الاعتراف (رواية)
ملف:غلاف كتاب الاعتراف.JPG | |
المؤلف | علي ابوالريش |
---|---|
اللغة | عربية |
الناشر | |
الإصدار |
الاعتراف رواية للكاتب الإمارتي علي ابوالريش. وهي وهي ضمن أفضل مائة رواية عربية.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
أحداث الرواية
شخصية (صارم) في رواية الاعتراف لمؤلفها علي ابو الريش، تبدو طرية وغضة، ويانعة، برعم اجتماعي على وشك ان يتفتح، لكنه محتاج إلى رعاية وصبر .. وهو نموذج شائع مألوف في مجتمع الامارات .. والمجتمعات الخليجية، بل ويشكل نسبة كبيرة من الشباب حتى سن العشرين.
وملامح هذه الشخصية، مرسومة من الخارج، وعندما نقترب من هذه الشخصية، كي نتعرف على توترها، انفعالاتها، وفرحها، وحزنها وخيالها ولا نعثر على شيء من هذا القبيل.
وقصة الرواية : صارم يفاجأ بمقتل أبيه سهيل، في بستانهم برأس الخيمة ورغم حداثة سنه، الا ان (صارم) يوهمنا في أكثر من فصل بأنه سيأخذ بثأر أبيه .. لكنه سرعان ما يتجه إلى الحب، هو وصديقه (محمد) .. الشخصية الرئيسية الموازية تماماً لشخصية (صارم) والذي يقع في حب (ريحانة) أخت (صارم) وهكذا تمضي القصة وجسد الرواية عرض تفصيلي مطول لمعاناتهما في الحب بجانب معاناة (محمد) من أبيه سمحان وهو الاب القاسي على أبنه والذي يعترف وهو يحتضر بانه قتل (أبا صارم).
والحق، ان اختصار الرواية، في سطور قليلة يعد (انتقاصا ادبيا) لانها عملية تقزيم وتشويه فني لشخصيات تعيش حياة عريضة من الالم، والفرح، والحزن، والهزيمة والانتصار، وبداخلها شبكة هائلة من العلاقات الخارجية والنفسية .. وضغط عمل روائي عظيم أو متواضع فيه تعسف وقسوة، وهي محاولة لاظهاره بصورة كاريكاتيرية ممسوخة. و(صارم) نموذج يعيش حياته بطهر شجرة النخيل، وباسق مثلها بدون (تفرعات) إنها (حالة) واقعية على الأغلب، بهذا الشكل وعلى هذا النحو من المضمون .. فقط نلقي اللوم على الراوية الذي صاحب صارما، ومحمدا، متنقلا معهما بين الفصول، حيث ترك هذه النماذج تهيم على سجيتها من غير ضوابط على نحو طيب ومغرق في الطيبة، لدرجة تبعث الخوف على هذه النماذج من ان تدمرها الطيبة وهذا التعامل السمح مع الحياة. فالرواية عمل فني منظم بالنهاية .. وتنظيمه نابع من انتقائيته الذكية والموحية، ومن خلقه لنماذج مليئة بالحياة والواقع والتوتر والفعل مفعمة بالاستجابة والرفض .. وحياتنا العادية، بكل سخافاتها، أبداً لا تصلح كما هي. كأعمال روائية، لكن ثمة جوانب في حياتنا، نعيشها ونعرفها، لكنها معتمة ومضللة محتاجه إلى كشف وتنوير. (فالفنان هو ذاك الانسان الذي عرف ان يختار مضمونة الروائي).
ويقول أحد النقاد المعروفين (دعنا نتعلم شيئاً من الرواية، ففي الرواية لا تستطيع الشخصيات القيام بأي شيء سوى العيش، واذا تحتم عليهم ان يكونوا طيبين بموجب الصيغة المطلوبة فقط، أو سيئين بموجب الصيغة المطلوبة او حتى ان يكونوا متقلبي المزاج، أو بعيدين عن الهموم بموجب تلك الصيغة المطلوبة فإنهم لابد سيتوقفون عن كل ماله صلة بالحياة وسوف تموت الرواية تبعاً لذلك .. ينبغي على الشخصية ان تمارس (الحياة) في اية رواية، والا فهي شخصية لا تعني شيئا). وممارسة الحياة – ليست سهلة، ولا تسير في اتجاه واحد وحين نتابع حياة (صارم) نشفق عليه، فهو دائم التمني واللوعة كي يتزوج محبوبته رحاب، وقد تكون هذه غاية مقبولة لو أنه اقتحم في مسعاه هذا أبواب الحياة المختلفة والمتناقضة الموصلة لهذه الغاية، غير ان طفولية غريرة ظلت تصاحبه حتى النهاية.
(اغرورقت عينا (صارم) وانسحبت على وجنتيه بشرة قاتمة، وشت عن إحساس بالفجيعة والام والحزن، وجلس غارساً سبابته في خده .. شارد الفكر مسلوب اللب، مفجوع الوجدا، ولكي تأتي السيدة بسيرة رحاب يحس بانصهار اعصابه وذوبان قلبه شوقاً ووجداً، ولا يجد منها فكاكا .. تأفف في ضيق وضجر وتأوه في زئير مخيف خفق له قلب السيدة واشتد فزعها عليه. وقالت لا تكن كأنثى ضعيف الارادة تصلب يا بني وكل شيء سيكون على ما يرام بإذن الله ولا تخف، فالمسألة لا تستحق كل هذا الاضطراب والوجل واستعن بالصبر واستعذ بالله من وساوس الشيطان الرجيم .. كانت كلمات السيدة تنزل على قلبه كقطع الثلج في صيف حار متوهج لكنها سرعان ما تذوب وتشتد سخونتها بفعل الحرارة المنبثقة من وجدان صارم) .
قد نتوهم بعد قراءة هذه الفقرة الروائية، بان (صارما) قد اكتمل نضجة منذ زمن، أو ان .. (رحاب) تجسد رمزا ما، يسعى (صارما) للوصول إليه قاطعاً كثيراً من التحديات كي ما يصل إلى رمزه .. ولكن الصورة تهتز حين ندرك ان (صارما) ما زال يافعا في عمره، وبحدود السابعة عشرة أو اقل، اذ أنه لم يكمل بعد دراسته الثانوية، وهو ما يعني وفقا للتقسيم العمري الدولي الحديث انه ما زال تحت سن البلوغ .. إذا نحن أمام تصوير كاريكاتيري للشخصية امام هذا الحدث .. وهو حبه لرحاب! كذلك شخصية (محمد) التي عيش ذات الحالة، وبنفس العمر تقريبا .. تأخذ حياتها .. مساحة موازية، لتلك التي تحتلها حياة (صارم) في الرواية !! إضافة إلى ان الشخصيات المصاحبة والثانوية في الرواية، مسخرة جميعها لتهيئة المناخ الطري لتحقق هدف هاتين الشخصيتين.
والراوية، والذي نفترض انه لابد ان يصير (عقل) الرواية، نجده منسجما تماما مع المسكلية الصبيانية لهاتين الشخصيتين .. يفرح لفرحهما .. ويلتاع للوعتهما...
ويخلق المبررات الحارة لكي يقنع المتلقي بصحة هذا السلوك وعقلانيته، لنقرأ على لسان الراوية (إذا كان للحياة طعم لذيذ ومذاق شهي، فهي مساخة لاذعة لا تجرعها الحلوق لو فقدت اشباعاتها العاطفية أجل ليست الحياة التي تزخرف بشهادات المدارس والجامعات، كفيلة بأن تجلب السعادة إلى نفس البشر وإنما الحياة، حياة الكمال والجمال والدلال والحب الوافر الغني بالعواطف الجياشة المشاعر الحانية الرقيقة إذا كانت عين القدر غفلت عنه ذات مرة، وأفسحت المجال للاصابع الدموية ان تسلب منه أغلى رصيد في حياته احتفظ به فلا داعي لان تضيع منه درة الزمان وكنز الحياة وأمل المستقبل) يقصد حبيبته رحاب ....
ثم نقرأ انسجام الراوي مع هذا الوضع الروائي للشخصية أو قل تواطؤه، (وينهض صارم على حس صرخة مدوية تنبعث من أعماقه، لكنه يخمدها في صدره، لتموت كما تنتحر أشواقه في كل يوم، وبالاحرى كما ذبحت آماله الحية ظلماً وبهتاناً في اللحظة التي قال سيف (ابو رحاب) انه لا يزال صبيا وأمامه مستقبل هذا طالما ظل الفكر مشدوداً، والنفس مأسورة قيد الاماني الباهتة والأمال الغامضة التي لا يعرف متى تتحقق؟ ومتى يصبح الخيال حقيقة؟)
وهكذا في الرواية كلها (صارم) و(محمد) يتألمان من الحب، ويتلذذان بلوعته على نحو مضحك والراوية يدفعهما لمزيد من اللوعة الساذجة، المسطحة وبدون ان يترك لهما فرصة يلتقطان أنفاسهما لمناقشة هذه الحالة العاطفية الغضة بمنظار عقلي بل يسوقهما نحو تحقيق الهدف ويحل لهما العقد الصغيرة التي تعترض طريق هذا الهدف وهو الزواج ويتزوجان فعلا. مع نهاية الرواية (وتم زواج صارم من رحاب، وعاش صارم مع أمه في بيت واحد في حين انتقل محمد بن سمحان مع زوجته (أخت صارم) إلى بيت أبيه ليعيش محمد من جديد في مأواه الاول ويعود صارم مع زوجته في بيته.
بيد أنه ظل يعيش نفس المأساة التي زرعها سمحان في قلبه وغاب عنه دون ان يفسر ذلك اللغز الذي سيطر على مخيلة (صارم) إلا بعد انقضاء العمر .. وعاش صارم رغم معرفته بالمجرم الا ان عقدة الذنب، والعجز عن النيل من قاتل أبيه ظلت تلاحقه مدى عمره.[1]