توطين اللاجئين الفلسطينيين في الأردن
مشروع توطين اللاجئين الفلسطينيين في الأردن، هو أحد مشروعات التوطين المقترحة لتوطين اللاجئين الفلسطينيين في بلداان اللجوء، والذين تم تهجيرهم من فلسطين بدءاً من موجات الهجرة التي أعقبت حرب 1948، وحرب 1967 حتى الوقت الحالي.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
خلفية
منذ عام 1948 وضع أكثر من 50 مشروع للتوطين، بمشاركة عربية وفلسطينية أحياناً، وبأسماء وعناوين مختلفة. أما القرار الأممي رقم 194 الذي ينص على عودة اللاجئين فقد تحول الى مادة تفاوض تحت عنوان "تعويض المتضررين".[1]
بداية لا يمكن فهم إشكالية اللاجئين الفلسطينيين في الأردن بمعزل عن تطلعات النظام الأردني لتوسيع إمارة شرق الأردن التي حصلت على استقلالها الكامل عن بريطانيا عام 1946، أي قبل عامين من نكبة فلسطين، وذلك بضم جزء من فلسطين إلى السيادة الأردنية، كما أوصت لجنة بيل عام 1937 التي اقترحت مشروعاً لتقسيم فلسطين بين اليهود والعرب، على أن يكون «الجزء العربي من فلسطين جزءاً متحداً مع شرق الأردن». وهو ما يشير إلى أن هذا الطموح الرسمي الأردني كان يلتقي والمخططات البريطانية بهذا الخصوص، إلا أن قرار التقسيم عام 1947. رقم 181 نصًّ على إقامة دولتين يهودية وفلسطينية، متجاهلاً أطماع النظام في الأردن جزء من فلسطين، ولذلك امتنعت بريطانيا برأي بعض المراقبين عن التصويت على هذا القرار.[2]
وظل الأردن يعارض إنشاء كيانية فلسطينية مستقلة، حتى بعد حرب 1948 وإنشاء دولة إسرائيل، حيث سيطر الجيش الأردني لاحقاً وفي أقل من عام على كامل المساحات التي كانت الجيوش العربية (الأردن ـ العراق ـ مصر) قد استولت عليها في حرب 1948، وأنشأ في فبراير 1949 «الإدارة المدنية الأردنية».
وبينما كان أنصار الكيانية الفلسطينية المستقلة يشكلون وبدعم من مصر «حكومة عموم فلسطين» على خلفية الهيئة العربية العليا التي اعترفت بها جامعة الدول العربية باستثناء الأردن، كان أنصار الضم، وبدعم من الملك عبد الله وأجهزته ينظمون مؤتمري أريحا وعمان لانتزاع شرعية فلسطينية ودولية، وكان من أهم مقررات مؤتمر أريحا «أن تتألف من فلسطين والمملكة الأردنية الهاشمية مملكة واحدة، وأن يبايع جلالة الملك عبد الله بن الحسين ملكاً دستورياً على فلسطين».
كذلك سمح منذ فبراير 1949 لأي شخص فلسطيني بحق الحصول على جواز سفر أردني، كخطوة أولى على طريق تجنيس الفلسطينيين، حيث اعتبر كل الفلسطينيين الذين لجؤوا إلى الأردن أو المقيمين في ظل الحكم الأردني أردنيين، وفي مطلع عام 1950 وبعد سلسلة إجراءات إدارية جرى إلقاء اسم فلسطين والاستعاضة عنه بالضفة الغربية، واعتبارها جزءاً من المملكة، وجرت بتاريخ 11 أبريل 1950 أول انتخابات نيابة مشتركة أعطت 20 مقعداً لكل الضفة الغربية. وجرى تحرير قانون الضم في أول جلسة للبرلمان المنتخب بتاريخ 24 أبريل 1950. والذي وافقت عليه بريطانيا باستثناء القدس، كما تعاملت إسرائيل مع الضم كأمر واقع. وكذلك وافقت جامعة الدول العربية بعد ممانعة لم تطل كثيراً.
استمرت هذه الوضعية السياسية والقانونية والإدارية حتى بعد حرب 1967، واحتلال إسرائيل للضفة الغربية فيما احتلته من أراض عربية، وفي عام 1972 طرح الملك حسين مشروعٍ المملكة العربية المتحدة، لكنه لم ينفذ، واستمر الوضع السباق حتى 31 يوليو 1988 حين أعلن الملك حسين قرار الأردن بفك العلاقة القانونية والإدارية بين الضفتين، أو ما يعرف فك الارتباط والذي جاء استباقاً وتمهيداً لعميلة التسوية التي تفترض وجود كيانية فلسطينية تتحمل مسؤولية القرار المتعلق بالشعب الفلسطيني وأراضيه المحتلة وقضاياه المختلفة.
أوضاع اللاجئين الفلسطينيين في الأردن
تبلغ حصة الأردن عام 1949 من اللاجئين تبلغ 70 ألف لاجئ فقط، من أصل 736 ألف لاجئ فلسطيني.
بينما نلاحظ بالمقارنة مع الجدول رقم «4» أن عدد اللاجئين عام 1950 في قفز إلى 960.21 وفق إحصائيات الأمم المتحدة، وأن نصيب الأردن بات يبلغ 506.200 ألف لاجئ. وتذكر أن هذه القفزة الكبرى في أعداد لاجئي الأردن تعود أساساً إلى قرار ضم الضفة الغربية إلى المملكة الأردنية الهاشمية بعد مؤتمر أريحا.
وعندما تم ضم الضفة الغربية إلى شرق الأردن سنة 1950، فإن نحو 90 بالمئة من اللاجئين الفلسطينيين المقيمين آنذاك في الضفة تمكنوا من الحصول على الجنسية الأردنية. إلا أن هذا القانون لم يشمل الفلسطينيين الذين جاءوا إلى الأردن بعد تاريخ 16 فبراير 1954.
وتفيد إحصائيات الأونروا أن عدد اللاجئين الفلسطينيين الذين تم إحصاؤهم حتى 30 يونيو 2001 يبلغ في الأردن 1.639.718 لاجئاً، بزيادة عن العام السابق نسبتها 4.4 في المئة. وهي زيادة تقارب معدلات النمو السكاني العليا الراهنة، وهذا العدد يشكل 42.3 في المئة من مجموع اللاجئين الفلسطينيين المسجلين في الأونروا.
ومع ذلك تعتبر «إدارة الشؤون الفلسطينية» في الأردن أن العدد الحقيقي أكبر من ذلك بكثير، إذ يوجد قرابة 15 بالمئة من اللاجئين غير مسجلين في قيود «الأونروا» من الأردن، كما يبلغ الآن عدد اللاجئين للمرة الثانية والنازحين في حرب 1967 حوالي 408 آلاف فلسطيني، إضافة إلى قرابة 350 ألف من مهجري قطاع غزة، يقطنون جميعاً في الأردن.
واستمرت عمليات التهجير بعد ذلك فيما بين نهاية 1967 و1979 مما أدى إلى نزوح 354 ألف مواطن أي بمعدل يبلغ 29.500 شخص سنوياً، إلا أن أغلبهم يحافظون على هوية الضفة الغربية مما يمكنهم من العودة إليها، وخصوصاً النازحين، بحيث اعتبرت هجرتهم مؤقتة.
وبذلك نكتشف أن احتلال الضفة الغربية وقطاع غزة عام 1967 وإن لم يغير من الوضعية القانونية للضفة الغربية حتى جاء قرار فك الارتباط عام 1989، إلا أن كل ذلك منح دينامية خاصة لأرقام اللاجئين.
جاء في تقرير «دائرة الشؤون الفلسطينية» المقدم إلى مؤتمر المشرفين على شؤون اللاجئين في القاهرة أواخر يناير 2002 أنه «يوجد في المملكة الآن ما يقارب 1.640 مليون لاجئ فلسطيني مسجلين لدى وكالة الغوث الدولية، يشكلون ما نسبته 41 بالمئة من مجموع اللاجئين المسجلين، وأكثر من 90 بالمئة من مجموع النازحين منذ حرب 1967 موجودون في الأردن» الآن.
المخيمات
انتشر اللاجئون الفلسطينيون في مساحة الأردن، بعضهم التجأ إلى الأقارب والأصدقاء، وجلهم استهدى إلى الأماكن العامة كالمساجد والكنائس والمدارس، وبعضهم تاه في الطرقات والمزارع، حتى عام 1950 حيث بدأت «الأونروا» توزع خياماً إلى اللاجئين، وحددت لهم بالاتفاق مع الحكومة الأردنية أراض لنصب هذه الخيام، والتي أصبحت تعرف لاحقاً بالمخيمات.
في الأردن 13 مخيماً، ستة منها أنشئت كمخيمات مؤقتة بعد حرب 1948، وسبعة أخرى تعتبر مخيمات طوارئ أنشئت لخدمة النازحين واللاجئين بعد حرب 1967، إلا أن ثلاثة من ضمنها لا تحظى باعتراف وكالة الغوث بها كمخيمات، ولا تتدخل في إحصائياتها. ويلاحظ أنه رغم الأعداد الكبيرة للاجئين الفلسطينيين في الأردن إلا أن نسبة من يعيشون منهم داخل المخيمات أقل من 18% أو هم 287.951 لاجئ في عام 2001. يعيشون في 10 مخيمات تعترف بها الأونروا. وهناك ثلاثة مخيمات أخرى لا تحظى باعتراف الوكالة وبالتالي لا تحظى برعايتها وخدماتها الكاملة.
وعليه فإن الكتلة الرئيسية من اللاجئين تتوزع ضمن مناطق السكن العشوائي والبالغة 28 منطقة في الأردن، وقسم منهم نجح في اختراق التجمعات المدينية في المملكة وسكن فيها بحكم الوظيفة أو العمل أو الإمكانيات المادية، وهم ثلة. كما يلاحظ بأن المخيمات الفلسطينية في الأردن هي مناطق السكن الأكثر شعبية، وانخفاضاً في أجور السكن، لذلك يقطن فيها أعداد متزايدة من العائلات الأردنية الأصل الفقيرة، وهذا ما يفسر بعضاً من الفروقات في أعداد اللاجئين ما بين الإحصائيات الأردنية وإحصائيات الأونروا.
كثير من المخيمات أقيم بشكل عشوائي في أماكن تجمع اللاجئين أو «النازحين» لحظة وصولهم إلى الأردن، في حين أقيمت مخيمات لاحقة بالتنسيق بين الحكومة الأردنية ووكالة الغوث، مثل مخيم الوحدات، وهي أكثر تنظيماً، إلا أنها بشكل عام تعاني من ازدحام شديد، نتيجة التزايد الطبيعي في أعداد اللاجئين ومحدودية مساحة المخيمات، ولأنه غير مسموح بتوسيع المخيمات أفقياً، ولا بزيادة عدد الطوابق السكنية عمودياً. والآن تبلغ الكثافة السكانية في مخيم الوحدات مثلاً حوالي 55 ألف نسمة في مساحة لا تكاد تصل إلى نصف كيلومتر مربع. بينما في مخيم البقعة يعيش 810 آلاف نسمة في حدود 1.25 كيلومتر مربع فقط.
وأغلب الأراضي التي أقيمت عليها المخيمات هي أراض إما أميرية، أو مملوكة لخزينة الدولة، أو أراضٍ خاصة استملكتها الحكومة الأردنية بموجب قانون الاستملاك لسنة 1953، استملاكاً مطلقاً أو استملاك حق التصرف. وضمن حدود 20 سنة إلى 5 سنوات. قابلة للتجديد تلقائياً في نص قرار استملاك بعضها، بينما يخلو بعض قرارات الاستملاك من هذا النص. مما يثير دعاوى استرداد أملاك بين الملاك الأصليين للأرض وبين الحكومة الأردنية، علماً بأن الحكومة الأردنية تدفع تعويضات لأصحاب الأراضي المستملكة، وهي تتراوح حالياً بين دينار ونصف للدونم الواحد إلى 168 ديناراً للدونم في بعض الحالات.
وتقدم الحكومة الأردنية جزءاً من الخدمات للاجئين الفلسطينيين فيها، خصوصاً وأن أغلبهم يحملون الجنسية الأردنية ـ فهي تتابع تطوير البنية التحتية في المخيمات (إصلاح الطرق ـ المنازل ـ شيكات المياه والكهرباء والصرف الصحي).
الخدمات المقدمة للاجئين
ويستفيد اللاجئون الفلسطينيون من خدمات الحكومة الأردنية في مجالات الأمن والقضاء والبريد. وأعداد كبيرة من أبناء اللاجئين تستفيد من خدمات التعليم الحكومي في المراحل الابتدائية والثانوية، كما يستفيدون من توفير الكتب المدرسية. وكذلك يستفيد اللاجئون الفلسطينيون من الخدمات الصحية في المراكز والمستشفيات العامة ومن التأمينات الصحية أيضاً.
تقدم الحكومة الأردنية إضافة لذلك دعماً مالياً وإشرافاً مباشراً على الأندية الرياضية والجمعيات الخيرية، وتشرف على إدارة 3 مراكز تدريب نسائية على الخياطة والتطريز. إضافة لخدمات الوعظ والإرشاد وبناء المراكز الدينية، وكذلك خدمات إدارية متعددة تشرف على معاملات اللاجئين مع الجهات الرسمية أو مع الأونروا..
وأخيراً كانت الحكومة الأردنية تقدم مساعدات عينية لحوالي 200 ألف نازح توزع أربع مرات في العام، وقد توقفت أخيراً عن ذلك.
- التعليم:
بينما تتكفل وكالة غوث وتشغيل اللاجئين بالقسط الآخر من الخدمات المقدمة للاجئين الفلسطينيين. ففي مجال التعليم يوجد في الأردن أكبر عدد من المدارس الابتدائية والإعدادية التي تشغلها الأونروا، وتبلغ 190 مدرسة، فيها 139.803 طالب وطالبة، إلا أن 106 مدرسة من أصل مجموع مدارس الأونروا يرجع تاريخ بنائها إلى فترة الخمسينيات والستينيات، وهي تحتاج إلى الترميم، ورغم ذلك فهي تعاني من الازدحام إذ يضم الفصل الواحد 50 تلميذاً، وقد اضطرت الوكالة إلى استخدام نظام الدوامين أو التداول على فصول الدارسة في 93 بالمئة من المدارس. كما أن 49 مدرسة هي أبنية مستأجرة وغير نظامية.
وتشير أنه وخلافاً لمدارس الأونروا في الدول الأخرى، فإن أعداد الطلاب المنتسبين إلى مدارس الأونروا في الأردن مستمر بالتناقص، وبلغ نسبة 14 في المئة عام 1998 بسبب استمرار الهجرة إلى الضفة من جهة، ولكون المدارس الحكومية الأردنية ذات الدوام الواحد أفضل من مدارس الأونروا التي تخضع للتقشف حتى فيما يخص الجهاز التدريسي.
- الصحة:
أما في مجال الصحة فتؤمن الوكالة لكل لاجئ (سواء ممن يعيشون في المخيمات أو خارجها) الحق في تلقي الرعاية الطبية من الأطباء العاملين في المراكز الصحية المتعددة الاختصاصات الموجودة في الأردن والبالغ عددها 23 مركزاً. ويقدم هؤلاء الأطباء خدمات صحية وقائية وعلاجية إلى جانب خدمات التنظيم العائلي. إلا أن نفقات العلاج والإقامة بالمستشفيات لا يستردها المرضى من الوكالة الأممية، وبإمكان الفلسطينيين لتوجه إلى المستشفيات الحكومية واسترجاع جزء من المصاريف الطبية من الوكالة.
ويعود جزء من تدني مستوى الخدمات الطبية المقدمة في الوكالة إلى نقص الأطباء (طبيب واحد لكل 150 ـ 200 مريض تقريباً في اليوم، إضافة لنقص الأدوية الفادح.
يذكر أن عدد العيادات الطبية التابعة للأونروا في الأردن يقارب العيادات في الدول الأخرى، رغم فارق أعداد اللاجئين في الأردن».
ويبين الجدول رقم «10» توزع المراكز الصحية التابعة للأونروا أو سواها في مخيمات اللاجئين الـ13 في الأردن، بينما يوضح الجدول «11» أنواع الخدمات الصحية المقدمة للاجئين في الأردن.
- الميزانية والخدمات الاجتماعية:
يعاني اللاجئون في الأردن من تخفيضات ميزانية الوكالة وانخفاض الخدمات، حيث تقلص معدل الإنفاق على اللاجئ الواحد من 110.4 دولار عام 1992 إلى 78.4 دولار عام 1996 لكل لاجئ.
وقد أصابت التخفيضات برنامج التعليم فتراجع معدل كلفة التلميذ الواحد من 330 دولاراً إلى 278 دولاراً، كما جرى تحميل التلاميذ أعباء الصيانة والتجهيزات المدرسة كخطوة أولى نحو تراجع مجانية التعليم في مدارس الوكالة.
كما حصل تخفيض حاد في برنامج الصحة، إذ تراجع الإنفاق على المواطن الواحد من 18 دولاراً إلى 10 دولاراً في سنة. وازدادت مشكلة الاستشفاء استعصاءاً. وجرى تحميل اللاجئين جزءاً كبيراً من كلفة العمليات الجراحية.
وكذلك تراجعت الخدمات الاجتماعية، فألغيت مشاريع إصلاح المأوى، ومشاريع إنشاء البنى التحتية وتحسنها، وفرضت معايير متزمتة وانتقائية لحالات العسر الشديد. وكذلك جرى تجميد التوظيف فحصل نقص في الجهاز التعليمي، وحرمان الموظفين المؤقتين من الضمانات، والدائمين من حقهم في الزيادة الدورية للأجور.
ويبين الجدول «12» برنامج الخدمات الاجتماعية في الأردن:
وكخلاصة نجد أن تناقص خدمات الأونروا يتناسب عكساً مع تزايد أعداد اللاجئين وتزايد الاكتظاظ في المخيمات والتجمعات العشوائية لسكناهم، وتفاقم حالة البطالة.
ويوضح الجدول رقم «13» حصة الأردن من بنود ميزانية الأونروا لعام 2000 ويعتبر انسحاب الوكالة من المهمات والمسؤوليات الملقاة على عاتقها أن يجيء لصالح أهداف سياسية التوطين للاجئين، حيث تحولت هذه المسوؤليات إلى دائرة حكومية رسمية «دائرة الشؤون الفلسطينية».
الوضع القانوني
تعرض الوضع القانوني للاجئين الفلسطينيين في الأردن إلى تطور يواكب العلاقات الأردنية الفلسطينية في محطاتها الهامة. فبداية بعد مؤتمر أريحا وإعلان ضم الضفة الغربية إلى المملكة الأردنية الهاشمية عام 1950 حصل أغلب اللاجئين الفلسطينيين، (حوالي 90 بالمئة منهم) على الجنسية الأردنية، إلى أن أوقف المفعول التلقائي لقانون الحصول على الجنسية بعد 16 شباط «فبراير» 1954. وبالتالي أصبح لهؤلاء اللاجئين كامل الحقوق النظرية للمواطن الأردني، وعليهم كامل واجبات المواطنة أيضاً، بما فيها الخدمة العسكرية.
ويذكر أن الأردن وقع عام 1972 على العهد الدولي المتعلق بالحقوق المدنية والسياسية، وكذلك على العهد الدولي المتعلق بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية لسنة 1966، كما انضم الأردن في عام 1971 إلى الاتفاقية الدولية لسنة 1965 المتعلقة بالقضاء على كل أشكال التمييز العنصري، إلا أن الأردن لم يصادق على اتفاقية جنيف لسنة 1951 ولا على بروتوكول نيويورك لعام 1967 المتعلقين بوضع اللاجئين، انطلاقاً من خصوصية تعامله مع هذه المسألة، حيث كان ينظر لهم كمواطنين من حملة الجنسية الأردنية.
في عام 1988 جرى فك الارتباط مع الضفة الغربية وإنهاء العلاقة القانونية والإدارية التي ترتبت على قانون الضم السابق، إلا أن الحكومة الأردنية استدركت أن فك الارتباط مع الضفة، لا يمس وضعية اللاجئين الفلسطينيين في الأردن، والمتمتعين بالجنسية الأردنية، ويدرك المراقبون أن القرار السابق جاء استباقاً وتمهيداً لعملية التسوية التي بدأت لاحقاً في مؤتمر مدريد، لأنها تفترض وجود كيانية فلسطينية مستقلة تتحمل مسؤولية التفاوض مع إسرائيل على الضفة وباقي الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967، وتتحمل مسؤولية القرار أمام الشعب الفلسطيني. وهو التوجه الذي ظهرت بداياته عام 1974 في قمة الرباط، التي أكدت أن منظمة التحرير الفلسطينية هي الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني.
بعد توقيع معاهدة وادي عربة، بدأ الموقف الرسمي الأردني يتعاطى بجدية عالية مع موضوعة التوطين، باعتبارها خيار التسوية القادمة، وهو ما أقر به المفاوض الأردني علانية في المادة الثامنة من المعاهدة، حيث ربط الحل بالتوطين والتعويض.
وأجرى الأردن تعديلاً على وظيفة واسم «دائرة شؤون الفلسطينيين» على تلك الخلفية، فأصبحت منذ عام 1998 «دائرة الشؤون الفلسطينية» وهي تتمتع بصلاحيات وزارة رسمية، وتتبع مباشرة لرئاسة مجلس الوزراء، بعد أن كانت جزءاً من وزارة الخارجية، كما أنشأت هذه الدائرة «لجان تحسين المخيمات» والتي يجري تعيينها بالاتفاق ما بين المدير العام لدائرة الشؤون الفلسطينية وبين المحافظ الإداري للمنطقة التي يتبع لها المخيم، وفي كل مخيم مكتب محلي لهذه اللجان يتألف من 7 إلى 13 عضواً معيناً، يتابعون تطوير البنية التحتية في المخيم وقضايا الخدمات. وهم بمثابة مجلس بلدي للمخيم لكنه لا ينتخب أسوة بباقي المجالس البلدية.
ويذكر أنه إضافة للجان تحسين المخيمات، توجد مجموعة مؤسسات أخرى تقدم خدماتها للاجئين الفلسطينيين، بدءاً من وكالة الغوث إلى بعض المراكز الاجتماعية والصحية إلى مراكز اجتماعية إسلامية وأخرى مسيحية، وأخيراً مركز كيماوي لمساعدة الفلسطينيين.
التمييز
رغم قرار الضم، وتجنيس اللاجئين الفلسطينيين، إلا أن حقوق المواطنة بغية نظرية في جانب منها، فاللاجئون الفلسطينيون لازالوا يتمتعون بوضعية سياسية وقانونية خاصة، إذ لا يشاركون على سبيل المثال بالانتخابات البلدية والقروية. وحتى النظام الانتخابي النيابي يحد من تمثيل الأردنيين من أصل فلسطيني في مجلس النواب، حيث لم يزد عددهم في الدورات 89 ـ 93 ـ 97 عن 14 نائباً من مجموع النواب الـ80، إضافة لسبعة أعضاء في مجلس الأعيان من أصل 40 وكذلك خمس وزراء في أغلب الحكومات وهذا لا يتناسب مع نسبة وجودهم في المجتمع الأردني والتي تفوق الـ50 بالمئة. علماً أن توزع مقاعد البرلمان قبل 1988 كان يتم مناصفة بين الضفتين الشرقية والغربية.
كما أن 90 بالمئة من المناصب الحكومية لا سيما في الجيش والشرطة والقضاء والجامعات تخصص في المقام الأول للمقيمين من أصل أردني. وهذا ما شجع على ظهور تيار «أصحاب الحقوق المنقوصة» والذين يتحدثون عن التمييز الذي يتعرضون له في الأردن.
إلا أن التمييز الحقيقي يكمن في الإطار الاجتماعي الاقتصادي للاجئين الفلسطينيين، وخصوصاً من سكان المخيمات ومناطق السكن العشوائي المنتشرة في الأردن حول المدن، أكثر منه تمييزاً في الحقوق النظرية للمواطنة أو المؤشرات السابقة. حيث يعيش أغلب اللاجئين الفلسطينيين في الأردن حياة مزرية، تفتقد للكثير من شروط الحياة الكريمة. وضمن معدلات اقتصادية بائسة.
يضاف إلى كل ذلك الانتقاص من الحقوق الاجتماعية والسياسية في التنظيم والتعبير، حيث تتابع الحكومة الأردنية محاولات بسط هيمنتها على المخيمات الفلسطينية، من خلال تعيين الوجهاء المرتبطين بها في لجان تحسين المخيمات، والإشراف المباشر على كل ما يجري داخل المخيمات، وصولاً إلى ربط جميع المؤسسات الشعبية في المخيمات بهذه اللجان، على غرار ما جرى للأندية الرياضية والثقافية مؤخراً. ومن ثم دائرة الشؤون الفلسطينية، والآن أصبحت لجنة تحسين المخيم ومن ثم دائرة الشؤون الفلسطينية هي الجبهة المعنية بالعلاقات الأردنية ذات الشأن الفلسطيني، وفي علاقاتها مع الوكالة، ويمثل رئيس دائرة الشؤون الفلسطينية الأردن في اجتماعات رئاسة الأونروا، أو اللجان المشرفة، كما يحضر الاجتماعات الأردنية الفلسطينية المشتركة، وكأنه الوزير الأردني المختص بالشأن الفلسطيني، والذي هو في الوقت نفسه شأن أردني داخلي.
مشروع التوطين في الأردن
نصت الفقرة «ب» من المادة 78 من معاهدة السلام الأردنية ـ الإسرائيلية على حل موضوع اللاجئين «في إطار عمل المجموعة المتعددة الأطراف» إضافة إلى «إجراء حوار ثنائي أو غير ذلك، يتم في إطار يتفق عليه، ويأتي مقترناً بالمفاوضات الخاصة بالوضع القانوني الدائم أو متزامناً معها». وذلك في ما يتعلق بالحدود الدولية، كما أشارت المعاهدة إلى «تطبيق برامج الأمم المتحدة المتفق عليها، بما في ذلك توطين اللاجئين».
أما في موضوع النازحين، فقد أكدت المعاهدة على ما جاء في اتفاق أوسلو، باعتبار اللجنة الرباعية التي تضم الأردن ومصر وفلسطين وإسرائيل تشكل إطاراً لحل مشكلتهم. مع أن اللجنة الرباعية منذ أوسلو وحتى تاريخه لم نجتمع إلا مرتين، الأولى في عمان سنة 1995 والثانية في بيت لحم سنة 1996 دون أن تتوصل إلى أي نتيجة.
إلا أن الأردن واستباقاً لمفاوضات الحل الدائم، بدأ من خلال توسيع صلاحيات «دائرة الشؤون الفلسطينية» وأذرعها «لجان تحسين المخيمات» ومن خلال برنامج مشروع حزمة الأمان الاجتماعي، يتعاطى مع قضية اللاجئين في اتجاهات التوطين التي نصت عليها معاهدة وادي عربة ـ وأصبح ينظر إلى الفلسطينيين الموجودين في الأردن كشأن أردني داخلي، وبدأ بتسليم مهام خدمات الأونروا الآخذة بالتقلص تدريجياً منذ توقيع اتفاق أوسلو، حيث انزاحت بمسؤولياتها تجاه اللاجئين من قضايا القوت والتشغيل إلى مشاريع السلام. وحصل تداخل بين الميزانية العادية للأونروا، ميزانية مشاريع السلام، وجرى إدماج فائض الميزانية العادية لعام 2001 بميزانية المشاريع التي تعاني من العجز.
ويتضح مما سبق أن الموقف الرسمي الأردني يميل للتعاطي مع قضية اللاجئين في إطار مشاريع التوطين، باعتبارها خيار التسوية القادمة. رغم معارضة شديدة ممن يسمون بـ«التيار الوطني الأردني» الذين أظهروا تخوفاً من المعادلة الديمغرافية بين مواطني الأردن المتباينين في أصول الفلسطينية أو الأردنية. وخلافاً لذلك يجد النظام الأردني نفسه معنياً باستحقاقات قضايا الحل النهائي على المسار الفلسطيني بدءً من القدس والحدود ومروراً بالمياه والعلاقات الإقليمية وصولاً إلى قضية اللاجئين. خصوصاً وأنه يأمل بحصة الأسد من التعويضات المرتقبة للاجئين في سياق مشاريع التوطن، والتي سبق للملك الراحل حسين أن حددها في ثلاث مستويات ستكون عائديتها المباشرة أو غير المباشرة على الأردن، وهي:
1ـ تعويضات للأفراد بدل أملاك ومصالح متروكة في فلسطين أثناء التهجير.
2ـ تعويضات للأردن عن نفقاته على اللاجئين الفلسطينيين طيلة أكثر من نصف قرن سواء في البنى التحتية أو الخدمات.
3ـ تعويضات للأردن من أجل إعادة تأهيل اللاجئين للتوطين في الأردن عبر تأهيل البنى التحتية، وتدريب وتأهيل اللاجئين للانخراط في الحياة الإنتاجية والاستغناء عن خدمات وكالة الأونروا، كما يجري حالياً.
ويلاحظ المراقبون تخلي وكالة الأونروا عن العديد من مهامها لصالح الدول المضيفة. وعدم إشراكها في إجراءات تحسين وتطوير المخيمات الأردنية تحديداً. والتي أوكلت إلى «دائرة الشؤون الفلسطينية». كما يلاحظون تقليص مساعدات وتبرعات الدول المانحة لوكالة الغوث، والاستعاضة عنها بمنح وتبرعات للهيئات الأردنية الحكومية «دائرة الشؤون الفلسطينية» والتي تصرف في إطار حزمة الأمان الاجتماعي وبآليات الهدر والفساد دون أن تنعكس على الأوضاع الخدمية للاجئين الفلسطينيين والتي تزداد سوءاً. n
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
مشروع حزمة الأمان الاجتماعي
في إطار استعدادات الأردن لمرحلة ما بعد التسوية النهائية، وانسجاماً مع الإطار العام لحل قضية اللاجئين كما نصت عليه اتفاقية وادي عربة. بدأ الأردن مشروع حزمة الأمان الاجتماعي الذي يهدف إلى تطوير مناطق السكن العشوائي في الأردن وعددها 28 منطقة، من بينها المخيمات الـ13، وهي عموماً مناطق سكن اللاجئين الفلسطينيين، بدليل أن المخيمات لا تحوي إلا 17.66 بالمئة من مجموع اللاجئين الفلسطينيين المسجلين لدى وكالة الغوث «راجع الجدول 8»، بينما يقطن باقي مناطق السكن العشوائي 13427 وهي أعداد قليلة بالنسبة للعدد الإجمالي للاجئين الفلسطينيين.
يجري تنفيذ هذا المشروع بإشراف «دائرة الشؤون الفلسطينية» وبالتنسيق مع وزارة التخطيط، ودائرة التطوير الحضري التابعة لوزارة الإسكان. وشكلت لجنة إشراف يرأسها مدير «دائرة الشؤون الفلسطينية» ويتضمن المشروع مرحلتين:
- الأول من عام 1998 ـ 2000، وكانت تحت شعار إصلاح البنية التحتية لتلك المناطق وتحسينها، إضافة إلى منح تدريب للشباب للتعاون مع «المعهد الإيطالي» والعمل على توفير الإقراض المتوسط.
- المرحلة الثانية ما بين 2001 ـ 2002 وقد بدأت بتحويل المخيمات إلى بلديات مع تحويل أسمائها أو إلحاقها بأقرب بلدة إليها. فمخيم البقعة على سبيل المثال أصبح «بلدة عين الباشا» في السجلات الرسمية، بما فيها سجل الأحوال المدنية، بما يؤشر على قرار شطب المخيمات تمهيداً لشطب اللاجئين. وتوطينهم.
وهذا يفترض تمليكهم الوحدات السكنية بعد أن استمروا لأكثر من نصف قرن كشاغلين لوحدات سكنية تابعة للأمم المتحدة.
ويلاحظ أن مشروع «حزمة الأمان الاجتماعي» يتضمن مجموعة إجراءات لإعادة تأهيل المخيمات ومناطق السكن العشوائي، وفق مواصفات لجنة العمل الخاصة باللاجئين، التابعة للمفاوضات متعددة الأطراف، وتشمل عناوين حزمة الأمان: استملاك الأراضي ـ تأهيل وتطوير البنى التحتية في المخيمات ومناطق العشوائيات من الطرق والجسور والأرصفة إلى شبكات المياه والكهرباء والصرف الصحي. إلى إنشاء المرافق العامة. وتحسين مستوى السلامة العامة وإيجاد فرص عمل والمحافظة على البيئة.
مشروع جونستون
- مقالة مفصلة: خطة المياه الموحدة لوادي الأردن
توجه إريك جونستون مبعوث الرئيس الأمريكي دوايت أيزنهاور إلى الشرق الأوسط في الفترة ما بين سنة 1953 و1955 للقيام بمفاوضات بين الدول العربية وإسرائيل,وحمل معه مشروعا لتوطين الفلسطينيين على الضفة الشرقية للأردن، أطلق عليه مشروع الإنماء الموحد لموارد مياه نهر الأردن. ينفذ على خمس مراحل تستغرق كل مرحلة سنتين أو ثلاثا. وتخصيص مساحات كبيرة من الأراضي المروية في الأردن للاجئين الفلسطينيين. ويعد مشروع جونستون تواصلاً مع المشاريع السابقة
- دراسة سميث وبروتي: أرسلت لجنة الشؤون الخارجية لمجلس النواب الأمريكي بعثة استقصاء إلى الشرق الأوسط بداية سنة 1954، وأصدر عضوا البعثة, النائبان سميث وبروتي من ولاية ڤرمونت تقريرا في أواخر فبراير 1954، يوصي بممارسة الضغط على الدول العربية لتفتح أبوابها أمام استيعاب اللاجئين.وأوصت البعثة بتحديد سقف زمني لوقف معونة الأمم المتحدة للاجئين، لتقوم الولايات المتحدة بتقديم المعونة إلى الدول التي توفر مساكن للاجئين وتمنحهم حق المواطنة. وقد أوصت بعثة تالية سنة 1955 الولايات المتحدة بتخفيف معاناة اللاجئين وتحمل مسؤولية إعادتهم إلى وطنهم أو توطينهم.
لجنة بن گوريون
عين رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق ديڤد بن گوريون لجنة في أغسطس 1948 وكانت مهمتها منع عودة الفلسطينيين. وأوصت في تقريرها الأول بتوطين اللاجئين في البلدان المضيفة، كسوريا والأردن بمساعدة من الأمم المتحدة، ويفضل في العراق.
مشروع إيگال ألون
طرح إيگال ألون وزير العمل في حكومة ليڤي أشكول مشروعا متكاملا للتسوية مع الأردن سنة 1968 وقال ألون في مشروعه: إن إسرائيل وحدها لا تستطيع حل المشكلة بأسرها، أو الجزء الأكبر منها اقتصاديا وسياسيا وديموغرافيا. والمشكلة كما يراها ألون تقع في خانة تبادل السكان. فقد استوعبت إسرائيل اليهود, والدول العربية تستوعب اللاجئين العرب بنفس العدد.
ردود الفعل
انظر أيضاً
المصادر
- ^ "وثائق توطين الفلسطينيين .....اسعد العزوني". شبكة ڤولتير. 2008-02-03. Retrieved 2013-04-07.
- ^ اللاجئون الفلسطينيون في الأردن، مؤسسة القدس للثقافة والتراث