سليم البشري
سليم البشري المالكي | |
---|---|
شخصية | |
ولد | 1832 م |
توفي | 1916 م، 84 عاماً |
فضيلة الشيخ سليم البشري المالكي المولود في محلة بشر من محافظة البحيرة عام 1832 ميلادي الموافق لعام 1248 هجري، هو شيخ الأزهر رقم 29.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
نشأته ونسبه
هو فضيلة الإمام الشيخ سليم بن فراج بن السيد سليم بن أبي فراج البشري نسبه إلى (محلة بشر) إحدى قرى شبراخيت بمحافظة البحيرة. ولد بها عام 1248هـ/1832م، وقد عاش يتيمًا حيث توفي والده وهو في السابعة من عمره، وكفله أخوه الأكبر السيد عبد الهادي البشري.[1]
حياته العلمية
لما بلغ التاسعة من عمره كان قد حفظ القرآن الكريم كله وجوده، ثم قدم إلى القاهرة واحتضنه خاله السيد بسيوني البشري، وهو من شيوخ ضريح السيدة زينب رضي الله عنها، وتعلم على يد خاله مبادئ العلوم، وظل معه مدة عامين، درس فيهما عليه وعلى غيره من العلماء الذين كانوا يحاضرون بالمسجد، فدرس قراءات القرآن الكريم.
درس الشيخ سليم في أعرق جامعة إسلامية سنية ألا وهي جامع الأزهر الشريف وهو ما زال تحت رعاية خاله، واتصل بكبار العلماء وتلقى عنهم، فدرس الفقه المالكي (وكان ياخذ به معظم سكان منطقة البحيرة آنذاك) وظل يواصل الدراسة بالأزهر تسع سنواتٍ كاملة، وقد ترقى في المراتب العلمية والروحية حتى نال تلك المنزلة الرفيعة وهي تولي مشيخة الأزهر.
توليه المشيخة
وبعد بضعة أعوام صدر الأمر بتعيينه شيخًا ونقيبًا للسادة المالكية، وهو من أكبر مناصب الأزهر، وظلَّ شيخًا للمالكية حتى لقي ربه، ولقد وقع عليه الاختيار ليكون شيخًا للأزهر، فاعتذر عن عدم قبول هذه المنصب الكبير، وبالغ في الاعتذار محتجًا بكبر سنه وضعف صحته، ولكنه أمام الإلحاح الشديد قبل المنصب، وصدر الأمر بتعيينه شيخًا للأزهر في 28 صفر 1317هـ/1901م، ولقد تولى الشيخ البشري منصب شيخ الأزهر مرتين: الأولى التي أشرنا إليها، ولبث فيها أربع سنوات تقريبًا، أظهر فيها سداد الرأي وقوة الحزم، ومضاء العزيمة، ما لا يتفق عادة لمن كان في سنه، واستقال نتيجة اضطراب الأحوال وأمورٍ لم يقبلها - سنذكرها لاحقا- وذلك في 2 ذي الحجة عام 1320هـ -1904م، وعين بدلا منه الشيخ الببلاوي، وتم تعيينه مرة أخرى شيخًا للأزهر عام 1927هـ/1909م وظل فيها حتى وفاته عام 1335هـ .
شيوخه
من شيوخه الأعلام الشيخ الحناني والشيخ عليش والشيخ الباجوري وأمثالهم كثير.
وكان الحناني من شيوخ الشيخ البشري وأساتذته، وحدث أنه كان يقرا كتابًا من أمهات الكتب على متقدمي الطلبة (الدراسات العليا)، وعندما وصل بشرحه إلى نصف الكتاب أدركه الفالج، وبقي الشيخ الحناني أشهرًا وهو في فراش المرض، والطلبة في انتظاره، فلما أحسَّ بشيءٍ من الراحة طلب أن يُحمَل إلى مجلس علمه، وقال لطلبته: إني ذاهبٌ وليست لي القدرة الآن على تحصيل العلم، وإني مستخلفٌ عليكم إتمام درسي أجدر الناس به، وأمسك بيد الشيخ سليم البشري، وأجلسه في مجلسه، فأتم الكتاب على غرار شيخه.
تلاميذه
وظل يباشر التدريس بعدها، فظهر نبوغه وذاع أمره، وتهافتت عليه الطلبة، وتخرج على يديه جماعةٌ من كبار العلماء منهم الشيخ محمد راشد إمام "المعية السنية" و"الحاشية الخديوية" والشيخ بسيوني البليباتي والشيخ محمد عرفة، وغيرهم من افاضل العلماء، ونبغ الشيخ في علوم كثيرة، وبخاصةٍ في علوم الحديث نبوغًا كبيرًا أبلغه درجة كبار المحدثين واتجهت إليه انظار الباحثين من العلماء والطلبة.
آثاره العلمية وتأثيره
واصل الشيخ البشري حركة الإصلاح وإلقاء الدروس والتصنيف العلمي، ولزم فراشه مريضًا مدة عامين كاملين، لم ينقطع فيهما الطلبة عن الذهاب إليه في بيته بحي (البغالة) بالسيدة زينب، فكان يلقي عليهم دروسه صباح كل يوم، ولما أتم الله شفاءه عُيِّنَ شيخًا لمسجد السيدة زينب، فقرأ فيه أمهات الكتب، والتفَّ حوله الطلبة، وتابعوا دروسه، وكثرت أعدادهم، ولما اتجهت النية إلى إصلاح الأزهر في عهد الشيخ حسونة النواوي كان في مقدمة العلماء الذين وقع عليهم الاختيار لعضوية مجلس الأزهر، مع الشيخ محمد عبده والشيخ عبد الكريم سليمان وغيرهما من كبار العلماء، وكان عضوًا بارزًا في المجلس، ومن أسباب تقديم استقالته أنه حدث أن اختار أحد العلماء وهو الشيخ أحمد المنصوري شيخًا لأحد أروقة الأزهر، ولم يكن الحاكم راضيًا عن ذلك، وطلب منه العدول عن تعيينه، فأبى الشيخ الإمام الرجوع عن اختياره!! وكان جريئا عندما قدم استقالته أول مرة، فلم يترك درس العلم ولم يحاول أحد أن يزحزحه عن مكانه، وفي عهده طبق نظام امتحان الراغبين في التدريس بالأزهر، وقال كلمته في عزة وإباء: " إن كان الأمر لكم في الأزهر دوني فاعزلوه، وإن كان الأمر لي دونكم فهذا الذي اخترته، ولن أحيد عنه" وغضب الحاكم غضبًا شديدًاً وبخاصة أمام حاشيته فأرسل إلى الشيخ قائلا: "إن تشبثك برأيك قد يضرك في منصبك"، فرد الإمام عليه: " إن رأيي لي ومنصبي لهم، ولن أضحي لهم بما يدوم في سبيل ما يزول" وقدم استقالته، وعين الشيخ الببلاوي ثم الشيخ الشربيني بعده، ثم أعيد الشيخ حسونة النواوي، ثم صدر الأمر بإعادة الشيخ البشري مرة ثانية كما أشرنا سابقًا، وكان الإمام البشري حازمًا في إدارته، وعلى الرغم من الأعباء الكبيرة التي كان يتحملها في مباشرته لمشيخة المالكية ومشيخة الأزهر- فإنه ظل يباشر دروسه في الأزهر، كما ظل يباشر التدوين والتصنيف وقيادة الحركة الإصلاحية بعزم وحسم، وظهرت آثار ذلك كلها في عهده حتى أصبح معظم مدرسي الرياضيات في عصره من علماء الأزهر بعد أن كادت صلة الأزهر بهذه العلوم تنقطع تمامًا. ومن أمثلة شجاعته واعتزازه بنفسه، أنه عقب استقالته ذهب في اليوم التالي إلى الأزهر ليلقي دروسه على طلابه، فقرأ درس "التفسير والحديث" الذي حضره يومئذ نحو خمسمائة عالم وباقي الطلبة الذين لم يحص عددهم.
وكان حريصا على لزوم بيته، ولم يخرج منه إلا لإلقاء الدروس، وساءت الأحوال في الأزهر واضطربت الأمور، فاضطر ولاة الأمر إلى اللجوء إليه ليعود إلى منصبه شيخًا للأزهر، ليعالج هذه الاضطرابات، فاشترط أن تجاب جميع طلباته فورًا وهي : أن تقوم الحكومة بإكرام العلماء والطلبة والتوسع في أجورهم وأرزاقهم، ورد حقوقهم إليهم، فتقرر زيادة المرتبات للعلماء لعشرة آلاف جنيه سنويًا، أي ما يساوي اليوم عشرة مليارات جنيه توزع بالتساوي عليهم، وسهل أمورهم الحياتية كثيرًا.
وظل الإمام يكافح ويجاهد في النهوض بالأزهر حتى نال الحظوة لدى السلطان والحكومة فمنحه نيشان المجيدي الأول، وكذا الوشاح الأكبر من وسام النيل، ومن عادته الاستيقاظ مبكرًاً دائمًا، يتهجد ثم يوقظ أهله فيفطر ويلقي عليهم الدروس، ومن الغريب أنه لم يقبض مرتبه في حياته ولا مرة، ويترك ذلك لمن يثق فيهم، وكل ما كان يقع في يده من بضعة جنيهات كل شهر ينفقها على الفقراء.
مؤلفاته
وكما ذكرنا أن الشيخ سليم البشري كان أحد رواد النهضة والتجديد في الأزهر وتحقق على يديه خيرٌ كثيرٌ، وكانت له مجموعةٌ من الحواشي في العقائد والنحو وغيرهما، وهي تشهد له بالعمق والدقة، وذكر صاحب "كنز الجواهر" أن للإمام البشري مؤلفاتٍ قيمةً كتبها، ولكنه لم يذكر لنا هذه الكتب، ولعلها مقدماتٌ لبعض الكتب المهمة في علوم الحديث الذي اشتهر به مثل كتاب (هدي الساري) فهو مقدمة ذات قيمة مسهبة لكتاب فتح الباري في شرح صحيح البخاري، وكلاهما ـ لابن حجر ـ ونقل مقدمة ابن خلدون لكتابه (في التاريخ)، ونشير إلى بعض الكتب التي صنفها:
- حاشية تحفة الطلاب على شرح رسالة الآداب.
- حاشية على رسالة الشيخ عيسى في التوحيد.
- المقامات السنية في الرد على القادح في البعثة النبوية رد فيها على الملحدين، مخطوط بدار الكتب.
- عقود الجماعة في عقائد أهل الإيمان .
- الاستئناس في بيان الأعلام وأسماء الأجناس، وهو مصنف في النحو، اعتمد عليه المدرسون في الأزهر.
- شرح نهج البردة.
وفاته
بعد أن قام بنهضة علمية وإصلاحية ورفع الكثير من العنت عن كاهل العلماء والطلاب، وافته المنية ولقي ربه بعد أن جاوز التسعين من عمره عام 1335هـ/1916 م، فحزن عليه كثيرًا عامة الناس وخاصتهم، ولقد رثاه شاعر النيل حافظ ابراهيم بقصيدةٍ بليغةٍ مؤثرةٍ قال في مطلعها: أيدري المسلمون بمن أصيبوا = وقد واروا "سليما" في التراب هوى ركن "الحديث" فأيُّ قطبٍ؟!= لطلاب الحقيقة والصواب فما في الناطقين فم يوفي = عزاء الدين في هذا المصاب ؟ قضى الشيخ المحدث وهو يملي = على طلابه فصل الخطاب ولم تنقص له "التسعون" عزمًا = ولا صدَّتْه عن دَرَكِ الطِلاب
انظر أيضاً
المصادر
وصلات خارجية
قبلــه: عبد الرحمن القطب النواوي |
شيخ الجامع الأزهر الخامس والعشرون (1317 هـ - 1320 هـ / 1900م - 1904م) |
بعــده: علي بن محمد الببلاوي |
قبلــه: حسونة النواوي |
شيخ الجامع الأزهر التاسع والعشرون (1327 هـ - 1335 هـ / 1909م - 1916م) |
بعــده: محمد أبو الفضل الجيزاوي |