تاريخ الدولة السعودية
تاريخ الدولة السعودية هو تاريخ الدولة التي تشكل اليوم المملكة العربية السعودية وسميت بالسعودية نسبة إلى آل سعود العائلة الحاكمة حاليا للدولة.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
التاريخ المبكر
ظهور الإسلام
العصور الوسطى
الإسلام في الإمبراطورية العثمانية
أصبحت الحنفية المذهب الرسمي للإسلام في الإمبراطورية النعمانية. وهي أكثر المذاهب الأربعة مرونة . مع أن المذاهب الأخرى كانت تحظى بالاعتراف . وتعود الصياغة النهائية للنظام الديني هنا إلى القرنين الخامس عشر واسادس عشر . واتخذ السلطان العثماني لنفسه لقب خليفة المسلمين ليعزز مكانته بذلك . كان علماء الدين من أكثر جماعات السكان نفوذا في الإمبراطورة . وكان على رأس علماء الدين هناك مفتي الاستانة شيخ الإسلام الذي يضاهي منصبه منصب الوزير الأول . ويأتي بعده قاضيان ثم سائر علماء الدين الكبار . وحاوةل الباب العالي أن يشرف على العلماء عن طريق المصادقة على تعيين القضاء المحليين الذي يمارسون الرقابة على الشئون الحقوقية والإدارية والمحتسبين الذين يتابعون التزام المؤمنين بمبادئ الأخلاق ويراقبون المنظمات الحرفية للصناع والتجار .
وكان الانحلال العام في الإمبراطورية العثمانية قد أصاب علماء الدين المسلمين أيضا . فإن فساد العلماء وجشعهم وظلمهم قد ألب السكان عليهم. وكان شيوخ المتصوفة الذين تخلوا في القرن الثامن عشر عن الكثير من مواقفهم المعارضة للسنة قد اقتسموا الجاه والمال مع علماء الدين في الإمبراطورية العثمانية في القرن المذكور . وغطت الإمبراطورية شبكة من جماعات الدراويش المتصوفة . وازداد عدد الدراويش كثيرا آنذاك . وارتبط بجماعاتهم كثير من المنظمات الحرفية والمهنية وسكان بعض الأماكن . فقد اشتهرت على نطاق واسع ، مثلا ، صلات جماعة الدراويش البكتاشيين مع الإنكشارية .
وكان المتصوفة لا يزالون كالسابق يعلقون أهمية استثنائية على تقديس الأولياء الذين يضمون عندهم ، كل الأنبياء من آدم حتى محمد وكثيرا من الصوفيين المشهورين . وكان هناك أولياء على قيد الحياة . وأيد علماء الدين السنة كذلك تقديس الأولياء ، وكل من عارض ذلك كان يجازف بالوقوع ضحية في أيدي المتعصبين . وكان المتصوفة ينشدون الأغاني ويعزفون على الآلات الموسيقية . وكان بعضهم يتعاطى المشروبات الكحولية ويدخن السجائر والمخدرات . كما كانوا يمارسون علم التنجيم والسحر وقراءة الفأل .
كانت للجزيرة العربية علاقات واسعة في ميدان الفكر والثقافة ، فضلا عن العلاقات الاقتصادية والسياسية ، مع البلدان الأكثر تطورا في الشرقين الأدنى والأوسط . ومع ذلك فإن بعض العزلة لهذه الجزيرة الشاسعة وخصائص نظامها الاجتماعي قد ولدت الكثير من الأشكال الخاصة للحياة الروحية هناك.
نجد والاحساء في النصف الأول من القرن 18
تعرض وسط الجزيرة في القرن السابع عشر ومطلع القرن الثامن عشر لغزوات جيرانه من الشرق والغرب ، مع أن ذلك لم يستبعد بعض الحملات الموفقة التي قامت بها القبائل النجدية على واحات وقبائل الحجاز والإحساء . كان الحجازيون قد هاجموا تقريبا كل مناطق نجد ، وبالدرجة الأولى القصيم ، كما هاجموا القبائل البدوية في وسط الجزيرة – عنزة ومطير والظفير . وكان بعض قبائل وواحات وسط الجزيرة تدفع الأتاوات لحكام مكة . ويذكر ابن بشر بعض الأشخاص من وجهاء الحجاز وينعتهم بأشراف نجد . وفي بداية القرن الثامن عشر تدهورت الحالة الاقتصادية في الحجاز . وبنتيجة المجاعة المرعبة خلت مكة من أهلها . واشتد فيها الصراع من أجل السلطة والنزاعات الداخلية حتى لم يعد بمقدور الحجازيين القيام بحملات على باطن الجزيرة وكانت آخر الحملات الكبرى على نجد قد قامت في أواسط عشرينات القرن الثامن عشر .
كان براك شيخ بني خالد قد بدأ بعد أن سيطر على شرقي الجزيرة بغزوات على البدو المترحلين بين الإحساء ونجد ، ثم بغزوات على نجد . وواصل خلفاؤه توسعهم . وتعرضت الخرج وسدير وثادق والعارض لغزوات الإحسائيين . وفي عام 1722/1723 قتل زعيم بني خالد سعدون بن عريعر على يد الفارس عمر بن ميزر السبيعي في معركة اللصافه. وأدت الحزازات التي أعقبت ذلك إلى أضعاف الوحدة لدرجة كبيرة .
ولم تكن في نجد اتحادات كبيرة تلعب دور القوة المسيطرة . فقد احتفظت بعض الواحات والقبائل باستقلالها . وحتى الواحات – المدن ، مثل العيينة والدرعية والرياض ، التي كان مقدرا لها ان تلعب دورا هاما في الصراع من أجل الزعامة في نجد لم تكن ترتفع غلى أعلى من المستوى المتوسط . وكانت ميزتها تكمن في أنها جميعا واقعة في منطقة العارض ، وهي المنطقة الوسطى في نجد التي تسيطر عليها من اكبر قبايل العرب وهي قبيلة سبيع اهل العارض ، حيث تلتقي كل الطرق التجارية . إلا أن الموقع الجغرافي وحده لايعطي مبررا للاعتقاد بأنها بالذات كانت تستطيع أن تغدو مركزا للدولة الموحدة لعموم نجد ناهيك عن عموم الجزيرة .
ومن المستبعد إمكان الموافقة على تأكيد فيلبي من أن الدرعية كانت في مطلع القرن الثامن عشر إحدى المدن التي تدعى بالسيطرة ليس فقط في نجد وحدها ، بل وحتى في الجزيرة العربية كلها . فقد قال مؤلف (لمع الشهاب) أنه لم يكن في نجد (رئيس قاهر يردع الظالم وينصر المظلوم بل كان كل من الحكام حاكم بلده مدينة كانت أو قرية وفي بدوها كذلك كل طائفة منهم لها شيخ وكبير يرجع أمرهم إليه ... والبلدة إذا قبائل شتى يرعون البراري والقفار ويشربون المناهل والآبار وحكومة كل شيخ في قبيلته برضاها فكلهن تقدم كرما وشجاعة رضوا به كبيرا له . وفيهم مشايخ صغار في نفس قبيلة واحدة يخالفون رأي المشايخ الكبار ... وكان أهل المدن في نجد دائما بعضهم يحارب بعضا) .
كان الوضع في القسم الأوسط مننجد في العقود الأولى من القرن الثامن عشر يتميز بتوازن القوى بين الخصوم الرئيسيين . فقد اجتازت الدرعية توا مرحلة القلافل والفن الداخلية والصراع من أجل السلطة بين الوجهاء الحاكمين . وكانت القتل والخيانات تتوالى الواحدة تلو الأخرى ، إلى أن صار مؤسس سلالة السعوديين ، سعود بن محمد بن مقرن أميرا للواحة في العقد الثاني . ويعتبر بعض السعوديين أنفسهم من قبيلة بني حنيفة ، بينما يعود بعضهم الآخر بنسبهم إلى عنزة أكبر وأقوى قبيلة في وسط وشمال الجزيرة . لم يكن عهد سعود طويلا . فقد توفي في حزيران (يونيو) 1725 . وبعد وفاته تنافس على رئاسة الواحة عدة أشخاص تنافسا مستميتا . واقترن الصراع بينهم بخيانات متبادلة وقتل لبعضهم البعض . وأخيرا شغل مكان سعود ابن عمه زيد .
كان حكام العيينة في تلك السنوات مشغولين بالحروب ضد جيرانهم في منفوحة وثادق ، وكذلك ضد القبائل البدوية في أطرافها . ولم تتجاوز العمليات الحربية نطاق الحملات المحلية . وفي عام 1725/1726 اجتاح العيينة وباء الكوليرا . وكانت الضربة التي تلقتها شديدة لدرجة جعلتها تخرج لسنوات طويلة من الصراع في سبيل السيطرة في وسط نجد . وانتهز زيد هذه الفرصة فهاجم الواحة الخالية في العام التالي . وأعرب أمير العيينة محمد بن معمر عن استعداده للخضوه له ، ولكنه استدرج الدرعيين إلى منزله وقتل زيدا . وتمكن محمد بن سعود من الفرار مع جماعة من المحاربين . فصار أميرا للدرعية .
وفي أواخر الثلاثينات ومطلع الأربعينات استولى على السلطة في الرياض دهام بن دواس وهو رجل همام نشيط ظل طوال عدة عقود من أشد خصوم الدرعية تصلبا . وإليكم قصة توليه السلطة كما كتبها ابن غنام : (كان أبوه رئيسا في بلد منفوحة متغلبا عليها فقتل أناسا من جماعته من المزاريع ظلما وعدوانا ، فبقي بعد ذلك زمانا ثم مات . وتولى بعده ابنه محمد ، فقام عليه ابن عمه زامل بن فارس هو وبعض أهل منفوحة فقتلوه وأجلوا إخوانه ، ومن جملتهم دهام وأخوته ، فاستوطنوا الرياض وكان وإليها إذ ذاك زيد بن موسى أبا زرعة . فلما قتل زيد المذكور على غير سبب مأثور ، وكان الذي قتله أحد بني عمه ، وكان معتوه العقل صعد إليه وهو نائم في عملية له فذبحه بسكين معه . فلما قتله جاءه عبد لزيد يقال له خمسي فقتله ... فتغلب العبد المذكور على بلد الرياض ، وكان أولاد زيد إذ ذاك صغارا وزعم أنه قابض لهم حتى يتأهلوا لذلك . فأقام داليا عليها مدة يسيرة نحو ثلاث سنين ثم هرب خميس من الرياض خوفا من أهلها لأمور جرت منه فأقام في الحاير مدة ثم أتى منفوحة فأقام بهاد مدة ، ثم عدا عليه رجل من أهلها كان قتل أباه زمن رياسته على الرياض فقتله ثم بقيت الرياض مدة يسيرة بلا رئيس ، وكان دهام بن دواس مدة تغلب خميس على الرياض خادما له . فلما بقيت الرياض بعد هروب خميس بلا رئيس ترأس فيها دهام بشبهة أن ابن زيد أبا زرعة هو ابن اخت دهام ، فزعم أنه يكون نائبا عنه في ذلك حتى يكبر ويعقل ثم بعد ذلك يتخلى له عن الولاية فأجلاه عن البلاد . كرهه أهل الرياض وسعوا في عزله إذ لم يكن لهم حيلة إلى قتله ، فاجتمعوا عليه وأحاطوا بقصره وحصروه فيه ، وكانوا عامة وغوغاء ليس لهم رئيس . فأرسل أخاه مشلبا راكبا فرسا إلى محمد بن سعود أمير الدرعية يطلب منه النجدة والنصرة على تلك الرعية ... فقام له محمد بالنصرة أتم قيام ، وأرسل إليه من الجنود فنام ورئيسهم مشاري بن سعود ، فبلغ دهام بمجيئهم المرام والمقصود ، فخرج من قصره مع تلك الجنود وقتلوا من أهل الرياض ثلاثة أوأربعة رجال ثم فروا بلا توان ولا أمهال ، فبعدها قر ملكه فيها وأقام رئيسها وواليها وأقام مشاري عنده شهورا ، ولم يتوقع ماصدر من الخبيث الشرور ، فاستفحل أمره وتعاظم فجره ونكره وتزايد على الرعية شره وتوالى عليهم ضره وتظاهر بأمور وأعلن بفجور تحاكي الأفعال النمرودية والقضايا الفرعونية : فمنها أنه غضب يوما على امرأة فأمر بفمها أن يخاط ... ومنها أنه غضب يوما على رجل فقطع من فخذه قطعة وقال : لابد أن يسيغها مضغة مضغة . فحاول الرجل المعذب بعد أن لم يجد له مهربا أن يأكلها بعد أن تشوى فلم يسعفه بذلك فأكلها نعوذ بالله من البلوى . ومنها أنه غضب يوما على رجل مسجون ذكر له أنه فك بأسنانه الحديد ، فأمر بمقمعه من حديد فضربت بها أسنانه ... ومنها أنه غضب على رجل آخر فأمر بقطع لسانه فقطعه بعض أعوانه ، وله قضايا مثل هذه كثيرة) .
هذا المقتطف من ابن غنام عن تولي دهام بن دواس السلطة ، وكذلك المواد الخاصة بتطور الأحداث في الدرعية والعيينة ، إنما تكشف عن الصراع من أجل السلطة والنزاعات الضاربة والغزوات المدمرة المتبادلة والنهب والسلب ، مما صار من أصول الحياة السياسية في نجد في النصف الأول من القرن الثامن عشر . ومما ساعد على تزعزع الحكم عدم الوضوح والدقة في حق الميراث . فلا يندر أن يهب أخوة الحاكم المتوفي وأبناء عمومته ضد أبنائه . ولا يمكن تفسير استيلاء عبد على السلطة في الرياض في تلك الحقبة إلا بتزعزع نظام الإرادة الإقطاعية في الواحات . وقد بلغ تعسف وطغيان الوجهاء في الواحات أقصى الحدود . واتخذ الاستغلال طابعا وحشيا . وهناك مبررات للقول بأن اشتداد استغلال المزارعين من قبل الإقطاعيين آنذاك قد أدى إلى اشتداد الصراع الطبقي . فقد كتب ابن غنام عن انتفاضة السكان المتذمرين الوهابيين للأصول الإسلامية القديمة التي تحرم الفوائد الربوة كان رد فعل على تعسف المرابين القاسي .
وفي القرن الثامن عشر تدهور الوضع الاقتصادي في الجزيرة العربية . وكان الركود الاقتصادي في الإمبراطورية العثمانية في القرن الثامن عشر ودمار القوى المنتجة وتقلص التجارة كل ذلك قد أدى في بعض الأحيان إلى تقلص مشتريات واسطة النقل الرئيسية – الإبل . وتدهورت التجارة مع الهند عبر الحجاز . وكانت النزاعات والحزازات في الإمبراطورية العثمانية والخراب الذي أصاب السكان قد أدت إلى تقلص الحج . وكانت لذلك كله آثار أليمة على بدو الجزيرة . ويمكن الافتراض بأن الحروب العثمانية الفارسية المدمرة في مطلع القرن الثامن عشر قد تركت أثرا فتاكا على لاحج من إيران والعراق ، الأمر الذي انعكس على مداخيل سكان نجد . وفي هذه الظروف ، على مايبدو ، شدد البدو من نهب السكان الحضر المحليين والقوافل النادرة .
وماكان بالإمكان تحقيق الاستقرار السياسي ووقف النهب البدوي وتأمين سلامة الروابط التجارية إلا في ظل دولة مركزية . وكان بوسع سياسة التخفيف من الظلم الطبقي أن تؤمن لمثل هذه الدولة دعما جماهيريا . ولكن كان من اللازم العثور على مصادر خارجية ، أي على غنائم الحرب ، لأثرياء الوجهاء وعدم الإضرار بمصالحهم . وفي هذه الفترة ولدت في نجد حركة دينية جبارة نشأت على أساسها دولة مركزية كبرى .
المعاهدة الأنجلو-نجدية
في 26 ديسمبر 1915 ، وقع بيرسي كوكس مع عبد العزيز المعاهدة الأنجلو-نجدية في جزيرة دارين المقابلة للقطيف. وصادق على المعاهدة نائب ملك بريطانيا وحاكم الهند في يوليو 1916.
ظهور الوهابية وقيام الدولة السعودية الأولى
في حدود عام 1744 إستقر محمد بن عبد الوهاب في الدرعية ، وكان لديه فيها بعض الأتباع ، ومنهم إثنان من إخوان أميرها محمد بن سعود ، وكذلك زوجة الأمير. فبدأ محمد بن عبد الوهاب الإتصال بالحاكم، الذي كان يعد خططا حربية طموحة .
توافقت رغبات محمد بن عبد الوهاب ورغبات محمد بن سعود ، فتم التحالف ، وطلب ابن سعود من محمد بن عبد الوهاب ان لا يغادر الدرعية ، وسعى إلى جعله يوافق على الضرائب السابقة المفروضة على السكان، فوافق بن عبد الوهاب على الطلب الأول ، ورفض الثاني واعد ابن سعود بأن غنائمه من الغزوات والجهاد ستكون أكبر من هذه الضريبية.
بعد أولى غزوات الدرعيين على جيرانهم ، وزعت الغنائم ، الخمس لأبن سعود ، والباقي للجند ، ثلث للمشاة وثلثان للخيالة.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
السيطرة على العيينة
كان أهل العيينة بقيادة عثمان بن معمر أنصارا ثابتيين للدرعيين، وارتبط بعض أمرائها بعلاقة نسب مع آل سعود، ولكن تم إتهام أمير العيينة بأنه أجرى اتصالات سرية مع حاكم الأحساءوأعد العدة للخيانة، فقتل على يد أهل العيينة احد اتباع محمد بن عبد الوهاب وهو حمد بن راشد العريني السبيعي في يونيو 1750، وإنتقل الحكم إلى قريبه مشاري بن إبراهيم بن معمر القريب من الدرعية، وبعد عشر سنوات، فقدت العيينة استقلالها نهائيا، فنحى محمد بن عبد الوهاب مشاري ،اسكنه الدرعية مع عائلته، وعين حاكما غيره، وأمر عبد الوهاب بتدمير قصر آل معمر لدى وصوله العيينة.
الحروب القبلية والعثمانية
معركة الحاير (1237هـ - 1821م) وتسمى أيضاً بمعركة (البدع) وذلك نسبةً للمكان التي وقعت فيه المعركة، وقعت عام 1237هـ . بعد سقوط الدولة السعودية الأولى وكان من أهدافها القضاء على قبيلة سبيع التي أستمرت في ولائها للدولة السعودية الأولى، كانت بقيادة (أبراهيم كاشف) ومعه ناصر بن ناصر العايذي امير الرياض وموسى بن مزروع أمير منفوحه. ولقد شكلت هذه المعركة أهمية كبيرة وذلك لأنها رسمت لقيام الدولة السعودية الثانية .وأنهت الوجود العثماني في نجد آنذاك وبعدها قامت قبيلة سبيع بهجمات عديده متتاليه على الحاميات التركيه في نجد بأكملها.
معركة تين
بين قبائل سبيع اهل رنيه والخرمة ضد غالب بن مساعد شريف مكة المدعوم من عساكر الترك سنة 1212هـ.
وفي شهر شوال سار غالب بن مساعد بالعساكر العظيمة من البادية والحاضرة، وأهل مصر والمغرب وتركيا ومعه المدافع والآلات وتوجه إلى بلدة رنية وكان أميرها ابن قطنان من قبيلة سبيع من أشد المناصرين لدولة السعوديه وحاصرها وحصل بينه وبين أهلها من سبيع قتال شديد وقتل فيه من جيش الشريف عدة رجال من ضمنهم ابن عمه الشريف هاشم وكان الحصار لمدة عشرين يوم، ثم تحول الى بلدة الخرمه وقد تصدوا له أفراد من قبيلة سبيع مرة اخرى وقد خسر عددًا كبيرًا من رجاله من ضمنهم الشريف لؤي، ثم قامت قبيلة سبيع بالهجوم على الحاميه التركيه في بلدة تربه حتى تمكنت من ضم بلدة تربه الى الدوله السعوديه الثانيه.
يقول شاعر الاشراف :
لا عاد يوم يا شجيع على تين // يوم خذينا يا شجيع به أقطاع
لحقت لسبعان على الهوش ضارين // ياما وطوا منا على صحصح القاع
لحقو هل الابل مثل ورد محيمين // والصفر من ضرب المزاريق خراع
الحمر مثل مهرفات السراحين // والشق ما يرفاه خمس عشر باع
الأشراف لانوا عقب متهم بقاسين // والقلب من كثر الاصاريت يرتاع
تباعنا بالعد رادو على ألفين // وشريدة الألفين عشاهم الصاع
انضمام جبل شمر للدولة السعودية
في عام 1792مـ قام الامير محمد بن عبد المحسن آل علي حاكم جبل شمر وشمال نجد بالتحالف مع الدولة السعودية الاولى ووحد الصفوف عقائديا وسميت حائل بلادا" تابعة للمذهب الجديد الذي كانت تدعو له القوات السعودية، واطلق على الامير محمد بن عبدالمحسن آل علي لقب امير المسلمين
تبنى محمد علي الفكرة لا سيما أن التجار المصريين كانوا قد تكبدوا خسائر كبيرة من جراء ضعف حركة الحجاج وما يتصل بها من تجارة، فعين محمد علي إبنه طوسون باشا قائدا للجيش، وكان شابا عمره 16 عاما وكان تعداد الجيش بين 8 و10 آلاف مقاتل، إلا أن القائد الحقيقي للقوات كان أحمد آغا مستشار طوسون.
في أكتوبر من عام 1811 سيطر المصريون على ميناء ينبع وحولوه إلى قاعدة إنطلاق للعمليات الحربية، ولكن الظروف المصاحبة الصعبة وإنتشار الأمراض وهجمات القبائل جعلت القوات المصرية في وضع لا تحسد عليه، وفي يناير 1812 تقدمت القوات المصرية نحو المدينة، فهزمت أمام قوة السعوديين وحلفائهم وكانت بقيادة هادي بن قرملة في وادي الصفراء فرجعت بقايا القوات المصرية إلى ينبع.
حاول المصريون استمالة شيوخ أكبر القبائل وهي قبيلة حرب وتكوين حلفاء لهم في الحجاز، فتقدموا في نوفمبر 1812 ليسيطروا على المدينة وفي يناير 1813 سيطروا على مكة والطائف وجدة، وفتحوا عمليا بذلك منطقة الحجاز، ولكن الأوضاع الصحية للقوات المصرية كانت سيئة كما استمر السكان المعادين للمصريين والقوات الموالية للسعوديين بشن هجمات على خطوط المواصلات المصرية.
قرر محمد علي أن يقود شخصيا الجيش المصري في الجزيرة العربية، فنزل في جدة مع إمدادات جديدة في سبتمبر 1813 وعمل على توطيد المواقع المصرية في الحجاز، فعزل شريف مكة ولم يبخل بالأموال على شيوخ البدو، ولكن محاولاته بالتوغل في أعماق الجزيرة باءت بالفشل. وفي مايو 1814 توفي الأمير سعود وخلفه عبد الله الذي قاد المقاومة في الشمال. وفي واحة تربة في الجنوب تجمعت قوات موالية كبيرة مسيطرة على الطريق بين نجد واليمن، وإستخدمت كنقطة للعمليات الحربية في جنوب البلاد.
نشط محمد علي في جنوب الحجاز وعسير وإستطاع في 20 يناير 1815 هزيمة حلفاء السعوديين شرق الطائف قرب بسل وهزموا قوة تقدر بـ 30 ألف مقاتل بقيادة فيصل أخو عبد الله. وسيطر المصريون على تربة ثم بيشة. ولكن في مايو 1815 غادر محمد علي الجزيرة مؤجلا نيته الإستيلاء على اليمن.
في الشمال خاض طوسون باشا قتالا عنيدا ضد قوة عبد الله الكبيرة والتي حشدت من أنحاء نجد والأحساء وعمان، وفي ربيع 1815 أنزل طوسون بقوات عبد الله عدد من الهزائم وأرغم عبد الله على عقد معاهدة صلح تركت بموجبها نجد والقصيم بقبضة السعوديين ودخل الحجاز تحت الإدارة المصرية وتعهد عبد الله أن يعتبر نفسه تابعا للسلطان التركي واعدا الخضوع للوالي المصري في المدينة، وتعهد بتأمين سلامة الحج وتعهد بالذهاب إلى إستنبول والمثول أمام السلطان في حال تم إستدعاءه وإعادة كنوز مكة. فوضع طوسون حاميات في مدن الحجاز الرئيسية وعاد إلى مصر منهيا المرحلة الأولى من الحرب.
حملة إبراهيم باشا
- مقالة مفصلة: الحرب المصرية السعودية
كانت شروط الصلح مهينة لعبد الله، وبذلك بدأ التحضير لحرب تحريرية، كما أن السلطان ومحمد علي إعتبرا أن عبد الله لم يلتزم بما وعد به سيما السفر إلى إسطنبول وإرجاع كنوز مكة. فإستونفت الحرب عام 1816 بإرسال جيش مصري بقيادة أكبر أبناء محمد علي وهو إبراهيم باشا برفقة مدربين عسكريين فرنسيين ووحدة خاصة للألغام. فحاصرت قوات إبراهيم خلال سنتين أهم مراكز القصيم ونجد واحدا تلو الآخر بقسوة فإستولى المصريون على الرس وبريدة وعنيزة في عام 1817، وأنحدروا إلى نجد عام 1818 حاولوا الإستيلاء على شقراء عاصمة إمارة الوشم ولكنهم وجدو مقاومة كبيره من جيش الوشم بقيادة أمير الوشم وشقراء الأمير الشيخ حمد بن يحي بن غيهب، ولم يجد الجيش التركي والمصري وسيلة سوى عقد الصلح مع أهالي شقراء مقابل عدم دعم الدرعيه فوافق أهل شقراء والوشم على ذلك بإستثناء الأمير حمد الذي تنازل عن الإماره وحكم الوشم ورحل إلى الدرعيه ليشارك في الدفاع عن الدوله العربيه السعودية.
وفي 6 إبريل إقترب الأتراك والمصريين من الدرعية محكمة التحصين، وبعد خمس أشهر من الحصار سقطت الدرعية في 15 سبتمبر 1818 ودمرت المنطقه وإستسلم عبد الله فأرسل إلى القاهرة ثم إلى إستانبول حيث قطع رأسه في ديسمبر من ذات العام، وكان أمير الوشم حمد بن يحي بن غيهب اثناء حصار الدرعيه قد خرج من الدرعيه بعد سقوطها ولم يتمكن من العوده إلى شقراء بسبب وجود حاميه تركيه مصريه هناك، فسافر إلى مسقط وعمل قاضيًا عند سلطان عُمان حتى قامت الدوله السعودية الثانية ليصبح من كبار مستشاري وقضاة تلك الدوله حتى توفي ودفن في الرياض.
أخضعت قوات إبراهيم القطيف والأحساء وإحتفلت القوات المصرية وفي ديسمبر 1819 عاد إبراهيم مع نواة جيشه إلى القاهرة وأبقى على الحاميات المصرية في مدن نجد والحجاز.
الدولة السعودية الثانية
- مقالة مفصلة: الدولة السعودية الثانية
دولة قامت بين عامي 1824 و1891، وكان غياب السيطرة المصرية عن المسرح السياسي في الجزيرة العربية وعدم رغبة الباب العالي العثماني إمكانية أو رغبة بتعزيز مواقعهم على ساحل الخليج العربي، كلها عوامل أدت إلى تهيء الظروف لنشوء دولة سعودية على مساحة محدودة.
نشأت الدولة السعودية الجديدة على مساحة من الأراضي أقل من أراضي إمارة الدرعية، لعب فيصل بن تركي الدور الأعظم في إنشائها بمساعدة عبدالله العلي الرشيد أول حكام إمارة الرشيد. وانتهت عام 1891 على يد محمد العبدالله الرشيد حاكم حائل. وتم ضم الرياض وسدير والوشم والمجمعة والخرج ووادي الدواسر إلى حائل.
اعادة الحلف مع إمارة جبل شمر
- مقالة مفصلة: آل رشيد
بعد اسقاط الدولة السعودية الأولى في عام 1818مـ , قام العثمانيون باغتيال حاكم جبل شمر وحليف آل سعود الأمير محمد بن عبد المحسن آل علي , وجلس على عرش حائل شقيقه الامير صالح بن عبد المحسن آل علي في 1818 م, الا ان السعوديين عندما اعادوا تاسيس دولتهم الثانية في 1824م اتصلوا بـ الامير صالح , الذي جدد العهود والمواثيق وعادت حائل حليفة لـ آل سعود. ولكن كان قد حدث في البيت الشمري خلاف على الحكم بين آل علي وابناء عمومتهم آل رشيد , وآثر آل سعود عدم التدخل ظاهريا" وقاموا بدعم آل رشيد في المال والسلاح وذلك لما قدمه آل رشيد من مساعدة في استعادة ملك آل سعود.
الدولة السعودية الثالثة
- مقالة مفصلة: تأسيس المملكة العربية السعودية
نشأت الدولة السعودية الحديثة في البدء على مساحة حول منطقة الرياض عام 1902، ففي 15 يناير 1902 سيطر عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود على الرياض، ضم إليه الأفلاج وفي الأعوام من 1910إلى 1912 تمكن من ضم القصيم، وتبعتها الأحساء في 1913.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الثورة العربية (1916–1918)
عبد العزيز وتأسيس المملكة العربية السعودية
آل سعود والملك فيصل: 1953-1975
عهد الملك خالد: 1975-1982
عهد الملك خالد: 1982-2005
عهد الملك عبد الله: 2005 حتى الآن
خط زمني لتاريخ السعودية
الفترة | من | إلى | المدة الزمنية |
---|---|---|---|
الدولة السعودية الأولى | 1744 | 1818 | 74 سنة |
حكم الخديوي | 1818 | 1824 | 6 سنوات |
الدولة السعودية الثانية "الفترة الأولى" | 1824 | 1838 | 14 سنة |
حكم الخديوي "للمرة الثانية" | 1838 | 1843 | 5 سنوات |
الدولة السعودية الثانية "الفترة الثانية" | 1843 | 1865 | 22 سنة |
الحروب الداخلية | 1865 | 1887 | 22 سنة |
حكم ال رشيد | 1887 | 1902 | 15 سنة |
(بداية توحيد السعودية عن طريق الملك عبدالعزيز "البداية من الرياض") الدولة السعودية الثالثة | 1902 | 1932 | 30 سنة |
(إكتمال التوحيد) "المملكة العربية السعودية" | 1932 | ???? | ???? |
المعتقدات والعبادات في الجزيرة العربية
قبل ظهور الوهابية
مما يثير الانتباه انتشار الحنبلية في واحات نجد ، وكان ذلك ظاهرة فريدة بالنسبة للعالم الإسلامي . وعندما يذكر مؤرخو الوهابية وفاة الأشخاص المشهورين في عصرهم . لاينسون العلماء الحنبليين . فما هي أسباب بقاء الحنبلية في هذه الأرجاء ؟
إن وسط الجزيرة المعزول بحكم طائفة من الملابسات عن المناطق الأخرى الأكثر تطورا في الشرق الأوسط لم يبتعد كثيرا عن مستوى النظام الاجتماعي الذي كان قد بلغه الحجاز في فجر الإسلام ، أي مستوى المجتمع الاستغلالي البدائي لدرجة كبيرة .
وفي العقائد الإسلامية المبكرة التي وضعت في القرون الأولى لنشوء الإسلام كثير من الأشكال الفكرية للعلاقات الاجتماعية للحجاز في فجر الإسلام ، ومن أعراف وعادات مكة والمدينة التي باركتها الأحادين . ولما كانت الحنبلية تعترف من حيث المبدأ بالإسلام المبكر فقط فقد كانت على العموم تستجيب لحاجات مجتمع وسط الجزيرة فيا لقرن الثامن عشر .
كان وسط وشرق الجزيرة مهملين دوما من الإمبراطوريات الإسلامية في الشرق الأوسط . وقد حافظا على أصالتهما . ولذا كانت هناك ظروف ملائمة لمختلف تيارات (الزندقة) مثل الخوارج والاباضية . وخلال حقبة طويلة ظلت قائمة في الإحساء دولة القرامطة القوية ذات التركيب الاجتماعي الفريد . أما بخصوص المناطق الأخرى في الجزيرة فإن قسما كبيرا من سكان عمان كانوا ينتمون إلى الطائفة الاباضية ، وفي اليمن كانوا ينتمون إلى الطائفة الزيدية الشيعية المعتدلة . وفي المناطق الشرقية والشمالية الشرقية للجزيرة والمرتبطة مع جنوب العراق ومع إيران كان الكثير من العرب من الشيعة . وفي بعض مناطق اليمن ونجران كان يقطن اليهود . ويقول نيبور أنه يصادف وجود صائبة في الإحساء . إن الأغلبية في مدن وواحات الحجاز تتكون من المسلمين من مختلف المذاهب الأصولية .
وكانت جميع المذاهب الإسلامية في الجزيرة تتعايش بوئام مع عبادة الأولياء المنتشرة على نطاق واسع في الجزيرة كلها ، بل وحتى مع بقايا عبادة الأوتان . وقد ترك لنا ابن غنام وصفا مفصلا لمعتقدات سكان الجزيرة العربية . فقد كتب عن الفترة التي ظهر فيها محمد بن عبدالوهاب يقول : (كان غالب الناس في زمانه متضمخين بالأرجاس متلطخين بالأنجاس ... فعدلوا إلى عبادة الأولياء والصاحلين وخلعوا ربقة التوحيد والدين ...) وكانوا يترددون على الأولياء أو على أضرحتهم طالبين منهم عمل الصالحات أو تخليصهم من المصائب والخائبات ، ويرجون ذلك من الأحياء والأموات . وكثير منهم (يعتقد النفع والأضرار في الجمادات كالأحجار والأشجار ... ولعب بعقولهم الشيطان ... وجعلوا لغيره مايجوز صرفه إلى سواء وزادوا على أهل الجاهلية) .
(وكان في بلدان نجد من ذلك أمر عظيم والكل على تلك الأحوال مقيم) . وفي وادي حنيفة كان هناك ضريح زيد بن الخطاب . وكانوا يترددون عليه راجين تخليصهم من المصائب والنكبات . وفي الجبيلة والدرعية كانوا يقدسون قبورا دفن فيها ، كما يقال ، بعض أنصار الرسول . وفي منطقة الفدا كانت تنمو نخلة يأتي إليها الرجال والنساء يطلبون التبريك ويقومون (بأقبح الأفعال) . وتتقاطر على النخلة النساء العانسات وكل منهم تصيح (أريد حلا...) وكان الناس يلتفون حول النخلة ويعلقون عليها الزينة . وعلى مقربة من الدرعية كان هناك غار مقدسي يسمى غار بنت الأمير يتركون فيه الخبز واللحم . ويقال أن بعض الأرجاس أرادوا ذات مرة أن يوقعوا ببنت الأمير ، فاستعانت بالله وانفتح الجبل أمامها عن الغار الذي صار محجة للعباد . وفي الخرج على مقربة من الدرعية ، كان يعيش ولي اسمه تاج . وكانوا يتوجهون إليه طلبا للتبريك ويرجونه تحقيق المعجزات وإزالة الغمة . وكانوا يدفعون له لقاء ذلك . اشتهر الولي بأنه أعمى ولكنه يسير من غير قائد يقوده . وكان الحكام المحليون يخافونه .
وفي مكة يوجد ضريح أبي طالب وقبر ميمونة بنت الحارث أم المؤمنين وقبر خديجة وغيرها .وكان الرجال والنساء يخاطبون هذه القبور بصيحات عالية طالبين منها العون . وكان الشيء ذاته يجري عند قبر عبدالله بن عباس في الطائف . ويقال أن (قبر حوى) موجود في جدة . وأنشئ هناك معبد يأوى إليه المفلسون والمدينون واللصوص . وحتى الشريف لايستطيع إخراجهم منه . ففي عام 1795/1796 التجأ إلى هذا المعبد تاجر بلغت ديونه 70 ألف ريال ، وبذلك أرغم دائنيه على تأجيل الدفع وكانت القرابين تذبح عند قبور الأولياء . وفي اليمن كانت تجري مواكب يطعن المشاركون فيها أنفسهم بالسكاكين .
وسمع ابن غنام عن عبادة الأولياء خارج الجزيرة أيضا . ففي الشام ومصر الأمثلة على ذلك كثيرة حتى أن المؤرخ لم يذكرها . وأعرب عن استيائه كذلك من عبادة ضريح الإمام علي في العراق . وكتب يقول أن الشيعة كأنما يعتقدون بأن زيارة هذا الضريح أفضل من سبعين حجة . ويذكر ابن غنام الأضرحة والمساجد الكثيرة حول قبور الأولياء في البصرة والساحل الشرقي من الجزيرة العربية والبحرين . وتوجد معطيات تفيد بوجود المتنبين في بعض الأماكن . وقد شجبهم محمد بن عبدالوهاب بحزم . وقال عبدالرحمن بن حسن حفيد محمد بن عبدالوهاب أن الأعراب كانوا آنذاك ينحرون القرابين للجن ويطلبون منها أن تشفيهم من الأمراض . وكتب بلغريف يقول : (قبل ظهور الوهابية كان سكان الجوف (في شمال الجزيرة) ، شأنهم شأن جميع سكان الجزيرة ، قد انهمكوا في عبادة شبه وثنية وراحوا يقدسون الجني المحلي) . وحتى بعد مرور أكثر من مائة عام على ظهور الوهابية كان سكان الجوف ، كما لاحظ بلغريف ، (شأن أغلبية أشقائهم قد استبدلوا من زمان المحمدية بالصنمية المحلية والعبادة شبه السبائية والابتهالات الموجهة إلى الشمس ونحر القرابين للموتى).
البدو والإسلام
يشير جميع دراسي الجزيرة العربية إلى أن الإسلام يغرس بصعوبة بين البدو . وقد أشار فولني في حينه إلى موقف البدو اللامبالي من الفرائض الإسلامية . (فالبدو القانطون على الحدود مع العثمانيين يتظاهرون بأنهم مسلمون لاعتبارات سياسية ، ولكنهم ضعيفو الإيمان وتدينهم ضعيف إلى درجة يعتبرون معها كفرة ليس لديهم نبي ولاقانون . وهم بأنفسهم يعترفون بأن دين محمد فوق مستواهم . فكيف نقوم بالوضوء إذا كنا لانمتلك ماءا ؟ وكيف نقدم الصدقة إذا كنا لسنا أغنياء ؟ وما حاجتنا إلى الصيام في شهر رمضان إذا كنا صائمين طوال العام ؟ ولماذا نذهب إلى مكة إذا كان الله موجودا في كل مكان ؟) .
ويقول بوركهاردت أن البدو قبل الوهابية غالبا ماكانوا لا يعرفون الإسلام عموما . ويؤكد بلغريف (أن دين محمد لم يحدث طوال 12 قرنا إلا تأثيرا ضعيفا أو لم يحدث أي تأثير بين جماهير البدو الرحل ... وفي الوقت ذاته فإن البدو المحاطين بمسلمين صادقين بل ومتعصبين والمعتمدين عليهم أحيانا كانوا يعتقدون في بعض الأوقات أن من الحكمة القول بأنهم مسلمون) . ويقول مونتان أن البدو الذين يهتدون بالإجرام السماوية في تجوالهم قد ابتدعوا عبادة الشمس والقمر والنجوم . واستنادا إلى مراقبة قبائل شمال الجزيرة استنتج بلغريف (أن الإله بالنسبة للبدو هو زعيم يقيم أساسا ، كما يخيل إلينا ، على الشمس وهم يجسدونه بالشمس بمعنى ما) .
وهذا ما التفت إليه أيضا الرحالة الفنلندي فالين الذي طاف الجزيرة العربية في منتصف القرن التاسع عشر . فقد كتب يقول (إن قبيلة (معزة) ، شأن أغلبية القبائل التي لم ترغم على تبني تعاليم الطائفة الوهابية الإصلاحية في فترة تصاعد سلطتها في الجزيرة ، لاتعرف إطلاقا الدين الذي تعتنقه . وبالكاد أتذكر أني صادفت أحدا من أفراد القبيلة الذين كانوا يؤدون الفرائض الإسلامية أو لديهم أبسط فكرة عن أصول الإسلام وأركانه الأساسية . ويمكن في الوقت ذاته قول العكس بدرجة معينة عن البدو الذين صاروا من الوهابيين أو كانوا منهم في السابق) .
وبعد عدة عقود من رحلات فالين كتب دافليتشين وهو أحد ضباط الأركان العامة في جيش روسيا القيصرية (إن أعراب البادية لايتميزون بالتدين إطلاقا ، وهم يخلطون مع الدين كثيرا من العادات والأساطير الفريدة التي تتعارض تماما مع التعاليم الإسلامية) . وظلت باقية عند البدو عبادة الأجداد . فقد كتب جوسان أن البدو كانوا يقدمون القرابين للأجداد أو لله عن طريق الأجداد . ويجري ذلك بفخفخة كبيرة بعد الانتصار في الغزو . ولايفوت الرولة أية مناسبة لنحر ناقة على قبر جدهم إحياءا لذكراه . ويرتبط بعبادة الأجداد وجود (المركب) عند البدو ، وهو عبارة عن هودج خاص على ظهر الجمل يعتقدون بأنه ملجأ لروح جدهم ، ولذا يقدمون له القرابين . ويجلس فيه الحادي وهو عبد أو غلام ، وأحيانا بنت الشيخ أو أجمل فتاة في القبيلة تستحث المحاربين في القتال .
وهكذا كانت في الجزيرة العربية قبيل ظهور الوهابية طائفة واسعة من المذاهب والاتجاهات الإسلامية ابتداءا من الحنبليين وسائر مذاهب السنة وانتهاءا بالزيدية والشيعة والإباضية . كما انتشرت على نطاق واسع عبادة الأولياء والصالحين ، واختلطت بالإسلام أو حلت محله المعتقدات والعبادات الجاهلية كالسحر والوثنية وعبادة الشمس والأرواح والجمادات وعبادة الأجداد . تلك هي التركة الروحية التي نشأت على أساسها آراء محمد بن عبدالوهاب ، وتلك هي البيئة التي عاش فيها .
انظر أيضا
المصادر