تطهير قناة السويس 1974
تطهير قناة السويس، بدأ في أعقاب حرب 6 أكتوبر 1973، في فبراير 1974.، لتطهير قناة السويس ووخليجها من الألغام المتبقية بعد حرب 1967. فبعد ست سنوات من المواجهة العسكرية غصت قناة السويس وضفافها بعدد هائل من الألغام التي زرعت في معظم الأحوال بصورة عشوائية. وقامت أربع دول بكسح تلك الألغام. إلا أن الأمريكان شاركوا في المرحلتين الأوليين فقط. أما القطاعات الأكثر تعقيدا فكانت من حصة البحارة العسكريين السوفييت الذين وصلوا على متن عدة سفن إلى مصر تلبية لدعوة من حكومتها. أعيد افتتاح قناة السويس للملاحة في 5 يونيو 1975.
بلغ حجم القطع التي تم انتشالها 35 ألف طن تشمل 120 عائقاً متوسطاً، وحوالي 600 عائق صغير و99 عائقاً من غاطس السويس وحده.
أما البحرية المصرية فكان لها السبق والريادة في تطهير القناة من الألغام والقنابل وذلك بداية من فبراير 1974 حيث تم تشكيل فريق من 100 فرد من خيرة رجال البحرية المصرية، كما قدم سلاح المهندسين 5 مجموعات متخصصة في رفع وتفجير الألغام.
شاركت أكبر ثلاث قوي عظمي (الولايات المتحدة، بريطانيا، وفرنسا) بجهد كبير في عملية تطهير قناة السويس حيث قدمت أقصى ما لديها من إمكانيات تكنولوجية في مجال الكشف عن الألغام والمفرقعات، أُسفر كل ذلك الجهد عن رفع وتفجير 688 ألف لغم وقنبلة من على ضفتي القناة، بالإضافة إلى رفع وتفجير، انتشال 42 ألف لغم وقنبلة وصاروخ من قاع القناة.
ورغم الجهد الغربي الفنى المتطور الذي ساهم في التطهير، إلا أن دورهم اقتصر على المعاونة الفنية ولم تصل إلى التعامل المباشر مع الألغام والمفرقعات حيث طلبوا أن يتولى رجال البحرية المصرية كل عمليات التطهير في القاع وعلى ضفتى القناة وصدق رجال البحرية المصرية بحق وقاموا بتطهير القناة لتصبح أكثر الممرات الملاحية أمناً في العالم منذ ذلك التاريخ.[1]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
عملية التطهير
عقب انتصار المصريين في حرب أكتوبر مباشرة وفي أوائل ديسمبر 1973 وقبل توقف العمليات الحربية بدأ رجال الإنقاذ بهيئة قناة السويس عملية تطهير القناة من العوائق الغارقة حيث كانت عمليات الاستعداد لبدء تطهير القناة تتم في هدوء، وكان من الضروري إعداد ميناء بورسعيد لاستقبال السفن وكاسحات الألغام الأجنبية تمهيداً لدخولها القطاع الشمالي للقناة.
قام فريق الإنقاذ المكون من 10 غطاسين و15 بحاراً و6 إداريين وبإمكانيات بسيطة للغاية برفع وانتشال 48 عائقاً من السفن الصغيرة والقاطرات وناقلات المياه ولنشات الخدمة التي غرقت خلال الحرب بميناء بورسعيد.
تنفيذا لتعليمات الرئيس السادات قام المهندس مشهور أحمد مشهور، رئيس هيئة القناة آنذاك بالاتصال بسفراء بعض الدول الصديقة طالباً المساعدة في عمليات تطهير القناة من الألغام والمفرقعات لما تتطلبه هذه العمليات من خبره وأجهزة لم تكن متوفر لدينا، وأسفرت عن الاتصالات عن ترحيب حكومات الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا بالتعاون مع الهيئة في هذا السبيل.
إزالة سد الدفرسوار
كان من الضروري سرعة البدء في إزالة سد الدفرسوار للسماح بتحرك معدات التطهير والانتشال على طول القناة فبدأت عمليه استكشاف السد ووضع الخطه لإزالته في 24 مارس 1974 وبدأ العمل الفعلي في إزالة السد في 4 أبريل 1974.
كان السد مكوناً من الأحجار والكتل الخرسانية الكبيرة وبعض الصالات المملوءة بالأحجار وكان يعلوه طريق مرصوف بعرض 20 متر يربط الشاطىء الشرقي بالشاطىء الغربي للقناة، وقد بلغت الكميات التي استخرجت منه:
- 6500 متر مكعب من الأحجار الكبيرة
- 71000 متر مكعب من الكتل الخرسانية
- 12000 متر مكعب من الرمال والدبش والأتربة
- 27 صال حديد مملوءة بالأحجار
وكان من الضروري البدء في فتح ممر ملاحي لمرور صائدات الألغام بعمق 5 أمتار حتى نتمكن من مسح الجزء الجنوبي من القناة فبدأت الهيئة في إزالة السد بمعداتها المتيسره وبإرادة العاملين فيها من مهندسين وفنيين وغطاسين كما استعانت بغطاسين من القوات البحرية ومن الإنقاذ الهندي للقيام بتصبين وربط الكتل الضخمه حتى يمكن رفعها بواسطة أوناش الهيئة .
بلغت تكاليف إزالة السد حوالي 238 ألف جنيه بالعملات المحليه علما بأن أقل العروض التي وصلت من الشركات الأجنبيه المتخصصه كان حوالي 430 ألف جنيه منها مايعادل 750 ألف دولار بالعملة الأجنبيه في ذلك الوقت.
تطهير المجرى الملاحي من الألغام والمفرقعات
كانت القناة في قلب مسرح العمليات الحربية طيلة ست سنوات تبادل الجيشان المتحاربان خلالهما عبر القناة قذائف المدفعيه وطلقات الأسلحة المختلفه وقنائل الطائرات والصواريخ كما قامت القوات المسلحة المصرية منذ أوائل فبراير 1974 بالعمل في إزالة حقول الألغام الأرضيه على جانبي القناة لتأمين الوصول إليها، بدأت عمليات التطهير في 11 أبريل 1974 وقامت وحدات البحرية الأمريكية المتخصصه في إزالة الألغام باكتشاف الألغام والقنابل والمتفجرات باستخدام الطائرات الهيلوكوبتر والأجهزة المغناطيسيه والصوتيه المتطورة وقامت بمسح القطاع الشمالي للقناة بما في ذلك بوغاز بورسعيد في الفترة من 23 أبريل 1974 حتى 29 أبريل 1974 كما تمت هذه العمليات في القطاع الجنوبي من القناة بما في ذلك منطقة الانتظار في بوغاز السويس في 30 مايو 1974.
بعد ذلك قامت القوات المصرية بالاشتراك مع القوات الفرنسية بمسح ميول القناة للمرة الثالثه كما قامت صائدات الألغام الإنجليزية والفرنسيه بمسح المجرى الملاحي وقام الغطاسون المصريون والفرنسيون والخبراء الأمريكيون بمسح المناطق التي تركزت فيها العمليات الحربية والأماكن المحيطة بمواقع كباري الصور وحول العوائق الغارقه في القناة.
وفيما يختص بالجزء الأوسط من البحيرة المرة لم تسمح ظروف المنطقه بالرواسب الموجودة بمياه البحيرة باستخدام الأجهزة الصوتيه والمغناطيسية لاكتشاف الألغام وتركت لهيئة قناة السويس التي قامت بمسحها بالجنازير أو الشبكات تمهيدا لعمليات التكريك بالبحيرة. كان الاتفاق بين الحكومتين المصرية والأمريكية يتضمن أن تقوم القوات الأمريكية بتدريب أفراد القوات المسلحه المصرية على إزالة الألغام الأرضيه باستخدام أحدث الأجهزة والمعدات بهدف إعدادهم للقيام بتطهير المناطق الأرضيه على جانبي القناة وقد بدأ هذا التدريب في 29 أبريل 1974 وتم تدريب 1508 من الضباط والجنود من سلاح المهندسين على عمليات إزالة حقول الألغام وإزالة القنابل والمواد المتفجرة وقامت القوات المصرية بعد ذلك بتطهير مسافة 250 مترا على جانبي القناة من الألغام والمتفجرات وتمت هذه العمليات في 30 نوفمبر 1974.
أسفرت عمليات المسح الجوي للمجرى الملاحي واستخدام صائدات الألغام بالغطاسين عن إزالة أكثر من 8500 جسم متفجر منها مايقرب من 7500 جسم في المجرى الملاحي نفسه كما تم إزالة مايقرب من 1000 جسم متفجر من مداخل القناة وأماكن انتظار السفن وكانت من بين هذه الأجسام المتفجرة مخلفات من الحرب العالميه الثانيه ومعارك 1956 تتراوح بين قنابل زنه 2000 رطل وقنابل ضد الأفراد وقنابل يدويه كما تم تفجير لغم بحري ألماني 2000 رطل كان قد أسقط جوا في الحرب العالمية الثانيه، وقامت القوات المشتركة أيضا بانتشال 200 طن عن الذخائر التي كانت موجودة في الصالات والقوارب الغارقه. وفيما يختص بعمليات إزالة الألغام الأرضيه التي قام بها سلاح المهندسين بالقوات المسلحة المصرية فقد تم إزالة 686000 لغم من الألغام المضاده للدبابات والمضادة للأشخاص بالإضافة إلى إكتشاف وتفجير حوالي 13567 جسم متفجر.
انتشال المعدات الغارقة
كان هناك عدد كبير من المعدات والمهمات الغارقه في المجرى لملاحي وقد قسمت هذه العوائق إلى عوائق كبيرة وعوائق متوسطة وعوائق صغيره من حيث الوزن والحجم وكانت العوائق الكبيرة التي تزيد على 1000 طن عشرة عوائق وكان من الضروري الاستعانه بوسائل رفع خاصه ومعدات انتشال مناسبه وتم عقد إتفاق خاص بين الحكومة المصرية والحكومة الأمريكية لانتشال العوائق الكبيرة.
كان من الضروري فتح طريق ملاحي لمرور معدات الانتشال من الشمال إلى الجنوب لذلك تقرر البدء بانتشال السفينة (الإسماعيلية) والسفينة (مكة). وفيما يختص بمعدات الرفع الثقيلة فقد بدأ وصولها إلى مدينة بورسعيد في 31 أغسطس 1974 بوصول الونش (نور) من هامبورج كما وصل الونش الثاني (رولاند) في 15 سبتمبر 1974. وكانت قد وصلت في 22 أغسطس 1974 سفينتان من وحدات الرفع العائمة التابعه البحرية الأمريكية. وبمجرد انتشال جزء من السفينه (مكة) تم فتح الطريق لدخول الأوناش الثقيله والتحرك إلى القطاع الجنوبي من القناة حيث تم انتشال الثلاث عوائق التي كانت تسد القناة عند بورتوفيق وتمت هذه العمليات في 15 نوفمبر 1974.
تلى ذلك انتشال القاطرة (نجد) ثم انتشال مكسر الصخور (كاسر) ونقله إلى البحيرات في 25 سبتمبر 1974، ثم الكراكة 23 في 19 أكتوبر 1974.
وفيما يختص بالكراكة 15 سبتمبر كانت الهيئة قد طلبت عدم تقطيعها وانتشالها كاملة أملا في إصلاحها وإعادة استخدامها وقد تم انتشالها كاملة وتسلمتها للهيئة في 6 ديسمبر 1974.
وفي أثناء قيام شركة الانتشال بالتعامل مع العوائق الكبيرة كان قسم الإنقاذ بهيئة قناة السويس يتعامل مع العوائق المتوسط والصغيرة وقام بانتشال عدد ضخم من هذه العوائق مبلغ وزنها حوالى 53000 طن وكان عدد الوحدات المنتشله حوالى 62 وحدة أكبرها السفينة (أفريكاجلن) والتي كانت تعوق مشروع التطوير يليها السفينة (أسواق) التي كانت غارقه بحوض الترسانة والكراكة (9) التي تم تغطيتها وانتشالها في فترة قياسية، وعدد كبير من اللنشات والصالات والدبابات والعربات العسكرية والكباري العائمة ويتضح من ذلك مدى ماقام به قسم الإنقاذ بترسانة الهيئة من مجهود ضخم في عمليات تطهير المجرى الملاحي من العوائق.
إخراج السفن المحتجزة وبحلول شهر مايو 1975 كانت القناة قد تم تطهيرها تماما وقامت هيئة قناة السويس بإخراج السفن المحتجزة في القناة منذ 1967 وفقا لخطة مدروسة بدأ تنفيذها في 7 مايو 1975 باستخدام قاطرات الهيئة، وخرجت آخر سفينة يوم 30 مايو 1975 وأصبحت القناة مستعدة لإعادة الملاحة في الوقت الذي كان قد حدد من قبل وهو الخامس من يونيو 1975.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
افتتاح القناة
ثم افتتح الرئيس السابق محمد أنور السادات القناة في 5 يونيو 1975 في احتفال عالمي سجل فيه كلمته:
وفي 12 أكتوبر 1975 كرَّم السادات هيئة القناة بمنحها قلادة الجمهورية تقديراً لما أدته أجهزتها من خدمات جليلة للبلاد خلال حرب العاشر من رمضان (6 أكتوبر 1973).ّ