عبد الله الشرقاوي
عبد الله الشرقاوي |
---|
عبد الله بن حجازي بن إبراهيم الشرقاوي (1150-1227 هـ) أحد مشايخ الأزهر الشريف في القرن الثالث عشر الهجري.[1]
ولد بقرية الطويلة من قرى الشرقية بمصر عام 1150 هـ. تعلم في الأزهر الشريف وتولى مشيخته عام 1208 هـ. كانت له مواقف شجاعة أثناء الحملة الفرنسية على مصر. قام محمد علي باشا بوضع الشيخ الشرقاوي تحت الإقامة الجبرية في محاولة منه للقضاء على نفوذ علماء الأزهر. في أيامه تم إنشاء رواق الشراقوه بالأزهر.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
نشأته وحياته المبكرة
هو الإمام الشيخ عبدالله بن حجازي بن إبراهيم الشافعي الأزهري الشرقاوي، وُلِدَ بقرية "الطويلة" بالقُرب من قرية القرين في محافظة الشرقية سنة 1150هـ "1737"، ونُسِبَ إليها، حَفِظَ القُرآن في طفولته في بلدة القرين، حيث نشأ بها وتطلَّع إلى المعرفة؛ فدرس قسطًا من العُلوم التي تُؤهِّله للانتساب للأزهر، ثم غادر قريتَه إلى القاهرة؛ حيث انتسب للأزهر وتلقَّى الدروس على يد أشهر علماء الأزهر وأعلامه في علوم الدِّين والدُّنيا معًا حتى بلغ القمَّة، وصار يُفتي في مذهبه "الشافعي" ويرجع إليه في حلِّ غوامضه، وكان على درجة عالية من الإلقاء والتحرير، ومال بفطرته الطبيعيَّة إلى التصوُّف، ثم اتَّصل بالصوفي الشيخ الكردي ولازمَ كبار العلماء فاستفاد خبرة. [2]
توليه المشيخة
تولَّى مشيخة الأزهر بعد الشيخ العروسي 1218هـ "1793م"، وقيل: 1028هـ، وفي حياته ألمَّت بمصر أحداثٌ جسام؛ إذ أتت الحملة الفرنسيَّة، وما يُصاحبها من قتل ودسائس ومغامرات ومؤامرات، ولكنَّ الشيخ بحكمته تغلَّب على هذا.
ولقد تولَّى المشيخة في مرحلةٍ من أهمِّ مراحل التاريخ المصري، وكان في مقدمة زعماء الشعب، وواحدًا من أعضاء مجلس الشورى العشرة الذين تقرَّب بهم ناپليون للشعب المصري، فقد عاش الثورة وانتفاضتها، وأبلى بلاءً حسنًا في حفاظه على الأزهر وحمايته، وارتفع إلى زعامة المقاومة الشعبيَّة، وطلب من الحاكم العدلَ بين الناس، ورفع الظلم، وإقامة الشرع، وإبطال المكوس "الضرائب"، ونزل الحاكم على رغبة كتابه، وأمر ناپليون أنْ يُؤدِّي للعلماء التحيَّة العسكريَّة إجلالاً واحترامًا لهم، ولقد تأثَّر ناپليون أولاً بسلوك علماء الأزهر وعلى رأسهم الشيخ الشرقاوي، وتكرَّر إعجاب ناپليون بالإسلام وتعاليم النبي محمد - عليه الصلاة والسلام - وبخاصَّة بعد عودته من الشام أعلن فيه أنَّه يحبُّ الدِّين الإسلامي، ويعظم النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - ويحترم القُرآن، ويقرأ منه كلَّ يوم بإتقان، ومراده أنْ يبني مسجدًا عظيمًا بمصر لا نظير له في الأقطار الأخرى، وأنْ يدخل في دِين النبيِّ المختار - صلَّى الله عليه وسلَّم.
وكان ناپليون كثيرًا ما يُعلن رغبته في اعتناق الإسلام، ويذكر أنَّ في استطاعته حمل جنوده على اعتناق الإسلام بناءً على أمره، ثم طلب من شيوخ الأزهر في إحدى الجلسات أنْ يصدروا فتوى يدعون فيها الشعب المصري أنْ يُقدِّموا له الطاعة والولاء؛ فتصدَّى له الشيخ الشرقاوي طالبًا تنفيذ وعدِه باعتناق الإسلام، وحبَّب إليه هذه الخطوة وزيَّنها في قلبه، وقال له: "إذا اعتنقت الإسلام انضَوَى تحت لوائك مائة ألف جندي عربي، وتستطيع أنْ تفتَحَ بهم الشرق".
منزلته
كان الشيخ الشرقاوي يستغلُّ مكانتَه في الشفاعة لدى الفرنسيين في دفع الأذى عن زعماء الشعب وذوي المكانة فيهم، وكثيرًا ما كان يقف في وجه الفرنسيين، ولأنَّه رأى فيهم الخطر الداهم على مصر فيجبُ التصدِّي لهم.
واكتشف الفرنسيون أخيرًا أنَّه تجاوب مع الثورة ضدَّهم، فاعتقَلُوه مع غيره من الزُّعَماء في سجن القلعة، لكن سرعان ما أخرَجُوه لحاجتهم إليه، وحاول نابليون التقرُّب إليه بكلِّ السبل، ومع أنَّ الفرنسيين فتكوا بالآلاف من سكان القاهرة، وفرضوا عليهم الضرائب الباهظة، وقتلوا لفيفًا من علماء الأزهر وطلابه، لكن مع هذا نبهت أذهان العلماء وتنبَّه الشيخ الشرقاوي إلى المدنيَّة الحديثة والعلوم المتطوِّرة التي جاءت بها الحملة الفرنسيَّة، واكتشاف حجر رشيد، وقارنها بالتخلُّف الذي عليه مصر والولايات التابعة للحكم العثماني، وعلم ناپليون أنَّ الشيخ الشرقاوي يتلقَّى رسائل سريَّة من الخليفة العثماني.
ولما قتل القائد "كليبر" قبض على الشيخ الشرقاوي وأسموه: رجل السياسة الهادئ الذي جنَّب شعبه كثيرًا من النكبات، وكان ناپليون وخلفاؤه يزورون الشيخ الشرقاوي في بيته، ويُبالغون في الحفاوة به، على الرغم من عدم اطمئنانهم له؛ نظرًا لمكانته العلميَّة وشعبيَّته.
وبعد رحيل الحملة الفرنسيَّة عانت البلاد من ظُلم وطغيان العثمانيين والأكراد والمماليك، وأخذ الجميع ينهَبُون ويستبيحون الحرمات؛ فضجَّ الناس بالشكوى ولجؤوا للشيخ الشرقاوي، فقاد مجموعة العلماء وآلاف المواطنين، وأعلن عزل الوالي خورشيد وتولية محمد علي وأقرَّه السلطان، وكانت أوَّل مرَّة يختار الشعب زعيمه، لكن محمد علي كان طاغيًا لا عهد له ولا أمان.
ومن أعمال الشيخ الشرقاوي أنَّه بنى رواق الشراقوة، وعمل على سلامة الأزهر؛ لأنَّ الأزهر وديعةٌ في يديه فيجب الحفاظ عليها، فكان يُهادن الأعداء أحيانًا خوفًا وحرصًا على سلامة الأزهر.
مؤلفاته
للشيخ الشرقاوي مؤلفات كثيرة، نذكر بعضًا منها:
- التحفة البهية في طبقات الشافعية، ضمَّنه تراجم الشافعية حتى سنة 1221هـ، ورتَّبه على حروف المعجم، وتوجد منه نسخة خطيَّة بدار الكتب المصريَّة.
- العقائد المشرقية في التوحيد.
- الجواهر السنية في شرح العقائد المشرقية - مخطوط.
- حاشية الشرقاوي.
- حاشية على شرح الهدهدي.
- شرح حكم ابن عطاء الله السكندري.
وقد بلغت مؤلفات الإمام الشيخ الشرقاوي ما يزيدُ على العشرين مؤلفًا، وذلك رغم التيَّارات السياسيَّة العنيفة التي خاضَها، وجميعُ كتبِه بدار الكتب المصريَّة ومكتبة الأزهر الشريف.
وفاته
أخذ ينشرُ العلم ويدرسه ويناضلُ ضدَّ الظلم ويمنعه حتى وافته المنية، ولقي ربه يوم الخميس 2 شوال 1227هـ، وصلَّى عليه بالأزهر جمعٌ كبير، ودُفن في مدفنه الذي بناهُ لنفسه في وقف السيدة "الحاتون خونر طفاي" في الصحراء، بجوار مسجدٍ له بناهُ وقصر بناه للصوفيَّة لحبِّه لهم، وقد أصدر الوالي فرمانًا بإقامة مولدٍ سنوي له، واحتفل الناس بهذا المولد وأقاموا فيه الموائد، وحضَرَه جمعٌ كبير من الفقهاء والعلماء والمشايخ والأعيان.
ولقد أشاد الجبرتي في وصف مدفنِه الفخم، وبعد الصلاة عليه في الأزهر حُمِلَ إلى مدفنه المذكور في تابوت.
المصادر
- إسلام أون لاين.
قبلــه: أحمد بن موسى العروسي |
شيخ الجامع الأزهر الثاني عشر (1208هـ - 1227 هـ / 1793م - 1812م) |
بعــده: محمد الشنواني |