السكرية (رواية)
المؤلف | نجيب محفوظ |
---|---|
البلد | مصر |
اللغة | العربية |
السلسلة | الثلاثية |
الموضوع | الحياة الاجتماعية في مصر فيما بعد ثورة 1919 وفترة الاحتلال البريطاني |
الصنف الأدبي | رواية تاريخية اجتماعية |
الناشر | |
الإصدار | 1957 |
السكرية، هو الجزء الأول من ثلاثية نجيب محفوظ الشهيرة، والتي تشكل القاهرة المسرح الأساسي والوحيد لأحداثها.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
أحداث الرواية
عنوان الرواية السكرية اسم لأحد شوارع القاهرة الشعبية القديمة، تجري أحداثها عشية ثورة 1919 المصرية. وتروي قصة حياة أسرة منتمية إلى طبقة برجوازية تجارية صغرى، متمسكة بالعادات والتقاليد، وشخصيتها المركزية الأب (السيد أحمد عبد الجواد) المستبد الأناني الصارم تجاه أسرته المكونة من زوجته وخمسة أبناء، كلهم يخضعون له دون معارضة، يؤمنون بتقواه من منطلق أنه حريص على أوقات الصلاة وكأن التقوى والصلاة وجهان لعملة واحدة، مخلص في عبادته لله بنفس مقدار إخلاصه لسطوته وجبروته وبطشه وكأنه على رأس نظام سياسي استبدادي شمولي.[1]
فصول طويلة تتحدث عن الحياة اليومية لتلك الأسرة وشخصياتها، فياسين وأخته خديحة يتزوجان تباعا حسب مشيئة الأب فقط ، وليس لإرادة الابنة والابن أي اعتبار، الزوجة أمينة رهينة المحبسين الدار والزوج، هي لا تعرف من القاهرة شيئا حتى متجر زوجها الذي تعتبره سيدها، لكونها تقية بتقوى التخلف الاجتماعي فهي تقرن تقواها في الخوف من العفاريت والجن بالولاء التام (لسيدنا الحسين) المسجد الذي ذهبت لآداء الصلاة فيه والذي لا يبعد أكثر من عشر دقائق مشيا على أقدامهاعن بيتها للمرة الأولى والأخيرة، بعد عشرين سنة من زواجها ودون علم الزوج لأن زوجها ذلك الكائن الرهيب كان يحول بينها وبين أمنيتها في الخروج من البيت، فالمرأة في نظره ونظر أمثاله من الرجال في ذلك المجتمع المغرق في ذكوريته، لا تخرج من بيت الزوجية إلا لسببين طلاقها ووفاتها ومن ثم الذهاب إلى قبرها، فكاد الزوج أن يطلق زوجته عندما علم بخروجها فهذه جريمة كبرى في نظره سيما أن فعلها هذا هو كفر بطاعته المقدسة وليس بعد الكفر ذنب.
وتبدأ أحداث هذا الجزء بعد نهاية أحداث الجزء السابق قصر الشوق، بثمانية أعوام كاملة أي في عام 1934 ،وتنتهي في عام 1943.[2]
يبدأ هذا الجزء بداية حزينة، كالنهاية التي انتهى بها سابقه. يتوفى إبنا عائشة وزوجها متأثرين بمرض التيفوئيد. وتتبدل حال عائشة، التي كانت آية في الحسن والجمال، إلى امرأة شاحبة البشرة ، غائرة العينين، خامدة النظرة، تدخّن بشراهة، وتشرب القهوة بلا توقف، ولم يبق لها سوى ابنتها نعيمة ذات الستة عشر عاما.
في هذا الجزء يتبدل الأبطال، حيث يتبوأ أطفال الجزء الماضي مكان الصدارة في هذا الجزء كشبان نضجوا وأصبحت لكل منهم أهواؤه ومشاربه. في هذا العرض أيضا، وكما فعلت في عرض رواية (قصر الشوق)، سأستعرض الأحداث من خلال الأبطال الجدد، لكن سيظل لدينا بطل قديم متجدد هو (كمال)، الذي سيتنحى قليلا هذه المرة ليتقاسم البطولة مع أبناء أخيه وأخته.
شخصيات الرواية
عبد المنعم
هو الابن الأكبر لخديجة ابنة السيد أحمد عبد الجواد. يحصل عبد المنعم على شهادة البكالوريا من القسم الأدبي، ويدخل كلية الحقوق. ومنذ بداية الجزء، نرى أن عبد المنعم اختار لنفسه طريق الإيمان الصادق، فهو ملتزم بالصلاة، حريص على قراءة الكتب الدينية، حتى أنه قد انضم إلى جماعة الإخوان المسلمين وأطلق لحيته. وبالرغم من ذلك، فقد وقع عبد المنعم في حب جارته، وهي فتاة لم تتجاوز الرابعة عشرة، حيث كانا يلتقيان في الظلام فينسى كل دروس الدين التي سمعها. لكنه في كل مرة، كان يشعر بعد لقائها بحزن كبير يجعله يذرف دموع الندم على سجادة الصلاة، ويدعو الله أن يطرد عنه شيطان الغواية. ويبدع الكاتب في وصف الصراع الذي يعتمل في نفس عبد المنعم، إذ إنه في كل مرة ينوي التوبة ثم يضعف، حتى يقرر أخيرا توبة لا رجعة فيها. فيصارح الفتاة بما قرره متجاهلا دموعها، ويقدم لها نصيحة صادقة بأن لا تلتقي أبدا بشاب في الظلام.
بعد ذلك واستكمالا لتوبته، يقرر عبد المنعم الزواج، ورغم الاستغراب الذي يبديه أبواه بسبب صغر سنه إلا أنه يصر على رأيه، وفعلا يتزوج عبد المنعم من نعيمة ابنة خالته عائشة، وتحمل سريعا، غير أنها تقضي نحبها أثناء الطلق هي والجنين. بعد ذلك بأربعة أعوام يقرر عبد المنعم خطبة كريمة ابنة خاله ياسين، ويواجَه بعاصفة من قبل أمه، إذ لم يمض على وفاة جده السيد أحمد عبد الجواد سوى أربعة أشهر فقط، لكن والده يسانده. وتُزف كريمة إلى بيت زوجها زفة صامتة دون مشاركة جدتها وخالتها، ويسكنان في الدور الثاني في منزل والد عبد المنعم.
بعد ذلك يتواصل نشاط عبد المنعم مع جماعة الإخوان المسلمين، فيؤمن من كل قلبه بمبادئها، ويُعيّن مستشارا قانونيا لشعبة (الجمالية)، ويبدأ بعقد اجتماعات للجماعة في الطابق الخاص بسكناه، ولكن سرعان ما ينكشف أمره، فيداهم البوليس بيته ويعتقله رغم كل توسلات خديجة للمأمور بترك ابنها وشأنه. ويساق عبد المنعم إلى زنزانة رطبة فيتساءل بحرقة: هل كل ذنبي أنني أعبد الله؟!
أحمد
على العكس تماما من عبد المنعم، يعتنق أحمد الفكر الشيوعي في نهاية المرحلة المدرسية. ورغم أن أمه قد ربّته على الصلاة منذ الصغر، إلا أنه يقرر التوقف عن أدائها عند بلوغه الخامسة عشرة. وأثناء دراسته في كلية الآداب، يبدأ بنشر مقالات في مجلة (الإنسان الجديد)، وهي مجلة اشتراكية بامتياز. ويتعرف على (علوية صبري)، الطالبة بنفس كليته، ويتصادقان زمنا، ثم يفاتحها برغبته في الزواج. وبعد مماطلة من طرفها، وإلحاح من طرفه، تفاجئه بتصريحها أنها ترغب في الزواج من رجل غني، يضمن لها الحفاظ على مستواها المعيشي، وبذلك تطوى صفحة (علوية صبري) من حياته.
بعد تخرجه يقرر أحمد العمل في الصحافة، على الرغم من معارضة والديه، ويعده رئيس تحرير مجلة (الإنسان الجديد) بتعيينه مترجما أولا على سبيل التدريب ثم محررا. وفي عمله الجديد يتعرف على (سوسن حمّاد)، المحررة في المجلة. ورغم جمالها المحدود وجديتها المفرطة وإغراقها في السياسة، ورغم كونها أدنى منه اجتماعيا بالإضافة إلى أنها تكبره بسنوات فإنها تنجح في الفوز بحبه ويتزوجان، على الرغم من أن أمه تثير عاصفة من الاحتجاج، ويسكنان في الدور الأول في نفس بيت والده.
وعلى غرار أخيه عبد المنعم، يبدأ أحمد وسوسن بعقد الاجتماعات في الدور الأول، وإن كان بعدد محدود من الأصدقاء، جلّهم من البيئة الصحفية، وبينهم رئيس تحرير مجلة (الإنسان الجديد)، حيث تدور بينهم المناقشات النظرية ويدرسون الماركسية، ويخططون للقضاء على الدين. ومن الطريف أن جماعتين تخططان للقضاء على بعضهما تجلسان في نفس المنزل لا يفصلهما سوى السقف!! ومع ذلك، ينتهي الأمر بأحمد إلى الاعتقال مع أخيه عبد المنعم سواء بسواء، ويوضعان في نفس الزنزانة مع بعض الطلبة واللصوص والسكارى.
هذا الاعتقال، يكشف لأحمد عن أمر خطير لم يكن قد تنبه إليه من قبل. فهو قد قضى حياته مدافعا عن الشعب ومطالبا بحقوق الطبقة الكادحة، ولكنه ما إن اجتمع مع الشعب في زنزانة حتى وجد نفسه ينفر من مخالطتهم ويتقزز من ملامستهم!! ويجد نفسه في السجن قد بدأ يراجع حساباته ويفكر في كلام المأمور الذي نصحه بالاهتمام بعائلته.
رضوان
هو ابن ياسين من زوجته السابقة زينب. تربى فترة في حضن جده (محمد عفت)، ثم ما إن تزوج ياسين من زنوبة حتى استرجع ابنه ليعيش معه. لكن زنوبة –رغم أنها لم تسئ يوما معاملة رضوان- فإنها كذلك لم تحبه، ولا هو أحبها. وكانت زنوبة ترحب ترحيبا خفيا بكل ما يبعده عن بيتها ولو لحين، فكان يبيت أحيانا عند أمه، أو عند جده، أو عند صديقه (حلمي عزت). وقد دخل رضوان كلية الحقوق مع ابن عمته عبد المنعم، لكنه لم يتشجع يوما أن يتخذ من عمته أو أبنائها أصدقاء له. وللأسف يجره صديقه حلمي إلى طريق الشذوذ، فيعرفه على عجوز شاذ ذو منصب مهم يدعى (عبد الرحيم عيسى)، فيهتم به الأخير ويوظفه بعد تخرجه سكرتيرا للوزير.
كمال
في هذا الجزء من الثلاثية تتجلى معاناة كمال وحيرته وتخبطه..لا يعرف من هو؟ ماذا يريد؟ ما الحقيقة؟ ما القيم؟ما السعادة؟ أي فلسفة ينتمي إليها؟ لماذا يحرك رأسه مرتابا بعد أن ينتهي من دراسة كل مذهب فلسفي؟ لماذا يهرب من الزواج رغم بلوغه الثامنة والعشرين، ورغم أنه أصبح مدرسا للغة الإنجليزية في مدرسة السلحدار الابتدائية؟
وفي لقاءاته المتكررة مع صديقه إسماعيل لطيف كان يفصح أحيانا عن حيرته، لكنه لم يكن يجد جوابا مقنعا عند إسماعيل الذي كان متزوجا سعيدا بحياته مع زوجته وأطفاله، فيستمر في قضاء لياليه بين الخمر والمومسات. ثم في أحد لقاءاتهما، يخبره إسماعيل أن أسرة شداد التي تنتمي لها حبيبته السابقة عايدة قد انتهى أمرها، حيث أفلس الأب وانتحر، وبِيع القصر وانتقلت الأسرة للعيش في شقة متواضعة في العباسية.
ويداوم كمال على نشر مقالاته الفلسفية في مجلة (الفكر)، التي كان موضعها الأرضي وأثاثها الرث يذكرانه بمكانة الفكر في بلده. وفي المجلة يتعرف على (رياض قلدس) المترجم بوزارة المعارف، والذي ينشر في المجلة قصصا قصيرة فتنشأ بينهما صداقة حميمة عوضته عن فقد صديقه حسين شداد، شقيق عايدة، الذي هاجر إلى فرنسا.
بعد ذلك بعدة سنوات-هذه السنوات التي توفي والده خلالها- يلتقي صدفة بـ(بدور). و(بدور) هي الشقيقة الصغرى لعايدة، والتي كانت قبل سبعة عشر عاما طفلة يجلسها كمال على ركبتيه عندما يزور أخاها. ويبدأ بملاحقتها وحضور المحاضرات في الجامعة "مستمعا" متعللا بأنه يقوم ببحث يستدعي متابعة هذه المحاضرات. ثم صار يزور الحي الذي تسكن فيه بدور يوميا فيجدها جالسة على الشرفة ويتبادلان الابتسام. وتعود الهواجس لتلعب برأس كمال..هل يتقدم لخطبة بدور؟ إنها لن ترفضه كما رفضته شقيقتها من قبل فهم الآن فقراء..وهي تبدو مستجيبة ملبية رغم فارق السن. لكن أكثر ما كان يخيفه هو أنه يعتبر الزواج سجنا، وأنه إذا تزوج فلن يعود له من هم سوى الكفاح المرير في سبيل الرزق ليؤمّن حياة الأسرة والأبناء، وستتراكم عليه المشاغل وهو لا يطيق هذه الحياة.
وتيأس بدور من تردده فتقرر حسم الموقف بنفسها، فتنتظره مرة على الشرفة بملابس الخروج، ثم ما إن يتبادلا الابتسامة المعتادة حتى تتوجه إليه رأسا، ويسيران جنبا إلى جنب كأنها تمنحه الفرصة الأخيرة للتقدم. لكن كمال يتردد، ويبرر تردده لنفسه بأن من تسعى إليه فهي ليست فتاة أحلامه، ويفترقان دون كلام.
بعدها تتوالى المصادفات المثيرة في حياة كمال..يصادف بدور مرة متأبطة ذراع شاب وإصبع يدها اليمنى يتزين بخاتم ذهبي..ثم يقابل صديقه حسين شداد الذي لم يره منذ سبعة عشر عاما..ويحمل الأخير في جعبته أخبارا مذهلة عن عايدة فيعلم كمال أنها طُلقت من زوجها، ثم تزوجت بعده رجلا متزوجا، ثم توفيت.
نقد أدبي
تتميز الرواية بالتوازن ممثلاً بشخصيتي الأخوين عبد المنعم وأحمد. إن التناقض في مذهبيهما هو تناقض قائم في المجتمع بالفعل (على الأقل في تلك الفترة). وقد أعجبني جدا أن الكاتب كان يتقمص شخصية كل واحد منهما عندما يتحدث عنه. فعند الحديث عن عبد المنعم يتحدث عن الإسلام ومبادئ حركة الإخوان المسلمين بوضوح واحترام ودون تزييف أو استهزاء. كذلك عندما يتحدث عن أحمد، فإنه يتحدث عن الاشتراكية ومبادئها بحيادية ووضوح وتبسيط.
قدّم الكاتب للانحراف الذي أصاب رضوان بمبررات كثيرة، كالتفكك الأسري وغياب الأم وإهمال الأب، إلا أنني ما زلت أجد موضوع الشذوذ محشورا بدون مبرر كما هي شخصيات (حلمي عزت)، (عبد الرحيم عيسى)، و(علي مهران) الذين يمثلون الشواذ في الرواية، ربما بهدف طرق المحظور فقط. ولمن لم يقتنع برأيي هل لي أن أتساءل: لماذا نجح رضوان دراسيا وتخرج من كلية الحقوق رغم إهمال المحيطين له، لكنه سقط أخلاقيا دون أدنى مقاومة في براثن عجوز شاذ يدّعي حسن الخلق والالتزام بالصلاة، ويذهب أخيرا لأداء فريضة الحج؟!
انظر أيضاً
المصادر
- ^ سامي مراد (2007-05-28). "نجيب محفوظ ورواية بين القصرين". الحوار المتمدن. Retrieved 2012-11-20.
- ^ إيمان عرفات. "السكرية". الموقع الشخصي لعمرو خالد. Retrieved 2012-11-20.