمختلف الأقليات لم تترك لهم مواليًا في الداخل.[88]
واستمر الصليبيون بالزحف ووصلوا القدس في حزيران واقتحموها في تموز سنة 1099، أما عن الموارنة خلال هذه الفترة فيقدم المؤرخ والأسقف ويليام الصوري شهادة هامة عنهم: يخبر ويليام الصوري أن أربعين ألفًا من الموارنة ساعدوا الجيش الصليبي، في مختلف الأصعدة، ويبدو الصوري سعيدًا بهذه العلاقة،[89] وقد تمتع الموارنة بالحقوق الكاملة في ظل الدولة الصليبية،[33] ويذكر أيضًا، في شهادته أن الموارنة قد كانوا مونوثيليين - صيغة هرقل في المشيئة الواحدة- لكن شهادته في هذا المضمار مشكوك بصحتها، إذ إنها استندت إلى شهادة سعيد بن بطريق بطريرك الإسكندرية الملكي، الذي أجمع الباحثون من مختلف الفئات على اعتبار تاريخه بشكل عام مغلوط وغير صادق،[90] وسوى هذه الشهادة هناك كتاب الهدى الماروني لتوما أسقف كفرطاب قرب معرة النعمان والذي يربط بين الموارنة والمونوثيلية، إلا أن المشيئة الواحدة كما تظهر في هذا الكتاب مختلفة عن عقيدة هرقل التي نشأت في القرن السابع والتي أدانها المجمع المسكوني السادس عام 685،[91] بمعنى آخر أنه كما يمكن قبول نشيد التقديسات الثلاث (قديشات آلوهو)، الشهير في الكنيسة، ملحقًا بعبارة "يا من صلبت لأجلنا" بمعنين هرطوقي وآخر سليم، وهو ما قائم حتى اليوم، فإن المشيئة والمشيئتين تفهم بالطريقة ذاتها.[92] سوى ذلك فإن المجمع السادس سمى بشكل مفصل وموسع من أدانهم ولم يذكر شيءًا عن الموارنة أو ديرهم، ولو أنهم تمسكوا بالمونوثيلية لكان المجمع السادس أشار إلى ذلك صراحة،[93] فلا يمكن إثبات المونوثيلية على الموارنة وفي الوقت نفسه لا يمكن نفيها عنهم بأدلة قاطعة.
وإلى جانب شهادة الصوري في إيمان الموارنة، ساعدت الحملات الصليبية في توسع رقعة الانتشار الماروني، إذ يُلاحظ أن أقدم ذكر للموارنة في جزيرة قبرص يعود للعام 1121.[94] ولم تكن العلاقة مستقرة دومًا بين الموارنة والصليبيين إذ ساهم الموارنة في العام 1137 بمقتل كونت طرابلس، وسير الصليبيون حملة عسكرية لقمعهم في العام نفسه،[95] ووقف موارنة الساحل ومعهم الأساقفة والبطريرك إلى جانب الصليبيين، لكن موارنة الداخل ظلوا على حذر اتجاههم؛ وما يثبت ذلك انتقال البطاركة من يانوح إلى ميفوق ومنها إلى كفيفان.[96]
وخلال تلك الفترة أرسل البابا كالسيت رسالة إلى البطريرك خصّه فيها باسم بطريرك أنطاكية،[97] تلاها سفر البطريرك إرميا العمشيتي عام 1215 إلى روما لحضور مجمع لاتران الثاني بناءً على دعوة البابا الذي قدم له درع التثبيت،[98] طالبًا منه التنازل عن بعض العادات السريانية واستبدالها بعادات لاتينية. شكلت هذه التعديلات وما تبعها لاحقًا من تعديلات في القرن السادس عشر مصدر أسى دائم للموارنة، رغم أنهم قد استعادوا عددًا كبيرًا من هذه العادات اليوم.[99] ويرجع للعهد الصليبي أيضًا قيام الراهب نيقيطا الماروني بتصنيف كتاب لاهوتي عن انبثاق الروح القدس من الآب والابن،[100] وفي نهاية العهد الصليبي حوالي عام 1282 ظهر انقسام خطير في رئاسة الكنيسة إذ انتخب الموارنة بطريركين في الوقت نفسه، لكن الانقسام لم يستمر طويلاً إذ سيّر المماليك حملة عسكرية هاجمت نواحي إهدن وهدمت قلعتها، ما أدى إلى قتل أحد البطريركين وإعادة الوحدة إلى الكنيسة،[101] ومع عودة الصليبين إلى أوروبا ونهاية وجودهم في المشرق هاجر الكثير من الموارنة إلى قبرص ورودوس هربًا من الاضطهاد المملوكي الذي صبغ القرن الرابع عشر بصبغته ما أدى أن يطلق عليها اسم " قرن البلايا على الموارنة".[102]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
العهد المملوكي
هاجم المماليك جبة بشري أول مرة عام 1268، وأعادوا الكرة عام 1283 وتابعوا نحو إهدن، ثم طالت حملاتهم كسروان عام 1305 وشملت تهجير قاطنيها من الشيعة،[103] وفي العام 1365 قام المماليك بالقبض على البطريرك جبرائيل الحجولي وأحرقوه حيًا في طرابلس،[104] ويذكر التاريخ أن الظاهر بيبرس قد قتل 16 ألف شخصًا لدى استرجاعه أنطاكية وأنه هدم حصن طرابلس بمن فيه، فضلاً عن مذبحتي عاصي الحدث وقلعة الحوقا، لذلك يصفه المؤرخون بأنه قد أفرط في استعمال القوة بحق شعبه،[105] وإن كانت فترة حكم المماليك البحرية مأساوية فإن الحال قد تبدلت بعد وصول السلطان برقوق إلى السلطة وقيام دولة المماليك البرجية، إذ أكرم هذا السلطان ومن تلاه، الموارنة وجعل دير قنوبين متقدمًا على سائر الأديار ودعم المقدمين، وهم حكام محليين موارنة في القرى، وجعل أيوب مقدم بشري رئيسًا عليهم،[106] واستمر هؤلاء يتولون شؤون الحكم حتى مطلع القرن السابع عشر وقد كانت علاقتهم بالكنيسة والبطريركيّة قوية للغاية حتى أنهم قبلوا رتبة الشدياق الكنسية كعلامة خضوعهم لها، وقد شارك البطريرك خلال تلك الفترة عن طريق ممثليه في مجمع فلورنسا الرابع عام 1439، وإثر عودة المبعوثين حصلت قلاقل والسلنطة المملوكية ما حدا بالبطريرك يوحنا الجاجي مغادرة الكرسي البطريركي في ميفوق وانتقاله إلى وادي قاديشا في قنوبين.[107]
الموارنة من القرن السادس عشر حتى القرن التاسع عشر
الإرساليات اللاتينية إلى الموارنة
بدءًا من النصف الثاني للقرن الخامس عشر، أخذت روما ترسل موفدين إلى المشرق، كان أولهم الراهب الفرنسيسكاني غريفون الذي وصل بيروت عام 1450، وكان له دور في تثبيت البطريرك بطرس الحدثي عام 1458 خلفًا لأخاه يعقوب الحدثي،[108] وقد شهدت بطريركيته صراعًا طائفيًا كبيرًا وصل ذروته عام 1488 بين الموارنة والسريان الأرثوذكس، إثر ارتداد عدد من الموانة إلى السريانية الأرثوذكسية، وعلى رأسهم عبد المنعم بن أيوب مقدم بشري، وبعد أن يئس موارنة إهدن، من عودة المرتدين طلبوا المساعدة من مقدم بسكنتا وساروا اتجاه قرية باقوفا مركز الفريق الآخر مصطحبين معهم رجالاً من منطقة الضنية حيث التحم الفريقان في معركة مرج تولا التي كان النصر خلالها حليف الموارنة، أما المنهزمون فقد نزحوا تدريجيًا نحو سوريا الداخلية وقبرص،[109][110] ويذكر التاريخ أن قسمًا من هؤلاء كان المماليك قد أجبروهم على الاستقرار في جبل لبنان وأن بعضًا منهم كانوا أقباطًا وأحباشًا ما يدفع الدويهي لنعتهم "بالمتطفلين"،[111] أما البطريرك سمعان الحدثي الذي انتخب عام 1492، فاستقبل المبعوث البابوي الثاني إلى الموارنة، وهو الراهب الفرنسيسكاني سوريانو، وذلك عام 1515، ولم يكن لهذا الراهب نشاطات أو فاعليات عديدة سوى رسالة البابا ليون العاشر والتي يثني فيها على الموارنة واصفًا إياهم بالورود بين الأشوك.[112]
توفي البطريرك الحدثي عام 1524، وخلفه موسى سعادة العكاري حتى عام 1567 حين آل الكرسي البطريركي إلى آل الرزي من قرية باقوفا، بدءًا من عهد البطريرك ميخائيل الرزي والذي استقبل ثالث البعثات البابوية برئاسة الراهب اليسوعي إليانو عام 1577، والذي عقد في ختام مهمته إلى لبنان مجمع قنوبين الأول برئاسة البطريرك ميخائيل الرزي عام 1580؛ وأقر المجمع المذكور عددًا كبيرًا من العادات اللاتينية كعدم منح الأطفال لسر القربان المقدس ومنع الكاهن من مسح المعمد بالميرون، وكذلك أقر جملة من الأمور العقائدية كالاعتراف بوجود المطهر واستعمال الخبز الفطير، وأمر باستعمال بعض العبارات اللاهوتية التي لم تكن قد وصلت بعد إلى الموارنة، وسوى ذلك تنقيح بعض الكتب الطقسية في الشمال الماروني والتي كانت قد اختلطت بالكتب اليعقوبية بسبب التشابه في شعائر الكنيستين،[113][114] وبعيد هذا المجمع توفي البطريرك ميخائيل وانتخب أخاه سركيس الرزي بطريركًا عام 1581 والذي شهدت بطريركيته افتتاح المدرسة المارونية في روما، وهي أول جامعة عربية في الغرب،[115] وفي عام 1610 أدخلت مطبعة إلى دير مار أنطونيوس قزحيا،[116] وبهذا تكون قد سبقت مطبعة نابليون التي أدخلها إلى مصر بمائتي عام.
توفي البطريرك سركيس الرزي عام 1597 وانتخب أخاه يوسف الرزي، وكان البطريركان سالفا الذكر من دعاة الليتنة بتهور[118] لكن الوضع تغير مع وصول البطريرك يوحنا المخلوف إلى كرسي قاديشا عام 1608. في عام 1584، وصل دنديني آخر الموفدين إلى الموارنة من قبل كرسي روما والأكثر موضوعية برأي ثقاة المؤرخين، إذ إن من سبقه نسب للموارنة ضروبًا من المعتقدات الغريبة كإنكار يوم القيامة أو الخطيئة الأصلية لكن دنديني أوضح أنه لم يجد شيءًا من هذه الاتهامات التي نسبها من سبقوه للموارنة سوى التطليق لعلة الزنا ومناولة الأطفال، أما سائر الاتهامات ومن ضمنها المونوثيلية فقال أنها محض تلفيق.[119]
أما يوسف الرزي فقد استمر بسياسة الليتنة، ودعا إلى مجمع ضيعة موسى عام 1598 حيث أقر عددًا كبيرًا من هذه العادات، وأبرز ما تم اعتماده استعمال التقويم الغريغوري في الكنيسة.[118] لا ينبغي الخلط جرّاء هذه الادخالات في مجمعي 1580 و1598 والفهم بأن الموارنة لم يكونوا كاثوليكًا ثم اهتدوا، فالأمور العقائدية كالاعتراف بالمطهر واستعمال التقويم الغربي واستعمال الخبز الفطير في القداس قد أقرت بالتزامن مع كنيسة روما تقريبًا؛ وإنما الموارنة في صلب عقائدهم التي قسمت ظهر الكنيسة ووحدتها كانوا كاثوليكيًا؛ أما بالنسبة للطقوس التي تعتبر من المميزات الثقافية لكل شعب من الشعوب فقد كافح الموارنة لاستعادة ما تليتن (أصبح لاتينيًا) منها ونجحوا في ذلك نسبيًا خلال المائة العام الأخيرة، فعلى سبيل المثال سر الميرون اليوم يمنحه الكهنة بالتوازي مع العماد، والحلل الكهنوتية المستعملة اليوم إنما هي حلل سريانية صرفة، وأعاد المجمع الماروني عام 2006 عصا الرعاية السريانية التقليدية التي يمسكها الأسقف في حين أن المباحثات جارية فيما يخص التاج الأسقفيّة. [120]
الوضع السياسي والاجتماعي
- مقالات مفصلة: فخر الدين المعني الثاني
- بشير الثاني الشهابي
- شهابيون
يعود استقرار الدروز في لبنان لأواخر العهد المملوكي قادمين كقبائل رحالة من منطقة فلسطين إلى البقاع ومنها إلى الشوف مالئين بذلك فراغ نزوح الصليبيين،[121] ويعود للفترة نفسها حكم آل عسّاف بمباركة المماليك لجبل لبنان، فبسطوا نفوذهم من المتن في الجنوب إلى طرابلس في الشمال واتخذوا من مدينة غزير في كسروان قاعدة لحكمهم، وعندما احتل السلطان سليم الأول سوريا ولبنان عام 1516 استبقى آل عساف في حكم الجبل، وأقام هؤلاء لأنفسهم نواب معاونين لهم من الموارنة وتحديدًا من آل حبيش، وذلك سنة 1523، لكن التنافس بين آل عساف وآل سيفا أطاح بإمارة آل عساف عام 1591 وأوكلت شؤون الموارنة بدلاً من آل حبيش الموارنة إلى آل حمادة الدروز الذين مارسوا القسوة تجاه مواطنيهم، ومما ساعد على ذلك أيضًا الحروب العثمانية المتواصلة وتدهور قيمة العملة العثمانية والضرائب الباهظة فضلاً عن التعصب الديني للسكان وقسوة عوامل الطبيعة، فأخذ الموارنة ينتشرون من مناطقهم التقليدية في شمال جبل لبنان إلى جنوبه أي نحو الشوف مقر حكم الأمراء المعنيين، وكان الأمير فخر الدين المعني الثاني قد خلف والده في حكم الشوف ووسع نفوذه فسيطر على كل الجبل الجنوبي عام 1591 ما خلا بيروت وكسروان، وتبنى فخر الدين سياسة آل عساف في الانفتاح، فأقام له معاونين من آل الخازن الموارنة، واستطاع ضم بيروت عام 1598 وأزال خطر آل سيفا عام 1605 ببسط نفوذه على كسروان،[122] ونتيجة لوقوف الموارنة إلى جانب فخر الدين إثر تكالب الولايات المجاورة عليه، رفع فخر الدين من شأن الموارنة ومن قيمتهم وشجعهم على الإنتاج الزراعي سيّما إنتاج الحرير الذي أمّن سيولة نقديّة وانتعاشًا اقتصاديًا، فتحسنت أحوال الموارنة وانخرطوا في الجيش وشيدوا أعدادًا كبيرة من الكنائس وارتدوا أفخر أنواع الثياب،[123] واستوعبت الشوف النمو الديمغرافي للموارنة حتى إن البطريرك يوحنا مخلوف انتقل إليها مؤقتًا عام 1608 ونزل في قرية مجدل المعوش هربًا من مضايقات يوسف باشا والي طرابلس،[124] وتحولت كسروان خلال عهد الدولة المعنية إلى مقاطعة يحكمها آل الخازن ونشأت القرى الكبيرة بل شبه المدن في مقاييس ذلك الزمان مثل دير القمر،[125] وعندما فقد فخر الدين حظوته لدى العثمانيين نفوه عام 1613 لكنه عاد إلى لبنان عام 1618 موسعًا ملكه ليشمل بشري والبترون وجبيل، وأوكل حكم هذه المناطق أيضًا لآل الخازن، لكن العثمانيين قضوا عليه نهائيًا عام 1633، وألحقوا المناطق المارونية الشمالية بولاية طرابلس أما المناطق المارونية الجنوبية بولاية صيدا، وأعادوا حكم آل حماده من جديد إلى الجبل،[126] ورغم المضايقات لم يكن وضع الموارنة بشكل عام سيئًا خلال العهد العثماني، إذ إن العثمانيين طبقوا ما جاء في اتفاق نجران الذي أبرمه النبي محمد مع مسيحيي نجران في العصر النبوي الإسلامي، ويكفل هذا الاتفاق حريات واسعة للمسيحين ضمن الدولة الإسلامية.[127]
على الرغم من ذلك، فقد أصدر لويس الرابع عشر، بموافقة السلطان العثماني في شهر نيسان من سنة 1649 مرسومًا يقضي بوضع الطائفة المارونية تحت حماية فرنسا، ضمنت هذه الحماية للموارنة حق التقاضي أمام محاكم خاصة هي أسرع من نظيرتها العثمانية والاستفادة من التعليم في المدارس والبعثات القنصلية الأوروبية والإعفاء من الضرائب وسهولة السفر إلى أوروبا،[128] ولم تكن هذه الحماية مقتصرة فقط على الموارنة إذ سرعان ما منح السلاطين امتيازات لمختلف دول أوروبا لحماية الأقليات ما ساهم في تفكك عري الدولة العثمانية،[129] وعندما افتتحت نيابة قنصلية فرنسية في بيروت كان أول موظفيها الماروني أبو نوفل الخازن،[130] ما ساهم في التقارب بين الموارنة والشهابيين الذين خلفوا المعنيين في حكم الجبل إثر انقراض ذريتهم عام 1697 حين اختير بشير الشهابي الأول أميرًا على الجبل.[131]
وعندما أراد أمراء الشويفات القضاء على الإمارة الشهابية وقف الموارنة إلى جانب الأمير حيدر الشهابي وقاتلوا إلى جانبه في معركة عين داره عام 1711، حتى ظفروا بالنصر، وكان من نتائج هذه المعركة منح لقب "شيخ" لعدد من العائلات المارونية، كآل حبيش وآل الخازن وآل الضاهر وآل الخوري، فضلاً عن انتشار الموارنة في جنوب الشوف نحو البقاع الغربي وجزين بناءً على طلب الأمير لمنع الاقتتال الطائفي بين الدروز في الشوف والشيعة في الجنوب،[132] وبلغ التقارب بين الموارنة والشهابيين ذروته عام 1770 حين اعتنق الشهابيون المسيحية[133] وانضموا إلى الكنيسة المارونية، ليرتقي بذلك الموارنة لحكم الجبل برمته،[133][134] إلا أن ذلك لم يحيدهم عن مضايقات أحمد باشا الجزار والي دمشق الذي فرض ضريبة باهظة على الإمارة عام 1785،[135] ثم أدت الظروف الدولية أن يصبح لبنان جزءًا من السياسة العالمية وما عرف عمومًا بالمسألة الشرقية والتي انتهت بنفي الأمير بشير الشهابي الثاني وسقوط الإمارة الشهابية عام 1840 ليحل محلها نظام القائممقاميتان.
أوضاع البطريركيّة والكنيسة
خلف يوحنا مخلوف، جرجس مخلوف في البطريركية عام 1633، وتلاه يوسف العاقوري ويوحنا الصفراوي ثم جرجس البسبعلي عام 1657 وإثر وفاة الأخير عام 1670، انتخب للبطريركية أحد أهم وجوه الموارنة في العصور الحديثة وهو البطريرك المؤرخ اسطفان الدويهي،[136] الغزير الإنتاج والداعم للثقافة والعلوم بمجالات شتى، وخلال عهده تحولت الرهبنة المارونية من أديار متفرقة وغير ممأسسة،[137] إلى مؤسسة لها قوانينها وأنظمتها، وذلك عام 1694 على يد أربع شباب موارنة من مدينة حلب، انطلقوا من الدير الأم وهو دير مرت مورا قرب إهدن إلى مختلف مناطق لبنان والعالم.
كان أحد هؤلاء الشباب، واسمه جرمانوس فرحات، كان إلى جانب كونه أسقفًا عالمًا ضليع باللغة العربية ألف ستة مجلدات ونظم أكثر من 375 قصيدة، وغدا فيما بعد أسقفًا لحلب، وتكريمًا لجهوده أقامت الحكومة السورية نصبًا له مقابل الكاتدرائية المارونية في المدينة المذكورة عام 1934.[138]
خلف الدويهي عام 1704 البطريرك جبرائيل الثاني ثم يعقوب الحصروني قبل أن يصل يوسف ضرغام الخازن عام 1733 والذي عقد في عهده "المجمع اللبناني" سنة 1736 في دير سيدة اللويزة. يُعتبر هذا الدير أهم مجمع ماروني في العصور السالفة بل من أهم المجامع في تاريخ الكنيسة الشرقية، إذ أنه أقر نظامًا داخليًا مدنيًا للكنيسة وحدد صلاحيات البطريرك واستحدث أبرشيات جديدة وألزم الأساقفة السكن بها، كما نظم الرهبانيات والأوقاف لإدارة ممتلكات الكنائس وكبرى أعماله إلزام التعليم المجاني للفتيان والفتيات.[139][140] كما أنه نظم العلاقة بين البطريرك والبابا في روما حيث ألزم البطريرك باستشارة كرسي روما في الأمور الكنسية الخطيرة،[141] وصدرت في أعقاب هذا المجمع النسخة الثالثة من كتاب القداس الماروني سنة 1763،[142] وفي عام 1770، أي خلال عهد البطريرك يوسف اسطفان، ألغيت الرهبنة الهندية اللاتينية وحدثت القسمة بالتراضي بين الرهبانية المارونية اللبنانية والرهبانية المارونية الحلبية التي غدا اسمها فيما بعد "الرهبنة المارونية المريمية"،[143] أما البطريرك الدويهي فتسعى الكنيسة المارونية اليوم لإعلانه قديسًا.[144]
القرن التاسع عشر
انتقال الكرسي البطريركي إلى بكركي
يعود توسع انتشار الموارنة لأوائل القرن التاسع عشر، حيث انتشروا شمالاً حتى وصلوا مدينة اللاذقية السوريّة عام 1834، رغم أن استقرار الموارنة فيها يسبق ذلك التاريخ حتى أن هناك حي يدعى باسم الموارنة في المدينة، لكن تلك السنة شهدت بناء الكنيسة،[145] وكذلك انتشر الموارنة جنوبًا حتى وصلوا مدينة حيفا وبنوا فيها أول كنيسة عام 1842، رغم أن أقدم ذكر للموارنة في المدينة يعود لعام 1677.[146]
وفي عام 1823 وخلال بطريركية يوسف حبيش انتقل الكرسي البطريركي إلى منطقة بكركي في لبنان، المقر الرسمي للبطريركية المارونية حتى الآن، وتعني كلمة بكركي بالعربية "مكان حفظ الوثائق والكتب".[147] ويرجع للقرن التاسع عشر أيضًا انقراض اللغة السريانية نهائيًا كلغة تخاطب بين الموارنة لتحل محلها اللغة العربية، رغم أن الموارنة كانوا قد ألفوا اللغة العربية باكرًا إذ إن كتاب الهدى صدر بالعربية عام 1051، لكن هذه اللغة ظلت لغة جانبية قبل أن تتحول إلى لغة تخاطب في جنوبي جبل لبنان، أما في بشري والقرى المجاورة فقد ظلت اللغة السريانية لغة التخاطب حتى القرن التاسع عشر؛[148] ورغم تراجع سطوتها إلا أن اللغة السريانية ظلت تعتبر اللغة الرسمية للكنيسة ولغة طقوسها وكتبها الليتورجية، وظهرت في تلك الأثناء الكتابة الكرشونية وهي اللغة العربية المكتوبة بحروف سريانية،[149] إذ إن أغلب الموارنة وإن كانوا قد أجادوا اللغة العربية إلا أنهم لم يكونوا قد أجادوا بعد قراءة الحرف العربي.[150] واستمرت كتب الليتورجيا والكتاب المقدس المسموح باستعماله طقسيًا تصدر فقط باللغة السريانية حتى مطلع القرن العشرين.
خلف يوسف حبيش البطريرك يوسف الخازن عام 1845 والذي عقد خلال بطريركيته مجمع بكركي الأول، مناقشًا الهجرة المارونية، إذ إن الامتيازات الأجنبية الفرنسية التي حصل عليها الموارنة كان لها كبير الأثر السلبي في تنامي ظاهرة الهجرة بين أبناء الطائفة نحو أوروبا والعالم الجديد، متأثرين بالوضع الاقتصادي السيء والضرائب العثمانية الباهظة فضلاً عن الفتن الطائفية التي شهدها جبل لبنان خلال عهد القائمقاميتين، وكثير من هؤلاء المهاجرين فقدوا الرابط مع الوطن الأم والكنيسة، ولكن قسمًا آخر منهم كان أوفر حظًا فاستطاع الحفاظ على هذه اللحمة. إلا إن ظاهرة الهجرة وإن كان لها تأثيرات سلبية عديدة على الوطن والكنيسة الأم، كان لها أيضًا دورًا هامًا في تحويل الكنيسة المارونية من كنيسة ذات انتشار محدود إلى كنيسة ذات انتشار عالمي.[151]
عهد الحملة المصرية ومتصرفية جبل لبنان
على أثر خلاف نشب بين عبد الله باشا والي عكا ودرويش باشا والي دمشق، ناصر أمير لبنان بشير الشهابي الثاني عبد الله باشا سنة 1821، وسار على رأس جيشه وحارب والي دمشق وهزمه. وما كادت الدولة العثمانية تطلع على هزيمة والي دمشق حتى جرّد الباب العالي حملة عسكرية قوية اضطرت الأمير بشير إلى ترك البلاد، والسفر إلى مصر، حيث رحب به واليها محمد علي باشا، واتفقا على التعاون معا. ولما كان محمد علي في ذلك الوقت ما زال على وفاق مع السلطان، فقد استطاع أن يسترضيه ويُلطف موقفه من الأمير بشير وأن يعيده إلى إمارته. وكان يجمع بين بشير الثاني ومحمد علي طموح كل منهما إلى توسيع رقعة بلاده، ورغبة كل منهما في الاستقلال عن الدولة العثمانية. وكان كل منهما يضمر النقمة على العثمانيين، فالتقت أهدافهما وتعاهدا على السير معا في سياسة مشتركة ضد الدولة العثمانية.[152][153] وسرعان ما وجد محمد علي ذريعة لتدخله العسكري في بلاد الشام ممثلاً بمضايقات والي صيدا، فأرسل ابنه البكر إبراهيم باشا إلى سوريا،[154] ولم يلق الأخير مقاومة عثمانية تذكر أثناء تقدمه باستثناء معركة بحيرة حمص (قادش).
أما على الصعيد الشعبي، فقد نال إبراهيم باشا ترحيبًا شعبيًا حارًا، واستطاع ضمان حكم سوريا ولبنان من خلال اتفاقية كوتاهية التي عقدها والسلطان العثماني في أيار من سنة 1833، وخلال حكمه لسوريا أجرى إبراهيم باشا عددًا كبيرًا من الإصلاحات في مختلف المجالات،[155] وإثر محاولة السلطان العثماني محمود الثاني الفاشلة استعادة بلاد الشام عام 1839 تخوفت الدول العظمى من نفوذ محمد علي المتزايد، فأرسلت أساطيلها إلى سواحل لبنان وسوريا وقصفت المدن الساحلية وشجعت الثوّار على مهاجمة المصريين وقتالهم، وفي نهاية المطاف قامت الأساطيل النمساوية والإنكليزية والعثمانية بعملية إنزال بري في بيروت وجونية عام 1840 لإخراج المصريين من الشام، واضطر إبراهيم باشا أن يعود إلى مصر تاركًا سوريا ولبنان في حالة فراغ أمني، فثارت النعرات الطائفية بين الموارنة والدروز بتحريض من إنكلترا وفرنسا،[156] فأقدمت إنكلترا على دعم الدروز سعيًا لبتر حماية فرنسا على الموارنة، فاجتاح الدروز مناطق الشوف المارونية ودخلوا دير القمر حاضرتها، وارتكبوا فيها مجازر عديدة، فتدخل إثر ذلك الباب العالي مبطلاً الإمارة الشهابية ومعلنًا إقامة قائممقاميتين على جبل لبنان أحدهما مارونية وأخرى درزية، لكن الوضع ساء مجددًا عام 1845 حين هاجم الدروز الموارنة مرة أخرى[157] واقتحموا ديرًا فرنسيًا وأحرقوه، فأعلن الباب العالي حينذاك إلغاء امتيازات جبل لبنان الخاصة وجعله ولاية عثمانية كسائر الولايات، الأمر الذي رفضته الدول الكبرى، وفي نهاية الأمر تم التوصل إلى أن يتولى الحكم في القرى المختلطة وكيلان أحدهما ماروني والآخر درزي، أما في جبل لبنان فيستمر القائممقامان في شؤون الحكم يعاونهما مجلس مكون من اثني عشر عضوًا يمثلان الطوائف اللبنانية الستة الكبرى.[158] و رغم هذه التدابير إلا أنّ الهدوء لم يستمر طويلاً بل انفجر بشكل مخيف عام 1860، حيث لم تقتصر الفتنة على جبل لبنان بل امتدت لتشمل طرابلس وصيدا واللاذقية وزحلة ودمشق،[159][160] وارتكبت مذابح طائفية رهيبة ووقعت أعمال سرقة ونهب شارك فيها الجنود العثمانيون أيضًا، واتهم قائممقام حاصبيا عثمان بك وأحمد باشا والي دمشق بتسهيل المذبحة وقتل كل من التجأ إلى مبنى الحكومة طالبًا الحماية، ويرجع لأحداث فتنة العام 1860 في دمشق سقوط الشهداء المسابكيين الموارنة الذين أعلنتهم الكنيسة طوباويين عام 1915.[161]
من نتائج هذه الأحداث، انتداب فؤاد باشا كقائد للجيش العثماني لقمع الفتنة، فتولى التحقيق في المجازر، وأعدم الكثيرين ممن ظهرت لهم يد بالضلوع بها بما فيهم والي دمشق نفسه،[162] لكن ذلك لم يكن كافيًا في نظر الدول الكبرى إذ إن المجازر تكررت كل عقد من الزمان تقريبًا، فأرسلت فرنسا جيوشها إلى بيروت في آب من سنة 1860 واستعمرت جبل لبنان ولم تنسحب منه حتى حزيران من سنة 1861، وفي هذا الوقت وُقّع بروتوكول القسطنطينية الذي نصّ على دفع تعويضات مالية للمسيحيين المتضررين من الحوادث واستحداث متصرفية جبل لبنان وهي ولاية ممتازة تخضع للباب العالي مباشرة، يكون الوالي فيها مسيحي عثماني غير تركي وغير لبناني، كذلك نص البروتوكول على أن يقيم الباب العالي حامية عسكرية عثمانية مؤلفة من ثلاثمائة جندي سريعة التدخل على الطريق بين بيروت ودمشق،[163] وعين بالإجماع داوود أفندي الأرمني الجنسية واليًا على الجبل ما حقق استقرارًا نسبيًا في الأوضاع. قامت متصرفية جبل لبنان على عهد البطريرك بولس مسعد مؤسس المدرسة البطريركيّة المارونية التي كانت من أكبر الجامعات الشرقية خلال القرن التاسع عشر.
النهضة الثقافيّة
لعب الموارنة دورًا رائدًا في النهضة الثقافية العربية التي انطلقت من جبل لبنان وتعدته لتشمل الشرق الأوسط برمته.[164]
افتتحت الجامعة الإمريكية في بيروت عام 1866 بجهود المرسلين الإنجليين مما دفع إلى قيام جامعة القديس يوسف عام 1875 كمنافس طبيعي لها ما أدى بدوره إلى انتعاش الحركة الفكرية، وسبق ذلك افتتاح الآباء اللعازريين كلية لاهوتية خاصة في عينطورة، فضلاً عن المدرسة البطريركية المارونية في غزير، وما إن وافت سنة 1860 حتى كان عدد المدارس في جبل لبنان ثلاثًا وثلاثين مدرسة[165] على رأسها مدرسة "عين ورقة" في البترون والتي دعيت "أم المدارس في المشرق"،[166][167] وأنشأ رئيس أساقفة بيروت المارونية يوسف الدبس "مدرسة الحكمة" التي تحولت لاحقًا إلى "جامعة الحكمة"، وأنشأ أيضًا عددًا كبيرًا من المدارس والمكتبات العامة في بعبدا وعاليه، وقد تخرج من مدرسة الحكمة، عدد كبير من وجوه الموارنة الذين وصلوا إلى العالمية بأدبهم، كجبران خليل جبران ونعوم مكرزل ووديع عقل، وقد بنى الأسقف الدبس أيضًا كاتدرائيّة مار جرجس المارونية الشهيرة وسط بيروت.[168]
أما على صعيد الصحافة فقد نشط الموارنة في هذا الصدد بشكل ملحوظ فأنشأ اسكندر شلهوب صحيفة "السلطنة" عام 1857 وأنشأ خليل الخوري في بيروت أول صحيفة عربية غير رسميّة عام 1858 أسماها "حديقة الأفكار" وأنشأ المعلم بطرس البستاني "نفير سوريا" إثر أحداث الفتنة وألحقها عام 1871 بمجلة "الجنان" الأدبية والثقافية، ولما كانت مصر تحت حكم الخديوي إسماعيل تنعم بجو من الحرية والاستقرار، تحولت إلى المكان المثالي للجوء المثقفين الهاربين من البيئة العثمانية التقليدية، فأسس سليم الخوري في الإسكندرية عام 1876 صحيفة الكوكب الشرقي، وأطلق أديب اسحق وسليم النقاش "المحروسة" عام 1879 وبعده أطلق يعقوب الصروف صحيفة المقطم وأصدر خليل غانم صحيفة الهلال في أوروبا عام 1878 وصدرت مجلة تدعى الهلال أيضًا في القاهرة على يد جرجي زيدان عام 1892. ساهمت الصحافة العربية وجزء من هذه الحركة الصحفية في نشر الوعي القومي العربي خلال مرحلة القرن التاسع عشر وفي مقاومة محاولة فرض اللغة التركية على سوريا فيما عرف باسم سياسة التتريك،[169] وقد أنشأ الموارنة عددًا من الجمعيات الأدبية والسياسية، فأسست في بيروت عام 1847 "الجمعية السورية" وكان أمينها العام ناصيف اليازجي والجمعية السرية عام 1875 والتي سرعان ما ضمت مسلمين أيضًا،[170] وأنشأت المكتبة الشرقية كبرى مكتبات الشرق عام 1880، ويمكن اعتبار خطبة تعليم النساء التي ألقاها المعلم بطرس البستاني عام 1849 من أوائل الخطب التي ألقيت بالعربية وتضمنت اعترافًا بحقوق المرأة.[171] ونشأ على يد الموارنة شعر المهجر الذي كان من أهم رواده جبران خليل جبران وميخائيل نعيمة الذين أنشآ في نيويورك الرابطة القلمية، وكذلك فقد برز عدد كبير من الشعراء والمؤرخين والأدباء والفنانين الموارنة أمثال، إلياس فرحات، إيليا أبو ماضي، خليل مطران، الأخطل الصغير، نعمة الله الحاج، أمين الريحاني، شفيق المعلوف، عيسى اسكندر، إلياس الحصروني، قيصر الجميّل، صليبا الدويهي ورشيد سليم الخوري.[164]
أما على صعيد المسرح فقد كان للموارنة دور متألق مع مارون عبود ومارون النقاش الذين ساهما في تأسيس الحركة المسرحية في مصر،[170] وكان لتلامذة المدرسة المارونية في روما دور هام في ترجمة المخطوطات السريانية والعربية وضبطها وتعليم اللغة العربية في كبريات الجامعات الأوروبية ومن أبرز الناشطين في هذا المجال: الحاقلاني والصهيوني والقلاعي، الذي أسس ما يعرف اليوم باسم الزجل اللبناني،[172] بل إن موارنة القرن التاسع عشر بنهضتهم الفكرية وصلوا حتى البلاط السلطاني في الآستانة، التي زارها البطريرك بولس مسعد عام 1869،[173] وكان شفيق باشا وأخوه وهيب باشا وهما من المتن الشمالي رؤساء المدارس الحربية والعسكرية، والدكتور يوسف رامي من قرية فالوغا أمير اللواء السلطاني بينما الدكتور الياس مطر من بيروت استاذًا للتشريح في الكلية الطبية، والاستاذ سليم الباز من دير القمر عميدًا لكلية الحقوق السلطانية.[174]
الموارنة ولبنان
دولة لبنان الكبير
رغم أن بروتوكول القسطنطينية قصر حدود جبل لبنان على الجرود دون المدن والسهول الساحلية إلا أن الموارنة استطاعوا توسعته فضموا إليه جونيه عام 1912 وميناء النبي يونس على ساحل الشوف، إلا أنّ أحمد جمال باشا الملقب بالسفّاح، إثر إخفاقه في استرجاع مصر وتحميله الفيالق السوريّة في الجيش مسؤولية الهزيمة، ألغى نظام المتصرفية وأعلن لبنان ولاية عثمانية كسائر الولايات العربية الأخرى، وكانت السلطنة قد ألغت في شهر أيلول من سنة 1914 الامتيازات الأجنبية ومنها حماية فرنسا للموارنة،[176] وحاصر العثمانيون جبل لبنان عام 1915 وغزاه الجراد ومنعت المساعدات فمات ما يُقارب من ثلث سكان الجبل جوعًا، وأقدم جمال باشا على نفي الوجهاء من الجبل إلى الأناضول وحوّل البعض الآخر إلى الديوان العرفي في بلدة عاليه، الذي أصدر أحكامًا بالإعدام على عدد منهم،[177] وبدت نهاية العهد العثماني وشيكة مع قيام الثورة العربية الكبرى في شهر حزيران من سنة 1916، واستطاع قادتها دخول دمشق في أيلول سنة 1918 ورفعوا علم الثورة فوق سراي بعبدا عاصمة جبل لبنان لكن الجيوش الفرنسية، نزلت في بيروت واحتلت الجبل في تشرين الأول ورفعت العلم الفرنسي بدلاً منه.[178]
أما في دمشق، فكان فيصل بن الشريف حسين قد توّج أميرًا عليها، وكانت باكورة أعماله تعيين المؤتمر السوري العام. حوى هذا البرلمان على ممثلين لجبل لبنان منهم موارنة كالدكتور سعيد طليع،[179] وفي آذار من سنة 1919 شكلت لجنة كينغ كراين لاستطلاع أراء المواطنين حول نظام الحكم وشكله وقدمت اللجنة توصياتها في العام نفسه بإقامة دولة لبنان الكبير بناءً على مطالبة سكانه بجميع طوائفهم، وأبحر البطريرك إلياس الحويك إلى باريس ليعرض القضية أمام مؤتمر الصلح ودعي حينها، "بطريرك لبنان" للإشارة أن جميع اللبنانيين يؤيدونه في مسعاه.[180]
في 9 آذار من سنة 1920 أعلن المؤتمر السوري استقلال سوريا ولبنان ضمنها، ومبايعة الأمير فيصل بن الحسين ملكًا دستوريًا على البلاد وحضر وكيل البطريرك الماروني دمشق ليتابع حفل التنصيب،[181] لكن إعلان المؤتمر هذا لم يلق قبولاً في لبنان ولا في سان ريمو حيث انعقد المؤتمر الشهير بهذا الاسم في نيسان من سنة 1920، والذي أقر قيام دولة لبنان الكبير تحت الانتداب الفرنسي على أراضي المتصرفية مضافًا إليها الساحل وعكار وبعلبك وجزين والأقضية الأربعة التي فصلت عن دمشق وهي حاصبيا وراشيا والبقاع ومرجعيون،[182] وفي عام 1926 أقر الدستور اللبناني وانتخب شارل دباس لرئاسة الجمهورية إلا أن البطريركية المارونية اعترضت لكونه أرثوذكسيًا، وتلاه حبيب باشا السعد عام 1934 قبل أن تظهر الثنائية التقليدية في السياسة المارونية بين بشارة الخوري وإميل إده، في انتخابات عام 1936 والتي أدت لفوز إده تلاه الخوري الذي قامت في عهده الأحداث المعروفة باسم أحداث بشامون، والتي أدت لنيل لبنان استقلاله عام 1943 خلال عهد البطريرك أنطوان عريضة الذي خلف إلياس الحويك على كرسي بكركي عام 1932، وقد شهد الاستقلال ميلاد ما يعرف باسم "الميثاق الوطني" الذي ضمن أن يكون رئيس الجمهورية مارونيًا، كذلك حصل الموارنة على عدد من المناصب المهمة في إدارة الدولة، كقائد الجيش ومدير مخابرات الجيش وحاكم مصرف لبنان ومدير الأمن الداخلي (لاحقًا حوّل للطائفة السنيّة) وربع الحقائب الوزرايّة بالمداورة.
حرب 1975
- مقالة مفصلة: الحرب الأهلية اللبنانية
شهد لبنان في منتصف القرن العشرين انتعاشًا اقتصاديًا كبيرًا ووصل متوسط دخل الفرد إلى 2100 دولار أمريكي[183] واستطاع لبنان أن يتبوأ مركزًا عالميًا مهمًا، لكن الظروف الإقليمية إثر هزيمة العرب أمام إسرائيل عام 1967 وطرد المقاومة الفلسطينية من الأردن عام 1970 فيما عرف بأيلول الأسود ونزوح المقاومة نحو لبنان، وتصاعد المعارضة الشعبية لسياسة الحكومة اللبنانية، كانت عوامل أدت إلى اندلاع الحرب الأهلية اللبنانية عام 1975 والتي سرعان ما أخذت بعدًا طائفيًا بين المسلمين والمسيحيين. تدخلت سوريا عام 1976 بناءً على طلب من الرئيس اللبناني آنذاك سليمان فرنجيّة وتفويض من جامعة الدول العربية لوقف الاقتتال. تدخلت إسرائيل بعد ذلك أيضًا تحت شعار "سلامة الجليل" فحصل الاجتياح الأول عام 1978 والاجتياح الثاني عام 1982[184] واستطاع رئيس الوزراء الإسرائيلي أرئيل شارون أن يجعل قوات جيشه تصل إلى بيروت وتدخل مقر الرئاسة اللبنانية في بعبدا. انسحبت منظمة التحرير الفلسطينية في آب من سنة 1982 متجهة إلى تونس.[185] ثم انسحبت إسرائيل عام 1985 بعد أن فرضت اتفاق 17 أيار الشهير، تاركةً الجبل في فراغ أمني، فاندلع الاقتتال من جديد بين الموارنة الدروز، وتمت عملية تهجير موارنة الشوف من قراهم عدا دير القمر،[186] فيما يصفه المجمع البطريركي الماروني بأنه كارثة القرن العشرين،[187] والتي استقال على إثرها البطريرك أنطون خريش عام 1986.[188] وضع اتفاق الطائف الذي أقره البرلمانيون اللبنانيون برعاية سوريّة - سعوديّة عام 1989 حدًا للحرب الأهلية وانتخب إلياس الهراوي رئيسًا للجمهورية خلفًا لرينيه معوض الذي اغتيل بعد أيام من بداية ولايته الرئاسية،[189] وقدمت الكنيسة على لسان البطريرك عام 1992 اعتذارًا عن مآسي الحرب الأهلية والتي كان الموارنة كسائر اللبنانيين جزءًا منها، فقيل:
وإذا كانت قد مرّت على كنائسنا فترات مرّت على وطننا بكامله، حصلت فيها أزمات وصدامات ولم نحسن نحن وأبناؤنا فيها تأدية شهادة المحبّة على أبهى وجه، واشتدّ الضيق فيها على جميع الناس فأخرجهم عن الطريق التي رسمتها لهم تعاليمهم الدينيّة، وإذا كان قد وقع في لبنان اقتتال بين الأخوة في هذا الجانب أو ذاك، فيجب أن يكون ذلك مدعاة إلى العودة إلى الله وإلى الذات وإلى القريب بتوبة صادقة وكفّارة ناجحة لتصحيح المسيرة وتقويم الإعوجاج.[190] |
الكنيسة بعد الحرب وحتى الآن
على صعيد الكنيسة، انتخب مار نصر الله بطرس صفير بطريركًا في 19 أبريل من سنة 1986، وصدر عن البطريركية المارونية عام 1992 كتاب القداس الماروني بعد أربعمائة عام على صدور النسخة الأولى منه،[191] تلاه السينودس من أجل لبنان الذي دعا إليه البابا يوحنا بولس الثاني خلال زيارته إلى لبنان في العام 1997، وأعلنت قداسة الراهبة المارونية رفقا الريّس عام 2000[192] ثم الراهب نعمة الله كسّاب الحرديني عام 2001،[193] وكان الموارنة قد احتفوا بشربل قديسًا العام 1965، وغدت عنايا مركز حج لموارنة العالم كافّة، ثم رعى البطريرك مصالحة الجبل عام 2000، وافتتح سلسلة زيارات لبلاد الانتشار الماروني،[194] وعقدت خلال عام 2004 الدورة الأولى للمجمع البطريركي الماروني الذي استمرت أعماله ثلاث سنوات، ناقش خلالها إحدى وعشرين قضية تهم الكنيسة في ثلاث ملفات.
وأعلن عام 2010 عامًا يوبيليًا لمار مارون لمناسبة مرور 1600 سنة على وفاته وانطلاق المارونية.[195] استقال البطريرك صفير بداعي التقدم بالسن، بعد حبرية طويلة دامت خمس وعشرين عامًا، وانتخب مجلس المطارنة الموارنة، بشارة الراعي خلفًا له في 15 مارس 2011.
طقوس الكنيسة المارونيّة
السنة الطقسية والأعياد
تتألف السنة الطقسية المارونية من سبعة أزمنة مركزة على حياة يسوع المسيح وتعاليمه، تبدأ السنة في الأحد الأول من تشرين الثاني المعروف باسم أحد تجديد البيعة وتقديسها وتنتهي في الأحد الأخير من تشرين الأول والمعروف باسم أحد يسوع الملك، أما عن أول الأزمنة فهو زمن الميلاد ومدته سبعة أسابيع يليه زمن الغطاس أو الدنح وفيه تقام ثلاث أسابيع من التذكارات للكهنة والمؤمنين والموتى، قبل أن يبدأ زمن الصوم الكبير لمدة أربعين يومًا أو ستة آحاد يذكر خلالها الموارنة الأعاجيب التي اجترحها السيد المسيح في حياته الأرضية ويختم الصوم بأسبوع الآلام، وهو زمن مستقل ومنفصل طقسيًا، لتذكار آلام المسيح وصلبه، وفق المعتقد المسيحي، يليه سبعة أسابيع تعرف باسم زمن القيامة تفتتح بعيد الفصح المجيد لاستذكار قيامة السيد المسيح من الموت وفق المعتقد المسيحي والتعاليم والظهورات التي لحقت به، وبعد خمسين يومًا من القيامة يبدأ زمن العنصرة، أو حلول الروح القدس على التلاميذ والكنيسة وفق المعتقد المسيحي، ويمتد زمن العنصرة ست عشر أسبوعًا يستذكر الموارنة خلاله جميع التعاليم والأمثال الخلاصية التي وضعها السيد المسيح خلال حياته الأرضية، ويعتبر زمن الصليب آخر تلك الأزمنة حيث تقرأ وعلى مدى سبعة أسابيع تعاليم المسيح عن اليوم الأخير والدينونة وماذا ينبغي على المرء أن يعمل حتى يرث الحياة الأبدية.[196]
وتحوي السنة الطقسية ذاتها عدد كبير من الأعياد، التي ترتبط بعضها بحياة السيد المسيح وأحداثها في حين يرتبط البعض الآخر بالعذراء مريم أو أحد آباء الكنيسة على اختلافهم، ويعتبر عدد من هذه الأعياد بطالة كنسية، أي يجب الامتناع عن الصوم خلال هذا اليوم، وتحبذ فيه العطلة الرسمية وحضور الصلوات المقامة في الكنائس، وحتى الأعياد التي لا تعتبر في قانون الكنيسة بطالة فهي تعتبر بطالة في الرعايا والكنائس المشيدة على اسم العيد الخاص بها، أما عن أهم الأعياد المارونية فهي:[197]
التاريخ | العيد | التاريخ | العيد | التاريخ | العيد | التاريخ | العيد |
---|---|---|---|---|---|---|---|
1 كانون الثاني | عيد ختانة المسيح/يوم السلام | بحسب التقويم الغربي | عيد الفصح المجيد / بطالة/ | بحسب التقويم الغربي | عيد العنصرة/ بطالة/ | الأحد الأخير من تشرين الأول | عيد يسوع الملك |
6 كانون الثاني | عيد الدنح، الظهور الإلهي/ بطالة/ | 23 نيسان | عيد مار جرجس | 10 تموز | الشهداء المسابكيين الموارنة | 1 تشرين الثاني | عيد جميع القديسين |
17 كانون الثاني | عيد القديس أنطونيوس الكبير | الأحد الأول من أيار | عيد سيدة لبنان - حريصا | الأحد الثاني من تموز | عيد مار شربل | 2 تشرين الثاني | عيد الموتى المؤمنين |
28 كانون الثاني | عيد ما أفرام السرياني | 15 أيار | عيد سيدة الزروع | 31 تموز | عيد رهبان مار مارون الشهداء | 4 كانون أول | عيد القديسة بربارة |
2 شباط | عيد دخول المسيح إلى الهيكل / عيد النور | 21 أيار | عيد الملكة هيلانة والقديسة ريتا | 6 آب | عيد تجلي الرب/ بطالة/ | 8 كانون أول | عيد الحُبل بها بلا دنس/ بطالة/ |
9 شباط | عيد مار مارون، أب الطائفة وشفيعها/ بطالة/ | 10 حزيران | عيد القديسة رفقا | 15 آب | عيد انتقال العذراء/ بطالة/ | 14 كانون أول | مار نعمة الله الحرديني |
2 آذار | عيد مار يوحنا مارون | 15 حزيران | عيد يسوع الفادي | 8 أيلول | عيد ميلاد العذراء | 20 كانون أول | القديس اغناطيوس الانطاكي |
19 آذار | عيد مار يوسف خطيب مريم | 24 حزيران | عيد مولد مار يوحنا المعمدان | 14 أيلول | عيد الصليب المقدس/ بطالة/ | 25 كانون أول | عيد الميلاد المجيد/ بطالة/ |
25 آذار | بشارة العذراء بحبلها بالسيد المسيح | 29 حزيران | عيد القديسين الرسولين بطرس وبولس/ بطالة/ | 4 تشرين أول | عيد تريز الطفل يسوع | 28 كانون أول | مقتل أطفال بيت لحم |
الشعائر والليتورجيا
كنائس ذات تراث سرياني |
نشأت الطقوس المسيحيّة الأولى في أورشليم والتي دعيت أم الكنائس وسرعان ما نشأت عواصم أخرى للطقوس المسيحية، مثل أنطاكية حيث دعي المسيحيين بهذا الاسم للمرة الأولى والرها (حاليًا أورفة) وهي أول بلاد اعتنقت المسيحية ومركز سرياني وثقافي كبير، ظلت محافظة على جذورها السريانية على عكس أنطاكية التي تأثرت بالطقوس الأورشليمية،[198] ولذلك يعمد اللاهوتيون والمؤرخون إلى تقسيم الطقوس المسيحية الشرقية إلى عائلتين كبيرتين، الطقس الأول وهو الطقس الأورشليمي - الأنطاكي والثاني هو الطقس الرهاوّي، وفي وقت لاحق اعتبر نهر الفرات أصلاً لتلك القسمة فدعي الطقس الأنطاكي - الأورشليمي بالطقس الغربي في حين دعي الطقس الرهاوّي بالطقس الشرقي.[114]
وداخل هاتين العائلتين الكبيرتين للشعائر الشرقية هناك أيضًا عدد من العائلات المتوسطة والصغرى ففي داخل الطقس الأنطاكي - الأورشليمي تمايز واضح بين طقسين: الأول سرياني خالص والثاني تأثر حتى غاص كليًا بالتراث الهليني اليوناني وهو اليوم المعتمد في الكنيسة الملكيّة بشقيها الكاثوليكي والأرثوذكسي، بيد أنه قد نشأت بمرور الأيام علاقات وثقى بين مختلف الطقوس فيُلاحظ أن الكنيسة الأنطاكية الأرثوذكسية وهي تتبع الطقس الأنطاكي اليوناني تعتمد نظرة الطقس الرهاوّي إلى التقديسات الثلاث موجهة إياها إلى الثالوث الأقدس، في حين أن الطقس الأنطاكي السرياني ينسبها إلى السيد المسيح وحده،[199] ولا يوجد طقس ماروني صرف، إنما الطقس الماروني هو جزء من الطقس الأورشليمي - الأنطاكي السرياني وهذا هو سبب تسمية الكنيسة بهذا الاسم، أي "الكنيسة الأنطاكيّة السريانية المارونية".[114]
بيد أنّ الموارنة في الوقت نفسه ارتبطوا أيضًا بمحور هام هو المحور الرهاوّي السرياني، كما تأثر الملكيون فيما يخص التقديسات الثلاث كذلك تأثر الموارنة، إنما على صعد أخرى، فيُلاحظ استعمال الموارنة لنافور مار بطرس الثالث المسمى نافور شرر المنسق حسب المحور الرهاوّي،[200] كذلك تُعد رتبة العماد والميرون المارونيّة رتبة رهاوية أيضًا.[201] إن السبب الرئيسي لهذه الاقتباسات هو الاختلاط الطائفي في القرون الأولى للمسيحية في سوريا، فكان قرب دير مارون على سبيل المثال ديرًا آخر بنفس الاسم وإنما ينسب للراهب مارون النسطوري الذي عاش في زمن الإمبرطور موريق،[202] ولما كان النساطرة يتبعون الطقس الرهاوي، أدى هذا التجاور إلى دخول الطقوس الرهاوية السابقة إلى الكنيسة المارونية، تمامًا كما دخل عدد من الكتب الطقسية والعادات اليعقوبية نتيجة للتجاور في مرحلة من مراحل القرون الوسطى في شمال لبنان، ومن هذه العادات الصلاة التي يتلوها المحتفل قبل الشروع بالقدّاس والتي أسقطتها الكنيسة عام 1992 لعدم أصالتها في التقليد الماروني.[203] إن ماهو معروف عن الطقوس المارونية حتى القرن العاشر، وهي بعض الوريقات من كتاب "الشحيمة" أي كتاب الصلوات البسيطة للرهبان، يثبت أن الموارنة في العموم كانوا أقرب إلى الأصول الأنطاكية الأورشليميّة، وأن ما أخذه الموارنة من الرهاويين، قد سقط عدا ما نجا منه وهي رتب المعمودية والميرون ونافور شرر ورتبة الغسل يوم خميس الأسرار بدلاً من تعليق المصلوب كما هو الحال في سائر الكنائس الأنطاكية.[201][204]
إن أول طبعة للقداس الماروني في العصور الحديثة ظهرت عام 1592 على يد تلامذة المدرسة المارونية في روما لكنها أثارت اعتراضات واسعة، حتى أن البطريرك ميخائيل الرزي وضع الحُرم الكنسي عليها ثم عاد فسمح بها، إذ إن الكتاب كما صدر حينها ابتعد عن التقليد الماروني بشقيه الغربي والشرقي وأخذ يقترب من الطقس اللاتيني، حيث أن الكلام الجوهري في هذه النسخة إنما هو من الطقوس اللاتينية مترجمًا إلى السريانية،[201] وظهرت بعد قرن آخر النسخة الثانية عام 1716 والتي اعترض عليها العلماء الموارنة في كتابتهم القاسية، وكان المجمع اللبناني عام 1736 قد أمر بإنشاء لجنة لإصلاح الطقوس والقداس على رأسها،[205] لكن اللجنة هذه لم تر النور، فكات الطبعة الثالثة عام 1763 في روما أيضًا، تلتها بدءًا من عام 1816 وحتى عام 1872 أربع طبعات صدرت عن مطبعة قزحيا قبل أن يصدر المطران الدبس رئيس أساقفة بيروت طبعتا بيروت الرسميتان عاميّ 1888 و1908، وجميع هذه النسخ إنما هي نسخة لطبعة عام 1716 وجميعها أيضًا مكتوبة باللغة السريانية ولم تظهر الطبعة الأولى بالحرف العربي حتى عام 1959 على يد المرسلين اللبنانيين في جونيه،[206] لتبدأ إثرها حملة إصلاح الطقوس المارونية حتى وصل عدد هذه الحملات إلى عشرين، وصدرت عام 1973 رتبة بسيطة للقداس مؤلفة من خدمة واحدة مع نافور واحد على عهد البطريرك المعوشي على سبيل الاختبار، وأقر المجمع البطريركي عام 1982 الرتبة المفصلة، ثم أعيد دراستها ورفعت إلى دوائر المجمع الشرقي في الفاتيكان وصدرت بشكلها النهائي بموجب المرسوم البطريركي عدد 1992/479 معيدةً إلى الطقس الماروني بهاءه الأول.[207] وكانت الرتب الأخرى قد صدرت عن جامعة الروح القدس في الكسليك عام 1984 وينتظر أن تصدر نسخة جديدة نهائية من بكركي.
يتألف القدّاس المسيحي من قسمين هما قسم الكلمة وقسم القربان، يطلق على القسم الأول اسم "ما قبل النافور" أو "الخدمة" في حين يطلق على القسم الثاني اسم "النافور وما بعد النافور"، وللكنيسة السريانية بشكل عام تنوّع واضح في قداديسها، فبينما توجد في الكنيسة الملكية أو الكنيسة اللاتينية خدمة واحدة فقط، تحوي الكنيسة السريانية 73 خدمة متبدلة بحسب العام، والأمر نفسه يصدق بالنسبة للقسم الثاني من القدّاس فبينما تحوي الكنيسة الملكية الكاثوليكية على ثلاث نوافير فقط تحوي الكنائس السريانية عامة على ما يفوق الثمانين نافورًا، اعتمدت الكنيسة المارونية منهم ثمانية يرقون لما قبل القرن العاشر،[208] وهكذا لا تعتبر هذه الطقوس مجرد ترديد الكلام نفسه، طيلة العام بل تؤدي إلى خلق حركة تجديد في الإيمان.[209] أما سائر كتب الصلوات المارونية فهي كثيرة: صلوات الصباح والمساء ونصف النهار على مدار العام، رتبة تبريك الشموع، رتبة تبريك الزيتون، رتبة تبريك الرماد، رتبة تبريك المياه، رتبة تبرك الزيت يوم أربعاء القنديل - أربعاء أسبوع الآلام - رتبة سجدة الصليب يوم الجمعة العظيمة، رتبة الغفران يوم سبت النور، رتبة السلام يوم أحد الفصح، رتبة السجدة يوم أحد العنصرة، رتبة افتتاح كنيسة جديدة، رتبة الخطبة والزواج ورتبة الجنازات؛ وجميعها تخضع لتنسيق القسم الأول ذاته من القداس المعروف باسم الخدمة، بمعنى أنها تتألف من صلوات البدء الثلاثة لتمجيد الله، يليها صلوات الغفران مصحوبة بالترانيم والبخور قبل أن تلحق بالتقديسات الثلاث والإنجيل وصلوات الختام، وهذه الرتب منسقة وفق الطقس الأنطاكي السرياني المعروف بالغربي وما نتج عنه من تطورات مارونية لاحقًا، وهناك أيضًا رتبة المعمودية والميرون ورتبة الغسل يوم خميس الأسرار وهي تتبع التقليد الرهاوي السرياني؛ ومن الأمور الخاصة بالموارنة في الطقوس، نتيجة للتطورات الحاصلة منذ القرن الحادي عشر، الصلاة التي تلي التقديسات الثلاث وكذلك مزمور القراءات الموزون على اللحن السرياني التقليدي رمرمين وكذلك الصلاة التي تلي تقديم القرابين والتي تختتم بدعاء "بدل عطاياهم الزائلة هب لهم الحياة والملكوت".[210]
واقع الكنيسة المارونية
تتنوع مؤسسات الكنيسة المارونية، فهي ليست الرعايا والكنائس فقط، بل تمتد لتشمل المجتمع بكامله، فعلى سبيل المثال يتبع البطريركيّة المارونية مركز إحصاء ومركز آخر للدراسات والبحوث يصدر في كل عام عددًا كبيرًا من التقارير والدوريات التي تلقي الضوء على مشاكل الرعايا ليسعى إلى حلها قبل تفاقمهما،[211] وتهتم الكنيسة بالتراث والتاريخ، فمكتبة بكركي تحوي العديد من الوثائق والمخطوطات النادرة، وتدير جامعة الروح القدس الحبريّة في الكسليك الموسوعة المارونية التي لا تنفك تصدر عددًا كبيرًا من الدراسات والدوريات التي تلقي الضوء على التاريخ والطقوس ومراجعتها وتطويرها، بالشكل الأمثل، بل إن جامعة الروح القدس نفسها تعتبر واحدة من أهم الجامعات في المشرق ولا تعتبر منفردة في مجالها هذا فهناك العديد من الجامعات المارونية الأخرى: جامعة القديس يوسف والجامعة الأنطونية والحكمة واللويزة وغيرهم على صعيد التعليم الجامعي، أما على صعيد التعليم الابتدائي والمتوسط والثانوي فتدير الرهبانيات عددًا كبيرًا من المدارس التي تتبع للأمانة العامة للمدارس الكاثوليكية في لبنان والشرق الأوسط،[212] ولا تعاني الكنيسة من النقص في الدعوات الكهنوتية والرهبانية كما هو حاصل في الغرب، ولهذه الرهبنات دور متنامي ومتصاعد في الآونة الأخيرة إثر قرار المجمع البطريركي الماروني الشهير والخاص بالاغتراب، إذ إن عددًا كبيرًا من المغتربين الموارنة قد تحوّل إلى الطقوس السائدة في بلد الاغتراب، وهو في الأغلب الطقس اللاتيني، نتيجة لعدم قدرة الكنيسة على الوصول إلى كل بقعة في بلدان الانتشار ولأنه حتى لو استطاعت الوصول إلى العواصم والمدن الكبرى فإنها تبقى عاجزة عن الوصول إلى كل مدينة تحوي اغتراب ماروني، الأمر الذي بات ممكنًا الآن،[213] ويشهد المغتربون من مختلف الأصول الشرقية عودة إلى جذورهم ومنابعهم، ولا شك أن للإعلام دور كبير في هذه الحملة لذلك يتبع الكنيسة أدواتها الإعلامية الخاصة، مثل فضائية نور سات ومحطة تيلي - لوميار، وعدد من المجلات والدوريات على رأسها "المجلة البطريركيّة"، وتتوحد إدارة مختلف أجهزة الإعلام الكنسية تحت إدارة "المركز الكاثوليكي للإعلام" والذي أنشأ بناءً على توصيات المجمع المسكوني الفاتيكاني الثاني،[214] ويرأسه المطران بشارة الراعي، أسقف أبرشية جبيل.
الأبرشية | الأسقف2 | الأبرشية | الأسقف2 |
---|
الأبرشية البطريركيّة | مار بشارة بطرس الراعي، بطريرك أنطاكية | الأبرشية البطريركية - نيابة صربا | المطران غي بولس نجيم |
الأبرشية البطريركية - نيابة جونيه | المطران نبيل عين داري | الأبرشية البطريركية - نيابة الجبة | المطران فرنسيس البيسري |
الأبرشية البطريركية - نيابة زغرتا | المطران سمير مظلوم | أبرشية طرابلس | المطران جورج بو جودة |
أبرشية البترون | المطران بولس اميل سعادة | أبرشية جبيل | شاغرة حاليًا |
أبرشية أنطلياس | المطران يوسف بشارة | أبرشية بيروت | المطران بولس مطر |
أبرشية صور | المطران شكرالله صادر | أبرشية صيدا | المطران طانيوس الخوري |
أبرشية زحلة | المطران منصور حبيقة | أبرشية بعلبك | المطران سمعان عطاالله |
أبرشية دمشق | المطران سمير نصار | أبرشية حلب | المطران أنيس أبي عاد |
أبرشية اللاذقية | المطران يوسف مسعود | أبرشية قبرص | المطران يوسف سويف |
أبرشية حيفا | المطران بولس الصياح | أبرشية القاهرة | المطران فرانسوا عيد |
أبرشية الأرجنتين | المطران شربل مرعي | أبرشية البرازيل | المطران ادغار ماضي |
أبرشية المكسيك | المطران جورج أبي يونس | أبرشية بروكلين | المطران غريغوري منصور |
أبرشية لوس أنجلوس | المطران جون شديد | أبرشية كندا | المطران جوزيف الخوري |
أبرشية إستراليا | المطران عاد أبي كرم | ـــ | ـــ |
كما تشرف الكنيسة على عدد من المزارات وأماكن الحج والعبادة الهامة على رأسها مزار سيدة لبنان في حريصا،[215] الذي شيّد بجهود البطريرك إلياس الحويك عام 1904 مكرسًا بذلك العذراء "سلطانة للبنان".
ولا يقتصر النشاط على الكنيسة بل على المجتمع المدني أيضًا، فعلى صعيد الفن الطربي هناك عدد من المغنين المشهورين على مستوى الشرق الأوسط، والذين ينتمون للطائفة المارونية، مثل وديع الصافي، غسان صليبا وماجدة الرومي، وكذلك نوال الزغبي ونجوى كرم وصباح وإليسا وجوزيف عطية وغيرهم على صعيد الفن الشعبي، أما على صعيد الرياضة فهناك العديد من الفرق ذات الطابع الماروني سيّما في كرة السلة ومن أبرز وجوهها إيلي مشنتف، ويذكر أن أثرى رجل في العالم هو الماروني المكسيكي اللبناني الأصل كارلوس سليم الحلو،[216] وكذلك الحال بالنسبة لعرش الجمال العالمي إذ أصبحت جورجينا رزق ملكة جمال الكون عام 1970، ونشاط الموارنة في عالم الموضة والأزياء ذو بصمة واضحة من خلال مصممين عالميين أمثال إيلي صعب وزهير مراد ومارون الشماس، ولا يقتصر نشاط الموارنة على هذه الميادين بل يشمل الأدب والشعر كسعيد عقل، والتأليف الموسيقي والتحليل الاقتصادي والإعلام كجورج قرداحي والتمثيل كيوسف الخال وأنطوان كرباج وقصي خولي، وهناك أيضًا عدد من النجوم العالميين الموارنة من أمثال طوني شلهوب وسلمى الحايك ولاعب كرة القدم البرازيلي الشهير ريكاردو كاكا والنجم العالمي مساري.
وتجمع البطريركيّة علاقة طيبة مع مختلف دول الجوار والوسط والمحيط،[217] وتسعى الكنيسة لإحياء التراث السرياني، التي طالما كانت هي من حافظت عليه فأمرت أن تستخدم الأيقونات السريانية حصرً في جميع الكنائس المارونية،[218][219] وشجعت على إنشاء معاهد للفن الأيقونغرافي السرياني، وعلى صعيد الألحان السريانية فلولا الكنيسة كانت ألحان مثل، رمرمين، مشيحو نطريه لعداتخ، فشيطو وقوقيو وغيرها الكثير من ابداعات المشرق في قرونه الذهبية قد انقرضت، وعلى الرغم من حركة التجديد الطقسي الموسيقية للترانيم فإن القداس وسائر الطقوس لا تزال تحفظ الترانيم التقليدية، وحتى بعضًا من حركات التجديد هذه اعتمدت على الألحان التقليدية، وأخيرًا على صعيد اللغة السريانية، فرغم تعريب القداس الإلهي الماروني إلا أنه لا تزال بعض المقاطع كالكلام الجوهري تتلى إلزاميًا بالسريانية، كما أن الكنيسة تفرض على جميع الإكليروس والرهبان تعلم هذه اللغة، وتتيح إمكانية تعليمها للراغبين.
البطاركة الموارنة
تعتبر الكنيسة المارونية من الكنائس التقليديّة، أي التي تقر بتسلسل السلطات في الكنيسة وفق نظام كهنوتي محدد وذلك استنادًا إلى عدد كبير من آيات الكتاب المقدس،[221][222] وتتمسك كغيرها من الكنائس التقليدية بكون القديس بطرس مؤسس الكرسي الأنطاكي وأول بطريرك له، ولهذا السبب يضيف البطاركة الموارنة اسم بطرس لأسمائهم، على سبيل المثال نصرالله بطرس صفير؛ ويحوي سلك الكهنوت الماروني عددًا كبيرًا من الرتب: هناك أولاً القندلفت أي الذي يحضّر الأمور المادية في الكنيسة، يليه الشماس من الدرجة الصغرى، ثم رئيس الشمامسة والشماس الإنجيلي، وهو الشمّاس الذي يستعد ليصبح كاهنًا، وهؤلاء لا يحق لهم إقامة شعائر العبادة داخل الكنيسة، إلا بصفتهم معاونين فقط، أما أصغر رتبة يحق لها إقامة شعائر العبادة فهي الكاهن، يليه الخوري أو كبير الكهنة ثم الخورأسقف، أي المفوّض من قبل أسقف الأبرشية القيام بمهام الأسقف داخل مقاطعته أو رعيته ثم هناك الأسقف أو رئيس الكهنة يليه المطران أي رئيس الأساقفة،[223] ويتربع على قمة الهرم البطريرك؛[224] وقد كان للبطريرك دور هام على مر تاريخ الطائفة، فهو "أب الآباء" و"الراعي" و"المدبر" و"المعلم"،[223] بل أطلق عليه لقب غريب خلال القلاقل التي حصلت منتصف القرن التاسع عشر وهو "حامي حريمنا" ما معناه في اللغة الفصحى، الذي يحمي ويصون شرف الرجال وعرض نسائهم؛[225] وقد لعب البطاركة الموارنة دورًا هامًا في سياسة لبنان الداخلية منذ عام 1770، وبلغ ذلك ذروته عام 1920، عندما وُلد لبنان الكبير، بإلحاح البطريرك الحويّك، ولا يزال للبطاركة دور هام في مسرح السياسة اللبنانيّة إذ يعبرون عن آرائهم في كل قضية تقريبًا.[226]
البطاركة الموارنة في القرون الأولى
إن المعلومات حول البطاركة الموارنة حتى القرن الحادي عشر معلومات هزيلة، وما زاد من هزالها ضياع عدد كبير من الوثائق، وإحراق قسم آخر منها، خلال فترة الاجتياح المملوكي أواخر العهد الصليبي؛ وليس هناك من معلومات تتحدث عن بطاركة القرون الأربعة الأولى سوى أسمائهم وبعض الملاحظات الجانبية التي كان البطريرك الدويهي أول من اعلنها، مستندًا بذلك إلى مخطوط كرشوني وجده في كنيسة دمشق المارونية،[227] دون تبيان أصل هؤلاء البطاركة أو فتراتهم الزمنية أو الأعمال التي قاموا بها، وقائمة الدويهي تشمل:[228]
الترتيب | البطريرك | ملاحظات | الترتيب | البطريرك | ملاحظات |
---|---|---|---|---|---|
1 | مار يوحنا مارون الأول. | الثالث والستون بعد القديس بطرس. | 13 | غريغوريوس الثاني. | - |
2 | قوروش. | وهو ابن أخت مار يوحنا مارون. | 14 | ثاوفيلكتوس. | والذي يدعى أيضًا حبيب. |
3 | جبرائيل الأول. | آخر من سكن في دير كفرحي. | 15 | يشوع الثاني. | - |
4 | يوحنا مارون الثاني. | انتقال البطريركيّة إلى يانوح في جبيل. | 16 | ضوميطيوس. | أي ضوميط. |
5 | يوحنا الأول. | كان من مدينة جبيل الساحلية. | 17 | اسحق. | - |
6 | غريغوريوس الأول. | - | 18 | يوحنا الثالث. | - |
7 | اسطفانوس الأول. | - | 19 | شمعون الأول. | وتعني بالعربية سمعان. |
8 | مرقس. | - | 20 | إرميا الأول. | - |
9 | أوسابيوس. | يدعى أيضًا حوشب. | 21 | يوحنا الرابع. | - |
10 | يوحنا الثاني. | انعقد في عهده المجمع
القسطنطيني عام 896 |
22 | شمعون الثاني. | - |
11 | يشوع الأول | استغرب الدويهي وجود بطريرك ماروني باسم يشوع، لأن الموارنة لم يسموا يشوع،
"حرمة لمن فدانا بموته"، إلا أنه عاد فأوضح أنّ اسمه عيسى، والذي يعني بالسريانية يشوع[229] |
23 | شمعون الثالث | - |
12 | داوود الأول. | - | * | نهاية القائمة. | - |
البطاركة الموارنة من القرون الوسطى وحتى الآن
إن أقدم الوثائق، في مكتبة البطريركية المارونية، تعود إلى عهد البطريرك يوسف الجرجسي بدايات القرن الثاني عشر، تزامنًا مع العهد الصليبي، وبدءًا من هذا التاريخ، يمكن وضع سجل دقيق عن البطريركيّة المارونيّة:[230]
الترتيب | البطريرك | مسقط رأسه | من | إلى | المنصب الذي
كان يشغله |
ملاحظات |
---|---|---|---|---|---|---|
24 | يوسف الجرجسي | - | 1100 | 1120 | - | حصول الاتصال الأول مع الصليبيين |
25 | بطرس الأول | - | 1120 | 1130 | - | انتقال الكرسي البطريركي إلى ميفوق، جبيل |
26 | غريغوريوس الأول | حالات، جبيل | 1130 | 1141 | - | - |
27 | يعقوب الأول | رامات، جبيل | 1141 | 1151 | - | - |
28 | يوحنا الخامس | لحفد، جبيل | 1151 | 1154 | - | - |
29 | بطرس الثاني | - | 1154 | 1173 | - | - |
30 | بطرس الثالث | - | 1173 | 1189 | - | - |
31 | بطرس الرابع | - | 1189 | 1199 | - | - |
32 | إرميا الثاني العمشيتي | عمشيت، جبيل | 1199 | 1230 | - | سافر إلى روما، وشارك في أعمال المؤتمر اللاتراني الرابع. |
33 | دانيال الأول | شامات، جبيل | 1230 | 1239 | - | - |
34 | يوحنا السادس | جاج، جبيل | 1239 | 1245 | - | - |
35 | سمعان الرابع | - | 1245 | 1277 | - | - |
36 | يعقوب الثاني | - | 1277 | 1278 | - | - |
37 | دانيال الثاني | حدشيت، بشري | 1278 | 1282 | - | - |
38 | لوقا الأول | بنهران، الكورة | 1282 | ؟ | - | الانقسام الخطير في رئاسة الكنيسة حيث انتخب الموارنة
بطريركان. |
39 | إرميا الثالث | دملصا، جبيل | 1283 | 1297 | - | - |
40 | شمعون الخامس | - | 1297 | 1339 | أسقف قبرص. | - |
41 | يوحنا السابع | العاقورة، جبيل | 1339 | 1357 | - | - |
42 | جبرائيل الثاني | حجولا، جبيل | 1357 | 1367 | - | مات شهيدًا على يد المماليك في طرابلس. |
43 | داوود الثاني | - | 1367 | 1404 | - | - |
44 | يوحنا الثامن الجاجي | جاج، جبيل | 1404 | 1445 | نائب بطريركي | انتقال الكرسي البطريركي إلى قنوبين |
45 | يعقوب الثالث الحدثي | الحدث، بعبدا | 1445 | 1468 | أسقف دير مار يوحنا، بشري | |
46 | يوسف الثاني الحدثي | الحدث، بعبدا | 1468 | 1492 | نائب بطريركي | الشهير بابن حسان. |
47 | سمعان السادس الحدثي | الحدث، بعبدا | 1492 | 1524 | نائب بطريركي | - |
48 | موسى سعادة | الكفرون، عكار | 1524 | 1567 | أسقف دير السيدة، حوقا | - |
49 | ميخائيل الأول الرزي | باقوفا، بشري | 1567 | 1581 | أسقف دير مار أنطونيوس قزحيّا. | - |
50 | سركيس الرزي | باقوفا، بشري | 1581 | 1597 | نائب بطريركي | - |
51 | يوسف الثالث الرزي | باقوفا، بشري | 1597 | 1608 | نائب بطريركي | - |
52 | يوحنا التاسع مخلوف | إهدن، زغرتا | 1608 | 1633 | نائب بطريركي | - |
53 | جرجس الأول عميرة | إهدن، زغرتا | 1633 | 1644 | أسقف إهدن. | - |
54 | يوسف الرابع حليب | العاقورة، جبيل | 1644 | 1648 | أسقف صيدا وصور | - |
55 | يوحنا العاشر البواب | صفرا، كسروان | 1648 | 1656 | نائب بطريركي | - |
56 | جرجس الثاني البسبعلي | سبعل، زغرتا | 1656 | 1670 | نائب بطريركي | - |
57 | اسطفانوس الثاني الدويهي | إهدن، زغرتا | 1670 | 1704 | أسقف قبرص. | تسعى الكنيسة لإعلانه قديسًا. |
58 | جبرائيل الثاني | بلوزان، كسروان | 1704 | 1705 | أسقف حلب | - |
59 | يعقوب الرابع عوّاد | حصرون، بشري | 1705 | 1733 | أسقف طرابلس. | - |
60 | يوسف الخامس الخازن | جونيه، كسروان | 1733 | 1742 | أسقف غوسطا | انعقاد المجمع اللبناني في دير سيدة اللويزة. |
61 | سمعان السابع عوّاد | حصرون، بشري | 1742 | 1756 | أسقف دمشق | - |
62 | طوبيا الخازن | بقعاته، كسروان | 1756 | 1766 | أسقف قبرص | - |
63 | يوسف السادس اسطفان | غوسطا، كسروان | 1766 | 1793 | أسقف بيروت | - |
64 | ميخائيل الثاني فاضل | بيروت | 1793 | 1795 | أسقف بيروت | - |
65 | فيليبس الجميّل | بكفيا، المتن | 1795 | 1796 | أسقف قبرص | - |
66 | يوسف السابع الطيّان | بيروت | 1796 | 1809 | أسقف دمشق ونائب بطريركي | - |
67 | يوحنا الحادي عشر الحلو | غوسطا، كسروان | 1809 | 1823 | أسقف حيفا ونائب بطريركي | - |
68 | يوسف الثامن حبيش | ساحل علما، كسروان | 1823 | 1845 | أسقف طرابلس | انتقال الكرسي البطريركي إلى بكركي. |
69 | يوسف التاسع الخازن | عجلتون، كسروان | 1845 | 1854 | أسقف دمشق وصربا | فتنة العام 1845 |
70 | بولس الأول مسعد | عشقوت، كسروان | 1854 | 1890 | نائب بطريركي | أحداث فتنة 1860. |
71 | يوحنا الثاني عشر الحاج | دلبتا، البترون | 1890 | 1898 | أسقف بعلبك | - |
72 | الياس الحويك | حلتا، البترون | 1898 | 1931 | أسقف حيفا، ونائب بطريركي | ميلاد دولة لبنان الكبير. |
73 | أنطونيوس الثاني عريضة | بشري | 1931 | 1955 | أسقف طرابلس | - |
74 | بولس الثاني المعوشي | جزين | 1955 | 1975 | أسقف صور | اختاره البابا بيوس الثاني عشر، ولم ينتخب انتخابًا.[231] |
75 | أنطونيوس الثالث خريش | عين إبل، بنت جبيل | 1975 | 1985 | نائب بطريركي | استقال إثر تهجير الجبل، ولتجاوزه السن القانوني. |
76 | نصرالله صفير | ريفون، كسروان | 1985 | 2011 | أسقف دمشق وصربا. | استقال بداعي السن في فبراير 2011. |
77 | بشارة الراعي | حملايا، المتن | 2011 | حتى الآن | أسقف جبيل. |
معرض الصور
آثار مارونية في يانوح، المقر الثاني للبطريركية.
آثار مارونية في ميفوق، المقر الثالث للبطريركية.
منظر عام لوادي قاديشا، المقر الرابع للبطريركية.
كنيسة سيدة التل المارونية في بلدة دير القمر بلبنان.
برج كاتدرائية سيدة لبنان المارونية في بروكلين بنيويورك، الولايات المتحدة الأمريكية.
تمثال لمريم العذراء من كنيسة سيدة لبنان في بورتو أليغري بالبرازيل.
كنيسة مار مارون بمدينة مينيابوليس بولاية مينيسوتا، الولايات المتحدة الأمريكية.
كنيسة مارونية في إسرائيل.
حواش
1 كلمة " ليتورجيا " كلمة تستخدم في الكنائس المسيحية على مختلف أنواعها، كاثوليكية، أرثوذكسية، أرثوذكسية شرقية، إنكلكانية وربما في بعض الكنائس البروتستانية أيضًا، وأصول هذه الكلمة يونانية وهي مؤلفة من قسمين تعني العمل الجماعي، أي مجموعة الأعمال من صلوات وتسابيح وترانيم وحركات يقوم بها المؤمنون داخل الكنيسة إضافة إلى الكهنة، بهدف تسبيح الخالق تعالى؛ وتختلف الليتورجيا المسيحية من كنيسة إلى أخرى بل ومن بلد إلى آخر باختلاف الثقافات والطقوس، ومنذ فجر الكنيسة تم طباعة هذه الطقوس في كتب محددة، بهذف قنونتها، وقد عدلت هذه الكتب مرّات عديدة من حيث تحسين اللغة أو تعديل الحركات الرمزية بحيث تغدو أكثر وضوحًا ولتتناسب مع تطورات الزمن الراهن والثقافة الجديدة، يمكن تعميق البحث في موضوع الليتورجيا من خلال الإطلاع على هذه الدراسة المنشورة على موقع الموسوعة العربية المسيحية وهذه الدراسة المنشورة على موقع مطرانية طنطا وتوابعها للأقباط الأرثوذكس.
2 يعتبر هؤلاء الأساقفة الآبرشيون هناك أيضًا النواب البطريركيون العامون والأساقفة المتقاعدون وهم يشكلون والأساقفة الآبرشيون سينودس الكنيسة المارونية؛ كذلك فإنه يدرس في الوقت الحالي إنشاء أبرشيتي فنزويلا وجنوب إفريقيا، علمًا أن القارة الأوروبية منظمة بأربع وكالات بطريركيّة هي، وكالة السويد، روما، باريس ومارسيليا، هناك أيضًا الوكيل البطريركي الماروني في الكويت والخليج العربي، ويدرس أيضًا إنشاء أسقفية مارونية هناك.
انظر أيضًا
مراجع
- ^ المكتبة اليهودية على الشبكة: المجتمعات المسيحية في إسرائيل
- ^ نص الانتشار الماروني المجمع البطريركي الماروني، المرجع الرسمي للكنيسة، ولوج في 20-7-2010
- ^ المجمع البطريركي الماروني، نص الانتشار الماروني
- ^ البطريركية المارونية: مارون والموارنة
- ^ المجمع البطريركي نصوص وتوصيات، بكركي 2006، ص.40
- ^ أعضاء المجمع البطريركية المارونية، ولوج في 6-7-2010
- ^ الأبرشيات المارونية من البطريركية المارونية
- ^ الرهبنات المارونية
- ^ الإنكليزية: الكنيسة المارونية
- ^ الموارنة ولبنان
- ^ المعرفة: قسطنطين الأول
- ^ الكتاب المقدس، العهد الجديد، كتاب أعمال الرسل
- ^ من معتقدات الشرق القديم موقع مشتاوي
- ^ راجع، مار مارون، فؤاد أفرام البستاني، دار المشرق، بيروت طبعة أولى 1965 طبعة رابعة 1999، ص. 73-74
- ^ المرجع السابق، ص. 76
- ^ أ ب هوية الناسك مارون
- ^ أ ب عيلة مار شربل: مارون الناسك
- ^ سيرة القديس مارون البار
- ^ مار مارون: 9شباط
- ^ أ ب المارونية: أماكن تنسك مار ماون شمال حلب
- ^ أ ب موقع دير مارون
- ^ أ ب ت ث ج أصدقاء يسوع: مار مارون والموارنة
- ^ القديس مارون من اللجنة البطريركية لشؤون احتفالات يوبيل مار مارون
- ^ تاريخ الكنيسة المارونية، الجزء الأول
- ^ مارنا وكيرا البطريركية المارونية، 16 شباط 2011.
- ^ المارونية في أمسها وغدها، بولس نعمان وآخرون، منشورات دير سيدة النصر، غوسطا 1997، ص.23
- ^ هل كان رهبان دير مارون خليقدونيين؟، موقع الدراسات السريانية، 18 شباط 2011.
- ^ لمحة عامة عن الرستن
- ^ مقال: في إثر تلاميذ مار مارون الشُهداء الثلاثمئة والخمسين
- ^ الجامع المفصل في تاريخ الموارنة المؤصل، المطران يوسف الدبس، بيروت 1905، ص.22: للإطلاع على نص الرسائل والموقعين عليهم ومراتبهم الكنسية
- ^ مجمع القسطنطينية لعام 536، موقع الدراسات السريانية، 16 شباط 2011.
- ^ القديس ساويرس البطريرك الأنطاكي، موقع الأنبا تكلا، 16 شباط 2011.
- ^ أ ب ت المارونية صيد الفوائد، 16 شباط 2011.
- ^ أ ب ت في مار مارون والموارنة، موقع أصدقاء يسوع، 16 شباط 2011.
- ^ راجع، مقدمة كتاب القدّاس الماروني، الأسقف بطرس الجميل، بكركي 1992، ص.12
- ^ هرقل وصيغة الإيمان المونوثيلية
- ^ أ ب قيام الموارنة كنيسة منفصلة
- ^ المرجع السابق
- ^ منتديات التاريخ الإسلامي
- ^ مار يوحنا مارون، مؤسس المارونية
- ^ راجع، المارونيّة في أمسها وغدها، مرجع سابق، ص.24
- ^ راجع، الموارنة في التاريخ، متي موسى، دار قدمس للنشر والتوزيع، دمشق 2004، ص. 214
- ^ راجع، الموارنة في التاريخ، مرجع سابق، ص.181
- ^ الكنائس المسيحية وتاريخها في سوريا
- ^ من مار مارون إلى ميشال عون، بقلم المحامي علاء السيد
- ^ الفتح العربي الإسلامي - اكتشف سوريا
- ^ راجع، سوريا صنع دولة وولادة أمة، وديع بشور، دار اليازجي، دمشق 1994، طبعة أولى، ص. 110
- ^ راجع، المارونيّة في أمسها، مرجع سابق، ص. 25-26
- ^ راجع، سوريا صنع دولة وولادة أمة، مصدر سابق، ص. 111 وما تلاها
- ^ سوريا صنع دولة، مرجع سابق، ص. 152
- ^ سوريا صنع دولة، مرجع سابق، ص. 144 وص. 153
- ^ أول من لقب عمر بالفاروق هم أهل الكتاب !
- ^ المارونيّة في امسها وغدها، مرجع سابق، ص.24
- ^ المرجع السابق ص. 25
- ^ راجع، الموارنة في التاريخ، مرجع سابق، ص. 196
- ^ راجع، المارونية في أمسها، مرجع سابق، ص. 42
- ^ المرجع السابق، ص.43
- ^ المرجع السابق،.ص.42
- ^ المرجع السابق، ص. 43-44
- ^ راجع، الجامع المفصل، مرجع سابق، ص. 77 -78 وما تلاها
- ^ أ ب راجع، الموارنة في التاريخ، مرجع سابق، ص. 172
- ^ المرجع السابق، ص.173
- ^ راجع، المارونية في أمسها، ص. 44
- ^ الموارنة في عكار والقبيات الجزء الرابع
- ^ آل حبيش في التاريخ
- ^ راجع، المارونية في أمسها، مرجع سابق، ص. 107
- ^ المرجع السابق، ص.107
- ^ راجع، الموارنة في التاريخ، مرجع سابق، ص.202
- ^ المرجع السابق، ص.214
- ^ المرجع السابق، ص.181
- ^ عن بطريركيّة يوحنا مارون، راجع، الجامع المفصل، مرجع سابق، ص. 71 وما تلاها
- ^ راجع، الموارنة في التاريخ، مرجع سابق، ص. 197 - 200
- ^ راجع، المارونية في أمسها، ص.43
- ^ راجع، الجامع المفصل، مرجع سابق، ص. 41 وما تلاها
- ^ علاقة الموارنة بالمردة والجراجمة American Foundation for Syriac Studies، ولوج في 6-7-2010
- ^ راجع، المارونية في أمسها، مرجع سابق، ص. 44-45
- ^ مرجع سابق، ص. 47
- ^ راجع، تاريخ دمشق، ابن عساكر، ج5، ص. 341
- ^ راجع، الجامع المفصل، مرجع سابق، ص. 175
- ^ لمحة تاريخية أبرشية أنطلياس المارونية، ولوج في 20-7-2010
- ^ المجتمع الماروني في قبرص
- ^ كنائس قبرص تحفظ أسرار الأولين
- ^ Songs for peace in kormakitis -Cyprus
- ^ الصليبيون: الحملة الصليبية الأولى
- ^ راجع، المارونية في أمسها، مرجع سابق، ص.48
- ^ المرجع السابق ص 48-49
- ^ راجع، سوريا صنع دولة، مرجع سابق، ص.167
- ^ المرجع السابق، ص.165
- ^ راجع، الموارنة في التاريخ، مرجع سابق، ص.320
- ^ راجع، الجامع المفصل، مرجع سابق، ص.113-114
- ^ راجع، الموارنة في التاريخ، ص. 298
- ^ المرجع السابق، ص. 296-297
- ^ راجع، الجامع المفصل، مرجع سابق، ص.116
- ^ راجع، المارونية في أمسها، مرجع سابق، ص.56
- ^ النرجع السابق، ص. 49، 56
- ^ المرجع السابق، ص.49-50
- ^ راجع، أخبار الأزمنة والأمكنة، البطريرك اسطفان الدويهي، دار لحد خاطر 1983، ص. 91-115
- ^ راجع، الموارنة في التاريخ، ص. 326
- ^ راجع، الموارنة في التاريخ، مرجع سابق، 329-330
- ^ راجع، تاريخ الأزمنة، مرجع سابق، ص. 217
- ^ راجع، المارونية في أمسها، مرجع سابق، ص. 51
- ^ الأيام الصعبة
- ^ مراجعة تاريخية من القرون الأولى حتى القرن الرابع عشر في قضيّة شعبنا الآرامي المسيحي
- ^ لمناسبة إعلان السنة اليوبيلية لمار مارون: موجز تاريخ الموارنة
- ^ راجع، سوريا صنع دولة، مرجع سابق، ص. 172-173
- ^ راجع، مارونية في أمسها، مرجع سابق، ص. 52-53
- ^ بطاركة القرن الخامس عشر، البطريرك يوحنا الجاجي عائلة مار شربل، ولوج 6-7-2010
- ^ راجع، الموارنة في التاريخ، مرجع سابق، ص. 342-344
- ^ راجع، المارونية في أمسها، مرجع سابق، ص. 54
- ^ راجع، الموارنة في التاريخ، مرجع سابق، ص. 348
- ^ راجع، تاريخ الأزمنة والأمكنة، مرجع سابق، ص. 353-578
- ^ راجع، الموارنة في التاريخ مرجع سابق، ص. 352
- ^ المرجع السابق، ص. 384
- ^ أ ب ت المجمع البطريركي الماروني، هويَّة اللِّيتورجيَّا المارونيَّة اللجنة البطريركية للشؤون الطقسية، ولوج في 20-7-2010
- ^ هوية الكنيسة المارونية - كنيسة في شراكة تامة مع الكرسي الرسولي
- ^ دير مار أنطونيوس قزحيا
- ^ عجيبة الله في أرض الحضارة
- ^ أ ب المرجع السابق، ص. 390
- ^ المرجع السابق، ص. 377
- ^ سرد موجز لتاريخ الطباعة في العالم
- ^ راجع، سوريا صنع دولة، مرجع سابق، ص.174
- ^ راجع، المارونية في أمسها، مرجع سابق، ص. 66-67-68-69
- ^ كانت الثياب أداة التمييز بين المواطنين العثمانيين، وعندما يصف الدويهي أن الموارنة في عهد الإمارة المعنية قد لبسوا الطربوش ووضعوا الزنار فمعنى ذلك أنهم قد وصلوا إلى أعلى درجات من الحرية في النظام العثماني، راجع، تاريخ الأزمنة، مرجع سابق، ص. 505
- ^ المرجع السابق، ص. 462
- ^ راجع، المارونية في أمسها، مرجع سابق، ص.70
- ^ مرجع سابق، ص.71
- ^ راجع، الدولة العثمانية: قراءة جديدة لعوامل الانحطاط، قيس جواد العزاوي، الدار العربية للعلوم، طبعة ثانية، بيروت 2003، ص. 81
- ^ المرجع السابق، ص. 87
- ^ المرجع السابق، ص.94
- ^ راجع، الموارنة في التاريخ، مرجع سابق، ص. 391
- ^ راجع، المارونية في امسها، مرجع سابق، ص.73
- ^ المرجع السابق، ص. 75
- ^ أ ب بشير الشهابي الثاني بن قاسم
- ^ المرجع السابق، ص.77
- ^ المرجع السابق، ص.79
- ^ بطريرك من لبنان، البطريرك الدويهي
- ^ الرهبانية اللبنانية المارونية
- ^ جرمانوس فرحات حلب 1670 - 1733
- ^ راجع، المارونية في أمسها، مرجع سابق، ص. 76
- ^ راجع، الجامع المفصل، مرجع سابق، ص.492-493
- ^ راجع، الموارنة في التاريخ، مرجع سابق، ص. 396
- ^ راجع، كتاب القداس، مرجع سابق، ص.11
- ^ راجع، المارونية في أمسها، مرجع سابق، ص.80
- ^ رحلة على خُطى البطريرك اسطفان الدويهي في كنائس وأديرة إهدن لمناسبة قرب تطويبه الاتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة، ولوج في 20-7-2010
- ^ كل ما تحب أن تعرفه عن اللاذقية، شاطئ اللاذقية، 17 شباط 2011.
- ^ الموارنة في حيفا، كنيسة القديس لويس في حيفا، 16 شباط 2011.
- ^ حلقة منتدى النور مع الاب جورج رحمه، على شاشة تيلي لوميير، مساء الجمعة بتاريخ 2/9/2005 بعنوان: هوية لبنان
- ^ راجع، الموارنة في التاريخ، ص. 400-402
- ^ الكرشونية رباط لغوي بين السريانية والعربية
- ^ النص الثالث للمجمع البطريركي الماروني، علاقة الكنيسة المارونية، قانون عدد 15
- ^ النص الرابع للمجمع البطريركي الماروني، الكنيسة المارونية في انتشارها العالمي قانون عدد8
- ^ المصور في التاريخ، الجزء السابع، تحالف بشير الثاني ومحمد علي، صفحة: 155 - 156
- ^ معاهدة لندرة والدولة المصرية الكبرى (في ذكرى انعقادها: 15 من جمادى الأولى 1256هـ)
- ^ ابراهيم باشا
- ^ راجع، سوريا صنع دولة، مرجع سابق، ص، 218
- ^ الدولة العلية العثمانية، محمد فريد بك المحامي، طبعة تاسعة، دار النفائس، بيروت 1982، ص. 477
- ^ الحرب الأهلية اللبنانية الأولى
- ^ الدولة العلية العثمانية، مرجع السابق، ص. 379
- ^ المرجع السابق، ص. 526
- ^ الحرب الأهلية اللبنانية الثالثة ودور الانتماءات الطبقية، المقاتل، 17 شباط 2011.
- ^ الشهداء المسابكيين الموارنة، عائلة مار شربل، 16 شباط 2011.
- ^ الدولة العلية العثمانية، مرجع السابق، ص. 528
- ^ الدولة العلية العثمانية، مرجع السابق، ص.529
- ^ أ ب الموارنة والثقافة وحركة الانثقاف، النص التاسع عشر للمجمع البطريركي الماروني، 17 شباط 2011.
- ^ راجع، سوريا صنع دولة، مرجع سابق، ص. 214
- ^ راجع، المارونية في أمسها، ص.96
- ^ من مدرسة عين ورقة إلى قانونية الروح القدس اللاهوتية، صحيفة السفير، 17 شباط 2011.
- ^ راجع، سوريا صنع دولة، مرجع سابق، ص. 214-215
- ^ راجع، سوريا صنع دولة، مرجع سابق، ص.216
- ^ أ ب المرجع السابق، ص.219
- ^ المرجع السابق، ص.218
- ^ راجع، النص الثالث للمجمع البطريركي الماروني، حضور الكنيسة في الناطق الإنطاكي، قانون عدد 14
- ^ المجمع البطريركي الماروني، هوية الكنيسة المارونية ودعوتها ورسالتها
- ^ راجع، الدولة العلية العثمانية، مرجع سابق، ص. 745-746
- ^ بطريرك من لبنان: أنطون عريضة
- ^ راجع، سوريا صنع دولة، مرجع سابق، ص.410
- ^ وكان ذروة أعماله إعدامه في بيروت ودمشق لإحدى وعشرين وطنيًا من المسلمين والمسيحيين يوم 6 أيار سنة 1916 الذي بات عيدًا للشهداء في سوريا ولبنان
- ^ المرجع السابق، ص. 261
- ^ المرجع السابق، ص.277
- ^ المرجع السابق، ص.291-292
- ^ المرجع السابق، ص.316
- ^ المرجع السابق، ص.413
- ^ كانت قيمة الدولار أعلى من قيمته اليوم وكذلك فإن الدولار كان يساوي ثلاث ليرات لبنانية فقط، راجع، المقاومة في لبنان، أمين المصطفى، دار الهادي، بيروت 2003، طبعة ثانية، ص. 372
- ^ المرجع السابق، ص.270
- ^ المرجع السابق، ص. 287
- ^ الجبل: ربع قرن من التهجير
- ^ راجع، النص التاسع عشر للمجمع البطريركي الماروني، "الكنيسة المارونية والسياسة"، قانون عدد27
- ^ لا قيمة للقاء بين صفير وعون لأن الخلاف هو في المواقف
- ^ من اغتال رينيه معوض؟
- ^ نقل التصريح في النص الثالث للمجمع البطريركي الماروني قانون عدد 12
- ^ راجع، مقدمة كتاب القداس، مرجع سابق، ص.10
- ^ القديسة رفقا عائلة مار شربل، ولوج في 8-7-2010
- ^ القديس نعمة الله الحرديني
- ^ زيارات رسولية
- ^ اللجنة البطريركية لشؤون احتفالات يوبيل مار مارون
- ^ روحانية السنة الطقسية المارونية
- ^ راجع، مورد العابدين، المرسلون اللبنانيون بموافقة البطريرك أنطونيوس خريش، بكركي 1982، الملحق الخاص بالأعياد
- ^ راجع، مقدمة كتاب القداس، مرجع سابق، ص.9
- ^ المرجع السابق، ص.23
- ^ المرجع السابق، ص.30
- ^ أ ب ت الليتورجيا المارونية، أساسها وطبيعتها
- ^ راجع، الجامع المفصل، مرجع سابق، ص.18
- ^ راجع، كتاب القداس، مرجع سابق، ص.20
- ^ المرجع السابق، ص.10
- ^ المرجع السابق، ص.12
- ^ المرجع السابق، ص.11
- ^ المرجع السابق، ص.3
- ^ المرجع السابق، ص.21
- ^ المرجع السابق، ص.22
- ^ المرجع السابق، ص.28
- ^ راجع، رعيتنا علامة رجاء، أعمال المجمع الأنطوني الثالث، بعبدا 2009، ص.99
- ^ مؤتمر الأمانة العامة للمكتب الكاثوليكي الدولي للتعليم في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا
- ^ المجمع البطريركي الماروني، في التعليم المهني والعام والتقني
- ^ المجمع البطريركي الماروني، في الإعلام
- ^ مزار سيدة لبنان، أثر ديني ووطني خالد
- ^ أثرى أثرياء العالم كارلوس سليم حلو في وطنه الأم لبنان
- ^ المجمع البطريركي الماروني، حضور الكنيسة المارونية في النطاق البطريركي
- ^ الليتورجيا المارونية: الفن الكنسي والأعياد
- ^ المجمع البطريركي الماروني، في الليتورجيا
- ^ إذا أخذت رواية التلمحري الذي يذكر أن الموارنة حتى خراب الدير أقاموا البطريرك من ديرهم بعين الاعتبار، وإذا كان الدير قد خرب حسب رواية المسعودي، بداية القرن العاشر، يكون أغلب البطاركة قبلاً من سوريا
- ^ متى 19/16
- ^ الرسالة إلى فيلبي 1/1 وغيرها
- ^ أ ب المجمع البطريركي الماروني، في الكهنة والشمامسة
- ^ المجمع البطريركي الماروني، في البطريرك
- ^ راجع، رعيتنا علامة رجاء، مرجع سابق، ص.107
- ^ راجع، الموارنة في التاريخ، مرجع سابق، صفحة تقديم الكتاب
- ^ راجع، الجامع المفصل، مرجع سابق، ص.160-161
- ^ راجع، المارونية في أمسها وغدها، ص.107
- ^ راجع، الجامع المفصل، مرجع سابق، ص.160-173
- ^ راجع، المارونية في أمسها، مرجع سابق، ص.108
- ^ بطريرك من لبنان: البطريرك بولس بطرس مسعد
مصادر
- البطريركيّة المارونية
- في مار مارون، والمارونيّة ولبنان. وهي الرسالة الخامسة والعشرون، التي يوجّهها صاحب الغبطة والنيافة، الكردينال مار نصرالله بطرس صفير، بطريرك أنطاكية وسائر المشرق.
- عائلة مار شربل
- اللجنة البطريركيّة لاحتفالات يوبيل مار مارون* اللجنة البطريركية للشؤون الطقسية
- أبرشية جبيل المارونية
- أبرشية صيدا المارونية
- الانتشار الماروني في العالم
- المجمع البطريركي الماروني
- موقع خاص عن دير القديس شربل وسيرته وضريحه
- تاريخ السريان
- الكنيسة المارونية
هل أنت مهتم ببلد الأرز لبنان ؟ ستجد الكثير من المعلومات عنه في بوابة لبنان. |