حسونة النواوي
حسونة النواوي |
---|
الشيخ حسونة بن عبد الله النواوي الحنفي (1839م- 1924م) كان شيخاً للأزهر، ولد بقرية نواي بمركز ملوي بمحافظة المنيا، أتم حفظ القرآن الكريم ثم التحق بالأزهر وتلقى الدروس على يد كبار مشايخه، مثل الشيخ الإنبابي، والشيخ عبد الرحمن البحراوي، والشيخ علي خليل الأسيوطي.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
نشأته
ولد الشيخ حسونة بن عبد الله النواوي الحنفي بقرية نواي بمركز ملوي بمحافظة أسيوط عام 1839م، وقد نُسِبَ إلى بلدة نواي حيث نشأ وتربَّى فيها، وهي من قرى صعيد مصر، أتم حفظ القرآن الكريم ثم إلتحق بالأزهر وتلقى الدروس على يد كبار مشايخه، مثل الشيخ شمس الدين الأنبابي والشيخ عبد الرحمن البحراوي والشيخ علي خليل الأسيوطي.[1]
وحفظ نصف القرآن توطئة وتمهيدًا للالتحاق بالأزهر، حيث إن الأزهر وقتها كان لا يشترط حفظ القرآن كله للقبول به، وكان يطالب بإكمال حفظه بعد الالتحاق، وارتحل إلى القاهرة وتقدم للأزهر، وانخرط ضمن طلابه ودرس العلوم على مشاهير علمائه ومنهم الشيخ الأنبابي فدرس عليه المعقول في المنطق والفلسفة، والشيخ عبد الرحمن البحراوي فتلقى عنه الفقه الحنفي وغيرهما كثير، وتميز بقوة الجد والتحصيل، وظهرت عليه علامات النجابة والذكاء وهو مازال صغير السن، ولما فرغ من الدراسة جلس لتدريس أمهات الكتب العلمية، فأقبلت عليه جموع الطلاب، ولفت إليه الأنظار فاختاره القائمون على الأزهر وعينوه لتدريس الفقه في جامع محمد علي بالقلعة، واسترعى انتباه القائمين على نظارة المعارف (وزارة التربية والتعليم) فعينوه إلى جانب عمله بالمسجد أستاذًا للفقه بدار العلوم ومدرسة الحقوق (كلية الحقوق)، فقام بعمله خير قيام، وكانت له وظيفتان أخريان، الإفتاء وعضوية المجلس الأعلى للمحاكم الشرعية.
توليه المشيخة
تولى مشيخة الأزهر بعد مرض الشيخ الأنبابي فانتدب الخديو الشيخ النواوي وكيلا للأزهر ثم صدر قرار بعد ذلك بتعيينه شيخًا للأزهر.
وقد صدر قرار الخديو بإبعاده عن مشيخة الأزهر؛ بسبب وقوفه ضد الخديو لأجل إصلاح المحاكم الشرعية وضد القانون الصادر بذلك، إضافة إلى منع الذهاب للحج احتجاجًا بوجود وباءٍ آنذاك، وهناك أمر آخر وهو الخلاف المستمر بين رئاسة الوزراء والوزراء وبين الشيخ، وشاع الخبر وأقبل العلماء وزعماء الشعب على دار الإمام الشيخ حسونة أفواجًا يلهجون بفضله وتمسكه بدينه، ووقوفه بصلابة ضد الطغيان، وحفاظًا على حرمة الأزهر وكرامة رجال الدين.
إن البدعة التي افتراها الخديو إسماعيل وهي خلع شيخ الأزهر جعلت الحكام يستهينون بهذا المنصب الكبير، وقد حاول الخديو حمل الشيخ على قبول اقتراح تعديل المحاكم الشرعية فأبى الشيخ بشدة وصلابة، فتألم الخديو لذلك فأصدر قرارًا بعزله وتولية ابن عمه عبد الرحمن النواوي مشيخة الأزهر، وتوفي خلال شهر من ولايته للمشيخة، فعين الخديو الشيخ سليم البشري، ولكنه استقال بعد ثلاث سنوات من منصبه، وهكذا ظل منصب شيخ الأزهر في تأرجحٍ مؤلمٍ ومؤسفٍ، ثم أعيد الشيخ الإمام حسونة النواوي إلى كرسي مشيخة الأزهر عام 1324هـ ولكنه سرعان ما آثر ترك المنصب بعد وقتٍ قليلٍ لاختلال الأحوال، ويأسه من الإصلاح فاستقال عام 1327هـ ، وعلى هذا فلقد تقلد مشيخة الأزهر مرتين الأولى 1313هـ والثانية 1324هـ.
توليَّ منصب الإفتاء جنبا إلى جنب مع مشيخة الأزهر في الفترة ما بين عام 1895م إلى عام 1899م, وأصدر خلال هذه الفترة حوالي 287 فتوى.
آثاره العلمية وتأثيره
لقد عاش الشيخ حسونة النواوي حياةً كريمةً، ولم يُعْهَدْ عليه ما يشين دينه ودنياه، بل عُرِفَ بالعفَّة وعلوِّ الهمَّة ونقاء اليد، ووقوفه أمام الحكام مواقف كريمة، ولم يتملقهم، ولقد كان الشيخ من أبرز الداعين لإصلاح الأزهر، وإدخال العلوم الحديثة إليه، وكان الجو مهيأ له، فقد ظهر في مصر جمال الدين الأفغاني ومحمد عبده ووافقهما الشيخ النواوي لهذا النداء، وبدأ يدرس نظام الأزهر وأوضاعه وانتهت هذه الدراسة بمشروعٍ كاملٍ صدر به قانون اشتمل على 62 مادة في ستة أبواب، (انظر كنز الجواهر والألعام للزركلي)، ولقد كان لوجود الشيخ محمد عبده ضمن أعضاء مجلس الإدارة، وتعاونه المخلص مع الشيخ النواوي أثره في وضع قواعد للانتساب والانتظام، وأحقية العلماء والطلاب في المرتبات والأجور، والمكافآت، وتنسيق قواعد التدريس والإجازات العلمية، وإدخال العلوم الحديثة من الرياضة والهندسة وغيرهما إلى رحاب الأزهر مرة ثانية، وكانت قد هجرته منذ زمنٍ طويلٍ، وبقي مقتصرًا على العلوم الشرعية واللغوية، وبإدخال هذه العلوم عادت للأزهر منزلته المرموقة للأخذ بشئون الدين والدنيا.
وعلى الرغم من الفوائد الجلية لدخول العلوم الحديثة للأزهر فقد كانت المعارضة لها شديدة، وحجة المعارضين والمانعين هي الخوف على هذا المعهد العالمي الذي كرَّس حياته الطويلة لحراسة الدين واللغة، أن يصبح مدرسة لترويج المعارف الغربية ونشر حضاراتها، ولهذا خصصت جوائز سخية لمن يدرس العلوم الحديثة، وأنشأ الرِّوَاق العباسي من ثلاثة طوابق، واشتمل هذا الرِّوَاق على سائر الخدمات من إدارة وخدمات طبية وأماكن أمن ومكتبة ومقر للإدارة.
مؤلفاته
على الرغم مما لاقاه الشيخ حسونة النواوي من محن وشدائد من الولاة والحكام، فتولى المشيخة ثم عزل ثم ولاية أخرى ثم استقالة، على الرغم من هذا كله فقد ترك –رحمه الله- مصنفاتٍ كثيرةً وصلنا بعضها منها:
- سلم المسترشدين في أحكام الفقه والدين.. وقد لفت الأنظار إليه خارج الأزهر فقررت نظارة المعارف (وزارة التربية والتعليم) تدريسه على طلاب مدارسها، والكتاب عبارة عن جزئين جمع فيه الأصول الشرعية مع الرقائق الفقهية بإيضاحٍ شافٍ، وكذا المدارس الأميرية فدرَّسته لتلاميذها.
- وله -غير هذا الكتاب- كتبٌ عديدةٌ ورسائل كثيرةٌ جيدة الصنع.
- قانون تنظيم الأزهر ويعدُّه الباحثون في غاية الأهمية. ولقد نبغ من تلاميذه لفيفٌ من نجباء الطلاب، وتولوا مناصب كبرى في الإدارة والقضاء الشرعي ومن إنجازاته ومآثره إنشاء مكتبة الأزهر والرِّوَاق العباسي
وفاته
ولزم الإمام الشيخ حسونة النواوي داره حيث يلتقي بأصحابه وأنصاره ومحبيه حتى لقيَ ربَّه راضيًا مرضيًا في صباح يوم الأحد الموافق 24 شوال 1343هـ/1924م، ودُفِنَ بقرافة المجاورين، وحزن الناس عليه كثيرًا، وصلي عليه بالأزهر، وأجريت له المراسم الرسمية، وشُيِّعَ إلى مثواه الأخير في جنازة مهيبة حضرها العامة والخاصة من العلماء، فجزاه الله أحسن الجزاء.
المصادر
- د. محمد الجوادي في كتابه "أصحاب المشيختين: سيرة حياة خمسة من علماء الأزهر جمعوا بين مشيخة الأزهر والإفتاء" . مكتبة الشروق الدولية .القاهرة ٢٠٠٨
قبلــه: شمس الدين الأنبابي |
شيخ الجامع الأزهر الثالث والعشرون (1313 هـ - 1317 هـ / 1896م - 1900م) |
بعــده: عبد الرحمن القطب النواوي |
قبلــه: عبد الرحمن الشربيني |
شيخ الجامع الأزهر الثامن والعشرون استقال 1327 هـ/ 1909م |
بعــده: سليم البشري |
سبقه: لا أحد |
مفتو الديار المصرية الأول (1312 هـ - 1316 هـ / 1895م - 1899م) |
لحقه: محمد عبده |