گال
جزء من سلسلة عن |
---|
تاريخ فرنسا |
خط زمني |
خطأ لوا في وحدة:Portal-inline على السطر 80: attempt to call upvalue 'processPortalArgs' (a nil value). |
الگـال Gaul (باللاتينية: Gallia) كان الاسم الروماني للمنطقة في غرب اوروبا التي تضم اليوم شمال إيطاليا, فرنسا, بلجيكا, غرب سويسرا والأجزاء من هولندا وألمانيا على الضفة الغربية لنهر الراين. بالإنجليزية, كلمة Gaul (فرنسية: Gaulois) قد تشير ايضاً إلى ساكن تلك المنطقة, بالرغم من أن التعبير قد يـُستعمل بطريقة أكثر عمومية لكل المتكلمين القدامي باللغة الگالية (المشتقة من الكلتية المبكرة) التي كانت منتشرة في اوروبا وامتدت حتى إلى وسط الأناضول في العصور الرومانية.
الغال تحت Brennus sacked Rome circa 390 BC. In the Aegean world, a huge migration of Eastern Gauls appeared in Thrace, north of Greece, in 281 BC. Another Gaulish chieftain also named Brennus, at the head of a large army, was only turned back from desecrating the Temple of Apollo at Delphi in Greece at the last minute — he was alarmed, it was said, by portents of thunder and lightning.[1] At the same time a migrating band of Celts, some 10,000 warriors, with their women and children and slaves, were moving through Thrace. Three tribes of Gauls crossed over from Thrace to Asia Minor at the express invitation of Nicomedes I, king of Bithynia (which was a small geographical location just south of the Bosphorus and the Euxine (Black Sea) in the northern area of modern-day Turkey, i.e just south and southeast of the latter-day city of Constantinople, or modern-day Istanbul), who required help in a dynastic struggle against his brother. Eventually they settled down in eastern Phrygia and Cappadocia in central Anatolia, a region henceforth known as Galatia.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الاسم
التاريخ
الغال قبل الرومان
لقد كان في مقدور جميع السفن ذات الحمولة المتوسطة، بما فيها سفن المحيطات أن تسير في تلك الأيام في نهر الرون من مرسيليا إلى ليون. أما القوارب الصغيرة فكانت تستطيع مواصلة السير إلى ما يقرب من أربعين ميلاً من نهر الرون الأعلى. فإذا نقلت البضائع بعد ذلك مسافة قصيرة فوق أرض مستوية استطاع الناس بعدها أن ينقلوها بالسفن مارّة بمائة مدينة وألف قصر صغير إلى بحر الشمال. وكانت قفزات أرضية شبيهة بهذه القفزة تؤدى من الرون والساؤون إلى اللوار وإلى المحيط الأطلنطي، ومن الأود Aude إلى الجارون وبردو، ومن الساؤون إلى السين وبحر المانش. وكانت التجارة تسير في هذه الطرق المائية، ونشأت بفضلها مدائن عند ملتقاها، وكانت فرنسا، كما كانت مصر، هبة مجاريها المائية.
ويمكن القول أن الحضارة الفرنسية - بأحد المعاني التي يمكن أن تفهم من لفظ الحضارة- بدأت منذ أيام "الرجل الأوريناسي Ourignacian man" أي قبل ميلاد المسيح بثلاثين ألف عام، فقد كان في هذا الوقت البعيد، كما تدلُّ كهوف منتنياك Montignac، فنانون يستطيعون أن يصوروا بالألوان الزاهية والخطوط الواضحة. ثم انتقلت فرنسا حوالي عام 12000 ق.م من ذلك العصر الحجري القديم، عصر الصيد والرعي، إلى حياة الاستقرار وفلح الأرض في العصر الحجري الحديث، وانتقلت منه بعد عشرة آلاف عام طوال إلى عصر البرنز. وحوالي عام 900ق.م أخذ جنس جديد هو الجنس "الألبي" المستدير الرؤوس يتسرّب إلى البلاد من ألمانيا، وينتشر في فرنسا، ومنها إلى بريطانيا وإيرلندة، ثم ينزل إلى أسبانيا. وجاء هؤلاء، "الكلت" معهم بثقافة هولستات Hallstatt الحديدية من النمسا. ثم استوردوا من سويسرا حوالي عام 550 ق.م فن لاتين La Te`ne في صناعة الحديد، وكان قد تقدم تقدماً كبيراً في سويسرا. وسمّت روما فرنسا أول ما عرفتها بإسم كلتيكا Celtica ولم يتغير هذا الاسم إلى غالة Gallia إلا في عهد قيصر.
وغلب المهاجرون أهل البلاد أو فاقوهم في عددهم، واستقروا قبائل مستقلّة لا تزال أسماؤها تنم عليها المُدن التي شادوها . ويقول قيصر إن الغاليين كانوا قوماً طوال القامة، وأقوياء الأجسام، ظاهري العضلات(23)، يمشطون شعرهم الغزير الأشقر ويرسلونه خلف رؤوسهم وعلى أقفيتهم، وكان بعضهم يطيلون لحاهم، والكثيرون منهم يتركون شواربهم تتثنى حول أفواههم. وقد نقلوا معهم من بلاد الشرق، وربما كان ذلك عن الإيرانيين الأقدمين، عادة لبس السراويل القصيرة، وأضافوا هم إليها رداء مصبوغاً بألوان كثيرة ومطرزاً بالأزهار، ومن فوقه عباءة مخططة تتدلى من الكتفين، وكانوا مولعين بالجواهر، ويتزينون في الحروب بالحلي الذهبية - إن لم يكن عندهم ما هو أثمن منها(24). وكانوا يكثرون من أكل اللحم، وشرب الجعة والخمر غير المخفف بالماء، لأنهم كانوا "سكّيرين بفطرتهم" إذا جاز لنا أن نصدق أبيان(25). ويصفهم أسترابون بأنهم قوم "سذّج.. ذوو شمم وكبيراء، لا يطيقهم أحد إذا انتصروا، وتطير نفوسهم شعاعاً إذا غُلبوا"(26)، ولكن علينا ألا نثق كل الثقة بهذه الأقوال لأنه ليس من الخير في كل الأحوال أن يكتب عن الناس أعداؤهم. وقد اشمئزّت نفس بوسيدونيوس حين رآهم يعلقون رؤوس أعدائهم بعد فصلها عن أجسامهم في رقاب جيادهم(27). وكان يسهل استثارتهم للجدل والقتال، وكانوا في بعض الأحيان يسلّون أنفسهم في المآدب بأن يتبارزوا حتى يقتلوا بعضهم بعضاً. ويقول عنهم قيصر: "إنهم كانوا أكفاء لنا في الشجاعة وفي التحمس للحرب"(28)، ويصفهم أميانوس مرسلينس Ammianus Marcellinus بأنهم:
"مهما تكن سنهم يليقون للخدمة العسكرية، فالشيخ منهم يخرج للحرب وهو لا يقل شجاعة عن الشاب في مقتبل العمر... والحق أن سريّة كاملة من الأجانب لتعجز عن الوقوف في وجه غالي واحد إذا دعا زوجته إلى تأييده، وهي في العادة أشد منه بأساً وأعظم شراسة، وخاصة إذا نفخت عنقها، وعضت على أسنانها، ولوّحت بذراعيها الضخمتين، وشرعت تكيل الربات بيديها وقدميها كأنها حجارة تُقذَف من منجنيق". وكان الغاليون يؤمنون بآلهة كثيرة، نسي الناس كل أمرها فلا ضير عليها إذا لم نذكر أسماءها. وكان اعتقادهم بحياة سعيدة في الدار الآخرة قوياً إلى حد حمل قيصر على الحكم بأن هذا الإيمان كان له أكبر الأثر في شجاعة الغاليين. ويقول فاليريوس مكسمس: إن قوّة هذه العقيدة كانت تدفع رجالهم إلى أن يُقرِضوا المال على أن يردَّ إليهم في الديار الآخرة، ويقول ليسدونيوس إنه رأى الغاليين في إحدى الجنازات يكتبون الرسائل إلى أصدقائهم المتوفين ويلقون بها على كومة الحريق حتى يحملها الميت إلى المرسَلة إليهم(30)؛ وليتنا نستطيع أن نستمتع برأي رجل غالي في هذه القصص الرومانية. وكان كهنتهم يشرفون على جميع شؤون التعليم، ويعنون كل العناية بغرس العقيدة الدينية في نفوس المتعلمين؛ وكانوا يقومون بطقوس دينية ذات روعة، يؤدونها في الأيك أكثر مما يؤدونها في الهياكل، ويسترضون الآلهة بتقديم الضحايا البشرية يأخذونها من المحكوم عليهم بالإعدام لجرائم ارتكبوها؛ وقد تبدو هذه العادة همجية لمن لم يروا بأعينهم في هذه الأيام طريقة الإعدام بالكهرباء؛ وكان الكهنة هم الطائفة الوحيدة المتعلمة - ولعلّها كانت الطائفة والوحيدة غير الأمية - في هذا المجتمع الغالي؛ وكانوا يؤلّفون الترانيم الدينية، والقصائد، ويكتبون السجلات التاريخية، ويدرسون النجوم وحركاتها، وحجم الكون والأرض، ونظام الطبيعة"(31)، وقد وضعوا لأنفسهم تقويما عملياً، وكانوا قضاة لهم نفوذ كبير في بلاط ملوك القبائل. وكانت غالة قبل عهد الرومان، كما كانت في العصور الوسطى، تسير على النظام الإقطاعي المكتسي بثياب الحكم الديني. وبلغت غالة الكلتية ذروة مجدها تحت حكم هؤلاء الملوك والكهنة في القرن الرابع قبل الميلاد، وازداد عدد السكان لوفرة الإنتاج الناشئ عن أساليب لاتين La Te`ne الفنية، فأدى ذلك إلى سلسلة من الحروب للاستيلاء على الأرض، ولم يحل عام 400 ق.م حتى كان الكلت الذين يمتلكون معظم أوربا الوسطى وغالة، قد استولوا على بريطانيا، وأسبانيا، وشمالي إيطاليا. وفي عام 390 اندفعوا جنوباً نحو روما، وفي عام 278 نهبوا دلفي واستولوا على فريجيا؛ وبعد قرن من ذلك الوقت أخذت قوتهم في الاضمحلال؛ وكان بعض السبب في هذا لين طباعهم الناشئ من ثروتهم ومن تأثرهم بالأساليب اليونانية، وبعضه الآخر قوة أمراء الإقطاع السياسية. فكما أن الملوك قد قضوا في العصور الوسطى على قوة الأمراء وأنشئوا بعد القضاء عليها دولة موحدة، كذلك قضى أمراء الإقطاع في القرن السابق لظهور قيصر على سلطة الملوك، وتركوا غالة مقطعة الأوصال أكثر من ذي قبل. وأخذ الكلت يردون إلى الوراء في كل مكان عدا أيرلندة، فأخضعهم القرطاجيون في أسبانيا، وأخرجهم الرومان من إيطاليا، وفتح الرومان في عام 125 ق.م جنوبي غالة لحرصهم على تأمين طريقهم إلى أسبانيا، وجعلوا تلك البلاد ولاية رومانية. وفي عام 58 ق.م استغاث زعماء الكلت بقيصر ليساعدهم على صد غارة ألمانية، فأجابهم قيصر إلى ما طلبوا وحدد هو ثم هذه المعونة:
گاليا الرومانية
- مقالات مفصلة: الغال الرومانية
- الثقافة الغالو رومامانية
- تاريخ فرنسا
وأعاد قيصر وأغسطس تنظيم غالة فقسّماها أربع ولايات: غالة التربونية في الجنوب، وهي المعروفة للرومان باسم بروفنسيا Provincia ولنا باسم بروفانس Provence، وقد اصطبغت هذه الولاية إلى حد كبير بالصبغة اليونانية بسبب استيطان اليونان لشاطئ البحر الأبيض المتوسط، وأكوتانيا في الجنوب الغربي، ومعظم سكانها من الأيبيريين، وغالة اللدجونية Ludgonensis في الوسط، وكانت الكثرة الغالبة من أهلها من الكلت، وبلجيكا في الجنوب الشرقي وكثرة أهلها ألمان. وقد أقرّت روما هذه الأقسام العنصرية وزادتها حدة لتتقي بذلك ثورتها الجامحة، فأبقت المقاطعات التي تسكنها القبائل المختلفة على حالها واتخذتها أقساماً إدارية. وكان المُلاّك هم الذين يختارون الحكام، وقد ضمنت روما ولاء هؤلاء الملاك بما كانت تقدمه لهم من عون د الطبقات الدنيا، ومنحت حق المواطنية الرومانية مكافأة منها للغاليين الموالين لها الذين يؤدون لها خدمات قيمة. وكانت جمعية إقليمية تضم ممثلين يُختارون من كل مقاطعة تجتمع كل عام في مدينة ليون. وقد قصرت وظيفتها في أول الأمر على القيام بطقوس عبادة أغسطس، ولكنها ما لبثت أن انتقلت من هذا إلى التقدّم بملتمسات إلى الحكام الرومان، ثم أصبحت هذه الملتمسات توصيات ثم مطالب. وانتزعت شؤون القضاء من أيدي الكهنة، وبدد شملهم، واتبع القانون الروماني في فرنسا، وظلّت غالة ما يقرب من قرن خاضعة مستسلمة للنير الجديد.
وحدث في عام 68م وفي عام 71م أن اندلع لهيب الثورة زمناً قصيراً بقيادة فندكس Vindex وسفيلس Civilis، ولكن الأهلين لم يقدموا إلا عوناً قليلاً لهاتين الحركتين، وفضّلوا الاستمتاع بالرخاء، والأمن والسلام على حب الحرية.
وأصبحت في ظل السلم الرومانية من أغنى أقسام الإمبراطوريّة، وكانت روما نفسها تعجب من ثراء الأشراف الغاليين الذين انظموا إلى مجلس الشيوخ في عهد كلوديوس، وأخذ فلورس Florus بعد مائة عام من ذلك الوقت يذكر الفرق بين ثراء غالة المزدهرة وضعف إيطاليا المضمحلة (33). فقد قُطّعت الغابات لتفسح الأرض للزراعة، وجففت المستنقعات، وارتقت أساليب الزراعة حتى استخدمت حصّادة آلية(34)، وانتشرت الكروم وأشجار الزيتون في كل مقاطعة، وكان بلني وكولملا Columella في القرن الأول الميلادي يمتدحان خمور برغندية وبردو. وكانت في البلاد ضياع واسعة يفلحها العديد وأفنان الأرض ويمتلكها أسلاف أمراء الإقطاع في العصور الوسطى، ولكن كان فيها أيضاً كثيرون من صغار الملاّك، وكانت الثروة في غالة القديمة، كما هي في فرنسا الحديثة، موزعة توزيعاً أقرب إلى المساواة منه في أية دولة متمدنة أخرى. وتقدمت الصناعة بوجه خاص تقدماً سريعاً، فلم يحل عام 200م حتى أخذ صناع الفخار والحديد ينتزعون أسواق ألمانيا وأسواق الغرب من إيطاليا، والنساجون الغاليون يقومون بالجزء الأكبر من صناعة النسيج في الإمبراطوريّة، وحتى كانت مصانع ليون تُخرج الزجاج التجاري وأدوات زجاجية ذات روعة فنية ممتازة(35). وكانت البراعة الفنية في الصناعة يتوارثها الأبناء عن الآباء، حتى أضحت جزءاً ثميناً من التراث الروماني، وكانت الطرق التي أصلحها الرومان أو أنشئوها والتي يبلغ طولها 13000 ميل غاصّة بأدوات النقل والتجارة.
وأثرت بلدان كِلتيكا القديمة بفضل هذه الحياة الاقتصادية المتسعة، فأصبحت مدائن كبرى في غالة الرومانية، فكانت بردجالا Burdegala (هي بردو الحالية) عاصمة أكوتانيو من أكثر ثغور المحيط الأطلنطي حركة وتجارة، وكانت ليمونم Limonum (ليموج) وأفريكم Avaricum (يورج). وأُغسطنمتم Augustonemetum (كيرمون - فران Clermont. Ferraand) مدائن غنية.
حتى قد استطاعت هذه المدينة الأخيرة أن تقدم لزنودوتس Zenodotus أربعمائة ألف سسترس ليقيم بها تمثالاً ضخماً لعطارد(36). وفي غاليا التربونية بلغت المُدن من الكثرة درجة جعلت بلني يصفها بأنها "أشبه بإيطاليا منه بولاية من ولاياتها"(37). وكان في الجهة الغربية مدينة طولوزا Tolosa (طولوز الحالية) التي اشتهرت بمدارسها، وكانت ناربو Narbo نربونة (Narbonne) عاصمة الولاية في القرن الأول الميلادي أعظم مدائن غالة، وأهم الثغور التي تصدر منها غلاتها إلى إيطاليا وأسبانيا، وقد وصفها سيدونيوس أبلينارس Sidonius Apollinaris بقوله إن "فيها أسواراً، وطرقاً للتنزّه، وحانات، وعقوداً وأروقة ذات عُمَد، وسوقاً عامة، وملهى، وهياكل وحمّامات، وأسواقاً للبيع والشراء، ومراعي، وبحيرات، وقنطرة، وبحراً"(38). وكان إلى شرق هذه المدينة على طريق دوميتيا العظيم الذي يصل أسبانيا بإيطاليا بلدة نموسس Nemousus (نيمز Nimes). وقد شاد أغسطس والمدينة بيتها المربع Maison Carre`e الجميل تخليداً لذكرى حفيديه لوسيوس وكيوس قيصر؛ ومما يدعو إلى الأسف أن أعمدته الداخلية داخلة في جدران المحراب، ولكن أعمدته الكورنثية المنفصلة لا تقل جمالاً عن أية عُمَد في روما. ولا تزال الاحتفالات تقام من آن إلى آن في مدرجها الذي كان يتسع لعشرين ألفاً من النظارة. وتحولت القناة الرومانية التي كانت تنقل الماء العذب إلى روما على مر الزمن إلى قنطرة نهر جار Gard ولا تزال العقود السفلى لهذه القنطرة قائمة إلى اليوم في صورة آثار ضخمة محطمة في الريف العابس القريب من المدينة تظهر بجلاء ما بينها وبين العقود الصغرى التي فوقها من إختلاف، وتشهد هذه وتلك بعظمة فنون روما الهندسية.
وأنشأ قيصر شرق هذه المدينة على شاطئ البحر الأبيض المتوسط مدينة أرلات Arelate (آرل الحديثة Arles) ظناً منه أنها ستحل محل مساليا Massalia) المشاكسة؛ فتكون مركزاً لبناء السفن وثغراً تجارياً هاماً. وكانت مساليا (مرسيليا) مدينة قديمة حين ولد قيصر، وبقيت يونانية بلغتها وثقافتها إلى آخر أيامه، وكانت فنون الزراعة، وغرس الأشجار، وزراعة الكروم، والثقافة اليونانية قد دخلت بلاد غالة من مرفأ هذه الفُرضة البحرية. وفيها بنوع خاص كانت أوربا الغربية تستبدل بغلاتها حاصلات بلاد اليونان والرومان، وكانت إلى هذا من أعظم مراكز الجامعات في الإمبراطوريّة، وكان أعظم ما اشتهرت به مدرسة الحقوق. وقد اضمحلّ شأنها بعد قيصر ولكنها ظلت ما كانت مدينة حرّة مستقلّة في شؤونها عن حاكم الولاية. وكان يليها من جهة الشرق فورم لولياي Forum Lulii (فريجو Frejus)، وأنتبوليس Antipolis (أنتيب Antibes) ونيسيا Nicaea (ميس)، ويتألف منها كلها ولاية الألب البحرية الصغيرة. وإذا انتقل المسافر في نهر الرون من أرلات وصل إلى أفنيو Avenio (أفنيون الحديثة Avignon) وأروسيو Arausio (أورانج Orange) وقد بقي في هذه المدينة الأخيرة قوس عظيم من أيام أغسطس؛ وفيها أيضاً ملهى روماني ضخم لا تزال تمثل فيه مسرحيات قديمة.
وكانت أكبر ولايات غالة هي غالة اللجدونية، وسميت كذلك نسبة إلى عاصمتها لجدونم Lugdunum (ليون الحالية). وكانت هذه العاصمة تقع عند ملتقى الرون والساؤون وملتقى عدة طرق برية كبرى أنشأها أجربا، ولذلك أضحت المركز التجاري لإقليم غني وعاصمة لغالة كلها. وقد استطاعت بفضل ما قام فيها من صناعات الحديد والزجاج والخزف أن تقبل في القرن الأول الميلادي عدداً من السكان بلغ حوالي مائتي ألف(40). وكان إلى شمالها بلدة كيلونم Cabillonum (شالون - على - الساؤون Chalon - sur - Saone) وقيصردونم Caesarodunum (تور Tours الحالية) وأغسطدونم Augustodunum (أوتون Outun الحالية) وسنابوم Cenabum (أورليان الحالية Orleans) ولورتيريا Luteria (باريس الحالية). وكتب الإمبراطور يوليان يصف هذه المدينة الأخيرة فقال: "لقد قضيت الشتاء (357-358) في لوتيريا مدينتنا المحبوبة، لأن هذا هو الاسم الذي يطلقه الغاليون عن مدينة الباريزيين الصغيرة، وهي جزيرة في النهر... يعصر فيها الخمر الطيب(41).
وكانت ولاية بلجيكا التي تشمل أجزاء من فرنسا وسوسيرا الحاليتين بلاداً لا يكاد أهلها يشتغلون بغير الزراعة؛ وكان معظم ما فيها من صناعات قليلة متصلاً بالقصور الصغيرة ذات الحدائق التي تدل بقاياها الكثيرة على أن أصحابها كانوا من الأشراف الذين يعيشون معيشة الدعّة الوترف. وفي هذه الولاية أنشأ أغسطس المدائن المعروفة الآن بأسماء سواسون Soissons، وسان كنتن St. Quentin، وسنلي Senlis، وبوفيه، وتريف Treves، وازدهرت آخر هذه المدن، وكانت تسمى أغسطا ترفرورم Augusta Trevirorum لأنها كانت مركز قيادة الجيش المدافع عن الرين، وأصبحت في أيام دقلديانوس عاصمة غالة بدل مدينة ليون، وصارت في القرن الخامس أكبر مدينة في شمال جبال الألب، ولا تزال حتى الآن غنية بآثارها الرومانية القديمة - فلا تزال البورتا نجرا Porta Nigra محتفظة بأسوارها الرومانية، ولا تزال فيها حمامات سانت بربارا، وفي إيجل Igel القريبة منها مقبرة أسرة سكنديني، وفي نوماجين Neumagen المجاورة لها النقوش الفجة التي كانت على كتل الحصن الحجرية.
وبُدلت الحياة حول هذه المُدن ظاهرها تبدلاً بطيئاً وجُددت عناصرها في عناد شديد فاحتفظ الغاليون بحقهم، وسراويلهم القصيرة، وظلوا ثلاثة قرون محتفظين بلغتهم ولكن اللغة اللاتينية غلبتهم على أمرهم في القرن السادس. وكان أكبر السبب في هذه الغلبة استخدامها في الكنيسة الرومانية، ولكنها كانت وقتئذ قد شذّبت ورخّمت حتى صارت فرنسية. ونالت روما أعظم فوز لها في غالة بنقل الحضارة الرومانية إليها. ويرى بعض كبار المؤرخين الفرنسيين أمثال جوليان وفنك برنتانو Funck Brentano أن فرنسا كانت تكون خيراً مما هي لو لم تفتحها روما، ولكن مؤرخاً آخر أعظم من هذين المؤرخين يعتقد أنه لو لم تفتح روما غالة لفتحتها ألمانيا حتماً، وأنه لو لم ينتصر قيصر في تلك البلاد كما يقول ممسن Mommsen:
"لحدثت هجرة الشعوب قبل حدوثها بأربعمائة عام، وفي وقت لم تكن الحضارة الإيطاليّة قد تأقلمت في غالة أو على ضفاف الدانوب، أو في أفريقية وأسبانيا. وبفضل ما كان للقائد والسياسي الروماني العظيم من بصيرة نافذة أدرك بها أن القبائل الألمانية هي العدو المنافس للعالم الروماني - اليوناني، وبفضل قوته وشدة بأسه التي استطاع بها أن يضع للدولة نظامها الجديد نظام الدفاع الهجومي بجميع تفاصيله ودقائقه ويعلم الناس أن يحصنوا حدود الإمبراطوريّة بالأنهار والأسوار الصناعية... بفضل هذا كله كسب للثقافة اليونانية - الرومانية الفترة التي لم يكن منها بد لتمدين الغرب"(44).
لقد كان نهر الرين هو الحد الفاصل بين الحضارة الرومانية - اليونانية وبين الحضارة البدائية؛ فأما غالة فلم يكن في وسعها أن تدافع عن هذا الحد، وأما روما فقد دافعت عنه، وكان دفاعها هذا هو الذي حدد مجرى تاريخ أوربا إلى يومنا هذا.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الأيام الأخيرة من تاريخ غالة القديمة
كانت غالة في القرنين الرابع و الخامس أكثر الولايات الغربية في الإمبراطورية الرومانية رخاء من الناحية المادية وأعظمها رقياً من الناحية العقلية. فقد كانت ترتبها خصبة كريمة، وصناعتها اليدوية متقدمة، وأنهارها وبحارها تعج بالمتاجر وكان نربونه وأرْليز، وبردو، وطولوز (طلوشة)، وليون، ومرسيليا ، وبواتيه ، وتريبه جامعات مزدهرة تنفق عليها الدولة، وكان المدرسين، والخطباء، والشعراء، والحكماء منزلة لا ينالها في العادة إلا رجال السياسة والملاكون. وفي أيام أوسنيوس وسيدنيوس عقد لغالة الزعامة الأدبية في أوروبا كلها.
وكان ديسموس أوسنيوس Deecimus Magnus Ausonius شاعر العصر الفضي في غالة ، وفيه تتمثل روح هذا العصر. وقد ولد في بردو حوالي عام 310 ، وكان والده كبير أطبائها، وفيها تلقى علومه ، وقد حدث العالم فيما بعد في شعر كريم سداسي الأوتاد عن فضائل معلميه ، ذكر فيه بسماتهم وأغفل ضرباتهم.
وسارت حياته بعدئذ سيراً هادئاً مطمئناً حتى عين أستاذاً في بردو وظل يعلم "النحو" (وكان يقصد به وقتئذ الأدب) و "البلاغة" (أي الخطابة والفلسفة) نحو ثلاثين عاماً، وكان مربياً للإمبراطور جراتيان قبل أن يتولى عرش الإمبراطورية.
وإن فيما كتبه عن والديه وأعمامه وأخواله ، وزوجته، وأبنائه وتلاميذه ما يوحي بأن حياته في البيت وفي خارجه كانت شبيهة بحياة المدن الجامعية في الولايات المتحدة الأمريكية في القرن التاسع عشر. وهو يصف بعبارات جذابة البيت والحقول التي ورثها عن أبيه، ويحدثنا عن المكان الذي يرجو أن يقضي فيها أخريات أيامه، ويقول لزوجته في سني زواجهما الأولى. "فلنعش على الدوام كما نعيش الآن، ولنحتفظ بالاسمين اللذين سمى بهما كلانا الآخر في بداية حبنا... ويجب أن يبقى كلانا في سن الشباب، وستكونين على الدوام جميلة في عيني، وعلينا ألا نحسب حساباً لمر السنين". على أنهما سرعان ما فقدا أول طفل رزقه منها، وقد كتب يحي ذكراه بعبارات تفيض بالحب فقال: "لن أتركك دون أن أبكيك يا بكر أبنائي وباسمي. لقد اختطفك الموت منا في الوقت الذي كنت تحاول فيه أن تبدل لغطك إلى أولى كلمات الطفولة... إنك الآن ترقد على صدر والد جدك الذي تشاركه قبره". وماتت زوجته ولم يمض على زواجهما الموفق إلا زمن قليل، وتركت له ابناً وبنتاً؛ وقد بلغ من حبه ووفائه لها أنه لم يتزوج قط بعد؛ ووصف في شيخوخته ألمه لفقدها ولوعته التي لم يخففها مر السنين، كما وصف السكون المحزن المخيم على بينهما الذي طالما عرف عناية يديه وأحس بنغم وقع قدميها.
وكان الناس في أيامه يحيون قصائده لما فيها من عواطف رقيقة، وصور ريفية جميلة، ولغتها اللاتينية الخالصة، ولشعرها الذي لا يكاد يقل في رقته عن شعر فرجيل.
وكان بولينس الذي أصبح فيما بعد من القديسين ، يشبه نثره بنثر شيشرون ، وكان سيماخوس يقول إنه لا يستطيع أن يجد في شعر فرجيل شيئاً أجمل من قصيدة موزلا Mosella التي وصف فيها أوسنيوسنهر الوزل. وكان الشاعر قد أولع بذلك النهر حين كان مع جراتيان في ترييه. ويقول في وصفه إنه يجري وسط جنة حقه من الكروم، والبساتين والقصور الصغيرة ذات الحدائق، والمزارع الفاخرة الغنية، ونكاد نحس في وقت ما بخضرة شواطئه، وموسيقى جريانه. ثم لا يلبث أن يتدلى من هذا المستوى الرفيع فيصف في عبارات تتكرر مراراً ما في مجرى النهر من سمك لطيف. وتذكرنا هذه الرغبة الجامحة في ذكر الأقارب والمدرسين، والتلاميذ، والسمك بكتابات هوتمان Whitman ولكنها ينقصها شعور هوتمان الفياض وفلسفته القوية اللذين يخففان من سآمتها.
وسبب ذلك النقض أن أوسنيوس بعد أن ظل ثلاثين عاماً يعلم النحو كان يصعب عليه أن يضمن عباراته شيئاً غير العاطفة الأدبية. فقصائده مسبحة صداقة، وأوراد مدح، ولكن الذين لم يعرفوا منا أمثال أولئك الأعمام والأخوال الذين نفتتن بحبهم، أولئك الأساتذة الذين يُغرونا بتمجيدهم قلما يتأثرون بهذا المديح.
ولما توفي فلنتيان الأول (375)، وجلس جراتيان على عرش الإمبراطورية استدعى إليه معلمه القديم ، وأفاض عليه وعلى من معه كثيراً من المنح السياسية. فعين أوسنيوس حاكماً على إليركم Illyricum وإيطاليا، وأفريقية وغالة، واحدة بعد واحدة في فترة قصيرة، ثم عين آخر الأمر قنصلاً وهو في سن التاسعة والستين، وبفضل مشورته أصدر جراتيان مراسيم تفرض إعانات من الدولة لشؤون التعليم، وللشعراء، والأطباء، ولحماية روائع الفن القديم. وبفضل نفوذه أيضاً عين سيمكس حاكماً على روما، وبولينس والياً على إحدى الولايات وحزن أوسنيوس حين اعتزل بولينس شؤون الدنيا وانقطع للدين، لأن الإمبراطورية المهددة من جميع نواحيها كانت في حاجة إلى أمثاله. نعم إن أوسنيوس نفسه كان أيضاً مسيحياً، ولكن لم يكن جاداً كل الجد في مسيحيته، فقد كانت ميوله، وموضوعات شعره، وأوزانه، وما فيه من أساطير كلها وثنية وسارة مطربة.
ولما بلغ الشاعر سن السبعين عاد إلى بردو حيث عاش عشرين سنة أخرى. وكان وقتئذ حياً، في وسعه أن يوفق في قصائد البنوة التي نظمها في شبابه وبين حب الأجداد لأحفادهم حين يبلغ هؤلاء الأجداد الشيخوخة. انظر إليه وهو يقول لحفيده: "لا تخف، وإن كان صدى الضربات الكثيرة يتردد في المدرسة، وإن تجهم وجه المدرس، ولا ترتعد فرقاً إذا سمعت في أثناء ساعات الصباح صراخاً أو طرق أذنيك صوت العصا، فإذا كان المدرس يتخذ العصا صولجاناً يهزه بيده، وإذا رأيت لديه مجموعة كاملة من العصي... فليس هذا أو ذاك إلا مظهراً خارجياً يبعث به الخوف الكاذب في النفوس. لقد مر أبوك وأمك بهذا كله في أيامهما، ثم عاشا بعدهما ليخففا عني في شيخوختي الهادئة الصافية عبء السنين". وما أسعد حظ أوسنيوس إذ عاش ومات قبل أن يجتاح البلاد تيار البرابرة الجارف.
وكانت منزلة أبلينارس سيدونيوس Appolinaris Sidonius في النثر الغالي أثناء القرن الخامس كمنزلة أوسنيوس في الشعر الغالي في القرن الرابع. لقد خرج سيدونيوس على العالم فجأة مدينة ليون (432) حيث كان يقيم أبوه حاكم غالة. وكان جده قد شغل هذا المنصب نفسه قبل أبيه، وكانت أمه من أقارب أفتوس Avitus الذي جلس على عرش الإمبراطورية في عام 455. والذي تزوج سيدونيوس بابنته عام 452. وكانت كل هذه سبلاً ممهدة يصعب على الإنسان أن يجد خيراً منها. وجاءت إليه ببيانلا ببائنة هي قصر ريفي مترف بالقرب من كليرمنت Clermont. وقد قضى عدداً من سني حياته في الذهاب لزيارة أصدقائه من النبلاء والعودة من هذه الزيارات. وكان أولئك الأصدقاء أناساً ذوي ثقافة ورقة يميلون إلى الدعة والمغامرة ، يعيشون في بيوتهم الريفية، وقلما يغمسون أيديهم في رجس السياسة.
وكان في وسعهم أن يحملوا حياتهم الناعمة المترفة من الغزاة القوط. ولم يكونوا يهتمون بحياة المدن، فقد أخذ ذوو الثراء الواسع من الإنجليز والفرنسيين في ذلك العهد يرون ما في حياة الريف من متع لا توجد في المدن، وقد جمعت هذه البيوت الريفية المنبسطة ذات الحدائق كل وسائل الراحة وأسباب الجمال، من أرض مرصوفة بالفسيفساء، وأبهاء ذات عمد، وجدران منقوشة عليها مناظر طبيعية، وتماثيل من الرخام أو البرونز ومواقد فخمة، وحمامات، وحدائق وملاعب تنس ، ومن حولها غياض يستطيع الرجال والسيدات أن يصيدوا فيها ويطلقوا البزاة. وكان بعضها يحتوي 125 حجرة، وفي كل منها إلا القليل النادر مكتبة عامرة بالكتب، فيها كتب الوثنين القديمة وبعض النصوص المسيحية الجليلة. وكان بعض أصدقاء سودونيوس نفسه من هواة جمع الكتب ولا ريب في أنه كان في غالة كما كان في روما كثير من الأثرياء الذين يقدرون تجليد الكتب الجميلة أكثر مما يقدرون محتوياتها وحدها، ويقنعون بالثقافة التي يستطيعون أن يحصلوا عليها من جلود كتبهم.
ويضرب لنا سيدونيوس أحسن مثل لهذه الحياة اللطيفة -حياة حسن الضيافة والمجاملة، والبهجة، والآداب الراقية، وما فيها من شعر جيد الصقل، ونثر حلو النغم. ولما ذهب أفنوس إلى روما ليجلس على عرش الإمبراطورية، صحبه سودنيوس، واختير ليلقي بين يديه خطاب الترحيب (456)، ثم عاد إلى غالة بعد سنة من ذلك الوقت مع أفنوس المخلوع؛ ولكننا نجده في روما مرة أخرى في عام [468] يشغل منصب محافظ المدينة حين كانت الدولة في آخر مرحلة من مراحل الانهيار. وكان الرجل يسير مطمئناً وسط هذه الفوضى، فاستطاع بذلك أن يصف المجتمعات العليا في غالة وروما في رسائل من طراز رسائل بلني وسيماخوس، ولا تقل عن رسائلهما مباهاة وظرفاً.
ولم يكن الأدب في ذلك الوقت يجد ما يتحدث عنه إلا القليل، وقد بُذل في هذا القليل من العناية ما أبقى على شكل هذا الأدب وسحر ألفاظه بعد أن ذهب كل ما عداهما، وخير ما يمكن أن يقال عن هذه الرسائل أنها حوت ما في طبيعة الرجل المهذب المتعلم من تسامح وظرف وتفاهم وتعاطف. وهي الصفات التي أزدان بها أدب فرنسا منذ تلك الأيام التي لم فيها أدباً فرنسياً. وقد جاء سيدونيس إلى غالة بما يمتاز به الرومان من حب الحديث الممتع اللطيف الذي بدأ بشيشرون وسنكا وانتقل عن طريق بلني وسيماخوس، ومكروبيوس، وسيدونيوس إلى مونتاني ومنتسكيو، وفلتير، ورينان، وسانت بيف، وأناتول فرانس، وهؤلاء يكونون سلسلة متصلة الحلقات، ومن نعم الله أنهم يكادون يكونون كلهم ذوي عقلية واحدة.
وإذ كنا لا نحب أن نعطى القارئ صورة غير صادقة لسودونيوس، فلابد لنا أن نضيف هنا أنه كان مسيحياً صالحاً، وأسقفاً شجاعاً. وقد وجد الرجل نفسه، على حين غفلة ، وعلى كره منه، يندفع من منزلته المدنية العلمانية إلى أسقفية كليرمنت. وكان على الأسقف في تلك الأيام أن يكون حاكماً إدارياً وهاداً روحياً في آن واحد. وقد كان ذوو التجارب والثراء أمثال أمبروز وسيدونيوس يمتازون بمؤهلات أقوى أثراً وأعظم نفعاً في مناصبهم الجديدة من علوم الدين مهما تعمقوا فيها. وإذا كان سيدونيوس لم يُحصَل من هذه العلوم إلا القليل، فإنه لم يكن يصبّ اللعنات الدينية إلا على القليلين، وكان بدل أن يشغل نفسه بهذا يعطى صحافة الفضية للفقراء، ويغفر ذنوب الناس بسرعة روّعت الكثيرين من رجال الدين.
ونتبين من إحدى رسائله أنه كان في بعض الأحيان يقطع صلوات المصلين في كنيسته حين يتناولوا بعض المرطبات. ثم حطمت الحقيقة المرة هذه الحياة الممتعة حين قرر أوريكEuric ملك القوط الغربيين أن يضم أوفرني Auvergne إلى البلاد الخاضعة لحكمه. وظل القوط يحاصرون كليرمنت عاصمة هذه الولاية كلما حل فصل الصيف أربع سنين متوالية. وكان سيدونيوس يقاتلهم بالسياسة وبالصلوات، ولكنه عجز عن صدهم. ولما سقطت المدينة أخر الأمر، أسر، وسجن في حصن بالقرب من كاركسن Carcassonne (475)؛ ثم أطلق سراحه بعد علمين وأعيد إلى كرسيه. ولسنا نعرف كم من الزمن عاش بعدئذ، ولكنا نعلم أنه قبل أن يتجاوز الخامسة والأربعين من عمره كان يتمنى أن "يتخلص من آلام الحياة الحضرة ومتاعبها بأن يعجل الله بمنيته"(32) ذلك أنه كان قد فقد إيمانه بالإمبراطورية الرومانية، وبنى كل آماله في تقدم الحضارة على الكنيسة الرومانية. وقد غفرت له الكنيسة ما في شعره من نزعة وثنية وضمته إلى جماعة القديسين.
الغال
- مقالة مفصلة: الغال (شعب)
البنية الإجتماعية والقبائل
Julius Caesar, in his book, Commentarii de Bello Gallico, comments:
All Gaul is divided into three parts, one of which the Belgae inhabit, the Aquitani another, those who in their own language are called Celts, in ours Gauls, the third.
All these differ from each other in language, customs and laws.
The Garonne River separates the Gauls from the Aquitani; the River Marne and the River Seine separate them from the Belgae.
Of all these, the Belgae are the bravest, because they are furthest from the civilisation and refinement of (our) Province, and merchants least frequently resort to them, and import those things which tend to effeminate the mind; and they are the nearest to the Germani, who dwell beyond the Rhine, with whom they are continually waging war; for which reason the Helvetii also surpass the rest of the Gauls in valour, as they contend with the Germani in almost daily battles, when they either repel them from their own territories, or themselves wage war on their frontiers. One part of these, which it has been said that the Gauls occupy, takes its beginning at the River Rhone; it is bounded by the Garonne River, the Atlantic Ocean, and the territories of the Belgae; it borders, too, on the side of the Sequani and the Helvetii, upon the River Rhine, and stretches toward the north.
The Belgae rises from the extreme frontier of Gaul, extend to the lower part of the River Rhine; and look toward the north and the rising sun.
Aquitania extends from the Garonne to the Pyrenees and to that part of the Atlantic (Bay of Biscay) which is near Spain: it looks between the setting of the sun, and the north star.
الديانة
المصادر
ديورانت, ول; ديورانت, أرييل. قصة الحضارة. ترجمة بقيادة زكي نجيب محمود.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .