المهندسخانة
مدرسة المهندسخانة هما مدرستين لتعليم الهندسة، أسست الأولى في القلعة عام 1816، والثانية في بولاق عام 1834 في عصر محمد علي.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
رواية الجبرتي
وظاهر مما ذكره الجبرتي في حوادث 1231 هـ (1816 م) ان اول مدرسة للهندسة بمصر يرجع عهد تاسيسها الى تلك السنة، وذلك ان احد ابناء البلد على حد تعبير الجبرتي واسمه حسين شلبي عجوة، اخترع الة لضرب الارز وتبييضه، وقدم نموذحا الى محمد علي، فاعجب بها وانعم على مخترعها بمكافاة، وامره بتركيب مثل هذه الالة في دمياط، واخرى في رشيد، فكان هذا الاختراع باعثا لتوجيه فكره الى انشاء مدرسة للهندسة، فانشاها في القلعة.
قال الجبرتي: "ان الباشا لما راى هذه النكتة من حسين شلبي هذا قال ان في اولاد مصر نجابة وقابلية للمعرفة، فامر ببناء مكتب (مدرسة) بحوش السراية (بالقلعة) ورتب فيه جملة من اولاد البلد، ومماليك الباشا، وجعل معلمهم حسن افندي المعروف بالدرويش الموصلي، يقرر لهم قواعد الحساب والهندسة وعلم المقادير والقياسات، والارتفاعات. واستخرج المجهولات مع مشاركة شخص رومي (تركي) يقال له روح الدين افندي، بل واشخاصا من الافرنج، واحضر لهم الات هندسية متنوعة من اشغال الانجليز ياخذون بها الابعاد والارتفاعات والمساحة، ورتب لهم شهريات وكساوى في السنة، واستمروا على الاجتماع بهذا المكتب، وسموه مهندسخانة، في كل يوم من الصباح الى بعد الظهيرة، ثم ينزلون الى بيوتهم ويخرجون في بعض الايام الى الخلاء لتعلم مساحات الاراضي وقياساتها بالاقصاب وهو الغرض المقصود للباشا".
فهذه بعينها هي مدرسة الهندسة أو المهندسخانة بما فيها من دروس الرياضة والهندسة وما اليها، وتلاميذها يتعلمون مجانا وترتب لهم رواتب شهرية وكساوى ولها اساتذة من امثال حسن افندي الدرويش الموصلي وروح الدين افندي "بل واشخاص من الافرنج" كما يعتبر الجبرتي.
وقد دعا الجبرتي الى الكلام عن هذه المدرسة في ترجمة حسن افندي الدريوش المتوفى سنة 1231 هـ فقال: "لما رغب الباشا في انشاء محل لمعرفة علم الحساب والهندسة والمساحة تعين المترجم رئيسا ومعلما لمن يكون متعلما بذلك المكتب، وذلك انه تداخل بتحيلاته لتعليم مماليك الباشا الكتابة والحساب ونحو ذلك، ورتب له خروجا وشهرية ونجب تحت يده المماليك في معرفة الحسابات ونحوها، واعجب الباشا ذلك فذاكره وحسن له بان يفرد مكانا للتعليم، ويضم الى مماليكه من يريد التعليم من اولاد الناس ، فامر بانشاء ذلك المكتب واحضر اليه اشياء من الات الهندسة والمساحة والهيئة الفلكية من بلاد الانجليز وغيرهم، واستجلب من اولاد البلد ما ينيف على الثمانين شخصا من الشبان الذين فيهم قابلية التعليم، ورتبوا لكل شخص شهرية وكسوة من اخر السنة، فكان يسعى في تعجيل كسوة الفقير منهم ليتجملوا بها بين اقرانه، ويواسي من يستحق المواساة، ويشتري لهم الحمير مساعدة لطلوعهم ونزولهم الى القلعة، فيجتمعون للتعليم في كل يوم من الصباح الى بعد الظهر واضيف اليه اخر حضر من اسلامبول له معرفة بالحسابيات والهندسيات لتعليم من يكون اعجميا لا يعرف العربية مساعدا للمترجم في التعليم يسمى روح الدين افندي، فاستمر نحوا من تسعة اشهر ومات المترجم وافنرد برياسة المكتب روح الدين افندي".
هذا ما ذكره الجبرتي ، ومنه يؤخذ قطعا ان اول مدرسة للهندسة انشئت سنة 1816 بالقلعة، وبذلك تكون هذه المدرسة اول مدرسة عالية انشئت في عصر محمد علي، لان المدارس الاخرى انشئت بعد ذلك التاريخ، ويؤخذ من كلام الجبرتي ان التعليم فيها كان مجانيا، وكانت الحكومة تؤدي رواتب شهرية لتلاميذها، وكذلك كان شانها في كل المدارس التي انشئها، ويفهم ايضا من كلام الجبرتي ان انشاء هذه المدرسة راجع الى ما ظهر من المصريين من المواهب في الكفاءة والابتكار، فان ما راته محمد علي من حسين شلبي اذ وافق الى هذا الاختراع، او النكتة، كما يقول الجبرتي، جعله يفكر في انشاء المدرسة، فحسن استعداد المصريين وذكاؤهم الفطري كانا من اعظم ما حفز همة محمد علي الى انشاء المدارس في مصر.
ويحصل من رواية الجبرتي ان مدرسة الهندسة كان بها مدرسون من الافرنج، ولعل هذه المدرسة هي التي يشير اليها الامر الصادر من محمد علي باشا بتاريخ 4 ذي الحجة سنة 1235 (12 سبتمبر سنة 1820) الى كتخدا بك بتعيين احد القسس لاعطاء دروس في اللغة الطليانية والهندسة لبعض تلامذتها وان يخصص له محل للتدريس في القلعة، والهيا ايضا يشير الامر الصادر بتاريخ 16 سبتمبر من تلك السنة بتعيين الخواجة قسطي بمدرسة المهندسخانة لتدريس الرياضة والرسم بها.
المهندخانة في القلعة
بدا التعليم الحديث في مصر بمدرسة المهندسخانة التى انشاها محمد علي بالقلعة عام 1816 لتدريب واعداد المتخصصين في المساحة ثم قامت مدرسة المهندسخانة ببولاق عام 1834 لتخريج المتخصصين الفنيين للعمل في المشروعات المدنية والعسكرية على السواء وظلت تؤدى رسالتها حتى اغلقت في مطلع عهد محمد سعيد باشا ( عام 1854 ) مع غيرها من المدارس ثم اعيدت دراسة الهندسة عام 1858 في مدرستين منفصلتين احداهما لهندسة الري بالقناطر الخيرية والاخرى للعمارة بالقلعة ثم اغلقتا مرة اخرى عام 1861.
وفى عام 1866 افتتحت مدرسة الرى والعمارة بسراى الزعفران بالعباسية ثم انتقلت الى سراى مصطفى فاضل باشا بدرب الجماميز عام 1867 وكانت الدراسة بها لمدة خمس سنوات منها سنة اعدادية ويتخصص الطالب في السنتين الاخيرتين اما في هندسة الرى او العمارة.
وفى عام 1892 ألغيت السنة الاعدادية ولم تعد الا عام 1930 كما الغيت التخصصات عام 1869 لتقسم الدراسة مرة اخرى الى قسمى الري والعمارة عام 1908 واصبحت تعرف باسم (( مدرسة المهندسخانة الخديوية )) منذ عام 1950 وسميت (( مدرسة الهندسة الملكية )) عام 1923.
وفى أكتوبر سنة 1902 نقلت المدرسة مؤقتا إلى دار مدرسة الزراعة القديمة بالجيزة، وأعقب ذلك إنشاء مبانى مدرسة الهندسة الملكية (مبنى الكلية حاليا) وبعد إتمام المبانى انتقلت المدرسة إليها في سنة 1905.
- وفى أكتوبر سنة 1908 قسمت الدراسة مرة أخرى إلى قسمين للرى والعمارة وجعل التخصص في السنتين الأخيرتين كما كان بالماضى. - وفى سنة 1916 صدر قانون للمدرسة يقضى بتقسيم الدراسة بها إلى خمسة أقسام: الرى - العمارة - البلديات - الميكانيكا - والكهرباء، وكان التخصص في هذه الأقسام في السنتين الأخيرتين. - وفى سنة 1923 شكل مجلس لإدارة المدرسة مكون من خمسة أعضاء للإشراف على التعليم بها. - وفى صيف سنة 1925 أعيد تنظيم المدرسة واتخذت أول خطوه ضرورية في سبيل الإصلاح، وإنشاء الأبنية والمدرجات، وتوسيع المعامل لتتناسب مع زيادة عدد الطلاب، فتم حتى سنة 1927 تشييد معملين جديدين للهيدروليكا واختبار المواد وكذلك توسيع معمل الطبيعة. - وفى مايو سنة 1926 صدر قانون جديد لتنظيم المدرسة صارت بمقتضاه أقسام الدراسة أربعة أقسام : القسم المدنى - قسم العمارة - القسم الميكانيكى - وقسم الصناعة. وتفرع القسم المدنى إلى ستة فروع : الرى - البلديات - الكبارى - الموانى - المساحة - والسكك الحديدية. كما تفرع القسم الميكانيكى إلى فرعين : الميكانيكا - والكهرباء. أما قسم الكيمياء الصناعية فقد أرجىء إنشـاؤه إلى ما بعد. - وفى سنة 1928 عين الدكتور شارل اندريا ناظرا للمدرسة وقد كان قبل ذلك أستاذا وعميدا لمدرسة الهندسة بزيورخ. وفى تلك السنة عنى بوضع منهج دراسى جديد في مستوى مناهج المدارس الفنية العليا بأوربا.
-قد اتضح أنه لايتيسر تنفيذ هذا المنهج في أربع سنوات دراسية فقط. لذا ألحق بالمدرسة في سنة 1929 قسم إعدادى مدة الدراسة به سنة واحدة. - وفى مستهل سنة 1928 أنشىء معمل جديد للآلات الحرارية على مثال المعامل التى من نوعه في معاهد أوربا الفنية العليا، وقد بدأ العمل في هذا المعمل سنة 1931. وفى تلك السنة أيضا أنشئت ورش جديدة للمدرسة مجهزة بأحدث الآلات لتدريب الطلبة على استخدامها وعلى الأساليب الصناعية المختلفة. - وفى ديسمبر 1932 تم وضع حجر الأساس لإنشاء معمل الكهرباء الجديد بالمدرسة الملكية. - وفى سنة 1935 تم ضم مدرسة الهندسة الملكية إلى الجامعة المصرية وبهذا تحول اسمها إلى كلية الهندسة حتى الآن. - وفى عام 1942 بدأت الدراسة في قسم الهندسة الكيميائية وتخرجت الدفعة الأولى في سنة 1946 وكذلك بدأت الدراسات العليا بالكلية. - وفى سنة 1944 بدأت الدراسة في شعبتى المناجم والبترول، وتخرجت الدفعة الأولى من خريجى المناجم والبترول عام 1947. - وفى سنة 1953 بدأت الدراسة في قسم هندسة الطيران كقسم مستقل بذاته. - وفى سنة 1959 بدأت الدراسة في شعبة الفلزات وتخرجت الدفعة الأولى من خريجى الفلزات عام 1962. - وفى سنة 1960 بدأت الدراسة في قسم هندسة الإنتاج. - وفى سنة 1965 تم بناء مبنى مستقل للجهد العالى يحتوى على معامل الجهد الدفعى والجهد المتردد والمفاتيح الكهربائية. - وفى سنة 1970 افتتح مبنى إعدادى الجديد.
- وفى سنة 1972 تم تعيين أول وكيل للكلية يختص بشئون الدراسات العليا والبحوث. - وفى سنة 1974 افتتح النادى الرياضى والاجتماعى للكلية ويستخدم أيضا للمؤتمرات والندوات التى تنظمها الكلية. - وفى سنة 1976 بدأت الدراسة في قسم الهندسة الطبية وتخرجت الدفعة الأولى عام 1980. - وفى سنة 1985 بدأ نشاط مركز بحوث الطاقة بالكلية وانتقل إلى مقره الدائم في عام 1991. - وفى سنة 1991 تم افتتاح مبنى جديد يضم أقسام العمارة والهندسة الطبية والأشغال العامة ومعامل الحاسب والتحكم الآلى وميكانيكا الموائع. - وفى سنة 1993 تم افتتاح قسم هندسة الحاسبات كقسم مستقل بذاته وتخرجت الدفعة الأولى في يونيه 1997.
وقد شهدت كلية الهندسة (مدرسة المهندسخانة من قبل) خلال ما يزيد على مائة وسبعين عاما عمادة (أو نظارة) ما يقرب من خمسة وثلاثين أستاذا عملوا جميعا على تطوير العملية التعليمية وإنشاء العديد من الأقسام والتخصصات العلمية الجديدة. وفى بداية النشأة كانت الإدارة تحت إشراف ناظر المدرسة أو عميدها ثم بتطور الزيادة في عدد الطلاب والأقسام أصبح للكلية وكيلاً لشئون التعليم والطلاب ووكيلاً آخر لشئون الدراسات العليا والبحوث. ومنذ أن تحولت مدرسة المهندسخانة إلى كلية الهندسة في عام 1935 تولى العماده حتى الآن ثمانية عشر عميداً واثنان وعشرون وكيلاً لشئون التعليم والطلاب وستة وكلاء للدراسات العليا والبحوث ووكيلان لشئون البيئة وخدمة المجتمع.
المهندسخانة في بولاق
والظاهر ان مدرسة القلعة لم تف على مر السنين بحاجات البلاد الى المهندسين ، أو ان برنامجها لم يكن وافيا بالمرام، فانشا محمد علي في سنة 1834 مدرسة اخرى للمهندسخانة في بولاق، وعين ارتين افندي احد خريجي البعثات العلمية وكيلا لها، ثم تولى نظارتها يوسف حاككيان افندي احد خريجي البعثات ايضا، وفي سنة 1838 اسندت نظارتها يوسف لامبير بك لغاية سنة 1840 اذ تولاها علي مبارك بك (باشا)، وهذه المدرسة من اجل وانفع المدارس التي انشاها محمد علي باشا، ومنها تخرج عدد كبير من المهندسين الذين خدموا البلاد خدمات جليلة، ومحمود باشا الفلكي، ودقة بك ، وابراهيم بك رمضان، واحمد بك فايد وسلامة باشا.