جان-باتيست-كامي كورو
هذا الموضوع مبني على مقالة لابراهيم العريس. |
جان-باتيست-كامي كورو |
---|
جان باتيست كاميل كورو Jean-Baptiste-Camille Corot فنان ورسام فرنسي ولد في 1796 في باريس لأسرة بورجوازية صغيرة، وعاش منذ طفولته خضة الثورة والصراع الطبقي. وكان ابوه يريد له ان يصبح تاجراً مثله، لكنه استنكف عن ذلك، وبدأ دراسة الفن مبكراً، ثم اختلط بالأوساط الأدبية والفنية الباريسية، وارتبط بصداقة مع دومييه ومع أقطاب مدرسة باربيزون، قبل أن ينتقل الى روما حيث درس ورسم وعاش فترة طويلة من الزمن. وهو عاد بعد ذلك الى باريس ليعيش منصرفاً إلى فنه، بين المدينة والأرياف، ولفتت اعماله الأنظار الى درجة ان بودلير يضعه في مقدّم مدرسة الحداثة وآخرين سيرون فيه واقعيته. اما هو، فإنه سيقول لاحقاً: أنا في الحقيقة لم أرسم في لوحاتي إلا نفسي وما كان في داخلي.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
السيرة الذاتية
درس التصوير في باريس على يد ميشالون Michallon ثم ڤيكتور برتان V.Bertin. وبين عامي 1825 ـ 1828 أكمل دراسته في إيطاليا. وبعد تخرجه ابتدأ بعرض أعماله في صالون الخريف السنوي باستمرار، وفي الأعوام 1833 و1846 و1848 و1855 حظي بتقدير رسمي. وكان كورو يقوم في الصيف بزيارة أنحاء مختلفة في فرنسا متأثراً بالطبيعة، ويتلاقى مع كثير من المصورين، وهناك كان يسعى إلى إعداد دراسات بالقلم للمشاهد الطبيعية، وفي الشتاء كان يركن في مرسمه إلى تصوير هذه المشاهد بالألوان الشفافة، ولم تكن الأعمال الزيتية مطابقة تماماً للرسوم التحضيرية - شأنه في ذلك شأن پوسان Poussin - بخلاف الأعمال الطباعية على الحجر أو المعدن التي تميزت بمحاكاتها للواقع مباشرة.
كان الاتجاه السائد في فرنسا بعد ظهور الرومانتية الاهتمام بالطبيعة، وكانت جماعة مدرسة الباربيزون Barbizon وهي ضاحية في باريس قد احتوت مجموعة من المصورين وعلى رأسهم تيودور روسو T.Rousseau زعيم الثورة على سيطرة الأكاديمية الفرنسية، وكان كورو على اتصال بفناني هذه المدرسة، إذ كان مقيماً في فونتنبلو Fontainebleau.
عاش الرسام الفرنسي كورو، أساساً، في النصف الأول من القرن التاسع عشر، مع جزء من نصفه الثاني، بمعنى انه عاش وشهد الكثير من التقلبات الفكرية والفنية والسياسية التي عرفتها تلك الحقبة من الزمن والتي تميزت بكونها حقبة أفاق العقل فيها من سباته لدى كثر من عامة الناس، بعدما كان انحصر طويلاً لدى المفكرين والمميزين من البشر. وكان الفضل في ذلك، الى حد كبير، للمناخات الفكرية والاجتماعية النابعة من ثورة الفكر التنويري والعقلاني التي اجتاحت اوروبا خلال الفترة السابقة، كما الى الثورة الفرنسية التي اذ اندلعت برهنت على ان كل شيء بات ممكناً في ارتباطه بإرادة الإنسان ورغبة هذا الأخير في إمساك مصيره بين يديه. لكن المدهش، إزاء هذا كله، هو ان النزعة العقلانية التي راحت تسود الفكر والمجتمع وغيرهما، ظلت عصية على الوصول الى الفنون، والفنون التشكيلية في شكل خاص. وهكذا، سار معظم الفنانين على عكس التيار. وفي أحسن احوالهم نزعوا نحو نوع من الرومنطيقية الفردية الباحثة عن آفاق الغرابة، الى درجة انه كان من بين النقاد من تساءل: لماذا يتسم فن الرسم بكل هذه الرجعية؟ ومع هذا، في مقابل عشرات الفنانين الرومنطيقيين، في فرنسا وألمانيا وبريطانيا وغيرها، لم يعدم الأمر ان ظهر عدد من فنانين آخرين سلكوا سبلاً عقلانية ممهدين لفنون واقعية ثم انطباعية سادت لاحقاً. ومن هؤلاء الذين اتسمت عقلانيتهم بشيء من الكلاسيكية كورو نفسه. بيد ان كورو عرف، في تاريخ الفن بخاصة، بلوحاته التي يمثل معظمها مناظر طبيعية ورؤى مستلهمة من المشهد المعاش في تلك الطبيعة. وهو في هذا اعتبر مستلهماً، بخاصة، العلاقة التي دعا روسو الى اقامتها مع الطبيعة، كما اعتبر ممهداً لظهور فنانين كانت الطبيعة تشكل الجزء الأهم من اعمالهم، مثل پيزارو وسيزان وربما حتى ڤان گوخ والانطباعيين وما بعد الانطباعيين.
ومع هذا، فإن الواقع يقول لنا ان كورو لم يكن رسام مشاهد الطبيعة فقط. بل قد يفاجأ المرء إن هو عرف ان هذا الفنان الصامت والمتكتم رسم اكثر من ثلاثمئة لوحة تمثل بشراً، يعرفهم أو لا يعرفهم، لكنهم في معظمهم من الناس العاديين. وسيفاجأ المرء اكثر إن عرف ان معظم اللوحات تلك كانت تمثل وجوهاً نسائية، ندر منها ان وجد وجه مبتسم ضاحك ينم عن سعادة داخلية، بل إنها في معظمها وجوه حزينة متأملة تبدو وكأن افكارها تدور حول عوالم وأفكار بعيدة جداً. ولعل أغرب الآراء التي قيلت حول فن كورو في هذا المجال، هي تلك التي قالت ان السمات التي حملها كورو لنظرات أو سمات نساء لوحاته هذه، إنما هي سماته الخاصة، بحيث ان «نساءه» إنما كنّ تعبيراً عن حالاته الذهنية... الى درجة ان واحداً من الباحثين قال مرة ان قراءة تاريخية كرونولوجية لحالات «نساء» كورو، قد تكون قادرة على رسم مساره الفكري والذهني نفسه. صحيح ان هذه النظرة - المتحدثة في النهاية عن ارتباط الفنان بعمله ذاتياً، مهما كان هذا العمل موضوعياً - لم تكن جديدة بل زاد انتشارها وصدقيتها مع مرور الزمن، لكنها تبدو غريبة اذا ما ذكرت لمناسبة الحديث عن كورو، الفنان الذي اعتبر دائماً من اقل الفنانين ذاتية.
ويكاد هذا الأمر ينطبق، بخاصة، على بعض اللوحات (البورتريهات) التي رسمها كورو في آخر سنوات حياته، يوم كانت الأمراض والشيخوخة استبدت به، وعاش في شبه سكون وتأمل، فيما فرنسا صاخبة ضاجة بالأحداث الكبيرة. ومنها الحرب التي اندلعت بخاصة في باريس ايام كومونة 1870. وذكر مؤرخو حياة الفنان انه اكثر في ذلك الحين من رسم ذلك النوع من اللوحات، لكنه كان غالباً ما يحجم عن عرضها او يسمح للآخرين بأن يشاهدوها. ومن اللوحات الأساسية التي يمكن التوقف عندها في هذا المجال لوحة «الغجرية تعزف الماندولين»، وهي لوحة رسمها كورو في العام 1874، اي قبل عام من رحيله. وتبدو فيها المفارقة كبيرة بين الفعل الذي تمارسه الغجرية المرسومة (عزف الموسيقى) وبين كل ذلك الحزن الذي يهيمن على نظرتها وملامحها. حتى وإن كانت النظرة تبدو قوية متحدية، على عكس نظرة امرأة أخرى رسمها كورو في لوحة سابقة له هي «المرأة ذات اللؤلؤة» (1870) وهي نظرة مفعمة بالحزن والالتباس تذكر بنظرة «موناليزا» دافنشي الى درجة ان كثراً من المؤرخين اطلقوا على تلك اللوحة صفة «موناليزا كورو».
من ناحية تشكيلية بحتة، تبدو لوحة «الغجرية» ضعيفة بعض الشيء، بل تبدو غير مكتملة، بالمقارنة مع «المرأة ذات اللؤلؤة»، لكنها في الوقت نفسه تبدو معبّرة خير تعبير عن فنان يعيش آخر ايامه. والحال ان هذه اللوحة التي ستكون لاحقاً من بين لوحات عدة مماثلة لكورو، اعادت الاعتبار الى الوجوه في عمله، بعدما كانت قيمة هذه الوجوه تبخس لحساب مناظر الفنان الطبيعية، ترتبط بما سمّاه البعض «أغنية البجعة» لدى كورو. فالفنان، وهو على عتبة الموت، كان لا يزال قادراً على غناء اغنيته المعتادة، لكن الأغنية كانت بدأت تتسم بمزيد من الحزن، بيد أنه حزن هادئ يودع العالم غير آسف. وهكذا بدت الغجرية هذه على غرار نساء لوحاته الأخرى: حزينة متأملة، تحصر همّها وتفكيرها في سر جوّانيتها المفعمة بالمشاعر والأحاسيس والعلاقة الملتبسة مع عالم الأحياء الخارجي. انها هنا، مثل النساء الأخريات، بأغنيتها وموسيقاها ونظرات عينيها، بل بتركيبة جلستها، تحيل بالطبع، وكما شرحنا، الى عالم الفنان المكتهل والغارق في وحدته، ما يجعل اللوحة كلها في نهاية الأمر صورة فصيحة لاكتئاب فنان عرف دائماً كيف يصوّر الاكتئاب في الطبيعة وعلى الوجوه، لكنه كان اكتئاباً عارضاً ينجم عن الطقس الملبّد، او عن حال موقتة، أما هنا فإنه يتجلى في ديمومته وعمقه الأبدي، وفي كونه صورة للشرط الإنساني نفسه على شفا النهاية. يتجلى في كونه يعكس نوعاً من جردة الحساب لحياة فنان مرّ في الكون وحيداً قلقاً... لكنه يتبدى امام هذه الجردة مستسلماً. وإضافة الى هذا البعد الجواني في اللوحة اتسمت، بكل ما طبع عمله على الدوام: كلاسيكية البناء، رومنطيقية التعبير، واقعية الرؤية، ارتجالية التنفيذ تقريباً. لكن كل هذا اجتمع هنا في تناسق يقف خارج الزمن. وفي اختصار، وكما قال الناقد گوستاڤ كولان الذي عرف عمل كورو، فإن هذا «إنما أراد دائماً ان يعبّر عن حبه للطبيعة والكون، بأكثر مما عبّر فعلاً عنهما». وما جردة الحساب في هذه اللوحة، سوى صورة لذلك.
الدراسة والتدريب
رحلته الأولى إلى إيطاليا
وفي بداية إقامته في روما أنجز لوحته الشهيرة «جسر أوغوست على نهر النيرا» والمحفوظة في متحف اللوڤر. وفيها بدت جمالية التلوين واللمسات الشاعرية التي استحوذت على المشاهدين، وكان توزيع عناصر موضوعه في اللوحة مخالفاً تقاليد الكلاسية المحدثة عند آنگر. وفي لوحتين في متحف اللوڤر هما «مشهد الفورم» و«الكوليزه»، حدد كورو معالم أسلوبه الذي قام على التقيد ببناء عمله على نحو عقلاني، وعلى إيقاعية الكتل، وعلى التلوين الضبابي، وتابع تصوير أعماله وفق هذا الأسلوب في موضوعاته التي تمثل مشاهد طبيعية. واستمر ذلك حتى عام 1860. ومع أن كورو قد اشتهر بوصفه مصوراً للمشاهد الطبيعية، إلا أنه كان يقحم صور الأشخاص في هذه المشاهد أحياناً. ولم يبخل في إنجاز عدد من اللوحات الشخصية، مثل لوحة «قروية تحاول القراءة» أو أن يصور صورة عارية مثل لوحة «استراحة» يظهر فيها تأثير جورجوني في اختيار الموضوع وإعداده. ويتضح ارتباطه بروح الكلاسية المحدثة في اهتمامه بالموضوعات الأسطورية الإغريقية، كما في لوحة «هوميروس والرعاة» (1845) و«رقص عرائس الماء» (1850).
يعد كورو من أكثر المصورين الفرنسيين شهرة، لما تميّز به أسلوبه الشفاف والعاطفي في رسم الطبيعة. وكان إنساناً متواضعاً بعيداً عن التظاهر والتكلف، مستقلاً بذاته وبأسلوبه، بعيداً عن تأثير كبار المصورين المعاصرين له من أمثال آنغر ودولاكروا، ولم يكن معجباً بأسلوب صديقه مييه Millet؛ ذلك لأن كورو لم يكن يهتم بتصوير الأشخاص مثل مييه، بل كانت الطبيعة المناخ الذي ألفه بوصفه فلاحاً. ومن بين فناني المشاهد الطبيعية كان دوبيني Daubigny الصديق الأقرب إلى قلبه.
السعي إلى الصالون
السنوات الأخيرة
ولم يكن ثمة انسجام يجمعه بالمصور روسو. وعلى الرغم من اختلاف الأسلوب كان كورو شديد الارتباط بصديقه دومييه Daumier وكان المساعد الدائم له، وعندما فقد دومييه بصره كان كورو أول من قدم له المعونة الكاملة.
تعرف كورو على الانطباعيين وكان ينفر من أسلوب بيسارو، ويقتنع بأسلوب مانيه. ومع اهتمامه بدراسة المصورين القدامى مثل كوريجيو وجيورجوني إلا أنه لم يسع أبداً إلى محاكاة أسلوبهما، بل إنه لم يسع إلى نقل أعمال المصورين الموجودة في المتاحف، إذ كان يتجه نحو فن أكثر تحرراً واستقلالاً عن أي اتجاه أو أسلوب فني موضوعه المشاهد الطبيعية.
لقد حقق كورو حداثة في التصوير جعلته بحق ممهداً للمدرسة الانطباعية. وكان آخر المصورين الذين ارتبطوا بتقاليد الفن الكلاسي المحدث الذي فرضه داڤيد David، وكـان كورو منتمياً إلى هـذا الفن في البداية، وقد صرح قائلاً: «إن ما أبحث عنه أولاً هو الشكل ويأتي التلوين بالنسبة لي في المرتبة الثانية».
لقد كانت إقامته في إيطاليا من عام 1825 إلى 1828 وزيارته لها في عام 1834 ثم في عام 1843 فرصة لإنجاز عدد كبير من الأعمال التي تعد من أروع إنتاجه، فلقد تكونت لديه طريقة منهجية لازمته فيما بعد، وكان أسلوبه غنائياً، وهو يقول: «إن مشاعري وحدها التي تقودني» حتى إنه كان أقرب إلى الرومانتية في ذائقته الفنية. وبذلك كانت علاقته بالشاعر دو موسيه de Musset حميمية. لقد كان كورو المصور الأكثر ارتباطاً بالهوية الثقافية الفرنسية في القرن التاسع عشر. وكان حصيفاً في تدقيق عمله إذ كان كثيراً ما يصحح ويعدل في تفاصيل أعماله.
فن كورو
التزويرات
الثقافة الشعبية
الأعمال المختارة
- The Bridge at Narni (1826)
- Venise, La Piazetta (1835)
- Une Matinée (1850), Musée d’Orsay
- Le concert champêtre (1857), Musée Condé, Chantilly
- Macbeth and the Witches (1859), Wallace Collection
- Baigneuses au Bord d'un Lac (1861), private collection
- Meadow by the Swamp, National Museum of Serbia
- L'Arbre brisé (1865)
- Ville d’Avray (1867)
- Femme Lisant (1869)
- Pastorale — Souvenir d'Italie (1873), Glasgow Art Gallery
- Biblis (1875)
- Souvenir de Mortefontaine (1864), اللوڤر
انظر أيضاً
المصادر
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ملاحظات
وصلات خارجية
- www.Jean-Baptiste-Camille-Corot.org More than 600 works by Jean-Baptiste-Camille Corot
- Jean-Baptiste-Camille Corot at the WebMuseum.
- The Lyrical Landscape Rehs Galleries' exhibition of works by Jean B.C. Corot.
- Find-A-Grave, Jean-Baptiste-Camille Corot, photo and location of grave.
- collection quotes - with source - by Jean-Baptiste-Camille Corot