الرجع البعيد (رواية)
المؤلف | فؤاد التكرلي |
---|---|
البلد | بيروت |
اللغة | عربية |
الناشر | دار ابن رشد |
الإصدار | 1980 |
عدد الصفحات | 375 |
الرجع البعيد رواية للكاتب العراقي فؤاد التكرلي، ووضع الغلاف الفنان عماد حيدر. كتبت في باريس سنة (1966) وأعاد المؤلف كتابتها في (1977).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
أحداث الرواية
تدور أحداثها في بغداد..داخل بيت عتيق في محلة باب الشيخ..والزمان ..سنة(1963). وتتحدث الرواية عن اسرة متوسطة الحال تتكون من الاب (عبد الرزاق الحاج اسماعيل-ابو مدحت)وزوجته (نورية)وابنها الكبير (مدحت)الحقوقي الموظف منذ خمس سنوات و(عبدالكريم) الطالب في الكلية و(مديحة) ربةالبيت التي تركها زوجها (حسين) مع ابنتيها(سناء وسها).إذ سافر الى الكويت قبل سنتين بقصد العمل ثم عاد خائباً مفلساً.. فهجر زوجته.. تركها تعاني الامرين عالة على ابويها .. وعاش عاطلاً سكيراً متسكعاً ،لايسأل عنهم .. مما ألم مديحة وحز في نفسها ..ومن العجوزين الثرثارتين الجائعتين على الدوام .. جدة مدحت لأمه وعمته (صفية)أم حسن.. وتأتي من بعقوبة لتضاف للأسرة (نجية)أم مصطفى ، أخت (نورية أم مدحت) مع ابنتها المدرسة (منيرة)الهاربة من نذالة ابن اختها (مليحة). المراهق والمستهتر (عدنان) بعد ان اعتدى على شرفها، اغتصب (خالته) منيرة عنوة أثناء جولة سياحية كانا يقومان بها في بستان أبيه التاجر. تتم جريمة الاغتصاب في مشهد دنيء مثير لايقوم به به حتى أخس الحيوانات وأحطها. وهو ما أكد عليه الكاتب. فعدنان شاب شرس دموي الطباع، تزداد شراسته بعد انضمامه الى حزب البعث وتزويده بمسدس قاتل، ولم يبلغ الثامنة عشرة بعد.. يعمل في علوة ابيه الكبيرة ويملك سيارة خاصة، متميزاً بذلك على أقرانه والمحيطين به مايدفعه للقيام بتصرفات سيئة ضد اهله واصدقائه ويفرض سيطرته على البيت، الامر الذي يجعله مرهوب الجانب يتقي شره ويخشى بطشه كل من في البيت ابتداءً بوالديه واخوته (بسبب مجونه وقوته العضلية وعلاقاته الحزبية وصداقته لشراذم من القتلة والسفلة والشاذين جنسياً ، والذين احتموا بسلاحه وجسارته غير المعهودة). وعلى عكس بقية أفراد اسرته كان يهدد والده! ولايعترف له بأنه سلطة عليه ! ويحتقر أمه (مليحة ) اخت منيرة. ويضرب إخوته وأخواته دونما سبب.. واثر مكيدة مدبرة يندفع في درب الشيطان لأبعد مدى ، وتدفعه نفسه لأمارة بالسوء للتولع بخالته منيرة فيتحرش بها ثم يرتكب جريمة الزنا المحرمة فيغتصبها وببشاعة! تنهار منيرة لم تصدق ماحدث لها على يد (ابن اختها). وتجد نفسها محاصرة من قبله.. فلقد استطمع بها ويريد تكرار جريمته معها.. فهيأت نفسها وأمها لعملية فرار غير متوقعة من عدنان ودون علمه فتتوسل الى مديرة الثانوية كي تساعدها باستلام دفاتر الامتحان والدرجات منها قبل غيرها من المدرسات .. وتتركها تعود الى بغداد مبكراً وسراً.
تهرب منيرة وأمها من بعقوبة. وبسبب وضعهما المادي غير المستقر تضطران الى السكن عند الخالة (نورية) ام مدحت .. اضافة الى ماكانت تعانيه من الالم والشعور بالخيبة المريرة وبالنقص وتمر بمحنة نفسية قاسية ، تفاجأ بمرض ابن خالتها (عبد الكريم) تأثراً بموت صديقه(فؤاد) المباغت.. تجده في حالة اكتئاب ،تسيطر عليه حالات التردد والخوف وتنتابه لحظات انفعال بحيث يعجز عن اقامة علاقة عاطفية معها.. ولايستطيع مصارحتها بحبه.. فيسبقه اليها شقيقه الاكبر مدحت . حيث تخبره امه دون سابق انذار بنية مدحت الزواج من منيرة ! فيزداد كآبة وخوفاً.. يحب مدحت بنت خالته منيرة.. يتعلق بها ، يأخذها الى السينما وهناك يفاتحها بالامر .. فتتردد في اعطاء جواب شاف .. فيوسط اخته مديحة لتكلمها وتقنعها .. غير ان منيرة ترفض بأدب وتتحجج بانتظار وصول موافقة أخيها مصطفى الساكن في كركوك مع زوجته واطفاله . وحتى لايستمر رفضها طويلاً تترصد لها العجوز صفية وتخبرها بحضور امها (بأن اقامتها في البيت يشكل عبئاً ثقيلاً على الاسرة) وتضعهما أمام الامر الواقع ..(ابو مدحت رجال ماعنده شيء كما تعرفون لافلس ولابارة .. واولاد اختك هم رجال والناس غضب الله عليهم مايسكتون .. عيني) عندها تتحرك منيرة مرغمة نحو كريم بأمل واه . تفاتحه بحبها له وتحاول استدراجه ليتزوجها هو بدل أخيه مدحت .. فيرفض بإباء .. فتجبر على الموافقة من زواجها بمدحت.. لتخفف العبء عن نفسها وعن اسرة خالتها وسداً لأفواه الناس (الذين لايخافون من الله) خافت منيرة ان تخبر مدحت بما حصل لها مع ابنة اختها.. ترددت كثيراً في مصارحته بأمرها.. وفضلت كتمان السر عنه.. علّ الأمر يمر بسلام وتنتهي المشكلة. لكن مدحت وفي ليلة الزفاف يكتشف عدم عذريتها ، فيصاب بالذهول ولايحتمل العار فيجن .. وكان الآمر كالصاعقة بالنسبة اليه . وبدل ان يثير زوبعة ويفضح بنت خالته.. يتصرف بمنتهى العقل .. فبدون ضجة او فضيحة .. يهرب منها .. يهجرها ويترك البيت دون ان يفصح لأحد عن الحقيقة المؤلمة او عن الوجهة التي قصدها . مما يثير قلق اهله ويؤجج ريبتهم واستغرابهم . وتكلف الأسرة أخاه عبد الكريم بالبحث عنه واعادته الى البيت.
يلجأ مدحت الى الخمرة ويروح يقضي جل وقته في السهر والسكر.. وفي تلك الاثناء يعاود عدنان السافل مطاردة خالته منيرة.. فيلحق بها الى بغداد ويطلب مقابلتها ويهددها فتصده وتطرده شر طردة.. في اثناء بحثه عن اخيه الهارب مدحت يلتقي عبد الكريم مصادفة بزوج اخته حسين.. يراه جالساً في زاوية الباص(كانت لحيته النابتة سوداء لامعة وشعره مضطرباً ورائحة العرق تفوح من فمه)فيحدثه بما حصل لمدحت .. فيتطوع حسين في البحث عن شقيق زوجته. ويلتقي به في ديوان الوزارة حيث يعمل.. فينقل الخبر الى الاهل ويحاول حسين إعادة العلاقة مع زوجته مديحة.. تتواصل اللقاءات بين حسين ومدحت .. يسكران معاً في محل (أوانيس) بالباب الشرقي.. حيث يجد مدحت في صداقته لزوج اخته ملاذاً يحتمي به من فاجعة زواجه غير الموفق بمنيرة، التي يصيبها الندم على تصرفها وعدم كشفها لسرها له وتحاول عبثاً العثور عليه واعادته الى كنف اسرته.. لكنه يتهرب منها ومن لقاء والديه. ويسكن مع حسين في غرفته الوسخة المستأجرة عند بيت العجوز (عطية) في حي الاكراد ويزداد ادماناً ويمرض .. فهرع حسين لإخبار اهله الذين يسارعون لتفقد ابنهم والاطمئنان عليه.. وتستغل منيرة الفرصة فتدس رسالة الى مدحت بيد الصغيرة سناء، لتعطيها الى ابيها كي يوصلها بدوره الى زوجها الذي يصر على موقفه العنيد (انها ليست عذراء فهي فاقدة الشرف ويجب ان تعاقب على يديه او على يد اي متبرع اخر من العائلة. وبينما تتحسن حالة مدحت الصحية يسقط حسين مريضاً، فينتقل الى المستشفى وتضطر زوجته الى زيارته ورعايته .. وتحت تأثير ابنتيها وحبهما لوالدتهما تقرر مديحة ان تغفر لزوجها حسين ذنوبه بحقها وتوافق على عودة المياه الى مجاريها وعودة زوجها الى حياتها.. ومساعدته في بناء حياة جديدة.مما يسعد الزوج ويقسم على ترك حالته الشاذة ويتعهد لها بعدم شرب الخمر طيلة حياته.. بعد ايام من شفائه وعند عودته الى البيت يحدث انقلاب رمضان الاسود فيباغت بطائرات الانقلابيين ومدافعهم وهي تدك المنطقة دكاً وتهدم البيوت على رؤوس ساكنيها ، وتصاب الأسرة بالذعر والرعب. ويزداد رعبهم حين يأتي من يخبرهم بسقوط مدحت قتيلاً برصاص المتآمرين على ثورة 14 تموز، دون ذنب.
اعتبرت رواية الرجع البعيد إحدى أهم الروايات العراقية الصادرة في السبعينات. وقد نالت شهرة واسعة وصدىً طيباً لدى القراء وهي بحق تمثل النضوج الفكري والتقني لدى كاتب متميز يعتبر احد الرواد القلائل من جيل الكتاب العراقيين . وتتحدث عن مرحلة حرجة في تاريخ العراق السياسي .. فلم يكن اختيار شخصية (عدنان البعثي) عبثياً .. فلقد أظهر الكاتب حقيقة المنتمين لتيار صدام حسين النكرة .. وهو ماعناه (وليم شيرر)في كتابه (تاريخ المانيا الهتلرية)(لم يكن هناك من حزب آخر في المانيا قد تمكن من اجتذاب هذا العدد الضخم من الاشخاص السيئي السمعة ، وقد سبق لنا أن رأينا خليطاً غريباً من الشواذ جنسياً والمدمنين على الخمر والميالين الى الابتزاز عن طريق التشهير بالفضائح قد تكاكأوا على الحزب) فالرواية تقول صراحة ان الايام تكرر نفسها وكلا الحزبين الفاشييين وجهان لعملة واحدة.
ولم يكن المترجم الروسي ڤلاديمير شاگال ولا المستعربة السوفيتية باشييفاني على خطأ حين كتبا في نقديهما لأعمال الاديب فؤاد التكرلي (ان بعضهم يتصور ان اغراق العمل الادبي باللهجة الشعبية اليومية هو موقف تقدمي ، أما الالتزام بالفصحى فهو رجعي ) لذلك يمكن القول ان عيب رواية الرجع البعيد الوحيد والقاتل ، هو استعمال العامية بصورة مفرطة لاضرورة لها على الاطلاق .. اذ تعمد الكاتب جعل الحوار كله باللهجة العامية المفرطة ، التي لاتفهم في معظم الاقطار العربية ان لم يكن كلها على الاطلاق .. وهو ماحال بينها وبين ان تأخذ دورها بصفتها احدىاهم الروايات العربية.[1]