الجمهورية الفرنسية الأولى

Coordinates: 48°52′00″N 2°19′59″E / 48.86667°N 2.33306°E / 48.86667; 2.33306
الجمهورية الفرنسية

الجمهورية الفرنسية الأولى
1792–1804
علم فرنسا، جمهورية 1
العلم
Motto: Liberté, égalité, fraternité, ou la mort!
الحرية، المساواة، الإخاء، أو الموت!
الجمهورية الفرنسية الأولى (ح.1800)
الجمهورية الفرنسية الأولى (ح.1800)
العاصمةباريس
اللغات الشائعةالفرنسية
الحكومةجمهورية
Assembly 
• 1792–1795
المؤتمر الوطني
بقيادة ماكسميليان روبسپيير
• 1795–1799
الديركتوار
بقيادة پول بارا
• 1799–1804
القنصلية
وناپليون بوناپرت القنصل الأول
التشريعالمؤتمر الوطني
الديركتوار
فرنسا القنصلية
التاريخ 
14 يوليو 1789
21 سبتمبر 1792
5 سبتمبر 1793 to
28 يوليو 1794 إلغاء العبودية 4 فبراير 1794.
24 يوليو 1794
9 نوفمبر 1799
• ناپليون بوناپرت يُعلنه امبراطوراً مجلس الشيوخ
18 مايو 1804
Currencyفرنك فرنسي
سبقها
تلاها
مملكة فرنسا (1791–1792)
الامبراطورية الفرنسية الأولى
خريطة فرنسا، من رسم لوي كاپيتان (1800)

الجمهورية الفرنسية الأولى (فرنسية: République française) أعلنت الجمهورية الفرنسية بشكل رسمي في 21 أيلول 1792، خلال الثورة الفرنسية. في ذلك اليوم خلع لويس السادس عشر بشكل رسمي، وانتهت الملكية الفرنسية. وهذه كانت أول حكومة جمهورية في أوربة.

استمرت الجمهورية الفرنسية حتى قيام الامبراطورية الفرنسية الأولى في عام 1804. وقد أعلن نابليون بونابارت نفسه إمبراطوراً في عام 1804، بعد أن خدم كقنصل أول من عام 1799 إلى عام 1804 منهياً بذلك الجمهورية الفرنسية.

قسمت الجمهورية دستورياً إلى ثلاث حكومات:

  1. الجمعية الوطنية: 1792-1795، ماكسمليان روبسبير، عهد الإرهاب.
  2. حكومة المديرين: 1795-1799، باول بارا، حركة الترميدوريون.
  3. حكومة القناصل: 1799-1804، نابليون بونابرت، انقلاب 18 شهر الضباب.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

نهاية النظام الملكي في فرنسا

أدار اليعاقبة بحذق ومهارة انتخابات هذه الجمعية الثالثة (المؤتمر الوطني) التي تعتبر ذروة المد الثوري وانحداره في الوقت نفسه، وكانت مهارتهم في هذه الانتخابات تفوق حتى مهارتهم في انتخابات سنة 1971. لقد وجهوا الأمور بعناية بشكل غير مباشر: فالمصوتون يختارون الناخبين الذين يلتقون في جمعية انتخابية تختار بدورها النواب أو الوكلاء الذين يمثلون دوائرهم الانتخابية في المؤتمر الوطني، وكان الانتخاب في المرحلتين علنا وبالتعبير الصوتي عن الرأي، وكان الناخب - في كل مرحلة - يتعرض للأذى إن هو أغضب الزعماء المحليين(1). وفي المدن رفض المحافظون التصويت "فقد كان عدد الممتنعين كبيرا"(2) فمن بين سبعة ملايين شخص مؤهلين للتصويت امتنع 6,3 (3). وفي باريس بدأ التصويت في 2 سبتمبر واستمر لعدة أيام، بينما كانت المذبحة عند بوابات السجون ترسل الإشارات وتعطى التلميحات للناس: كيف تصوتون وكيف تبقون على قيد الحياة. وفي كثير من المناطق أحجم الكاثوليك الأتقياء عن التصويت وانتخبت منطقة فيندي Vendee` المعروفة بانتمائها الملكي القوي تسعة نوّاب سيصوّت ستة منهم بالموافقة على إعدام الملك(4). وفي باريس اجتمعت الجمعية الانتخابية في نادي اليعاقبة وانتهوا إلى أن الأربعة والعشرين نائباً المختارين لتمثيل العاصمة لا بد أن يكونوا مقتنعين بالجمهورية وأن يكونوا مؤيدين للكومون:

دانتون Danton ، وروبسپيير Robespierre ومارا Marat وديمولان Desmoulins وبلو-ڤارن Billaud- Varenne وكولو دربوا Collot d'Herbois وفريرون Freron وداڤيد David) الرسام) ... وفي المحافظات قام الجيروند Girondins ببعض الاستعدادات الخاصة بهم، ومن ثم فإن بريسو Brissot ورولان Roland وكوندرسيه Condorcet وپيتيو Pétion وگوديه Goudet وباربارو Barbaroux وبوزو Buzot ربحوا حق الخدمة والموت. ومن بين الأجانب الذين جرى انتخابهم پريستلي Priestley وكلوتز Cloots وپين Paine ، وتم اختيار دوق أورليان Duc d`Orleans الذي أعاد تسمية نفسه باسم المواطن فيليب المحب للمساواة(ü) Citizen Philippe Egalité لتمثيل الحي (القسم) الراديكالي في باريس.

وكانوا جميعا - فيما عدا عضوين - من الطبقة الوسطى وعندما اجتمع المؤتمر الوطني في التويلرى في 21 سبتمبر سنة 1792 كان يضم 750 عضواً، وكان هذان العضوان من العمّال، وكان الأعضاء كلهم تقريبا من المحامين، وكان الجيرونديون وعددهم 180 عضواً منظمين ومتعلمين وفصحاء وبلغاء هم الذين تولوا القيادة في مجال التشريع. وكان هناك استرخاء في إصدار القوانين ضد المشكوك في ولائهم والمهاجرين (الذين تركوا فرنسا إثر أحداث الثورة) والقسس كما كان هناك تحرر من السيطرة على الاقتصاد، على أساس أنه لم يعد هناك خوف الآن من الغزو الأجنبي، لكن سرعان ما ظهرت الشكايات من الاستغلال والتلاعب بالأسعار. ولإسكات حركة ظهرت بين الراديكاليين بمصادرة الملكيات الكبيرة وتوزيعها على الشعب، أعلن الجيرونديون في اليوم الأول للمؤتمر احترام الملكية الخاصة. وهكذا هدأت الأمور فاتفق الجيرونديون مع أعضاء الجبل (اليسار) وأعضاء السهل (المعتدلون) على إعلان الجمهورية الفرنسية الأولى في 22 سبتمبر سنة 1792.


التقويم الجمهوري

وفي اليوم نفسه، 21 سبتمبر 1792، أصدر المؤتمر الوطني مرسوما، بعد عام من الدراسة والضبط والتعديل بإبطال التقويم المسيحي (الميلادي) في فرنسا وممتلكاتها ليحل محلة تقويم ثوري تبدأ فيه السنة الأولى (من 22 سبتمبر 1792 إلى 21 سبتمبر 1973) ثم السنة الثانية فالثالثة وهكذا وأن تسمى الشهور على وفق الحالة المناخية المعتادة (النمطية) شهر قطف العنب (فينرمينير (Vendémiaire وشهر الضباب (برومير Brumaire ) وشهر الصقيع (فريمير (Rrimaire بالنسبة للخريف، وشهر تساقط الثلج (نيفوز (Nivose، شهر المطر (بلوفيوز (Pluviose، شهر الرياح (فينتوز (Ventose بالنسبة للشتاء، وشهر التبرعم (جيرمينال (Germinal وشهر الإزهار (فلوريال (Floréal وشهر المروج الخضر (بريريال (Prairial بالنسبة للربيع، وشهر الحصاد (مسيدور (Massidor وشهر الدفء (ثيرميدور(Thermidor وشهر الفواكه (فركيتدور (Fructidor بالنسبة للصيف، وقد تم تقسيم الشهر إلى ثلاثة أقسام Décades كل قسم عشرة أيام وينتهي كل قسم بيوم يقال له ديكادي décadi هو يوم الراحة بدلا من يوم الأحد الذي كان يوم راحة في التقويم الميلادي، وخمسة الأيام الباقيات في السنة تسمى (السانس كولوتيد (Sans - Culottides يكــون فيها مهرجـان وطني، وكان المؤتمر الوطني يأمل أن يذكر هذا التقويم الفرنسيين بالأرض والعمل الذي يجعلها مثمرة لا بالقديسين religious saints والمواسم. فستحل الطبيعة محل الرّب God وتم استخدام هذا التقويم الجديد في 24 نوفمبر سنة 1793 وانتهى استخدامه في نهاية سنة 1805 للميلاد.

قرارات أخرى

لقد وافق الجيرونديون وأعضاء الجبل (اليسار) على إقرار الملكية الخاصة وعلى الجمهورية وعلى الحرب على المسيحية، لكنهم اختلفوا اختلافا شديدا جدا في قضايا أخرى مختلفة، فالجيرونديون شجبوا بشدة النفوذ الجغرافي لباريس، باعتباره غير متوازن مع بقية المحافظات، فأهل باريس بنوابهم وجماهيرهم يؤثرون بإجراءاتهم التي يتخذونها في كل فرنسا، وامتعض الجبليون (ü) Montagnards) من تأثير التجار وأصحاب الملايين في تكديس الجيرونديين لأصوات الناخبين. واستقال دانتون (الذي حصل في دائرته الانتخابية على 638 صوتا من مجموع أصوات الناخبين وعددهم 700) من منصبه كوزير للعدل ليقوم بمهمة التوحيد بين الجيرونديين وأهل الجبل (اليسار) في سياسة العمل على إقرار السلام مع بروسيا والنمسا لكن الجيرونديين لم يكونوا يثقون به باعتباره معبود باريس الراديكالية وطالبوا ببيان بمصروفاته كوزير ولم يقدم لهم تفسيرا يقنعهم بالمبالغ التي أنفقها (كان دانتون من المؤمنين الكبار بجدوى الرشاوى) ولم يقدم لهم أيضا تفسيرا يقنعهم بكيفية حصوله على الأموال التي مكنته من شراء ثلاث منازل في باريس وضواحيها والعقارات الكبيرة في محافظة أوب Aube، فالذي لا ينكر أنه كان يعيش حياة مترفة، واتهم مستجوبيه بالعقوق ووجه جهده للتوفيق والمصالحة في الداخل والخارج وضم جهوده إلى جهود روبيسبير.

ورغم أن روبيسبير كان هو الشخصية الثانية بعد دانتون من حيث الشعبية في أحياء (أقسام) باريس إلا أنه كان لا يزال حتى الآن شخصية ثانوية بين نواب المؤتمر الوطني، فعند التصويت على رياسة المؤتمر لم يحز إلا على ستة أصوات، بينما حصل رولان Roland على 235 . وكان معظم النواب يعتبرونه متغطرسا غارقا في العموميات والتفاهات الافتراضية نهازاً للفرص يتحين الوقت المناسب بصبر ليستحوذ على سلطات إضافية، لكن ما تنطوي عليه اقتراحاته من وضوح واستقامة قد جعلت نفوذه يزداد - ببطء - شيئا فشيئاً، فقد نأى بنفسه عن التورط المباشر في الهجوم على التويلري وفي أحداث مذبحة سبتمبر، ومنذ البداية كان يدافع عن حق الانتخاب العام للذكور الراشدين كلهم رغم أنه من الناحية العملية، تغاضى عن مسألة إبعاد الملكيين والكاثوليك عن المشاركة في الاقتراع والإدلاء بأصواتهم ودافع عن الملكية الخاصة ولم يشجع دعوى مصادرة الممتلكات وتوزيعها، وعلى أية حال فقد اقترح ضريبة على المواريث وضرائب أخرى بالإضافة إلى إجراءات أخرى مهذبة لكنها فعالة لمعالجة التفاوت الشديد في الثروات(5) .

وفي هذه الأثناء راح ينتظر الفرصة المناسبة وسمح لمنافسيه بإرهاق أنفسهم حماسة وتطرفا، وبدا مقتنعا أنه سيحكم يوما وتنبأ أنه سيقتل ذات يوم(6). "لقد كان يعرف - كما يعرف هؤلاء الرجال كلهم أنه يكاد يحمل ساعة بعد ساعة روحه في كفه"(7).

لقد كان مارا Marat - وليس دانتون ولا روبسبير - هو الذي ناصر البروليتاريا وناضل من أجلها، وقد غير مارا عنوان جريدته ليصبح "جريدة الجمهورية الفرنسية Journal de la République Francaise ". لقد بلغ الآن التاسعة والأربعين من عمره (كان عمره روبيسبير في الرابعة والثلاثين، وكان دانتون في الثالثة والثلاثين) ولم يبق له لينهي حياته سوى أقل من عام لكنه ملأ هذه الفترة بانشغاله بمعركة عنيدة وصلبة ضد الجيرونديين باعتبارهم أعداء للشعب وباعتبارهم ممثلين للبورجوازية التجارية الصاعدة التي ظهر أنها تعمل على استخدام الثورة سلاحاً سياسياً لصالح "المشروعات والنشاطات الاقتصادية الحرة" التي يتسم بها الاقتصاد الحر، وكان نقده الساخر وخطبه اللاذعة تتردد في باريس ومنها وتثير الأحياء (الأقسام) وتحرضها على التمرد وتشيع في المؤتمر الوطني روح العداوة العامة، وقد شجب الجيرونديون ما أسموه "بحكومة الثلاثة" ويقصدون دانتون وروبيسبير ومارا، لكن دانتون تبرأ منه وتنكر له، وتحاشاه روبيسبير فجلس مارا مع الجبليين (اليسار) لكنه كان عادة منفرداً وحيداً بلا أصدقاء. وفي 25 سبتمبر سنة 1792 قرأ فيرجنيو Vergniaud وآخرون في المؤتمر الوطني وثيقة تفيد أن مارا Marat كان قد دعا إلى دكتاتورية وأنه كان قد تسبب في الإثارة التي أدت إلى المذبحة، وعندما هب مارا (نصير الشعب) للدفاع عن نفسه، هوجم بغير هواده بصيحات "اجلس!" فقال "يبدو أن هناك أعداء كثيرين لي في هذا المؤتمر" فصرخ الجيرونديون: "كلنا أعداؤك". وعمل مارا على تكرار طلبه بقيام دكتاتورية على النمط الروماني المحدود واعترف بتحريضه على العنف لكنه برأ دانتون وروبيسبير من أي مشاركة في خططه، واقترح واحد من النواب القبض عليه ومحاكمته بتهمة الخيانة لكن هذه الحركة لم تنجح، وأخذ مارا مسدسه من جيبه وصوبه إلى رأسه وأعلن:"إذا صدر مرسوم باتهامي فسأنثر مخي عند أقدام الشعب"(8).

وكان موقف الجيرونديين الذين قادوا فرنسا في الحرب على الأعداء - قويا في هذه الشهور بسبب انتصارات جيش فرنسا وانتشار القوات الفرنسية والأفكار الثورية.

الحرب

ففي 21 سبتمبر سنة 1791 قاد الجنرال آن-پيير دي منتسكيو-فيزنساك Anne - Pierre - Montesquieu - Fezensac قواته محققا فتحا سهلا لساڤوا (كانت وقتها جزءاً من سردينيا) وذكر في تقرير له إلى المؤتمر الوطني أن "تقدم جيشي إنما هو نصر، فقد كان الناس في الريف والمدينة يخرجون لاستقبالنا وكان الناس في الأنحاء كلها يضعون الشارة الثلاثية ألوانها"(9) وفي 27 سبتمبر دخل قسم آخر من الجيش الفرنسي نيس بلا مقاومة، وفي 29 سبتمبر ڤيل‌فرانش Villefranche وفي 27 نوفمبر تم إدماج ساڤوا في فرنسا بناء على طلب زعمائها السياسيين المحليين.

أما فتح بلاد الراين Rhineland فكان أمراً أكثر صعوبة. ففي 25 سبتمبر قاد الجنرال آدم - فيليب دى كوستين Adam - Philippe de Custine المتطوعين التابعين له للاستيلاء على سبير Speyer وأخذ ثلاثة آلاف أسير وفي 5 أكتوبر دخل ڤورمز Worms وفي 19 أكتوبر ماينز Mainz وفي 21 أكتوبر فرانكفورت-آم-ماين. ولكسب بلجيكا (التابعة للنمسا) إلى صف الثورة حارب ديمورييه Dumouriez في جماپز Jemappes (6 نوفمبر) إحدى أكبر المعارك في الحرب، فقد تراجع النمساويون بعد مقاومة طويلة مخلفين وراءهم أربعة آلاف قتيل في ساحة المعركة، وسقطت بروكسل في 14 نوفمبر ولييج في 24 نوفمبر وأنتوِرپ في الثلاثين من الشهر نفسه، وفي هذه المدن كلها استقبل السكان الفرنسيين كمحررين. وقد تأخر ديمورييه في بلجيكا، وأثرى نفسه بالتعامل مع المضاربين في تمويل الجيش بالمؤن، بدلا من إطاعة أوامر المؤتمر الوطني بالتحرك جنوبا وضم قواته إلى قوات كوستين Custine، وعندما أُنب على ذلك هدد بالاستقاله تمَّ إرسال دانتون لاسترضائه فنجح في مهمته، لكن عندما تراجع ديمورييه Dumouriez أمام العدو في 5 أبريل سنة 1793 عانى دانتون من الشعور بالذنب.

وقد تبنى المؤتمر الوطني اتجاهين سياسيين يكمل أحدهما الآخر بعد أن انتشى أعضاؤه بسبب هذه الانتصارات: الاتجاه الأول هو مد فرنسا إلى "حدودها الطبيعية" الراين والألب والبرنيس (البرانس) Pyrenees والبحار - والثاني هو مساعدة سكان الحدود بتقديم مساعدات عسكرية لهم ليتمكنوا من تحقيق الحرية الاقتصادية والسياسية. ومن هنا كان هذا المرسوم الجسور الصادر في 15 ديسمبر سنة 1792.

"من هذه اللحظة تعلن الأمة الفرنسية سيادة الشعب [في المناطق المتعاونة كلها]، وقمع كل السلطات العسكرية والمدنية التي حكمتكم حتى الآن كلها، وإبطال كل الضرائب التي ينوء بها كاهلكم، وإلغاء العشور التي تتقاضاها الكنيسة وكذلك الرسوم الإقطاعية ... والغاء القنانة (رق الأرض).. وتعلن الأمة الفرنسية أيضا إبطال المؤسسات (التشكيلات) التي تضم النبلاء والإكليروس كلها، وإبطال الامتيازات كلها لتعارضها مع مبدء المساواة. إنكم الآن منذ هذه اللحظة إخوة وأصدقاء، فالكل مواطنون متساوون في الحقوق ويمكن لأي منكم أن يتولى أمور الحكم وأن يقدم الخدمات وأن يدافع عن بلاده"(10).

وأدى هذا المرسوم "مرسوم الأخوة" إلى عدد من المشاكل للجمهورية الشابة. فعندما فرضت الضرائب على المناطق المفتوحة "أو المحررة بتعبير رجال الثورة" لدعم الاحتلال الفرنسي جأر الناس بالشكوى قائلين إن سيدا حل محل سيد آخر وإن ضريبة حلت محل أخرى. وعندما رأت الهيئة الكنسية في كل من بلجيكا ولييج وبلاد الراين Rhineland التي ألفت أن تسيطر على السلطات الحاكمة أو تشاركها - أنها مهددة في سلطانها وعقيدتها، مدت أيديها إلى ما وراء الحدود لمقاومة الثورة الفرنسية وتحطيمها إذا أمكن. وفي 16 نوفمبر 1792 أصدر المؤتمر الوطني مرسوما بفتح نهر شلت Scheldt للملاحة كلها.

سلسلة
حكومات فرنسا
الگال
الفرنجة
أسرة ڤالوا
أسرة البوربون
الجمهورية الأولى
الامبراطورية الأولى
استعادة البوربون
ملكية يوليو
الجمهورية الثانية
الامبراطورية الثانية
الجمهورية الثالثة
فرنسا ڤيشي
الجمهورية الرابعة
الجمهورية الخامسة

وكان الهدف من هذا القرار هو جذب تجار أنتوِرپ إلى قضية الثورة الفرنسية - طالما أن صلح وستفاليا (1648) كان قد منع الملاحة في هذا النهر إلا للهولنديين، (لأنها سحبت منها هذا الامتياز) وفسر ملوك أوروبا إعلان المؤتمر الوطني (السابق إيراد مقتطفات منه) بأنه إعلان للحرب عليهم جميعا وعلى السادة الإقطاعيين، فبدأ تشكيل أو تحالف ضد فرنسا.


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

محاكمة لويس السادس عشر

وقرر المؤتمر الوطني قراره (حتى لا يكون أمامه سبيل للتراجع) بمحاكمة لويس السادس عشر بتهمة الخيانة. فمنذ 10 أغسطس راح المسئولون في التمبل Temple يقدمون لمعظم أفراد الأسرة المالكة معاملة نصف إنسانية: للملك وكان في الثامنة والثلاثين من عمره، والملكة كانت في السابعة والثلاثين من عمرها، وأخت الملك "مدام إليزابت" وكانت في الثامنة والعشرين، وابنة الملك مارى-تيريز (Marie-Therese (مدام روايال (Madame Royale وكانت في الرابعة عشرة، وابن الملك ولي العهد لوي-شارلز Dauphin Louis - Charles وكان في السابعة من عمره. وبذل الجيرونديون كل ما في وسعهم لتأجيل المحاكمة لأنهم كانوا يعلمون أن الأدلة ستؤدي بالضرورة إلى الإدانة وتنفيذ حكم الإعدام وهذا سيؤدي إلى تكثيف القوى الخارجية جهودها للهجوم على فرنسا، واتفق معهم دانتون في هذا الرأي لكن ظهر شخص آخر في المؤتمر الوطني، إنه لوي-أنطوان سان-جوست Louis-Antoine Saint-Just، وكان في الخامسة والعشرين من عمره، وقد لفت نظر المؤتمر الوطني بدعوته لقتل الملك: "لويس قتل الشعب وحاقت به الهزيمة ... إنه همجي (بربري) سجين حرب أجنبي. لقد رأيتم خططه وتصميماته الغادرة .. إنه هو القاتل في الباستيل وفي نانسي وساحة دي مارس Champ-de-Mars .. في التويلري. فأي عدو وأي أجنبي قد ألحق بكم الضرر أكثر منه؟"(11) وكان من الممكن أن يتوقف هذا الهجوم بسبب الحكمة والتدبر، لكن حدث في 20 نوفمبر أن تم اكتشاف صندوق حديدي في جدار الغرف الملكية في قصر التويلري فأحضره رولان Roland إلى المؤتمر الوطني ، وكان به دليل يؤكد بقوة تهمة الخيانة، لقد كان الصندوق يضم 625 وثيقة سرية تفضح تعاملات الملك مع لافاييت Lafayette وميرابو وتاليران، وبارناڤ Barnave وعدد من المهاجرين (الذين تركوا فرنسا إثر قيام الثورة) والصحفيين المحافظين. كان من الواضح أن لويس رغم تأكيده ولاءه للدستور، يتآمر للقضاء على الثورة. وأصدر المؤتمر الوطني أوامره بكشف النقاب عن ميرابو، وحطم اليعاقبة تمثالا في ناديهم كانوا قد أقاموه إحياء لذكراه، وتم القبض على بارنيف Barnave في گرينوبل وهرب لافاييت إلى جيشه، أما تاليران فهرب كما يفعل دائماً. وفي 2 ديسمبر ظهر بعض الوفود من أحياء (أقسام) باريس أمام المؤتمر الوطني وطالبوا بالتعجيل بمحاكمة الملك، وسرعان ما أرسل كومون باريس توصيات شديدة للغرض نفسه، وفي 3 ديسمبر انضم روبسبير للمطالبين بهذا الأمر. وحمل مارا Marat لواء المطالبة بأن يكون التصويت على المحاكمة علنا by voice &in public حتى يضع الجيرونديين المترددين تحت رحمة السانس كولوت (الذين لا يرتدون سراويل >بناطيل< قصيرة) في الممرات والشوارع.

وبدأت محاكمة الملك في 11 ديسمبر سنة 1792 أمام أعضاء المؤتمر الوطني جميعا. على وفق ما ذكره سباستيان مرسييه Sebastien Mercier أحد النواب في المؤتمر الوطني فإن "خلفية الصالة تحولت إلى مقصورات وكأنها مسرح، حيث كانت النسوة يرتدين أكثر ملابسهن أناقة ورحن يلعقن المثلجات ويأكلن البرتقال ويشربن المسكرات المعطرة والمحلاة .... ويمكن للمرء أن يرى السعاة والحجاب ... يرافقون خليلة دوق أورليان"(12) وتم إطلاع الملك على الوثائق التي وجدت في الصندوق فأنكر توقيعه وأنكر أي علم له بالصندوق. وواجــه الأســـئلة بالتعلل بعـــدم التذكــر ليعين لنفســه محامين، فعرض كريتيان ده ماليرب Chrètien de Malesherbes الذي دافع عن الفلاسفة Philosohpes والأنسيكلوپيدي (الموسوعيين) في عهد لويس الخامس عشر الدفاع عن الملك، فوافق لويس السادس عشر وهو حزين وقال له: "إن تضحيتك عظيمة لأنك تعرض حياتك للخطر ومع هذا فلن يمكنك إنقاذ حياتي"(31). (وبالفعل فقد أعدم ماليرب بالمقصلة في أبريل سنة 1794) وفي هذه الأثناء اقترح ممثلو القوى الأجنبية شراء بعض الأصوات لصالح الملك ووافق دانتون أن يكون وكيلا للمشترين لكن المبلغ المطلوب كان أكثر مما يريد أصحاب الجلالة استثماره(14) .

وفي 26 ديسمبر قدم رومين ده سيز Romain de Sèze القضية للدفاع، وساق رومين الحجة بأن الدستور لم يعط لأعضاء المؤتمر الوطني الحق في محاكمة الملك، وأن للملك الحقوق الإنسانية للدفاع عن حياته، فقد كان واحدا من أكثر الرجال إنسانية وأرقهم حاشية ومن أكثر الحكام ليبرالية ممن تبوأوا عرش فرنسا. هل نسي نواب المؤتمر الوطني إصلاحاته العديدة؟ ألم يكن هو الذي بدأ الثورة بدعوته مجلس طبقات الأمة للانعقاد ودعوته الفرنسيين كلهم ليقولوا له عن الأخطاء الحادثة وعن رغباتهم؟

وأجاب المدعي العام بأن الملك قد تفاوض مع القوى الأجنبية للقضاء على الثورة، فلم نستثني وارث العرش إذا كان خائنا مــــن إيقاع القصاص عليه؟ فطالما ظل على قيد الحياة ستحاك المؤامرات لإعادته إلى سلطانه كما كان قبل الثورة. فليكن عبرة للملوك كلهم حتى يرعووا ويتفكروا قبل أن يخونوا آمال شعوبهم.

وبدأ التصويت على جرم(إدانة) الملك في 15 يناير سنة 1793 . فصوت 683 - بمن فيهم ابن عم الملك فيليپ دورليان Philipee d`Orléans من بين 749 نائبا على إدانة الملك(15). وقد عارض روبيسبير ومارا وسان-جوست Saint - Just حركة طرح هذا القرار (الحكم) للتصديق أو دعوة الشعب الفرنسي للاقتراع عليه من خلال جمعيات القاعدة Primary assemblies، ولم يحظ هذا الاقتراح بالقبول فقد عارضه 424 ولم يوافق عليه سوى 287، لأن دعوة الشعب إلى مثل هذا الاقتراع تعني استفتاءهم على عودة الملكية، كما قال سان جوست. أما روبسبير الذي طالما دافع عن الديمقراطية وحق الذكور جميعهم في الانتخاب فقد تردد الآن وقال إن "الفضيلة (وتعني الحماسة الجمهورية) كانت دائما في الأقلية على هذه الارض"(16) وعندما وضع السؤال التالي في صياغته الأخيرة في 16 يناير: "ما هو الحكم الذي سيتعرض له ملك فرنسا؟" فإن الفريقين دخلا في نزاع شهدته الشوارع حيث صاحت الجموع مطالبة بحكم الإعدام وهددوا حياة كل من يصوت لحكم أقل من الإعدام، حتى إن النواب الذين كانوا حتى الأمس يطالبون بعدم إعدامه أصبحوا خوفا على حيواتهم يصوتون لصالح الحكم عليه بالإعدام، وأذعن دانتون، وثبت پين Paine على موقفه، أما فيليب دورليان الذي كان مستعدا للحاق بابن عمه فقد صوت لإقصائه (لإعدامه) أما مارا Marat فقد صوت لإعدامه في ظرف أربع وعشرين ساعة أما روبسبير الذي كان دائما يعارض العقوبات الغليظة (الإعدام) فقد أصبح الآن يقدم الحجج ليبرهن على أن بقاء الملك حيا سيكون خطراً على الجمهورية (17)، أما كوندرسيه فطالب بإبطال العقوبات الغليظة (الإعدام) الآن وإلى الأبد، وحذر بريسو Brissot من أن الحكم بالإعدام سيؤدي إلى دخول ملوك أوروبا كلهم الحرب ضد فرنسا. وبعض النواب في المؤتمر الوطني أضافوا إلى تصويتهم شروحا (تعليقات) فقد قال پاگانل Paganel : الموت! - إن الملك لا يصلح إلا له، أو لا فائدة منه إلا له "وقال ميلو Millaud اليوم إذا لم يكن الموت موجودا لوجب اختراعه". هكذا اقترح ڤولتير على الرب echoing voltaire on God أما دوشاتل Duchatel - وكان قد مات - فكم كان يود أن ترد إليه الحياة ليصوت ضد قتل الملك أمام المحكمة ثم يموت مرة أخرى(18). وكانت النتيجة النهائية هي موافقة 361 على موت الملك عاجلا، وصوت 334 لتأجيل هذا الأمر.

وفي 20 يناير قتل العضو السابق في فيلق حراسة الملك، لوي-ميشيل ليبليتيه دي سان-فارگو Louis-Michel Lepeletier de Saint-Fargeau الذي كان قد صوت لصالح قتل الملك. وفي 21 يناير حملت عربة يحيط بها حرس مسلح، سارت على طول الشوارع التي حددها الحرس الوطني، لويس السادس عشر إلى ميدان الثورة (الآن ميدان الكونكورد Concorde أي ميدان الوفاق والوئام). وقبل أن تهوي عليه المقصلة حاول أن يتحدث إلى الجموع: "أيها الفرنسيون، إنني أموت بريئا .. إنني أقول ذلك وأنا على سقالة المقصلة وسأمثل قريبا أمام الرب. إنني أعذر أعدائي، وآمل أن فرنسا - " لكن عند هذه الكلمة أشار سانتير Santerre رئيس حرس باريس الوطني وقال: فلتدق الطبول Tambours " فدقت الطبول، وراحت الجماهير تنظر في صمت كئيب والنصل الثقيل يسقط، وراحوا يبكون حتى النخاع، وفي وقت لاحق قال واحد ممن حضروا هذا المشهد" في ذلك اليوم راح كل واحد يسير ببطء ولم يكن الواحد منا يجسر على النظر إلى الآخر"(19).

المؤتمر الوطني

الديركتوار

القنصلية

المصادر

  1. ^ Mould, Michael (2011). The Routledge Dictionary of Cultural References in Modern French. New York: Taylor & Francis. p. 147. ISBN 978-1-136-82573-6. Retrieved 23 November 2011.

48°52′00″N 2°19′59″E / 48.86667°N 2.33306°E / 48.86667; 2.33306