جرجس الجوهري
المعلم جرجس الجوهري، هو أول وزير مالية في عهد محمد علي باشا، وكان يعتبر كبير الأقباط في عصره.[1]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
حياته
الحملة الفرنسية
مع أن الحملة الفرنسية تمثل فترة قصيرة جدًا بالنسبة لتاريخ مصر (1798-1801)، لكنها تمثل دورًا هامًا في تاريخ الأقباط. كان الأقباط في موقف لا يُحسدون عليه. فمن ناحيةٍ جاء ناپليون بوناپرت إلى مصر لُيقيم إمبراطورية في الشرق الأوسط تحت دعوى الدفاع عن الإسلام، فلم يترك فرصة إلا وأظهر ودّه للمسلمين والإسلام، فكان يلبس الزيّ الشرقي ويصحب قادته إلى المسجد ومعه مائة شيخ ليتلو التواشيح، ويحرك رأسه متظاهرًا بالتقوى، لكن المسلمين أدركوا ما في أعماقه أنه لا يؤمن بالدين.
ومن الجانب الآخر يروي يعقوب بك نخلة أنه لما شاع الخبر أن الجنود الفرنسيين قادمون، واشتغل الأمراء بالاستعداد لمقابلتهم اختل النظام وسادت الفوضى، وكثر اللصوص وقطّاع الطرق في البلاد، وهاج سكان القاهرة على بيوت الأقباط والسوريين والإفرنج والأروام بدعوى البحث عما فيها من الأسلحة. واتخذ أهل الفساد والطمع هذا ذريعة، فنهبوا بيوت الذين لا قدرة لهم على المقاومة. وأشار البعض بقتل جميع النصارى عن آخرهم. فعارضهم في ذلك إبراهيم بك وقاومهم ومنعهم، واحتمى بعض النصارى الإفرنج وغيرهم في داره، وهجم رعاع الناس على بيوت البكاوات والأمراء الذين فروا أمام الفرنسيين ونهبوها.[2]
لكن شعر بونابرت بحاجته إلى خبرة الأقباط خاصة في جمع الضرائب كما يظهر من رسالته إلى الجنرال كليبر في 22 أغسطس 1700 .
لقد تعرف على المعلم جرجس، وكما يقول توفيق إسكاروس:
اعتبره الفرنسيون عميد الأقباط، فأجلّوه واحترموه، واستصحبه نابليون بونابرت في إحدى المهام، كما استصحبه الفرنسيون في عبورهم للنيل عند بولاق عقب وصول الجيش العثماني إلى أبي قير بصحبة حلفائهم الإنجليز. وظل المعلم جرجس محافظًا على رئاسة الكتاب والمباشرة وحائزًا على ثقة الفرنسيين ورضاء أعيان المصريين وكبار المشايخ والسادة، حتى تم جلاء الفرنسيين عن مصر في سنة 1081.
الحكم العثماني
حينما دخل العثمانيون والمماليك القاهرة على أثر انسحاب الفرنسيين، ساد الاضطراب وهرب عدد كبير من الأقباط إلى مصر القديمة والجيزة.
يصف الجبرتي ما عاناه الأقباط فقال:
وفي أول سنة 1803 ثار الجنود الأتراك وزحفوا على حارة النصارى ونهبوا بيت المعلم جرجس الجوهري وأخذوا منه أشياء نفيسة.
يقول الجبرتي بأنه في يوم الأحد 15 صفر سنة 1219 هـ أشيع بأن فرمانًا صدر ضد النصارى أنهم لا يلبسون ثيابًا ملونة، ويقتصرون على لبس الأزرق والأسود فقط. فبمجرد الإشاعة وسماع ذلك ترصد جماعة من الغوغاء لمن يمر عليهم من النصارى ولمن يجدوه بثياب ملونة يأخذون طربوشه ونعله الأحمر ويتركون له الطاقية والحزام الأزرق. ولم يكن القصد من ذلك الانتصار للدين بل السلب وأخذ الثياب؛ ثم أن النصارى صرخوا إلى عظمائهم فسمعوا لشكواهم، ونودِيَ بعدم التعرض لهم.
عصر محمد علي
كان النظام الاجتماعى ونظام الحكم في مصر أواخر عهد العثمانين يفرض على المسيحين دفع الجزية وكان كبير القبط في عصره يلتزم بدفعها إلى الحاكم واستمر هذا الوضع مع محمد علي ولكن هذا النظام كان يجعل للمسيحيين واليهود سلطاناً عظيماً في الدولة، إذ كان الأقباط واليهود يتولون جميع أمور الدولة المالية فهم جباة الضرائب وهم الذين يقدّرون الأراضي والمحاصيل وفي أيديهم كل سجلات ودفاتر الدولة.
وفي أول عهد محمد علي وضع لسجلات الضرائب نظاماً يقضي أن تكتب باللغة العبرية لأن فرقة من كتابها من اليهود.[بحاجة لمصدر]
يقول الجبرتي أن محمد على باشا بدأ تصرفاته بالعمل على تعزيز كلمته وإظهار سلطانه وتأييد مقامه واسترضاء الجند وصرف المتأخر من مرتباتهم، ففرض على قبط مصر وعلى عظمائهم جزية.
قال صاحب الكافي:
بعد أن تولى محمد علي الحكم نال لديه المعلم جرجس المقام الأول لِما يسديه إليهم من الهدايا والعطايا، حتى كانوا يسمونه جرجس أفندي. وكان عظيم النفس ويعطي العطايا ويوزع على جميع الأعيان عند قدوم شهر رمضان الشموع والسكر والأرز والبن والملابس. غير أن الوالي سرعان ما انقلب عليه بعد ذلك مختلقًا سببًا وهو عدم مبادرته إلى جباية كل ما كان يطلبه من الضرائب، ولعل ذلك كان شفقة من المعلم جرجس على الأهالي، فقبض عليه ومن معه من الأقباط بحجة أن في ذمته مبالغ متأخرة من حساب التزامه.
يقول توفيق إسكاروس:
وفي يوم الأربعاء (24 منه) افرجوا عن جرجس الجوهري ومن معه على أربعة آلاف وثمانمائة كيس وأن يبقى على حاله. فشرع في توزيعها على باقي الأقباط وعلى نفسه وعلى كبرائهم وصيارفهم ما عدا فتيوس وغالي، وحوّلت عليه التحاويل وحصل لهم كرب شديد وضج فقراؤهم واستغاثوا.
اضطر المعلم جرجس إلى بيع كثير من أملاكه في الأزبكية وقنطرة الدكة، ثم لجأ إلى الصعيد ويُقال أن محمد علي قد نفاه هناك.
قبل رحيله إلى الصعيد جمع كل حجج أملاكه وسلمها إلى البطريركية كوقفٍ لها لتنفق من ريعها، وقد صُرح له بالعودة إلى القاهرة بعد أربع سنوات فعاد سنة 1809. وقابل الباشا فأكرمه، ثم نزل بيته الذي كان المعلم غالي قد أعده له، وتقاطر وجوه المدينة من جميع الملل للترحيب به، ولكن المنية عاجلته فتنيح في سنة 1810. ودفن بدير مار جرجس بمصر القديمة بجوار أخيه المعلم إبراهيم الجوهري.
كتب المؤرخ الجبرتي عنه قائلًا أنه نافذ الكلمة، واسع الصدر، عظيم النفس، أما خدماته للأقباط فلا تقل عما فعله أخوه المعلم إبراهيم الجوهري، فكان شريكه في تعمير الكنائس والأديرة ووقف العقارات عليها إلى غير ذلك من وجوه البر والإحسان.
في الثقافة العامة
لوحة "المعلم جرجس الجوهري جابي الضرائب"، للرسام الفرنسي ميشل ريگو Michel Rigo (1770م-1815م)، الذي جاء مصر مع الحملة الفرنسية 1798م وكان ضمن أخرين في لجنة العلوم والفنون الفرنسية.
المصادر
- ^ مصطفى شريف (2015-01-24). "المعلم جرجس الجوهرى". صفحة تراث مصري.
- ^ المعلم جرجس الجوهري، موقع الأنبا تكلا
المراجع
- قاموس آباء الكنيسة وقديسيها مع بعض شخصيات كنسية، للقمص تادرس يعقوب ملطي.
- توفيق إسكاروس: نوابغ الأقباط ومشاهيرهم في القرن التاسع عشر، ج 2، 1913، ص 280-312.
- الراهب القمص أنطونيوس الأنطوني، وطنية الكنيسة القبطية وتاريخها، صفحة 315.