بيان مصري رسمي حول اتفاق أمريكي إسرائيلي بشأن إنتاج الأسلحة
بيان مصري رسمي حول اتفاق أمريكي إسرائيلي بشأن إنتاج الأسلحة، القاهرة، في 17 يناير 1972، منشور من جريدة الأهرام العدد الصادر في 18 يناير 1972.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
المنشور
إن بيان المتحدث الرسمي لوزارة الخارجية الأمريكية، بأن الحكومة الأمريكية قد توصلت إلى تفاهم مع إسرائيل في نوفمبر الماضي، لإنتاج بعض الأسلحة الأمريكية التصميم لإسرائيل، يعتبر تحولا خطيراً في العلاقات العربية الأمريكية. كما إنه يعد تصعداً لدور الولايات المتحدة العسكري في الشرق الأوسط.
إن هذا التطور يكشف سياسة أمريكية جديدة معادية للعرب، وهي تختلف في حجمها ومضمونها، عن السياسة الأمريكية المعلنة والخفية التي سادت منذ حرب يونيو، وذلك للأسباب التالية:
أولاً: إن الولايات المتحدة الأمريكية قد تعاقدت في اتفاق سري مع إسرائيل، دون بيان حدود المسئولية الأمريكية في هذه الاتفاقية.
إن الالتزام غير المحدود بين أمريكا وإسرائيل والذي تتكشف طبيعته الآن لا يحدد للعالم ولا للشعب الأمريكي، مدى هذه المسئولية الأمريكية. وهذه السياسة تعتبر تكراراً للسوابق الخطيرة التي أدت بأمريكا، خلال تفاهم مماثل إلى الحرب الفيتنامية.
ثانياً: أن الولايات المتحدة أصبحت لا تصدر الفانتوم ووسائل الدمار الشامل تحت ستار الدفاع عن إسرائيل فحسب، بل أنها الآن ذهبت خطوة أخرى أبعد من ذلك تجعل إسرائيل وكيلاً لإنتاج الأسلحة الأمريكية التصميم. وهذه الخطوة تصعيد جديد لدور أمريكا العسكري في الشرق الأوسط.
ثالثاً: أن الولايات المتحدة تحاول الاحتفاظ بتفوق متزايد في السلاح لإسرائيل، حتى تفرض تحقيق أي حل لمشكلة الشرق الأوسط، وذلك لأن مجرد إعطاء الأسلحة يفقد بعد زمن مفعوله بحكم التقادم، مما يمهد لإمكانية خفض مستوى التسليح في المنطقة، بينما تحقق هذه الاتفاقية عكس ذلك تماماً عن طريق ضمان استمرار التصعيد في صناعة الأسلحة في إسرائيل.
وعلى هذا النحو تتناقص احتمالات أية خطوة مستقبلية نحو نزع السلاح في المنطقة.
رابعاً: أن هذه الاتفاقية الجديدة ليست مقصورة على إنتاج الأسلحة في إسرائيل، بل إنها أيضا تجعل إسرائيل مصدراً وموزعاً للأسلحة الأمريكية التصميم لمناطق عديدة في العالم. بما في ذلك أفريقيا وآسيا.
إن هذه الاتفاقية تشكل سابقة خطيرة عن طريق سماحها لأنماط السلاح الأمريكي بالانتشار عن طريق إسرائيل دون الالتجاء إلى الإعلان عنها، كما إنها تحقق لحكومة أمريكا تفادي رقابة الكونجرس.
ولا شك إن هذا دور جديد لإسرائيل، بالإضافة إلى إنه وظيفة جديدة تقوم بها إسرائيل بالتعاون مع المؤسسة الصناعية العسكرية في الولايات المتحدة الأمريكية.
خامساً: أن الحالات السابقة التي دخلت فيها الولايات المتحدة في اتفاقات من هذا النوع، كانت مع دول ارتبطت مع الولايات المتحدة بالتزامات معينة. وقد كانت تلك الاتفاقات تتم علانية، وكانت تحدد مسؤوليات كل طرف، في حين أن الاتفاقات التي تمت مع إسرائيل كانت تحاط دائماً بالسرية، ولا تتضمن أية مسؤولية أو التزام محدد.
سادساً: إن أياً من الدول التي دخلت أمريكا معها في اتفاقات من هذا النوع لم تكن تحتل أراضي ثلاث من الدول المجاورة لها. كما أنها لم تكن تحمل سياسة للتوسع الإقليمي عن طريق القوة.
سابعاً: أن توقيت هذه الاتفاقية وهو نوفمبر عام 1971، التي تبعها اتفاق الفانتوم الذي أعلن في مطلع يناير عام 1972 يعتبر بغير جدال مسؤولا عن رفض إسرائيل المتعنت للتعاون مع الأمم المتحدة لتطبيق قراراتها المتعلقة بالشرق الأوسط.
إن هذا التطور الجديد في سياسة الولايات المتحدة يعتبر تحدياً خطيراً، ليس للعرب فحسب بل هو موجه أيضا لدول العالم الثالث، وخاصة دول أفريقيا وآسيا.
إنه تصعيد غير مسؤول لنشر أسلحة الدمار الشامل.
كما إنه يعتبر تحدياً للقوى الكبرى، حيث إنه في الوقت الذي تعلن فيه أمريكا حرفياً عن نيتها للوصول إلى جو مناسب للتعاون والتناسق بين القوى الكبرى، نجدها تعمد إلى التصعيد في الشرق الأوسط .
لقد اختارت الولايات المتحدة الأمريكية سياسة الاستقطاب والمواجهة بدلا من أن تعمل مع الدول الكبرى للوفاء بالتزاماتها كعضو دائم في مجلس الأمن.
وقد تبنت الولايات المتحدة بمفردها، سياسة انتهت بها إلى العمل ضد إرادة المجتمع الدولي. وهي بهذا تقوض جهود الأمم المتحدة من أجل الوصول إلى تسوية سلمية وعاجلة في المنطقة.