الصفويون

(تم التحويل من الصفوية)
الامبراطورية الإيرانية الصفوية

سلسله صفویه ایران
1501–1736
علم الصفويون
علم إيران الصفوية
الامبراطورية الصفوية
الامبراطورية الصفوية
المكانةامبراطورية
العاصمةتبريز، قزوين، إصفهان
اللغات الشائعةالفارسية
الدين الإسلام الشيعي
الحكومةملكية
Persian Emperor 
• 1501-1524
إسماعيل الأول
• 1524-1576
تهماسپ الأول
• 1587-1629
عباس الأول
• 1732-1736
عباس الثالث
التاريخ 
1301
• تأسست
1501
• الغزو الهوتاكي
1722
• اعادة الفتح بقيادة نادر أفشار
1726-1729
• انحلت
1736
• نادر أفشار يُتوج شاهاً
8 مارس 1736
Area
2,850,000 km2 (1,100,000 sq mi)
سبقها
تلاها
التيموريون
آق قويونلو
هوتاكيون
أفشاريون

الصفويون (فارسية: دودمان صفوی,[1] fa)، هم سلالة تركمانية من الشاهات حكمت في بلاد فارس (إيران) سنوات 1501-1722 م. المقر: تبريز: حتى 1548 م، قزوين: 1548-1598 م، إصفهان: منذ 1598 م.

Their rule is often considered the beginning of modern Iranian history,[2] as well as one of the gunpowder empires.[3] The Safavid Shāh Ismā'īl I established the Twelver denomination of Shīʿa Islam as the official religion of the Persian Empire, marking one of the most important turning points in the history of Islam.[4] The Safavid dynasty had its origin in the Safavid order of Sufism, which was established in the city of Ardabil in the Iranian Azerbaijan region.[5] It was an Iranian dynasty of Kurdish origin,[6] but during their rule they intermarried with Turkoman,[7] Georgian,[8] Circassian,[9][10] and Pontic Greek[11] dignitaries, nevertheless, for practical purposes, they were Turkish-speaking and Turkified.[12] From their base in Ardabil, the Safavids established control over parts of Greater Iran and reasserted the Iranian identity of the region,[13] thus becoming the first native dynasty since the Sasanian Empire to establish a national state officially known as Iran.[14]

The Safavids ruled from 1501 to 1722 (experiencing a brief restoration from 1729 to 1736 and 1750 to 1773) and, at their height, controlled all of what is now Iran, Azerbaijan, Bahrain, Armenia, eastern Georgia, parts of the North Caucasus including Russia, Iraq, Kuwait, and Afghanistan, as well as parts of Turkey, Syria, Pakistan, Turkmenistan, and Uzbekistan.

Despite their demise in 1736, the legacy that they left behind was the revival of Iran as an economic stronghold between East and West, the establishment of an efficient state and bureaucracy based upon "checks and balances", their architectural innovations, and patronage for fine arts.[2] The Safavids have also left their mark down to the present era by establishing Twelver Shīʿīsm as the state religion of Iran, as well as spreading Shīʿa Islam in major parts of the Middle East, Central Asia, Caucasus, Anatolia, the Persian Gulf, and Mesopotamia.[2][4]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

السلالة والهوية

The Safavid Kings themselves claimed to be sayyids,[15] family descendants of the Islamic prophet Muhammad, although many scholars have cast doubt on this claim.[16] There seems now to be a consensus among scholars that the Safavid family hailed from Iranian Kurdistan,[4] and later moved to Iranian Azerbaijan, finally settling in the 11th century CE at Ardabil. Traditional pre-1501 Safavid manuscripts trace the lineage of the Safavids to the Kurdish dignitary, Firuz-Shah Zarrin-Kolah.[17][18]

According to historians,[19][20] including Vladimir Minorsky[21] and Roger Savory, the Safavids were Turkish speakers of Iranian origin:[22]

From the evidence available at the present time, it is certain that the Safavid family was of indigenous Iranian stock, and not of Turkish ancestry as it is sometimes claimed. It is probable that the family originated in Persian Kurdistan, and later moved to Azerbaijan, where they adopted the Azari form of Turkish spoken there, and eventually settled in the small town of Ardabil sometimes during the eleventh century.

By the time of the establishment of the Safavid empire, the members of the family were Turkicized and Turkish-speaking,[23] and some of the Shahs composed poems in their then-native Turkish language. Concurrently, the Shahs themselves also supported Persian literature, poetry and art projects including the grand Shahnameh of Shah Tahmasp,[24][25] while members of the family and some Shahs composed Persian poetry as well.[26][27]

The authority of the Safavids was religiously based, and their claim to legitimacy was founded on being direct male descendants of Ali,[28] the cousin and son-in-law of Muhammad, and regarded by the Shiʻa as the first Imam.

Furthermore, the dynasty was from the very start thoroughly intermarried with both Pontic Greek as well as Georgian lines.[29] In addition, from the official establishment of the dynasty in 1501, the dynasty would continue to have many intermarriages with both Circassian as well as again Georgian dignitaries, especially with the accession of Tahmasp I.[9][10]


التاريخ

مقتطفات من صفوة الصفا، تصف نسب الشيخ صفي الدين على أنه كردي. و چون نسبت بيروز با كرد رافت ترجمتها "ولما كان نسب بيروز كردياً، فهو كردي"

أسس الشيخ صفي الدين الأردبيلي (1252-1334م) طريقته الصوفية في أردبيل (أذربيجان) سنة 1300 م. أصبحت أردبيل عاصمة دينية ثم سياسية لأتباعه (مع تحولها إلى حركة سياسية). تحول أبناء هذه الطائفة منذ منتصف القرن الـ15 م إلى المذهب الشيعي. نجح الصفويون في الوصول إلى الحكم (على بعض المناطق) أثناء زعامة جنيد (1447-1450 م) ثم حيدر (1460-1488 م)، والذين استطاعا إنشاء تنظيم سياسي وتكوين وحدات خاصة من الجيش، أو القزلباش (القزل باش أو الرؤوس الحمراء نسبة إلى التاج أو العمامة الحمراء التي يرتديها أتباع الطريقة الصفوية، وتربط العمامة بإثني عشرة لفة تلميحا للأئمة الإثنى عشر). [30]

الإمبراطورية الصفوية في أكبر توسعاتها

تولى إسماعيل الصفوي (1501-1524 م) منذ سنة 1494 م زعامة التنظيم وقام بالدعوة إلى المذهب الشيعي. استولى على مناطق غيلان (گيلان)، واصل سنوات 1499-1501 في توسعه حتى شمل كامل بلاد فارس (إيران). قام بطرد القرة قويونلو سنة 1507 م واستولى العراق. أقر المذهب الشيعي الإثني عشري مذهبا رسميا للدولة. حاول أن يسوي بين الفئات التركمانية في الجيش (القزلباش) والفئات من أصول إيرانية (الإدارة). انهزم أمام العثمانيين في موقعة چلدران (جلدران) سنة 1514 م. توالت الحروب بينهم وبين العثمانيين على الحدود الغربية من البلاد من جهة، و بين الأوزبك (الشيبانيون في بخارى) على الحدود الشرقية من جهة أخرى. استطاع طهماسب (1524-1576 م) أن يحيَّد أعدائه عن طريق سياسته المتوازنة وتسويته للمشاكل الدينية. كما بدأ في عهده تشجيع حركتي الآداب والفنون. بعد مرحلة اضطرابات عديدة استقر حال الدولة أثناء عهد عباس الأول (1587-1629 م). قام الأخير سنة 1601 م بضم البحرين (كامل الساحل الشرقي من جزيرة العرب). استولى على أذربيجان سنة 1603 م، ثم شيراز، أرمينية وأجزاء من أفغانستان سنة 1608 م. سنة 23/1624 م قام بضم العراق وكردستان مرة أخرى. داخليا قام بإصلاحات شاملة في الجيش واستعان ببعض من العبيد المسيحيين لقيادة هذا الجيش. عمر مدينة أصفهان وجعل منها أهم مدن العالم في تلك الفترة. استطاع عن طريق سيطرته على الخليج العربي أن ينظم التجارة فاتعش اقتصاد البلاد. بعد موته خلفه على العرش حكام كانوا في الأغلب ضعيفي الشخصية. تم في الفترة إقرار العديد من المراسيم الخاصة بالقصور والتي تتعرض لواجبات الحاشية تجاه الشاه.

نسبه الكردي

عاشت الدولة مجدها الأخير أثناء عهد عباس الثاني (1642-1666 م)، والذي كثف من التبادل التجاري مع الدول الأوروبية عن الشركات التجارية العاملة في المنطقة، كما قام ببعض الإصلاحات الداخلية. قام عام 1648 م بضم أجزء جديدة من أفغانستان إلى دولته. عرفت اقتصاد البلاد مرحلة تقهقر متسارعة أثناء عهد شاه حسين (1694-1722 م) والذي تسبب في إثارة الطائفة السنية بعدما أظهر عدم التسامح في تعامله معهم وتعصبه الشديد للمذهب الشيعي. منذ سنة 1719 م بدأ زحف الأفغان (سنيين) والذين كان يحكمهم الغلزاي (گلزاي) على مملكة الصفويين. استولى هؤلاء على أصفهان سنة 1722 م، قاموا بخلع شاه حسين ثم أعدموه سنة 1726 م. حتى سنة 1736 قام الغلزاي بإنشاء حكومة ظل صفوية (يمثلها شاه مجرد من السلطة). كانت السلطة الحقيقية في بلاد فارس يتقاسمها الزند والأفشريين حتى انتقلت بعدها إلى القاجاريين.

الجيش الفارسي - ألوان مائية بريشة حيدر حاتمي-2002

يقول المفكر الإيراني الشيعي د. علي شريعتي: "الدولة الصفوية قامت على مزيج من القومية الفارسية، والمذهب الشيعي حيث تولدت آنذاك تيارات تدعو لإحياء التراث الوطني والاعتزاز بالهوية الإيرانية، وتفضيل العجم على العرب، وإشاعة اليأس من الإسلام، وفصل الإيرانيين عن تيار النهضة الإسلامية المندفع، وتمجيد الأكاسرة".

الشاه عباس الأول الصفوي على مائدة.
تفصيلة من جصية سقفية؛ قصر چهل ستون؛ إصفهان.

الصراع التركي الفارسي

الشاه سليمان الأول ورجال بلاطه، إصفهان، 1670. الرسام هو علي قولي جبادور، ومحفوظة في معهد الدراسات الشرقية، في سانت پطرسبورگ، روسيا، منذ أن اشتراها القيصر نيقولا الثاني. لاحظ الشخصين الجورجيين واسميهما في أعلى اليسار.


قائمة الشاهات

   الحاكم  الحياة  الحكم
1 اسماعيل الأول  1487-1524   1501-1524 
2 طهماسب الأول  1414-1576   1524-1576 
3 إسماعيل الثاني الصفوي  ....-....   1576-1578 
4 محمد خوذ بنده  ....-....   1578-1587 
5 عباس الأكبر  ....-....   1587-1629 
6 صفي الصفوي  ....-....   1629-1642 
7 عباس الثاني الصفوي  ....-....   1642-1666 
8 صفي الثاني الصفوي  ....-....   1666-1694 
9 سليمان الأول الصفوي  ....-....   1666-1694 
10 سلطان حسين الأول الصفوي  1668-1726   1694-1722 
11 طهماسب الثاني  1704-1740   1722-1732 
12 عباس الثالث الصفوي  1732-1740   1732-1736 
13 سليمان الثاني الصفوي  1714-1763   1749-1750 
14 إسماعيل الثالث الصفوي  1733-1773   1750-1773 


معاركهم مع العثمانيين

بريشة أحد أتباع جنتيله بليني، الشاه إسماعيل الأول، القرن 16، معرض اوفيتسي، فلورنسا

شهر رمضان لم يمنع المسلمين من ألا يقاتلوا بعضهم بعضا، ولم تكن روحانياته عائقا دون إراقة الدم المسلم بلا مبرر في ساحات الحرب الطاحنة والبأس الشديد، ومن ذلك الحروب الطاحنة التي وقعت في شهر رمضان بين العثمانيين والدولة الصفوية، وهي الحرب التي كان قتلاها بالآلاف، ومن ذلك "معركة شماهي" في القفقاس في (11 رمضان 986هـ=1 نوفمبر 1578 م) التي قتل فيها حوالي 15 ألف قتيل صفوي، وآلاف من الجنود العثمانيين، و"معركة شماهي الثانية" في ليلة القدر (27 رمضان 986هـ= 16 ديسمبر 1578) التي قتل فيها 30 ألف شخص من الجانبين، و"معركة بول شكسته" في (19 رمضان 1094هـ= 19 سبتمبر 1683م) التي قتل فيها 15 ألف عثماني.

فارس تحت حكم الصفويين 1502-1576

إن بلاد فارس التي كانت قد نعمت بفترات كثيرة من الخصب الثقافي، كانت الآن تمر بحقبة أخرى من الحيوية السياسية والابداع الفني. وعندما أسس الشاه إسماعيل الأول الأسرة الصفوية (1502-1736) كانت فارس تعاني فوضى التمزق بين ملوك ضعاف، فكان العراق ويزد وسافان وفيروزكة ودياربكر وكاشان وخراسان وقندهار وبلخ وكرمان وأذربيجان، كلها ولايات مستقلة بعضها عن بعض. وفي حملات جبارة لا ترحم، غزا إسماعيل أمير أذربيجان معظم هذه الإمارات واستولى على هرة وبغداد، وجعل ثانية من تبريز عاصمة لمملكة قوية. ورحب الناس بهذه الأسرة من بني جلدتهم، تلك الأسرة التي تألق مجدها فيما أسبغت على البلاد من وحدة وقوة، وعبروا عما يختلج في نفوسهم ببعث جديد للفن الفارسي.

إن لارتقاء إسماعيل إلى الملك قصة لا تصدق، ذلك أنه كان في سن الثالثة عندما مات أبوه (1490)، وفي الثالثة عشرة شرع يكسب لنفسه عرشاً، وفي نفس السن لبس التاج وصار شاه فارس. ويصفه المعاصرون بأنه "شجاع مثل ديك المصارعة الصغير"، "نشيط رشيق مثل الأساطير" (من آلهة الغابات عند الإغريق له ذيل وأذنا فرس)، قوى عريض المنكبين، ذو شوارب رهيبة، وشعر أحمر براق. وكان يستخدم ببراعة سيفاً جباراً بيده اليسرى. وكان في الرمي بالقوس أوديسيوس آخر، يصيب بقوسه سبع تفاحات من عشر مرصوصة على صف واحد(2).ويروي أنه كان "أنيساً لطيفاً كالبنت"، ولكنه قتل أمه (أو زوجة أبيه)، كما أمر بإعدام 300 من المومسات في تبريز، وذبح الآلاف من الأعداء(3). وقال سائح هندي إنه كان محبوباً لدى الشعب حتى "نسى اسم الله"في فارس ولم يذكر إلا إسماعيل وحده(4).

وكمن سر نجاح إسماعيل في الدين والجرأة. وكان المذهب الشيعي هو السائد في فارس، أي "أشياع" علي، صهر محمد أو زوج ابنته، ولم يعترف الشيعة بخلفاء شرعيين غير علي وحلفائه الاثنى عشر وهم "الأئمة"، ولما كان الدين والحكومة غير منفصلين في الإسلام، فإن لمثل هذا الخليفة، طبقاً لهذه النظرية حقاً إلهياً في الجمع بين السلطتين الدينية والزمنية. وكما اعتقد المسيحيون أن المسيح سوف يعود ليؤسس مملكته على الأرض، كذلك اعتقد الشيعة أن الإمام الثاني عشر - محمد بن الحسن - لم يمت قط، وأنه سوف يظهر من جديد في يوم من الأيام ليقيم حكمه المبارك على الأرض. وكما أدان البروتستانت الكاثوليك بأنهم ارتضوا التقاليد جنباً إلى جنب مع الكتاب المقدس كدليل أو مرشد إلى العقيدة الصحيحة، كذلك اتهم الشيعة أهل السنة - وهم الغالبية الذين يعتنقون العقيدة الإسلامية الصحيحة، الذين وجدوا أن الطريق المستقيم ليس في القرآن وحده بل كذلك في كل ما أتى الرسول كما جاء في تقاليد أصحابه وأتباعه. وكما ترك البروتستانت الصلاة على القديسين وأغلقوا الأديرة، لم يشجع الشيعة التصوف وأغلقوا أروقة الدراويش، التي كانت مثل أديار أوربا في بدايتها، مراكز لكرم الضيافة والبر والإحسان. وكما أطلق البروتستانت على مذهبهم اسم "الدين الحق"، اتخذ الشيعة اسم "المؤمنين"(5) (المعتقدون الحقيقيون). ولا يؤاكل المتمسك بمذهبه سنياً أبداً، وإذا وقع ظل مسيحي على طعام شيعي وجب أن ينبذ الطعام على أنه دنس(6) .

وادعى إسماعيل أنه من نسل الإمام السابع "صفي الدين" (نقاء العقيدة)، وباسمه سميت الأسرة الجديدة. وأعلن إسماعيل أن المذهب الشيعي هو المذهب الوطني والرسمي لفارس، وأنه الراية المقدسة التي حارب في ظلها، ومن ثم وحد قومه في إخلاص يتسم بالتقي والورع ضد المسلمين السنيين الذين طوقوا فارس - الأوزبك والأفغان في الشرق، والعرب والأتراك والمصريين في الغرب. ونجحت خطته. وكان شعبه يعبده على أنه قديس (ولي من أولياء الله الصالحين)، وكان رعاياه يثقون في قوته الإلهية لحمايتهم، إلى حد أن بعضهم رفض أن يلبس الدرع في المعركة(7). وما أن إسماعيل بهذا السند الملتهب حماسة - وهو الشعب - حتى أحس أنه من القوة بحيث يستطيع أن يتحدى جيرانه. وكان الأوزبك الذين حكموا بلاد ما وراء النهر، قد بسطوا سلطانهم حتى خراسان، فانتزع منهم هراة وطردهم من فارس، ولما اطمأن إلى سلامته في الشرق ولى وجهه شطر الغرب ضد العثمانيين. واضطهد كل من الطرفين الآخر آنذاك بقوة مقدسة. وقيل في رواية غير موثوقة إن السلطان سليماً قتل أو سجن، قبل الذهاب إلى القتال (1514)، أربعين ألفاً من الشيعة في نطاق مملكته، وإن إسماعيل شنق بعض السنيين الذين كانوا يشكلون الغالبية في تبريز، وأمر الباقين بأن يرتلوا يومياً أدعية يلعنون فيها الخلفاء الثلاثة الأولين على اعتبار أنهم اغتصبوا حق علي في الخلافة. ومهما يكن من أمر، فإن الفرس وجدوا الشيعة في معركة جالديران عاجزين أمام مدفعية سليم العبوس وجنده الانكشارية. واستولى سلطان العثمانيين على تبريز، وأخضع شمالي أرض الجزيرة (1516)، ولكن جيوشه تمردت، فتقهقر وعاد إسماعيل إلى عاصمة ملكه تحف به كل عظمة ومجد يمكن أن يحاط بهما ملك عسكري. وانحط الأدب أثناء حكمه المضطرب القلق، ولكن الفن ازدهر تحت رعايته، فقد كان يرعى المصور بهزاد، وقدر أنه يساوي نصف فارس(8). ومات إسماعيل في سن الثامنة والثلاثين،بعد أن قضى في الحكم 24 عاماً. وخلف عرشه لابنه البالغ من العمر عشر سنوات 1524.

وكان الشاه طهماسب الأول ضعيف الإيمان جباناً، سوداوي المزاج كئيباً مترفاً منغمساً في اللذات، وقاضياً خشناً، يرعى الفنون ويمارسها، شيعياً تقياً، كما كان معبود شعبه، وربما تحلى ببعض فضائل أخفاها عن عيون التاريخ. إن التوكيد المستمر على الدين أربك الحكومة كما قواها، وذلك أنه من أجل الدين شنت الحرب اثنتي عشرة مرة، وظل العالم الإسلامي في الشرقين الأدنى والأوسط ممزقاً متنابذاً من 1508 إلى 1638، وأفاد العالم المسيحي من هذه الفرقة، حيث انقطع سليمان القانوني عن شن هجماته على الغرب، ووجه حملاته نحو فارس. وفي ذلك كتب سفير فرديناند في القسطنطينية يقول: "إن فارس هي التي تقف حائلاً بيننا وبين الدمار"(9). وفي 1533 قاد الوزير الأكبر إبراهيم باشا جيشاً تركياً نحو أذربيجان، واستولى في طريقه على الحصون الواحد تلو الآخر، بتقديم الرشوة إلى القواد الفرس، وأخيراً استولى على تبريز وبغداد دون أن يضرب ضربة واحدة (1534). وبعد أربع عشرة سنة، وفي أثناء هدنة مع فرديناند، قاد سليمان جيشاً آخر ضد "الرءوس الحمراء الوضيعة" (وهو الاسم الذي أطلقه الأتراك على الفرس)، وانتزع إحدى وثلاثين مدينة، ثم استأنف هجماته على العالم المسيحي. وفيما بين عامي 1525،1545، عاود شارل المفاوضة مع فارس المرة بعد المرة، بافتراض التنسيق بين المسيحيين والفرس للوقوف في وجه سليمان. وابتهج الغرب حين تولت فارس الهجوم وانتزعت أرضروم. ولكن سليمان عاد في 1554 واكتسح مساحات كبيرة من فارس، وأرغم طهماسب على عقد صلح بقيت مقتضاه بغداد والقسم الأدنى من أرض الجزيرة تحت حكم الأتراك.

وثمة شيء أكثر إمتاعاً من الصراعات الكئيبة تلك هي الرحلات الجريئة المغامرة التي قام بها أنطوني جنكنسون إلى بلاد ما وراء النهر وفارس، بحثاً عن طريق بري إلى الهند والصين، وكمان مسلك إيفان الرهيب في هذا الموضوع لطيفاً ودياً، فقد رحب بجنكنسون في موسكو، وبعث به سفيراً له لدى حكام الأوزبك في بخاري، ووافق على السماح بدخول البضائع الإنجليزية إلى روسيا معفاة من الرسوم الجمركية، ومرورها في نهر الفولجا عبر بحر قزوين، وكتبت للرحالة النجاة من عاصفة هوجاء في هذا البحر، واصل بعدها الرحلة إلى فارس ووصل إلى قوزين سنة 1516. وهناك سلم طهماسب رسائل التحية من ملكة بعيدة، بدا للفرس أنها سيدة قليلة الشأن تحكم قوماً من الهمج، وكان الفرس ميالين إلى عقد اتفاقية تجارية، ولكنهم عندما أعلن جنكنسون أنه مسيحي، أمروه بمغادرة البلاد، قائلين: "ليس بنا من حاجة إلى مصادقة الكفار". وبعد أن انصرف من حضرة الشاه، جاء أحد الخدم فغطى بالرمل المطهر آثار أقدام المسيحي التي دنست قصر الشيعة(10).

وبموت طهماسب (1576) انفضت أطول فترة حكم لأي حكم من الحكام المسلمين عدا واحداً. ولكنها فترة من أشد الفترات امتلاء بالنكبات. ولم يتميز هذا العهد بأية آداب يعتز بها الفرس في ذاكرتهم، إذا لم تستثن مذكرات بابر Babur الذي أبعد عن بلده. ولكن الفن على عهد الصفويين، ولو أنه سيبلغ ذروته متأخراً عنهم، بدأ في هذين العهدين (عهد إسماعيل وابنه) ينتج أعمالاً تتسم بالعظمة والتألق والنقاوة التي تميزت بها منتجات فارس الغنية لمدة اثنين وعشرين قرناً. وقد أبرزت مقبرة "هارون الولاية" في أصفهان كل ما أودع في الرسم الكلاسيكي الفارسي من دقة ورقة، وأزهى الألوان، وتقطيع الفسيفساء الخزفية المزخرفة. كما توج بوابة مسجد الجمعة الكبير نصف قبة معقدة. وأسس كذلك في هذا العصر في شيراز "مسجد جامع" آخر، ولكن الزمن لم يبق على شيء منه.

وثمة أمثلة كثيرة دلت على أن أشغال التذهيب الدقيقة والخط صمدت على تعاقب الزمن أكثر مما صمدت آثار العمارة، وبرزت العناية التي بذلها المسلمون في إخراج الكتاب (المخطوطات) حتى كادت تجعل منه معبوداً يحوطه الإجلال والحب. إن العرب الذين كانوا فخورين بكل شيء افتتنوا افتتاناً مستساغاً مغفوراً لهم بحروف الهجاء عندهم، تلك التي وهبت لهم من نفسها سطوراً من جمال حسي. فالفرس، فوق كل شيء جعلوا من الخط فناً لتزيين محاريب مساجدهم وأبوابهم، والمعادن التي يصنعون منها أسلحتهم، والفخار الذين يصنعون منه أعمال الخزف، ونسيج سجاجيدهم، ثم المصاحف ودواوين الشعراء، وكل أولئك تعتز به الأجيال على أنه متعة للعين وبهجة للنفس. أما خط "النستعليق Nastaliq، (أو الخط المائل) الذي كان قد ازدهر في عهد التيموريين في تبريز وهراة وسمرقند، فقد عاد إلى تبريز على عهد الصفويين، وذهب معهم إلى أصفهان. وكما ضم المسجد عديداً من الفنون بعضها إلى بعض، كذلك جمع الكتاب بين الشاعر والخطاط ورسام المنمنمات والمجلد (الذي يقوم بالتجليد) في تعاون يتسم بالتفاني والإخلاص والورع.

وظل فن التذهيب مزدهراً في بخاري وهراة وشيراز وتبريز. ويضم متحف الفنون الجميلة في بوسطن مخطوطة رائعة لشاهنامة الفردوسي، بإمضاء عراجي محمد القوام الشيرازي (1552)، وفي متحف كليفلند نسخة أخرى من عمل مشهدي الكاتب (1538)، ويضم متحف المتروبوليتان للفن نيويورك نموذجاً من أروع نماذج التذهيب والخط في تبريز، وهي صحيفة العنوان في مخطوطة "المنظومات الخمس" لنظامي (1525). وانتقل مركز التذهيب الإسلامي إلى تبريز حين اختارها بهزاد مقراً له (1510). وفي أثناء معركة جالديران خبأ الشاه إسماعيل الصفوي المصور بهزاد والخطاط محمود النيسابوري في كهف، بوصفهما أثمن ما يمكن أن يقتنى(11). ورسم أقاميرك، تلميذ بهزاد، في تبريز واحدة من أروع المنمنمات في هذا العصر، وهي صورة "تتويج خسرو وشيرين" (1539) وهي محفوظة الآن في المتحف البريطاني. وعلم ميرك بدوره الفن لتلميذه "سلطان نور الذي ولد في أسرة غنية، ولكنه تجاهل حقيقة أن لديه من الوسائل ما يستطيع معها أن يكون لاهياً تافهاً، فأصبح "اللؤلؤة التي لا تقدر بثمن" في بلاط شاه طهماسب لأنه فاق كل أهل زمانه في الخط والتذهيب، وفي تصميم أغلفة الكتب والسجاجيد، وفيما بين عامي 1539و1543 نسخ مخطوطة المنظومات الخمس لنظامي ووضحها بالرسوم، وثمة صفحة رائعة في المتحف البريطاني تمثل الملك خسرو ممتطياً صهوة جواد قرنفلي اللون، وهو ينعم النظر وسط نقوش النباتات والزهور ذوات اللون الأخضر والأسمر والذهبي، إلى شيرين وهي نصف عارية تستحم في بركة فضية. وثمة صورة أروع وأزهى ألواناً، للرسول وقد أسرى به في السموات السبع على حصانه المجنح "البراق" (ليزور الجنة والنار، هكذا في النص الإنجليزي) والأشكال عبارة عن جمال مجسم، ولكن المصور تعمد لأسباب دينية، ألا يكون بها تقاطيع مميزة فردية، فقد كان الفنان مهتماً بالزخرفة أكثر منه بالتشخيص، وبالجمال الذي يكون موضع التقدير والاحترام، وهو جمال يمكن الوصول إليه أحياناً إذا كان ذاتياً أو شخصياً، أيسر من الوصول إلى الحقيقة التي تفلت دائماً إذا كانت موضوعية. وقد بلغ التذهيب ذروته في هذه المنمنمات.

وحظيت المنسوجات والسجاجيد بمثل هذه العناية المحببة إلى النفس، ولم يبق شيء من منسوجات هذه العهود، ولكن المنمنمات تصورها. وتفوق مصممو السجاد وعماله المهرة في عهد الصفويين. وبدا أن السجاد عنصر أساسي في حضارة الإسلام. ولم يجلس المسلمون أو يأكلوا على الكراسي، ولكن على الأرض المفروشة بالسجاد. وهناك سجادة خاصة للصلاة عليها في العادة رموز دينية وآيات قرآنية، يسجد عليها المسلمون في صلواتهم. وكانت السجاجيد مفضلة كهدايا للأصدقاء أو الملوك أو المساجد، ولذلك أهدى شاه طهماسب عشرين سجادة كبيرة وكثيراً من السجاجيد الصغيرة من الحرير والذهب إلى السلطان سليم الثاني عند ارتقائه عرش آل عثمان 1566. وثمة معالم مميزة من التصميم حددت سجاد هذا العصر، وكأنها بستان، ففيها رسوم النباتات والأزهار، ومنظر الصيد والزهريات والرسوم المضلعة والمشجرة أو الرسوم النافرة أو البارزة، وحول هذه الأشكال الأساسية توجد الزخرفة العربية المتعرجة، مع أشرطة السحب المستمدة من الفن الصيني، ورموز ذات معان سرية لدى مبتكرها، وحيوانات تمثل نمط الحياة، ونباتات وزهور تعطي أريجاً ممثلاً في خيوط، وطابعاً بهيجاً، وسرى في هذا الكل المعقد منطق فني، أو تناغم طباقي في الخيوط أدق من موسيقى بالسترينا (ملحق موسيقى دينية في إيطاليا في القرن السادس عشر) وأجمل من شعر جوديفا.

ويعود تاريخ بعض القطع الباقية حتى الآن من السجاد الإيراني إلى هذا النصف الأول من القرن السادس عشر. وإحداها ذات رسوم بارزة، وبها ثلاثون مليون عقدة من الصوف على سداة من الحرير (380 عقدة في البوصة المربعة)، ظلت مفروشة لعدة قرون في أحد مساجد أردبيل، وهي الآن موزعة بين متحف فكتوريا وألبرت في لندن ومتحف لوس أنجلوس. وفي أحد أطرافها خرطوشة كتب عليها بيت من شعر حافظ، وتحته عبارة الفخر: "من صنع العبد.... مقصود الكاشاني في سنة 946 هجرية"، أي 1539م(12). كذلك يوجد في متحف لوس أنجلوس "ساط التتويج" الهائل الذي استخدم في تتويج إدوارد السابع 1901، وكان من بين أعظم النفائس في متحف بولدي بتزوللي في ميلان، قبل تدميره في الحرب العالمية الثانية، سجادة بها مناظر صيد من صنع غياث الدين جامي من مدينة يزد، وهو الذي يحتل في رسوم السجاد مكانة بهزاد في المنمنمات.

أما سجادة "دوق أنهالت" في مجموعة دوفين فقد حظيت بشهرة عالمية بأرضيتها الذهبية الصفراء: مع زخرفة عربية رائعة ذات الألوان القرمزي والوردي والأزرق الفيروزي. إن السجاد والكتاب من أعظم المميزات التي تميزت بها فارس على عهد الصفويين وهي مميزات لا يستطيع أن يتحداها أو يمارى فيها أحد، وهي تحتل في ذاكرة الجنس البشري مكانة رقيعة.


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

فارس تحت حكم الأسرة الصفوية 1576-1722

إمبراطورية شاه اسماعيل

عهد الصفويين، من وفاة طهماسب الأول (1576)، حتى نهايته (1722)، كان تطوراً ثقافياً لا يمكن اقتطاعه، تمشياً مع تسلسل الأحداث في أوربا. لقد ترك كثير من السائحين الغربيين بيانات مشرقة عن هذا العصر في فارس. منهم بدور تكسييرا الذي كان هناك 1600 والأب الجزويتي كيوتسنسكي الذي أقام في أصفهان من 1702-1722 وكتب "تاريخ الثورة في فارس" وهو يتناول الأسرة الصفوية بأسرها؛ وجان تافرنييه الذي وصف بالتفصيل رحلاته (1631-1668) في تركيا وفارس و الهند وجزر الهند الشرقية، وجان شردان الذي دون في عشرة مجلدات أنباء إقامته في فارس (1664-1677) فإنه على الرغم مما لاقاه من ريح السموم بالقرب من الخليج، وقع في غرام فارس؛ وآثر أصفهان على باريس وقت الصيف، ووجد في جو أصفهان من "الروعة والجمال" ما جعله يقول "أنا نفسي لا أستطيع أن أنساها أو أمسك عن ذكراها لكل إنسان". وقال أن سماء فارس الصافية كان لها أثرها على الفن الفارسي، فأضفت عليه بهاء ورواء ولوناً براقاً. كما كان لها أثرها الطيب على أجسام الفرس وعقولهم واعتقد أن الفرس أفادوا من اختلاطهم بأهل جورجيا و القوقاز الذين أعتبرهم أجمل وأشجع أهل الأرض-ولكنهم لا يضارعون الجياد الفارسية في رشاقتها وجمالها.

ولكن هذه البلاد كانت يوما جنة عدن ، ومقر الخلفاء الذين ازدانوا بالجواهر الثمينة، والشعراء الذين نظموا أعذب الشعر، دمرتها غارات المغول وتمزق الحكومة، وإهمال الترع وهي شرايين الحياة، وامتلاؤها بالطمي، وتحول طرق التجارة، فإن اكتشاف طريق مائي في كل أجزاء من غرب أوربا إلى الهند والصين قد أصاب تجارة فارس بالكساد. على أن بعض التجار انتقل عبر الأنهار إلى الخليج. وفي 1515 استولى البرتغاليون على هرمز وهي أهم الثغور على الخليج، وظلوا فيها لمدة قرن. وفي 1622 طردهم منها جيش الشاه عباس بمعونة سفن شركة الهند الشرقية الإنجليزية، وبنى الشاه بالقرب منها مرفأً تجارياً هو بندر عباس (ثغر عباس)، فساعدت التجارة التي نمت فيه على تمويل الفن والبذخ في عهده. وظلت القوافل تسير من الغرب إلى الشرق عبر فارس، وخلقت شيئاً من الثراء في المدن الواقعة على طريقها، ووصف تكسسيرا حلب بأنها مدينة تضم 26 ألف بيت، كثير منها مبني من الحجر المصقول، وبعضها يليق لسكنى الأمراء، كما تظم المسلمين والمسيحيين واليهود جنباً إلى جنب، كما كان بها حمامات عامة نظيفة جميلة، وعدة شوارع مرصوفة بالبلاط المصنوع من الرخام.

الصناعة

الامبراطورية الفارسية الصفوية في إيران والدولة العثمانية في تركيا. خريطة رسمها إمانويل بوين، بين 1744-1752.

لم تكن الصناعة قد تجاوزت بعد طور الصناعات اليدوية-صناعة العصور الوسطى التي تتسم بالمثابرة على بذل الجهد والتذوق الرفيع مع الأناة والبطء-ولكن كان في حلب مصنع للحرير، وكان التبغ يزرع في كل مكان ويقول شاردان أنه كان للفرس طريقة في ترشيح التبغ، فكان الدخان يمر بالماء، ومن ثم "ينقى التبغ من كل العناصر الزيتية والضارة" وأصبح التدخين ضرورة ملحة لدى الفرس، "فكانوا يغفلون الطعام ولا يغفلون النرجيلة(" وكان الشاه على النقيض من ذلك، فكره عادة التدخين، وحاول أن يشفي منها رجال حاميته بحيلة، فأتى بروث الخيل وجففه، ووضعه بدلاً من التبغ في الأواني التي يملأون منها الأراجيل، وأوضح لهم أن هذا تبغ غالي الثمن أهداه همذان، فدخنوه، وبالغوا في امتداحه. وأقسم أحد الضيوف أن له رائحة تعدل عبير ألف من الزهور، فصاح الشاه "بئس هذا العقار، أنه لا يمكن التمييز بينه وبين روث الخيل".

خريطة بلاد فارس، ح. 1700 بريشة يوهان باپتيست هومان (1644–1724)

الحياة الاجتماعية

كان أي رجل وهبه الله المقدرة والكياسة يستطيع أن يحتل مكاناً في حاشية الشاه، فلم يكن هناك اعتبار لأرستقراطية المولد، أو الحسب والنسب. فثياب الجنسين من كل الطبقات كانت في أساسها واحدة. رداء يصل إلى الركبتين، ذو أكمام ضيقة، وحزام عريض (مصنوع أحياناً من الحرير الموشى بالزهور) حول الخصر، وقميص من القطن أو الحرير تحت الرداء، وسروال مضموم عند رسغ القدمين، وعمامة تتوج هذا كله. وكتب تاڤرنييه:

"كانت الملابس النسائية ثمينة، وفيما عدا هذا لا يفترقن عن الرجال في شيء كثير، فارتدين السراويل مثلهم" . وأقمن في عزلة في الحريم، وقلما غادرن البيت، فإذا فعلن فنادراً ما سرن على الأقدام. وكان ثمة ثلاثة أجناس، فكان الرجال يوجهون كثيراً من شعر الغزل إلى الغلمان. ورأى توماس هربرت، وهو إنجليزي في بلاط الشاه عباس-"سقاة من الغلمان في صدرات من الذهب، وعمامات مزدانة باللمع (الترتر)، وأخفاف فاخرة، تتدلى خصلات الشعر على أكتافهم، عيونهم يقظة تحوم في كل زاوية، ووجناتهم متوردة".

ولحظ شاردان نقصاً في السكان في زمانه، ونسبه إلى:

أولاً: النزعة النكراء لدى الفرس إلى إتيان الفعلة البغيضة، ضد الطبيعة مع الجنسين كليهما.

ثانياً: الترف المفرط (الحرية الجنسية) السائد في البلاد، فالنساء هناك يبدأن الحمل في سن مبكرة، ويستمر الإنجاب لفترة قصيرة، وما أن يجاوز سن الثلاثين حتى ينظر إليهن على أنهن عجائز تقدمت بهن السن. ومن ثم يسرع الرجال إلى التردد على النساء في معية الصبا والشباب، في إفراط شديد، وعلى الرغم من أنهم يستمتعون بعدد كبير من النساء، فإنهم لا ينجبون منهم مزيداً من الأطفال قط. وهناك كذلك نساء كثيرات جداً يعمدن إلى الإجهاض، ويلجأن إلى مختلف أنواع العلاج ضد الحمل، لأنهن إذا بلغن الشهر الثالث أو الرابع من الحمل، ينصرف عنهن أزواجهن إلى نساء أخريات حيث يرون أنه ينافي اللياقة أن يقربوا امرأة تقدمت بها أيام الحمل إلى هذا الحد.

وكان هناك، على الرغم من تعدد الزوجات، عاهرات أو بغايا كثيرة وانتشر شرب الخمر انتشاراً واسعاً، رغم تحريم الإسلام للخمر. وكثرت المقاهي واشتق اللفظ الأوربي من نظيره العربي "قهوة". وكانت النظافة أكثر شيوعاً في المظهر منها في الحديث. وكانت الحمامات-منتشرة، وكانت أحياناً مزخرفة بشكل جميل. ولكن كثر هناك الابتذال والفحش. وقال عنهم تافرنييه "أنهم مخادعون مراءون كبار". ويقول شاردن أنهم اعتادوا كثيراً على الغش، ولكنه يضيف أنهم ألطف الناس في الدنيا، متسامحون كرام، أساليبهم جذابة غاية الجاذبية، وطباعهم لينة غاية اللين، وحديثهم ناعم غاية النعومة.

الثقافة

انظر أيضا: فن الصفويين.
في العصر الصفوي، ازدهرت العمارة الفارسية مرة أخرى، وشهدت العديد من المعالم الجديدة، مثل ميدان نقش جهان، أكبر ميدان تاريخي في العالم.

هم في مجموعهم أكثر الشعوب تمدناً في الشرق وكانوا مولعين بالموسيقى وكان شعراؤهم، في العادة يغنون-القصائد التي ينظمونها.

ويمكن أن نحكم على تفوق الشعراء الفارسيين من مبلغ شعبيتهم وحظوتهم في بلاط المغول في دلهي، ولكن لم يتهيأ لأحد منهم في تلك الحقبة مترجم مثل فنز جرالد لينقل إلى أسماع الغرب قصيدهم. وإنا لنعلم أن (عرفي الشيرازي) كان على رأس الشعراء في القرن السادس عشر. وكان يرى أنه أعلى مكانة من (سعدي) على الأقل، ولكن من منا، نحن المحليين في تفكيرنا واهتماماتنا سمع عنه؟. وكان شعره أحب إلى الناس من شخصه، كما نستلخص من (الأصدقاء) الذين جاءوا ليستمتعوا بعلته القتالة.

لقد انحطت قواي إلى هذا الحد، ووقف أصدقائي الفصحاء كالمنابر حول فراشي ووسادتي. واحد منهم يداعب لحيته بيده، وينصب رقبته ويقول. (وا أبتاه)، لمن دامت الدنيا؟ (سبحان من له الدوام).

جدير بالإنسان ألا يتعلق قلبه بالمراتب الزائفة والثروة الزائلة. أين إمبراطور جمشيد وأين الإسكندر؟. ثم يأتي آخر، ويمسح بأكمامه عينيه المبللتين بالدموع، ويقول في صوت رقيق ولفظ حزين: "أيتها الحياة كلنا يسير على هذا الطريق لنرحل عن هذه الدنيا. كلنا مسافرون نعبر عليه، ويمضي بنا الزمن".

وآخر ينمق كلامه بألفاظ أرق فيقول: استجمع قواك، وهون عليك فإني، لهدف واحد، سوف أجمع أشعارك ونثرك وبعد نسخها وتصحيحها، أقدمها عقوداً من الدر تعزز من شأنك وترفع من قدرك..فلعل الله يمن عليَّ بالشفاء فأسترد عافيتي. ولسوف ترى كيف أصب جام غضبي على رؤوس هؤلاء المنافقين التعساء.

وكان منافس "عرفي" في الشعر هو "صائب الأصفهاني" الذي أخذ بسنة الهجرة إلى دلهي، كما هاجر الفنانون الفرنسيون والفلمنكيون في ذاك العصر إلى روما. ولكنه عاد بعد عامين إلى أصفهان، وأصبح شاعر البلاط لدى الشاه عباس الثاني (1632-1666)، وكان ينحو قليلاً نحو الفلسفة، فنظم أبياتاً تفيض بالحكمة:

أن الحديث عن الكفر والإيمان كليهما يؤدي في النهاية إلى نفس المكان والحلم هو الحلم، ولكن المفسرين هم الذين يختلفون...وإن العلاج الوحيد لهذه الدنيا التي لا تقتسم أمورها، هو إغفالها وتجاهلها، فإن اليقظ فيها هو الذي يستغرق في سبات عميق. وأن الموج ليجهل الطبيعة الحقة للبحر. وكيف يدرك الفاني العابر حقيقة الخالد الباقي، أن أشد ما يقض مضجعي حول يوم البعث هو إنه لزام علينا أن نرى ثانية وجوه البشر.

وإذا فاتنا أن ننعم بموسيقى الشعر الفارسي، ففي مقدورنا أن نستمتع بفن فارس ففي الفن. حديث يمكن استيعابه وفهمه، فإن البراعة والأناقة والذوق، أي كل ما تشكل في فارس على مدى ألفي سنة. وأينع وأتى أكله الآن في العمارة والخزف والتذهيب والخط وحفر الخشب وأشغال المعادن والنسيج والأقمشة المزركشة والسجاد، وكل أولئك روائع تزدان بها متاحف العالم اليوم. وقد علمنا من قبل أن أحسن عمارة هذا العصر شيدت في عهد الشاه عباس الأول في أصفهان. وهناك بنى عباس الثاني (مسجد الأشرف (1642)، وهناك في غروب شمس الصفويين شاد الشاه حسين (مدرسة أم الشاه) التي قال عنها لورد كيرزون أنها من أفخم أطلال فارس، وثمة مدن أخرى كانت تفاخر بمنشآت جديدة: مثل مدرسة الخان في شيراز، والضريح الضخم لخوجة ربيع في مشهد، والمقبرة المخربة الآن، ولو أنها لا تزال جميلة، وهي مقبرة (قدم جاه) في نيسابور، والجامع الأزرق في يريفان.

وأسس الشاه عباس في أصفهان أكاديمية للرسم، كان مطلوباً من الطلبة فيها-كجزء من برنامجهم، وأن ينسخوا أشهر المنمنمات حيث يغلب جمال التصميم ودقة الرسم على الموضوعات والأشخاص. والآن، وواضح أنه نتيجة لأثر أوربا، استباح الرسامون العلمانيون التحول عن التقليد الإسلامي، برسم منمنمات يبرز فيها إنسان على أنه الفكرة الرئيسية والتسلسل هنا قلب الطراز الإيطالي رأساً على عقب. ففي الرسم في عهد النهضة أهملت المناظر الطبيعية أول الأمر، ثم أصبحت خلفية ثانوية، (وربما باضمحلال النزعة الفردية في ظل الإصلاح المضاد) طغت على الأشخاص. ولكن في التصوير الإسلامي كانت رسوم الأشخاص مستبعدة أول الأمر، ثم أبيحت على أنها شيء ثانوي عارض، وفي المراحل المتأخرة فقط (ربما بنمو النزعة الفردية نتيجة للثروة) طغت رسوم الأشخاص وبرزت في الرسم. ومثل هذا في "مدرب الياز": رجل عظيم يرتدي ثوباً أخضر يعبث بطائر على معصمه مع خليفة أقل بروزا من زهور ذهبية اللون. وفي "شاعر يجلس في الحديقة تكشف كل التفاصيل عن الرشاقة الفارسية المتميزة، وثمة ابتداع آخر في الرسوم الحائطية، التي رأينا مثالاً لها في "شهيل سوتون". ولكن الأساتذة العظام تخصصوا في زخرفة القرآن الكريم، أو تذهيب الآثار الأدبية القديمة مثل الشاهنامة للفردوسي، أو جولستان لسعدي، التي ذهبها "مولانا حسن" البغدادي بماء الذهب.

وتفوق في الرسم في هذه الفترة الصفوية الثانية، رضا العباسي، الذي أضاف اسم الشاه إلى اسمه تقديراً واعترافاً بالرعاية الملكية. وفاقت شهرته شهرة بهزاد لمدة جيل. وتدهور بعده الفن، فإن حساسية الفن وصفاء الرسم أو دقته، انتهينا إلى إفراط مخنث. وفي نفس الوقت فإن الطراز الفارسي الذي تأثر بالفن الصيني، أثر بدوره في رسم المنمنمات في بلاط المغول، بل حتى في عمارتهم. وذهب حروسيه إلى أن "تاج محل" لم يكن إلا فصلاً جديداً في فن أصفهان.

وظل الخط فنا رئيسياً في فارس. وكاد مير عماد لنسخه الدقيق للمخطوطات القديمة، أن يظفر بمثل الحب الذي حظي به لدى الشاه عباس رضا العباسي من أجل منمنماته. وكانت الكتب موضع إعزازا وحب لشكلها قدر ما هي لمحتوياتها. فالتجليد الرائع يبهج العينين واليدين كما تفعل الزهرية الرقيقة ووقع الفنانون تجليدات الكتب بمثل الفخر الذي وقعوا به الصور، فنقش على جلدة كتاب مذهبة من أوائل القرن السابع عشر، "من صنع محمد صالح التبريزي". وثمة غلاف آخر مصنوع من الورق المعجن، وعليه رسوم "بورنيش الملك"، موقع عليه باسم على الرضا. ومؤرخة في 1713 وكلاهما جميل إلى حد مغر.

السفير الفارسي مهدي قولي بگ أثناء دخوله كراكوڤ لمراسم زواج الملك سيگيسموند الثالث من پولندا في 1605.

إن التربيعات المحلاة بالرسوم في المدن الفارسية لتبهر الأنظار، بعد القباب أو عليها، إن طول عمرها ليثير الدهشة من فن صناعة الخزف، الذي يهيئ طول البقاء لمثل هذا البريق. وإطالة عمر اللون بتزجيجه بالنار كانت من المهارات القديمة في فارس. لقد كانت التربيعات المزججة في سوسة عاصمة دارا الأول ملك الفرس (400 ق.م.) فريدة من نوعها بالفعل. وكانت سبائك الذهب والفضة والنحاس وسائر المعادن تصهر لتخرج ألواناً أكثر لمعاناً، وخاصة الأحمر الياقوتي والأزرق الفيروزي، وكانت مضاعفة الإحراق تزيد من صلابة الصلصال والتزجيج ليقاوم فعل الزمن. ويحتمل أن يكون الأرمن قد استخدموا الخزافين الفرس لصنع التربيعات في كنيستهم المسيحية في جولفا وهي تبلغ في دقتها دقة المنمنمات. وربما كان أجمل منها، التربيعات المحلاة بالرسوم في مجموعة كوركيان، المنسوبة إلى أصفهان في النصف الثاني من القرن السابع عشر.

واستمر الخزافون في أصفهان وكاشان وغيرهما، يبدعون أشكالاً من الخزف-القاني والزيديات والأباريق والأطباق والفناجين، مطلية تحت التزجيج بألوان مختلفة على أرضيات متنوعة. وأصبح الخزف المزخرف الفسيفساء مادة أثيرة لتغطية الجدران في المساجد والقصور. واستورد الشاه عباس الخزف الصيني، وحاول خزافوه أن ينسخوه طبق الأصل، ولكن أعوزتهم الطينة والمهارة. ومرة أخرى بفضل استحثاث الحاكم وتشجيعه بذلت المحاولات في أصفهان وشيراز لمنافسة زجاج البندقية. وتفوق صناع الأشغال المعدنية في نقش النحاس وتطعيمه، وثمة نموذج جميل منها يرجع إلى 1579 شمعدان موجود في متحف متروبوليتان للفن، وفي الارمتياج في لنين‌گراد غمد سيف من الذهب مرصع بقطع كبيرة من الزمرد دقيقة الصنع.

وكانت صناعة النسيج صناعة رئيسية وفناً. وشغل الرسامون والنساجون والصباغون حيزا كبيراً في أصفهان. وكانوا يعدون بالآلاف. وكان إنتاجهم هو السلعة الرئيسية في تجارة الصادرات. كما أنه أكسب فارس شهرة عالمية في أقمشة الأطلس والمخمل والتفتة والمطرزات والحرائر. وكان الشاه عباس كلما أراد أن يقدم هدية خاصة ثمينة، اختار بعض التحف من إنتاج الأنوال الفارسية. ويقول شاردان "أن الثياب التي أهداها بهذه الطريقة لا حصر لها" والثياب التي يرتديها الشاه ورجال حاشيته من الحرير والأقمشة المقصبة والمطرزة كانت رائعة الجمال إلى حد ذهب معه شاردان إلى أنها لا مثيل لها في ملابس أي بلاط في أوربا. وكتب يقول "إن فن الصباغة أدخل عليه في فارس تحسين أكثر منه في أوربا، فكانت الألوان أكثر ثباتاً ولمعاناً، ولا تحول بسرعة". ولم يكن لمخمل كاشان نظير في أي مكان آخر. ولا تزال بعض قطع منه من أروع المعروضات في متاحف بوسطن ونيويورك وسان فرانسيسكو وواشنطن. ومن بين التحف التي استولت عليها القوات المسيحية بعد ارتداد الأتراك عن فيينا بساط من المخمل الحريري المقصب، من الواضح أنه صنع في أصفهان في عهد الشاه عباس.

وبلغ النسيج الفارسي ذروته في التصميم وصنع الجلد، وشهد عصر الشاه عباس غاية مجد هذا الفن في فارس. وكاد السجاد أن يكون ضرورياً للفارسي قدر حاجته إلى الملابس، وقال توماس هربرت في القرن السابع عشر: "كان في بيوت الفرس قليل من الأثاث والأدوات المنزلية، اللهم إلا السجاجيد وبعض أشغال النحاس... وكانوا يتناولون الطعام وهم متربعون على السجاد على الأرض، مثل حائكي الملابس. وليس ثمة إنسان مهما قل شأنه إلا جلس على سجادة ثمينة أو غير ثمينة. وكل الدار أو الحجرة...مغطاة بالسجاد(55) وساد آنذاك اللون القرمزي القاتم أو الأحمر الخمري الداكن، ولكن التصميم أو الرسم كان هادئاً مريحاً للنظر، بغية إحداث التوازن بين هذه الوفرة التي تزخر بها السجادة، ولو أنها صممت لإبراز موضوع رئيسي بمنطق مقبول. وقد يكون هذا التصميم هندسياً، وهنا تكون متنوعات لا حصر لها، تضفي على إقليدس جمالاً وبهاء. وكثيراً ما قام التصميم على الأزهار، وهنا تستمتع العين بتشكيلة غنية من الأزهار، ولكنها منسقة تنسيقاً جميلاً، تمثل النتاج المحبب إلى الناس في حدائقهم: أزهار مصفوفة في أصص، أو منثورة هنا وهناك، أو أزهار يصورها الخيال ولا تراها العين، مع زخارف عربية تنساب هنا وهناك في رشاقة وروية. وفي بعض الأحيان كانت الحديقة نفسها تزود بالتصميم: الأشجار والشجيرات والمزاهر، والمياه الجارية، رتبت كلها في شكل هندسي، وقد يتركز التصميم حول رسم كبير نافر تتدلى منه نتوءات في كل الأطراف، وقد يعرض الزخارف الحيوانية أو مناظر الصيد.

ويأتي بعد ذلك الجهد المضني والصبر الطويل: مد الخيوط طولاً في اللحمة على النوال ونسجها مع خيوط السداة العرضية، وحياكة عقد صغيرة من الصوف أو الحرير الملون في اللحمة، لتلوين "الوبر" والرسم، وقد يكون في البوصة المربعة 1200 عقدة، أو 90 مليوناً من العقد في سجادة مساحتها 23 قدماً مربعاً. ويبدو أن العبودية قد نسجت هذا الفن أو ارتبطت به، ولكن العامل كان يتيه عجباً بدقة وجمال ما أخرجت يداه، محولاً هذه التشكيلة العجيبة من المواد إلى كل منتظم متناسق متسلسل الأجزاء. وكان هذا السجاد يصنع في اثني عشر مركزاً في فارس وأفغانستان والقوقاز ليضفي رواء وبهاء على القصور والمساجد والبيوت، أو ليقدم هدايا ثمينة إلى الملوك والأصدقاء.

ومر السجاد الفارسي والتذهيب الفارسي بتطورات مشابهة في القرنين السادس عشر والسابع عشر، وتأثراً "بأشرطة السحاب" وغيرها من الرسوم من الصين. وكان لهما بدورهما أثر على الفنون في تركيا والهند. وبلغا ذروة التفوق والامتياز على عهد الصفويين وما أن جاء عام 1790 حتى أنتج السجاد الفارسي على أساس الكم، فتسرعوا في تصميمه ونسجه لسوق أوسع وأقل إلحاحاً على البراعة والإتقان، وبخاصة السوق الأوربية. ومهما يكن من أمر، فإنه حتى في هذه الحقبة، كانت هناك قطع نادرة فريدة، لا نظير لها من حيث النسيج واللون والرسم في أي مكان آخر في العالم.

وهكذا كانت فارس، وهكذا كان الإسلام في آخر ازدهار لسلطانهما وفنهما-حضارة تختلف اختلافاً عميقاً عن حضارتنا في الغرب، وفي بعض الأحيان معادية عداء مقروناً بالازدراء، تدمغنا بأننا مشركون ماديون، وتسخر من أخذنا بنظام الزوجة الواحدة وهو أشبه ما يكون بنظام الأمومة، وأحياناً انقضت علينا تقتحم أبوابنا كالسيل الجارف، وما كان ينتظر منا أن نتفهمها أو نعجب بفنها حين كان الجدل شديداً بين المسلم والمسيحي، ولم يكن قد ثار بعد بين دارون والمسيح، ولم تنته المنافسة بين الثقافتين بعد، ولكنها في الكثير الغالب توقفت عن سفك الدماء، ولكل منهما مطلق الحرية في الامتزاج بالأخرى عن طريق التأثير المتبادل، فالشرق يأخذ عنا صناعاتنا وأسلحتنا، ويصبح غربياً. ولقي الغرب نصباً من الثراء والحرب، وبات يلتمس شيئاً من هدوء البال وطمأنينة النفس. وربما ساعدنا نحن الشرق على التخفيف من الفقر والخرافة، وأعننا الشرق على التواضع في الفلسفة والتهذيب في الفنون. فالشرق غرب، والغرب شرق، ولا بد عاجلاً أن يلتقي الاثنان.


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

المصادر

ديورانت, ول; ديورانت, أرييل. قصة الحضارة. ترجمة بقيادة زكي نجيب محمود.

المراجع والهوامش

  1. ^ *Afšār, ta·līf-i Iskandar Baig Turkmān. Zīr-i naẓar bā tanẓīm-i fihristhā wa muqaddama-i Īraǧ (2003). Tārīkh-i ʻʻālamārā-yi ʻʻAbbāsī (in الفارسية) (Čāp-i 3. ed.). Tihrān: Mu·assasa-i Intišārāt-i Amīr Kabīr. pp. 17, 18, 19, 79. ISBN 978-964-00-0818-8.
    • p. 17: dudmān-i safavīa
    • p. 18: khāndān-i safavīa
    • p. 19: sīlsīla-i safavīa
    • p. 79: sīlsīla-i alīa-i safavīa
  2. ^ أ ب ت Matthee, Rudi (13 June 2017) [28 July 2008]. "SAFAVID DYNASTY". Encyclopædia Iranica. New York: Columbia University. doi:10.1163/2330-4804_EIRO_COM_509. ISSN 2330-4804. Archived from the original on 25 May 2022. Retrieved 23 June 2022.
  3. ^ Streusand, Douglas E., Islamic Gunpowder Empires: Ottomans, Safavids, and Mughals (Boulder, Col : Westview Press, 2011) ("Streusand"), p. 135.
  4. ^ أ ب ت Savory, Roger (2012) [1995]. "Ṣafawids". In Bosworth, C. E.; van Donzel, E. J.; Heinrichs, W. P.; Lewis, B.; Pellat, Ch.; Schacht, J. (eds.). Encyclopaedia of Islam, Second Edition. Vol. 8. Leiden and Boston: Brill Publishers. doi:10.1163/1573-3912_islam_COM_0964. ISBN 978-90-04-16121-4.
  5. ^ Baltacıoğlu-Brammer, Ayşe (2021). "The emergence of the Safavids as a mystical order and their subsequent rise to power in the fourteenth and fifteenth centuries". In Matthee, Rudi (ed.). The Safavid World. Routledge Worlds (1st ed.). New York and London: Routledge. pp. 15–36. doi:10.4324/9781003170822. ISBN 978-1-003-17082-2. S2CID 236371308.
  6. ^
    • Matthee, Rudi. (2005). The Pursuit of Pleasure: Drugs and Stimulants in Iranian History, 1500-1900. Princeton University Press. p. 18; "The Safavids, as Iranians of Kurdish ancestry and of nontribal background (...)".
    • Savory, Roger. (2008). "EBN BAZZĀZ". Encyclopaedia Iranica, Vol. VIII, Fasc. 1. p. 8. "This official version contains textual changes designed to obscure the Kurdish origins of the Safavid family and to vindicate their claim to descent from the Imams."
    • Amoretti, Biancamaria Scarcia; Matthee, Rudi. (2009). "Ṣafavid Dynasty". In Esposito, John L. (ed.) The Oxford Encyclopedia of the Islamic World. Oxford University Press. "Of Kurdish ancestry, the Ṣafavids started as a Sunnī mystical order (...)"
  7. ^
    • Roemer, H. R. (1986). "The Safavid Period" in Jackson, Peter; Lockhart, Laurence. The Cambridge History of Iran, Vol. 6: The Timurid and Safavid Periods. Cambridge University Press. pp. 214, 229
    • Blow, David (2009). Shah Abbas: The Ruthless King Who Became an Iranian Legend. I.B.Tauris. p. 3
    • Savory, Roger M.; Karamustafa, Ahmet T. (1998) "ESMĀʿĪL I ṢAFAWĪ". Encyclopaedia Iranica Vol. VIII, Fasc. 6, pp. 628-636
    • Ghereghlou, Kioumars (2016). "ḤAYDAR ṢAFAVI". Encyclopaedia Iranica
  8. ^ Aptin Khanbaghi (2006) The Fire, the Star and the Cross: Minority Religions in Medieval and Early. London & New York. IB Tauris. ISBN 1-84511-056-0, pp. 130–1
  9. ^ أ ب Yarshater 2001, p. 493.
  10. ^ أ ب Khanbaghi 2006, p. 130.
  11. ^ Anthony Bryer. "Greeks and Türkmens: The Pontic Exception", Dumbarton Oaks Papers, Vol. 29 (1975), Appendix II "Genealogy of the Muslim Marriages of the Princesses of Trebizond"
  12. ^ قالب:Iranica, "The origins of the Safavids are clouded in obscurity. They may have been of Kurdish origin (see R. Savory, Iran Under the Safavids, 1980, p. 2; R. Matthee, "Safavid Dynasty" at iranica.com), but for all practical purposes they were Turkish-speaking and Turkified."
  13. ^ "Why is there such confusion about the origins of this important dynasty, which reasserted Iranian identity and established an independent Iranian state after eight and a half centuries of rule by foreign dynasties?" RM Savory, Iran Under the Safavids (Cambridge University Press, Cambridge, 1980), p. 3.
  14. ^ Alireza Shapur Shahbazi (2005), "The History of the Idea of Iran", in Vesta Curtis ed., Birth of the Persian Empire, IB Tauris, London, p. 108: "Similarly the collapse of Sassanian Eranshahr in AD 650 did not end Iranians' national idea. The name "Iran" disappeared from official records of the Saffarids, Samanids, Buyids, Saljuqs and their successor. But one unofficially used the name Iran, Eranshahr, and similar national designations, particularly Mamalek-e Iran or "Iranian lands", which exactly translated the old Avestan term Ariyanam Daihunam. On the other hand, when the Safavids (not Reza Shah, as is popularly assumed) revived a national state officially known as Iran, bureaucratic usage in the Ottoman empire and even Iran itself could still refer to it by other descriptive and traditional appellations".
  15. ^ In the pre-Safavid written work Safvat as-Safa (oldest manuscripts from 1485 and 1491), the origin of the Safavids is tracted to Piruz Shah Zarin Kolah who is called a Kurd from Sanjan, while in the post-Safavid manuscripts, this portion has been excised and Piruz Shah Zarin Kollah is made a descendant of the Imams. R Savory, "Ebn Bazzaz" in Encyclopædia Iranica). In the Silsilat an-nasab-i Safawiya (composed during the reign of Shah Suleiman, 1667–94), by Hussayn ibn Abdal Zahedi, the ancestry of the Safavid was purported to be tracing back to Hijaz and the first Shiʻi Imam as follows: Shaykh Safi al-din Abul Fatah Eshaq ibn (son of) Shaykh Amin al-Din Jabrail ibn Qutb al-din ibn Salih ibn Muhammad al-Hafez ibn Awad ibn Firuz Shah Zarin Kulah ibn Majd ibn Sharafshah ibn Muhammad ibn Hasan ibn Seyyed Muhammad ibn Ibrahim ibn Seyyed Ja'afar ibn Seyyed Muhammad ibn Seyyed Isma'il ibn Seyyed Muhammad ibn Seyyed Ahmad 'Arabi ibn Seyyed Qasim ibn Seyyed Abul Qasim Hamzah ibn Musa al-Kazim ibn Ja'far As-Sadiq ibn Muhammad al-Baqir ibn Imam Zayn ul-'Abedin ibn Hussein ibn Ali ibn Abi Taleb Alayha as-Salam. There are differences between this and the oldest manuscript of Safwat as-Safa. Seyyeds have been added from Piruz Shah Zarin Kulah up to the first Shiʻi Imam and the nisba "Al-Kurdi" has been excised. The title/name "Abu Bakr" (also the name of the first Caliph and highly regarded by Sunnis) is deleted from Qutb ad-Din's name. ُSource: Husayn ibn Abdāl Zāhedī, 17th cent. Silsilat al-nasab-i Safavīyah, nasabnāmah-'i pādishāhān bā ʻuzmat-i Safavī, ta'līf-i Shaykh Husayn pisar-i Shaykh Abdāl Pīrzādah Zāhedī dar 'ahd-i Shāh-i Sulaymnān-i Safavī. Berlīn, Chāpkhānah-'i Īrānshahr, 1343 (1924), 116 pp. Original Persian: شیخ صفی الدین ابو الفتح اسحق ابن شیخ امین الدین جبرائیل بن قطب الدین ابن صالح ابن محمد الحافظ ابن عوض ابن فیروزشاه زرین کلاه ابن محمد ابن شرفشاه ابن محمد ابن حسن ابن سید محمد ابن ابراهیم ابن سید جعفر بن سید محمد ابن سید اسمعیل بن سید محمد بن سید احمد اعرابی بن سید قاسم بن سید ابو القاسم حمزه بن موسی الکاظم ابن جعفر الصادق ابن محمد الباقر ابن امام زین العابدین بن حسین ابن علی ابن ابی طالب علیه السلام.
  16. ^ R.M. Savory, "Safavid Persia" in: Ann Katherine Swynford Lambton, Peter Malcolm Holt, Bernard Lewis, The Cambridge History of Islam, Cambridge University Press, 1977. p. 394: "They (Safavids after the establishment of the Safavid state) fabricated evidence to prove that the Safavids were Sayyids."
  17. ^ RM Savory. Ebn Bazzaz. Encyclopædia Iranica
  18. ^ F. Daftary, "Intellectual Traditions in Islam", I.B. Tauris, 2001. p. 147: "But the origins of the family of Shaykh Safi al-Din go back not to Hijaz but to Kurdistan, from where, seven generations before him, Firuz Shah Zarin-kulah had migrated to Adharbayjan"
  19. ^ Tamara Sonn. A Brief History of Islam, Blackwell Publishing, 2004, p. 83, ISBN 1-4051-0900-9
  20. ^ É. Á. Csató, B. Isaksson, C Jahani. Linguistic Convergence and Areal Diffusion: Case Studies from Iranian, Semitic and Turkic, Routledge, 2004, p. 228, ISBN 0-415-30804-6.
  21. ^ Minorsky, V (2009). "Adgharbaydjan (Azarbaydjan)". In Berman, P; Bianquis, Th; Bosworth, CE; van Donzel, E; Henrichs, WP (eds.). Encyclopedia of Islam (2nd ed.). NL: Brill. Archived from the original on 2012-07-28. After 907/1502, Adharbayjan became the chief bulwark and rallying ground of the Safawids, themselves natives of Ardabil and originally speaking the local Iranian dialect
  22. ^ Roger M. Savory. "Safavids" in Peter Burke, Irfan Habib, Halil İnalcık: History of Humanity-Scientific and Cultural Development: From the Sixteenth to the Eighteenth Century, Taylor & Francis. 1999, p. 259.
  23. ^ قالب:Iranica, "The origins of the Safavids are clouded in obscurity. They may have been of Kurdish origin (see R. Savory, Iran Under the Safavids, 1980, p. 2; R. Matthee, "Safavid Dynasty" at iranica.com), but for all practical purposes they were Turkish-speaking and Turkified."
  24. ^ John L. Esposito, The Oxford History of Islam, Oxford University Press US, 1999. pp 364: "To support their legitimacy, the Safavid dynasty of Iran (1501–1732) devoted a cultural policy to establish their regime as the reconstruction of the historic Iranian monarchy. To the end, they commissioned elaborate copies of the Shahnameh, the Iranian national epic, such as this one made for Tahmasp in the 1520s."
  25. ^ Ira Marvin Lapidus, A history of Islamic Societies, Cambridge University Press, 2002, 2nd ed., p. 445: To bolster the prestige of the state, the Safavid dynasty sponsored an Iran-Islamic style of culture concentrating on court poetry, painting, and monumental architecture that symbolized not only the Islamic credentials of the state but also the glory of the ancient Persian traditions."
  26. ^ Colin P. Mitchell, "Ṭahmāsp I" in Encyclopædia Iranica. "Shah Ṭahmāsp's own brother, Sām Mirzā, wrote the Taḏkera-yetoḥfa-ye sāmi, in which he mentioned 700 poets during the reigns of the first two Safavid rulers. Sām Mirzā himself was an ardent poet, writing 8,000 verses and a Šāh-nāma dedicated to his brother, Ṭahmāsp (see Sām Mirzā, ed. Homāyun-Farroḵ, 1969)."
  27. ^ See: Willem Floor, Hasan Javadi (2009), The Heavenly Rose-Garden: A History of Shirvan & Daghestan by Abbas Qoli Aqa Bakikhanov, Mage Publishers, 2009. (see Sections on Safavids quoting poems of Shah Tahmasp I)
  28. ^ Kathryn Babayan, Mystics, Monarchs and Messiahs: Cultural Landscapes of Early Modern Iran, Cambridge, Massachusetts; London : Harvard University Press, 2002. p. 143: "It is true that during their revolutionary phase (1447–1501), Safavi guides had played on their descent from the family of the Prophet. The hagiography of the founder of the Safavi order, Shaykh Safi al-Din Safvat al-Safa written by Ibn Bazzaz in 1350-was tampered with during this very phase. An initial stage of revisions saw the transformation of Safavi identity as Sunni Kurds into Arab blood descendants of Muhammad."
  29. ^ From Maternal side: Chatrina daughter of Theodora daughter of John IV of Trebizond son of Alexios IV of Trebizond son of Manuel III of Trebizond son of Alexios III of Trebizond son of Irene Palaiologina of Trebizond. From Paternal side: Shaykh Haydar son of Khadijeh Khatoon daughter of Ali Beyg son of Qara Yuluk Osman son of Maria daughter of Irene Palaiologina of Trebizond.
  30. ^ الشیخ صفی الدین ابو الفتح اسحق ابن شیخ امین الدین جبرائیل بن قطب الدین ابن صالح ابن محمد الحافظ ابن عوض ابن فیروز شاه زرین کلاه ابن محمد ابن شرفشاه ابن محمد ابن حسن ابن سید محمد ابن ابراهیم ابن سید جعفر بن سید محمد ابن سید اسمعیل بن سید محمد بن سید احمد اعرابی بن سید قاسم بن سید ابو القاسم حمزه بن موسی الکاظم ابن جعفر الصادق ابن محمد الباقر ابن امام زین العابدین بن حسین ابن علی ابن ابی طالب علیه السلام.

أدب

  • Persian Historiography and Geography: Bertold Spuler on Major Works Produced in Iran, the Caucasus, Central Asia, India and Early Ottoman Turkey, M. Ismail Marcinkowski, Singapore: Pustaka Nasional, 2003, ISBN 9971-77-488-7.
  • Mirza Rafi‘a's Dastur al-Muluk: A Manual of Later Safavid Administration. Annotated English Translation, Comments on the Offices and Services, and Facsimile of the Unique Persian Manuscript, M. Ismail Marcinkowski, Kuala Lumpur, ISTAC, 2002, ISBN 983-9379-26-7.
  • From Isfahan to Ayutthaya: Contacts between Iran and Siam in the 17th Century, M. Ismail Marcinkowski, Singapore, Pustaka Nasional, 2005, ISBN 9971-77-491-7.
  • Adam Olearius, "The Voyages and Travels of the Ambassadors", Translated by John Davies (1662), (excerpts)

وصلات خارجية