أپليز

اعادة تجميع تصوير فسيفسائي لمعركة إسوس مبنياً على رسم يـُفترض أنه بريشة أپليز أو فيلوكسنوس من إرتريا عـُثر عليه في منزل الغزالة في پومپي.

أپلـِّيز (باليونانية: Ἀπελλῆς ؛ بالإنگليزية: Apelles) من كوس (ترعرع في القرن الرابع ق.م.) هو مصور إغريقي من مدينة كولوفون Colophon يعدّ، بحسب ما جاء في الكتابات القديمة، من أشهر المصورين الإغريق وأبرعهم. وكان مصور البلاط عند الملك فيليب وابنه الاسكندر المقدوني.

قيل عن أسلوب أبلَّيز إنه اتصف برقة خاصة لم يضارعه فيها مصور آخر. بيد أنه لم يصل إلينا أي عمل من أعماله يمكن الاعتماد عليه للحكم على فنه.

هذه الطاقة من پومپي يـُعتقد أنها مبنية على عمل أپليز، ڤينوس أناديومينه، الذي أحضره إلى روما أغسطس.

وكل ما يعرف عنه هو عن طريق الوصف الذي تركه الكتاب المعاصرون له. من أشهر أعماله "ظهور أفروديت من البحر" "ڤينوس أناديومنه" Venus Anadiomene، ولوحة رمزية تمثل النميمة. ويظن أن بوتيشيلي Botticelli اعتمد على كتابات لوسيان Lucien، الكاتب الإغريقي، الذي وصف بالتفصيل هذه اللوحة في تأليف لوحته المعروفة بالعنوان ذاته "النميمة". كما أن بوّتيشيلّي في لوحته "فينوس" استلهم مفهوم الربة أفروديت لدى أبلّيز.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

سيرته

إن الذي بلغ فيه القرن الرابع إلى الذروة لم يكن الأدب بل الفلسفة والفن؛ ذلك أن الفرد قد تحرر فيه، كما تحرر في السياسة، من المعبد ومن الدولة، ومن التقاليد ومن المدرسة. فلما أن حل الولاء الفردي محل الإخلاص الوطني، نزل فن العمارة إلى الدرجة الوسطى، وازداد طابعه الدنيوي شيئاً فشيئاً، واضمحل شأن تمثيليات الموسيقى والرقص وحل محلها تمثيل يقوم به أفراد محترفون، وظل التصوير والنحت يزينان المباني العامة بصور طرز من الآلهة أو النبلاء، ولكنهما في الوقت ذاته دخلا في خدمة الأفراد الأحياء وشرعا يصورانهم حتى أصبح هذا طابع العصر الذي أعقب ذلك القرن. وإذا كانت بعض المدن قد ظلت تناصر الفن مناصرة قوية واسعة النطاق، فما ذلك إلا لأنها كانت كمدائن نيدس، وهليكرنسس، وإفسوس لم تجتاحها الحرب اجتياحاً تاماً، أو كسراقوصة قد وجدت في مواردها الطبيعية ونظام حكمها وسائل الانتعاش العاجل.

وأما فن العمارة في أرض اليونان الأصلية فقد كان في ذلك الوقت واقفاً يترقب لا يتقدم ولا يتأخر وإن كانت قد شُيدت فيه بعض العمائر. من ذلك أن ليقورغ جدد في عام 338 بناء ملهى ديونيشيوس، وساحة الألعاب، واللوقيون؛ وشاد فيلون بإشرافه دار صنعة كبيرة رائعة في بيرية. ولما أن ازداد ميل الناس إلى الرقة والدقة في البناء فقد الطراز الدوري جدته وانصرف الناس عنه، لأن بساطته الصارمة لم تعد تستجيب لها النفس، وارتفع شأن الطراز الأيوني وازداد انتشاراً، وكان هذا في الفن يقابل ظرف بركستليز في النحت وسحر أفلاطون في الأدب. وأنشئ على الطراز الكورنثي "برج الرياح" والنصب التذكاري للتمثيل في لسكرتيز Lysicartes. وشاد اسكوباس Scopas في تيجيا Tegea الأركادية هيكلاً لأثينة جمع فيه بين الطرز الثلاثة، فكانت فيه مجموعة من العمد الدورية، وأخرى أيونية، وثالثة كورنثية(23)، ثم جمّله بالتماثيل نحتها بيده الصناع العضلية. وكان التمثال الثالث المقام لأرتميس في إفسوس أكبر من هذا وأعظم شهرة؛ وكان التمثال الثاني قد احترق يوم ولد الإسكندر في عام 356؛ وتلك مصادفة يقول عنها بلوتارخ بظرفه المعهود إن هجسياس المغنيزي Hegesias of Magnesia "اتخذها سبباً لغرور بلغ من البرودة حداً يكفي لإخماد النار" (24). وسرعان ما بُدئ بإقامة البناء الثاني، ولم ينته ذلك القرن حتى كان البناء قد تم. وعرض الإسكندر أن يتحمل جميع نفقات المبنى كلها إذا نُقش اسمه على هذا الصرح، وقيل إنه أقيم من ماله؛ ولكن يونان إفسوس أبت عليهم عزة نفسهم أن يقبلوا هذا العرض، وكانت حجتهم في رفضه حجة لا تستطاع مقاومتها (أو لعلهم أرادوا بها هجو الإسكندر والسخرية منه) وهي أنه "لا يليق أن ينشئ إله هيكلاً لإله آخر"(25). غير أن الذي حدث رغم هذا أن مهندس الإسكندر المقرب إليه هو الذي رسم مبنى الهيكل وجعله أكبر هياكل هلاس على الإطلاق. وقام عدد من المثالين بعمل النقوش القليلة البروز على ستة وثلاثين عموداً، وكان من بينهم اسكوباس الذي نرى له نقوشاً في كل مكان في بلاد اليونان. وفي المتحف البريطاني صفحة من أحد هذه العمد، نحتت عليها تماثيل، وكأنها قد قاومت عوادي الزمان لكي تثبت بما عليها من تصوير للثياب دون غيره أن فن النحت اليوناني لا يزال قريباً جداً من ذروته. وليست رؤوس التماثيل جامدة نحتت على غرار طرز حددتها التقاليد والأجيال الطوال، ولكنها تمثل وجوهاً لأفراد تنبض بالشعور والمميزات الخلقية - وتبشر بالواقعية الهلنستية.

وفي الأحجام الصغيرة امتاز القرن الرابع بالتماثيل الصغيرة المصنوعة من الآجر المحروق. وقد أضحى اسم تنجارا البؤوتية Boeotiam Tangara مرادفاً للتماثيل الصغيرة المصنوعة من الصلصال المحروق غير المزجج المصبوب على غرار طرز عامة، ولكنه يُشكَّل ويلون باليد فتخرج منه آلاف من الصور الفردية التي تنبعث فيها ألوان الحياة العامة على اختلاف أشكالها. وكان يلجأ إلى التصوير في هذا القرن كما كان يلجأ إليه في القرون السابقة له لمساعدة غيره من الفنون. غير أنه قد أصبحت له وقتئذ كرامة ومنزلة مستقلة، وأضحى أساتذته يُستدعَون لأداء أعمال فنية في جميع أنحاء العالم اليوناني. وكان بمفيلس الأمفبلوسي Panphilus of Amphipolis معلم أبليز يرفض أي تلميذ لا يبقى عنده اثنتي عشرة سنة كاملة، وكان يطلب ما يعادل ستة آلاف ريال أمريكي لتدريس المنهج. وقد أدى ناسون Mnason طاغية إلاتيه اللكرية Locrian Elatea عشر مينات أجراً عن كل صورة من المائة الصورة في منظر واقعة حربية رسمه أرستيدز الطيبي، وبذلك حصل هذا الرسام على مائة ألف ريال أمريكي أجراً لرسم منظر واحد، وهذا الطاغية المتحمس نفسه وهب اسكلبيودورس ما يعادل 000ر360ريال أمريكي أجراً للوحة صُور عليها الاثنا عشر الكبار من الآلهة الأولمبية. ودفع ما يعادل 000ر12 ريال أمريكي ثمناً لنسخة ثانية من الصورة الملونة التي رسمها بوسياس السشيوني لجلسيرا عشيقة مناندر(26). ويقول بلني إن صورة من عمل أبليز كانت تباع بثمن يعادل ما في خزائن مدائن بأجمعها(27).

ويقول هذا الهاوي المتحمس نفسه أن "أبليز القوسي فاق كل من عداه من المصورين السابقين واللاحقين، وإنه بمفرده أفاد فن التصوير كما لم يفده جميع المصورين مجتمعين"(28). وما من شك في أن أبليز كان أعظم أهل فنه وأهل زمانه، ولولا ذلك لما استطاع أن يسرف هذا الإسراف النادر في مدح غيره من المصورين؛ من ذلك أنه لما علم أن بروتجنبر أكبر منافسيه يعيش في فقر مدقع، سافر إلى رودس لزيارته. ولم يكن بروتجنيز في مرسمه حين أقبل أبليز لأن أحد لم ينبئه بهذه الزيارة. وقابلت الزائر خادم عجوز وسألته عن اسمه لتبلغه إلى سيدها بعد أن يعود. فما كان جواب أبليز إلا أن أخذ فرشاة ورسم على لوحة إطار غاية في الدقة بجرة واحدة. ولما عاد بروتجنيز وأخبرته الخادم العجوز أنها تأسف لأنها لا تستطيع أن تخبره باسم الزائر، ثم اطلع على الإطار وشاهد دقته، صاح قائلاً: "إن أحد لا يستطيع رسم هذا الإطار إلا أبليز". ثم رسم في داخله إطار أدق منه وأمر المرأة أن تطلع عليه الزائر الغريب إذا عاد. وعاد أبليز فعلاً ودُهش من حذق بروتجنيز الغائب، ولكنه رسم بين الإطارين إطاراً ثالثاً بلغ من الرقة والرشاقة حد لم يسع بروتجنيز معه حين رآه إلا أن يعترف أن منافسه قد غلبه، ثم أسرع إلى الميناء ليستبقي أبليز ويرحب به. وانتقلت هذه الآية الفنية من جيل إلى جيل حتى اشتراها يوليوس قيصر، ثم احترقت في النار التي دمرت قصره القائم على تل البلاتين. وتاقت نفس أبليز إلى أن يوقظ في العالم اليوناني الاهتمام ببروتجنيز وتقدير قيمته فسأله أن يخبره كم من المال يطلب ثمناً لبعض رسومه؛ ولما طلب بروتجنيز مبلغاً متواضعاً عرض عليه أبليز بدلاً منه خمسين وزنة (000ر300 ريال أمريكي)، ثم أذاع أنه سيبيع هذه الرسوم زاعماً أنها من صنع يده. وكان هذا الإعلان سبباً في أن أهل رودس قدروا عمل فنانهم خيراً من ذي قبل فدفعوا إلى بروتجنيز أكثر مما عرضه عليه أبليز واحتفظوا بالصور بين كنوز مدينتهم(29).

وكان أبليز في هذه الأثناء قد نال إعجاب العالم اليوناني كله بصورة أفرديتي أنديوميني Aphrodite Anadyomene أي أفروديتي الخارجة من البحر. وأرسل الإسكندر في طلبه وعرض عليه أن يرسمه في مواقف كثيرة. ولم تعجب الشاب الفاتح صورة لجواده بسفالس Bucephalies في أحد هذه الرسوم، وأمر بأن يقرب الجواد من الصورة ليوازن بينه وبينها، فلما نظر الجواد إلى صورته صهل، فقال أبليز للإسكندر "يلوح أن جواد جلالتك يعرف عن التصوير أكثر مما تعرف"(30). وكان الملك في مرة أخرى يتحدث عن الفن في رسم أبليز، فرجاه الفنان أن ينتقل إلى موضوع آخر حتى لا يسخر منه الغلمان الذين يسحقون الألوان، ولم يغضب الإسكندر من هذا القول. ولما أن استخدم الفنان في تصوير حظيته المحبوبة، وشغف بها أبليز أهداها إليه الملك(31). وكان أبليز يغطي صوره بعد الفراغ منها بطبقة رقيقة من الطلاء؛ تحفظ الألوان، وتخفف من بريقها ولكنها تجعلها أكثر بهجة وإمتاعاً من ذي قبل. وظل أبليز يعمل إلى آخر أيامه ووافته المنية وهو يعمل مرة أخرى في تخطيط صورة أفرديتي الخالدة.


ذكراه

اشتهر أبلّيز كذلك بتصوير الاسكندر المقدوني وقادة هلنستيين آخرين.

الهامش

مطبوعات

المصادر

وصلات خارجية