قبيلة خثعم
خثعم[1] قبيلة عربية موطنها الأصلي شبه الجزيرة العربية[2]، وكانت منازل خثعم في الهضبة الممتدة ما بين بجيلة والأزد عند طريق القوافل الممتدة من اليمن إلى الحجاز، وما
قبيلة خثعم العربية | |
الدولة | الدول العربية |
---|---|
العرقية | العرب |
الدين | الاسلام |
انحدر عنها شرقا إلى بيشة و اغربا في تهامة حتى البحر الأحمر. وفي خثعم فرعان كبيران: ناهس، وشهران، ابنا عفرس بن خلف بن خثعم، قال ابن الكلبي: «ناهس، وشهران إليهما العدد والشرف من خثعم»[3]. وعدّ الأشرف الرسولي من قبائل خثعم أربعا، هي: شهران، وناهس، وكود، وأكلب[4].
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
إسلام خثعم
وقد تعبدت خثعم مثل بجيلة ودوس وباهلة للصنم المسمى ذو الخلصة الذي هدم في الإسلام، هدمه جرير البجلي وقتل عدد من خثعم، وعلى إثر ذلك وفدت خثعم في أواخر سنة عشرة هجرية على النبي،[5] وفي ذلك قال صاحب الطبقات الكبرى:«وفد عثعث بن زحر المعاوي، وأنس بن مدرك الاكلبي في رجال من خثعم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، بعدما هدم جرير بن عبد الله البجلي ذا الخلصة وقتل من قتل من خثعم، فقالوا: آمنا بالله ورسوله وما جاء من عند الله، فاكتب لنا كتابا نتبع ما فيه، فكتب لهم كتابا شهد فيه جرير بن عبد الله ومن حضر»[6]. وكتب النبي محمد صلى الله عليه وسلم لخثعم بيشة كتابا جاء فيه: «كتب صلى الله عليه وسلم لخثعم: هذا كتاب من محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم لخثعم من حاضر بيشة وباديتها ان كل دم أصبتموه في الجاهلية فهو عنكم موضوع، ومن أسلم منكم طوعا أو كرها في يده حرث من خبار أو عزاز تسقيه السماء أو يرويه اللثى فزكا عمار ة في غير أزمة ولا حطمة، فله نشره وأكله، وعليهم في كل سيح العشر وفي كل غرب نصف العشر، شهد جرير بن عبد الله ومن حضر»[7].
نسب قبيلة خثعم
- خثعم وهو أفتل بن أنمار بن إراش بن عمرو بن الغوث بن نبت بن مالك بن زيد بن كهلان بن سبأ، وهذا قول ابن الكلبي وخليفة بن خياط واليعقوبي وابن عبد البر وابن حزم وأبو المنذر الصحاري، وجمهور النسابة.[8][9][10][11][12][13]
- خثعم وهو أفتل بن أنمار بن نزار بن عدنان، وصاحب هذا القول ابن إسحاق.[14]
- أمه: عاتكة بنت ربيعة بن نزار بن معد بن عدنان.[15]
أما الدكتور صالح أحمد العلي فعارض ابن الكلبي في نسبهم، وقال:«خثعم إحدى عشائر مجموعات مذحج، وقد جعلها ابن الكلبي أحد فروع أنمار».[16] وعن سبب تسمية بنو أفتل بن أنمار بخثعم، قال ابن إسحاق:«خثعم هو أفتل بن أنمار، فإنما خثعم جبل تحالفوا عنده فنسبوا إليه»،[17] أما ابن الكلبي قال:«إن أفتل بن أنمار لما تحالف بعض ولده على سائر ولده، نحروا بعيراً وتخثعموا بدمه أي تلطخوا به في لغتهم، فبقى الاسم عليهم»،[18] وفي مزاعم نشوان الحميري قال:«إِنما سمي خثعم بجمل له اسمه خثعم».[19]
وفي نسبة خثعم إلى سبأ حديث نبوي عن الرسول صلى الله عليه وسلم، وجاء في الحديث الذي أقر بصحته الحاكم[20] والألباني[21] من رواية الترمذي في السنن، قال:«قالَ رجلٌ: يا رسولَ اللَّهِ، وما سَبأٌ، أرضٌ أو امرأةٌ؟ قالَ: ليسَ بأرضٍ ولا امرأةٍ، ولَكِنَّهُ رجلٌ ولدَ عشرةً منَ العربِ فتيامنَ منهم ستَّةٌ، وتشاءمَ منهم أربعةٌ. فأمَّا الَّذينَ تشاءموا فلَخمٌ، وجُذامُ، وغسَّانُ، وعامِلةُ، وأمَّا الَّذينَ تيامنوا: فالأزدُ، والأشعرون ، وحِميرٌ، وَكِندةُ ومَذحِجٌ، وأنمارٌ. فقالَ رجلٌ: يا رسولَ اللَّهِ، ما أنمارٌ؟ قالَ: الَّذينَ منهم خثعَمُ، وبَجيلةُ».[22]
أقرب القبائل نسباً لقبيلة خثعم
أقرب القبائل نسبا لقبيلة خثعم هي قبيلة بجيلة.
الخلاف في نسب خثعم
خثعم بن أنمار قبيلة عريقة النسب، كثيرة الفروع والمنازل، وقد اختلف النسَّابون في إلحاقها بأحد جذمي العرب.
قال البكري نقلا عن ابن الكلبي: "كان جابر بن جشم بن معد، ومصر وربيعة، وأياد، وأنمار بنو نزار بن معد بن عبدنان، بمنازلهم من تهامة وما يليها من ظواهر نجد، فأقاموا بها ما شاء الله أن يقيموا، ثم أجلت بجيلة وخثعم ابنا أنمار ابن نزار من منازلها، وحلت بنو مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بلادهم" [23].
وبهذا فأنمار الذي نسب إليه خثعم أخ لمضر وربيعة، وإياد.
ويبين لنا ابن الكلبي سبب رحيله من بلاد إخوانه وانتسابه إلى اليمن فيقول: "فقأ أنمار بن نزار بن معد بن عبدنان عين أخيه مضر بن نزار، ثم هرب، فصار حيث تعلم؛ أي انتسب في اليمن" [24]، "ثم نزلت خثعم ما بين بيشة وتربة، وما صاقب تلك البلاد وما والاها، وانتشروا فيها إلى أن أظهر الله دين الإسلام وأهله، فتيامنت بجيلة وخثعم، وانتسبوا فيها إلى أنمار بن أراش بن عمرو بن الغوث بن نبت بن مالك بن زيد بن كهلان بن سبأ، وقالوا: نحن أولاد قحطان، ولسنا إلى معد بن عبدنان" [25].
وقال ابن إسحاق: "أنمار بن نزار: أبو خثعم وبجيلة، قال جرير بن عبد الله البجلي وكان سيد بجيلة"، وهو الذي يقول له القائل:
لولا جرير هلكت بجيلة … نعم الفتى وبئست القبيلة
وهو ينافر الفرافصة الكلبي إلى الأقرع بن حابس التميمي:
ياأقرع بن حابس ياأقرع … إنك إن يصرع أخوك تصرع
وقال:
ابني نزار انصرا أخاكما … إن أبي وجدته أباكما
لن يغلب اليوم أخ والاكما
وقد تيامنت فلحقت باليمن [26].
وقال ابن هشام: "قالت اليمن: وبجيلة: أنمار بن إراش بن لحيان بن عمرو ابن الغوث بن نبت بن مالك، بن زيد، بن كهلان، بن سبأ، ويقال: إراش بن عمرو بن لحيان بن الغوث، ودار بجيلة يمانية" [27].
وقال القلقشندي: "بنو أنمار بن نزار حي من معد بن عبدنان، قال في العبر، ولما تكاثر بنو إسماعيل وصارت رئاسة الحرم لمضر مضى أنمار إلى اليمن فأقام بالسروات وتناسل بنوه فقعهدوا باليمانية، وذكر ابن الكلبي أن أنمار هذا لا عقب له إلا ما يقال في بجيلة وخثعم تنكر هذا وتقول: إنما تزوج إراش بن عمرو بسلامة بنت أنمار هذا فولدت له أنمار بن إراش.
ويخالف هذا القول أبو عبيدة: فيقول: أنمار بن إراش بن عمرو ولد خثعم وأمه هند بنت مالك بن العاص بن الشاهد بن علي" [28].
قال الجوهري [29]: "أنمار ولد له بجيلة وخثعم فصاروا إلى اليمن بدليل أن جرير بن عبد الله البجلي [30] - رضي الله عنه - نافر رجلا من اليمن إلى الأقرع بن حابس التميمي حكيم العرب فقال:
يا أقرع بن حابس يا أقرع … إنك إن يصرع أخوك تصرع
فجعله أخا له وهو معدي".
قال النويري: "أما أنمار بن نزار فإنها انقلبت في اليمن قال: كذا روينا عن شيوخنا في النسب، ومن قال: إنها انقلبت في اليمن يقول فيه: إن خثعما وبجيلة ابنا أنمار بن نزار وإنما لحقتا باليمن وانتسبتا عن جهل منهما إلى أنمار بن إراش بن عمرو بن الغوث بن نبت بن زيد بن كهلان بن سبأ" [31].
وقال الأشعري: "فأما أنمار وإياد ابنا نزار فنسبهما غير معروف؛ وذلك أن أنمار بن نزار انتسب إلى اليمن؛ وذلك أنه كان له ابنان وبنت اسمها سلامة،
فتزوجها إراش بن عمرو بن الغوث بن زيد بن كهلان فولدت له ولدا فسمته باسم أبيها أنمار بن نزار، فولد بجيلة وخثعم، وقيل: إن بجيلة وخثعم من أهل اليمن، وإنما نقلوا اسمهم إلى ربيعة بن نزار أنهم حاربوا نهد بن زيد، فتحالف عليهم نهد وجنب وسنحان وزبيد، فأضروا بهم، فانتسب خثعم إلى نزار، فقالوا: نحن بنو أكلب بن ربيعة بن نزار، وكانوا ينسبون إلى أكلب بن ربيعة بن عفرس بن حلف ابن أفتل - وهو خثعم - وقالت شهران: ونحن بنو أنمار بن نزار، فنصرتهم عنز وعدوان ومن والاهم من قبائل نزار" [32].
وأورد الجاسر في كتابه (في سراه غامد وزهران) [33]، نقلا عن كتاب "تاريخ العرب" أن مؤرخي اليمن القدماء يقولون: إن ثعلبة بن مازن بن الأزد جرد أحمس ابن عوف بن أنمار بن إراش بن عمرو بن الغوث بن نبت بن زيد بن مالك بن كهلان، إلى الطود، وهو البلاد التي يقال لها: "السراة" وهي فيما بين الطائف وجرش، مرده إليها في قومه بنى أنمار بن إراش بن عمرو بن الغوث وفيمن ضمهم إليه من سائر حمير وكهلان.
فسألت أبا علي الهجري عمن خرج مع أحمس بن أنمار من قومه فقال:
خرج معه بنو بجيلة بن أنمار، وبنو أفتل بن أنمار، وهو من بني عوف فسألته عن أفتل فقال: منهم شهران وكود، وناهس والأوس وأواس، فسألته عن أحمس فقال: من ولد منبه بن معاوية بن أسلم بن أحمس بن عوف بن أنمار، وهذه القبائل تعرف بخثعم وبجيلة: وأنشدني للعملس القحافي - وقحافة بطن معاوية من شهران [34]:
نحن الذين ورثنا الطود عن إرم … أيام أحمس وافاه بأنمار
أيام حِمْيَر تعلو نار عزتها … ما أوقد الناس في الآفاق من نار
أيام كَهلان قومي ضابطين لهم … ماضمت الأرض من بدو وأمصار
تجبى إليهم إتاوات البلاد ولا … يعصيهم من مقيم لا ولا سار
فتلك آثار آبائي بمأرب لا … يفوتها اليوم من رسم وآثار
وقالت طائفة من أهل العلم بالنسب: "إن خثعم وبجيلة هما ابنا أنمار بن إراش بن عمرو بن الغوث بن النبت بن مالك بن زيد بن كهلان بن سبأ، وإن خثعم هو أفتل بن أنمار بن إراش بن عمرو بن انغوث، أخي الأزد بن الغوص، وبجيلة هو: عبقر بن أنمار بن إراش بن عمرو بن الغوث؛ وذلك أن أنمار بن إراش ولد عبقر، والغوث وصهيبة، أمهم بجيلة بنت صعب بن سعد العشيرة، فنسبوا إليها، وعرفوا بها وولد أيضًا أنمار خثعم، واسمه أفتل، أمه هند بنت الغافق.
هذا كله قول ابن الكلبي، وتابعه جماعة، واحتج من قال بهذا القول بما روى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من حديث فروة بن مسيك، وهذا نصه: قلت يا رسول الله أأقاتل من أدبر من قومي بمن أقبل منهم وأقاتل أهل سبأ قال: نعم - قلت يا رسول الله أخبرني عن سبأ ما هو؟ أجبل أم واد، وفي حديث ابن أبي شيبة أرجل هو أم امرأة أم أرض؟، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليس بأرض ولا امرأة ولكنه رجل ولد عشرة من العرب، تيامن منهم ستة، وتشاءم أربعة، فأما الذين تشاءموا: فلخم، وجذام، وغسان، وعاملة، وأما الذين تيامنوا فالأزد، وكندة، وحمير، والأشعرون، ومذحج، وأنمار التي فيها بجيلة، وخثعم، وفي حديث ابن أبي شيبة، فقال رجل يا رسول الله: أي أنمار؟ فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - التي فيها بجيلة وخثعم. قال أبو عمر: هذا أولى ما قيل به في ذلك، والله أعلم. واحتج أيضًا من قال بهذا القول بقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "يطلع عليكم رجل من خير ذي يمن عليه مسحة ملك، فطلع جرير بن عبد الله البجلي" [35].
ورغم هذا الخلاف بين علماء النسب، فإننا نجدهم عندما تصدوا لتدوين أنساب لمقبائل القحطانية والعدنانية، دونوا نسب خثعم ضمن القبائل القحطانية مما يؤكد قحطانيتها، وسأذكر للقارئ الكريم بعضا من ذلك.
قال ابن الكلبي [36]: "وهؤلاء بنو عمرو بن الغوث بن نبت بمن مالك بن زيد بن كهلان بن سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان. وولد مالك بن زيد:
الغوث فولد الغوث: عمرا، والأزد، وقدارا ومقطعا، فولد عمرو بن الغوث: إراش، فولد إراش بن عمرو: أنمارا. فولد أنمار بن إراش: أقيل وهو خثعم".
وقال أبو عبيد القاسم بن سلام [37]: "ولد أنمار بن إراش بن عمرو بن الغوث، أخي الأزد بن الغوث: خثعم، واسمه أفتل بن أنمار".
وقال الهمداني : "أولد مالك بن زيد بن كهلان نبتا والخيار، فأولد نبت الغوث، فأولد الغوث: الأزد وعمرو، وقدار، ومقطعا، فولد عمرو بن الغوث إراشة، فأولد إراشة أنمار فأولد أنمار بجيلة وخثعم".[38]
وقال ابن حزم : "وهؤلاء بنو عمرو بن الغوث بن نبت بن مالك بن زيد ابن كهلان، فولد عمرو بن الغوث: إراش فولد إراش أنمار، وقيل أن أنمار هذا، هو أنمار بن نزار، والله أعلم، فولد أنمار: أقيل، وفي الناس من يقول أفتل وهو خثعم".[39]
وقال ابن سعيد الأندلسي [40]: "ومن قبائل كهلان على ما فيها من الاختلاف أنمار بن إراش بن عمرو بن الغوث بن نبت بن مالك بن زيد بن كهلان، ولأنمار فرعان مشهوران: خثعم بن أنمار، وبجيلة بن أنمار.
وقال القلقشندي [41]: "بنو خثعم بطن من أنمار بن إراش من القحطانية"
سبب التسمية
للعلماء في سبب تسمية خثعم بهذا الاسم أقوال مختلفة، سنعرضها بالتفصيل.
قال ابن الكلبي: "إنما سُمي خثعم خثعما بجمل له يقال له خثعم فقيل: يحمل إلى خثعم، وينزل إلى خثعم. ويقال أن أفتل بن أنمار لما تحالف ولده على سائر أخواتهم ونحروا بعيرا، ثم تخثعموا بدمه؛ أي تلطخوا به في لغتهم" [42].
وقال ابن دريد في الاشتقاق[43] : خثعم فيما ذكر ابن الكلبي أنهم نحروا جزورا عليه بالدم أي تطلوا به.
وقال أبو عبيدة [44]: "خثعم: اسم جمل نحروه وغسلوا أيديهم في دمه، حيث تحالفوا، فسموا خثعم".
وقال أبو مسلمة موهوب بن رشيد الكلابي: تحالفت سعد الريث وهم الفزر وتيم رهط ابن الدمينة وحاتم بن عفرس بن بجيلة بن أنمار بن نزار وبنو الفزر وبنو قحافة ابنا عفرس بن أنمار بن نزار، وغمست أيديها في الدم ثم وضعتها على يد جمل يقال له الخثعم فتحالفت فسميت هذه القبيلة خثعم.
وقال السهيلي [45]: "أما خثعم: فاسم جبل سمي به بنو عفرس بن حلف ابن أفتل بن أنمار لأنهم نزلوا عنده.
وقيل: إنهم تخثعموا بالدم عند حلف عقدوه بينهم؛ أي تلطخوا، وقيل: بل خثعم ثلاثة: (شهران، ناهس، وأكلب").
وقال البكري [46]: "أما خثعم: اسم جبل بالسراة، فمن نزله فهو خثعمي، قاله الخليل والزبير بن بكار".
وقال النووي [47].: قيل خثعم: جبل سميت به لنزولها إياه وتعاقدها عليه. وقيل غير ذلك.
وقال الزبير بن بكار وغيره: تحالفت أفتل بن أنمار وجماعة معه على جبل يقال له خثعم فسموا خثعم [48].
وقال الهمداني [49]: وخثعم نبز واسمه أفتل. وأضاف محقق الكتاب على كلمة نبز: لأنه اسم جمل كانوا يدعونه "خثعم" فسمي "أفتل" به في قصة تناقلتها الأجيال.
مما تقدم يتضح للقارئ أن للعلماء في هذه المسألة ثلاثة أقوال:
القول الأول: يرى أن هذا الاسم أطلق على أبناء أفتل بسبب جمل لهم اسمه خثعم.
القول الثاني: يرى أن هذا الاسم سببه حلف عقدوه وعلى أساسه نحروا جزورا وغسلوا أيديهم في دمه وتلطخوا به.
القول الثالث: يرى أن هذا الاسم أطلق علي بني أفتل بعد نزولهم وتحالفهم عند جبل اسمه خثعم.
والحقيقة أن كل هذه الأقوال يمكن وقوعها وتصديقها، والجزم بأحدها ونفي الآخر لا يستند إلى دليل قوي، لكن القول الثاني أقرب إلى المدلول اللغوي وللواقع الذي تعيشه القبائل الخثعمية هذه الأيام، فرابطة الحلف أقوى عندها من رابطة النسب.
أعلام ومشاهير
في العصر القديم
- الصحابية أسماء بنت عميس
وهي زوجة جعفر بن ابي طالب وولدت له: عبد الله - محمد - عون. ثم خلف عليها أبو بكر الصديق رضي الله عنه فولدت له محمد ثم خلف عليها علي بن أبي طالب رضي الله عنه فولدت له يحيى وعون وقبل ذلك كله كانت زوجة لرجل اسمه: ربيعة بن رياح فولدت له مالك وعبد الله وأبو هريرة ويقال لهم بني ربيعة، وهذا كله دليل مكانة أسماء بنت عميس ضي الله عنها ومكانة قبيلتها العظيمة خثعم. إخواتها لأمها ميمونة بنت الحارث وزينب بنت خزيمة أما المؤمنين زوجا النبي
- وسلمى بنت عميس
تزوجها حمزة بن عبد المطلب عم النبي فولدت له امرأة، وتزوجها بعده شداد الليثي. والجدير بالذكر ان ميمونة زوجة النبي لها صلة قربى بسلمى بنت عميس حيث ان ميمونة اخت لابناء سلمى لأمهم هند بنت عون من حمير وأيضا لبابة بنت الحارث ام العباس بن عبد المطلب.
- سلامة بنت عميس
- زينب بنت عميس
- أسماء بنت مدرك زوجة خالد بن الوليد رضي الله عنه وأم أولاده المهاجر وعبد الله وعبد الرحمن
- عثمان بن أبي نسعة، ولي الأندلس الثاني عشر من قبل الأمويين. قبل عزله من قبل عبد الرحمن الغافقي فتزوج ابنة دوق (أكوتين) ليضمن مساعدته في قتال عبد الرحمن.
- الشاعر الجاهلي انس بن مدرك الخثعمي
- الشاعر الجاهلي ابن الدمينه
- شمس بن عبد الله بن النعمان كان شريفا وشهد مع معاوية بن ابي سفيان كل مواقعه
- مالك بن عبد الله الخثعمي [50] من أهل فلسطين ويقال له ملـك الصوائـف اربعين سنة لمعاوية بن ابي سفيان وغيره وفيها تولى حرب الروم ولما مات كسر على قبره اربعون لواء وهذا يدل على عظم قدر هذا الرجل وقيل فيه:
قصدنا على قبر القحافي مالكٍ
غداة ثوى سُمْر القنا والصفائحا
كما ظل كلٌ قاصداً للوائه
عليه، وعَرْقَبْنا أموناً وقارحا
- النعمان ذو الانف وهو الذي قاد خيل خثعم إلى النبي صلى الله عليه وسلم
- الصحابية الفارعة بنت عبد الرحمن
- عائذة بنت الخمس أم قبيلة بنو خزيمة بن لؤي التي تعرف باسمها،
- فاطمة بنت مر شاعرة وكاهنة من كاهنات العرب ومن أجمل نسائهن وأعفهن، قرأت الكتب ودرست علائم النبي المبشر، فلما رأت وجه عبد الله بن عبد المطلب والد الرسول عرضت نفسها عليه لأنها رأت النبوة في وجهه، فلم يقبل بها فقالت:
إني رأيت مخيلة عرضت *** فتلألأت بحناتم القطر
فلمائها نـور يضئ له *** ما حوله كإضاءة الفجر
- وثن بن محمية بن وثن كان أحد اشراف الطائف وقتله علي بن أبي طالب رضي الله عنه يوم الطائف كافرا
ومن المشاهير المتأخرى ن
- موسى الخثعمي وهو شاعر من القرن الثالث عشر صاحب السينية المشهورة
- انس بن مدرك الذي يعد من فرسان العرب المعدودين الذين كانت تحتكم اليهم القبائل والصحابي الجليل الذي عاش شطرا في الجاهلية وقتل السليك بن السلكة.
- الشاعر حمران بن مالك
- نفيل بن حبيب الخثعمي الذي جمع القبائل الجنوبية والحجازيه لصد ابرهة الحبشي عام الفيل.
- مالك بن الحجاج وكان من اشد الفرسان من أيام الحجاج الثقفي.
- أبو رويحة وقد وفد إلى النبي صلى الله عليه وسلم فوافى بينه وبين بلال بن ابي رباح رضي الله عنه حين عقد الالوية.
- أبو نسعة بن اياس الشهراني الخثعمي وكان من اعيان الشام ورؤسائهم.
- كعب بن خريم كان شاعرا.
- الزبير بن خزيمة بعثه الحجاج بجيش إلى اصبهان ومعه اعشى همدان.
- كريم بن عفيف قتل في معركة مرج عذراء.
- أحمس بن الغوث الذي ارسلة الرسول وقاد مائة وخمسون فارساً مع جرير بن عبد الله إلى حرق ذي الخلصة وبارك رسول الله على خيله ورجاله.
- بشر بن ربيعة بن عمرو الذي شهد القادسية وإليه تنسب جبانة بشر بالكوفة، وقال لعمر بن الخطاب بعدها:
أنخت بباب القادسية ناقتي
وسعد بن وقاص علَيّ أميرُ
تذكر هداك الله وقع سيوفنا
بباب قُدَيس والقلوبُ تطيرُ
إذا ما فَرَغنا من قراع كتيبةٍ
دَلَفْنا لأخرى كالجبال تَسيرُ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
أهميتها التاريخية
معركة خثعم وجيش أبرهة الحبشي
وقد ورد ذكر خثعم في روايات الأخباريين عن حملة أبرهة على مكة، إذْ هم يذكرون أنها عزمت على منعه من الوصول إلى مكة، وأن نفيل بن حبيب الخثعمي رئيس خثعم إذ ذاك، خرج بقبيلي خثعم: شهران وناهس ومن تبعه من قبائل العرب، وقاتله حينما بلغ أرض خثعم، غير أن أبرهة تغلب عليه، وأسره، وأبقاه حيًّا على أن يكون دليله في طريقه إلى مكة، وقد سار معه حتى أبلغه الطائف، وهناك قام بوظيفة إرشاد الحبش إلى مكة أبو رغال الثقفي، وذلك بأمر من مسعود بن متعب رئيس ثقيف. وقد ذكر ابن سعد البغدادي والواقدي والطبري [51]ما يلي نصه: «كان النجاشي وجه أرياط أبا أصحم في أربعة آلاف إلى اليمن فأدخلها وغلب عليها؛ فأكرم الملوك واستذل الفقراء، فقام رجل من الحبشة يقال له: إبرهة الأشرم أبو يكسوم فدعا إلى طاعته فأجابوه، فقتل أرياط وغلب على اليمن، فرأى الناس يتجهزون للحج فقال: أين يذهب الناس؟ قال: يحجون بيت الله بمكة. قال مما هو؟ قال: من حجارة. قال فما كسوته؟ قال مما يأتي من هنا وهناك. قال: والمسيح لأبنين لكم خيرا منه فبنى لهم بيتا عمله بالرخام الأبيض والأحمر والأصفر والأسود، وحلاه بالذهب والفضة، وحفه بالجواهر وجعل فيها ياقوتة حمراء عظيمة، وجعل له حجابا، وكان يوقد بالمندلي ويلطخ جدره بالمسك فيسودها حتى تغيب الجواهر، وأمر الناس بحجه، فحجه كثير من قبائل العرب سنين، ومكث فيه رجال يتعبدون ويتألهون ونسكوا له. وكان نفيل الخثعمي يورض له ما يكره فأمهل، فلما كان ليلة من الليالي لم ير أحدا يتحرك، فقام فجاء بعذرة فلطخ بها جبهته، وجمع جيفا وألقاها فيه، فأخبر إبرهة بذلك فغضب غضبا شديد وقال: إنما فعلت العرب غضبا لبيتهم، لأنقضنه حجرا حجرا، وكتب إلى النجاشي يخبره بذلك ويسأله أن يبعث إليه بفيله محمود، وكان فيلا لم ير مثله في الأرض عظما وجسما وقوة، فبعث به إليه. فلما قدم عليه الفيل سار إبرهة بالناس ومعه ملك حمير ونفيل بن حبيب الخثعمي، فلما دنا من الحرم أمر أصحابه بالغارة على نعم الناس، فأصابوا إبلا لعبد المطلب، وكان نفيل صديقا لعبد المطلب فكلمه في إبله، فكلم نفيل إبرهة فقال: أيها الملك قد أتاك سيد العرب وأفضلهم قدرا وأقدمهم شرفا، يحمل على الجياد، ويعطي الأموال، ويطعم الناس، فأدخله على إبرهة، فقال: حاجتك؟ قال: ترد علي إبلي. فقال ما أرى ما بلغني عنك إلا الغرور، وقد ظننت أن تكلمني في بيتكم الذي هو شرفكم. فقال عبد المطلب: أردد علي إبلي ودونك البيت فإن له ربا سيمنعه. فأمر برد إبله عليه، فلما قبضها قلدها النعال وأشعرها وجعلها هديا وثبتها في الحرم لكي يصاب منها شيء، فيغضب رب الحرم، وأوفى عبد المطلب على خيل ومعه عمرو بن عابد بن عمران بن مخزوم بن مطعم بن عدي، وأبو مسعود الثقفي، فقال عبد المطلب: اللهم إن المرء يمنع رحله وحلاله فامنع حلالك. قال: فأقبلت الطير من البحر أبابيل، مع كل طير ثلاثة أحجار: حجران في رجليه وحجر في منقاره، وقذفت الحجارة عليهم، لا تصيب شيئا إلا هشمته إلا فقط ذلك الموضع، فكان ذلك أول ما رؤي من الجدري والحصبة والأشجار المرة فأهمدتهم الحجارة، وبعث الله سيلا عاتيا فذهب بهم إلى البحر فألقاهم فيه، وولى إبرهة ومن بقي معه هرابا».[52][53]
تعظيم خَثْعم لصنم ذي الخلصة
كانت خَثْعم كغيرها من قبائل العرب تعبد الأصنام وتقدس الأوثان. حتى بعث الله محمدًا - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بالدين الحنيف فطهرها من رجز الوثنية، وكان من أشهر أصنام خَثْعم صنم ذي الخلصة، وقد اختلفت أقوال المؤرخين في موقعه ونسبته إلى خَثْعم أو إلى دوس.
قال ابن الكلبي [54]: وكان من تلك الأصنام ذو الخلصة وكان مروة بيضاء منقوشة عليها كهيئة التاج، وكانت بتبالة بين مكة واليمن، على مسيرة سبع ليال من مكة، وكان سدنتها بني أمامة من باهلة بن أعصر، وكانت تعظمها وتهدي لها خَثْعم وبجيلة وأزد السراة ومن قاربهم من بطون العرب من هَوَازِن ومن كان ببلادهم من العرب بتبالة، قال رجل منهم:
لو كنت ياذا الخلصة الموتورا … مثلي وكان شيخك المقبورا
و لَمْ تنه عن قتل العداة زورا
وكان أبوه قتل، فأراد الطلب بثأره، فأتى ذا الخلصة فاستقسم له بالأزلام فخرج السهم ينهاه عن ذلك، فقال هذه الأبيات: ومن النّاس من ينحلها امرؤ القيس، ففيها يقول خداش بن زهير العامري لعثعث بن وحشي الخثعمي، في عهد كان بينهما فغدر بهما:
وذكرته بالله بيني وبينه … ومابينا من مدة لو تذكرا
وبالمروة البيضاء يوم تبالة … ومحسبة النعمان حيث تنصرا
فلما فتح رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مكة، وأسلمت العرب ووفدت عليه وفودها قدم عليه جرير بن عبد الله البجلي [55] مسلمًا فقال له: ياجرير، ألا تكفيني ذا الخلصة؟ فقال: بلِّي فوجهه إليه فخرج حتى أتي بني أحمس من بُجيلة فسار بهم إليه. فقاتلته خَثْعم وباهلة [56] دونه، فقتل من سدنته من باهلة يومئذ مائة رجل، وأكثر القتلى في خَثْعم وقتل مائتين من بني قحافة بن عامر بن خَثْعم فظفر بهم وهزمهم، وهدم بنيان ذي الخلصة، وأضرم النار، فاحترق. فقالت امرأة من خَثْعم.
وبنو أمامة بالولية صرعوا … ثملا يعالج كلهم أُنبوبا
جاؤوا لبيضتهم فلاقوا دونها … أسدا تقب لدى السيوف قبيبا
قسم المذلة بين نسوة خَثْعم … فتيان أحمس قسمة تشعيبا
وقال ابن هشام [57]: قال ابن إسحاق: وكان ذو الخلصة لدوس وخَثْعم وبجيلة، ومن كان بيلادهم من العرب بتبالة.
وقال ياقوت [58]: الخلصة في اللغة، نبت طيب الريح يتعلق بالشجر له حب كعنب الثعلب، وجمع الخلصة خلص: وهو بيت أصنام كان لدوس وخَثْعم وبجيلة ومن كان ببلادهم من العرب بتبالة، وقيل: هو الكعبة اليمانية التي بناها أبرهة بن الصباح الحميري وكان فيه صنم يَدَّعي الخلصة فهدم، وقيل: كان ذوي الخلصة يسمى الكعبة اليمانية، والبيت الحرام الكعبة الشمالية، وقال أبو القاسم الزمخشري: في قول من زعم أن ذا الخلصة بيت كان فيه صنم نظرا؛ لأنَّ "ذو" لا يضاف إلَّا إلى أسماء الأجناس.
وأورد الأصفهاني في ترجمة امرئ القيس [59]: إنه لما عاد من بلاد حِمْيَر متجها إلى بني اسد مر بتبالة وبها صنم للعرب تعظمه يقال له ذو الخلصة فاستقسم عنده بقداحة وهي ثلاثة: الأمر والناهي والمتربص، فأجالها فخرج الناهي، ثم أجالها فخرج الناهي، فجمعها وكسرها وضرب بها وجه الصنم وقال: "مصصت بظر أمك لو كان أبوك قتل ما عقتني"، ثم خرج فظفر بني أسد، ويقال: إنه ما استقسم عند ذي الخلصة بعد ذلك بقدح حتى جاء أمر الله بالإسلام وهدمه جرير ابن عبد الله البجلي.
وقال ابن منظور [60]: "الخلص شجر طيب الريح له ورد كورد المرو، طيب ذكي، قال حنيفة: أخبرني أعرابي أن الخلص شجر ينبت نبات الكرم يتعلق بالشجر فيعلق له ورق غير رقاق مدورة واسعة .. وذو الخلصة موضع يقال: إنه بيت الخثعم كان يدعى الكعبة اليمانية، وكان فيه صنم يَدَّعي الخلصة فهدم".
وقال البخاري عن غزوة ذي الخلصة: "وقال جرير بن عبد الله البجلي: قال لي رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ألا تريحني من ذي الخلصة فقلت بلى، فانطلقت في خمسين ومائة فارس من أحمس وكانوا أصحاب خيل، وكنت لا أثبت على الخيل فذكرت ذلك للنبي فضرب يده على صدري حتى رأيت أثر يده في صدري، فقال: اللهم ثبته واجعله هاديا مهديا، قال، وكان ذو الخلصة بيتًا باليمن لخثعم وبجيلة فيه نصب يعبد يقال له: الكعبة، قال فأتاها فحرقها بالنار وكسرها" [61].
وقد حدد المتقدمون مكان صنم خَثْعم، فقال ابن الكلبي: وذو الخلصة اليوم عتبة باب مسجد تبالة [62].
وقال ياقوت: العبلاء. وقيل العبلات - بلدة كانت لخثعم، بها كان ذو الخلصة بيت وصنم، وهي من أرض تبالة، وقال ابن حبيب: كان بالعبلاء على أربع مراحل من مكة، وهو اليوم بيت قصار فيما أخبرته [63].
وقال البكري: "ذو الخلصة بيت بالعبلاء كانت خَثْعم تحجه وهو اليوم موضع مسجد العبلاء"[64].
وقد حاول الأستاذ حمد الجاسر الجمع بين أقوال المتقدمين فقال [65]: "أما الاختلاف بين قول أنه بيت قصار - أي غسال الثياب. وأنه عتبة باب مسجد تبالة فيمكن الجمع بين القولين بأن العتبة كان النصب الذي داخل البيت، الذي جاء في رواية البخاري وياقوت، والبيت هو ما كان يدعى الكعبة اليمانية، وأما الجمع بين كونه في تبالة وكونه في العبلاء فيتضح حينما ندرك أن تبالة هو وادٍ فيه قرية قديمة كانت تعرف بهذا الاسم أعلاها أرض يطلق عليها اسم العبلاء، وقول المبرد والبكري بأن ذا الخلصة موضع مسجد العبلاء يخالف ما ذكره من هم أعرف منهما بهذه البلاد".
وهذا القول يدعمه الواقع، فآثار صنم ذي الخلصة وهي بقايا غرفة مهدمة في أعلى قرية تبالة فوق جبل يسمى عرق الطاغوت يمر وادي تبالة بحافته الجنوبية وشعب عقل من الشمال وشرقا قرى تبالة الحديثة، وقد وصل إليه الزحف العمراني.كونه في تبالة وكونه في العبلاء فيتضح حينما ندرك أن تبالة هو وادٍ فيه قرية قديمة كانت تعرف بهذا الاسم أعلاها أرض يطلق عليها اسم العبلاء، وقول المبرد والبكري بأن ذا الخلصة موضع مسجد العبلاء يخالف ما ذكره من هم أعرف منهما بهذه البلاد".
وهذا القول يدعمه الواقع، فآثار صنم ذي الخلصة وهي بقايا غرفة مهدمة في أعلى قرية تبالة فوق جبل يسمى عرق الطاغوت يمر وادي تبالة بحافته الجنوبية وشعب عقل من الشمال وشرقا قرى تبالة الحديثة، وقد وصل إليه الزحف العمراني.
شاة الغرم (الخثعمة)
والخثعمة: تلطخ الجسد بالدم، وقيل: به سميت هذه القبيلة؛ لأنهم نحروا بعيرا فتلطخوا بدمه وتحالفوا. والخثعمة: أن يدخل الرجلان إذا تعاقدا كل واحد منهما إصبعا في منخر الجزور المنحور، يتعاقدان على هذه الحالة، قال قطرب: الخثعمة: التلطخ بالدم، يقال: خثعموه فتركوه؛ أي رملوه بدمه، وتخثعم القوم بالدم: تلطخوا به، وقيل الخثعمة أن يجتمع الناس فيذبحوا ويأكلوا ثم يجمعوا الدم ثم يخلطوا فيه الزعفران والطيب، ثم يغمسوا أيديهم ويتعاقدوا أن لا يتخاذلوا".[66]
وقال ابن دريد في الجمهرة (٢): "وخثعم: هو اسم تنسب إليه قبيلة، واختلفوا في خثعم فقال قوم: اسم بعير، والخثعمة: تلطخ الجسد بالدم، وإنما سميت القبيلة بذلك؛ لأنهم نحروا بعيرا فتلطخوا بدمه وتحالفوا".[67]
أيام بني خثعم ووقائعها في العهد الجاهلي
إن تاريخ خَثْعم حافل بالبطولات والمغامرات الجريئة في ميدان الحروب الطاحنة التي كانت تشنها العرب ضد بعضها البعض العربية، وقد حفلت كتب الأدب والتاريخ بما لخثعم من الأخبار والقصص والبطولات، سواء كانت لهم أو عليهم ومن أيامهم في العهد الجاهلي:
حرب خثعم مع الأحباش وملكهم أبرهة الأشرم وأهل اليمن
خرج أبرهة الأشرم بجيشه الجرار من صنعاء لهدم الكعبة المشرفة، وعندما سمعت قبائل العرب بخبره خافته ولم تستطع الدفاع عن بلادها، فخضعت وسكتت ولم يستطع أحد من العرب مجابهة هذا الجبار منذ خروجه من صنعاء إلى مكة إلَّا رجلين هما ذو نفر وهو من ملوك اليمن، كما ذكرت كتب التاريخ، ونفيل ابن حبيب الأكلبي الخثعمي، فقد حاول الدفاع عن أرض قومه، إلَّا أنه لَمْ يستطع نظرا لضخامة الجيش وكثرة عدته وعتاده، فوقع أسيرا في يد هذا الظالم، وعندما عرف أنه لا حيلة له قال لأبرهة: لا تقتلني وخذني دليلك في أرض العرب، وقد تناقلت كتب التاريخ والسير خبر هذه الحادثة، قال ابن هشام [68]. "مضى أبرهة حتى إذا كان بأرض خَثْعم عرض له نفيل بن حبيب الخثعمي في قبيلتي شهران وناهس، ومن تبعه من قبائل العرب فقاتله، فهزمه أبرهة وأخذ نفيلا أسيرًا فلما هم بقتله قال له نفيل: أيها الملك لا تقتلني فإني دليلك في أرض العرب فخلي سبيله. وخرج معه نفيل يدله، إلى أن قال: فلما تهيأ أبرهة لدخول مكة وجهوا الفيل إلى مكة فأقبل نفيل بن حبيب الخثعمي حتى قام إلى جنب الفيل ثم أخذ بأذنه فقال: ابرك محمودا أو ارجع راشدا من حيث جئت فإنك في بلد الله الحرام، ثم أرسل أذنه فبرك الفيل وخرج نفيل بن حبيب فصعد الجبل، وضربوا الفيل ليقوم فأبى فضربوا رأسه وأدخلوا محاجن لهم في مرقه ليقوم فأبى فأرسل الله عليهم طيرًا من البحر، أمثال الخطاطيف مع كل طائر منها ثلاثة أحجار أمثال الحمص لا تصيب أحدًا منهم إلَّا هلك وليس كلهم أصابت وخرجوا هاربين يبتدرون الطريق إلى اليمن، فقال نفيل حين رأي ما نزل بهم من نقمة:
أين المفر والإله الطالب … والأشرم المغلوب ليس الغالب
وقال:
ألا حييت عنا ياردينا … نعمناكم مع الإصباح عينا
ردينه لو رأيت - ولا تريه … لدى جنب المحصب ما رأينا
إذا لعذرتني وحمدت أمري … ولم تأسي على مسافات بينا
حمدت الله إذا أبصرت طيرًا … وخفت حجارة تلقي علينا
وكل القوم يسأل عن نفيل … كأن علي للحبشان دينا [69]
حرب خثعم و بجيلة
قال ابن الكلبي - في كتاب الافتراق - كما نقله عنه البكري وياقوت:
فظعنت بُجيلة وخَثْعم ابنا أنمار إلى جبال السروات، فنزلوها وانتسبوا فيهم فنزلت قسر بن عبقر بن أنمار جبال حلية وأسالم وما صاقبها من البلاد، وأهلها يومئذ حي من العاربة الأولى يقال لهم بنو ثابر فأجلوهم عنها، وحلوا مساكنهم منها، ثم قاتلوهم فغلبوهم على السراة ونفوهم عنها، ثم قاتلوا بعد ذلك خَثْعم أيضًا، فنفوهم عن بلادهم، فقال سويد بن جذعة أحد بني أفصي، وهو يذكر ثابرا وإخراجهم إياهم من مساكنهم ويفتخر بذلك وبإجلائهم خَثْعم:
ونحن أزحنا ثابرا عن بلادهم … وحلي أبحناها فنحن أسودها
إذا سنة طالت وطال طوالها … وأقحط عنها القطر وأسود عودها
وُجِدْنا سراة لا يُحَوَّل ضيفنا … إذا خُطَّة تعيا بقوم نكيدها
ونحن نفينا خثعما عن بلادها … تُقَتَّل حتى عاد مولى شريدها
فريقين: فرق باليمامة منهم … وفرق بخيف الخيل تتردى خدودها
وهذه القبيلة وأختها بُجيلة من أقدم من سكن السراة، قال العملس القحافي الشهِرّاني الخثعمي مفتخرا بذلك:
نحن الذين ورثنا الطود عن إرم … أيام أحمس وافاه بأنمار
أيام حِمْيَر تعلو نار عزتها … ما أوقد النّاس في الآفاق من نار
أيام كهلان قومي ضابطين لهم … ما ضمت الأرض من بدو وأمصار
تجبى إليهم إتاوات البلاد ولا … يعصيهم من مقيم لا ولا ساري
فتلك آثار آبائي بمأرب لا … يفوقها اليوم من رسم وآثار [70]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
مشاركة خثعم في يوم الكلاب الثاني
هذا اليوم لتميم على مَذْحِج وكان من حديثه فيما ذكره أبو عبيدة عن أبي عمرو بن العلاء وهشام بن الكلبي. قالوا: لما أوقع كِسرى ببني تميم يوم الصفا بالمشقر فقتل المقاتلة وبقيت الأموال والذراري، بلغ ذلك مذحجا، فمشى بعضهم إلى بعض وقالوا: اغتنموا بني تميم، ثم بعثوا الرسل في قبائل اليمن وأحلافها من قُضَاعة، فقالت: مَذْحِج للمأمور الحارثي، وهو كاهن: ما ترى؟ فقال لهم: لا تغزوا بني تميم، فإنهم يسيرون أغبابا، ويردون مياها جبابا، فتكون غنيمتكم ترابا، قال أبو عبيدة: فذكر أنه اجتمع من مَذْحِج ولفها اثنا عشر ألفًا، وكان رئيس مَذْحِج عبد يغوث بن صلاءة، ورئيس همدان يقال له مسرح، ورئيس كِنْدة البراء ابن قيس بن الحارث فأقبلوا إلى تميم، فبلغ ذلك سعدا والرباب، فانطلق ناس من أشرافهم إلى أكثم بن صيفي وهو قاضي العرب يومئذ فاستشاروه فقال لهم: أقلوا الخلاف على أمرائكم، واعلموا أن كثرة الصباح من الفشل، والمرء يعجز لا محالة، يا قوم تثبتوا فإن أحزم الفريقين الركين، ورب عجلة تهب ريثا، واتزروا للحرب، وادعوا الليل، فإنه أخفى للويل، ولا جماعة لمن اختلف.
فلما انصرفوا من عند أكثم بن صيفي استعدوا للحرب، وأقبل أهل اليمن من بني الحارث من أشرافهم يزيد بن عبد المدان، ويزيد بن مخرم، ويزيد بن الطيثم، ويزيد بن هوبر، حتى إذا كانوا بتيمن نزلوا قريبًا من الكلاب [71]، وقد شارك، قبائل خَثْعم في هذا اليوم مع أحلافها قبائل اليمن ضد بني تميم. قال الأصمعي - معلقا على قول ذي الرَّمة:
وهو يوم أجزاع الكلاب تنازلوا … على جمع من ساقت مراد وحِمْيَر
ما كان بها حميري واحد، إنما كانت نهد وجرم وخَثْعم وبنو الحارث وبنو الحارث بن كعب [72]، وقد انهزمت قبائل خَثْعم مع قبائل اليمن في هذا اليوم وأسر عبد يغوث الحارثي سيد بني الحارث وقتل. قال البراء بن قيس الكندي معترفا بهذه الهزيمة ومعددا القبائل اليمنية المشاركة في هذا اليوم:
قتلتنا تميم يومًا جديدا … قتل عاد وذاك يوم الكلاب
يوم جئنا يسوقنا الحين سوقا … نحو قوم كأنهم أسد غاب
سرت في الأزد والمذاحج طُرًّا … بين صل وكاشر الأنياب
وبني كِنْدة الملوك ولخم … وجذام وحِمْيَر الأرباب
ومراد وخَثْعم وزبيد … وبني الحارث الطوال الرغاب
وحشدنا الصميم نرجو نهابا … فلقينا البوار دون النهاب [73][74]
وأقول: إن هذا الاعتراف من الشاعر بهزيمة قومه وشجاعة عدوه لدليل واضح على صفاء عربيته، وشجاعة نفسه، وصدق تعامله، فلم يمنعه العداء من قول الصدق ولو كان في مصلحة أعدائه
بعض حروب خثعم وهوازن
سبب صراع قبائل هوازن معا قبائل خثعم يعود الى مجاورتهما لبعضهم بعض وتنافسهم على الارض وسيادتهم على ما يحيطهم من القبائل العربية فقد كثرت بينهم الأيام والحروب ولكن ما حفظته كتب التاريخ قليل جدًّا
أيام خثعم وبني عامر
كثرت بينهم الأيام والحروب ولم تحفظ كتب التاريخ ألا القليل منها ، ومن هذه الأيام:
- يوم بضيع
قال البكري[75]: يوم فيف الريح ويوم الأجشر ويوم بضيع مواضع متصلة، وهذا اليوم أي يوم فيف الريح جر يوم العرقوب ويوم بضيع ، وهو من ديار خَثْعم، قال أبو داود الرؤاسي:
ونحن أهل بضيع يوم واجهنا … جيش الحصين طِلَاعَ الحائف الكَزِم.
- يوم العرقوب
[76]: قال ياقوت بلفظ واحد: العراقيب وعقب موتر خلف الكعبين، والعرقوب من الوادي منحني فيه التواء شديد، ويوم العرقوب من أيام العرب. قال لَبيد بن ربيعَةَ العامري:
فصلقنا في مراد صلقة … وصداء ألحقتهم بالشلل
ليلة العرقوب حتى غامرت … جعفرا تدعي ورهط بن شكل
ومقام ضيق فرجته … بمقامي ولساني وجدل
لو يقوم الفيل أو فياله … زل عن مثل مقامي ورحل
وقال معاوية المرادي:
لقد علم الحيان كعب وعامر … وحيا كلاب جعفر وعبيدها
بانا لدى العرقوب لَمْ نسأم الوغى … وقد قلعت تحت السروج لبودها
تركنا لدى العرقوب، والخيل عكف … أساود قتلى لَمْ توسد خدودها
ورحنا وفينا ابنا طفيل بغلة … بماقرّ حي عاد فلّا شريدها
كذاك تأسينا وصبر نفوسنا … ونحن إذا كنا بأرض نسودها
وقال البكري[77]: في كلامه على يوم فيف الريح هذا اليوم جر يوم العرقوب وهو من ديار خَثْعم، أغارت فيه بنو كلاب من بني عامر عليهم فقتلوا يومئذ أشراف خَثْعم، قال لَبيد:
ليلة العرقوب حتى غامرت … جعفرا تدعي ورهط بن شكل
وأقول: العرقوب جبل كبير يقع بين بيشة وسبت العلاية ولا زال يحمل اسمه إلى اليوم.
- يوم فيف الريح
[78]: هذا اليوم حدث بين خَثْعم وأحلافها وبني عامر، فقد كانت بنو عامر تطلب بني الحارث بن كعب بأوتار كثيرة، فجمع لهم الحصين بن يزيد الحارثي، وأقبل في بني الحارث وجعفي وزبيد، وقبائل سعد العشيرة، ومراد وصداء ونهد، واستعانوا بقبائل خَثْعم فخرج شهِرّان وناهس وأكلب عليهم أنس بن مدرك الخثعمي وجعلوه قائد لهم وأقبلوا يريدون بني عامر وهم منتجعون مكانا يقال له: "فيف الريح" ومع مَذْحِج النساء والذراري حتى لا يفروا: إما ظفروا وإما ماتوا جميعًا. فاجتمعت بنو عامر كلها إلى عامر بن الطفيل فقال لهم عامر - حين بلغه مجيء القوم: أغيروا بنا عليهم، فإنا نرجو أن نأخذ غنائمهم ونسبي نساءهم ولا تدعوهم يدخلون عليكم داركم وقد انتصرت خثعم ومن معها على بني عامر ومن معهم
ويقول عامر بن الطفيل
لعمري، وما عمري عليّ بهين … لقد شان حر الوجه طعنة مسهر
فبئس الفتى إن كنت أعورا عاقرا … جبانا وما أغني لدى كل محْضر
وقد علموا أني أكسر عليهم … عشية فيف الريح كرَّ المدور
فلو كان جمع مثلنا لَمْ نبالهم … ولكن أتتنا أسرة ذات مفخر
فجاءوا بشهِرّان (٢) العريضة كلها … وأكلب طرَّا في لباس السَّنور (٣)
- يوم القرن
قال البكري: "القرن جبل معروف كانت فيه وقعة لغَطَفان علي بني كِنَانة فهو يوم القرن" [79].
وقال ياقوت [80]: "جبل معروف كان به يوم بني قرن علي بني عامر بن صعصعة لغَطَفان".
وقال القلقشندي [81]: ويوم القرين بين خَثْعم وكنانة". وأراه تصحيف القرن.
وقال عمر رضا كحالة: "يوم القرن وهو جبل" كانت به موقعة بين خَثْعم وبني عامر، فكانت الغَلَبةُ لبني عامر" [82].
وأقول: القرن جبل أسود اللون - منبسط القمة يقع في وسط بلاد أكلب في أسفل قرى شديق يبعد عن مدينة بيشة باتجاه المغرب ٣٠ ميلًا يمر خط الأسفلت بحافته الجنوبية، وقد ذكره ابن الدمينة، وذكر هذا اليوم في معرض الافتخار بأيام قبيلته فقال:
ويوم القرن نصت ألف قيس … ثلاثونا فأجلوا نادمينا
وَعَدَّ النّاسُ قتلاهم وكانوا … على ما عُدَّ مِنَّا مضعفينا
ومنهم خالد طاحت يداه … وهامة جابرَ لما انتضينا[83]
وبهذا نؤيد القائلين بأنه بين خَثْعم وبني عامر.
- يوم الفرز
وكان بين خَثْعم وبني كلاب وهم أحد البطون العامرية، وسببه أن خَثْعم قتلت الصميل أخا ذي الجوشن الكلابي يوم فيف الريح، فقد طعنه عمرو بن صبيح النهدي وهو يجود بنفسه، حتى ألقاه فرسه إلى جانب الوادي فمر به رجل من خَثْعم فأجهز عليه وأخذ درعه وفرسه فغزا ذو الجوشن خثعما وسانده عُيينة بن حصن الفزاري على أنَّ لذي الجوشن الدماء، ولعينة الغنائم، فغزوا خَثْعم جميعًا فلقوها بالفرز - وهو جبل - فاقتتلا وأثخنا وغنما، وأن حمران توقل في الجبل فجعلوا يأمرونه أن يستأسر، فأنشأ يقول وهو يقاتل:
أقسمت لا أقتل إلَّا حرا … إني رأيت الموت شيئا مرا
أكره أن أخدع أوأغرا
فقتل، فقالت أخته ترثيه:
ويل حمران أخا مضنه … أوفى على الخير ولم يمنه
والطاعن النَّجلاء مرثعنِه … عاندِها مِثلُ وكيف الشَّنَّه [84]
وكان هناك أيام كثيرة بين خَثْعم وبني عامر بحكم تجاوزهم في المنازل والديار إلَّا أن كتب التاريخ لَمْ تفصل القول فيها ومن هذه الأيام، ما ذكره عامر ابن الطفيل في معرض الافتخار ومن ذلك قوله:
ونحن صبحنا حي أسماء غارة … ابالت حبالي الحي من وقعها دما
وبالنقع من وادي أبيدة جاهرت … أنيسا وقد أردين سادة خثعما
قال الشارح: أبيدة أرض خَثْعم ويريد أنس بن مدرك الخثعمي [85]، وهذا يعني أنهم قاتلوا قبائل خَثْعم وانتصروا عليهم.
وقوله:
يا لهفي على ماضل سعيي … وسيري في الهواجر ما أقيل
فإن الحي خَثْعم أحرزتهم … رماحهم وتنذرهم سلول
بمخرجنا فلا يخفى عليهم … ويأتيهم بعورتنا الدليل
ولو أني أطعت لكان مني … لمدرك أكلب يوم طويل[86]
فهو يتلهف لأنَّ قومه لَمْ يطيعوه فلم يكن النصر حليفه ومدرك أكلب الوارد في النص هو أبو أنس بن مدرك الأكلبي فارس خَثْعم وسيدها في الجاهلية والإسلام، ومضمون القصيدة يوحي بأن عامر بن الطفيل أغار بقومه على قبائل خَثْعم فهزمتهم فأخذ يلوم قومه.
ويقول أيضًا:
وبالكور إذ ثابت حلائب جعفر … إليكم وجاءت خَثْعم للتحاشد
لينتزعوا علقاتنا ثم يرتعوا … فاردت قناني منهم كل ماجد
فهو يذكر ما دار بينه وبين القوم ويعدد أفعاله وبلاءه في الحروب ردا على من ينكرون فضله ولم ينزلوه منزلته.
من أيام خثعم وثَقِيف
وثقيف قبيلة تسكن الطائف وقد حدث بينها وبين قبائل خَثْعم بعض الأيام والغزوات، إلَّا أن مصادر التاريخ لَمْ تحفظ لنا سوى أخبار هذه الغزوة، والباحث يستنتج من هذه الغزوة أمرين:
أولهما: أن هناك أيامًا آخر بين القبيلتين لكنها ضاعت مع ما ضاع من أخبار العرب فمن البدهي أن هناك أحداثا وأياما وقعت قبل هذه الغزوة مما جعل خَثْعم تحشد أحلافها وتقصد هذه القبيلة في بلادها.
وثانيهما: قوة قبائل خَثْعم واتساع نفوذها في ذلك الوقت مما جعلها تغزو قبيلة بعيدة عن بلادها.
قال صاحب الأغاني[87] "جمعت خَثْعم جموعا من اليمن وغزت ثقيفًا بالطائف فخرج إليهم غيلان بن سَلَمَة في ثَقِيف فقاتلهم قتالا شديدًا فهزمهم وقتل منهم مقتلة عظيمة وأسر عدة منهم وقال في ذلك:
ألا يا أخت خَثْعم خبرينا … بأي بلاء قوم تفخرينا
جلبنا الخيل من أكناف وج … ولبت نحوكم بالدار عينا"
بعض أيام خَثْعم وبنو سُلَيْم
لقد خاضت خَثْعم حروبًا مع قبيلة بني سُلَيْم، ولكن مصادر التاريخ التي تحت يدي لَمْ تفصل هذه الحروب والأيام ولكن كما يقال "الشعر سجل العرب" فقد وردت بعض النصوص الشعرية التي تذكر بعض هذه الأيام دون تفصيل وتوضيح، ومن ذلك ما أورد عباس بن مِرْدَاس السُّلَمي - وهو من فرسان سُلَيْم وشجعانها المشهورين - مفتخرا به أمام خفاف بن عمير السُّلَمي:
إني رأيت خفافا ليس يهنئه … شيء سوى شتم عباس بن مِرْدَاس
مهلا خفاف فإن الحق معضبة … والحمق ليس له في النّاس من آسي
سائل سُلَيْما إذا ما غارت لحقت … منها فوارس حشد غير أنكاس
من خَثْعم وزبيد أو بني قطن … أو رهط فروة دهرا أوشحا النّاس
ينبو من الفارس الحامي حقيقته … إذا أتوك بحسام غير عباس[88]
ومن قوله:
أبلغ قحافة عنا في ديارهم … والحرب تكشر من ناب وأضراس
إنا قتلنا بترج من سراتهم … سبعين مقتتلا صرعى بعباس [89]
وسبب هذه الأبيات أن ريطة بنت عباس الأصم قد رثت أباها وكانت خَثْعم قد قتلته فأدرك بثأره عباس بن مِرْدَاس وقال هذه الأبيات مخاطبًا قحافة وهم بطن من شهِرّان.
يوم الكوم
هذا اليوم كان الباهلة على بلحارث ومراد وخَثْعم، وقد افتخر به جزء بن رباح الباهلي فقال:
ألا زعمت عِلاقةُ أَنَّ سيفي … يُفِلَّلُ غربة الرأس الحليق
فلو شهدت غداة الكوم قالت … هو العضب المهذرمة العتيق
يسوقهم أبو طلق إلينا … وما يدري وربك ما يسوق
قال الشارح: الكوم: يوم كان لباهلة على بلحارث ومراد وخَثْعم، وأبو طلق صاحب جيش بلحارث يوم الكوم [90]. ويجزم الجاسر أن الغلب في هذا اليوم كان لباهلة معتمدًا على سياق النص [91]. ويبدو لي أن هناك أيامًا كثيرة حدثت بين باهلة وهذه القبائل غير هذا اليوم لكننا لَمْ نعثر على تفاصيلها، لقد أنشد الأصمعي للحارثية ترثي من قتل من قومها في يوم كان الباهلة علي بني الحارث ومراد وخَثْعم:
شقيق وحرمي أراقا دماءَنا … وفارس هداج أشاب النواصبا
أرادت بشقيق وحرمي شقيق بن جزء بن رباح الباهلي وحرمي بن ضمرة النهشلي [92].
يوم القرين
بين خَثْعم وكنانة
حروب وايام خثعم معا القبائل القحطانية
بعض ايام خَثْعم وزبيد
قبيلة زبيد من أحلاف خَثْعم ولكن طبيعة الجاهلية وظروفها تفرض على الجاهلي النهب والاعتداء حتى على أخيه على قول الشاعر:
وأحيانا على بكر أخينا … إذا ما لم نجد إلَّا أخانا
ولكن سرعان ما تنقلب الموازين وتتغير المواقف عندما يكون الاعتداء من خارج حدود القبيلة الواحدة أو الحلف المتفق عليه. ومن الأيام التي حدثت بين قبيلة زبيد وقبيلة خَثْعم فيما بينهم ما ذكره الأصفهاني فقال [93]: "روي علي بن محمد المدائني عن زيد بن قحيف الكلابي قال: سمعت أشياخنا يزعمون أن عمرو ابن مَعْد يكرب، كان يقال له "مائق بني زبيد" فبلغهم أن خثعما تريدهم، فتأهبوا لهم، وجمع مَعْد يكرب بني زبيد، فدخل عمرو على اخته فقال: أشبعيني إني غدا لكتيبة، قال: فجاء مَعْد يكرب فأخبرته ابنته فقال: هذا المائق يقول ذاك؟ قالت: نعم: فسليه ما يشبعه. فسألته فقال: فرق من ذرة وعنز رباعية، قال: وكان الفرق يومئذ ثلاثة أصوع فصنع له ذلك، وذبح العنز وهيأ له الطعام. قال: فجلس عليه فسلته جميعًا وأتتهم خَثْعم في الصباح فلقوهم، وجاء عمرو فرمي بنفسه، ثم رفع رأسه فإذا لواء أبيه قائم، فوضع رأسه فإذا لواء أبيه قد زال، فقام كأنه سرحة محترقة، فتلقى أباه وقد انهزموا فقال: أنزل عنها [94] فاليوم ظلم [95] فقال له: إليك يا مائق؟ فقال له بنو زبيد: خله أيها الرجل وما يريد، فإن قتل كفيت مؤنته، وإن ظهر فهو لك. فألقى إليه سلاحه فركب، ثم رمى خثعما بنفسه حتى خرج من بين أظهرهم، ثم كر عليهم وفعل ذلك مرارًا وحملت عليهم بنو زبيد فانهزمت خَثْعم وقهروا، فقيل له يومئذ فارس زبيد"
بعض من أيام خثعم وأهل اليمن
يوم القاع
القاع سهل منبسط في شفان، وشفان أرض تقع بين بيشة وأبها، وقد وقع فيه هذا اليوم بين قبائل خَثْعم وبكيل وحاشد، ولم نجد من المصادر ما يفصل أخبار هذا اليوم وأسبابه ودوافعه، ولا لمن كان الغلب فيه، إلَّا أنه ورد في شعر ابن الدمينة مفتخرا به فقال:
ويوم القاع من شفان جاءت … بكيل وحاشد متألبينا
وجئنا في مقدمة طحون … لها زجل تصم السامعينا
كأن هرير حملتنا عليهم … هرير النار أشعلت العرينا
تطايح هامهم بالبيض شتى … ونتبعهُنَّ حتى ينثنينا
بأسياف سقتها الجن مَلْسا … بأيديها وأخلصتِ المتونا [96]
كما ذكره مالك بن حريم الهمداني فقال:
وخَثْعم أرويت القنا من دمائها … بشفان حتى سال كل مسيل
وليست هذه هي كل الأيام التي خاضتها قبائل بني خَثْعم عبر العصور التاريخية السابقة، بل إن هناك الكثير، والكثير من هذه الأيام ضاع سدي، ولم تمتد لها يد القدر بالحفظ والتدوين، بل ضاعت مع ما ضاع من تراثنا العربي الضخم، وأصبحت في ذاكرة النسيان، ومن هذه الأيام ما ذكره ابن الدمينة في جانب الفخر بقومه وعشيرته فقال في قصيدة طويلة بلغت ٨٢ بيتًا منها [97]:
ألا يا أيها المعتد فخرا … هلم ألا أُخبّرُك اليقينا
فإنك إنْ فخرت ولم تصدق … حديثك آية للسائلينا
وإنك إن فخرت بغير شيء … ترد به حديث المبطلينا
فإن لخثعم آيات نعمي … أمارات الهدى نورا مبينا
ومن آيات ربك أن ترانا … بمسكنة القبائل مارضينا
ونك إن ترى منا فقيرا … يُضيفُ غَنِيَّ قوم آخرينا
وإنَّ الجار ينبت في ثرانا … ونَعجل بالقرى للنازلينا
وإنا لن نصاحب ركب قوم … ولا أصحاب سجن ماحيينا
فيختلطوا بنا إلَّا افترقنا … عليهم بالسماحة مفضلينا
وقال أيضًا في الفخر بقبيلته:
وخَثْعم قومي مامن النّاس معشر … أعم ندى منهم وأنجى لخائف
وأفدى لمغلول وأوفى بذمة … وأوقي لضيم عن نقيل محالف
وأجبر للمولى إذا رق عظمه … وأسرع غوثا يوم هيجا لهاتف
إذا حاربوا شدوا على ثروة العدى … جهارا ولم يغزوا فرود الخوالف
فإن يسألوا المعروف لا يبخلوا به … ولم يدفعوا طُلابه بالحسائف[98]
وخَثْعم قبيلة عريقة النسب، قوية الجانب، أنصفها أعداؤها ومجاوروها، وعرفوا قدرها ومنزلتها، ومن ذلك قول عبد الله بن همام السلولي يمدح بعض أصحابه:
كأنهم في العز قيس وخَثْعم … وهل أنتم إلَّا لئام عوارك[99]
وقال رجل من ثمالة يهجو دريد بن الصِّمَّة بعد أن أبطأ في رد إبله وكانت خَثْعم قد أخذتها [100]:
كساك دُريد الدهر ثوب خزاية … وجدّعك الحامي حقيقته أنس
دع الخيل والسُّمر الطَّوال لخثعم … فما أنت والرمح الطويل وما الفُرس
وما أنت والغزو المُتابع للعدا … وهمُّك سوق العود والدلو والمرس
أخبار خَثْعم مع صعاليك العرب
الصعاليك هم فئة من النّاس خرجوا على العادات والتقاليد المألوفة في المجتمع الجاهلي مما جعل المجتمع الجاهلي ينبذهم ويطردهم، وقد أجبرهم على ذلك بعض الظروف الاقتصادية والاجتماعية والنفسية ولهم مع خَثْعم مواقف كثيرة حفظت لنا كتب التراث بعضها، ومن أشهرهم السليك بن سلكة وكان فارسًا شجاعًا وشاعرًا مجيدًا فغير عجيب أن يعتق نفسه، ويغسل عنه صبغة العبودية وإن لزمه لقب الغراب، وابن الأمة، وابن السوداء، فهو من الفرسان الشجعان، ومن أبطال الجاهلية الأشداء يخشاه الفرسان وتخافه الأبطال، فعمرو بن معدي كرب على شجاعته، كان لا يخشى أن يغلبه أحد على ظعينته إذا سار بها في أرض العدنانية إلَّا أربعة من مُضَر منهم: العبدان عنترة والسليك، ويصفه عمرو بقوله: وأما السليك فبعيد الغارة كالليث الضاري" ويقدمه صاحب الأغاني بروايته عن المفضل فيقول: "وكان السليك من أشد رجال العرب وأنكرهم وأشعرهم"، وقد اشتهر السليك بغاراته البعيدة، منفردا أو مع أصحابه وكان لا يأتي ديار مُضَر العصبيته فيهم، وكانت اليمن والقبائل القحطانية هدفا لغزواته الكثيرة، فعانت منشره بنو شيبان وبنو ضبيعة في ديار ربيعَةَ، كما عانت من شره مراد وخَثْعم في أرض اليمن، وقد شهد له الأبطال والفرسان[101].
وقال أبو عبيدة: "خرج سليك في الشهر الحرام حتى أتي سوق عكاظ، فلما اجمتع النّاس ألقى ثيابه ثم خرج متفضلا مترجلا، فجعل يطوف النّاس ويقول: من يصف لي منازل قومه وأصف له منازل قومي فلقيه قيس بن مكشوح المرادي فقال: أنا أصف لك منازل قومي، وصف لي منازل قومك، فتوافقا وتعاهدا ألا يتكاذبا، فقال قيس بن مكشوح: خذ بين مهب الجنوب والصبا ثم سر حتى لا تدري أين ظل الشجر فإذا انقطعت المياه فسر أربعًا حتى تبدو لك رملة وقف بينها الطريق فإنك ترد على قومي مراد وخَثْعم، فقال السليك: خذ بين مطلع سهيل ويد الجوزاء اليسراء العاقد لها أفق السماء، فثم منازل قومي بني سعد ابن زيد مناة، ثم خرج السليك ببعض قومه يريد جهة اليمن ومعه رجل يقال له صرد فلما دنوا من بلاد خَثْعم ضلت ناقة صرد في جوف الليل، فخرج في طلبها فأصابه أناس حين أصبح فإذا هم مراد وخَثْعم فأسروه ولحقه السليك فاقتتلوا قتالا شديدًا، وكان أول من لقيه قيس بن مكشوح المرادي فأسره السليك بعد أن ضربه ضربة أشرفت على نفسه وأصاب من نعمهم هو وأصحابه" [102]، وقد كانت نهاية هذا الصعلوك الشجاع على يد خَثْعم، فقد قتله سيدها وفارسها أنس بن مدرك الأكلبي وفي سبب قتله روايتان الأولى عن السكري والثانية عن أبي عبيدة. قال السكري في خبر مقتله: "إنه لقي رجلًا من خَثْعم في أرض يقال لها: فخة بين أرض عثيل وسعد تميم، وكان يقال للرجل مالك بن عمير بن ذراع فأخذه ومعه امرأة من خفاجة يقال لها النوار فقال له الخثعمي: أنا أفدي نفسي منك فقال له السليك: ذلك لك على ألا تخيس بي، ولا تطلع على أحدًا من خَثْعم، فحالفه على ذلك ورجع إلى قومه وخلفه امرأته رهينة معه وبلغ ذلك شبل بن قلادة بن عمرو بن سعد وأنس بن مدرك الخثعميين فخالفا إلى السليك فلم يشعر إلَّا وقد طرقاه في الخيل فأنشأ يقول:
من مبلغ جذمي بأني مقتول … يا رب نهب قد حويت عثكول
ورب قرن قد تركت مجدول
قال أنس للشبل: إن شئت كفيتك القوم واكفني الرجل وإن شئت اكفني القوم وأكفك الرجل. قال: بل أكفيك القوم فشد أنس على السليك فقتله، وقتل شبل أصحابه[103]
.
وقال أبو عبيدة: "حدثني المنتجع بن نبهان قال: كان السليك يعطي عبد الملك بن مويلك الخثعمي إتاوة من غنائمه على أنَّ يجيره فيتجاوز بلاد خَثْعم إلى من وراءهم من أهل اليمن فيغير عليهم، فمر قافلا من غزوة فإذا بيت من خَثْعم أهله خلوف وفيه امرأة شابة فسألها عن الحي فأخبرته فتسنمها؛ أي علاها ثم جلس حجرة، ثم التقم الحجة فبادرت إلى الماء فأخبرت القوم فركب أنس بن مدرك الخثعمي في طلبه ولحقه وقتله فقال عبد الملك: والله لأقتلن قاتله أو ليدينه فقال أنس: والله لا أديه ولا كرامة ولو طلب في ديته عقالا لما أعطيته وقال في ذلك:
إني وقتلي سليكا ثم أعقله … كالثور يُضرب لما عاقت البقر
غضبت للمرء إذ غُشَيتْ حليلته … وإذ يشد على وجعائها الثفر
إني لتارك هامات بمجزرة … لا يزدهيني سواد الليل والقمر
أغشي الحروب وسربالي مضاعفة … تغشى البنان وسيفي صارم ذكر [104]
وهذه الرواية أقرب إلى الحقيقة من الأولى.
[أخبارهم مع صعاليك فهم]
ومن أخبار خَثْعم مع صعاليك فهم الشيء الكثير، قال صاحب الأغاني [105]: فلما انقضت الأشهر الحرم خرج تأبط والمسيب بن كلاب في ستة نفر يريدون الغارة على بجيلة، والأخذ بثأر صاحبيهم عمرو بن كلاب وسعد بن الأشرس،فخرج تأبط شرا والمسيب بن كلاب وعامر بن الأخنس وعمرو بن براق ومرة بن خليف والشنفري بن مالك، والسمع وكعب حدار ابنا جابر أخو تأبط، فساروا حتى غاروا على العوص، فقتلوا منهم ثلاثة نفر: فارسين وراجلا، واطردوا لهم إيلا وأخذوا منهم امرأتين فمضوا بما غنموا، حتى إذا كانوا على يوم وليلة من قومهم عرضت لهم خَثْعم في نحو من أربعين، فيهم أبي بن جابر الخثعمي، وهو رئيس القوم فقال تأبط: يا قوم لا تسلموا لهم ما في أيديكم حتى تبلوا عذرا، وقال لعامر بن الأخنس: عليكم بصدق الضراب وقد أدركتم بثأركم، وقال المسيب: "اصدقوا القوم الحملة، وإياكم والفشل، وقال عمرو بن براق: ابذلوا مهجكم ساعة، فإن النصر عند الصبر، وقال الشنفري:
نحن الصعاليك الحماة البزل … إذا لقينا لا نرى نهلل
وقال مُرّة بن خليف:
يا ثابت الخير ويابن الأخنس … ويابن براق الكريم الأشوس
والشنفرى عند حدود الأنفس … أنا ابن حامي السرب في المغمس
نحن مساعير الحروب الضرس
وقال كعب حذار أخو تأبط:
يا قوم أما إذا لقيتم فاصبروا … ولا تخيموا جزعا فتدبروا
وقال السمع أخو تأبط:
يا قوم كونوا عندها أحرارا … ولا تسلموا العون والبكارا
والقناعيس ولا العشار … الخثعم وفد دعوا غرارا
ساقوهم الموت معا أحرارا … وافتخروا الدهر بها افتخارا
فلما سمع تأبط مقالتهم، قال: بأبي أنتم وأمي، نعم الحماة إذا جد الجد، أما إذا أجمع رأيكم على قتال القوم فاحملوا ولا تتفرقوا، فإن القوم أكثر منكم، فحملوا فقتلوا منهم، ثم كروا الثانية فقتلوا، ثم كروا الثالثة فقتلوا فانهزمت خَثْعم
وتفرقت في رؤوس الجبال، ومضي تأبط وأصحابه بما غنموا وأسلاب من قتلوا، فقال تأبط في ذلك:
جزى الله فتيانا على العوص أشرقت … سيوفهم تحت العجاجة بالدم
وقد لاح ضوء الفجر عرضا كأنه … بلمحته إقراب أبلق أدهم
فإن شفاء الداء إدراك ذحلة … صباحًا على اثار حوم عرمرم
وضأربتم بالسفح إذ عارضتهم … قبائل من أبناء قسر وخَثْعم
ضرابا عدا منه ابن حاجز هاربا … ذُرا الصخر في جوف الوجين المديم [106]
ولم يكتف تأبط شرا وأصحابه الصعاليك بهذه الغارة بل عاودوها مُرّة أخرى. قال صاحب الأغاني: "وذكروا أن تأبط شرا أغار على خَثْعم فقال كاهن لهم أروني أثره حتى آخذه لكم فلا يبرح حتى تأخذوه، فكفئوا على أثره جفنة، ثم أرسلوا إلى الكاهن فلما رأى أثره قال: هذا ما لا يجوز في حاحبه الأخذ" [107] فقال تأبط شرا:
ألا أبلغ بني فهم بن عمرو … على طول التنائي والمقالة
مقال الكاهن الجاميّ لما … رأى أثري وقد أنهبت ماله
رأي قدَميّ وقعهما حثيث … كتحليل الظليم دعا رئالة
أرى بهما عذابًا كل عام … الخثعم أو بجيلة أو ثمالة
وشر كان صب على هُذيل … إذا علقت حبالهم حباله
ويم الأزد منهم شر يوم … إذا بعدوا فقد صدقت قاله[108]
وأغار تأبط شرا وحده على خَثْعم، فبينما هو يطوف إذا مر بغلام يتصيد الأرانب، معه قوسه ونبله، فلما رآه تأبط شرا أهوى ليأخذه، فرماه الغلام فأصاب يده اليسري، وضربه تأبط شرا فقتله، فقال أحد قوم المقتول:
وكادت وبيت الله أطناب ثابت … تقوض عن ليلى وتبكي النوائح
تمني فتي مِنَّا يلاقي ولم يكد … غلام نمته المحصنات الصرائح
غلام نمي فوق الخماسي قدره … ودون الذي قد ترتجيه النواكح
فإن تك نالته خطاطيف كفه … بأبيض قصال نمي وهو فادح
فقد شد في إحدى يديه كنانه … يداوي لها في أسود القلب قادح [109]
[أخبارهم مع حاجز بن عوف الأزدي]
هو حاجز بن عوف بن الحارث بن الأختم شاعر جاهلي، ليس من مشهوري الشعراء، وهوأحد الصعاليك المغيرين على قبائل العرب وممن يعدو على رجليه عدوا يسبق به الخيل، سأله والده أن يخبره باشد عدوه فقال: "أفزعني خَثْعم فنزوت نزوات" ثم استفزتني الخيل واصطف لي ظبيان فجعلت أنهنههما بيدي عن الطريق لضيقه ومنعاني أن أتجاوزهما في العدو لضيق الطريق حتى اتسع واتسعت بنا فسبقتهما فقال له: فهل جارك أحد في العدو قال: ما رأيت أحدًا جاراني إلَّا أطيلس أغيبر من البقوم فإنا عدونا معا فلم أقدر على سبقه [110].
وكان هذا الرجل كثير الغارات على خَثْعم، وله معهم أخبار كثيرة فقد كان يجمع عليهم القبائل فيغزوهم. قال أبو عمرو [111]: جمع حاجز ناسًا من فهم وعدوان فدلهم على خَثْعم فأصابوا منهم غرة وغنموا ما شاءوا فبلغ حاجزا أنهم يتوعدونه ويرصدونه فقال:
إني من أرعاكم وبروقكم … وإيعادكم بالقتل صم مسامعي
وإني دليل غير مخف دلالتي … على ألف بيت جدهم غير خاشع
ترى البيض يركضن المجاسد بالضحى … كذا كل مشبوح الذراعين نازع
على أي شيء لا أبا لأبيكم … تشيرون نحوي نحوكم بالأصابع
أورد صاحب الأغاني قال أبو عمرو: أغارت خَثْعم علي بني سلامان وفيهم عمرو بن مَعْد يكرب وقد استنجدت به خَثْعم علي بني سلامان فالتقوا فطعن عمرو بن مَعْد يكرب حاجزا فأنفذ فخذه فصاح حاجز يا آل الأزد فندم عمرو وقال: خرجت غازيا ففجعت اهلي وانصرف فقال غزيل الخثعمي يذكر طعنة عمرو حاجزا فقال:
أعجز حاجز منا وفيه … مشلشلة كحاشية الإِزار
فعز علي ما أعجزت مني … وقد أقسمت لا يضر بك ضار
فأجابه حاجز فقال:
إن تذكروا يوم القري فإنه … بواءُ بأيام كثير عديدها
فنحن أبحنا بالشخيصة واهنا … جهارا فجئنا بالنساء نقودها [112]
قال أبو عمرو: "بينما حاجز في بعض غزواته إذ أحاطت به خَثْعم وكان معه بشير ابن أخيه فقال له يا بشير ما تشير، قال دعهم حتى يشربوا ويقفلوا ويمضوا ونمضي معهم فيظنونا بعضهم ففعلا، وكانت في ساق حاجز شامة فنظرت إليها امرأة من خَثْعم فصاحت يا آل خَثْعم هذا حاجز فطاروا يتبعونه فقالت لهم عجوز منهم كانت ساحرَّة أكفيكم سلاحه أو عدوه فقالوا: لا نريد أن تكفينا عدوه فإن معنا عوفا وهو بعدو مثله ولكن اكفينا سلاحه فسحرت لهم سلاحه وتبعه عوف بن الأغر بن همام بن الأسر بن عبد الحارث بن واهب بن مالك بن صعب ابن الفزع الخثعمي حتى قاربه فصاحت به خَثْعم يا عوف أرم حاجزا فلم يقدر عليه، وجبن فغضبوا وصاحوا يا حاجز لك الذمام فاقتل عوفا فإنه قد فضحنا فنزع في قوسه ليرميه فانقطع وتره؛ لأنَّ المرأة كانت قد سحرت سلاحه فأخذ قوس بشير ابن أخيه فنزع فيها فانكسرت وهربا من القوم ففاتاهم ووجد حاجز بعيرًا في طريقه فركبه فلم يسر في الطريق الذي يريده ونحا به نحو خَثْعم فنزل حاجز عنه وقال في ذلك شعرًا" [113]. وقد كان هذا الصعلوك مع غاراته وشجاعته كثير الفرار عندما يحس بخطورة الموقف، فقد لقي عامرا فهرب منهم، وفر من خَثْعم وتبعه الموقع الخثعمي الأكلبي ففاته حاجز وقال في ذلك:
وكأنما تبع الفوارس أرنبا … أو ظبي رابية خفافا أشعبا
وكأنما طردوا بذي نمراته … صدغا من الأروى أُحسَّ مكلبا
اعجزت منهم والأكف تنالني … ومضت حياضهم وآبوا خُيَّبا
أدعو شنوءة غثها وسمينها … ودعا المرقع يوم ذلك أكلبا (١)
أيام بني خثعم ووقائعها في العهد الإسلامي
كانت قبائل خَثْعم كغيرها من القبائل العربية بعيدة عن عبادة الخالق - سبحانه وتعالى - تعبد الأصنام، وكان لها صنم خاص في بلادها يطلق عليه صنم ذي الخلصة، وهو أشهر الأصنام عند القبائل اليمنية بما جعله يطلق عليه الكعبة اليمانية، وكانت هذه القبائل تقوم برعايته والحفاظ عليه، وتدفع الغالي والنفيس عند المساس بحرمته، مما جعلها تضحي بمائتين من أبنائها عندما أتى إليه جرير البجلي. قال أبو المنذر[114]: "ومن أصنام العرب ذو الخلصة وكانت مروة بيضاء منقوشة عليها كهيئة التاج، وكانت بتبالة بين مكة واليمن وكانت تعظمها وتهدي لها خَثْعم وبجيلة وأزد السراة ومن قاربهم من بطون العرب ومن هَوَازِن".
وظلت هذه القبيلة كغيرها من القبائل العربية على عبادة صنمها حتى أشرقت شمس الإسلام وبدأ كوكب الوثنية يتضعضع، وأخذ الإسلام في الانتشار في المدينة ومكة، وعلى الرغم من انشغال الرسول الكريم بأمور الدعوة وفتح مكة وتوافد الوفود عليه تعلن إسلامها لَمْ يغفل عن أمر الكعبة اليمانية وخطر هذا الصنم على قبائل اليمن وعلى الإسلام، فلما قدم عليه جرير بن عبد الله البجلي يوم فتح مكة مسلمًا قال: يا جرير ألا تكفيني ذا الخلصة؟ فقال: بلِّي، فوجهه إليه فخرج حتى أتى بني أحمس من بُجيلة فسار بهم إليه فقاتلته خَثْعم وقتل مائتين من بني قحافة بن عامر بن خَثْعم وظفر بهم وهزمهم وهدم بنيان ذي الخلصة وأضرم فيه النار فاحترق، فقالت امرأة من خَثْعم:
وبنو أمامة بالولية صرعوا … شملا يعالج كلهم أُنبوبا
جاؤوا لبيضتهم فلاقوا دونها … أسدا يقب لدى السيوف قبيا
قسم المذلة بين نسوة خَثْعم … فتيان أحمس قسمة تشعيبا[115]
وورد في كتاب المغازي عن جرير أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "ألا تريحني من ذي الخلصة وكان بيتًا في خَثْعم يسمى الكعبة اليمانية، فانطلق في خمسين ومائة فارس من أحمس وكانوا أصحاب خيل، وكنت لا أثبت على الخيل فضرب صدري حتى رأيت أثر أصابعه في صدري وقال: اللهم ثبته واجعله هاديا مهديا، فانطلق إليها فكسرها وحرقها ثم بعث إلى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: والذي بعثك بالحق ما جئتك حتى تركتها كأنها جمل أجرب، فقال: فبارك في خيل أحمس ورجالها خمس مرات" [116]، وأورد الواقدي ما نصه [117]: "أن النَّبِيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بعث قطبة ابن عامر بن حديدة في عشرين رجلًا إلى حي من خَثْعم بناحية تبالة، وأمره أن يشن الغارة عليهم، وأن يسير الليل ويكمن النهار، وأمره أن يفذ السير فخرجوا على عشرة أبعرة يعتقبونها، وقد غيبوا السلاح، فأخذوا على الفتق حتى انتهوا إلى بطن مسحب فأخذوا رجلًا فسألوه فاستعجم عليهم، فجعل يصيح بالحاضر، فقدمه قطبة فضرب عنقه، ثم قاموا حتى كان ساعة من الليل، فخرج رجل منهم فيجد حاضر نعم، فيه النعم والشاء، فرجع إلى أصحابه فأخبرهم، فأقبل القوم يدبون دبيبا يخافون الحرس، حتى انتهوا إلى الحاضر وقد ناموا وهدأوا، فكبروا وشنوا فخرج إليهم رجال الحاضر فاقتتلوا قتالا شديدًا حتى كثرت الجراح في الفريقين، وأصبحوا وجاء الخثعميون الدهم [118] فحال بينهم سيل أتي، فما قدر رجل واحد منهم يمضي حتى أتي قطبة على أهل الحاضر، فأقبل بالنعم والشاء والنساء إلى المدينة وكان في صفر سنة تسع".
ومن هذه النصوص ندرك أن قبائل خَثْعم عارضت في بداية أمرها - كغيرها من القبائل - دعوة الرسول - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وحاربت قادته الذين أرسلهم لدعوتها ودافعت عن صنمها ذي الخلصة دفاعا شديدًا أفقدها مائتي رجل من رجالها، ولكن الله - سبحانه وتعالى - أراد أن يشرفها بالإسلام وأن يحقق دعوة نبيه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لجرير بن عبد الله "بأن يجعله هاديا مهديا" فانتصر عليهم وهزمهم وهدم بنيان ذي الخلصة وأضرم فيه النار، فخابت آمال الخثعميين ومن اتبعهم من قبائل اليمن في صنمهم وزالت قدسيته من قلوبهم وعرفوا الحق المبين، واستجابوا لندائه فوفدوا ضمن وفود القبائل الأخرى يتقدمهم أنس بن مدرك الأكلبي وعثعث بن زحر معلنين إسلامهم وطاعتهم لرسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وقد أورد ابن سعد ذلك فقال: "وفد عثعث بن زحر وأنس بن مدرك من رجال خَثْعم على رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعدما هدم جرير بن عبد الله ذا الخلصة وقتل من قتل من خَثْعم فقالوا: آمنا بالله ورسوله وما جاء من عند الله فاكتب لنا كتابًا نتبع ما فيه فكتب لهم كتابًا شهد فيه جرير بن عبد الله ومن حضر"[119].
قتال خثعم مع أهل جرش
قال ابن إسحاق [120]: "وقدم على رسول الله صرد بن عبد الله الأزدي فأسلم، وحسن إسلامه في وفد من الأزد فأمَّره الرسول على من أسلم من قومه، وأمره أن يجاهد أهل الشرك من قبائل اليمن فخرج صرد بن عبد الله يسير بأمر رسول الله حتى نزل بجرش، وهي يومئذ مدينة مغلقة، وبها قبائل اليمن، وقد صوت إليهم خَثْعم فدخلوها معهم حين سمعوا بسير المسلمين إليهم فحاصروهم فيها قريبًا من شهر، وامتنعوا فيها منه ثم رجع عنهم قافلا حتى إذا كان على جبل لهم يقال له شكر، ظن أهل جرش أنه إنما ولى عنهم منهزما، فخرجوا في طلبه، حتى إذا أدركوه عطف عليهم فقاتلهم قتالا شديدًا"، فقال في تلك الغزوة رجل من الأزد [121]، وكانت خَثْعم تصيب من الأزد في الجاهلية وكانوا يعدون في الشهر الحرام:
يا غزوة ما غزونا غير خائبة … فيها البغال وفيها الخيل والحمر
حتى أتينا حِمْيرا في مصانعها … وجمع خَثْعم قد شاعت لها النذر
إذا وضعت غليلا كنت أحمله … فما أبالي أدانوا بعد أم كفروا
ارتداد خَثْعم سنة ١١ هـ، وقتالها عثمان بن أبي العاص:
فقد ذكر الطبري[122]: في خبر المرتدين من قبائل اليمن أن عثمان بن أبي العاص بعث بعثا إلى شنوءة، وقد تجمعت بها جماع من الأزد وبجيلة وخَثْعم، عليهم حميضة بن النعمان وعلى أهل الطائف عثمان بن ربيعَةَ، فالتقوا بشنوءة، فهزموا تلك الجموع وتفرقوا عن حميضة وهرب حميضة في البلاد.
وأعتقد أن ارتداد خَثْعم المذكور سنة ١١ هـ لا يشمل كل فروع هذه القبيلة بل بعض هذه الفروع.
على أنَّ الإسلام قد انتشر فيما بعد في بلادها فصدقت في إسلامها وقامت بمواقف مشرفة في نشر الإسلام أثناء الفتوحات الإسلامية في عهد الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وعهد الخلفاء الراشدين ومن بعدهم، وفي هذه الصفحات نلقي الضوء على بعض هذه المواقف، ومنها:
خثعم في يوم القادسية
حدثت القادسية في عهد الخليفة الراشد عمر بن الخطاب - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - سنة "١٤ هـ" بين جيوش المسلمين والفرس، وكان لهذه القبيلة في هذا اليوم دور بارز وبلاء حسن، فقد كان أحد رجالها أميرًا على الركبان في هذه الموقعة، وهو عبد الله بن ذي السهمين الخثعمي، كما أشاد بن ربيعَةَ الأكلبي الخثعمي بدوره فيها، فقال مخاطبا سعد بن أبي وقاص[123]:
أنخت بباب القادسية ناقتي … وسعد بن وقاص عليّ أمير
وسعد أمير شره دون خبره … وخير أمير بالعراق جرير
تذكر هداك الله وقع سيوفنا … بباب قُدَيس والمَكَرُّ عسير
عشية ود القوم لو أن بعضهم … يعار جناحي طائر فيطير
إذا ما فرغنا من قراع كتيبة … دلفنا لأخرى كالجبال تسير
ترى القوم فيها واجمين كأنهم … جمال بأحمال لهن زفير
فضاربتهم حتى تفرق جمعهم … وطاعنت إني بالطعان مهير
وعمروأبو ثور شهيد وهاشم … وقيس ونعمان الفني وجرير
قتالهم مع علي بن أبي طالب في موقعة الجمل
بعد استشهاد عثمان بن عفان - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - حدثت موقعة الجمل بين علي بن أبي طالب والزبير بن العوام وعائشة بنت أبي بكر زوج النَّبِيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وقد شاركت هذه القبيلة ضمن أخواتها في مناصرت علي بن أبي طالب - قال الطبري [124]: "خرج إلى علي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - اثنا عشر ألف رجل منهم بُجيلة وأنمار وخَثْعم والأزد عليهم مخنف بن سُلَيْم الأزدي". وكانت راية خَثْعم ذلك اليوم مع ربيعة بن شداد الخثعمي.
أنقسام خثعم سنة "٣٧ هـ" إلى فرقتين
انقسمت خَثْعم في عهد خلافة علي بن أبي طالبفي السنة السابعة والثلاثين للهجرة النبوية فرقتين في معركة صفين فرقة حاربت مع علي، وفرقة حاربت مع معاوية بن أبي سفيان، قال الطبري (١): "خرج معاوية بأهل الشام فأخذ علي يقول: من هذه القبيلة؟، فنسب له قبائل أهل الشام حتى عرفهم ورأى مراكزهم، فقال للأزد: اكفوني الأزد، وقال لخثعم: اكفوني خَثْعم، وأمر كل قبيلة من أهل العراق أن تكفيه أختها من أهل الشام".
فتال خثعم مع علي في يوم النهروان
حدث هذا اليوم بين علي بن أبي طالب والخوارج سنة "٣٧ هـ" قال الطبري: "لما خرجت الخوارج من الكوفة أتى عليًّا أصحابه وشيعته فبايعوه وقالوا: نحن أولياء من واليت وأعداء من عاديت فشرط لهم في سنة رسول الله فجاء ربيعَةَ بن أبي شداد الخثعمي - وكان معه يوم الجمل وصفين ومعه راية خَثْعم - فقال له: بايع على كتاب الله وسنة رسوله فقال ربيعَةَ: وعلى سنة أبي بكر وعمر فقال له علي: ويلك لو أن أبا بكر وعمر بن الخطاب عملا بغير كتاب الله وسنة رسوله لَمْ يكونا على شيء من الحق، فبايعه، فنظر إليه علي وقال: أما والله لكأني بك، وقد نفرت مع هذه الخوارج فقتلت وكأني بك وقد وطئتك الخيل بحوافرها، فقتل يوم النهروان مع خوارج البصرة" [125].
قتال خثعم مع المختار الثقفي وعبيد الله بن زياد سنة ٦٦ هـ
كانت قبيلة خَثْعم أيام الفتوحات الإسلامية قد تفرقت في البلدان ورحل بعضها إلى بلاد الشام والعراق وكان لكل قسم منها دور بارز أثناء الحركات السياسية بين القطرين. ومن ذلك قتال المختار ضد عبيد الله بن زياد، فقد شاركت هذه القبيلة بقسميها وحاربت بعضها البعض أثناء هذه الحروب، قال الطبري: "لما علم عبيد الله بن زياد بخروج يزيد بن أنس بالنّاس من الكوفة، فقد خرج بثلاثةآلاف فارس، قال عبيد الله: سأبعث إلى كل ألف ألفين، ودعا ربيعَةَ بن المخارق وعبد الله بن حملة الخثعمي ثم كتب إليهما؛ أيكما سبق فهو أمير على صاحبه، قال: فسبق ربيعَةَ بن المخارق فنزل بيزيد بن أنس وهو ببنات بلِّي، ثم إن ابن المخارق قاتل يزيد وقومه فهزموهم وخرجوا منهزمين حتى تلقاهم عبد الله بن حملة الخثعمي على مسيرة ساعة من تلك القرية فردنا فأقبلنا معه حتى نزل بيزيد ابن أنس، فبتنا متحارسين حتى أصبحنا فصلينا الغداة ثم خرجنا على تعبية حسنة على ميمنته الزبير بن خزيمة من خَثْعم وعلى مسيرته ابن قيصر القحافي من خَثْعم، فتقدم في الخيل والرجال فتقاتل الفريقان قتالا شديدًا حتى انتصر يزيد بن أنس وجيشه، فلما رأى ذلك عبد الله بن حملة الخثعمي أخذ ينادي أصحابه الكرة بعد الفرة: يا أهل السمع والطاعة فحمل عليه عبد الله بن قراد الخثعمي فقتله"[126]. وكان هذا الرجل من الموالين للمختار وقد انحاز إليه عندما خرج على ابن المطيع بمائتين من قومه.
ثورة خثعم ضد المختار مع أهل الكوفة
لما مات يزيد بن أنس التقى أشراف النّاس بالكوفة فأرجفوا بالمختار وقالوا: قتل يزيد بن أنس ولم يصدقوا أنه مات، وأخذوا يقولون: والله لقد تآمر علينا هذا الرجل بغير رضا منا، ولقد أدنى موالينا وحملهم على الدواب وأعطاهم وأطعمهم وأتعدوا عند شبث بن ربعي فاجتمعوا وأتوا منزلة، فصلى بهم ثم تذاكروا هذا الحديث ثم ذهبوا إلى كعب بن أبي كعب الخثعمي فتكلَمْ شبث عنده، فحمد الله وأثنى عليه، ثم أخبره باجتماع رأيهم على قتال المختار وسأله أن يجيبهم إلى ذلك فرحب بهم كعب وأجابهم إلى ما دعوه، وسمي هذا اليوم بيوم السبيع[127].
ونكتفي بهذا القدر اليسير من هذه الأيام التي حدثت في العهد الإسلامي ونقف عند هذا التاريخ وهو عام ٦٦ هـ، فلو توسعنا وذكرنا أكثر الأيام التي حدثت في العصور التاريخية الأخرى، لأخذ هذا منا جهدا مضنيا، وحيزًا كبيرًا من الكتاب، وهذا ما لا نريده.
فصاحة خثعم
إن الباحث في فصاحة أي قبيلة، لا بد أن يعرف بلادها ومنازلها، ومدى بعدها وقربها عن بلاد الأعاجم؛ لأنَّ فصاحتها تقاس بصفاء لغتها وخلوها من الكلمات الأعجمية، وإذا بحثنا عن خَثْعم وجدناهم أول من سكن السروات، على ما ذكر ابن الكلبي في كتابه (الافتراق) فيما نقله عنه البكري وياقوت الحموي.
وناهيك بفصاحة سكان السروات قال أبو عمرو بن العلاء: "أفصح النّاس أهل السروات وهي ثلاث وهي: الجبال المطلة على تهامة مما يلي اليمن أولها لهذيل، وهي تلي السهل من تهامة، ثم بُجيلة، وهي السراة الوسطى، وقد شركتهم ثَقِيف في ناحية منها، ثم سراة الأزد أزد شنوءة، وهم بنو كعب بن الحارث" [128]. وقال الهمداني وهو يتكلم عن لغات سكان الجزيرة: ثم الفصاحة من العرض في وداعة، فجنب، فيام، فزبيد، فبني الحارث فما اتصل ببلاد شاكر من نجران إلى أرض يام، فأرض سنحان، فأرض نهد وبني أسامة، فعتز، فخثعم، فهلال، فعامر بن ربيعَةَ، فسراة الحجر، فدوس، فغامد، فشكر، ففهم، فثقيف، فبجيلة، فبنو علي، غير أن أسافل سروات هذه القبائل ما بين سراة خولان والطائف دون أعاليها في الفصاحة"[129]. ويعلل أستاذنا الجاسر فصاحة سكان السروات فيقول: "ترجع فصاحة سكان السروات إلى كون بلادهم بعيدة عن الاختلاط بمن ليس عربيا فطرق القوافل التجارية كلها لا تمر بهذه السروات ومن هنا قل اختلاط أهلها بالأعاجم فصفت لغتهم وخلصت من المعجمة"[130].
ويشيد الهجري - وهو من علماء اللغة - بفصاحة خَثْعم فيقول: "أهل تَرَبة ورنية من سلول وخَثْعم ونهد وجرم وهم نهية في الفصاحة"[131].
الكلمات اللغوية التي نسبت إلى خَثعم
أولًا: الكلمات اللغوية التي نُسبت إلى خَثْعم
التي وجدت - في كتب اللغة والمعاجم التي اطلعت عليها - منسوبا لهذه القبيلة من الكلمات اللغوية والشواهد النحوية واللغوية على النحو الآتي:
[١ - رصن]
قال الهجري[132]: "في مَرصِن والرِّصنُ والأرصان والمرصن الغلظ يحف موضعا سهلا يسيل الماء من الغلظ وهو عال فيتربص فيها، وهي في لغة خَثْعم ونهد وبلحارث بن كعب مجتمع ملتقى الواديين، يصبان في الغائط".
وقال الزهيري والتبالي والخثعمي: "الرصن الواحد، والجميع الأرصان، ومثل الرِّصنْ الُمرصِن، وجمعها المراصن، مضيق الوادي ومضايقها، والأرصان مواضع من تثليث" [133].
[٢ - رقل]
والرقلة والرقل والعيدان والعيدانة والصادية والصوادي والصوت والصوبة. وهذا يتكلم به أهل بيشة، وسحام وأعراض خَثْعم ونجران ومرخة ومأرب [134].
[٣ - جذم]
قال الهذلي: الجذامة: قصر السنبل، فإذا كان من الذرة فهو العزم - مفتوحة العين والزاي - قال الخثعمي: هو القصر من الذرة مثل الذي في سنبل البر [135].
[٤ - حبس]
وقال ابن علكم: "الترحاب والتحباس والتفراق، يجي في هذا التفعيل، تتكلم به فهم وعدوان وثمالة وأهل السراة كلهم، وخَثْعم ونهد وفصحاء مَذْحِج"[136].
[٥ - حدث]
قال الخثعمي: البارحة الحدثي في مؤنثه الأحدث[137].
[٦ - رجو]
قال الهجري [138]: "وكل مقصور غَيَّر من بنيته لَمْ يخرج من القصر إلى مد ولا غيره، وكذلك الممدود مثل: الرجاء، والفضاء وأشباههما فهو على مده ويتكلم به أهل تَرَبة ورنية من سلول وخَثْعم ونهد وجرم وهم نُهيةُ في الفصاحة".
[٧ - رق]
قال أبو علي [139]: "الرقة خضرة ورقة، والرقة عاملة في كل نبت من الشجر والبقل والجنبة وتدعو خَثْعم ونهد وبلحارث وجرم العضه جميع النبات صغيره وكبيره".
[٨ - سحق]
قال الهجري [140]: وواحدة السحق سحوق، الرقلة والرقل والعيدان والعيدانة والصادية والصوادي والصوب والصوبة، وهذا يتكلم به أهل بيشة وسحام، وأعراض خَثْعم ونجران، ومرخة ومأرب وحضرموت، والعم الطوال الواحدة".
[٩ - غفر]
قال الهجري [141]: الغفر ولد الأروية، والجمع أغفار وأدنى العدد غَفِرة، والغفر بجر الغين ولد البقرة الوحشية، مثل الطلي والطلي، وجمع طلا: أطلاء وجمع الطلي طُليان، وهما لولد الضائنة أيضًا، وهو الشصر وجمعه شصران، وبرغز وجمعه براغز، الغضيض وجمعه غضان، الغَفَر: أن ينتقص الجرح وقد برأ، أو هم بالبرء وكذلك في الرمد، وليس الغفرات في العرب إلَّا من خَثْعم، وهو نور العشب أول ما يطلع".
الشواهد النحوية التي نسبت إلى خثعم
ثانيًا: الشواهد النحوية
١ - إذا هبطا الأرض المخوف بها الردي … يخفض من جأشيهما منصلاهما
هذا البيت العمَّرة الخثعمية، وهو من الشواهد النحوية في تقديم المفعول على الفاعل [142].
٢ - هما أخوا في الحرب من لا أخا له … إذا خاف يومًا نبوة فدعاهما
هذا البيت لعمرة الخثعمية، وهو من شواهد النحويين في جواز الفصل بين المضاف والمضاف إليه، ومحل الاستشهاد قوله: "أخوا في الحرب من لا أخ له" فإن قوله: "أخوا" مثنى الأخ مضاف إلى الاسم الموصول وهو قوله "من"، وقد فصل بين المضاف والمضاف إليه بالجار والمجرور الذي هو قوله: "في الحرب"[143].
٣ - عرضنا فسلمنا فسلم كارها … علينا وتبريح من الوجد خانقه
هذا البيت لابن الدمينة الأكلبي، وهو من شواهد ابن مالك على وقوع النكرة بعد واو الحال [144].
٤ - فقد مات قبلي أول الحب … وانقضى وإن مت أضحى الحب قد مات آخره
هذا البيت لابن الدمينة الأكلبي، وهو من شواهد ابن عصفور على استعمال أضحى بمعنى صار[145].
٥ - إني وقتلي سليكا ثم أعقله … كالثور يضرب لما عافت البقر
هذا البيت لأنس بن مدرك الأكلبي، وهو من شواهد النحويين على نصب الفعل بعد ثم التي عطف بها على اسم غير شبيه بالفعل[146].
٦ - أراني - ولا كفران لله - أية … لنفسي قد طالبت غير منيل
هذا البيت لابن الدمينة الأكلبي الخثعمي، وهو من شواهد ابن هشام في باب الجملة المعترضة [147].
٧ - وأنت الذي أخلفتني ما وعدتني … وأشمت بي من كان فيك يلوم
هذا البيت لأميمة الخثعمية، وهو من شواهد ابن هشام في باب الجملة الموصول بها الأسماء [148].
٨ - بكل تداوينا فلم يشف ما بنا … على أن قرب الدار خير من البعد
على أن قرب الدار ليس بنافع … إذا كان من تهواه ليس بذي ود
البيتان لابن الدمينة الأكلبي وهما من شواهد ابن هشام على مجيء (على) للاستدراك والإضراب. قال "أبطل بعلى الأولى عموم قوله لَمْ يشف مابنا" فقال: بلى إن فيه شفاء ما، ثم أبطل بالثانية قوله: "على أنَّ قرب الدار خير من البعد" [149].
٩ - عزمت على إقامة ذي صباح … لأمر ما يسود من يسود
هذا البيت لأنس بن مدرك الأكلبي، وهو من شواهد سيبويه، وأورده ابن جني من شواهده في إضافة المسمى إلى اسمه [150]، والشاعر جرَّ "ذي صباح" على لغة خَثْعم، وهو ظرف لا يتمكن والظروف التي لا تتمكن لا تجر ولا ترفع، ولا يجوز مثل هذا إلَّا في لغة هؤلاء القوم، أو في ضرورة [151].
الشواهد اللغوية التي نسبت إلى خثعم
١ - أورد صاحب اللسان في مادة (وجع) [152]، الوجعاء: السافلة وهي الدبر.
٢ - قال صاحب اللسان في مادة (غرر) الغر[153]: جمع الأغر من الغرة بياض الوجه، يريد بياض وجوههم بنور الوضوء يوم القيامة، وقول أم خالد الخثعمية:
ليشرب منه جحوش، ويشيمه … بعيني قطامي أغر شآمي
يجوز أن تعني قطاميا أبيض، وإن كان القطامي قلما يوصف بالأغر، وقد يجوز أن تعني عنقه فيكون كالأغر بين الرجال، والأغر من الرجال: الذي أخذت اللحية جميع وجهه إلَّا قليلًا كأنه غرة، وأورد الشاهد نفسه في مادة (قطم) وقال: إنما أرادت بعيني رجل كأنهما عينا قطامي، وإنما وجهتاه على هذا؛ لأنَّ الرجل نوع والقطامي نوع آخر سواه، فمحال أن ينظر نوع بعين نوع، ألا ترى أن الرجل لا ينظر بعيني حمار، هذا ممتنع في الأنواع فافهم.
٣ - قال صاحب اللسان في مادة (قود) [154]: وقادت الريح السحاب على المثل، قالت أم خالد الخثعمية:
ليت سماكيا يحار ربابه … يقاد إلى أهل الغضا بزمام
وأقاد الغيث، فهو مقيد إذا اتسع.
٤ - قال أبو علي الهجري [155]: "الأبا مقصور داء يأخذ الغنم عن شميم بول الأروي ورائحتها". أنشد شاهدا عليه قول ابن الدمينة الأكلبي:
كأبواء مَنَّتْ نفسها البُرءَ بعدما … حَسَتْ من فُضُول الغُدْر تَقْعَ الهَمَائم
٥ - أورد صاحب اللسان في مادة (بنق) قال ابن بري: "وإذا ثبت أن بنيقة القميص هي جربانه فهم معناه لأنَّ جربانه معروف، وهو طوقه الذي فيه الأزرار مخيطة، فإذا أريد ضمه أدخلت في العري فضم الصدر إلى النحر، وعلى ذلك فسر بيت قيس بن معاذ، قال: ويبين صحة ذلك ما أنشده القالي في نوادره، وهو:
له خفقان يرفع الجيب والحشى … يُقَطِّع أزرار الجِرِّبان ثائره
هكذا أنشد بكسر الجيم والراء، وكان الفراء ومن تابعه يضم الجيم والراء ومثل هذا بيت ابن الدمينة الأكلبي:
رمتني بطرف لو كميا رمت به … لبل نجيعا نحره وبنائقه
لأنَّ البنيقة طول الثوب الذي يضم النحر وما حوله وهو الجُرُبان" [156].
٦ - قال صاحب اللسان في مادة (شقق) [157]:
والشقيقة: المطرة المتسعة؛ لأنَّ الغيم انشق عنها، وأورد شاهدا قول ابن الدمينة الخثعمي:
ولمح بعينيها كأن وميضه … وميض الحيا تهدي لنجد شقائقه
٧ - قال ابن بري رحمه الله: "الحبيب يجي تارة بمعنى المحبوب كقول ابن الدمينة:
وإن الكثيب الفرد من جانب الحمى … إلي، وإن لم آته لحبيب
أي لمحبوب [158].
٨ - أورد صاحب اللسان في مادة (كرة) قول أم خالد الخثعمية:
رأيت لهم سيما قوم كرهتهم … وأهل الغضى قوم علي كرام
وقال: إنما أراد كرههم لها أو من أجلها، وشي كره، مكروه.
٩ - قال صاحب اللسان في مادة "شلل":
الشلال: القوم المتفرقون، واستشهد بقول ابن الدمينة:
أما والذي حجت قريش قطينه … شلالا، ومولي كل باق وهالك
والقطين: سكن الدار [159]
١٠ - وأورد صاحب اللسان في مادة "ضحا":
الضواحي من الشجر: القليلة الورق التي تبرز عيدانها للشمس، قال شمَّر كل ما ظهر وبرز فقد ضحا، ويقال: خرج الرجل من منزلة فضحا لي. والشجرة الضاحية البارزة للشمس، وأنشد لابن الدمينة يصف القوس:
وخوط من فروع النبيّ ضاح … لها في كف أعسر كالضباح
الضاحي: عودها الذي نبت في غير ظل ولا في ماء فهو أصلب له وأجود [160].
١١ - وقد زعموا أني جزعت عليهما … وهل جزع إن قلت وابأ باهما
هذا البيت لعمرة الخثعمية، استشهد به ابن منظور على قلب الياء ألفًا وقال: تريد وابأبي هما. قال ابن بري: ويروي وابيباهما، على إبدال الهمزة ياء لانكسار ما قبلها وموضع الجار والمجرور رفع على خبرهما [161].
١٢ - قال ابن دريد في الجمهرة[162]: "وإنا": فعلنا من الأين. وهو التعب وأنشدنا أبو عمران الكلابي لرجل من خَثْعم:
أونوا فقد إنا على الطلح … أينا كأين الحافر الموكح
الموكح: الذي يحفر بئرا أو غيرها حتى يبلغ إلى موضع لا يمكنه الحفر، وآن يئين أينا إذا أعيا
١٣ - قال الأصمعي: الفاغية نور الحناء، وقيل: نور الريحان، وقيل: نور كل نبت من أنوار الصحراء التي لا تزرع، وأنشد قول النذير العريان الخثعمي:
فقلت له: جادت عليك سحابة … بنوء تندي كل فغو وريحان[163]
١٤ - أورد الهجري في التعليقات والنوادر قول الجلحي الخثعمي
أحييت نفسا كما أبتتها قعصا … بمرهف من سهام الموت حَيْتوتُ
أي يحت كل شيء. وقال: ومن أمراض الإبل الحسنات يأخذه هلس فيتغير لحمه وطرقه فيهزل، ويتغير لونه وينحف لحمه، وهو محتوت ويتمزق ويتمعط شعره، وهو من شر أدواء الإبل يسوقه إلى الموت [164].
١٥ - قال الهجري في معنى كلمة "ذرع":
والذرع وهم الذرعاء مثل السفير والسفراء، والتصريف والمصدر والمعنى واحد، إلَّا أن يفعل من يذرع مفتوحة الثالث كمحال العين، ويسفر من سفر وهم السفار والذراع والمصدر ذراعه وسفاره، وأنشد من شعر الخثعمي أحد بني أوس:
وجاءت بنو أود ولم تألٌ غَيرةً … لنا ذُراعاءُ مُسْتَهانُ سَفِيرُهَا
الواحد ذريع وسفير، للذي يسفر بين النّاس [165].
١٦ - أورد الهجري في تفسير كلمة "عذب":
ضرابة بالمعاذب، فالمعذبة المروحة يتكلم بها مَذْحِج ومجيد وأهل النجد من نيامن من همدان وهي لغة فصيحة، وأنشد لابن الدمينة الأكلبي:
يروح لها جمر العضاة ولو جرت … على البحر أضحى البحر وهو عذوب
وعذوب جمع عذب [166].
١٧ - قال الهجري [167] عن داء القلاب يصيب الإبل:
وقروه جمع وقر، وجمعه أقراء من الاحمرار سبع فإذا مضى قروه وهو السبع فيصبح صبيحة السبع مفرقا أو متزايدا علته، فقد نكسه وأيس منه صاحبه. وأنشد لابن الدمينة يصف بعيرًا صابه الهيام:
فما كان إلَّا قرو أيامه التي … تعدله حتى إذا مر سابعه
١٨ - قال كعب بن مشهور المخبلي من جليحة خثعم:
فإن هو لَمْ ينطق وكان جوابه … بنات الصدى يأنمن من كل مانم
أراد يأنمن من كل منأم، فحول الهمزة، وكذا الفصحاء لا يهمزون، وكلهم يانمن من كل مانم [168].
١٩ - قال الهجري [169]: "جر النون من النفع لغة فصيحة"، وأورد لابن الدمينة الأكلبي قوله:
هب الصلة المثلى التي أنت مولها … خليلك والنِّفع الذي أنت نافعه
٢٠ - قال الأنباري [170]: "شعبت: من الأضداد، يقال شعبت الشيء إذا جمعته وأصلحته، وشعبته إذا فرقته، واستشهد على المعنيين بشواهد كثيرة، منها قول ابن الدمينة الأكلبي:
وإن طبيبا يشعب القلوب بعدما … تصدع من وجد بها لكذوب
أراد: يجمع.
٢١ - قال بعض النّاس: طرب حرف من الأضداد، يقال: طرب إذا فرح، وطرب إذا حزن، قال ابن الدمينة في معنى الفرح والسرور: أنشدنا أبو العباس:
فلا خير في الدنيا إذا أنت لَمْ تزر … حبيبا ولم يطرب إليك حبيب[171]
٢٢ - تعاللت كي أشجي ومابك علةً … تريدين قتلي قد ظفرت بذلك
هذا البيت لابن الدمينة الأكلبي، وهو من شواهد البلاغيين على وضع اسم الإشارة موضع المضمر[172].
ديار قبيلة خثعم
خثعم قبيلة لا تزال معروفة في بلادها التي كانت تقيم بها عند ظهور الإسلام، وهي البلاد الواقعة في مركز خثعم التابعة لمحافظة بلقرن في منطقة عسير وصولا إلى مركز تبالة التابع لمحافظة بيشة.
فروع قبيلة خثعم اليوم
من فروع قبيلة خثعم:[173]
- قبيلة شهران بن عفرس بن حلف بن خثعم
- قبيلة ناهس بن عفرس بن حلف بن خثعم
- قبيلة كود بن عفرس بن حلف بن خثعم
- قبيلة أكلب.
- قبيلة معاوية
- قبيلة بني خثعم. الحالية
- قبيلة ميمون.
- قبيلة الفزع بن عفرس بن حلف بن خثعم
- قبيلة عليان
- معاوية والمحلف
- قبيلة المنتشر.
- قبيلة بلعريان.
- قبيلة ال كثير.
المراجع
- ^ Based on David Nicolle "Armies of the Muslim Conquest" illustrations by Angus McBride. And Martin Hinds "The Banners and Battle Cries of the Arabs at Siffin" Al-Abhath XXIV ^
- ^ حمد الجاسر. كتاب معجم قبائل المملكة العربية السعودية. ص. 197 ^
- ^ نسب معد واليمن - ابن الكلبي - ج١ - الصفحة ٣٥٦. نسخة محفوظة 2022-06-15 في Wayback Machine
- ^ الأعلام - خير الدين الزركلي - ج ٢ - الصفحة ٣٠٢. نسخة محفوظة 2022-06-15 في Wayback Machine
- ^ نهاية الأرب في فنون الأدب - النويري - ج 18 - الصفحة 111. نسخة محفوظة 2019-12-22 في Wayback Machine
- ^ الطبقات الكبرى - محمد بن سعد - ج ١ - الصفحة ٣٤٨. نسخة محفوظة 2019-05-25 في Wayback Machine
- ^ سبل الهدى والرشاد - الصالحي الشامي - ج ٦ - الصفحة ٣٣٠. نسخة محفوظة 2020-04-14 في Wayback Machine
- ^ نسب معد واليمن - ابن الكلبي - ج١ - الصفحة ٣٦٢. نسخة محفوظة 2022-04-07 في Wayback Machine
- ^ الطبقات - خليفة بن خياط - ج١ - الصفحة ١٩٥. نسخة محفوظة 2022-06-15 في Wayback Machine
- ^ التاريخ - اليعقوبي - ج١ - الصفحة ٢٠٢. نسخة محفوظة 2022-06-15 في Wayback Machine
- ^ الإنباه على قبائل الرواة - ابن عبد البر - ج١ - الصفحة ٩٣. نسخة محفوظة 2022-06-15 في Wayback Machine
- ^ جمهرة أنساب العرب - ابن حزم - ج١ - الصفحة ٤٨٤. نسخة محفوظة 2022-06-15 في Wayback Machine
- ^ الأنساب - الصحاري - ج١ - الصفحة ١٧١. نسخة محفوظة 2021-02-07 في Wayback Machine
- ^ تاريخ ابن أبي خيثمة - ابن أبي خثيمة - ج١ - الصفحة ٥٠٨. نسخة محفوظة 2022-06-15 في Wayback Machine
- ^ ابن الكلبي (1988)، نسب معد واليمن الكبير ، تحقيق: ناجي حسن، بيروت: عالم الكتب، ج. 1، ص. 356، QID:Q120648837 – عبر المكتبة الشاملة
- ^ الكوفة وأهلها في صدر الإسلام - صالح العلي - الصفحة 270.
- ^ عجالة المبتدي وفضالة المنتهي في النسب -الحازمي - الصفحة ١٦. نسخة محفوظة 2018-01-31 في Wayback Machine
- ^ أسد الغابة - ابن الأثير - ج ١ - الصفحة ١٢٩. نسخة محفوظة 2020-01-27 في Wayback Machine
- ^ ِشمس العلوم - نشوان الحميري - ج٣ - الصفحة ٤٨٣. نسخة محفوظة 2022-06-15 في Wayback Machine
- ^ المستدرك على الصحيحين - الحاكم - ج2 - الصفحة 460. رقم الحديث: 3586 نسخة محفوظة 2022-06-01 في Wayback Machine
- ^ سنن الترمذي بتحقيق وتصحيح الألباني - الصفحة 728 - رقم الحديث: 3222. نسخة محفوظة 2022-06-01 في Wayback Machine
- ^ السنن - الترمذي - ج5 - الصفحة 337. رقم الحديث: 3222. نسخة محفوظة 2020-11-12 في Wayback Machine
- ^ (١) معجم ما استعجم، ج ١، ص ٥٨،
- ^ (٢) المصدر نفسه، ج ١، ص ٥٨.
- ^ المصدر نفسه، ج ١، ص ٦٣.
- ^ (٤) ابن هشام "السيرة" تحقيق عمر عبد السلام، ج ١، ص ٩١. <<
- ^ (١) المصدر نفسه، ص ٩١.
- ^ (٢) نهاية الأرب في معرفة أنساب العرب، ص ٨٨.
- ^ (٣) الصحاح، ج ٢، ص ٢٨٠.
- ^ (٤) جرير بن عبد الله بن جابر بن مالك، صحابي جليل بحثه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى صنم ذى الخلصة فهدمه. وقد عاصر الأقرع بن حابس التميمي، انظر ترجمته في الإصابة لابن حجر ج ١، ص ٣٣.
- ^ (٥) نهاية الأرب، ج ٢، ص ٢٣٨.
- ^ "اللباب في معرفة الأنساب" مخطوط، نقلا عن مجلة العرب، ص ٢٣، ح ١١. ١٢ (١٤٠٩ هـ)، وانظر أيضًا، الأشعري "التعريف في الأنساب والتنويه لذوي الأحساب"، ص ١٥٨.
- ^ اللباب في معرفة الأنساب ص ٤٤٦.
- ^ (٣) وانظر هذه الأبيات في كتاب "التعليقات والنوادر" تحقيق حمد الجاسر، ج ٢، ص ٧٧١.
- ^ (١) ابن عبد البر القرطبي "الإنباه على قبائل الرواه" ص ١٠٣.
- ^ (٢) نسب معد واليمن الكبير، ص ٣٢٤.
- ^ (١) كتاب النسب، ص ٣٠١، تحقيق مريم محمد.
- ^ (٢) "الإكليل" ج ١٠، ص ٢٩.
- ^ (٣) الجمهرة، ص ٣٨٧.
- ^ (٤) نشوة الطرب في تاريخ جاهلية العرب، ج ١، ص ٣٦٠.
- ^ (٥) نهاية الأرب في معرفة أنساب العرب، ص ٢٢٧. <<
- ^ (١) نسب معد واليمن الكبير ص ٣٤٣.
- ^ ابن دريد في الاشتقاق ص ٥٢٠.
- ^ (٣) معجم ما استعجم، ج ٢، ص ٤٨٩.
- ^ (٤) الروض الأنف، ج ١، ص ٥٤.
- ^ معجم ما استعجم، ج ٢، ص ٤٨٩. <<
- ^ النووي في تهذيب الأسماء واللغات ج ٢، ص ٢٨٠
- ^ ابن عبد البر القرطبي "الإنباه على قبائل الرواة" ص ١٠٥.
- ^ "الإكليل"، تحقيق محب الدين الخطيب، ج ١٠، ص ٢٨ .
- ^ كتاب: تاريخ ابن خلدون المسمى بـ «العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر»
- ^ تاريخ الرسل والملوك - الطبري - ج 2 - الصفحة 137. نسخة محفوظة 2019-12-22 في Wayback Machine
- ^ الطبقات الكبرى - ابن سعد - الصفحة 91. نسخة محفوظة 2019-12-22 في Wayback Machine
- ^ تفسير الثعلبي - الثعلبي - ج ١٠ - الصفحة ٢٩٤. نسخة محفوظة 2019-12-22 في Wayback Machine
- ^ (١) الأصنام، ص ٣٤ - ٣٦.
- ^ (٢) وهو من قبيلة بُجيلة إخوة خَثْعم وكلاهما من أنمار.
- ^ (٣) باهلة قبيلة من قيس عَيْلان
- ^ (١) "السيرة النبوية" تحقيق عمر عبد السلام، ج ١، ص ١٠٢.
- ^ (٢) معجم البلدان، ج ٢، ص ٣٨٣.
- ^ (٣) الأغاني، ج ٩، ص ٦٨، ط مؤسسة عز الدين.
- ^ (١) "لسان العرب" ج ٧، ص ٢٨.
- ^ (٢) "صحيح البخاري" ج ٥، ص ١١١، ١١٢.
- ^ (٣) "الأصنام"، ص ٣٥.
- ^ (٤) معجم البلدان، ج ٤، ص ٨٠.
- ^ (٥) معجم ما استعجم، ج ٢، ص ٥٠٨.
- ^ (٦) في سراة غامد وزهِرّان، ص ٣٤٤.
- ^ ص615 - كتاب موسوعة القبائل العربية
- ^ وقال ابن دريد في الجمهرة (٢): "وخثعم: هو اسم تنسب إليه قبيلة، واختلفوا في خثعم فقال قوم: اسم بعير، والخثعمة: تلطخ الجسد بالدم، وإنما سميت القبيلة بذلك؛ لأنهم نحروا بعيرا فتلطخوا بدمه وتحالفوا".
ص615 - كتاب موسوعة القبائل العربية
- ^ (١) السيرة النبوية، تحقيق: عمر عبد السلام، ج ١، ص ٦١.
- ^ (١) ابن هشام "السيرة النبوية" تحقيق عمر عبد السلام، ج ١، ص ٦٨.
- ^ (١) الهجري "التعليقات والنوادر" تحقيق حمد الجاسر، ج ٢، ص ٧٧١.
- ^ (١) الأصفهاني "الأغاني"، ج ١٦، ص ٣٥٥.
- ^ (٢) ديوان ذي الرّمة ص ١٤٦، ج ٢، تحقيق عبد القدوس أبو صالح. <<
- ^ (١) الأصفهاني "الأغاني"، ج ١٦، ص ٣٥٥.
- ^ (١) أبو فرج الأصفهاني "الأغاني" ج ١٦، ص ٣٦٦. <<
- ^ (٢) معجم ما استعجم، ج ٢، ص ١٠٣٩.
- ^ (١) معجم البلدان، ج ٤، ص ١٠٨.
- ^ (٢) معجم ما استعجم، ج ٣، ص ١٠٣٩.
- ^ (٣) محمد أحمد وآخرون "أيام العرب في الجاهلية" ص ١٣٢، وابن الأثير "الكامل في التاريخ" ج ١، ص ٥٠١. <<
- ^ (٢) معجم ما استعجم ج ٣، ص ١٠٦٨.
- ^ (٣) معجم البلدان، ج ٤، ص ٣٣٢.
- ^ (٤) نهاية الأرب، ص ٤٠٧.
- ^ (٥) معجم قبائل العرب، ج ١، ص ٣٣٢.
- ^ (١) الديوان، ص ١٥٦، تحقيق: راتب النفاخ.
- ^ (٢) محمد بن حبيب "أسماء المغتالين" تحقيق عبد السلام هارون، ج ٢، ص ٢٤٣.
- ^ (١) البكري "معجم ما استعجم"، ج ١، ص ١٠٣.
- ^ (٢) الديوان، ص ٩٨.
- ^ (٣) أبو الفرج الأصفهاني، ج ١٢، ص ٤٥. <<
- ^ (١) أبو الفرج الأصفهاني "الأغاني"، ج ١٨، ص ٩٤.
- ^ (٢) البكري "معجم ما استعجم"، ج ١، ص ٢٩٣. <<
- ^ (٢) الأخفش الصغير "الاختيارين"، تحقيق د. فخر الدين، ص ١٩٧.
- ^ (٣) حمد الجاسر "باهلة القبيلة المفترى عليها"، ص ٢٣٦.
- ^ (٤) ابن منظور "لسان العرب"، ج ٢، ص ٣٨٩. <<
- ^ (١) الأغاني، ج ١٥، ص ٢٠١.
- ^ (٢) عنها: أي الفُرس.
- ^ (٣) اليوم ظلم: عبارة يقولها العرب بمعنى حقًّا. <<
- ^ (١) ديوانه - تحقيق أحمد راتب النفاخ، ص ١٥٧.
- ^ (١) ديوانه - تحقيق أحمد راتب النفاخ، ص ١٥١.
- ^ (١) ديوانه ص ١٤٠، تحقيق: د. أحمد راتب النفاخ.
- ^ (٢) محمد بن سلَّام الجمحي "طبقات فحول الشعراء" ج ٢، ص ٦٣٧، تحقيق محمود شاكر.
- ^ (٣) أبو فرج الأصفهاني "الأغاني"، ج ١٠، ص ٤٢.
- ^ (١) محمد رضا مروة، "الصعاليك في العصر الجاهلي"، ص ١٦.
- ^ (٢) أبو فرج الأصفهاني "الأغاني"، ج ٢، ص ٣٩٤. <<
- ^ (١) أبو فرج الأصفهاني "الأغاني"، ج ٢٠، ص ٤٠.
- ^ أبو فرج الأصفهاني "الأغاني، ج ٢٠، ص ٤٠١.
- ^ (٣) أبو فرج الأصفهاني "الأغاني"، ج ٢٠، ص ١٦٩ - ١٧١. <<
- ^ (١) الأصفهاني "الأغاني"، ج ٢١، ص ١٥٣.
- ^ (١) الأصفهاني "الأغاني ج ٢١، ص ١٥٧.
- ^ (٣) الأصفهاني "الأغاني"، ج ٢١، ص ١٥٧. <<
- ^ (١) أبو فرج الأصفهاني "الأغاني" ج ٢١، ص ١٥٥.
- ^ (١) أبو فرج الأصفهاني "الأغاني ج ١٢، ص ٤٧.
- ^ أبو فرج الأصفهاني "الأغاني ج ١٢، ص ٤٨.
- ^ (١) أبو فرج الأصفهاني "الأغاني"، ج ١٢، ص ٤٩.
- ^ أبو فرج الأصفهاني "الأغاني ج ١٢، ص ٤٧.
- ^ (٤) الأصنام، ص ٣٤.
- ^ (١) ياقوت الحموي "معجم البلدان"، ج ٢، ص ٣٨١.
- ^ (٢) "صحيح البخاري" ج ٥، ص ١١١.
- ^ (٣) المغاري، ج ٢، ص ٧٥٤، تحقيق د. مارسون جونسن. <<
- ^ (١) الدهم: العدد الكثير.
- ^ (٢) الطبقات الكبرى، ج ١، ص ٣٤٨. <<
- ^ (١) ابن هشام "السيرة النبوية" ج ٤، ص ٢٢٩.
- ^ 2 ابن هشام "السيرة النبوية" ج ٤، ص ٢٢٩.
- ^ (٣) تاريخ الرسل والملوك، ج ٣، ص ٣٢٠.
- ^ (١) الأصفهاني "الأغاني"، ج ١٨، ص ٢٣٤.
- ^ (٢) تاريخ الرسل والملوك، ج ٤، ص ٥.
- ^ (٢) تاريخ الرسل والملوك، ج ٥، ص ٧٦.
- ^ (١) المصدر نفسه، ج ٦، ص ٤٢.
- ^ (٢) محمد أبو الفضل وآخرون "أيام العرب في الإسلام"، ص ٤٤٥.
- ^ (١) ياقوت الحموي معجم البلدان، ج ٣، ص ٢٠٥.
- ^ (٢) صفة جزيرة العرب، ص ١٣٦.
- ^ (٣) في سراة غامد وزهِرّان، ص ٤٨٦.
- ^ (٤) التعليقات والنوادر، ص ١٤٨٢، تحقيق حمد الجاسر. <<
- ^ (٤) التعليقات والنوادر، ص ١٤٨٢، تحقيق حمد الجاسر. <<
- ^ (٢) المصدر نفسه، ص ١١٢٦.
- ^ (٣) المصدر نفسه، ص ١١٩٠.
- ^ (٤) التعليقات والنوادر، ص ١٠٦٨، تحقيق حمد الجاسر.
- ^ (٥) المصدر نفسه، ص ١٠٧٨.
- ^ (١) المصدر نفسه، ص ١٠٨١.
- ^ (٢) المصدر نفسه، ص ١١٢٢.
- ^ (٣) المصدر نفسه، ص ١١٢٩.
- ^ (٤) المصدر نفسه، ص ١١٤٢.
- ^ (٥) الهجري "التعليقات والنوادر" ص ١٢١١، تحقيق حمد الجاسر.
- ^ (١) ابن جني "الخصائص" ج ١، ص ٢٩٦.
- ^ (٢) المصدر نفسه، ج ٢، ص ٤٠٥، والأنباري "الإنصاف في مسائل الخلاف" ج
- ^ (٣) مغنى اللبيب، ج ٢، ص ٤٧١.
- ^ (٤) "المقرب"، ج ١، ص ٨٩٨.
- ^ (٥) ابن هشام "شرح شذور الذهب في معرفة كلام العرب"، ص ٣١٦.
- ^ (١) "مغني اللبيب"، ج ٢، ص ٣٩٤.
- ^ (٢)"مغني اللبيب" ج ١، ص ٥٠٤.
- ^ (٣) "مغني اللبيب"، ج ١، ص ١٤٥.
- ^ (٤) الخصائص، ج ٣، ص ٣٢.
- ^ (٥) عبد القادر البغدادي "خزانة الأدب ولب لسان العرب"، ج ١، ص ٤٧٦.
- ^ (٦) ابن منظور، ج ٨، ص ٣٨٠.
- ^ (١) ابن منظور، ج ٥، ص ١٥.
- ^ (٢) ابن منظور، ج ٣، ص ٣٧١.
- ^ (٣) التعليقات والنوادر، تحقيق: حمد الجاسر، ص ١٠٣٨.
- ^ (١) ابن منظور، ج ١٠، ص ٢٨.
- ^ (٢) ابن منظور، ج ١٠، ص ١٨٢. (٣) ابن منظور، "اللسان"، ج ١، ص ٢٩٠. (٤) ابن منظور، ج ١١، ص ٣٦٢.
- ^ (٣) ابن منظور، "اللسان"، ج ١، ص ٢٩٠. (٤) ابن منظور، ج ١١، ص ٣٦٢.
- ^ (٤) ابن منظور، ج ١١، ص ٣٦٢.
- ^ (١) ابن منظور، ج ١٤، ص ٤٧٩.
- ^ (٢) اللسان ج ١٤، ص ١٠٠.
- ^ (٣) ص ٢٤٩.
- ^ (٤) ابن منظور "اللسان" ج ١٥، ص ١٦٠.
- ^ (١) ص ١٠٧٩.
- ^ (٢) التعليقات والنوادر، ج ٢، ص ١١١٦، تحقيق حمد الجاسر.
- ^ (٣) المصدر نفسه، ص ١١٨٨، تحقيق حمد الجاسر.
- ^ (٤) المصدر نفسه، ص ١٢٢٤.
- ^ (١) الهجري التعليقات والنوادره"، تحقيق حمد الجاسر، ص ١٢٥٦.
- ^ (٢) المصدر نفسه، ص ١٢٦٤.
- ^ (٣) الأضداد، ص ٥٤.
- ^ (٤) المصدر نفسه، ص ١٠٢.
- ^ (٥) العباسي "معاهد التنصيص على شواهد التخليص"، ج ١، ص ١٥٩.
- ^ كتاب التنويه بالأنساب والتعريف بذوي الاحساب