نسطورية
النسطورية Nestorianism ، مذهب مسيحي يصنف بالنسبة للمذاهب المسيحية الكاثوليكية والأرثوذكسية و معظم الكنائس البروتستانتية ضمن الهرطقات والبدع يقول بأن يسوع المسيح مكون من شخصين ، إلهي وهو الكلمة وإنساني أو بشري هو يسوع ، فبحسب النسطورية لا يوجد اتحاد بين الطبيعتين البشرية و الإلهية في شخص يسوع المسيح . بل هناك مجرد صلة بين إنسان والألوهة ، وبالتالي لا يجوز إطلاق اسم والدة الإله على السيدة مريم العذراء كما تفعل الكنائس المسيحية الكاثوليكية والأرثوذكسية لأن مريم لم تلد إلها بل إنسانا فقط حلت عليه كلمة الله أثناء العماد وفارقته عند الصليب ، فيكون هذا المذهب بذلك مخالفا للمسيحية التقليدية القائلة بوجود أقنوم الكلمة المتجسد الواحد ذو الطبيعتين الإلهية والبشرية [1].
النسطورية تسمية أطلقت على مذهب تدين به طائفة مسيحية شرقية تنسب إلى مؤسسها نسطوريوس أحد كبار رجال الدين في القرن الخامس وبطريرك القسطنطينية (428ـ 431م) الذي قال بوجود طبيعتين منفصلتين للسيد المسيح انطلاقاً من تعاليم مدرسة أنطاكية اللاهوتية التي ينتمي إليها، وفحواها أن الطبيعتين الإلهية والبشرية لم تتحدا اتحاداً كاملاً في المسيح. وتطور هذا المذهب إلى القول: إن للمسيح طبيعة بشرية مكتملة، وإن ألوهيته لا تنسحب على أمه مريم، ومن ثم لا يجوز تسمية العذراء «والدة الإله»، وإنما «والدة المسيح»؛ لأنها لم تلد إلهاً بل إنساناً، وهو الذي تألم ومات على الصليب.
وقد تصدى لهذه الآراء بطريرك الإسكندرية كيرلس، وقاد حملة شعواء ضد نسطوريوس تكللت بقرارات مجمع إفسوس المسكوني عام 431م التي سفهت آراءه، وحكمت عليه بالنفي والحرمان فمات منفياً في صحراء مصر الغربية عام 451.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
نسطور
رًبِطَ تأسيس هذا المذهب بنسطوريوس ( 386 م- 451 م) بطريرك القسطنطينية ، تم إقصاء هذه الفلسفة الخاصة بطبيعة المسيح ومنعها من قبل آباء الكنيسة في مجمع أفسس في عام 431 م [2]، وأدى الصراع حول هذه النظرية إلى الصدع النسطوري ، الذي فصل الكنيسة السريانية الشرقية عن باقي الكنائس المسيحية في ذلك الوقت .
انتشار "النسطورية" الآشورية
انتشر هذا المذهب بشكل رئيسي بين مسيحي العراق وبلاد الفرس بتشجيع من الساسانيين وذلك لاعتقادهم بأن ابتعاد المسيحيين القاطنيين في مملكتهم عن إخوانهم من مسيحيي الإمبراطورية الرومانية سيسهل لهم السيطرة عليهم [3]، ومن ثم اعتنقت النسطورية جماعات من مسيحي الهند و في القرن السابع امتدت إلى الصين وحتى منغوليا ويوجد في مدينة شيآن الصينية نصب حجري أقامه أحد المبشرين النساطرة سنة 781 م [4]، وكان هذا المذهب هو السائد بين مسيحي شبه الجزيرة العربية قبل ظهور الإسلام وكانت البحرين هي مركزهم الرئيسي هناك [5]، وهو المذهب الذي تتبناه كل من كنيستي المشرق القديم و الآشورية الشرقية حتى يومنا هذا.
على أن عدداً من أخلص أنصاره تابعوا حمل رسالته على الرغم من اضطهادهم وملاحقتهم وأسسوا مدرسة لاهوتية في إديسا Edessa ـ ترأسها نارساي Narsai أحد كبار الشعراء واللاهوتيين السريان، عملت على نشر مبادئ النسطورية النابعة من تراث مدرسة أنطاكية وتعاليمها اللاهوتية التي وضعها المعلمون الثلاثة الكبار: ديودوروس الطرسوسي Diodoros وثيودوروس المصيصي Theodoros of Mopsuestia ونسطوريوس.
وعندما تفاقم النزاع مع أتباع مذهب الطبيعة الواحدة (المونوفيزيقية) أُغلقت مدرسة إدسا بمرسوم امبراطوري عام 489م، والتجأ أساتذتها وطلابها إلى مدينة نصيبين Nusaibin في شمالي سورية التي كانت آنذاك تحت السيادة الفارسية، وصارت المركز الديني للنساطرة برئاسة الأب برصوما Barsauma (المتوفَّى 490م) أسقف نصيبين الذي رعى المدرسة اللاهوتية النسطورية التي تأسست فيها، وكان لها الفضل في نشر النسطورية في الامبراطورية الساسانية في عهد الملك فيروز الأول Firuz I ت(459 ـ 484م) الذي رغب في استثمار النسطورية سياسياً؛ إذ كان من شأن ذلك أن يبعد نصارى مملكته عن نصارى دولة الأعداء، وبذلك ترسخ الانشقاق بين كنائس الشرق المسيحية.
ثم ظهر العالم اللاهوتي الكبير باباي Babai ت(559 ـ 627 م) الذي بقيت كتاباته الموسعة عن النسطورية والقوانين التي رسخها أكبر مرجع مقدس للنساطرة في العهد الإسلامي. وانتقل بطريرك الطائفة من طيسفون إلى مقربة من بغداد حيث اضطلع النساطرة بدور ثقافي عظيم الأهمية في حركة الترجمة، وكان ينظر في بعض الأوقات إلى البطريرك النسطوري بوصفه الممثل الرسمي للمسيحيين في دار الإسلام. وقد كان للكنيسة النسطورية نشاط تبشيري كبير في الشرق وصل إلى الهند وعلى امتداد طريق الحرير عبر آسيا الوسطى حتى الصين.
عاش النساطرة أحداثاً مثيرة كثيرة، لعل أبرزها اكتساح المغول في القرن الخامس عشر إيران والعراق والفتك بأتباعهم، وثانيها نجاح البعثات التبشيرية في القرن السادس عشر في إعادة القسم الأكبر من النساطرة إلى أحضان الكنيسة الكاثوليكية، وهم الذين عرفوا فيما بعد بالكلدان. وآخرها عندما انضم قسم أقل من النساطرة إلى الكنيسة الأرثوذكسية الروسية سنة 1898 على يد المطران «مار يونان». أما نساطرة كردستان فقد تمسكوا بالنسطورية وأطلق عليهم فيما بعد «الآشوريون».
وفي الحرب العالمية الأولى انتصر النساطرة للدولة الروسية ضد العثمانيين، وارتكبوا عدداً من المجازر بحق الأكراد. وفي أعقاب مؤتمر القاهرة 1921 أسس البريطانيون بدعم من رئيس وزراء بريطانيا ونستون تشرشل كتائب من النساطرة هدفت إلى دعم البريطانيين ضد الوطنيين العراقيين في محاولة كسب تأييد بريطانيا لتأسيس دولة خاصة بهم، لكن ثورتهم سنة 1933 لم تحقق لهم ذلك. وبعد حرب الخليج 1991 نجحت البعثات التبشيرية في تهجير عدد كبير من النساطرة إلى أمريكا وأستراليا وأوربا. وتعدّ الكنيسة النسطورية اليوم عضواً في المجمع المسكوني الفاتيكاني الثاني بصفة مراقب، إضافة إلى عضويتها في المجلس المسكوني لكنائس الشرق الأوسط، ولغة الطقوس لهذه الكنيسة هي السريانية.
طالع أيضاً
- نسطور
- الآشوريون النساطرة
- كرستولوجيا
- كنيسة الشرق الآشورية
- كنيسة الشرق والخارج
- Babai the Great
- النسطورية في الصين
- Alopen
- Johannite
- Prester John