يوم العرقوب

يوم العرقوب احد الوقعات التي حدثة في ايام يوم فيف الريح هو أحد النزاعات و أيام العرب التي وقعت وقت بعثة النبيّ محمد بمكة، وقعة فيف الريح وهي وقعة كانت بالحجاز بين قحطان و هوازن، وكانت على هوازن. وفيه أغارت قبائل مذحج وخثعم ومراد وزبيد ورئيسهم ذو الغصة الحصين بن يزيد الحارثي على هوازن و بني عامر وهم منتجعون فيه فأغنت يومئذ بنو عامر ورئيسهم ملاعب الأسنة وفقئت عين عامر ابن الطفيل، طعنه مسهر بن يزيد الحارثي واليوم التالي للحرب سمي يوم العرقوب وفيه شهدت بنو نمير يومئذ مع عامر بن الطفيل فأبلوا بلاء حسناً وسموا ذلك اليوم «حريجة الطعان» لأنهم اجتمعوا برماحهم فصاروا بمنزلة الحرجة، وهي شجر مجتمع. وسبب اجتماعهم أن بني عامر جالوا جولة إلى موضع يقال له العرقوب، والتفت عامر بن الطفيل فسأل عن بني نمير فوجدهم قد تخلفوا في المعركة، فرجع وهو يصيح: يا صباحاه! يا نميراه! ولا نمير لي بعد اليوم! حتى اقتحم فرسه وسط القوم، فقويت نفوسهم، وعادت بنو عامر وقد طعن عامر بن الطفيل ما بين ثغرة نحره إلى سرته عشرين طعنةً. وكان عامر في ذلك اليوم يتعهد الناس فيقول: يا فلان ما رأيتك فعلت شيئاً، فمن أبلى فليرني سيفه أو رمحه، ومن لم يبل شيئاً تقدم فأبلى، فكان كل من أبلى بلاءي حسناً أتاه فأراه الدم على سنان رمحه أو سيفه، فأتاه رجل من بني الحارث اسمه مسهر. فقال له: يا أبا علي أنظر ما صنعت بالقوم! انظر إلى رمحي! فلما أقبل عليه عامر لينظر فطعنة بالرمح في وجنته ففلقها وفقأ عينه وترك رمحه وعاد إلى قومه. وإنما دعاه إلى ذلك ما رآه يفعل بقومه، فقال: هذا والله مبير قومي! فقال عامر بن الطفيل: فأنشد:

أتونا بشهران العريضة كلها

وأكلب طراً في جياد السنور

لعمري وما عمري علي بهين

لقد شان حر الوجه طعنة مسهر

فبئس الفتى إن كنت أعور عاقراً

جباناً وما أغنى لدى كل حضر

وقال مسهر وقد زعم أنهم أخذوا امرأة عامر:

وهصت بخرص الرمح مقلة عامر

فأضحى نحيفا في الفوارس أعورا

وغادر فينا رمحه وسلاحه

وأدبر يدعو في الهوالك جعفرا

وكنا إذا قيسية ذهبت بنا

جرى دمعها من عينها فتحدرا

مخافة ما لاقت حليلة عامر

من الشر إذ سربالها قد تعفرا

وأسرت بنو عامر يومئذ سيد بني مراد جريحاً، فلما برأ من جراحته أطلق. وممن أبلى يومئذ أربد بن قيس بن جزء بن خالد بن جعفر، وعبيد بن شريح بن الأحوص بن جعفر؛ وقال لبيد بن ربيعة، ويقال إنها لعامر بن الطفيل:

لقد عَلِمَتْ عُلْيَا هَوَازِنَ أَنَّنِي

أَنا الفارِسُ الحامِي حَقِيقَةَ جَعْفَرِ

وقد عَلِمَ المَزْنُوقُ أَنِّي أَكُرُّهُ

علَى جَمْعِهِمْ كَرَّ المَنِيحِ المُشَهَّرِ

إِذَا ازْوَرَّ من وَقْعِ الرِّماحِ زَجَرْتُهُ

وقُلتُ لَهُ ارْجعْ مُقْبِلاً غيرَ مُدْبِرِ

وأَنْبَأْتُهُ أَنَّ الفِرَارَ خَزَايَةٌ علَى

المَرْءِ ما لم يُبْلِ جَهْداً ويُعذِرِ

أَلَسْتَ تَرَى أَرماحَهُمْ فِيَّ شُرَّعاً

وأَنْتَ حِصَانٌ ماجِدُ العِرْقِ فاصْبِرِ

أَرَدْتُ لِكيْ لا يَعْلمَ اللهُ أَنَنِي

صَبَرْتُ وأَخْشَى مِثْلَ يومِ المُشَقَّرِ

لَعَمْرِي وما عَمْرِي عليَّ بِهَيِّنٍ

لقَدْ شَانَ حُرَّ الوَجْهِ طعْنَةً مسْهِرِ

فَبِئْسَ الفَتَى إِن كُنْتُ أَعْوَرَ عاقِراً

جَباناً فَما عُذْرِي لدى كُلِّ مَحْضَرِ

وقد عَلِمُوا أَنِّي أَكُرُّ عليهمُ

عَشِيَّةَ فَيْف الرِّيح كَرَّ المُدَوِّرِ

وما رِمْتُ حتي بلَّ نَحْري وصَدْرَهُ

نَجيعٌ كَهُدَّابِ الدِّمَقْسِ المُسيَّرِ

أَقُولُ لِنَفْسِ لا يُجادُ بِمِثْلِها

أَقِلِّي المِراحَ إِنَّنِي غيرُ مُقْصِرِ

فلو كانَ جَمْعٌ مثلُنا لم نُبالِهِمْ

ولكِنْ أَتَتْنا أُسْرَةٌ ذاتُ مَفْخَرِ

فَجَاؤُوا بِشهرانِ العَرِيضَةِ كُلِّها

وأَكْلُبَ طُرًّا في لباسِ السَّنَوَّرِ