بيان مصري أمريكي مشترك حول محادثات أنور السادات وريتشارد نيكسون
بيان مصري أمريكي مشترك حول محادثات أنور السادات وريتشارد نيكسون، القاهرة، في 14 يونيو 1974، منشور من "الوثائق الفلسطينية العربية لعام 1974، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، بيروت، مج 10، ص 216 - 218".
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
المنشور
إن الرئيس محمد أنور السادات رئيس جمهورية مصر العربية، والرئيس ريتشارد نيكسون رئيس الولايات المتحدة الأميركية،
- وقد أجريا مباحثات واسعة المدى حول الشؤون المتعلقة بالمصالح المشتركة لبلديهما،
- ونظراً لإدراكهما العميق الحاجة المستمرة لبناء صرح للسلام في العالم، وتحقيقاً لهذه الغاية، ومن أجل السعي لإقامة سلام عادل ودائم في الشرق [الأوسط]،
- وإذ يهتديان برغبتهما في اغتنام الفرصة التاريخية المتاحة أمامهما لدعم العلاقات بين بلديهما على أوسع قاعدة، بما يسهم في رخاء المنطقة ككل، ولا يكون موجهاً ضد أي من دولها أو شعوبها أو ضد أي دولة أخرى،
اتفقا على أن المبادئ، التالية يجب أن تحكم العلاقات بين مصر والولايات المتحدة:
أولا - المبادئ العامة للعلاقات الثنائية:
إن العلاقات بين الأمم، مهما كانت نظمها الاقتصادية أو السياسية، يجب أن تقوم على أهداف ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة، بما فيها حق كل دولة في الوجود، وفي الاستقلال والسيادة، وحق كل دولة في أن تختار وتطور - بحرية - نظمها السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى، واحترام سلامة ووحدة أراضيها واستقلالها السياسي.
ويجب على الأمم أن تقيم علاقاتها مع بعضها البعض على أساس روح المساواة، واحترام الحياة القومية لكل منها وسعيها من أجل تحقيق السعادة.
وترى مصر والولايات المتحدة أن علاقتهما تقوم على أساس هذه المعتقدات. أن السلام والتقدم في الشرق الأوسط هما عنصران أساسيان لتأكيد السلام العالمي. إن سلاماً عادلا ودائماً قائماً على التنفيذ الكامل لقرار مجلس الأمن رقم 242 الصادر في 22 نوفمبر [تشرين الثاني] 1967، يجب أن يأخذ في الاعتبار المصالح المشروعة لكل شعوب الشرق الأوسط، بما في ذلك الشعب الفلسطيني، وحق جميع دول المنطقة في الوجود. إن السلام يمكن تحقيقه عن طريق منهج للمفاوضات المتصلبة طبقاً لقرار مجلس الأمن رقم 338 الصادر في 22 أكتوبر [تشرين الأول] 1973، في إطار مؤتمر جنيف للسلام في الشرق الأوسط.
وإقراراً لهذه المبادئ، فإن حكومتي جمهورية مصر العربية والولايات المتحدة الأميركية تضعان أمامهما المهام الآتية:
- سوف تكثف الحكومتان المشاورات على جميع المستويات، بما في ذلك إجراء المشاورات بين رئيسيهما. وسوف تدعمان تعاونهما الثنائي، كلما كان الجهد المشترك أو المتوازي كفيلا بأن يخدم قضية السلام العالمي.
- وسوف تواصلان تعاونهما النشط، وسعيهما الدائب من أجل السلام في الشرق الأوسط.
- وسوف تشجعان مزيداً من الاتصالات بين المسؤولين في مختلف فروع الحكومتين: التنفيذية والتشريعية والقضائية، بهدف زيادة التفهم المتبادل لمؤسسات وأهداف كل من الطرفين.
- وقد عقدتا العزم على تطوير علاقاتهما الثنائية على أساس روح التقدير والاحترام والنفع المتبادل. وقد تحولت علاقاتهما في العام الماضي، من التباعد إلى علاقة عمل بناءة. وانطلاقاً من هذا، فإنهما تتحركان هذا العام نحو تحقيق علاقة صداقة وتعاون واسع.
وهما تنظران إلى التنمية الاقتصادية والعلاقات التجارية كعنصر أساسي في تقوية علاقاتهما الثنائية، وستسعيان إلى تدعيمهما. ومن أجل هذه الغاية، فسوف تيسران قيام المشروعات المشتركة والتعاونية بين المؤسسات الحكومية والخاصة المعنية، وسوف تشجعان تزايد التجارة بين البلدين.
وهما يعتبران تشجيع التبادل والبحث المشترك في المجالات العلمية والفنية، هدفاً مشتركاً هاماً، وسوف تتخذان الخطوات الملموسة المناسبة لهذا الغرض. وسوف تعمقان الروابط الثقافية عن طريق تبادل العلماء والطلبة وغيرهم من رجال الثقافة في البلدين.
وسوف تبذلان جهداً خاصاً لزيادة السياحة بين البلدين، وزيادة الاتصالات الشخصية بين مواطني كل منهما.
وسوف تتخذان الإجراءات لتحسين المواصلات الجوية والبحرية بينهما.
وستسعيان لإقامة علاقات عمل واسعة المدى، وستعهدان إلى وزير خارجية كل منهما وسفيريهما واللجنة المشتركة للتعاون، ولغيرهم من المسؤولين والهيئات والأفراد والجماعات، حسب ملاءمة ذلك بتنفيذ الجوانب المختلفة للمبادئ سالفة الذكر.
ثانياً - لجنة التعاون المشترك:
اتفقت الحكومتان على أن الاستعراض المكثف لمجالات التعاون الاقتصادي الذي قام به الرئيس السادات والرئيس نيكسون في 12 يونيو [حزيران]، يشكل أول اجتماع للجنة التعاون المشترك التي أعلن قيامها في 31 مايو [أيار] 1974.
وسيرأس هذه اللجنة وزير خارجية مصر ووزير خارجية الولايات المتحدة. ولهذه الغاية، فقد قررتا أن تسيرا قدماً وبسرعة في المشاورات والتنسيق من أجل تحديد وتنفيذ البرامج التي يتفق على فائدتها المشتركة في الميادين الاقتصادية والعلمية والثقافية.
وقد وافقت الولايات المتحدة على المساهمة في دعم البنيان المالي لمصر. ولبدء هذه العملية، فإن وزير خزانة الولايات المتحدة - وليم سيمون - سيزور مصر في القريب العاجل لإجراء مباحثات على مستوى عال.
ثالثاً - الطاقة النووية:
منذ بداية العصر الذري، نظرت الأمم كلها إلى الطاقة النووية كسلاح ذي حدين: يتيح فرصاً للتطبيق السلمي، ولكنه يزيد من مخاطر الدمار النووي.
وقد جعلت الولايات المتحدة - في برامجها الدولية للتعاون - تكنولوجيتها النووية في متناول الدول الأخرى بشرط توفر ضمانات.
وفي هذا النطاق، سوف تبدأ الدولتان مباحثات لعقد اتفاق للتعاون في مجال الطاقة النووية بضمانات متفق عليها.
وبعقد هذه الاتفاقية، ستكون الولايات المتحدة على استعداد لبيع مفاعلات نووية ووقود نووي لمصر، مما يمكن مصر - في أوائل الثمانينات - من توليد كميات إضافية كبيرة من القوة الكهربائية تسد حاجتها المتزايدة في مجالات التنمية.
وحتى يتم عقد هذه الاتفاقية، فستعقد لجنة الطاقة الذرية الأميركية ووزارة الكهرباء المصرية اتفاقية مؤقتة، في هذا الشهر، لبيع الوقود النووي لمصر.
رابعاً - مجموعات العمل:
اتفقت الحكومتان على إقامة مجموعات عمل مشتركة تجتمع في المستقبل القريب، لإعداد مشروعات محددة ومقترحات تعرض على اللجنة المشتركة في اجتماع تعقده هذا العام في واشنطن. وستشكل مجموعات العمل هذه من ممثلين للحكومتين، وتشمل ما يلي:
1 - مجموعة عمل مشتركة لتعمير وتطوير قناة السويس، تقوم ببحث ودراسة خطوات إعادة فتح القناة، وتعمير المدن على امتداد القناة، وتحديد دور الولايات المتحدة في هذا المجال.
2 - مجموعة عمل مشتركة تبحث وتوصي بالإجراءات اللازمة لفتح المجال أمام الاستثمارات الأميركية الخاصة في مشروعات مشتركة في مصر، ولتنمية التجارة بين البلدين.
وسوف يراعى في مجالات الاستثمار، حاجة مصر إلى دعم مالي وفني ومادي لزيادة التنمية الاقتصادية فيها. وتنظر الولايات المتحدة بالرضا، وتؤيد المشروعات التي تقوم بها المؤسسات الأميركية في مصر. ويلاحظ أن المشروعات التي يجري التفاوض بشأنها حالياً، تتعلق بمجالات الصناعات البتروكيميائية، والنقل، ومعدات الأغذية والزراعة، واستصلاح وتحسين الأراضي، والقوى المحركة، والسياحة، والبنوك، وببضعة قطاعات اقتصادية أخرى. تبالغ القيمة التقديرية للمشروعات قيد البحث، أكثر من بليوني دولار. إن التكنولوجيا الأميركية ورأس المال الأميركي، إلى جانب طاقة مصر على الاستيعاب والقوى العاملة الماهرة فيها، وفرص الاستثمار المنتجة، يمكن أن تسهم بفعالية في دعم وتطوير الاقتصاد المصري. ومن ثم، فسوف تتفاوض مصر والولايات المتحدة، على الفور، لعقد اتفاقية بينهما لضمان الاستثمارات.
3 - مجموعة عمل مشتركة في مجال الزراعة، تدرس وتوصي بالإجراءات اللازمة لزيادة الإنتاج الزراعي المصري عن طريق استخدام أحدث الأساليب التكنولوجية الزراعية.
4 - مجموعة عمل مشتركة في مجال التكنولوجيا والبحث العلمي، بما في ذلك أبحاث الفضاء، مع التركيز بصفة خاصة على تبادل العلماء.
5- مجموعة عمل مشتركة للتعاون الطبي لمعاونة الحكومة المصرية في تطوير وتدعيم البحث الطبي ووسائل العلاج والتدريب. هذه الجهود سوف تكمل التعاون في بعض صور البحث الطبي التي تقوم بها بالفعل وحدة البحث الطبي للبحرية (نمرو) التي سوف تستمر في عملها المفيد للجانبين.
6 - مجموعة عمل للتبادل الثقافي، لتشجيع وتسهيل المعارض والزيارات وغيرها من الأعمال الثقافية، لتشجيع تفهم أكيد لكلتا الثقافتين، من جانب شعبي مصر والولايات المتحدة.
واتفقت الحكومتان على تشجيع تكوين مجلس اقتصادي مشترك، يضم ممثلين للقطاع الخاص في كل من البلدين، للتعاون وإعداد ترتيبات اقتصادية وتعاونية ذات فائدة مشتركة.
ودعماً لتعاونهما الاقتصادي، فإن الولايات المتحدة سوف تقدم أقصى مساهمة ممكنة - بما يتمشى مع تفويضات الكونغرس - للتنمية الاقتصادية في مصر، بما في ذلك تطهير قناة السويس، ومشروعات التعمير، وتطوير التجارة المصرية. وبالإضافة إلى ذلك، فإن الولايات المتحدة مستعدة لأن تولي اهتماماً خاصاً لاحتياجات مصر من السلع الزراعية.
وتمشياً مع روح التعاون الثقافي، فقد وافقت الولايات المتحدة على دراسة كيفية معاونة الحكومة المصرية في إعادة بناء دار الأوبرا في القاهرة. ومن جانبها، تعتزم الحكومة المصرية عرض كنوز توت عنخ آمون في الولايات المتحدة.
وأخيراً، فإن الحكومتين تؤكدان عزمهما على القيام بكل ما هو ممكن لتوسيع أواصر الصداقة بما يتفق مع مصالحهما المشتركة في السلام والأمن، ومع المبادئ المقررة في هذا البيان.
وإذ أعرب نيكسون للرئيس السادات عن امتنانه للحفاوة التي لقيها هو ومرافقوه، فقد وجه دعوة للرئيس السادات لزيارة الولايات المتحدة خلال عام 1974، وقد قبل الرئيس السادات الدعوة.