معركة برلين

معركة برلين
جزء من الحرب العالمية الثانية
Reichstag flag original.jpg
العريف كنتاريا يرفع العلم السوفيتي على الرايخستاگ بعد الاستيلاء عليه
التاريخ16 أبريل - 2 مايو 1945
الموقع
النتيجة نصر حاسم للسوفيت
المتحاربون
Flag of the Soviet Union 1923.svg الاتحاد السوفيتي
Flag of Poland.svg پولندا
Flag of Germany 1933.svg ألمانيا
القادة والزعماء

الجبهة البلاروسية الأولى - Flag of the Soviet Union 1923.svg گيورگي ژوكوڤ

الجبهة البلاروسية الثانية -

Flag of the Soviet Union 1923.svg قنسطنطين روكوسوفسكي

الجبهة الأوكرانية الأولى -
Flag of the Soviet Union 1923.svg إيفان كونيف

مجموعة جيوش فيستولا - Flag of Germany 1933.svg گوتهارد هاينريكي ثم

Flag of Germany 1933.svg كورت فون تيپلس‌كيرشاستسلم[nb 1]

مجموعة الجيوش المركزية -

Flag of Germany 1933.svg فرديناند شورنر

منطقة برلين الدفاعية -

Flag of Germany 1933.svg هلموت ريمان ثم

Flag of Germany 1933.svg هيلموت ڤايدلينگاستسلم[nb 2]
القوى
مجموع القوات
2,500,000 جندي،
6,250 دبابة،
7,500 طائرة،
41,600 قطعة مدفعية[1][2]
عدد الجنود العاملين على نصب الحصار والهجوم على منطقة برلين الدفاعية حوالي 1,500,000 جندي[3].
مجموع القوات
766,750 جندي،
1,519 مركبة قتالية مدرعة،[4]
2,224 طائرة،[5]
9,303 قطعة مدفعية،[6][nb 3]
في منطقة برلين الدفاعية حوالي 45,000 جندي مدعمين بقوات الشرطة، شباب هتلر و 40,000 من قوات جيش الشعب (فولكس شتورم).[3][nb 4]
الضحايا والخسائر
بحث أرشيفي
81,116 قتلى أو مفقودين[7] (منهم 2,825 بولندي[7])
280,251 مرضى أو جرحى
مجموع الخسائر
361,367 رجل
1,997 دبابة،
2,108 قطعة مدفعية،
917 طائرة[7]
الإحصاءات السوفيتية الأولية
458,080 قتلى،
479,298 أسرى،[8]
منطقة برلين الدفاعية:
22,000 قتلى مدنيون،
حوالي 22,000 قتلى عسكريون[9].

عملية الهجوم على برلين (بالروسية: Берлинская наступательная операция) أو معركة برلين (بالألمانية: Schlacht um Berlin) كانت واحدة من المعارك الأخيرة على الجبهة الأوروبية في الحرب العالمية الثانية. وفيما كان يطلق عليه السوفيت " عملية الهجوم الإستراتيجي على برلين"، قامت جبهتان سوفيتيتان بمهاجمة برلين من الشرق والجنوب، بينما قامت جبهة ثالثة باجتياح شمال برلين.

ودارت رحى المعركة من أواخر أبريل 1945 حتى أوائل مايو وكانت واحدة من أكثر المعارك دموية في التاريخ. وقام أدولف هتلر ومعه الكثير من أتباعه بالانتحار قبل نهاية المعركة. واستسلمت القوات الألمانية تحت وطئ الحصار في 2 مايو. ولكن القتال استمر في الشمال الغربي، الغرب والجنوب الغربي من المدينة حتى نهاية الحرب في أوروبا في 8 مايو (9 مايو في الاتحاد السوفيتي). وقد فضلت الوحدات الألمانية المتمركزة غرباً قتال السوفيت حتى يستسلموا للحلفاء الغربيين الذين لم يخوضوا المعركة أملاً في معاملة أفضل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

مقدمة

في 12 يناير 1945، بدأ الجيش الأحمر هجوم الفيستولا - الأودر من وارسو عبر نهر ناريف. وهي عملية استمرت ثلاثة أيام على جبهة عريضة تضمنت أربع مجموعات جيوش[10]. وفي اليوم الرابع، بدأ الجيش الأحمر التحرك غرباً بسرعة 30 إلى 40 كيلومتر في اليوم تقريباً قاطعاً دول البلطيق، گدانسك، شرق بروسيا و پوزنان، راسماً خطاً يبعد 60 كيلومتر شرق برلين ومحازياً لنهر أودر[11].

حاولت مجموعة جيوش فيستولا المتكونة حديثاً تحت قيادة رئيس وحدات النخبة النازية هاينريش هيملر[12] القيام بهجوم مضاد ولكنها فشلت بحلول يوم 24 فبراير. فتقدم الجيش الأحمر إلى پومرانيا، مؤمناً الضفة اليمنى لنهر الأودر وواصلاً إلى سيليزيا[11].

وفي الجنوب حمى وطيس معركة بودابست. وفشلت ثلاثة محاولات ألمانية لفك الحصار عن العاصمة المجرية وسقطت في يد السوفيت في 13 فبراير. وقام الألمان بهجوم مضاد مرة أخرى، وأصر أدولف هتلر على استعادة نهر الدانوب الذي كانت استعادته مستحيلة[13]. وفي 16 مارس، فشل الهجوم الألماني على بحيرة بلاتون واستعاد السوفيت بهجومهم المضاد الذي استمر 24 ساعة كل ما اكتسبه الألمان في 10 أيام[14]. وفي 30 مارس، دخل السوفيت النمسا واستولوا على فيينا في 13 أبريل[15].

وكان من الواضح حينها أن هزيمة الرايخ الثالث باقي عليها أسابيع قليلة. وفقد الجيش الألماني (الڤرماخت) ما بين يونيو وسبتمبر 1944 أكثر من مليون رجل وشح الوقود والذخيرة[16]. ولكن هتلر قرر البقاء في المدينة على الرغم من نصائح مستشاريه. وفي 12 أبريل، سمع هتلر بخبر وفاة الرئيس الأمريكي فرانكلين روزڤلت[17]. وقد أعطى هذا أملاً زائفاً بحدوث انشقاق بين الحلفاء يمكن برلين من النجاة في آخر لحظة كما حدث من قبل خلال ما يُطلق عليه "معجزة براندنبورگ"[18].

ولم يقدم الحلفاء الغربيون على أي تحرك لمساعدة السوفيت لدخول برلين. وكان لديهم العديد من التبريرات. الجنرال الأمريكي أيزنهاور اعتبر أن برلين ستكون في نطاق النفوذ السوفيتي بعد الحرب لذلك لا داعي للتضحية بأرواح الجنود الأمريكيين[19]، كما أنه خاف من "النيران الصديقة" التي يمكن أن تصيب جنوده عند دخولهم المدينة. وكانت المشاركة الغربية الوحيدة الواضحة لهزيمة عاصمة النازية هي القصف الجوي الاستراتيجي خلال عام 1945 الذي قامت به القوات الجوية الأمريكية والقوات الجوية الملكية البريطانية. وانتهت هذه الغارات ليلة 21/20 أبريل قبل دخول السوفيت للمدينة[20].


التحضير للحرب

طائرات إليوشن 2 في سماء برلين

كان للهجوم السوفيتي على وسط ألمانيا - الذي أصبح فيما بعد ألمانيا الشرقية - هدفين. كان ستالين يريد أن يقابل جيوش الحلفاء الغربيين في أبعد نقطة في الغرب للسيطرة على أكبر مساحة ممكنة من ألمانيا لذلك حارب على جبهة واسعة تضمنت أربع مجموعات جيوش. والهدف الثاني والأهم بالنسبة له كان السيطرة على برلين، ولذلك كان الهدفان متكاملين لأن السيطرة على أكبر مساحة من الأرض تتطلب سقوط برلين في يده. كما أن برلين تحوي الكثير من الأسرار والوثائق منها وثائق البرنامج النووي الألماني لتصنيع القنبلة الذرية.[21] وفي 6 مارس، عين هتلر الفريق هيلموت ريمان كقائد لمنطقة برلين الدفاعية مكان الفريق برونو ريتر فون هاون‌شيلد[22].

وفي 20 مارس، عُين اللواء گوتهارد هاينريكي قائداً لمجموعة جيوش ڤيستولا بدلاً من قائد وحدات النخبة النازية هاينريش هيملر. وكان هاينريكي واحداً من أفضل المخططين الدفاعيين في الجيش الألماني. وبدأ فوراً في إعداد الخطط الدفاعية. وكان افتراضه صحيحاً بأن الهجوم السوفيتي الرئيسي سيكون على نهر الأودر وعلى طول طريق الأوتوبان الرابط بين شرق وغرب ألمانيا[23]. وقرر هاينريكي عدم الدفاع عن ضفاف نهر الأودر وأكتفي بترك قوة مناوشة صغيرة.وبدلاً من الدفاع عن النهر، أمر المهندسين بتقوية مرتفعات الزيلو المشرفة على النهر في موقع يعبره طريق الأوتوبان[24]. وكان هذا الموقع على بعد حوالي 17 كيلومتر غرب الأودر و90 كيلومتر شرق برلين. وقلل هاينريكي من قواته في الأماكن الأخرى لتركيز الجنود على المرتفعات. وحول المهندسون الألمان نهر الأودر، الذي كان حينها مليئاً بماء الربيع الذائب من جليد الشتاء، إلى مستنقع بتوجيه الماء إلى خزان مائي. وخلف النهر بنى المهندسون ثلاثة أحزمة من التحصينات الدفاعية[24]. ووصل طول هذه التحصينات إلى أطراف برلين (وكانت خطوط التحصينات القريبة من برلين تسمى موقع فوتن). وتكونت هذه الخطوط من خنادق مضادة للدبابات، مدافع مضادة للدبابات، وشبكة كثيفة من الخنادق والأقبية المحصنة.[24]

عناصر الفولكس‌شتورم يبنون جدر دفاعية، برلين، 10 مارس 1945

وفي 9 أبريل، وبعد مقاومة طويلة سقطت كونيگزبرگ - الواقعة في شرق بروسيا - أخيراً في يد الجيش الأحمر[25]. وأعطى ذلك فرصة للمشير روكوسوفسكي قائد الجبهة البلاروسية الثانية للتحرك غرباً ناحية نهر الأودر[25]. وركز المشير گيورگي ژوكوڤ جبهته البلاروسية الأولى - التي كُلفت بالقتال على طول نهر الأودر من فرانكفورت في الجنوب إلى البحر البلطيقي - في مساحة أمام مرتفعات الزيلو[26]. وبينما كانت إعادة تجميع القوات السوفيتية تجري، تكونت ثغور بين الخطوط وتمكنت بقايا الجيش الثاني الألماني بقيادة اللواء ديتريش فون ساوكين، التي تجمعت في منطقة قرب غدانسك، من الهرب إلى دلتا الفيستولا. وفي الجنوب، حول المشير كونيف معظم قوات الجبهة البلاروسية الأولي من سيليزيا العليا إلى نهر نايسه إلى الشمال الغربي.[1]

وكان مجموع قوات الجبهات الثلاث السوفيتية 2,5 مليون رجل (منهم 78,556 جندي من الجيش البولندي الأول)، و6,250 دبابة، 7,500 طائرة، 41,600 قطعة مدفعية ومدافع مورتر، 3,255 عربة تحمل منصات إطلاق صواريخ كاتيوشا. و 95,383 عربة.[1]

معركة النايسه - الأودر

المدفعية السوفيتية تقصف المواقع الألمانية خلال معركة السيطرة على مرتفعات الزيلو

كانت البقعة التي شهدت المعركة الرئيسية هي مرتفعات الزيلو، الخط الدفاعي الرئيسي الأخير خارج برلين[24]. وكانت هذه المعركة التي استغرقت أربعة أيام من 16 أبريل إلى 19 أبريل هي أخر معركة أرضية في الحرب العالمية الثانية. واشترك في هذه المعركة من الجانب السوفيتي مليون رجل تقريباً وأكثر من 20,00 دبابة وقطعة مدفعية لاختراق الخط الدفاعي الألماني الذي كان يحرسه حوالي 100,000 جندي و 1,200 دبابة ورشاش[27]. وكسب السوفيت المعركة بقيادة جوكوف وخسروا حوالي 30,000 رجل بينما خسر الألمان 12,000 رجل.[28]

وفي 19 أبريل، اليوم الرابع للمعركة، اخترقت الجبهة البلاروسية الأولى أخر خط في دفاعات مرتفعات الزيلو ولم يكن هناك ما يحول بينهم وبين برلين إلا شراذم متفرقة من القوات الألمانية. وكانت الجبهة البلاروسية الأولي تتجول في البلاد بعد أن استولت على فورشت في اليوم السابق. وقام جيش الحرس الثالث بقيادة گوردوف وجيشاً الدبابات الثالث والرابع بقيادة كلا من ريبالكو و ليليشينكو على التوالي بالهجوم شمال شرق ناحية برلين بينما توجهت الجيوش الباقية غرباً إلى قطاع يوجد فيه خط جبهة للجيش الأمريكي على نهر إلبه[29]. وكانت الجيوش السوفيتية بهذا التحرك تفصل بين مجموعة جيوش فيستولا في الشمال وبين مجموعة الجيوش المركزية الألمانية في الجنوب[29]. وفي نهاية هذا اليوم، انتهى وجود الجبهة الألمانية الشرقية الممتدة من شمال فرانكفورت حول مرتفعات الزيلو إلى الجنوب حول فورشت. ومكنت هذه الاختراقات الجبهات السوفيتية من محاصرة الجيش التاسع الألماني في منطقة واسعة غرب فرانكفورت. وأدت محاولات الجيش التاسع الألماني للهرب للغرب إلى معركة الهالبه[27]. وكانت خسائر السوفيت فادحة بين 1 أبريل و 19 أبريل، أكثر من 2.807 دبابة منها حوالي 727 في معركة الزيلو[30].

حصار برلين

20 أبريل، هتلر يقابل شباب هتلر قبل المعركة[nb 5]

وفي يوم عيد ميلاد هتلر ، 20 أبريل، بدأت مدفعية الجبهة البلاروسية الأولى في قصف وسط برلين ولم تتوقف حتى استسلمت المدينة، (وكان وزن متفجرات المدفعية السوفيتية أثقل من الحمولة التي قذفتها قاذفات الحلفاء الغربيين[31]) واخترقت الجبهة البلاروسية الأولى التشكيلات الأخيرة للجناح الشمالي لمجموعة الجيوش المركزية أثناء تقدمها ناحية شرق وشمال شرق المدينة وعبروا شمال يوتربوغ حتى وصلوا قرب الخطوط الأمريكية الأمامية على نهر إلبه في ماغديبورغ[32]. وفي الشمال بين شتاتين وشفيدت، هاجمت الجبهة البلاروسية الثانية الجانب الشمالي لمجموعة جيوش فيستولا التابعة لجيش الدبابات الثالث بقيادة هاسو فون مانتيفيل[30]. وخلال اليوم التالي، تقدم جيش دبابات الحرس السوفيتي الثاني بقيادة بوغدانوف حوالي 50 كيلومتر شمال برلين ثم هاجم جنوب غرب فيرنيشين. ووصلت وحدات سوفيتية أخرى على حدود المدينة، وكانت خطة السوفيت هي حصار برلين تمهيداً لحصار الجيش التاسع الألماني[33].

وانتقلت قيادة الفيلق الخامس تلقائياً من جيش الدبابات الرابع إلى الجيش التاسع عندما وقع في الحصار مع الجيش التاسع شمال فورشت. وكان الفيلق لا يزال يرابط على الطريق السريع الرابط ما بين برلين و كوتبس. وعندما حقق الجانب الجنوبي لجيش الدبابات الرابع بعض النجاحات في صد هجمات الجبهة البلاروسية الأولى، قام هتلر بإصدار أوامر أظهرت فقدانه لمهارته العسكرية، فقد أمر الجيش التاسع بالتمركز في كوتبس وتكوين جبهة غربية[34]. ثم عليهم مهاجمة القوات السوفيتية المتجهة شمالاً. وكانت هذه الجبهة طرف الكماشة الشمالي الذي سيطبق مع جيش الدبابات الرابع القادم من الجنوب على الجبهة الأوكرانية الأولى. وكان عليهم انتظار هجوم جنوبي من جيش الدبابات الثالث ثم الاستعداد للتحول لطرف كماشة جنوبي لتطويق الجبهة البلاروسية الأولي التي سيتم تدميرها بواسطة مفرزة (أكبر من فيلق وأصغر من جيش) تتقدم من شمال برلين بقيادة لواء وحدات النخبة النازية فليكس شتاينر[35]. وعندما أوضح شتاينر أنه لا يملك فرق الجيش الكافية للهجوم، قام هاينريكي بالاتصال بقادة أركان هتلر وقال لهم إنهم إذا لم يسحبوا الجيش التاسع في أسرع وقت فأنه سيُحاصر بين الجبهتين البلاروسية والأوكرانية وأنه قد فات أوان تحركه إلى الشمال الغربي إلى برلين ويجب عليه التحرك غرباً[35]. وذهب هاينريكي إلى حد التهديد بأنه سيطلب من هتلر التنحي إذا لم يأمر بتحرك الجيش التاسع غرباً[36].

وفي 22 أبريل، كان هتلر في حالة يرثى لها من الغضب الممزوج بالدموع في اجتماع تقييم الحالة عندما أدرك أن خطط اليوم السابق لم يكتب لها النجاح. وأعلن أنه خسر الحرب ولام اللواءات وقرر البقاء في برلين حتى النهاية ثم الانتحار. وفي محاولة لإخراج هتلر من غضبه، إقترح اللواء ألفريد يودل سحب الجيش الثاني عشر الألماني الذي يقوده اللواء ڤالتر فانك من الغرب للتوجه إلى برلين مادام الأمريكيين لن يكونوا ليتقدموا أكثر من موقعهم على نهر الألبه[35]. وتعلق هتلر بالفكرة وفي خلال ساعات أُمر فانك بفك الاشتباك مع الأمريكيين والتحرك بجيشه إلى الشمال الشرقي إلى برلين. وتم حينها إدراك أنه إذا تحرك الجيش التاسع غرباً فأنه سيلتحم مع الجيش الثاني عشر. وفي المساء أعطى هاينريكي الأمر بالإلتحام[37].

وبعيداً عن غرفة الخرائط وتخيلات قادة الأركان في مقر الفوهرر، كان السوفيت يكسبون المعركة فعلياً على الأرض. فقد قامت الجبهة البلاروسية الثانية بإنشاء رأس جسر على الضفة الشرقية لنهر الأودر وعبرت مسافة 15 كيلومتراً وكانت مشتبكة بضراوة مع جيش الدبابات الثالث. وخسر الجيش التاسع كوتبس وكان مضغوطاً عليه من الشرق. وتقدمت دبابات سوفيتية كرأس حربة على نهر الهافل إلى شرق برلين واخترقت دبابات أخرى الحلقة الدفاعية الداخلية لبرلين[38].

صواريخ الكاتيوشا تقصف برلين

وقام أحد المراسلون الحربيون السوفيت بالتعليق على المعركة بأسلوب الصحافة الروسية الحماسي المعروف أتناء الحرب العالمية الثانية عندما أصبحت برلين في مدى قذائف المدفعية السوفيتية[39]:

رأينا على جدران البيوت نداءات گوبلز التي كُتبت بعُجالة بطلاء أبيض: "سيدافع كل ألماني عن عاصمته. سندحر الجحافل الحمراء على أسوار مدينتنا. فقط حاولوا أن توقفوهم!"
ورصت الحواجز، الألغام، الشراك، الفرق الانتحارية بقنابلهم اليدوية ممسوكة بأيديهم في انتظار الهجوم.
وبدأت السماء تمطر قليلاً، ورأيت بطاريات الصواريخ قرب بيسدورف تستعد لإطلاق النار.
"ماهي هي الأهداف؟" سألت قائد البطاريات.
أجابني "وسط برلين، كباري شبري، وشمال برلين ومحطة قطارات شتاتين"
ثم جاءت الأوامر من القيادة "إقصفوا عاصمة ألمانيا الفاشية."
ونظرت في الساعة فكانت 8:30 صباحاً، يوم 22 أبريل. وسقطت ستة وتسعون قذيفة مدفع على وسط برلين خلال بضع دقائق.

وفي 23 أبريل، ضيقت الجبهتان البلاروسية والأوكرانية الخناق على برلين، وقطعت آخر ارتباط بين الجيش التاسع والعاصمة[38]. واستمرت عناصر من الجبهة البلاروسية الأولى في التحرك غرباً وبدأت في الاشتباك مع الجيش الألماني الثاني عشر الذي كان متجهاً إلى برلين. وفي نفس اليوم، عين هتلر اللواء هلموت ڤايدلنگ كقائد لمنطقة برلين الدفاعية مكان الفريق ريمان[40]. وبحلول 24 أبريل أكملت عناصر من الجبهتين البلاروسية والأوكرانية الحصار على المدينة[38]. وفي اليوم التالي 25 أبريل، دُعمت منشآت الحصار بوحدات سوفيتية كبيرة تقوم بالبحث عن مداخل قطارات الإنفاق واختراقها. وفي نهاية اليوم انهارت الدفاعات الألمانية الرئيسية ولم يكن هناك شئ يحول دون دخول السوفيت للمدينة إلا دفاعات يمكنها فقط تأخير الدخول لأن السوفيت كسبوا المعارك الحاسمة خارج المدينة[41].

المعركة في برلين

برج مدفعية مضاد للطائرات في حديقة حيوان برلين، ويظهر في الصورة دبابتان سوفيتان مدمرتان من نوع يوسف ستالين

كانت القوات المتاحة لڤايدلنگ للدفاع عن المدينة مكونة من العديد من فرق الجيش الألماني وفرق وحدات النخبة النازية المقاتلة (فافين) (بالألمانية: Waffen-SS)، وكان تعداد جميع القوات حوالي 45.000 رجل.[3] وكانت هذه الفرق مدعمة بقوات الشرطة، والصبيان الصغار في منظمة شباب هتلر، وجيش الشعب (بالألمانية: Volkssturm) (فولكس شتورم)[3]. وكان العديد من الرجال الكبار في الفولكس شتورم مقاتلين سابقين في الجيش وبعضهم كان من قدامي المحاربين الذين شاركوا في الحرب العالمية الأولى. وكان لدى قائد حي وسط المدينة، عميد وحدات النخبة النازية فيلهلم مونكه، أكثر من 2.000 رجل تحت قيادته.[3][nb 6] وقسم ڤايدلنگ المدينة إلى ثمانية أقسام، كل قسم يقوده عقيد أو لواء، ولكن لم يمتلك معظمهم خبرة قتالية سابقة[3]. وفي غرب المدينة كانت ترابط فرقة المشاة العشرون. وفي الشمال فرقة المظلات التاسعة[42]. وفي الشمال الشرقي فرقة دبابات مونخيبورغ. وفي الجنوب الغربي شرق مطار تيمبلهوف فرقة المشاة الميكانيكية الحادية عشر التابعة لوحدات النخبة النازية المسماه نوردلاند (بالألمانية: Nordland) (أي أراضي الشمال)[43].وكانت فرقة المشاه الميكانيكية الثامنة عشر التابعة للاحتياط ترابط في حي وسط برلين[44].

وكان مصير برلين قد حُسم منذ أن ربح السوفيت المعارك الحاسمة خارج المدينة، وعلى الرغم من ذلك فقد استمر الألمان في المقاومة[41]. وفي 23 أبريل، هاجم جيش الصاعقة الخامس بقيادة نيقولاي برزارين و جيش دبابات الحرس الأول بقيادة ميخائيل كاتوكوڤ برلين من الجنوب الشرقي وبعد أن صدا هجوم مضاد بواسطة فيلق الدبابات الألماني السادس والخمسين ووصلا في مساء يوم 24 أبريل إلى حلقة السكك الحديدية لقطارات الأنفاق في الجانب الشمالي من قناة التيلتوف. وفي نفس الوقت، أمر هتلر كل القوات الألمانية بإعادة تقوية الدفاعات الداخلية، ولكن لم يصل إلى برلين سوى وحدات من المتطوعين في وحدات النخبة النازية الفرنسية تحت قيادة العميد گوستاف كروكنبورگ[45]. وفي يوم 25 أبريل، عُين كروكنبورغ كقائد للقطاع الدفاعي ج، وكان قطاع ج هو أكثر قطاع يعاني من الضغط السوفيتي لدخول المدينة[46].

وفي 26 أبريل، عُين لواء المدفعية هلموت ڤايدلنگ كقائد لمنطقة برلين الدفاعية[47]. وشق جيش الحرس الثامن بقيادة ڤاسيلي تشيكوڤ وجيش دبابات الحرس الأول طريقهما عبر الضواحي الجنوبية وهاجما مطار تيمبلهوف، ووصلا إلى حلقة قطارات الأنفاق الدفاعية، حيث واجها مقاومة شرسة من فرقة مينخيبورگ[45]. ولكن بحلول يوم 27 أبريل، واجهت فرقتا المينخيبورگ والنوردلاند الضعيفتان اللتان تدافعان عن الجنوب الشرقي خمسة جيوش سوفيتية - من الشرق إلى الغرب: جيش الصاعقة الخامس، جيش الحرس الثامن، جيش دبابات الحرس الأول، وجيش دبابات الحرس الثالث بقيادة بافيل ريبالكو (جزء من الجبهة الأوكرانية الأولى). ولذلك تراجعت فرقتا المينخيبورغ والنوردلاند إلى وسط المدينة حيث اتخذا مواقع دفاعية جديدة حول هيرمانبلاتز[48]. وأبلغ كروكينبورغ في الحال اللواء هانز كريبس قائد قيادة أركان القيادة العليا للجيوش الألمانية أنه في خلال 24 ساعة سيتوجب على فرقة النوردلاند التراجع إلى قطاع وسط المدينة[49]. وكانت القوات السوفيتية تتقدم إلى وسط المدينة على المحاور الرئيسية التالية: من الجنوب الشرقي، على طول الفرانكفورتر إليه (وينتهي عند ألكسندرپلاتس)؛ من الجنوب عبر سونين إليه وينتهي شمال بيل أليانس پلاتس، من الجنوب وينتهي عند پوتسدامر پلاتس ومن الشمال وينتهي قرب الرايخستاگ[50]. وكانت الأماكن التي شهدت أعنف المعارك هي الرايخستاگ، جسر ملتكه، ألكسندرپلاتس وجسور هافل في شپانداو، وكان القتال من بيت إلى بيت وفي الشوارع. وقاتلت الوحدات الأجنبية التابعة لوحدات النخبة النازية بشراسة لأنها كانت ذات عقيدة ومبدأ كما أعتقدوا أنهم سيقتلون لو وقعوا في الأسر[51].


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

السيطرة على الرايخستاگ

معركة الرايخستاگ.

وفي الساعات الأولى من صباح 29 أبريل، عبر جيش الصاعقة السوفيتي الثالث جسر ملتكه وبدأ بالتجول في الشوارع والمباني المحيطة. وكان لغياب المدفعية أثراً كبيراً على سرعة تقدم الهجمات الأولى على المباني التي تضمنت مبنى وزارة الداخلية. ولم تتدخل المدفعية حتى تم اصلاح الجسر المدمر[52]. وفي الساعة الرابعة صباحاً بمقر الفورر، كتب هتلر وصيته الأخيرة ثم تزوج من إيفا براون[53]. وبحلول الفجر كثف السوفيت هجماتهم من الجنوب الشرقي. وبعد قتال عنيف تمكنوا من احتلال مقر الگستابو في شارع برينز-ألبرخت (بالألمانية: Prinz-Albrecht Straß) ويُعرف هذا الشارع حالياً باسم نيدركيرشنر (بالألمانية: Niederkirchner straße)، ولكن السوفيت أُجبروا على التراجع من المبنى تحت ضغط الهجوم المضاد الذي قامت به وحدات النخبة النازية المقاتلة فافين[54]. وفي الجنوب الغربي بدأ جيش الحرس الثامن هجومه ناحية الشمال عبر قناة لاندفير إلى تايرگارتن[55].

وبحلول اليوم التالي، 30 أبريل، تمكن السوفيت من إعادة بناء الجسور المحطمة وبمساندة المدفعية هاجموا الرايخستاگ في الساعة السادسة صباحاً. ولم يتمكن السوفيت من دخول المبنى حتى المساء بسبب الخنادق الألمانية حول المبنى ومساندة مدافع عيار 88 مم الموجودة على أبراج المدفعية المضادة للطائرات في حديقة حيوان برلين التي تبعد كيلومترين عن الرايخستاگ. ولم يكن مبنى الرايخستاگ مستخدماً منذ عام 1934 عندما أمر هتلر بحرقه وكان المبنى من الداخل بشبه كومة ركام. واستغل الألمان هذا أحسن استغلال واعتمدوا اعتماداً كبيراً على الانتظار في الخنادق والحفر وبين الركام. وطارد السوفيت الألمان داخل المبنى من غرفة إلى غرفة واستغرقت هذه المطاردات يومين حتى سيطر السوفيت تماماً على الرايخستاگ.

السيطرة على وسط المدينة

خطوط الجبهات في 1 مايو. الوردي = أراضي يحتلها الحلفاء؛ الأحمر = منطقة قتال)
الدمار في وسط المدينة، 3 يوليو 1945
سجناء الحرب من شباب هتلر في شوارع برلين

خلال الساعات الأولى من صباح يوم 30 أبريل، أبلغ ڤايدلنگ هتلر شخصياً أن المدافعين عن المدينة ستنفذ ذخيرتهم بحلول الليل. فاعطاه هتلر الأذن بمحاولة الهروب عبر خطوط الجيش الأحمر التي تحاصر برلين[56]. وفي عصر هذا اليوم، انتحر هتلر وإيفا وأُحرقت جثتيهما في مكان ليس ببعيد عن مقر الفورر[57]. وكان هتلر قد أوصى في وصيته الأخيرة برئاسة البلاد للواء بحري كارل دونتز في حكومة فلنسبورغ، وبالمستشارية لگوبلز[58].

وعندما عبر السوفيت الخطوط الدفاعية وتراجع المدافعون، تركزوا في منطقة صغيرة في وسط المدينة. وكانوا حوالي 10.000 جندي ألماني، تمت مهاجمتهم من جميع الجهات. وعلى جانب آخر دكت المدفعية السوفيتية مبنى وزارة الطيران المبني من الخرسانة المسلحة. وتراجعت كتيبة دبابات التايگر الألمانية من مواقعها شرق تيرگارتن للدفاع عن وسط المدينة ضد جيش الحرس الثالث بقيادة كوتزنيتسوف (الذي على الرغم من اشتراكه في القتال بضراوة حول الرايخستاگ إلا أنه كان يتقدم من شمال تيرگارتن) وضد جيش الحرس الثامن الذي يتقدم من جنوب تيرگارتن[59]. وقامت هذه القوات السوفيتية بقطع المنطقة التي تشبه الهلال التي يمسك بها الألمان إلى نصفين وجعلوا الهروب إلى الغرب أكثر صعوبة[60].

وفي الساعات الأولى من يوم 1 مايو، جرت محادثة بين كريبس و اللواء تشيكوف، قائد جيش الحرس الثامن السوفيتي[nb 7]، واخبره بموت هتلر ورغبته في إجراء مفاوضات الاستسلام النهائي للمدينة[61]. ولكنهم لم يتوصلوا لاتفاق بسبب إصرار السوفيت على الاستسلام غير المشروط وادعاء كريبس بعدم امتلاكه صلاحية ذلك[62]. وفي عصر هذا اليوم انتحر گوبلز وعائلته (لأنه كان يرفض الاستسلام). وكان گوبلز هو العقبة الوحيدة أمام ڤايدلنگ لإعلان الاستسلام غير المشروط. ولكنه فضل الانتظار حتى صباح اليوم التالي لإعلان الاستسلام حتى ينفذ مخططه للهرب في الليل[63].

السقوط والاستسلام

وفي ليلة 2/1 مايو، حاول معظم الجنود الألمان عبور الخطوط السوفيتية للهرب من وسط المدينة في ثلاثة اتجاهات مختلفة. ونجح فقط الجنود الذين اتجهوا غرباً عبر تيرگارتن وعبروا على جسر الشارلوتين (بالألمانية: Charlottenbrücke) (على نهر الهافل) للوصول إلى شبانداو[64]. وعلى الرغم من نجاحهم في الهرب والوصول إلى شبانداو، إلا أن القلة التي عبرت أولاً هي التي نجحت في الوصول لخطوط الحلفاء الغربين بينما قتل أو أسر السوفيت معظم الهاربين[65]. وفي الصباح الباكر ليوم 2 مايو، سيطر السوفيت على مقر المستشارية. ولم يتكبد السوفيت العناء الذي تكبدوه للسيطرة على الرايخستاگ لأن معظم الجنود هربوا أو كانوا مشغولين بالهرب[66]. واستسلم اللواء ڤايدلنگ وقادة أركانه في الساعة السادسة صباحاً. واصطحبه السوفيت لرؤية اللواء تشوكوف في الساعة 8:30 صباحاً. ووافق ڤايدلنگ على أمر الجنود الألمان بالاستسلام للسوفيت[67]. وقام ڤايدلنگ بكتابة هذا الأمر بناء على أوامر اللواءين تشوكوف وفاسيلي سوكولوفسكي[62].

وغادرت الحامية القوية المكونة من 350 رجل برج المدفعية المضادة للطائرات في حديقة برلين. وكان هناك قتال متفرق في بعض البنايات المعزولة حيث يوجد بعض جنود وحدات النخبة النازية الذين رفضوا الاستسلام فقام السوفيت بتحويل هذه البنايات إلى ركام[68]. وقام الجيش الأحمر بتوزيع الطعام على الألمان مدنيين وعسكريين في مطاعم تابعة للجيش الأحمر ولكن قام السوفيت بالمرور على البيوت وأخذ أي شخص في أي لباس رسمي مثل رجال الإطفاء وعمال السكك الحديدية وارسلوهم للشرق كسجناء حرب[69].

المعركة خارج برلين

في وقت ما في يوم 28 أبريل أو 29 أبريل، تم إعفاء اللواء گوتهارد هاينريكي، قائد مجموعة جيوش فيستولا من منصبه بسبب عصيانه لأوامر هتلر المباشرة له بالدفاع عن برلين بأي ثمن وعدم أمر جنوده نهائياً بالتراجع أو الاستسلام. وتم استبداله باللواء كورت شتودنت[70]، ولكن عُين اللواء كورت فون تيپلس‌كيرش مؤقتاً حتى وصول اللواء شتودنت.[71] ولكن يوجد حتى الآن التباس في معرفة أي منهم حل محل هاينريكي لأنه توجد بعض المصادر التي ترجح سقوط شتودنت في أسر البريطانيين وعدم وصوله لبرلين.[47] وبغض النظر عن من هو القائد فقد همشت الحالة المتدهورة التي يعاني منها الألمان في أخر أيام الحرب مسألة قيادة مجموعة جيوش فيستولا أو تلقيها الأوامر أو إصدارها للتقارير.[72]

وفي مساء يوم 29 أبريل، أتصل كريبس باللواء ألفرد يودل (القائد الأعلى للقوات المسلحة) بواسطة اللاسلكي[62]:

طلب تقرير عاجل.

أولاً: عن مكان الجيش الثاني عشر بقيادة ڤالتر ڤنك.
ثانياً: الوقت المحدد للهجوم.
ثالثاً: موقع الجيش التاسع.
رابعاً: تحديد المكان الذي سيعبر منه الجيش التاسع بالضبط.
خامساً: مكان فيلق الدبابات الحادي والأربعون بقيادة اللواء رودولف هولسته.

وفي الصباح الباكر ليوم 30 أبريل، رد عليه يودل[62]:

:أولاً: تعثر فنك جنوب بحيرة شڤايلوڤ Schwielowsee.

ثانياُ، ولذلك، الجيش الثاني عشر غير قادر على مواصلة الهجوم على برلين.
ثالثاً، تم محاصرة جزء من الجيش التاسع.
رابعاً، فيلق دبابات هولسته في موقع دفاعي.

الشمال

بدأت الجبهة البلاروسية الثانية بقيادة روكوسوفسكي هجومها على شمال برلين بينما كانت الجبهة البلاروسية الأولى والجبهة الأوكرانية الأولى تحاصر برلين وتحارب داخلها. وفي يوم 20 أبريل في مكان بين شتاتين وشفيدت، هاجمت الجبهة البلاروسية الثانية الجانب الشمالي لمجموعة جيوش ڤستولا التابعة لجيش الدبابات الثالث[30]. وبحلول يوم 22 أبريل، قامت الجبهة البلاروسية الثانية بانشاء رأس جسر على الضفة الشرقية لنهر الأودر بعمق أكثر من 15 كيلومتر واشتبكت بضراوة مع جيش الدبابات الثالث[38]. وفي يوم 25 أبريل، اخترقت الجبهة البلاروسية الثانية خطوط جيش الدبابات الثالث بالقرب من رأس الجسر جنوب شتاتين، وعبرت مستنقع راندوفبروخ، وفُتح الطريق أمام الجبهة للتحرك غرباً ناحية مجموعة الجيوش الحادية والعشرون البريطانية بقيادة مونتگمري وإلى الشمال ناحية ميناء شترالسوند على بحر البلطيق[73].

وتراجع جيش الدبابات الثالث والجيش الحادي والعشرون المتمركزان شمال برلين غرباً تحت الضغط المتواصل من الجبهة البلاروسية الثانية، ودفعوا للتراجع تدريجياً إلى جيب عرضه 32 كيلومتر يمتد من نهر الإلبه إلى الساحل. وكان على غرب الجيوش المُحاصرة مجموعة الجيوش البريطانية الحادية والعشرون، وعلى شرقهم الجبهة البلاروسية الثانية ومن جهة الجنوب الجيش التاسع الأمريكي الذي تحرك شرقاً حتى وصل إلى لودفيگسلوست وشفيرين[74].

الجنوب

الملازم وليام روبرتسون من الجيش الأمريكي والملازم أول ألكسندر سيلڤاشكو من الجيش الأحمر ومن ورائهم تظهر علامة "الشرق يقابل الغرب" عندما تقابل الجيشين السوفيتي والأمريكي قرب تورگاو، ألمانيا.

أدت النجاحات التي حققتها الجبهة الأوكرانية الأولى خلال الأيام التسع الأولى للمعركة إلى احتلالهم مساحات واسعة جنوب وجنوب غرب برلين بحلول يوم 25 أبريل. وتقابلت مقدمتهم مع عناصر الجبهة البلاروسية الأولى غرب برلين، مكملين الحلقة التي تحاصر المدينة. وفي هذه الأثناء، قامت فرقة الحرس الثامنة والخمسون التابعة لجيش الحرس الخامس التابع للجبهة الأوكرانية الأولى بالاتصال بفرقة المشاة التاسعة والستون الأمريكية التابعة للجيش الأول الأمريكي قرب تورگاو على نهر الإلبه[73]. وقسمت هذه المناورات بين القوات الألمانية جنوب برلين إلى ثلاثة اقسام. فحُوصر الجيش التاسع الألماني في جيب الهالبه. وكان الجيش الثاني عشر الألماني بقيادة ڤنك يحاول تنفيذ أوامر هتلر التي اصدرها يوم 22 أبريل بالعودة إلى برلين من الجنوب الغربي ولكنه لاقى مقاومة عنيفة من وحدات الجبهة الأوكرانية الأولى في پوتسدام. وأُجبرت مجموعة الجيوش المركزية بقيادة شورنر على الانسحاب من المعركة، على طول خطوط اتصالها ناحية تشيكوسلوفاكيا.[75]

وبين يومي 24 أبريل و1 مايو، دخل الجيش التاسع الألماني معركة يائسة للخروج من جيب الهالبه للحاق بالجيش الثاني عشر الألماني[76]. فقد افترض هتلر أنه لو نجح الجيش التاسع في الخروج من الجيب والاتحاد مع الجيش الثاني عشر فإن الجيشين يمكنهم فك الحصار عن برلين[77]. ولكن لا يوجد ما يدل على موافقة جنرالات الجيش الكبار مثل هاينريكي، تيودور بوسه أو فنك على افتراض هتلر. ولكن موافقة هتلر على تحرك الجيش التاسع اعطى فرصة لعدد كبير من الجنود الألمان للهرب للغرب والاستسلام لجيش الولايات المتحدة[78].

قلادة الاستيلاء على برلين، قُدمت لـ 1,100,000 عسكري سوفيتي

وفي فجر يوم 28 أبريل، قامت فرق الشباب كلاوسفيتز، شارنهورست وتيودور كورنر بالهجوم من الجنوب الغربي ناحية برلين. وكانت هذه الفرق أجزاء من الفيلق العشرين بقيادة فنك ومكونة من ضباط مراكز التدريب؛ مما يجعلها واحدة من أفضل وحدات الاحتياط. وقامت هذه الفرق بتغطية مسافة طولها 24 كيلومتر قبل أن تتوقف مسيرتهم على حافة بحيرة شفايلوف، جنوب غرب بوتسدام على بعد 32 كيلومتر من برلين[79]. وفي الليل، أبلغ اللواء فينك القيادة العليا للجيوش الألمانية في فورستن‌بورگ أن جيشه الثاني عشر أُجبر على التراجع. وطبقاً لكلام فنك، فأنه لايمكنه الهجوم على برلين في هذه الحالة لأن الجيش التاسع تم محاصرته ولايمكنه الاتحاد به[62]. ولكن في هذه الأثناء كانت الأحداث تأخذ منحي آخر في الهالبه حيث نجح حوالي 25.000 جندي ألماني يصاحبهم الآلاف المدنيين في الهرب والوصول إلى خطوط الجيش الثاني عشر. وكانت الخسائر الناتجة عن معركة الهالبه كبيرة على الجانبين، فقتل حوالي 20.000 جندي سوفيتي أثناء محاولتهم منع الألمان من الهروب. وقد تم دفن الجنود السوفيت في مقبرة على طريق مارك - زوسن[80].

وبعد فشل الجيش الثاني عشر في الوصول لبرلين، اعطوا الناجين من الجيش التاسع وسائل نقلهم الزائدة ثم اتجهوا ناحية الألبه حيث يوجد الجيش الأمريكي[81]. وبحلول 6 مايو، عبرت العديد من وحدات وأفراد الجيش الألماني نهر الألبه واستسلموا للجيش التاسع الأمريكي[72]. وفي نفس الوقت، كانت رؤوس كباري ومقرات الجيش الثاني عشر في حديقة شونهاوزين تحت قصف المدفعية السوفيتية المكثف وتم دفعهم للانضغاط في مساحة 16 كم2.[82]


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

الاستسلام

سجناء حرب جيش الشعب الذين أسرتهم الجبهة البلاروسية الأولى يُعرضون في شوارع برلين، 1945
نساء ألمانيات يغسلون أغراضهم من صنبور ماء بارد، وبجانبهم عربة مدرعة خفيفة مدمرة، 3 يوليو 1945

في ليلة 2/3 مايو، استسلم اللواء هاسو فون مانتيفيل قائد الجيش الثالث مدرعات ومعه اللواء كورت فون تيپلس‌كيرش قائد الجيش الثاني عشر للجيش الأمريكي[72]. واستسلم الجيش الثاني تحت قيادة فون ساوكين الذي حارب شمال شرق برلين في دلتا الڤستولا إلى السوفيت يوم 9 مايو[74]. وفي صباح يوم 7 مايو، بدأ رأس الجسر الذي انشأه الجيش الثاني عشر على نهر الإلبه بالانهيار. وعبر فنك النهر في عصر هذا اليوم واستسلم للجيش التاسع الأمريكي[82].

الخسائر

خسرت القوات السوفيتية في عملية الهجوم على برلين وما صاحبها من معارك مثل معركة مرتفعات الزيلو ومعركة الهالبه حوالي 81.116 طبقاً لبحث لگريگوري كريڤوشيڤ الذي اعتمد فيه على معلومات سرية مفرج عنها من الأرشيف السوفيتي[7]. بينما كانت التقديرات الغربية أعلى من ذلك بكثير[6]. وأبلغ عن 280.251 جندي مريض أو مجروح خلال العملية. وتتضمن كل هذه الأرقام الجنود البولنديين الذين قُتل أوفُقد منهم 2.825 و جُرح [7] 6.067. وكلفت العملية السوفيت حوالي 2.000 عربة مدرعة، على الرغم من ذلك فأن الرقم النهائي غير معروف. وقدرت المصادر السوفيتية خسائر الألمان بـ 458.080 قتيل و 479.298 أسير[nb 8]. ولا يُعرف حتى الآن عدد المدنيين القتلى.

تخليد الذكرى

نحو 1,100,000 من الجنود السوفيت الذين شاركوا في الاستيلاء على برلين من 22 أبريل إلى 2 مايو 1945 حصلوا على وسام للاستيلاء على برلين.

"راية النصر #5"، مرفوعة على سطح الرايخستاگ

راية النصر المستخدمة في الاحتفالات السوڤيتية بعيد النصر عرّفها القانون الاتحادي لروسيا،[83] on May 7, 2007, as a copy of the flag was raised on the Reichstag (with the hammer and sickle, and the inscription). This flag is not the first to be hoisted on the Reichstag, but is the first (and the only surviving) of the 'official' flags, explicitly prepared for that purpose, to be raised there.

يوم العلم الرسمي في پولندا يقام كل عام في 2 مايو، آخر أيام معركة برلين، حين رفع الجيش البولندي علمه على عمود النصر ببرلين.[84]

انظر أيضاً

وصلات خارجية

مراجع

مراجع
  1. ^ أ ب ت Ziemke, p. 71
  2. ^ Murray, p. 482
  3. ^ أ ب ت ث ج ح Beevor, p. 287
  4. ^ Wagner, p. 346
  5. ^ Bergstrom, p. 117.
  6. ^ أ ب Glantz, p. 373
  7. ^ أ ب ت ث ج Khrivosheev, pp. 219,220.
  8. ^ Glantz, p. 271
  9. ^ Antill, p. 85
  10. ^ Duffy, pp. 24,25
  11. ^ أ ب Hastings, p. 295
  12. ^ Beevor, p. 52
  13. ^ Beevor, p. 9
  14. ^ Dollinger, p. 198
  15. ^ Beevor, p. 196
  16. ^ Williams, p. 213
  17. ^ Bullock, p. 753
  18. ^ Bullock, pp. 778–781
  19. ^ Williams, pp. 310,311
  20. ^ History of the de Havilland Mosquito, القوات الجوية الأسترالية الملكية. Retrieved on 13 September 2008.
  21. ^ Beevor, Preface xxxiv, and pp. 138,325
  22. ^ Beevor, p. 198
  23. ^ Williams, p. 292
  24. ^ أ ب ت ث Ziemke, p. 76
  25. ^ أ ب Williams, p. 293
  26. ^ Williams, p. 322
  27. ^ أ ب Beevor, pp. 217–233
  28. ^ Beevor, p. 274
  29. ^ أ ب Beevor, pp. 312–314
  30. ^ أ ب ت Ziemke, p. 84
  31. ^ Antony Beevor speaking as himself in the documentary "Revealed" Hitler's Secret Bunkers (2008))
  32. ^ Beevor, p. 337
  33. ^ Ziemke, p. 88
  34. ^ Beevor, p. 345
  35. ^ أ ب ت Beevor, p. 310–312
  36. ^ Ziemke, pp. 87,88
  37. ^ Ziemke, p. 89
  38. ^ أ ب ت ث Ziemke, p. 92 خطأ استشهاد: وسم <ref> غير صالح؛ الاسم "Ziemke92" معرف أكثر من مرة بمحتويات مختلفة. خطأ استشهاد: وسم <ref> غير صالح؛ الاسم "Ziemke92" معرف أكثر من مرة بمحتويات مختلفة.
  39. ^ Lewis, p. 465
  40. ^ Beevor, p. 294
  41. ^ أ ب Ziemke, p. 111
  42. ^ Beevor, p. 223
  43. ^ Beevor, p. 243
  44. ^ Ziemke, p. 93
  45. ^ أ ب Beevor, pp. 259, 297
  46. ^ Beevor, pp. 291,292, 302
  47. ^ أ ب Dollinger, p. 228
  48. ^ Beevor, pp. 246,247
  49. ^ Beevor, pp. 303,304
  50. ^ Beevor, p. 340
  51. ^ Beevor, pp. 257,258
  52. ^ Beevor, p. 349
  53. ^ Beevor, p. 343
  54. ^ Beevor, p.351
  55. ^ Beevor, pp. 352,353
  56. ^ Beevor, p. 358
  57. ^ Bullock, pp. 799,800
  58. ^ Williams, pp. 324,325
  59. ^ Beevor, p. 352
  60. ^ Beevor, pp. 356,357
  61. ^ Beevor, p. 367
  62. ^ أ ب ت ث ج Dollinger, p. 239
  63. ^ Beevor, pp. 380,381
  64. ^ Beevor, pp. 383–389
  65. ^ Ziemke, pp. 125,126
  66. ^ Beevor, p. 388
  67. ^ Beevor, p. 386
  68. ^ Beevor, p. 409
  69. ^ Beevor, pp. 388–393
  70. ^ Beevor, p. 338
  71. ^ Exton, Brett. Some of the prisoners held at Special Camp 11: Generaloberst Gotthard Heinrici. Retrieved on 13 September 2008.
  72. ^ أ ب ت Ziemke, p. 128
  73. ^ أ ب Ziemke, p. 94
  74. ^ أ ب Ziemke, p. 129
  75. ^ Beevor, p. 443
  76. ^ Le Tissier, p. 117
  77. ^ Le Tissier, pp. 89,90
  78. ^ Beevor, p. 330
  79. ^ Ziemke, p. 119
  80. ^ Beevor, p. 337
  81. ^ Beevor, p. 395
  82. ^ أ ب Beevor, p. 397
  83. ^ خطأ استشهاد: وسم <ref> غير صحيح؛ لا نص تم توفيره للمراجع المسماة rg.ru
  84. ^ Kutylowski 2011.
ملاحظات

تذييل

خطأ استشهاد: علامة <ref> بالاسم " StudentTippelskirch " المحددة في <references> لها سمة المجموعة " lower-alpha " والتي لا تظهر في النص السابق.
خطأ استشهاد: علامة <ref> بالاسم " Weidling " المحددة في <references> لها سمة المجموعة " lower-alpha " والتي لا تظهر في النص السابق.
خطأ استشهاد: علامة <ref> بالاسم " SovietEsts " المحددة في <references> لها سمة المجموعة " lower-alpha " والتي لا تظهر في النص السابق.
خطأ استشهاد: علامة <ref> بالاسم " GermanTroops " المحددة في <references> لها سمة المجموعة " lower-alpha " والتي لا تظهر في النص السابق.
خطأ استشهاد: علامة <ref> بالاسم " GermanCasualties " المحددة في <references> لها سمة المجموعة " lower-alpha " والتي لا تظهر في النص السابق.
خطأ استشهاد: علامة <ref> بالاسم " LastOffensive " المحددة في <references> لها سمة المجموعة " lower-alpha " والتي لا تظهر في النص السابق.
خطأ استشهاد: علامة <ref> بالاسم " SovietPrisoners " المحددة في <references> لها سمة المجموعة " lower-alpha " والتي لا تظهر في النص السابق.
خطأ استشهاد: علامة <ref> بالاسم " Casualties " المحددة في <references> لها سمة المجموعة " lower-alpha " والتي لا تظهر في النص السابق.
خطأ استشهاد: علامة <ref> بالاسم " CapturedPrisoners " المحددة في <references> لها سمة المجموعة " lower-alpha " والتي لا تظهر في النص السابق.

خطأ استشهاد: علامة <ref> بالاسم " Rapes " المحددة في <references> لها سمة المجموعة " lower-alpha " والتي لا تظهر في النص السابق.

ملاحظات

خطأ استشهاد: علامة <ref> بالاسم " rg.ru " المحددة في <references> لها سمة المجموعة " " والتي لا تظهر في النص السابق.
  1. ^ حل هاينريكي محل كورت شتودنت يوم 28 أبريل. وعين تيپلس‌كيرش مؤقتاً مكان هاينريكي حتى يصل شتودنت ويتولى القيادة. ولكن البريطانيون قبضوا على شتودنت ولم يصل قط لبرلين.
  2. ^ حل ڤايدلينگ محل إرنست كايتر كقائد لبرلين الذي تولى المنصب ليوم واحد فقط بعد استلامه القيادة من ريمان
  3. ^ قدر المخططون السوفيت عدد القوات الألمانية بمليون رجل، ولكن هذا الرقم كان مبالغ فيه (گلانتس، صفحة.258)
  4. ^ كان قسماً كبيراً من الـ 45.000 جندي تابعين لفيلق الدبابات السادس والخمسين الذي كان في بداية المعركة جزء من الجيش الألماني التاسع المرابط على مرتفعات الزيلو
  5. ^ أنظرمجلة دير شبيغل: (الترجمة): "هتلر يقلد الجنود الصغار الأوسمة: تعتبر هذه الصورة واحدة من أشهر صور التاريخ العسكري الحديث ونشرت عدة مرات ولسوء الحظ فإنها كانت تؤرخ خطأ بتاريخ 20 أبريل عيد ميلاد هتلر ولكن في الحقيقة أن التاريخ الحقيقي للصورة هو 20 مارس 1945، على حسب الدورية الألمانية (داي دويتش فوخينشاو) التي نشرت الصورة لأول مرة يوم 22 مارس 1945.
  6. ^ قدر السوفيت العدد فيما بعد بـ 180.000، وتضمن هذا العدد السجناء، والرجال في الزي الرسمي مثل عمال السكة الحديد وأعضاء هيئة التوظيف (بالألمانية: Reichsarbeitsdienst).(بيفور، صفحة.287)
  7. ^ دولينغر يحدد وقت اللقاء بالثالثة صباحاً (صفحة.239) بينما بيفور يحدده بالرابعة صباحا (صفحة.367)
  8. ^ تضمن السجناء العديد من الرجال العزل في الزي الرسمي مثل عمال السكك الحديدية وأعضاء هيئة التوظيف (بيفور ،صفحة.287)