بين القصرين (رواية)
المؤلف | نجيب محفوظ |
---|---|
البلد | مصر |
اللغة | العربية |
السلسلة | الثلاثية |
الموضوع | الحياة الاجتماعية في مصر فيما بعد ثورة 1919 وفترة الاحتلال البريطاني |
الصنف الأدبي | رواية تاريخية اجتماعية |
الناشر | |
الإصدار | 1956 |
بين القصرين، هو الجزء الأول من ثلاثية نجيب محفوظ الشهيرة، والتي تشكل القاهرة المسرح الأساسي والوحيد لأحداثها.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
أحداث الرواية
عنوان الرواية بين القصرين اسم لأحد شوارع القاهرة الشعبية القديمة، تجري أحداثها عشية ثورة 1919 المصرية. وتروي قصة حياة أسرة منتمية إلى طبقة برجوازية تجارية صغرى، متمسكة بالعادات والتقاليد، وشخصيتها المركزية الأب (السيد أحمد عبد الجواد) المستبد الأناني الصارم تجاه أسرته المكونة من زوجته وخمسة أبناء، كلهم يخضعون له دون معارضة، يؤمنون بتقواه من منطلق أنه حريص على أوقات الصلاة وكأن التقوى والصلاة وجهان لعملة واحدة، مخلص في عبادته لله بنفس مقدار إخلاصه لسطوته وجبروته وبطشه وكأنه على رأس نظام سياسي استبدادي شمولي.[1]
فصول طويلة تتحدث عن الحياة اليومية لتلك الأسرة وشخصياتها، فياسين وأخته خديحة يتزوجان تباعا حسب مشيئة الأب فقط ، وليس لإرادة الابنة والابن أي اعتبار، الزوجة أمينة رهينة المحبسين الدار والزوج، هي لا تعرف من القاهرة شيئا حتى متجر زوجها الذي تعتبره سيدها، لكونها تقية بتقوى التخلف الاجتماعي فهي تقرن تقواها في الخوف من العفاريت والجن بالولاء التام (لسيدنا الحسين) المسجد الذي ذهبت لآداء الصلاة فيه والذي لا يبعد أكثر من عشر دقائق مشيا على أقدامهاعن بيتها للمرة الأولى والأخيرة، بعد عشرين سنة من زواجها ودون علم الزوج لأن زوجها ذلك الكائن الرهيب كان يحول بينها وبين أمنيتها في الخروج من البيت، فالمرأة في نظره ونظر أمثاله من الرجال في ذلك المجتمع المغرق في ذكوريته، لا تخرج من بيت الزوجية إلا لسببين طلاقها ووفاتها و من ثم الذهاب إلى قبرها ، فكاد الزوج أن يطلق زوجته عندما علم بخروجها فهذه جريمة كبرى في نظره سيما أن فعلها هذا هو كفر بطاعته المقدسة وليس بعد الكفر ذنب.
تتلو هذه الفصول غراميات الابن الأكبر ياسين الذي كان ضحية طلاق أبيه من أمه التي كانت الزوجة الأولى له، وهو أيضا تزوج مرتين ولكنه طلق في المرتين، وبقي شهوانيا لا يتحكم في غرائزه الجنسية أبدا.
الإبنة الثانية عائشة المراهقة كانت تختلس النظرات إلى ضابط شاب كان يمر كثيرا في الشارع أمام بيتهم، والابن الثاني فهمي كان يتراشق النظرات مع بنت الجيران على سطح البيت أثناء مراجعة دروس شقيقه الصغير كمال.
خلال فصول الرواية تبرز شخصية الأب شيئا فشيئا ونكتشف أن هذا الاب العاتي له اهتمام كبير بتماسك الأسرة تحت سيطرته بالطبع ، حريص على صون المظاهر لصون كرامته ، تلك الكرامة التي تخفي وراءها وجها آخر للعملة الإنسانية و ترينا شخصية أخرى لهذا الرجل المستبد الجبار بكل معنى الكلمة، الصارم الجاد كل الجدية، الذي وجهه لا ترتسم عليه ابتسامة واحدة في بيته، هي شخصية الإنسان الماجن المقبل على لذات الحياة وعلى رأسها اللذة الجنسية. هذا الوجه من شخصيته يبدو سرا لا يعرفه أفراد الأسرة، لا يعرفون أنه شخصية (مسخرة) بالتعبير الدارج في سهراته ومجونه والتقائه ببائعات الهوى، وحسب تفسيراته لا يتناقض هذا مع إيمانه بالله وبتقواه، لكن هذا الحجاب الذي يتحجب به حتى يخفي شخصيته الحقيقية ينكشف وعندئذ نرى نتيجته على أفراد أسرته، رغم ذلك يبقي مصرا على استهتاره دون مواجهة من أحد.
فصول الرواية تظهر لنا اهتمام هذا السيد الجبار الذي يحمل في داخله كل تناقضات مجتمعه بالأخبار السياسية ويعتبر نفسه وطنيا لا غبار عليه بمواقفه النظرية الخالصة وخاصة عند مطالبة المصريين الإنجليز بالاستقلال، وقيام المظاهرات، وجرائم الانجليز المحتلين وسقوط العديد من القتلى والجرحى من المصريين المدافعين عن أرضهم ووطنهم، وتوقيع الهدنة في أوروبا.
خلال فصول الرواية نلمس نشاط الابن الثاني فهمي السياسي الذي تكتشفه الأسرة تدريجيا، فقد كان عضوا في لجنة الطلبة، وفي إحدى الجمعيات السرية المنتشرة إبان ثورة 1919، وهو من أبناء الحزب الوطني الذي يؤمن بقضية الخلافة الإسلامية وعودة الخديوي عباس إلى حكم مصر، وكان يمني النفس بانتصار الألمان كي يخلصوا مصر من الاحتلال الانجليزي.
أما الوالد القاهر المستبد فرغم وطنيته ثار على ابنه لانشغاله بالسياسة، لأنه رأى في انغماسه بالحركة الوطنية من غير إذنه خروجا على طاعته، فالأب في نظره هو الذي يقرر مصائر واتجاهات جميع أعضاء الأسرة، والطاعة العمياء واجبة لا مفر منها، لكن فهمي صمد أمام الغضب العاصف للأب، فلأول مرة لا يقوى هذا الأب على سلب إرادة أفراد أسرته في حياته بعد كسر قانون الطاعة المفروض.
تحكي الرواية وقائع الثورة بالتفصيل، فتصور مصر بلدا جديدا تخلقه الثورة ويدفع الجماهير الغضب إلى مواجهة الأعاصير، ونجحت الثورة في تحقيق هدف واحد هي الإفراج عن القائد والزعيم السياسي سعد زغلول ورفاقه. ثم عادت المظاهرات وسار فهمي معها خطوة بخطوة وهو طالب في مدرسة الحقوق التي أطلقت شرارة ثورة 1919، وأصبح يشرف على تجمعات الطلبة كعضو في لجنة الطلبة العليا ثم تسلم راية القيادة لأول مرة فتقدم الصفوف وقاد مظاهرة أدت إلى مقتله ، وبموت فهمي تنتهي رواية بين القصرين، التي تلتها روايتي (قصر الشوق والسكرية) وهذه الروايات تشكل ثلاثية نجيب محفوظ التي تعتبر ملحمة تؤرخ لحياة الشعب المصري بين الحربين العالميتين الأولى والثانية.
نقد أدبي
يبدو نجيب محفوظ في روايته روائي واقعي يصور الواقع تصويرا أمينا ويخلق من أبطال روايته شخصيات حية تحيى حياة كاملة عميقة تجيش بالعواطف والرغبات، وهو من الكتاب القلائل الذين يكتبون عن الحياة العريضة للبشرية بما فيها الوضع اللإنساني الذي تعيشه المرأة ككائنة بلا كينونة أو إنسانة بلا إرادة، فهي مجرد أنثى عندما تصبح زوجة تتحول إلى مصنع لإنتاج الذكور والإناث، وخادمة في البيت وعبدة للزوج.
هو كاتب الطبقة الوسطى المصرية بلا منازع ، فمعظم شخصياته من البرجوازيين الصغار في المدن وأبنائهم من الطلبة والمثقفين ، ففي روايته هذه سلط الضوء على الطبقة المتوسطة من بين فئات الشعب الكثيرة المشتركة في الثورة.
اختار التاجر أحمد عبد الجواد بطلا للرواية وابنه الطالب المثقف فهمي ، وكان الطلبة في ذلك الزمان والمكان هم قادة الثورة ووقودها سيما هم أبناء طبقة قادرة على الإنفاق لتعليم أبنائها.
إن نجيب محفوظ كاتب برجوازي يتسم أسلوبه بالواقعية النقدية تمكن من استبطان عالم البرجوازية المصرية الواسع والمتناقض وهو يساعدنا على فهم المجتمع المصري والتاريخ المصري وينافس المؤرخين ورواياته تنافس كتب التاريخ، وينطبق على صاحب جائزة نوبل للآداب هذا الروائي الكبير ما قال كارل ماركس عن ـ بلزاك ـ الروائي الفرنسي الشهير: انه يساعد على فهم المجتمع أكثر من أكثرية كتب التاريخ والاقتصاد .أخيرا لنسمع الكاتب السوري الرائع حنا مينة ـ الذي يستحق أيضا جائزة نوبل للآداب لكنه لم يحصل عليها ـ ماذا يقول عن نجيب محفوظ وعن روايته قصر الشوق:
مئة عام من العزلة التي حاز عليها أديب أمريكا اللاتينية الكولمبي ماركيز جائزة نوبل للآداب قبل محفوظ بسنوات»
انظر أيضاً
المصادر
- ^ سامي مراد (2007-05-28). "نجيب محفوظ و رواية بين القصرين". الحوار المتمدن. Retrieved 2012-11-20.