الفتنة الطائفية في مصر
الفتنة الطائفية في مصر، هي مقالة تلقي الضوء على العلاقات بين المسلمين والمسيحيين في مصر منذ دخول الإسلام حتى الوقت الحاضر.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
مقدمة
- مقالة مفصلة: الفتح الإسلامي لمصر
تنوعت الفتن الطائفية فى مصر ما بين حوادث فردية تحولت لأحداث طائفية، ووقائع التحول الديني، وبعض حوادث العنف الجماعي، واستهداف دور العبادة "خاصة الكنائس"، ويتضح أن الأزمات الطائفية قد تكررت خلال السنوات الأخيرة بشكل ملحوظ، ومع الاعتراف بأن ثمة اختلاف ديني بين عنصرى الأمة المصرية، إلا أنه يمكن القول أن مصر لم تصل فى أى وقت من الأوقات إلى وضعية المجتمعات الطائفية التى عرفها التاريخ الحديث، كما تبين أنه فى كثير من الأوقات ومنذ الاحتلال البريطاني لمصر كانت العوامل الخارجية تلعب دورًا ملموسًا فى حدوث الصدامات بين المسلمين والأقباط.
عندما دخل الإسلام مصر حرر المسيحيين من الاضطهاد الرومانى وكان ذلك أحد العوامل في قبول المصريين مسلمين ومسيحيين للغة العربية، فأصبحت اللغة السائدة لدى الجميع مما صنع نوعاً من التصور والوعى والتفكير المشترك.[1]
وقفت الكنيسة المصرية ضد عمليات التبشير الأوروبي، حتى أن البابا كيرلس اشترى مطبعة ليواجه بها منشورات التبشير الذى رآه خطراً على الأرثوذكسية المصرية قبل أن يكون خطراً على الإسلام، كما وقف بطريرك الأقباط مثل مشايخ الإسلام وحاخام اليهود مع الثورة العرابية عام 1882 في صراعها مع الخديوى توفيق.
عهد عبد الناصر
في 24 يوليو 1965 قام قداسة البابا كيرلس السادس بوضع حجر أساس الكاتدرائية الجديدة للأقباط بحضور رئيس الجمهورية في ذلك الوقت، جمال عبد الناصر الذي كانت تربطه به علاقة مودة متميزة. في ذلك اليوم أمر عبد الناصر بصرف 100 ألف جنيه مساهمة من الدولة في البناء، وفى 25 يونيو 1968 قام عبد الناصر مع قداسة البابا كيرلس السادس بإفتتاحها، وقد حضر الإفتتاح الإمبراطور هيلا سلاسي إمبراطور أثيوبيا وممثلى مختلف الكنائس، وقد عبر الجميع عن مشاعر الفرحة والبهجة لهذا الحدث.
عهد السادات
مع تولي الرئي أنور السادات الحكم، وتحديداً منذ عام 1972، بدأ ما يمكن وصفه أحداث الفتنة الطائفية، والتي بدأت بحادث الخانكة عام 1972، تلتها حادث الزاوية الحمراء 1981.
كما يعتبر ذلك بداية لتصاعد التيار الإسلامي، خاصة بعد أن قام السادات بالإفراج عن الجماعات الإسلامية من سجون عبد الناصر. يمكن القول أنه منذ عام 1972، بدأ الحوادث أو المشاحنات الطائفية في الظهور، وأخذت تتكرر سواء على مستوى محدود، أو على مستوى كبير ومعلن، ولعل السبب في ذلك التكرار هو عدم معالجة تلك المشكلات من جذورها. ففي حادثة كنيسة الخانكة 1972 على سبيل المثال، كان السبب الرئيسي هو محاولة بعض الأقباط تحويل منزلهم بالخانكة إلى كنيسة، مما أدى لمواجهات مع المسلمين، فأسرع البابا شنودة الثالث، بإرسال وفداً كنسياً لإقامة الشعائر الكنسية بالمنزل محل النزاع، ما اعتبره السادات تحدياً مباشراً له، حيث كانت العلاقة متوترة بينهما آنذاك. انتهى الأمر بلجنة تقصى حقائق شكلها البرلمان برئاسة الدكتور جمال العطيفي، زارت أماكن الأحداث، والتقى مع الشيخ محمد الفحام شيخ الأزهر في ذلك الوقت والبابا شنودة الثالث، وأصدرت تقريراً في نهاية عملها استطاع احتواء الأزمة بسلام.
ثم توالت أحداث الفتنة ووصلت لمرحلة التهديد بالخطر في أحداث الزاوية الحمراء بالقاهرة في 1981 في أعقاب زيارة السادات للقدس، وتوقيعه معاهدة كامب ديفيد، حيث بدأت الأحداث بصدام مع كل رموز مصر السياسية والدينية، بمن فيهم البابا شنودة، الذى عُزل بعد ذلك، فيما عرف بأحداث سبتمبر 1981، ولم تتراجع الاحتكاكات، وتعددت مواقع الصدام واتسعت، وعكست نمواً مضطرداً لنشاط الجماعات المتطرفة، وزيادة واضحة في وتيرة استحلال أموال المسيحيين وممتلكاتهم، فتم السطو على محلات الذهب وغيره، وصحب ذلك سقوط قتلى وجرحى، مثل الذى حدث في قرية الكشح بالصعيد، واستفحل الأمر منذ أن أصبح ملف الفتنة ملفاً أمنياً، يختص به جهاز أمن الدولة، مع أنه ملف وطنى وسياسى من الدرجة الأولى, وقد واكبت أحداث الخانكة بروز محمد عثمان إسماعيل أحد مساعدي السادات، والذى كان على إتصال بالمرشد العام الثالث للإخوان المسلمين الشيخ عمر التلمساني حيث طلب من التلمساني دفع الإخوان للتصدى للمعارضة، وكانت وقتها ترفع شعار الحرب ضد الدولة الصهيونية، وإزالة آثار العدوان، إلا أن الشيخ التلمساني رفض قبول المهمة. فما كان من محمد عثمان اسماعيل إلا أن أخذ المهمة على عاتقه، وتبنى فكرة إنشاء جماعات إسلامية في الجامعات ووفر لها التمويل والتدريب والتسليح، بالجنازير والسنج والأسلحة البيضاء واللكمات الحديدية، وأطلقها على الطلبة المعارضين, وقد عقد الاجتماع الأول للترويج لهذه الفكرة في مقر اللجنة المركزية للاتحاد الاشتراكي العربي، على كورنيش النيل بالقاهرة، في بدايات 1972.
المسألة القبطية
- مقالات مفصلة: المسيحية في مصر
- أقباط
كما نشأ مع السبعينيات ما يمكن أن نسميه بالمسألة القبطية، والتى تدور حول حق بناء الكنائس، ونسبة التمثيل في الأجهزة الحكومية، وعدم التمييز بين الأقباط والمسلمين في الوظائف. أياً كان الأمر فإن مثل هذه المشاكل يمكن مناقشتها في المجتمعات المدنية من خلال الأحزاب على سبيل المثال، وأن يشارك فيها الجميع، ولكنها تحولت إلى مطالب مرفوعة من الكنيسة التى يجب على المسيحيين على عكس شيخ الأزهر الذى لا تلزم طاعته المسلمين مما يؤدى عملياً إلى إنقسام البلد إلى حزبين كبيرين، حزب مسيحي أرثوذكسي بقيادة البطريك وحزب إسلامي بقيادة رئيس الجمهورية.
عهد مبارك
- مقالات مفصلة: حادثة نجع حمادي 2010
- تفجير الإسكندرية 2011
في عام 2004، شهدت مصر أزمة طائفية بدأت بين المسلمين والأقباط في أسيوط والبحيرة، وعلى اثرها قام البابا شنودة الثالث بطريرك الكرازة المرقسية، باعلان اعتكافه في دير وادي النطرون اعتراضاً على ما يجري من أحداث.[2]
وفي مارس 2010، اعتصم الأقباط بالكاتدرائية المرقسية بالعباسية احتجاجا على هروب وفاء قسطنطين، زوجة كاهن وراعي كنيسة [أبو المطامير] في محافظة البحيرة، وادعى الأقباط أنها أجبرت علي الدخول في الدين الإسلامي. فأثارت قضيتها الرأي العام المصري إلى أن تدخل الرئيس السابق حسني مبارك وأمر بتسليمها للكنيسة، لتحتجزها الكنيسة في بيت للراهبات في منطقة النعام في القاهرة [3] عدة أيام قبل أن تنقل إلى دير الأنبا بيشوي، حيث التقت البابا شنودة وأمر بتعيينها في الكاتدرائية وعدم عودتها إلى بلدتها مرة أخرى،[3] ولم تظهر مرة أخرى من ذلك الحين وسط إدعاءات بقتلها من قبل الكنيسة عقابا لها.[4][3] وأعلن أن البابا شنودة رفض بشكل نهائي ظهور وفاء قسطنطين، لأن هذا سيسبب الكثير من المشاكل للكنيسة على حد قوله.[5]
وفي 1 يناير 2011 وقع حادث تفجير كنيسة القديسين بمنطقة سيدي بشر بمدينة الإسكندرية.[6] وإثر الإنفجار تجمهر مئات المسيحيين أمام المسجد المقابل للكنيسة بغية اقتحامه.[7] وكانت نفس الكنيسة قد تعرضت في 2006 لهجوم بالسلاح الأبيض أدى إلى مقتل شخص وجرح إثنين.[8] وفي أعقاب الثورة المصرية ثبت تورط وزير الداخلية السابق حبيب العادلي تفجير الكنيسة كان العادلي قد أعلن قبل إندلاع الثورة بأيام عن تورط جيش الإسلام الفلسطيني في التفجير.[9]
بعد ثورة 2011
- مقالة مفصلة: أحداث ماسبيرو
تجاوزت الثورة المصرية فى 25 يناير 2011 شعار ثورة 1919 "يحيا الهلال مع الصليب" مؤكدة على مقولة "مصريين بلا تمييز"، وهو ما تجلى منذ بداية الثورة، وحتى بدء المرحلة الانتقالية بقيادة المجلس الأعلى للقوات المسلحة. ولكن لم يكد يمر شهر واحد على الثورة حتى انفجرت العديد من الحوادث التى فجرتها مشاعر غضب اجتماعى عنيف مثل حادث قرية صول بأطفيح، وشائعة احتجاز مسيحية أسلمت، والتى ظهرت على قناة مسيحية قبل أحداث إمبابة بيوم معلنة بقاءها على مسيحيتها، وتواترت حوادث التوتر الطائفى والعنف ضد المسيحيين وضد بعض المسلمين على السواء، ففى شهر أبريل قتل ثلاثة أشقاء مسيحيين شقيقتهم - التى تحولت للإسلام - مع طفلها فى منطقة كرداسة بالجيزة، إلا أن الحوادث ضد المسيحيين كانت هى الغالبة. وقد شهد شهر مارس وحده ثلاثة أحداث طائفية كبيرة، بعضها غير مسبوق، هى على الترتيب هدم كنيسة الشهيدين بقرية صول التابعة لمركز أطفيح بمحافظة الجيزة، وقتل وتدمير وتخريب فى المقطم فى، وقطع أذن قبطى متهم بإدارة أعمال منافية للآداب فى محافظة قنا، وفى منتصف أبريل خرجت مظاهرات بنفس المحافظة (قنا) اعتراضًا على تعيين محافظ مسيحى جديد للمحافظة، وهو ما اضطر الحكومة الانتقالية والمجلس الأعلى للقوات المسلحة للاستجابة لمطالبهم فى النهاية، وفى مايو حدثت أحداث إمبابة المروعة فى كنيسة مارمينا. تعرضت كنيسة الشهيدين مارمينا ومارجرجس بقرية صول فى مركز أطفيح بمحافظة الجيزة للحرق والهدم على خلفية خلاف بين أهالي القرية؛ بسبب علاقة مشبوهة بين شاب مسيحى وفتاة مسلمة، إلا أن القوات المسلحة وعدت بإعادة بناءها كما كانت؛ انطلاقًا من الحرص على حماية الوطن من أى فتن وخلافات، وكذلك من أجل ضرورة عودة الأمن للقرية. وقد نتج عن هذه الأحداث عدد من الإصابات والوفيات؛ مما زاد من أجواء الاحتقان فى القرية وهو ما جعل الأقباط يتظاهرون أمام ماسبيرو حتى صدور قرار إعادة بناء الكنيسة، وعادت هذه المظاهرات مرة أخرى إلى الوجود بعد أن رفض مسلمو قرية صول عودة المسيحيين إلى القرية وقيام عدد من البلطجية بنهب محال ومنازل مسيحيى القرية، وطالب المعتصمون قوات الجيش بإعادة الأمن والهدوء إلى القرية، وهو ما تم بالفعل بعد تدخل العقلاء من الجانبين لتخطى الأزمة وعقد الصلح.[10]
وفي مارس 2011، هاجم بعض الشباب المسلمين مظاهرات الأقباط - التى نظموها اعتراضًا على أحداث قرية صول – في مناطق المقطم ومنشأة ناصر والدويقة والقلعة والسيدة عائشة، وقد وقعت الاشتباكات بين المسيحيين والمسلمين على خلفية شائعة بحرق مسجد، وأسفرت هذه الأحداث عن مقتل 13 مواطن وإصابة أكثر من 130 آخرين، كما تم إحراق أربعة منازل خلال الأحداث.
أما في أبريل 2011، فقد وقعت أحداث عنف بدأت بتعرض الموظف القبطى أيمن مترى لقطع أذنه وإحراق شقته وسيارته على يد بعض أعضاء جماعة السلفيين فى محافظة قنا بعد انطلاق شائعة حول علاقة آثمة له مع فتاة مسلمة، وانتهى الأمر بعقد مصالحة بين الأطراف المتصارعة114. أما الحادث الثانى فجاء باندلاع مظاهرات بنفس المحافظة (قنا) اعتراضًا على تعيين محافظ مسيحى جديد للمحافظة، وهو ما اضطر الحكومة الانتقالية لتغييره استجابة لمطالبهم.
وفي مايو 2011، تعرضت منطقة إمبابة لحادث جراء فتنة طائفية أطلق عليها آنذاك "فتنة عبير"؛ حيث كانت بطلتها فتاة مسيحية تدعى عبير طلعت فخرى، وكانت متزوجة من شاب مسيحى وأسلمت وذهبت مع آخر مسلم، ورفعت قضية طلاق على زوجها المسيحى، وقالت أنها اُحتجزت بعدة أماكن تابعة للكنيسة وكان آخرها فى مبنى الأنبا يوحنا القصير بجانب كنيسة مارمينا بإمبابة، وأكدت أنها أخبرت زوجها المسلم بمكانها وحضر لنجدتها، وعندها تجمع بعض الشباب المسلم أمام الكنيسة بإمبابة محاولين دخولها للتفتيش عن عبير، وبعد التأكد من عدم وجودها داخل الكنيسة حدثت اشتباكات ثبت بعدها أن تاجرًا مسيحيًا مقيمًا بجوار الكنيسة ومعه آخرون هم وراء تلك الحادثة، وقد كان التاجر أول من أطلق الرصاص خلال الحادث، وحرض الشباب المسيحى على مهاجمة المسلمين، واشتعل الموقف بين الجانبين وحدث تبادل لإطلاق النار والمولوتوف، وهوجمت الكنيسة وقتل حراسها ثم حرقت. وسيطرت أجهزة الأمن على الوضع بعد حرق الكنيسة وأُلقى القبض على العديد من الشباب ممن أحرق الكنيسة وأطلقوا النار من أسطح العمارات المجاورة لها على المتظاهرين. وعقب ذلك بدأ مئات من المسيحيين [أحداث ماسبيرو|اعتصام]] أمام مبنى الإذاعة والتلفزيون (ماسبيرو) للمطالبة بالتحقيق فورًا فى الهجوم على كنيسة مارمينا وأحداث العنف التى شهدتها منطقة إمبابة. واستمر الأٌباط فى الاعتصام وطالبوا بإعادة فتح عدد من الكنائس المغلقة بدون وجه حق، وعندما قرروا فض الاعتصام وتعليقه مؤقتاً فوجئوا بتعدى السلفيين على كنيسة العذراء بعين شمس؛ فقرر الأقباط مواصلة الاعتصام المفتوح، وذلك حتى عقدت جلسة عرفية بين عدد من كبار رجال الدين المسيحى ورجال الأمن وعدد من مشايخ المنطقة التى تقع بها كنيسة العذراء والأنبا أبرام بعين شمس، للوقوف على الحلول التي يرتضى بها كافة الأطراف وتساهم فى حل الأزمة.
وفي سبتمبر 2011، شهدت قرية المريناب بمركز إدفو في محافظة أسوان أحداث قلائل وشغب على خلفية قيام مجموعة من الأقباط بالقرية بتحويل مضيفة خاصة بهم إلى كنيسة، وبناء عدد من القباب أعلاها، الأمر الذى أثار بعض مسلمى القرية الذين رفضوا بناء أى كنسية دون وجود تراخيص لها، وهددوا بإزالتها بالقوة، إلا أنه تم العمل على فض الاحتجاجات بين الطرفين، وعقد جلسة عرفية للصلح بينهما، والعمل على حل الأزمة بشكل ودى، خاصة فى ظل التزام الجانب القبطى بالوعود التى اتخذوها سابقا بإزالة القباب المبنية أعلى المضيفة، نظرًا لعدم وجود أى صفة كنسية للمضيفة، وكانت الأحداث قد بدأت حينما طالب خطيب مسجد المريناب الأهالى بالتصدى لمشروع بناء كنيسة، رغم أن عدد المسيحيين بالقرية لا يزيد عن60 مواطنًا؛ فتوجه شباب المصلين إلى المبنى الذى كان يستخدمه المسيحيون دارًا للمناسبات لإزالته، وكادت تحدث فتنة طائفية، لولا تدخل العقلاء بالقرية، واشتعلت النيران بكشك خشبى لتشوين مواد البناء وتم إخماد الحريق بوصول قوات الأمن، وتمت السيطرة على الموقف وفض الاشتباك وتعيين خدمات أمنية مستمرة بالقرية لحين انتهاء الموقف.
وفي أكتوبر 2011، قرر آلاف الأقباط التظاهر احتجاجًا على أحداث المريناب السابق ذكرها، واحتشد المتظاهرون من شبرا حتى وصلوا إلى مبنى ماسبيرو (التلفزيون المصرى) وبدأوا اعتصامهم السلمى هناك، وفى نفس الوقت تظاهر أقباط فى الإسكندرية وأسيوط والمنيا؛ للمطالبة بإقالة محافظ أسوان، واستمرت المظاهرات حتى حدثت مصادمات مع قوات الأمن وبشكل خاص قوات الشرطة العسكرية يوم 9 أكتوبر الذى أطلق عليه الأقباط "يوم الغضب القبطى"؛ مما أسفر عن مقتل أكثر من 26 مدنى وجرح 212 آخرين معظمهم من الأقباط، ووفاة وإصابة عدد من أفراد الجيش117.
أما في يناير 2012، فقد شهدت قرية شربات بمنطقة العامرية في الإسكندرية فتنة طائفية، أسفرت عن تهجير 8 أسر قبطية؛ بسبب تشهير شاب قبطى بسيدة مسلمة، وترويج مقاطع فيديو تظهرها فى مواضع غير لائقة.
عهد مرسي
شهدت هذه الفترة أحداثًا طائفية بارزة وفارقة فى تاريخ الوطن، كان على رأسها أحداث الخصوص والاعتداء على الكاتدرائية المرقسية بالعباسية فى أبريل 2013، وإصدار المجلس الملى العام للكنيسة الأرثوذكسية بيانًا حادًا أعرب فيه عن "قلقه الشديد من استمرار الشحن الطائفى الممنهج ضد مسيحيى مصر، والذى تصاعدت وتيرته، وحدته خلال الأشهر الماضية، بسبب تراخى الدولة وكل مؤسساتها عن القيام بدورهم تجاه تطبيق القانون على الجميع بدون تفرقه، والتقاعس عن تقديم الجناة المعروفين فى أحداث سابقة للعدالة، أو اتخاذ أى موقف حاسم حقيقى نحو إنهاء الشحن والعنف الطائفى الآخذ فى التصاعد بدون رادع، الأمر الذى ترتب عليه إهدار لهيبة الدولة واحترامها للقانون ولمواطنيها وحرياتهم ومؤسساتهم الدينية"، وقد تغيب الرئيس عن حفل تنصيب بابا الأقباط الأرثوذكس الجديد "البابا تواضروس" فى نوفمبر 2012، كما أن أغلب المسيحيين انسحبوا من الجمعية التأسيسية للدستور119، وفيما يلى إشارة لأبرز الأحداث الطائفية التى شهدها هذا العام.
- أحداث البدرشين بالجيزة (يوليو 2012): وقعت اشتباكات بين المسلمين والمسيحيين بقرية دهشور التابعة لمركز البدرشين بالجيزة، وتطورت الأحداث لتصل إلى تهجير ما يقرب من 120 أسرة قبطية من القرية على خلفية هذه الاشتباكات، والتى عرفت آنذاك بـ "فتنة القميص"، ونتج عنها إحراق منازل بعض الأقباط بالقرية ومغادرتهم لها، إلا أنهم عادوا إليها بعد ذلك وسط ترحيب من مسلمى القرية120.
- أحداث رفح بسيناء (سبتمبر 2012): تم تهجير 9 أسر مسيحية من مدينة رفح إلى مدينة العريش بمحافظة شمال سيناء، استجابة لحالة القلق التى انتابت الأسر المسيحية بعد واقعة إطلاق النار على محل تاجر مسيحى فى رفح، وكذلك مع زيادة تلقيهم تهديدات لإجبارهم على مغادرة رفح؛ وذلك للنجاة بحياتهم من العناصر المتشددة، وعقد المجمع المقدس للكنيسة الأرثوذكسية اجتماعا لبحث أزمة تهجير الأسر المسيحية من رفح121.
- أحداث بنى سويف (أكتوبر 2012): حدثت اشتباكات طائفية عنيفة بعزبة ماركو التابعة لقرية طلا بمركز الفشن الواقع ببنى سويف عقب أداء المسيحيين لصلاة قداس الأحد بكنيسة مارجرجس بعزبة ماركو، أسفرت عن إصابة عدد كبير من الطرفين، وكانت الأحداث قد وقعت بسبب قيام أهالى عزبة راجى المجاورة لعزبة ماركو والتابعة لقرية طلا أيضا بأداء الصلاة فى كنيسة عزبة ماركو ومخالفتهم لشروط وضعها رؤوس العائلات من عزبتى ماركو وراجى من المسلمين والأقباط بتنظيم أوقات الصلوات وأعداد المصلين وسيارات نقل الركاب التى تتسبب فى منع المرور بالشارع الضيق الذى تقع به؛ مما أدى إلى غضب المسلمين بعزبة ماركو وحاولوا منع المسيحيين من الصلاة، فنشبت مشادات كلامية بين الطرفين سرعان ما تحولت إلى مشاجرات بالعصى والأسلحة النارية122.
- أحداث شبرا الخيمة بالقليوبية (نوفمبر 2012): قام بعض السلفيين باقتحام كنيسة مارمينا بشبرا الخيمة والاستيلاء على المبنى وأقاموا بداخله شعائر صلاة العشاء وهم مدججين بالأسلحة وعلقوا لافتة تحمل اسم مسجد "عباد الرحمن" على المبنى، وذلك بالرغم من صدور تصاريح للمبنى كمبنى خدمات تابع للكنيسة، فى واقعة هى الأولى من نوعها فى تاريخ مصر، إلا أن الأمن أعاد المبنى وحرره من مقتحميه123.
- أحداث الخصوص والكاتدرائية المرقسية بالعباسية (أبريل 2013): بدأت فتنة الخصوص بالقليبويبة يوم 5 أبريل جراء قيام ظهور رسوم فى هيئة صليب على جدران معهد أزهرى بالمنطقة، وتعددت الأقاويل حول من رسمها، فالبعض أكد أن أطفال قاموا بالرسم أثناء لعبهم بالمنطقة وآخرون أكدوا أن شابًا مسيحيًا قد رسمها؛ وهو ما أثار حفيظة عدد من المسلمين، فنشبت مشاجرة بين بعض المسلمين والمسيحيين، قام على إثرها أحد الأقباط بإطلاق النار على المتواجدين فاشتعلت الأزمة، وتطور الأمر لاشتباكات بالأسحلة بين الطرفين وحرق منزل القبطى الذى بادر بإطلاق النار، مما أدى لمقتل 4 أقباط ومسلم وإصابة العشرات، وأثناء تشييع الجثامين حدثت اشتباكات دامية بين أقباط ومسلمين أمام الكاتدرائية، واستمرت ليوم كامل أدت لمقتل قبطى وإصابة ما يقرب من 89 آخرين124.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
بعد ثورة 30 يونيو
شهد هذا العام العديد من الأحداث الطائفية التى جاءت كرد فعل من أنصار الرئيس محمد مرسى بسبب عزله، مما أدى إلى ازدياد العنف الطائفى خاصة عقب فض اعتصاماتهم، حيث شهد شهر أغسطس 2013 وحده الاعتداء على أكثر من 60 كنيسة فى المحافظات المختلفة وحرق بعضها مثل كنيسة مارجرجس بسوهاج وكنيسة السيدة العذراء بالمنيا125، وكان من أهم الأحداث الطائفية بهذا العام ما يلى:
- أحداث المنيا (أغسطس 2013): نشبت مشاجرة بين مسلمى ومسيحى قرية بنى أحمد الشرقية، بدأت بين شخص مسلم وآخر مسيحى على إحدى المقاهى؛ بسبب أغنية وطنية مما أثار غضب المسيحى، وذلك أثناء مرور مسيرة لمؤيدى الرئيس المعزول محمد مرسى, وهو ما نتج عنه 15 مصاب بطلقات نارية، وحدوث تلفيات بسبعة منازل لأقباط بالقرية, وبعض ممتلكاتهم الأخرى كالسيارات والمحال التجارية؛ كما حدثت محاولة لاقتحام الكنيسة الإنجلية الواقعة بقرية ريده التابعة لمركز المنيا، إلا أن الأمن نجح فى التصدى لها بمساعدة أهالى القرية126.
- فتنة بنى سويف (أغسطس 2013): شهدت قرية الديابية الوسطى التابعة لمركز الواسطى بمحافظة بنى سويف أحداثًا مؤسفة، بسبب اشتعال فتنة طائفية بين مسلمى وأقباط القرية؛ بسبب خلاف على إقامة أحد المطبات الصناعية أمام أحد منازل الأقباط، مما تسبب في إصابة 30 من أبناء القرية من الطرفين، واحتراق 9 منازل للمسيحيين ومنزلين للمسلمين وكنيسة وسيارة وعدد من الدراجات البخارية. وفرضت قوات الشرطة كردونًا أمنيًا حول القرية وداخلها؛ لمنع تجدد الاشتباكات، كما قامت قوات الأمن بحملة اعتقالات واسعة لأطراف النزاع وضبطت 25 من الطرفين127.
- أحداث المنيا (سبتمبر - نوفمبر 2013): شهدت قرية دلجا بمركز دير مواس التابع لمحافظة محافظة المنيا أحداث طائفية فى سبتمبر 2013، وذلك عقب فض اعتصامى مؤيدى الرئيس المعزول محمد مرسى، حيث تمكنت الجماعات الإسلامية من إحكام سيطرتها على دلجا، وفرض إتاوات على سكانها الأقباط الذين يشكلون أقلية لا تتجاوز 20% إلا أنها مركزة فى كثافة سكانية مرتفعة، إذ قامت هذه الجماعات بالقتل والترويع وحرق كنائس، وفرضت حكمها على القرية، حتى قامت قوات الجيش بمحاصرة القرية من جميع مداخلها والقبض على هذه العناصر المتطرفة128.
وفى نوفمبر 2013، وقعت فتنة أخرى بين بعض أهالى قرية الحوارته التابعة لمركز المنيا وعدد من أهالى قرية نزلة عبيد المجاورة لها، وسقط خلالها ثلاثة قتلى وأصيب 20 آخرون، كما شهدت المنيا واقعة أخرى فى نفس التوقيت، حيث حدثت فتنة طائفية أخرى بقرية البدرمان التابعة لمركز دير مواس، وذلك بحدوث اشتباكات مسلحة بين مسلمين وأقباط، عقب تردد شائعة بهروب فتاة مسلمة مع شاب مسيحى، وأسفرت الاشتباكات عن مقتل شخص وإصابة 4 آخرين وحرق 5 منازل، وكثفت أجهزة الأمن تواجد قواتها فى المنطقة؛ تحسبًا لتجدد الاشتباكات129.
عهد السيسي
رغم أن فترة حكم الرئيس السيسى شهدت أحداثًا طائفية، إلا أنه يمكن القول أنها أحداث محدودة التأثير ولم يكن لها صدى يُذكر فى المجتمع، وكان من أبرزها:
- أحداث سمالوط بالمنيا (مارس 2014): وقعت هذه الفتنة بقرية شوشة التابعة لمركز سمالوط بمحافظة المنيا، وذلك عقب أن نشبت بين الطرفين المسلم والمسيحى مشاجرة بسبب خلافات الجيرة، أسفرت عن إصابة 4 من الطرفين, وفرض الأمن كردونًا أمنيًّا حول القرية، وتمت السيطرة على الموقف والقبض على 25 من الطرفين130.
- وقائع قرية الجلاء بالمنيا (4 أبريل 2015): شهدت قرية الجلاء بمركز سمالوط فى محافظة المنيا، اشتباكات بين مسلمين ومسيحيين بسبب قيام مجهولين برشق سيارة تستقلها طالبات مسيحيات بالطوب والحجارة؛ مما دعا ذويهم إلى الخروج من منازلهم لمعرفة سبب الاعتداءات التى حدثت دون مبرر، فوقعت اشتباكات بين الأهالى من الطرفين أسفرت عن سقوط 9 جرحى، وتأتى هذه الواقعة بعد أقل من أسبوع من الأزمة التى شهدتها قرية العور التابعة لمركز سمالوط شمال المحافظة؛ بسبب الخلاف على بناء كنيسة تحمل أسماء قتلى حادث "داعش" الإرهابى، إلا أنه قد تم عقد جلسة عرفية انتهت بالاتفاق على بناء الكنيسة من طابق واحد131.
- أحداث بنى سويف (مايو 2015): نشبت هذه الفتنة بعد قيام شاب مسيحى (ويدعى أيمن يوسف مرقص) بنشر صور مسيئة للرسول والإسلام والمسلمين عبر حسابه على موقع التواصل الاجتماعى "فيس بوك" من مقر إقامته بالأردن، وكانت هذه الصور كفيلة بإشعال غضب المسلمين فى قريته الواقعة فى جنوب محافظة بنى سويف، فهاجم عدد من شباب قرية كفر درويش، أسرة الشاب القبطى، فاضطرت قوات الأمن للتدخل وفرضت كردونًا أمنيًا حول منازل الأقباط132.
- فتنة سمالوط بالمنيا (سبتمبر 2015): عقب خلاف بين شاب مسيحى من قرية العمودين وآخر مسلم من قرية الشروبى بمركز سمالوط التابع لمحافظة المنيا، خرجت سيارات تحمل متطرفين من قرية الشروبى حاملين العصى والأسلحة البيضاء والخرطوش، واعتدوا على حفل زفاف أحد المسيحيين بقرية العمودين، وبعد تدخل الأمن تم التصالح بين الطرفين133.
- أحداث العامرية بالإسكندرية (سبتمبر 2015): وقع خلاف معتاد على حيازة قطعة أرض بين طرفين، لكن لأن المالك مسيحى، والمعتدى على الأرض من الأعراب، حيث وضع يده على الأرض المجاورة لكنيسة مارجرجس بقرية العلا بالعامرية بمحافظة الإسكندرية، فلجأ المالك إلى كل الحلول الودية، ثم لجأ إلى القضاء، ليحصل على حكم نهائى باسترداد أرضه، وتوجهت قوة من الشرطة لتنفيذ الحكم، لكنها فوجئت بأن مكبرات الصوت فى المساجد تحرض السكان على التصدى للشرطة، التى جاءت لنصرة المسيحيين على المسلمين، وبالفعل توجهت مجموعات كبيرة من الأهالى واصطدمت بالشرطة، وسقط قتيل من المهاجمين وعدد من الجرحى، مقابل عدة إصابات بالشرطة، التى آثرت الانسحاب حتى لا تتفاقم الأزمة، إلا أن المتطرفين ظلوا محاصرين منازل الأقباط، وهددوهم بالقتل إذا لم يهاجروا جميعا من القرية، ويتنازلوا عن الأرض، ليخضع المسيحيون فى القرية للإقامة الجبرية لمدة أسبوعين، ويصاب العديد منهم بسبب الضرب والاعتداء من المتطرفين بالقرية134.
- أحداث أبوقرقاص بالمنيا (مايو 2016): وقد تم تداول هذه الأحداث إعلاميًا إثر تجريد سيدة مسيحية مسنة من ملابسها فى قرية الكرم بأبو قرقاص، وتبين أن هذه الأحداث بدأت بعد شائعة علاقة بين مسيحى ومسلمة أطلقها زوج المرأة المسلمة انتقامًا منها بسبب خلافات بينهما، وقد تعرض الشاب المسيحى للتهديد مما دفعه لترك القرية، عقب ذلك تعرضت والدته للهجوم عليها وتجريدها من ملابسها، وبعد ذلك تجمعت مجموعة يقدر عددها بثلاثمائة شخص، خرجوا مساء اليوم التالى يحملون أسلحة متنوعة وتعدوا على بعض منازل الأقباط، إذ قاموا بسلبها وتحطيم محتوياتها وإضرام النار فيها. وقد عقب هذه الأحداث حملات فى وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعى تطالب بإعادة حق السيدة المسنة، وأخرى تطالب بإقالة محافظ المنيا، وطالب العديد من المختصين بضرورة البحث المتعمق فى أسباب الفتن الطائفية وتكرارها فى بعض الأماكن مثل محافظة المنيا؛ حتى يتم علاج هذه الأسباب جذريًا دون الاكتفاء بالصلح الشكلى والجلسات العرفية.
الثقافة والفن
مثلت أحداث ثورة 25 يناير 2011، بداية سياسية جديدة للمجتمع المصري، مع أنها تواكبت أيضاً مع العديد من البدايات، لما يمكن أن طلق عليه المسكوت عنه قبل الثورة، ومن أهم تلك القضايا أزمة الفتنة الطائفية، أو الاضطهاد لديدي أو مشكلة التنوع الديني. وشهدت الأعمال والأدبية الصادرة بعد 2011 طرقاً للأبواب بشكل مكثف وغير معهود، في محاولة لفهم حقيقة تلك الأزمة، التي لم تكن تعرفها مصر قبل صعود تيار الإسلام السياسي، في منتصف السبعينيات.[11]
ومن تلك الأفلام التي عرضت بعد الثورة، فيلم لما بنتولد، للمخرج تامر عزت، وتأليف نادين شمس. والذي يدور حول العلاقات بين المسلمين والمسيحيين في مصر من خلال ثلاث حكايات متوازية ترصد قدرة الأبطال على الاختيار. نشأة علاقة حبّ بين طرفين ينتميان لديانة مغايرة أحد أكبر أسباب النزاعات الطائفية في مصر، وثمة نموذج لذلك يتمثل في حرق كنسية مصرية في مدينة أفطيح، قبل شهر من ثورة يناير 2011، بسبب قصة حبّ جمعت شاباً مسلماً بفتاة مسيحية، المسألة التي تكررت في محافظتَي بني سويف والمنيا، وهما محافظتان ذات أغلبية تنتمي لجماعات الإسلام السياسي. رغم ترك النهاية لفيلم لما بنتولد مفتوحة، دون أن يحدَّد مصير قصة الحب التي جمعت الشاب المسلم بالفتاة المسيحية، إلا أنّ الخطّ العام للفيلم يشير إلى تقبّل أسرة الفتاة ارتباطها بشاب مسلم، فالأم تعجز عن أن تمنع ابنتها عن حبيبها، خشية أن تخسرها هي الأخرى، بعد أن هاجرت ابنتها الثانية إلى كندا، في إشارة إلى تردّي أوضاع المسيحيين في مصر وهجرتهم إلى دول أخرى.
شهد عام 2011 أيضاً تقديم الفيلم الوثائقي "جزيرة الأقباط"، للمخرج المصري أحمد رشوان، تناول فيه بشكل جريء أزمة الأقباط في مصر، عقب ثورة يناير 2011، بسبب مخاوف من صعود الإسلاميين، المسألة التي تحققت بوصول جماعة الإخوان المسلمين إلى الحكم. يرصد فيلم جزيرة الأقباط هجرات دينية إلى دولة جورجيا، وهي بحسب الفيلم أول هجرة دينية للأقباط من مصر؛ فالهجرات السابقة كانت لأسباب اقتصادية أو سياسية. يرصد الفيلم أيضاً مشاركة أقباط مصر في الأحداث التي شهدتها القاهرة، منذ بداية عام 2011 وحتى ثورة 30 يونيو 2013، آملين في عالم أفضل بعيداً عن سيطرة الجماعات الدينية المتطرفة.
أجرأ تلك المحاولات التي حاولت فهم حقيقة الفتنة الطائفية في مصر كانت رواية "بيت القبطية" للقاضي المصري والروائي أشرف العشماوي، وأهمية الرواية تعود إلى سببين، الأول: أنّها تدور بالكامل حول أزمة الفتنة الطائفية في إحدى قرى الصعيد المصري. والثاني: أنّ مؤلّف الرواية هو قاضٍ مصري، قضى 15 عاماً وكيلاً للنائب العام في نيابات أمن الدولة، وشهد بالفعل العديد من الأسرار المتعلقة بحقيقة الفتنة الطائفية في مصر. مع الوضع في الاعتبار أنّ الرواية عمل فني قائم على التخيل، لكن لا يستطيع المراقب تجاوز صفة المؤلف، ولا موضوع الرواية، التي أشار المؤلف خلالها بشكل صريح إلى أنّ نظام الرئيس المصري الأسبق، محمد حسني مبارك، استخدم، وفق العشماوي، مسألة الأقباط كفزاعة للمصريين حتى يستمر في الحكم، مستغلاً خوف الشارع من الجماعات الدينية المتطرفة، لكنّ السؤال الذي يطرح نفسه الآن؛ هل ما تمرّ فيه القاهرة منذ ثلاثة عقود هو فتنة طائفية، أم فزاعة استخدمها النظام لتوطيد حكمه؟
مواجهة الفتنة الطائفية
كشفت الأحداث الطائفية التي شهدتها مصر بشكل عام عن غياب مفهوم الإدارة الرشيدة للأزمات؛ نتيجة غياب الشفافية، وحرص الأطراف المختلفة على التصعيد، واللجوء إلى أساليب الشحن الدعائى وإلقاء الاتهامات المتبادلة، وإطلاق العنان للشائعات، والقابلية إلى الانسياق وراء العوامل غير الموضوعية فى التناول؛ وهو ما يجعل المجتمع فى حالة من السيولة واللا معيارية التى تنذر بتفجر الأوضاع فى أى وقت وأى مكان. حيث أنه بمجرد وقوع الأزمة تطفو على السطح سلسلة من الخطابات المعتادة التى تتحدث عن الشأن الطائفى، هذه الخطابات فى حالة تناسخ دائم، وكأن ما يحدث هو إعادة تدوير متعمد لرؤى تسهم فى إبقاء حالة الاحتقان الطائفى، وتتمثل هذه الخطابات فى: خطاب الوحدة الوطنية (الذى يتحدث عن العلاقات الحميمة بين المسلمين والأقباط الذين يوصفوا بعنصري الأمة)، وخطاب الإنكار (ومفاده أن المشكلات بين الجانبين الإسلامى والمسيحى إما عارضة أو مفتعلة)، وخطاب الاتهام (حيث تتسارع مختلف الجهات إلى إلقاء اللائمة على طرف بعينه فى كل حادث طائفى)، وخطاب المشكلات القبطية (إذ يعاد فى أعقاب كل حادث طائفى إنتاج خطاب الهموم الطائفية الخاصة بالأقباط، مثل العقبات التى تعترض بناء الكنائس، والتمثيل السياسى للأقباط .. إلخ).
انظر أيضاً
المصادر
- ^ "تاريخ الفتنة الطائفية في مصر". مدونة التاريخ. 2010-03-13. Retrieved 2011-10-16.
{{cite web}}
: Unknown parameter|aothur=
ignored (|author=
suggested) (help) - ^ "من يشعل الفتنة الطائفية في مصر ؟". الحوار المتمدن. 2010-03-13. Retrieved 2011-10-16.
{{cite web}}
: Unknown parameter|aothur=
ignored (|author=
suggested) (help) - ^ أ ب ت الكنيسة القبطية تنفي ظهور وفاء قسطنطين على التليفزيون وتؤكد أنها على قيد الحياة، مصراوي، 17 سبتمبر 2008م
- ^ خطأ استشهاد: وسم
<ref>
غير صحيح؛ لا نص تم توفيره للمراجع المسماةزغلول النجار محيط
- ^ اليوم السابع، الكنيسة تقرر عدم ظهور وفاء قسطنطين نهائياً - ولوج في 22-11-2008
- ^ تفجير كنيسة القديسين، اليوم السابع
- ^ تجمهر مئات المسيحين أمام الجامع المجاور، بي بي سي
- ^ http://www.almasry-alyoum.com/article2.aspx?ArticleID=13337&IssueID=241>
- ^ "اإحالة حبيب العادلي لنيابة أمن الدولة". الجزيرة نت. 2011-01-07.
- ^ "قراءة واقعية فى تاريخ الفتنة الطائفية وواقعها المعاصر في مصر (5)". المركز العربي للبحوث والدراسات. 2016-07-28. Retrieved 2021-11-15.
- ^ "فزاعة الفتنة الطائفية في مصر: أزمة تنوّع ديني أم استخدام سياسي؟". حفريات. 2019-12-11. Retrieved 2021-11-15.