8 أكتوبر في حرب أكتوبر

"يوميات حرب أكتوبر"
سبت أحد إثنين ثلاثاء أربعاء خميس جمعة
4 5 6 7 8 9 10
11 12 13 14 15 16 17
18 19 20 21 22 23 24
25 26 27 28


8 أكتوبر، هو ثالث أيام حرب أكتوبر 1973.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

الأحداث

خطة الهجوم المضاد الإسرائلية

داڤيد إلعازر

الساعة الرابعة مساء يوم 7 أكتوبر 1973، قام الجنرال داڤيد إلعازر بعرض خطة هجوم يوم 8 أكتوبر 1973 على كل من جولدا مائير رئيسة الوزراء وموشي ديان وزير الدفاع. كان ألعازر يركز على القيام بالهجوم المضاد ضد القوات المصرية شرقي القناة في صباح يوم 8 أكتوبر 1973، بواسطة مجموعتي الجنرال أدان والجنرال شارون، لتدمير القوات المصرية شرق القناة، ثم العبور إلى الضفة الغربية لقناة السويس. وأكد ألعازر على أن هذه العملية تتصف بالمخاطرة الكبيرة. في نفس الوقت لم يوافق ألعازر، على فكرة ديان، باحتلال خط دفاعي جديد في العمق، أمام الجبهة المصرية. خاصة بعد أن توجه إلى سيناء وشاهد الموقف على الطبيعة، حيث يمكنه التأكيد على إمكانية نجاح الهجوم المضاد. وشرح ألعازر فكره الخطة وتفاصيلها، واستطاع إقناع الحاضرين بها.

رئيسة وزراء اسرائيل في ذلك الوقت گولدا مئير ووزير الدفاع موشى ديان في الموقع يقومون باستطلاع الجانب المصرى من نقطة المراقبة الخاصة بالموقع.

قبل انتهاء مساء يوم 7 أكتوبر 1973، قام الجنرالان أڤراهام أدان وماجن، بالاستطلاع بطائرة خفيفة، في المنطقة بين بالوظة (على المحور الشمالي) ورفيديم في المليز على المحور الأوسط، ثم توجها إلى قيادة الجبهة. وفي الساعة السابعة إلا ربعاً حضر الجنرال ألعازر رئيس الأركان، وتوجه الجميع إلى مركز قيادة الجنرال جونين، قائد الجبهة الجنوبية، حيث كان قد سبقهم كل من إسحاق رابين "رئيس الأركان السابق" والجنرال جونين قائد الجبهة الجنوبية، ونائبه الجنرال أوري بن آري والجنرال ماندلر قائد الوحدات المدرعة المدافعة عن سيناء منذ بدء الحرب. كان الجميع يعلمون أن جيش الدفاع الإسرائيلي قد واجه 24 ساعة صعبة للغاية.

اللواء أڤراهام أدان، قائد الفرقة 162.

وجه رئيس الأركان سؤاله إلى الجنرال آدان Adan "المعروف باسم برن Bern"، عن الموقف في قطاعه! وبدأ أدان في شرح الموقف بشكل عام على الجبهة وبصفة خاصة في القطاع المحدد له، وكذا موقف تحركات وحداته التي تتقدم من العريش تجاه القنطرة. وشرح آدن المعركة التي دارت بين وحداته والكوماندو المصريين، والتي أوقعته في الكمائن بالقرب من بالوظة (منطقة رمانة Romani) حسب الأسماء العبرية، كما قص ما عرفه من بعض القادة مثل "الوش" و "كلمان" و "جابي"، حول الأحداث التي دارت على الجبهة قبل وصوله.

أعطى آدن أمثله عن تحسن المستوى القتالي للجنود المصريين، وكيف استطاع أفراد الكوماندو إغلاق الطريق بين العريش والقنطرة، باستخدام النيران المؤثرة ضد قواته بالرغم من شن الهجوم ضدهم وقتل العديد منهم.

ثم اتجه ألعازر بالسؤال إلى جونين، لماذا لم يحضر شارون حتى الآن هذا الاجتماع ؟ ورد جونين قائلاً: لقد بلغت شارون بالحضور ولكن يبدو أن هناك سوء فهم، وأنه سيصل متأخراً.

لم يكن الجنرال شارون قد وصل بعد، رغم ذلك فقد بدأ جونين يلخص الموقف على الجبهة المصرية، وكيف تحملت قواته العديد من الخسائر في الرجال والدبابات والطائرات بالقول: "والآن بعد اقتراب الاحتياطيات من الخطوط الأمامية، فأننا سنلقي الضوء على الخطوات القادمة التي سنقوم باتخاذها. لقد وردت معلومات الاستطلاع بأن المصريين لديهم 12 كوبري، منتشرين على طول القناة، كما تتمركز له خمس فرق مشاة كاملة شرق القناة، وتم عبور مئات من الدبابات على طول مواجهة القناة. تتركز الدبابات المصرية في ثلاثة مناطق رئيسية، الأولى في منطقة القنطرة بالقطاع الشمالي، والثانية في منطقة الفرادن بالقطاع الأوسط، والثالثة في اتجاه ممر متلا بالقطاع الجنوبي، ولكن لم يتضح اتجاه المجهود الرئيسي لهم بعد.

بدأ جونين يستعرض الخطة لتدمير المصريين في الشرق، والتي تتلخص في قيام قوات آدن بالهجوم في جنوب القنطرة وقوات شارون بالهجوم بالقرب من مدينة السويس، أما قوات ماندلر فستبقى كاحتياطي لمراقبة تطورات الموقف، وفي مرحلة تالية يتم تركيز الهجوم في قطاع ضيق بالجـزء الجنوبي من الجبهة والعبور إلى الضفة الغربية بقوة مجموعتي عمليات.

عندما جاء دور الجنرال آدن أوضح رأيه في الخطة، إذ كان يرى عدم إمكان عبور أو حتى الاقتراب من القناة في هذه المرحلة. بل أن محاولة تخليص الجنود في النقط الحصينة المحاصرة سيكلفه الكثير من القوات، وربما يفشل في النهاية، كانت قوات آدن لم تكتمل بعد ففي فجر يوم 8 أكتوبر 1973 سوف يكون قد اكتمل له نحو 200 دبابة، أما الباقي فسيصل في منتصف اليوم، كذلك لم يكن متوفراً لديه مدفعية كافية، إذ كان لديه عشر قطع مدفعية فقط، أمّا باقي وحدات المدفعية، فلن تصل إلاّ في منتصف أو نهاية اليوم، علاوة على أن أحد الألوية المدرعة (وهو لواء أرييه) فما زال متحركاً، ولن يصل قبل ظهر يوم 8 أكتوبر 1973. اقترح آدن الاقتصار على هجوم مضاد محدود، لاستعادة المبادرة من المصريين، وهو ما يوقف تطوير المصريين لهجومهم شرقاً مؤقتاً، وتدمير أي قوة مدرعة مصرية تحاول اختراق عمق الدفاعات الإسرائيلية. أما العبور للغرب فمن الممكن أن يتم في النصف الثاني من يوم 8 أو في يوم 9.

لخص الجنرال ألعازر الموقف النهائي كآلاتي: في الغد "أي يوم 8 أكتوبر " من الممكن شن هجوم مضاد محدود وتدريجياً، من القنطرة في اتجاه الجنوب بواسطة مجموعة عمليات آدن، أما مجموعة عمليات شارون، فستكون مهمتها الأساسية خلال النصف الأول من اليوم هو العمل كاحتياطي لقوات آدن، من أجل احتواء القوات المصرية. تستمر مجموعة عمليات ماندلر في الدفاع لتثبيت القطاع الجنوبي من الجبهة. وفي النصف الثاني من اليوم يهاجم شارون من القطاع الأوسط والاتجاه جنوباً بمحاذاة القناة، وخلال هذه المرحلة يستمر ماندلر باحتواء وتثبيت القوات المصرية والعمل كاحتياطي عام. أكد الجنرال ألعازر أن هذه الهجمات سوف تنفذ بمعاونة مكثفة من المدفعية ومن الطيران، كما يجب أن تتم هذه الهجمات بعيداً عن مناطق تأثير حشود المشاة المصرية المدعمة بالأعداد الكبيرة من الصواريخ والأسلحة والمضادة للدبابات، وكذلك بعيداً عن المصاطب الموجودة في غرب القناة، والتي تطلق منها الدبابات والأسلحة المضادة للدبابات، نيرانها على أجناب القوات الإسرائيلية.

تعديل الخطة

كانت مجموعة عمليات الجنرال أڤراهام أدان مكونة من ثلاثة ألوية مدرعة" بها 200 دبابة، ويقودها ثلاثة من أكفأ قادة المدرعات في إسرائيل. خطط آدن للهجوم على نسق واحد وإذ يهاجم بلوائي ناتك وجابى ويحتفظ بلواء "آرييه" في الاحتياط. كان اتجاه الهجوم من الشمال إلى الجنوب، في القطاع من جنوب القنطرة إلى الفردان والدفرزوار شرق، في خط موازى للقناة للداخل عنها بمسافة 3 كم، على أن يتحرك لواء آرييه على الطريقين الموصلين من الطريق العرضي رقم 3 إلى القناة وهما طريقا مآديم Maadim وسبونتانى Spontani خلف لوائى ناتك وجابى. والذين سيتقدما بالوثبات[1].

وفي الساعة الرابعة صباح يوم 8 أكتوبر 1973 بدأ تحرك لوائي ناتك Natke وجابى Gabi في اتجاه الغرب أما لواء آرييه Arieh فلم يكن قد وصل بعد، حيث لازال متحركا على الطريق من العريش إلى رمانه، حيث يتجه منها جنوباً ليصل إلى المحاور المحددة له (طريقي مآديم، وسبونتاني). (اُنظر شكل خطة الهجوم الإسرائيلي)

لم تشمل الخطة التي حددها رئيس الأركان، موضوع العبور غرب القناة، ولكن ركزت على الهجوم على رؤوس كباري القوات المصرية من أجل تدميرها، وعلى أهمية الابتعاد عن القناة، لعدم التعرض للخسائر[2]. أما العبور غرباً، فكان من المفترض أن تصدر به تعليمات لاحقاً، عندما يتم تدمير القوات المصرية في الشرق، أو بظهور بوادر النجاح في ذلك، وهو ما قصده رئيس الأركان، عندما سأشار إلى ذلك الجزء من الخطة في شرحه، وحتى يرفع من معنويات قادة المجموعات، والذي كان يعرف عنهم العنف البالغ في القتال، منذ حربي 56، 67.

شملت تعليمات الجنرال جونين إلى قادة المجموعات، بعض التعديلات، التي لم يأت ذكرها من قبل في تعليمات رئيس الأركان، خلال مؤتمر يوم 7 أكتوبر 1973. كما أن هذه التعليمات لم تتضمن عناصر عديدة معتادة لتأمين قوات الهجوم المضاد، منها على سبيل المثال: تعليمات التعاون ـ والجدول الزمني لتنفيذ المعاونات من المدفعية والطيران، الكلمات الرمزية لتنفيذ مراحل العمليات، وتحديد مهمة كل قوة بالتفصيل. كما كان من الواضح أن التعليمات صدرت عامة وغير كاملة بل أن هذه التعليمات لم تصل إلى بعض المشاركين في الخطة.

كانت تعليمات رئيس الأركان تؤكد على القيام بهجمات محدودة والبعد عن القناة، وبدلاً منها أكد الجـنرال جونين في تعليماته على مسح المنطقة بين الطريق العرض رقم 2 (طريق المدفعية) والضفة الشرقية للقـناة، وهزيمة وتدمير القوات المصرية الموجودة في هذه المنطقة، والاتصال بالقوات الإسرائيلية التي لازالت داخل النقط القوية الحصينة على القناة، ونجدتها مع الاستعداد للعبور إلى الضفة الغربية للقناة. وهي مراحل لم يكن رئيس الأركان قد أمر بها، بل على العكس، قد حذر من بعضها، خاصة الاقتراب من القناة، أو التورط في عمليات تطهير.

وفي الساعة الثامنة صباح يوم 8 أكتوبر 1973، كان المتيسر من الدبابات في المجموعات الثلاث لا يزيد عن 530 دبابة، منها 200 دبابة في مجموعة أدان، و180 دبابة في مجموعة شارون، أما مجموعة ماندلر فأصبحت تضم 150 دبابة، بعد استعواض نسبة من خسائرها. وكانت هذه الأعداد في رأى الجنرال جونين، كافية للقيام بالهجوم المضاد.

كان الموقف الحقيقي مختلف كلية[3]. إلا أن القادة استمروا في الاستعداد لتنفيذ الهجوم المضاد يوم 8 أكتوبر 1973. كان من الواضح أن هناك سوء فهم لدى القيادات المختلفة بجيش الدفاع الإسرائيلي. فلم تكن هناك لغة مشتركة بين رئاسة الأركان وقيادة الجبهة الجنوبية، وبالتأكيد لم تكن هناك أيضا لغة مشتركة بين قيادة الجبهة الجنوبية وبين قادة القوات التي تخوض الحرب تحت قيادتها.

بدء القتال يوم 8 أكتوبر 1973

في أول ضوء يوم 8 أكتوبر 1973، بدأ الطيران الإسرائيلي في مهاجمة القوات المصرية في قطاع الهجوم المضاد، ولسوء الحظ قاموا أيضا بمهاجمة لواء "ناتك". كما أبلغ ناتك في تقريره أنه شاهد الدبابات المصرية على مسافة كيلومترين إلى الغرب من قواته.

وفي الساعة السابعة صباحاً، قرر الجنرال آدن تحريك لواء آرييه الذي يعمل كاحتياطي، والذي وصل منه حتى ذلك الوقت اثنان وستون دبابة، على الطريق العرضي المسمى طريق المدفعية Arty Road، من خلال محورين. أما لوائي النسق الأول وهما لواءا ناتك وجابى فقد تقدما بعيدا إلى الغرب، نحو طريقي "هازيزيت"، و"ليكسيكون"[4]، وبدأت الوحدات تتعرض لنيران المدفعية المصرية المعادية، وفي نفس الوقت بدأت طائرات الميج في مهاجمة قوات "ناتك".

وفي الساعة السابعة وثلاثة وخمسون دقيقة صدرت الأوامر للهجوم، من الشمال إلى الجنوب، ولكن لسوء الحظ كانت وحدات ناتك قد اصطدمت مع القوات المصرية في القنطرة شرق، وكان من الصعب تخلصه من القتال. تعدلت الخطة، ليقوم لواءا جابي وآرييه بالهجوم جنوبا في اتجاه البحيرات المرة، تجاه النقط القوية في شمال البحيرات (ميزاميد Matzmed) يتحرك جابي في القطاع الغربي في منطقة التلال الواقعة بين طريق المدفعية وطريق ليكسيكون Lexicon. أما آرييه فيتحرك شرق جابى. كما صدرت التعليمات إلى "ناتك" للبقاء كما هو في مواجهة القنطرة، على أن يكون مستعداً، وبأوامر، للتقدم جنوباً خلف لوائي النسق الأول، للعمل كاحتياطي وصدرت التعليمات إلى جابى للعمل على تحقيق الاتصال بالنقط القوية "هيزايون Hizayon" و "بـركان Purkan"[5] شمال الإسماعيلية شرق.

بعد عشر دقائق من إعطاء الجنرال جونين أمر الهجوم، أبلغ الجنرال آدان أن وحداته تتعرض لقصف مدفعية مركز، ولنيران وحدات اقتناص الدبابات من الكوماندو المصرية، وطلب من الجنرال جونين تقديم المعاونة له بنيران المدفعية والطيران. وحتى تتجنب القوات الخسائر الكبيرة أصدر جونين أوامره بعدم الاقتراب من القناة مضطراً.

وبدأ لوائي نسق أول في التقدم تحت تأثير نيران المدفعية، وفي الساعة التاسعة وصل لواء جابى بالقرب من هافراجا Havraga"[6]. تلك المنطقة التي أصبحت في الساعات التالية ساحة المعركة الرئيسية في يوم 8 أكتوبر 1973. أمّا الجنرال آدن "فقد اتخذ منطقة "زراكور Zrakor"[7] مركزاً للملاحظة له، لمراقبة سير القتال.

أبلغ ناتك Natke بتقدمه غرباً على المحور المؤدى إلى الفردان وتمكن قواته من تدمير 7 دبابات مصرية، كما قام بقصف المنطقة التي يمكن فيها أطقم المقذوفات الموجهة المضادة للدبابات، وأصبح جاهزا الآن للتقدم تجاه الجنوب. (اُنظر شكل هجوم مجموعة عمليات آدن)

أما جابى Gabi فقد أبلغ قائد المجموعة، أن قواته قتلت بعض المصريين، وأسرت البعض الآخر، وأنه تقدم بنجاح على طريقي أروف Arov، وهى الوصلة المتجهة إلى جنوب البلاح، وهفيفا Haviva وهى الوصلة المؤدية إلى الفردان.

في الساعة التاسعة والربع، طلب قائد الجبهة الجنوبية، تقرير عن الموقف من الجنرال آدن، الذي ابلغه بأنه يحقق نجاحاً في تقدمه، وأنه سيتقدم في اتجاه الموقع الحصين في الفردان، كما طلب مساندة جوية لإسكات مواقع المدفعية المصرية التي تؤثر بشدة على وحداته، على أن يوجه نيرانها مجموعات الإدارة الجوية المرافقة له. وتساءل آدن عن الأسبقية التي يعطيها لتنفيذ مهمته: هل هي تدمير أكبر كم من القوات المصرية، أو تحقيق الاتصال بالنقطة القوية في الفردان أو العبور غرباً، وكان رد جونين هو تنفيذ كل ذلك وأكثر منه.

كانت تعليمات الجنرال جونين واضحة إلى آدن بالاتجاه جنوباً بأقصى سرعة، والعبور من خلال كوبري الدفرزوار عند الموقع الحصين ميزاميد Matzmed وإنشاء رأس كوبري غرب القناة على وصلة أبو سلطان (طريق "هافيت Hafit road").

كان لواء "ناتك" مشتبكاً مع دبابات اللواء 15 مدرع المصري (دباباته من نوع تي ـ 62 T-62)، في جنوب القنطرة. أما جابي فكان مشتبكاً مع دبابات ومواقع صواريخ مضادة للدبابات ساجر في منطقة النخيل "3 كم شرقي القناة"، على طريق اروف Arov وهي الوصلة المؤدية إلى جنوب البلاح.

طلب الجنرال جونين الساعة التاسعة وأربعون دقيقة معرفة الموقف من الجنرال آدن، الذي أبلغه أن وحدات الفرقة مشتبكة في معركة بالقرب من هيزايون عند كوبرى الفردان، وأن الاتصال بموقع الفردان سيتأخر، وطلب مرة أخرى مساندة الطيران، ولكن آدن تملكته الدهشة عندما علم من جونين أن الطيران قام بتقديم المعاونة بالفعل، وأن الطيران لا يستطيع الآن الاشتراك في هجمات أخرى[8]. أكد آدن أهمية حصوله على مساندة جوية لاستكمال هجومه تجاه الفردان.

بعد ربع ساعة اتصل جونين مرة ثانية، وطلب من آدن، الإسراع في هجومه جنوبا إلى منطقة البحيرات المرة لتحقيق الاتصال بمنطقتي "ميسورى" و"المزرعة الصينية" على مسافة 25 كم جنوب البلاح ورد آدن قائلاً أنا لست مرتاحا لهذا الانتشار الممتد للقوات، ولكن إذا كان هذا بالضرورة، فإنني سأحاول". ومن ثم رد جونين "بالطبع هو أمر مهم جدا، والأهم هو محاولة العبور بقوة صغيرة غرباً والتي سيكون لها تأثير كبير في تغيير الموقف العسكري".

في الساعة العاشرة وصل طائرة عمودية، الجنرال آرى بن آرى، نائب قائد الجبهة الجنوبية، إلى مركز ملاحظة الجنرال آدن، حاملاً رسالة عاجلة، تفيد بأن القوات المصرية بدأت تنهار، وأكد على أهمية الإسراع بالهجوم، لتدميرها. ولتنفيذ ذلك، كان لابد من سحب لواء ناتك "من القنطرة، مع ترك قوة صغيرة أمام اللواء 15 مدرع المصري، والتقدم على وجه السرعة على طريق "ليكسيكون"، وتدمير أي قوات مصرية متمركزة غرب الطريق أثناء التقدم.

صدرت التعليمات إلى ناتك للإسراع بالتقدم جنوباً، للاشتراك في الهجوم، ثم صدرت التعليمات إلى جابي للإسراع بتحقيق الاتصال بالنقطة القوية في الفردان، على أن يكون مستعداً للعبور غرباً كمرحلة تالية، ولكن جابي كان قد وقع بالفعل تحت تأثير نيران المدفعية المصرية وكذا نيران الدبابات والصواريخ الموجهة المضادّة للدبابات، وأصبح مشكوكاً في إمكانية تنفيذ التعليمات، في الوقت المناسب. لذلك طلب آدن دعمه بإحدى الكتائب المدرعة من مجموعة شارون والمتمركزة بالقرب من قواته، كما طلب دعمه بنيران المدفعية والطيران. ولكن شارون لم يعطي أي تعليمات لذلك، إذ يبدو أن شارون كان يتجاهل تعليمات جونبن متعللاً بأنه متحركاً بالمجموعة جنوباً، لذلك فإنه لا يستطيع أن يدعم آدن بأي جزء من قواته.

اتصل ألعازر رئيس الأركان بالجنرال جونين الساعة الحادية عشر وخمسة وعشرون دقيقة، وناقش معه خطة شارون للهجوم عند منطقة البحيرات المرة، وأكد جونين أن شارون لن يصـل إلى خـط بدء المهمة قبل 4 ـ 5 ساعة من بدأ تحركه[9]. وكانت الخطة التي سبق تصديق الجنرال ألعازر عليها هي أن يقوم بالهجوم من الشمال إلى الجنوب وبالتحديد من القطاع الجنوبي للبحيرات المرة حتى شمال الخليج، على أن يكون مستعداً للعبور لاحتلال مدينة السويس، ولكن شارون قام بتعديل الخطة حيث أراد الهجوم من الجنوب إلى الشمال، حيث أن ذلك طبقا لمقترحاته سيحقق له سرعة القضاء على المصريين.

بدأت دبابات آدن في التقدم تحت ستر نيران المدفعية، بعد أن أصبح بكل كتيبة دبابات من ألويته المدرعة ما لا يزيد عن 20 دبابة، علاوة على بعض وحدات المدفعية بالكاد تكمل ثلاثة كتائب مدفعية.

في الساعة الواحدة والنصف ظهراً توقفت القوات، بعد أن واجهت نيران كثيفة من الدبابات والصواريخ الساجر (المالوتكا) المصرية، وازداد حجم الخسائر نتيجة لتدمير الدبابات والمركبات نصف جنزير بفعل النيران الكثيفة.

خلال الربع ساعة التالية، بدأت تظهر بوادر الفشل، فقد أبلغ ناتك أن دباباته قد تدمرت، واشتعلت فيها النيران الواحدة بعد الأخرى، وطالب بسرعة دعمه بالقوات، وبدأ الجنرال آدن يتحسس مرارة الهزيمة، فالدبابات تحترق، وحاول السيطرة على هدوئه. تحمل لواء ناتك خسائر جسيمة، فصدرت له الأوامر بالانسحاب مع البقية الباقية من دباباته. أما أرييه فقد أوضح في بلاغه، أن قواته بهذا الحجم الصغير لا تستطيع أن تحقق مهمتها، في مواجهة القوات المصرية في قطاع هجومه، كما أن عدد من دباباته دمرت في منطقة نوزيل Nozel وأن إحدى الوحدات المدرعة المصرية تواجهه من الجنوب.

أبلغ ناتك الساعة الثانية والنصف ظهراً أنه فقد الاتصال مع أحد قادة كتائبه، وهو الكولونيل عساف ياجوري، وأن لديه اعتقاد بأن شيئاً خطأ قد حدث. وفي نفس الوقت بدأ آرييه يواجه القوات المصرية التي عبرت كوبري الفردان، وبدأت تهاجمه من الشمال إلى الجنوب، ووقعت وحداته تحت تأثير نيران المدفعية كذلك، وفتحت الدبابات من شرق القناة وغربها النيران عليه، إضافة إلى وقوع بعض الدبابات في كمين صواريخ مضادة للدبابات من نوع ساجر، أجهز على عدد كبير منها.

قفزت أطقم الدبابات والمركبات المدرعة من المركبات المحترقة. ولم يتبقى من لواء ناتك خلال دقائق سوى أربعة دبابات، وقتل وجرح العديد من قادة السرايا والفصائل وأطقم الدبابات، وهناك البعض الذين لم يعرف موقفهم ويبدو أنهم أسروا، لقد فقد ناتك 54 فرداً من رجاله في هذا اليوم الكئيب. لقد كانت ضربة شاقة ومريرة، ومن الصعب وصف الإحساس بهذه الساعات الطويلة، خاصة أن الاتصالات كانت صعبة للغاية، إذ كان المصريون يعيقون الاتصال على الشبكات اللاسلكية، مستخدمين عناصر الحرب الإلكترونية، في مباغتة قاسية وحرجة للقوات الإسرائيلية.

أما آرييه، فقد طلب بسحب ما تبقى من دباباته، إذ أن المصريين يطبقون عليه، وأنهم في طريقهم لقطع الطريق بينه وبين الطاسة. وفي هذه اللحظة بدأت تتساقط قذائف المدفعية حول مركز ملاحظة آدن، كما غطى الدخان والرمال للمنطقة المحيطة به. وأصبح الموقف المحيط بالقيادة مخيف كذلك، وتأثرت الاتصالات وقتل ضابط الإشارة "يوسف ديشيف"، كما أن العديد من أفراد مركز القيادة قد جرحوا. وكان موقفاً صعباً في الوقت الذي يجري فيه إخلاء الخسائر قرر آدن الانسحاب من قطاع الفردان، وبدون تردد، فلقد فقد كل لواء مدرع ما يقرب من كتيبة أو أكثر من الدبابات خلال وقت قصير.

بدأت القوات المصرية هجومها بنحو مائة دبابة في الساعة الخامسة مساءً، وأصبح المطلب الرئيسي لقادة ألوية آدن هو المعاونة العاجلة بالطيران، فالمصريون يتقدمون بأعداد كبيرة، وليست لدى وحدات آدن الإمكانيات لصدها. وتعرض جابي وأرييه لهجوم ثقيل، ولم يكن لديهم ما يمكنهم من إيقاف هذا الهجوم.

كان هجوم القوات المصرية على محورين: الأول من اتجاه الفرقة الثانية المشاة من شمال الطريق الأوسط، والثاني من اتجاه الفرقة 16 مشاة من جنوب الطريق ومن الاتجاهين كان يتقدم الآلاف من المشاة المدعمة بالدبابات. كانت القوات الإسرائيلية قد أصبحت صغيرة الحجم بعد الخسائر التي تعرضت لها وغير منظمة ومرهقة في آن واحد. ولم يعد هناك فرصة أمام آدن للنجاة سوى بالانسحاب السريع.

أصدر آدن التعليمات إلى وحداته بالانسحاب ليحافظ على ما تبقى من دباباته والتي لم تتعدى 120 دبابة، استعداداً للقتال في اليوم التالي.

يعلق الجنرال شارون "Sharon" في كتابه المقاتل "Warrior" على القتال الذي دار في ذلك اليوم: "خلال الأربع ساعات الأولى للقتال فقدنا 200 دبابة، من 300 دبابة، التي تمثل النسق الأول للوحدات المدرعة. كنا ندفع بالوحدات الصغيرة، واحدة تلو الأخرى، في مهام لا أمل فيها، وفشلت جميع الهجمات المضادة السريعة، التي قامت بها الوحدات المدرعة".

ويستطرد قائلاً: "لقد كان رأيي، من أجل إحباط هجوم المصريين ـ وهو ما قلته للجنرال جونين ـ لا بدّ أن نركز هجومنا بمجموعتين مدرعتين في قطاع صغير من الجبهة". ورد جونين قائلاً: "لا نستطيع ذلك فالقوة الوحيدة التي نمتلكها الآن من هذا الموقع "يقصد الطاسة" وحتى تل أبيب والتي تستطيع أن تقوم بعمل هجومي هي مجموعتك". وعندما قال ذلك رددت قائلاً: "أن هدف المصريين ليس تل أبيب، إنما هدفهم هو عبور قناة السويس والتقدم شرق إلى مسافة 5 ـ 7 أميال، لأنهم لا يستطيعون التقدم أكثر من ذلك حتى لا يفقدوا تأمين وحدات الدفاع الجوى لهم".

خلال الاجتماع الذي تم مساء يوم 7 أكتوبر 1973 في قيادة الجبهة اتصل بي الجنرال موشي ديان وقال: إريك (يقصد شارون)، نحن نضع آمالنا وحساباتنا عليك، من أجل تغيير الموقف على الجبهة المصرية".

"في الساعة الحادية عشر إلا ربعاً صباح يوم 8 أكتوبر 1973، تلقى شارون أمراً بالتحرك لاستغلال نجاح آدن، والهجوم جنوباً، وكان عليّه التحرك نحو 70 ميلاً جنوباً، من أجل يهاجم رأس كوبري للمصريين في تلك المنطقة، ثم العبور غرباً بالقرب من مدينة السويس، فسر شارون ذلك على أن قوات آدن قد حققت نجاحاً كاسحاً، في اتجاه قوات الجيش الثاني. وكان ذلك غير حقيقي تماماً، ونتج عن هذا التفسير الخاطئ، تحرك مبكر لقوات شارون، وعندما احتاج آدن دعم بجزء منها، لم تكن في وضع يمكنها أن تقدم الدعم المطلوب، إلا بعد ساعات طويلة، يكون فيها القتال قد انتهى.


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

نتائج أعمال قتال يوم 8 أكتوبر 1973

ارتفعت خسائر القوات الإسرائيلية بدرجة كبيرة، فلم يحدث قط خلال الحروب السابقة أن فقد الجيش الإسرائيلي مثل هذه الأعداد من القتلى والجرحى، وطوال هذه الساعات الرهيبة كان القسم الطبي في الجيش يعمل بغير توقف، وكان الأطباء العسكريون يقومون بالعمليات الجراحية الدقيقة في ضوء البطاريات الكهربية.

كانت مئات من الدبابات تشترك في المواجهة، بل وحدث تداخل بين القوات، بل أن معارك الدبابات التي وقعت خلال الحرب العالمية الثانية في شمال أفريقيا لم تتسع إلى هذا الحد الذي بلغته حرب عيد الغفران. كانت الدبابات الإسرائيلية تقاتل وهي تنسحب لتنجو من الدمار، وللمرة الأولى، فأنها تعطلت في أرض العدو وبداخلها القتلى والجرحى، بغير أن يستطيع أحد تخليصهم منها، لقد قتل أو أسر عدد كبير من أطقم الدبابات التي تم تدميرها.

وكان على أي قائد إسرائيلي، يتقرر دخوله في اتصال مباشر مع المصريين، أن يختار في ظرف ثوان معدودة بين تخليص الجرحى أو الاشتباك مع من يهاجمه.

لقد فقدت قوات الجنرال آدن في ذلك اليوم جانباً كبيراً من قواتها، وكانت قوات الجنرال ماندلر قد سبقتها، فقد نزلت بها خسائر فادحة طوال يومي 6 و7 أكتوبر 1973.

الجانب السوري

أعمال قتال يوم الاثنين 8 أكتوبر 1973

فشلت محاولة لواء جولاني، في إعادة احتلال موقع حرمون الجبلي. إذ اتجهوا إلى الموقع من طريقين، الطريق الرئيسي بالدبابات والنصف مجنزرات، والطريق الآخر الجبلي بالمشاة، وكان الكوماندوز السوريون، ينتشرون حول التلال المحيطة بالموقع، وعلى الطريق إليه، وهي خطة تكتيكية صحيحة، فالدفاع عن الموقع يجب أن يكون على خط قريب والآخر بعيد، وقد اربك الدفاع السوري، الهجوم الإسرائيلي، ولم تنجح وحدات جولانى، في الوصول إلى الموقع.[10]

الهجوم السوري يوم 8 أكتوبر 1973 على محاور الجولان

لم يستمر الهجوم السوري على معدل التقدم النشط الذي كان عليه يومَي 6 و7 أكتوبر 1973، في الوقت الذي بدأت فيه قوات احتياط أخرى للجيش الإسرائيلي تتدفق إلى الجبهة، كانت الطرق والمحاور مزدحمة بالدبابات السورية، والتي تتفوق على المركبات نصف جنزير الإسرائيلية وتستطيع إصابتها بسهولة.

بدفع السوريون الفرقة الثالثة المدرعة ومعها بعض كتائب الكوماندوز، في هجوم مضاد قوي بالقرب من القنيطرة، أصبحت معظم وحدات الجيش السوري، على اتصال مباشر مع الجيش الإسرائيلي، واستمر الهجوم السوري سبع ساعات قتالية منذ الصباح، في قتال ضد المدرعات الإسرائيلية. كانت الخسائر على الجانبين فادحة، وقد نفذت ذخائر معظم الدبابات الإسرائيلية، التي لم تدمر، ولم تستطع أطقم إخلاء الجرحى والقتلى الاقتراب من الدبابات المدمرة بحثاً عن قتلى بداخلها، من شدة القتال.

القوات الإسرائيلية تتمكن من صد الهجوم السوري

بنهاية يوم 8 أكتوبر 1973، تمكنت القوات الإسرائيلية من استعادة تل فارس وهو تل مرتفع ويقع بين الخشنية والرفيد، لذلك كان أحد أهداف الهجوم السوري لتطويق الجولان. كما تمكنت القوات الإسرائيلية، من صد هجمات القوات السورية، وتدميرها، في القطاع الجنوبي من الجبهة. أمّا المواقع الإسرائيلية الحصينة فإن نصفها استمر في المقاومة، بالرغم من حصارها بواسطة القوات السورية.

موقف القوات

الموقف الأمريكي

لم يرد الأمريكيون على مطالب إسرائيل من السلاح، ويزداد قلق رئيسة الوزراء وتجرى اتصالا مع السفير "دينيتز"، والملحق العسكري العميد جور. ويرسل رئيس بعثة وزارة الدفاع "بوندى درور" الذي انتقل من نيويورك إلى واشنطن، تقريرا يقول فيه أنه قد تم تجميع عتاد عسكري ضخم، والصعوبة الرئيسية هي نقل هذا العتاد، الذي تم تجميعه، إلى إسرائيل، فلا توجد وسائل نقل كافيه، ولن تكفي الطائرات المدنية لمثل هذه العملية، وحتى الطائرات المؤجرة لن تسد النقص. [11]

كانت تلك إحدى المشاكل التي أزعجت مستشاري الرئيس الأمريكي، فقد وافقت الولايات المتحدة على أن تقدم للجيش الإسرائيلي تعويضا كاملا عن كل الأسلحة التي يفقدها في الحرب، وعندما وصلت المطالب الإسرائيلية إلى واشنطن، ذهلوا في البداية من الكميات المطلوبة، ومن عدد الأسلحة التي فقدت في اليومين الأولين للحرب. ويتضح لمستشار الرئيس الأمريكي أن مطالب إسرائيل من الصعب نقلها بإمكانيات النقل الإسرائيلي، ومن ثم فلابد أن تتدخل الولايات المتحدة لتنقل بنفسها هذا العتاد من خلال جسر جوى، ولم تكن كل المطالب تعويضاً عن الخسائر، فقد دس الإسرائيليون بينها أسلحة ومعدات لم تكن لديهم من قبل، ولكنها تمكنهم من أداء أفضل، خاصة الذخائر الشديدة الفاعلية، والمبرمجة.

من جهة أخرى فإن الدعاية الإسرائيلية قد تمكنت من فتح صنابير التبرع من اليهود في أوروبا وأمريكا والمتعاطفين مع إسرائيل، وتطوع كثير من الجنود السابقون بالدول الأوروبية وأمريكا للقتال إلى جانب جيش الدفاع الإسرائيلي.

محمد عبد الغنى الجمسى

يقول اللواء محمد عبد الغنى الجمسى في مذكراته ( لم نكن نعلم في مصر طول مدة الحرب ، كما لم نعلم بعدها بمدة طويلة ، ان أحد المسئوليين العسكريين وصل من أمريكا إلى إسرائيل فجر هذا اليوم 8 أكتوبر وهو اليوم الثالث للحرب للإشتراك في التخطيط مع إسرائيل لمواجهة الموقف العسكرى الإسرائيلى المتدهور على الجبهتين المصرية والسورية[12]

لقد كشف الجنرال العازار رئيس الأركان الإسرائيلى أثناء الحرب في مذكراته التى كتبها بعد الحرب عن سر يذاع لأول مرة عن خطة عسكرية أمريكية حملها مسئول أمريكى إلى إسرائيل.

كانت الساعة تقترب من الثالثة صباح الثامن من اكتوبر ، حين وصل إلى مقر رئاسة الأركان المسئول الكبير ، وكان أحد العسكريين في البنتاجون والمسئول عن منطقة الشرق الأوسط

وكان وصوله إلى مطار بن جوريون في طائرة عسكرية خاصة ، ويحمل معه مجموعة من التقارير الخاصة والصور الخاصة بالمعارك ومواقع القوات كما ألتقطها القمر الصناعى الأمريكى ) ـ مذكرات لواء محمد عبد الغنى الجمسى رئيس هيئة العمليات خلال حرب أكتوبر 1973

الموقف المصري

الرئيس السادات يوافق على وقف إطلاق النار

يقول السادات في كتابه البحث عن الذات ( اتضح لى أن القمر الصناعى الأمريكى الذى كان يوصل المعلومات لإسرائيل ساعة بعد ساعة ، أخطرهم بنقل الفرقة المدرعة 21 من الضفة الغربية للقناة إلى الضفة الشرقية لمحاولة تخفيف الضغط على سوريا كما طلب وألح الرئيس الأسد .. واقر هنا للتاريخ ان روسيا التى تدعى وقوفها مع الحق العربى لم تبلغنا بشىء بواسطة اقمارها الصناعية التى تتابع المعركة

ثم حدث تطور خطير بدأت أشعر به ، وأنا أتابع الحرب من غرفة العمليات .. لقد استخدم الجسر الجوى الأمريكى لنجدة إسرائيل مطار العريش لنزول الطائرات الأمريكية الجبارة التى تحمل الدبابات وكل الأسلحة الحديثة .. والعريش تقع خلف الجبهة

وبدات ألاحظ تطورا خطيرا في معارك الدبابات التى اعترف الإسرائيليون أنفسهم بشراستها وكفاءة المصريين في إدارتها . كنت كلما أصبت لإسرائيل 10 دبابات أرى مزيدا من الدبابات . لقد دخلت أمريكا الحرب لإنقاذ إسرائيل بعد النداء المشهور ـ إنقذوا إسرائيل ـ في اليوم الرابع ، وهى تستخدم بكل صراحة مطار العريش المصرى الذى يقع خلف الجبهة بكل وضوح لكى تحول الهزيمة الإسرائيلية إلى انتصار .. وتذكرت في تلك اللحظات ما فعلته أمريكا على جبهة ألمانيا في الحرب العالمية الثانية ثم على الجبهة اليابانية

أما التطور الثالث والخطير ، فهو أن أطلق صاروخان على بطاريتين مصريتين للصواريخ فعطلا البطاريتين تعطيلا كاملا . وعرفت بعد ذلك أنه صاروخ امريكى جديد يسمى القنبلة التلفزيونية وأنه كان لا يزال تحت الاختبار في أمريكا ، فأرسلته لنجدة إسرائيل.

لقد دخلت امريكا الحرب لإنقاذ إسرائيل حتى بالأسلحة تحت الإختبار .. وقنبلة المافريك وأسلحة أخرى . وأنا أعرف امكانياتى وأعرف حدودى .. لن أحارب أمريكا.

ولذلك بعد عودتى من غرفة القيادة .. كتبت للرئيس الأسد شريكى في القرار برقية أخطره فيها أنى قررت الموافقة على وقف إطلاق النار .. وسجلت في هذه البرقية موقفى ، وهو أنى لا اخاف من مواجهة إسرائيل ، ولكنى أرفض مواجهة أمريكا .. وإنى لن أسمح أن تدمر القوات المصرية مرة أخرى .. وإننى مستعد أن احاسب أمام شعبى في مصر وأمام الأمة العربية عن هذا القرار.

وفى هذه الليلة اتخذت القرار بوقف إطلاق النار فقد كان لى عشرة أيام أحارب فيها أمريكا وحدى بأسلحتها الحديثة التى لم يستخدم أغلبها من قبل

وكان الموقف على غير ما يتصوره العالم كله .. فقد كان اعتقاد الجميع في العالم أن الاتحاد السوڤيتى يقف إلى جانبنا ، وأنه قد أرسل الجسر الجوى لنجدتنا ولكن الموقف كان غير ذلك في الواقع .. فأمريكا وإسرائيل في مواجهتى ، والاتحاد السوڤيتى في يده الخنجر ويقع وراء ظهرى ليطعننى في اية لحظة عندما أفقد 85 % أو 90 % من سلاحى كما حدث في سنة 1967) ـ السادات من كتابه البحث عن الذات

يقول لواء محمد عبد الغنى الجمسى رئيس هيئة العمليات بحرب أكتوبر 1973 في مذكراته ( وعندما صدر القرار وافقت عليه كل من مصر وإسرائيل على وقف إطلاق النار اعتبارا من الساعة 1852 يوم 22 أكتوبر بتوقيت القاهرة)ـ مذكرات الجمسى[13]


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

الموقف الإسرائيلي

وصلات خارجية

المصادر

  1. ^ أسلوب الضرب مع الحركة وهو تكتيك قديم معروف.
  2. ^ كان الهدف هو الابتعاد عن نيران القوات المصرية غرب القناة مباشرة، والتي تم احتلالها بالدبابات والصواريخ المضادة للدبابات المصرية.
  3. ^ يقصد أن الموقف الحقيقي على الجبهة كان مختلفاً، فمعظم قوات ماندلر قد أصيب بخسائر فادحة، وأصبحت غير قادرة على شن هجمات مضادة جديدة، وقوات آدن أصيب إحدى لواءاتها بخسائر في كمين مصري أثناء تقدمه قرب بالوظه، كما أن المدفعية لا تتعدى 10 قطع، وتفتقر كل القوات لعنصر المشاة، كما وجهت القوات الجوية مجهودها الرئيسي إلى الجبهة السورية بعيداً عن القناة.
  4. ^ وهى الطرق الموصلة إلى شرقي البلاح
  5. ^ هيزايون Hizayon وهي النقط القوية بالفردان، وبركان Purkan وهي النقط القوية رقم 6 في شمال شرق بحيرة التمساح.
  6. ^ منطقة في شمال شرق بحيرة التمساح تقع في تقاطع طريق المدفعية `الطريق العرضي الرقم 2` والوصلة القادمة إلى البلاح.
  7. ^ مممتقع زراكور Zrakor، على طريق المدفعية في المنتصف بين الطريق الواصل من الطريق العرضي رقم (3) إلى البلاح `المسمى مآديم Maadim، والطريق الواصل بين الطريق العرضي الرقم 2 ووصلة الفردان والمسمى (سبونتاني) Spontani.
  8. ^ كان الطيران في ذلك الوقت يركز معظم طلعاته على الجبهة السورية.
  9. ^ كان شارون قد صدرت له التعليمات بالتحرك في الساعة الحادية عشر إلا ربعاً، يوم 8 أكتوبر 1973.
  10. ^ حرب أكتوبر 1973، من وجهة النظر الإسرائيلية
  11. ^ حرب أكتوبر 1973، من وجهة النظر الإسرائيلية
  12. ^ http://yom-kippur-1973.info/war/Satellite.htm حرب أكتوبر 1973
  13. ^ حرب أكتوبر 1973 مذكرات محمد عبد الغنى الجمسى ـ الطبعة الثانية عام 1998