المطرية، الدقهلية
المطرية هي أحدى مراكز محافظة الدقهلية على ضفاف بحيرة المنزلة.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
كتاب تاريخ المطرية
- كتاب تاريخ المطرية عروس الدقهلية -
إعداد/ ممدوح إبراهيم الطنطاوي، الصادر في سنة ١٩٩٨م هو أول كتاب وثائقي عن تاريخ مركز المطرية في محافظة الدقهلية،
الذي يضم مدينة المطرية عاصمة المركز، وقرية العصافرة، وقرية الضهير، وقرية أولاد صبور.
- مؤلف الكتاب هو مؤرخ المطرية .. كاتب صحافي وباحث وأديب وشاعر مولود في مدينة المطرية سنة 1971م.
تاريخ المطرية وأهم أحداثها
▪المصدر: كتاب تاريخ المطرية عروس الدقهلية/ممدوح إبراهيم الطنطاوي- ١٩٩٨م
نشأة مدينة المطرية
▪•▪المصدر: كتاب تاريخ المطرية عروس الدقهلية/إعداد ممدوح إبراهيم الطنطاوي- مطابع قميحة للأوفيست - ١٩٩٨م.
تقع شبه جزيرة المطرية في منتصف جنوب بحيرة المنزلة التي تقع بدورها في شمال شرق دلتا نهر النيل ويحدها شمالا البحر الأبيض المتوسط ومحافظة بورسعيد وجنوبا محافظتي الشرقية والدقهلية وشرقا قناة السويس وغربا محافظة دمياط التي تبعد عن البر بطريق زراعي طوله حوالي 8 كيلو مترات ويعمل ما يزيد عن 90% من أهالي المطرية في مهنة صيد الأسماك وإذا كنا نقول أن مصر هبة النيل فيحق لنا القول بان المطرية هبة بحيرة المنزلة.
أما أصل كلمة "مطرية" فمن الصعب الجزم بتعريفها تعريفا محددا على النحو الذي تنطق عليه الآن لكن بإرجاع أصلها إلى عدة مصادر يمكننا تخير اقرب الكلمات إلى الواقع فإذا قلنا إن أصلها كلمة مطر فمن المنطقي أن يصبح اسمها الممطرة وإذا تحور هذا الاسم بمرور الزمن يصبح مثلا المطرة ولكن بدون الخوض في غمار المصطلحات وعلوم اللغة يمكننا ترجيح القول بان اصل كلمة مطرية كلمة طرية بفتح الطاء وكسر الراء وتشديد الياء مع الضم بمعنى شيء طري أي لين وهذا القول يناسب طبيعة ارض المطرية في بداية نشأتها وهي عبارة عن جزيرتين صغيرتين تحيطهما مياه بحيرة المنزلة من كل الجهات وهناك مناطق في أطراف حي الغصنة مازالت أرضها لينة طرية خاصة تلك التي يتم تكوينها بردم أجزاء من البحيرة بمخلفات صناعة السدة الغاب والحطب إلا انه لا يمكننا ان نغفل عن القول الذي يرى أصحابه أن اسم المطرية هو ناسخ او تحويل لكلمة المطرية بسكون الطاء وأصلها أطري وفي اللسان أطري الرجل أي أحسن الثناء عليه وبهذا يكون اسم المطرية عندهم مأخوذا عن هذه المادة بمعنى أنها مدينة أو ارض كان الناس يثنون عليها لإمدادها معظم أقاليم مصر بالخيرات من أسماك وطيور بحيرة المنزلة وهناك قول يعيد أصل تسميتها الى اسم أحد الخواجات إلا أن الأرجح كما ذكرت هو ما يتوافق مع اللفظ والنطق والواقع فتكون المطرية قد سميت بهذا الاسم لكونها كانت أرضا طرية لينة في ابتداء نشأتها
عرب أم هكسوس
▪•▪المصدر: كتاب تاريخ المطرية عروس الدقهلية/إعداد ممدوح إبراهيم الطنطاوي- مطابع قميحة للأوفيست - ١٩٩٨م.
ترجع المصادر والمراجع التاريخية التي بين يدي أصل صيادي بحيرة المنزلة وأكثرهم من المطرية دقهلية إلى الهكسوس الذين احتلوا مصر من سنة 1660الى سنة 1580 (ق.م) بينما ترجع بعض المصادر الأخرى أصلهم إلى العرب الذين استوطنوا هذه المنطقة إبان الفتح العربي الإسلامي لمصر والحقيقة أن هذين الرأيين صحيحان وذلك للاعتبارات الآتية :
1- أن الهكسوس أو الغزاة الآسيويين الذين امتزجوا بالقبائل العربية في الجزيرة العربية قد احتلوا مصر وحكموها من نهاية القرن الثامن عشر على بداية القرن السادس عشر ق.م أي في المدة التي بين الدولتين الوسطى والحديثة وقد أطلق القدماء المصريون عليهم اسم ملوك الرعاة فقد تسللت جيوشهم إلى شرق الدلتا وأقاموا سيادتهم على الحدود الشرقية لها واتخذوا مدينة أفاريس حوت وعرة عاصمة لهم وبالتدريج بسطوا نفوذهم على الدلتا وأخيرا سيطروا على المملكة كلها وقد امتزجوا بالمصريين واختلطوا بكافة طبقات الشعب وتعلموا اللغة المصرية بل عبدوا الآلهة التي كان يعبدها الفراعنة وتخلفوا بأخلاقهم وتزوجوا منهم ولكنهم طردوا إلا القليل منهم من مصر على يد أحمس مؤسس الأسرة الثامنة عشر مما يدل على أن من تبقى منهم استوطن هذه المنطقة (شرق الدلتا) وتثبت الرسوم والنقوش الفرعونية أن أهالي هذه المنطقة عملوا بمهنة الصيد وبرعوا فيها ومازالت هناك طرق للصيد في بحيرة المنزلة أشبه ما تكون بتلك التي استخدمها المصريون القدماء في صيد الأسماك والبط وسائر الطيور
2- كانت مصر تجيش بروح شديدة من السخط على سادتها حيث كان الشعب المصري القبطي في أواخر القرن السادس الميلادي وحتى قبيل منتصف القرن السابع الميلادي يتجرع الذل والهوان والاضطهاد الديني من قبل الكنيسة الشرقية والحكم الروماني القاسي الذي أرهق القبط بالضرائب الباهظة فضاقت أنفس المصريين إلى مقدم العرب بما زاع عن تسامحهم وعدالتهم في البلاد المفتوحة فكانوا ( المصريين ) خير عون على الفتح الإسلامي الذي قاده عمرو بن العاص في عهد الخليفة الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه في المحرم سنة 20من الهجرة _ ديسمبر 640 م وفي عهد هرقل قيسر الدولة الشرقية والبطريق الروماني كيروس المعروف بالمقوقس وقد كان نتيجة للتسامح الديني والعدل الذي اكتسى به الحكم العربي الإسلامي لمصر أعمق الأثر في نفوس المصريين القبط فاعتنق أكثرهم الدين الإسلامي عن اقتناع كامل بأنه دين الحق الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه وامتزج القبط بالمسلمين العرب وتصاهروا وتزوجوا من بعضهم ووجود رفاة الصاحبي الجليل القعقاع بن عمر والتميمي بمدينة المنزلة الشقيقة خير دليل على أن الفتح الإسلامي والامتزاج العربي المصري الشديد الذي أعقب هذا الفتح قد امتد حتى الأجزاء والمناطق الساحلية الشمالية ومنطقة الدلتا ومنها المدن والقرى المطلة على بحيرة المنزلة كالمطرية والعصافرة والنسايمة والروضة والمنزلة والجمالية وغيرها : وبهذا يكون أهالي هذه المنطقة خليط من أجناس الهكسوس والقبط والعرب المسلمين
الغصنة و العقبيين
▪•▪المصدر: كتاب تاريخ المطرية عروس الدقهلية/إعداد ممدوح إبراهيم الطنطاوي- مطابع قميحة للأوفيست - ١٩٩٨م.
الغصنة هو اسم الحي الشرقي لمدينة المطرية و العقبيين اسم الحي الغربي بها والثابت تاريخيا انهما كانا جزيرتين منفصلتين كل واحده منهما تمثل قرية وظلتا هكذا حتى صدر قرار بضمهما الى بعضهما بإسم المطرية كمدينة بدل عن جزر المطرية في عام 1903 ميلادية وقد تناقل آباؤنا وأجدادنا روايات وقصص وحكايات عن سبب تسميتها بالغصنة واللقعبيين إلا انها لا تعدوا حيز الأدب الشعبي إذا لم أجد لها سندا في أمهات الكتب التاريخية أو الخطط المختلفة ولا يضرنا أن نزكرها في هذا المقام على سبيل كونها نادرة أو طريفة حدثني الحاج السعيد العبيدي السحيلي 80 سنة يرحمه الله عن ابيه عن جده أنهم توارثوا حكاية نشأه الغصنة والقعبيين عن أجدادهم ومفادها كان هناك قبيلتان هما بني غسان وبني عقبة في أرض الشام وفي يوم من الأيام أحتطب شابان من القبيلتين فقتل الشاب الغساني الآخر من بني عقبة ومع علم القبيلة بأن من مات خلال ممارسة هذه اللعبة لا دية له إلا انها صممت على الثأر من بني غسان وفي مجلس القبيلة قرر زعماء بني عقبة الهجوم على قبيلة الغساسنة ليلا وهم نيام فيعملون فيهم التقتيل ليلا وكان من بين الحاضرين في هذا المجلس شاب من بني عقبة وأخواله من بني غسان فتخفى هذا الشاب قبيل الليل وذهب الى أحد أخواله من بني غسان وأخبره بما اتفق عليه قومه وسرعان ماإنتشر الخبر في بني غسان فحملوا أمتعتهم فرارا من المواجهة العسكرية مع بني عقبة وتركوا خيامهم وعشوشهم ولم يطفئوا المصابيح ورحلوا وإذا ببني عقبة وقد أحاطوا بهذه الخيام وتللك الأعشاش ينتظرون حتى تطفئ المصابيح وتخفت الأنوار عندما ينام القوم وكان من عادتهم انهم يطفئون الأنوار عند النوم وطال الإنتظار ولم تطفئ المصابيح حتى بزغ نور الفجر فهجموا على هذه الديار فلم يجدوا أحدا فيها وكان هذا الوقت كافيا لفرار بني غسان الذين وصلوا النزوح حتى وصلوا الى المنطقة المعروفة الأن بحي الغصنة وتبعهم بني عقبة وبعد انقضاء يوم و ليلة وتواترت الأخبار عن هجوم محتمل من قبل العقبيين فإستغاست بنو غسان وكانوا أقل عددا بجيرانهم الفلاحين فدافعوا عنهم وعقدوا صلحا بين القبيلتين وطلبوا من العقبيين أن يستوطنوا الجزيرة الأخرى وعاش الجميع في سلام
ويذكر أن الجزيرتين كانتا منفصلتين ويستخدم من يريد الأنتقال إلى الأخرى قوارب خشبيى عبر الممر المائي بينهما ومع مرور الزمن جاء خواجه يدعي مطرويش وكان ذا نفوذ وسلطان فاستولى على هذا الممر المائي وقام بردمه بالجماص ولكنه لم ينتفع به طويلا حيث مات بعد إنتهائه من تجفيف هذه المنطقة التى تعرف الأن بمنطقة العلادية وترجع هذه القصة أصل تسمية المدينة بالمطرية نسبة الى هذا الخواجه وظل أهلها يعملون بالصيد حتى يومنا هذا مستخدمين المراكب الشراعية ( الغزل )الشباك وقد تطور العمران ببطئ شديد في هذه المدينة فقد اكتفى الصيادون ببناء أعشاش من الخوص والغاب ليقتنوا فيها هم وأسرهم منذ ما يقرب من أربعة قرون بدءوا في تطوير مساكنهم حتى تثبت أنها تطورت شيئا فشيئا إلا ان بدأ بناء بعضها بحجارة سنة 1750م وكانوا يقتطعون تللك الأحجار من تلك الذهب في طريق دمياط البحري وتل تنييس فكانت بيوتا متواضعه مكونه من حجرة أو حجرتين على الأكثر ويتم تثقيفها بخشب وغاب
جزيرة المطرية في 1798م
جاء في كتاب وصف مصر تأليف علماء الحملة الفرنسية أن جزر المطرية كثيفة السكان وتغطي كل مساحتها الأكواخ التي تؤوي مكانها وهذه مبنية في جزء منها بالطين وتختلط بالمقابر وهي أشبه ما تكون بأكداس من الجحور منها إلى مساكن الآدميين ويبلغ سكان هذه المنطقة غير النساء والأطفال 1100 من العاملين بصيد الأسماك الطيور المائية وعن الملاحة في بحيرة المنزلة والصيد وطباع أهالي المطرية وكذللك أوصافهم يقول علماء الحملة الفرنسية :وتتم الملاحة في البحيرة بواسطة الشراع وبالمجداف وبالعصى الطويلة وتضاعف الريح العكسية من الوقت الازم لرحلة ما وأحيانا تصل به لثلاثة أمثاله ولذللك بحسب قوتها ويرسي الضيادون قواربهم بربطها الى عصوين طويلتين يغرسون أولهما من الأمام والأخرى من الخلف بسهولة بالغةولمراكب الصيد في بحيرة المنزلة نفس الشكل على وجه التقريب الذي لمراكب الصيد في النيل
وعندما يذهب أهالي المطرية الى الصيد بعيدا عن جزرهم فإنهم يأخذون معهم المياه العذبة في جرار كبيرة تربط في قاع قواربهم وفي كل قارب واحده من هذه الجرار ويبدوا ان صيادي المطرية يشكلون فئة خاصة وحيث أنهم يحرمون الصيد في بحيرة المنزلة وعلى جيرانهم فإتصالهم بهؤلاء الجران قليل وحيث أنهم على الدوام تقريبا عراة في الماء منهمكون في أعمال شاقة فأنهم أقوياء الجسم ضخام الهيئة نشطون وألو عزم على الرغم من تقاطعهم الجميلة فإن لهم منظرا وحشيا وبشرة لوحتها الشمس ولحية سوداء خشنه تذيد منظرهم وحشية وعندما يجدون أنفسهم في حضرة أعدائهم يطلقون ألاف الصرخات الهمجية بنغمة مرعبة ويضربون على نوع من الدفوف وعلى سطح قواربهم وفوق كل ما من شأنه ان يحدث ضجة فينفخون في الأبواق وينشرون عن طريق أصداف القواقع هذه إلى بعيد صوت رحهم المشهور يقول جنودنا الذين سمعوا مثل هذه الضجة لو أننا كنا رجال الأمن هنا لأفزعتنا هذه الضجة حتى لنلتقي بأنفسنا الى المياه ونخلص مما سبق إلى الحقائق الأتية
1_ أنه من الجائز إحتمال صدق بعض ما جاء في قصة نشأه المطرية وأن حي الغصنة والأعبيين كان منفصليين ويشكل كل منهما جزيرة قائمة بذاتها إعتمادا على تكرار لفظة جزر عند زكر المطرية في تقاريرونشرات علماء الحملة الفرنسية
2_ تثبت هذه التقارير أن هذه الجزر كانت كثيفة السكان وأن بعض الأكواخ كانت مبنية بطوب مما يدل على أن صيادي المطرية وهم كل أهلها في ذاك الوقت كانوا ينعمون بالإستقرار والأمان
3_ برع أهالي المطرية في مهنة الصيد وبناء السفن والمراكب والقوارب وبلغ من نفوذهم وسيطرتهم أنهم كانوا يحرمون الصيد في بحيرة المنزلة على جيرانهم
4_ أما عن منظرهم الوحشي فأنهم لا يعدو كونه مبالغة فرنسية خاصة أنه كلام أناس عاشوا في بلادهم ( فرنسا) مترفين وهؤلاء الصيادون كانوا يقلعون بمراكبهم لصيد الأسماك قبيل شروق الشمس ويعودون إلى ديارهم أو أكواخهم قبل غروبها ويقضون بحكم عملهم معظم الوقت عراة في الماء تحت أشعة الشمس الملهبة ناهيك عن عيشتهم المتواضعة 5_ كانت لأهالي المطرية صلات بجيرانهم وخاصة أهالي المنزلة فقد زكر في موضع لم نذكره تقارير هؤلاء العلماء أنهم كانوا يشترون أقمشة القلاع من المنزلة
دور المطرية في مقاومة الحملة الفرنسية
▪•▪المصدر: كتاب تاريخ المطرية عروس الدقهلية/إعداد ممدوح إبراهيم الطنطاوي- مطابع قميحة للأوفيست - ١٩٩٨م.
لعبت المطرية دورا بطوليا بارزا إبان الحملة الفرنسية على مصر حيث قام أهلها من الصيادين بالإنضمام إلى قوات المقاومة المصرية بقيادة زعيم الكفاح ضد الإستعمار في هذه المنطقة شيخ مشايخ أقليم المنزلة حسن طوبار الكبير وقد ذكر عبد الرحمن الرفاعي في تاريخه أن مدينة المنزلة تم إحتلالها في 1 أكتوبر سنة 1798م حيث وصلت إليها كتيبة فرنسية بحثا عن حسن طوبار ورجاله إلا أنهم لم يجدوا في المدينة إلا الشيوخ والعجائز من النساء بعد ما أخلاها حسن طوبار ولكنها لم تسلم ( المنزلة ) من نهب الجنود الفرنسيين وعبثهم مما جعل الجنرال داماس damas المكلف بالقضاء على طوبار وثورته يصدر أوامره المشدده من منع النهب أما الجنرال أندريوسي andereossi المكلف من قبل نابليون مباشرة لتحسين مصب النيل والسيطرة على دمياط وإتخاذها موقعا حربيا وكذا دراسة بحيرة المنزلة لإستخدامها إستراتيجيا في عملياته العسكرية وهجومه على كلا من مصر وسوريا ....
فقد مضى بأسطوله في البحيرة وأقلعت مراكبه من دمياط يوم 3 أكتوبر قبيل الفجر صوب المطرية وقطع الأسطول المسلح بالمدافع هذه المسافة في 8 ساعات ولكنه ذهل من هول ما رأى فقد فوجئ بأسطول بحري مكون من 100 مركب يخرج من خلف الجزر التي تحجبها بالقرب من المطرية وقد أقبل الصيادون من أهالي المطرية ومعهم أعوان حسن طوبار على ظهر هذه المراكب قاصدين أغراق مراكب وسفن الفرنساوية وأطلقت المراكب المصرية النار على العدو فنكص راجعا فرارا من الموت المحقق والهلاك على أيدي المصريين إذا حاول المقاومة وتبادل الإسطولان إطلاق النار حتى أرسل الليل ظلامه فكف الفريقان عن ذلك وبلغ من بأس الصيادين واستبسالهم في القتال أن أرسل أندريوسي ألى نابليون رسالة يقول فيها أن إستبسال العدو في الهجوم على دمياط يثبت أهمية هذا الموقع ويظهر أن الأنباء التي كانت وصلتنا عن قرب هجوم أهل المطرية والمنزلة على دمياط وإنتظار حسن طوبار المدد من سوريا لم تكن بعيده عن الحقيقة لاني لا أعتقد أن الهجوم الذي فوجئنا به في البحيرة يستطيع أن يقوم به جماعة من الصيادين فلا يمكن لمثل هؤلاء أن ينظموا مثل هذا الهجوم ويحكموه بمثل الحالة التي شاهدناها .
احتلال المطرية
▪•▪المصدر: كتاب تاريخ المطرية عروس الدقهلية/إعداد ممدوح إبراهيم الطنطاوي- مطابع قميحة للأوفيست - ١٩٩٨م.
تحت هذا العنوان كتب الرافعى ما نصه : وبعد أن تم للفرنسيين احتلال المنزلة سقطت المطرية في أيديهم واحتلتها قوة الكولونيل جازلاس gazlas ثم وصلت اليها السفن الفرنسيه من طريق بحيرة المنزلة بعد أن أخلاها أهلها وغادروها على ظهر مراكبها قضى احتلال المنزلة و المطرية على قوة المقاومة التى كان يديرها حسن طوبار فلم يجد أمامه سو الهجرة الى غزة و بذلك انتهت تلك الحركه الواسعة المدى التى أقلقت بال الفرنسيين زمنا وكان ذلك في أواخر أكتوبر سنة 1798 وكان تطوع أهالى المطرية بأسطولهم البحرى المكون من أكثر من مائة مركب صيد ايذانا بمولد حمية وطنية تم توظيفها مع مرور الزمن للدفاع عن أرض مصر بكافة الطرق وشتى الوسائل في أصعب الظروف وأشد المواقف خلال الحروب التي خاضتها مصر لاحقا مع أعدائها فكان أهالي المطرية دائما على اهبه الإستعداد لبذل كل غال ونفيس للزود عن مصر والدفاع عنها والتارخ خير شاهد على ذلك
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
في حفر قناة السويس
▪•▪المصدر: كتاب تاريخ المطرية عروس الدقهلية/إعداد ممدوح إبراهيم الطنطاوي- مطابع قميحة للأوفيست - ١٩٩٨م.
بدأت عمليات تنفذ مشروع حفر قناة السويس في 25 ابريل 1859 وكانت منطقه بورسعيد هي أول بقعه بدا فيها تنفيذه , ولكن واجهت الشركة الاجنبيه المشرفة على اعمال الحفر مشكله خطيره جدا" اذ كان آلاف العمال في بورسعيد قد تعرضوا لخطر الموت عطشا بفعل نفاد كميه الماء , وتأخرت وصول الامدادات مما كان يهدد بهلاك العمال وفشل المشروع برمته .. فأخذت الشركة تنقل المياه من الاسكندريه في سفينة تسمي "بورسعيد" ومن دمياط علي الجمال إلا انها فشلت أيضا في حل المشكلة فأشار بعض المصرين المسؤلين بالشركة ان يستعينوا بصيادي المطرية في نقل مياه الشرب من المطرية إلى بورسعيد , وبالفعل تجد الرجال المخلصين في المواقف الصعبة يفيضون عطاء وبذلا دون مقابل يذكر ,فقد قامت مراكب وقوارب الصيد الخاصة بأهالي المطرية بنقل الماء إلى إخوانهم في بورسعيد خلال عامي 1859,1860 كما قامت الشركة ثلاث مكثفات ببورسعيد لتحليه مياه البحر المالحة إلا ان هذه المكثفات كانت دائمة التعطيل وتتوقف عن العمل من حين لاخر مما أثار مشكله أخرى اشد خطورة فقد تعرض شعب بورسعيد لخر الموت عطشا ولم تعد المشكلة تخص العمال وحدهم , فلجأت الشركة إلى عقد اتفاق مع احد كبار المصرييين المشتغلين بتجارة صيد الأسماك في بحيرة المنزلة وكان يدعي "مصطفي عنانى بك " والاتفاق كان يقضي بأن يمد مصطفي عنانى الشركة بسته أمتار مكعبه من المياه العذبة يوميا , ولم يدم هذا الاتفاق طويلا...
يقول الدكتور عبد العزيز محمد الشناوي في كتابه الموسم ب"السخرية في حفر قناة السويس " ولكن لم يستمر هذا الاتفاق أمدا طويلا واعتمدت الشركة على وسائلها الخاصة في جلب ماء الشرب عبر بحيرة المنزلة م فشلت إلى الأخذ بنظام السابق فعقدت في يونيو 1861 اتفاقا مع " محمد الجيار "_وهو احد كبار أصحاب السفن في بحيرة المنزلة ومن ذوي الموارد الضخمة _ لنقل مياه الشرب في براميل تعهدت الشركة بتقديمها إليه ولكنها عجزت عن تقديم العدد الكافي منها إلى ان استطاعت استيراد عدد منها في سبتمبر 1861 .
وكانت كل سفينة تحمل برملين من الصاج . وكانت سعه كل برميل مترا مكعبا من الماء . وكان ثمن المتر المكعب عشرة فرنكات وقد استمر ذالك الاتفاق نافذا مع محمد الجيار حتى فرغت الشركة من مد خط أنابيب الماء من الاسماعليه إلى بورسعيد في ابريل 1864 وعلي الرغم من هذه التدابير فقد كان الماء في بورسعيد عزيزا صعب المنال وظل العمال هناك يعانون الكثير من ضروب الحرمان ويتعرضون للموت عطشا بسبب نفاذ الماء في المدينة و تأخر وصول مقادير منه إليها .
ويتضح ذلك الحرمان وتلك المخاطر من وصف كتبه احد الفرنسيين عاش في تلك الأخطار: بورسعيد 18 ديسمبر 1861 :لقد خرجنا من ازمه خطيره مروعه .فقد كسر احد المكثفات , ولم تكف مقادير الماء التي ينتجها المكثفان الاخران لمواجهة استهلاك المدينة اليومي فقد زاد عدد السكان زيادة كبيرة ولم نستطع الاعتماد على الماء العذب الذي تجلبه من المطرية سفن الريس محمد الجيار الذي عقد معه اتفاق لنقل الحاجيات عب بحيرة المنزلة ,وخاصة لنقل ماء الشرب إلي بورسعيد وراس العش ...................
"ومما زاد الموقف حرجا هبوب عاصفة شديدة دامت ستين ساعة متوالية .ولم يصل إلينا أي قارب أو سفينة طول المدة التي استمرت حلالها العاصفة . ولم يكن هناك بد من ان نطبق نظام توزيع الماء علي السكان بالبطاقات .
وكان نصيب الفرد لا يزيد عن لترين من الماء لكافه استعمالته .... ولما حل اليوم الثالث ولم يظهر أي قارب او سفينة في طريقها إلينا تجمهر العمال ووقفوا عند مرسي السفن المنتظر وصولها من المطرية .ولم تكن هذه القوارب تقف تجاه مراسيها حتى اندفع العمال المتجمهرون , وكان عددهم يتراوح ما بين ماتين وثلاثماه عامل ودفعوا جانبا وبكل عنف رجال هذه القوارب وفتحوا براميل المياه اغتصبوا شحنه المياه.. ولم تبق جرعه من الماء في هذه القوارب وقد غادر العمال المكان ان الموقف خطير .." وقد ثبت ان عدد كبير من أهالي مدينه المطرية (دقهليه ) اشتركوا في حفر قناة السويس , كما حدني الشيخ حمودة الخضيري اكبر معمري المطرية والدقهلية (135) سنه يرحمه الله , قال : ان بورسعيد لم تكن موجودة وإنما كانت عبارة عن عشوش , وكان الجنود التابعون للشركه القائمة على حفر القناة يهجمون على الصيادين في بحيرة المنزلة فجأة, ويأخذونهم بالقوة لينضموا الى العمال الذين يحفرون قناة السويس بدءا من بور سعيد.
أحداث سنة 1891م
▪•▪المصدر: كتاب تاريخ المطرية عروس الدقهلية/إعداد ممدوح إبراهيم الطنطاوي- مطابع قميحة للأوفيست - ١٩٩٨م.
كانت بحيرة المنزلة و ما زالت – تمد كافة أقاليم مصر بخيراتها و منذ ما يزيد على قرن من الزمان اتجهت أنظار الدولة إليها فكان الاهتمام الدءوب بها موضع اعتبار , و لهذا انشات لها مصلحة مستقلة و تتبع وزره المالية وتم تسميتها ب مصلحه المطرية لاستفاده من إيراد بحيرة المنزلة الذي تقوم المصلحة بتحصيله إلا ان الصياد كان يتجرع المرارة كل يوم فمحصله المطرية كانت تشترط على الصياد ان يقوم بتوريد ما بصطاده هو وأبنائه من الأسماك إلى حلقة غيط النصاره التابعة للمصلحه بدمياط ولا يتقاضى من ثمن صيده إلا 25% حيث تتقاصى الحكومه65% وضريبه جبانات والدخوليه تتقاضى أيضا 10% من الثمن فما بالك بصياد يكد ويكدح ويتعب ويقاسى مراره العيش ثم لا يحصل من كده وتعبه إلا على الربع؟
وما كان يزيد الطين بله انه لم يكن يسمح له ان يقتطع من الأسماك التى اصطادها لطعام أسرته يقول اللواء عبد المنصف محمود ولم يكن يسمح للصياد بالاستيلاء على جزء من الاسماك لطعامه أو طعام اسرته فكان عليه ان يشترى ما يلزمه من الاسماك التى تباع بالحلقة بالسعر الذى يرسو به المزاد شانه في ذلك شان اى شخص أخر فكان الصيادون يلجاون إلى مختلف الطرق لتهريب بعض الاسماك من الرقابة وبعضهم كان يناول السمك طعاما قبل دخول المركب الى الموردة وكان يطهون الاسماك في قدرة اثناء وجودهم في البحيرة لياخذوها مطبوخه لعائلتهم وكان من جراء ذلك ان موظفى مصلحه المطريه كانو يدققون في التفتيش ويشددون فيه حتى بلغ من امرهم مايروى من انهم كانو يستعملون اسياخا من الحديد يغمسونها في الاوساخ ثم يدخلونها في القدور التى تحتوى على السمك المطبوخ
وكانت تعسكر في انحاء المطريه نقطه ثابته تعرف بمراكب الخفر وبها كميات من الملح لتمليح اسماكهم وكان على الصياد ان يورد اسماكه لحلقه المصلحة كما اسلفنا وضمانا لعدم تلاعبه كان يقضى النظام بأنه كل صياد يتاجر ثلاثة أيام عن توريد السمك للحلقة تصادر مراكبه فكان هذا الشرط الشديد يدفع الصيادين الى ان يقترضوا السماك من بعضهم البعض ليقدموه الى الحلقه حتى لا تصادر مراكبهم .
وكان من اثر هذة الشروط القاسيه وتشديد مصلحه المطريه مع الصيادين ان ثار الاهالى وهاجموا مصلحه المطريه وحصل شغب اضطرت الحكومه الى اخماده الى استخدام القوات العسكريه وحوكم زعماء الثائرين كان من بينهم اعيان البلد ووجهائها وفى طليعتهم المرحوم حسن بك عزام الذى كان عضوا في مجلس الشيوخ ومحمود بك الريس واخرون وقد حكم على اكثرهم بمدة ثلاثة اشهر عدله في الاستئناف الى شهر واحد وعلى اثر هذا الحادث وكان في اخر سنه سنه 1891 انيط بمصلحه حفر السواحل المحافظة على ايرادات الصيد للبحيرة ومع بقاء مباشره لتحصيل الإيرادات لمصلحه المطريه
وفى عهد رياسه اسمياعلوا بك لمصلحه المطريه ظلت الشروط مفروضه على المطريه على الصيادين قاسيه وفى الوقت نفسه انصرف اسميعلوا بك الى اللهو والمجون بالاشتراك مع مستشار المالية والداخليه برميل وغورست وغيرهم فكانوا يستعملون الاستراحات الفخمه(المقامة بغيظ النصارى لإقامة المأمور) مباءة للفجور فتاذى الاهالى من هذه الحالة وبلغ تذمر الصيادين اشده فحدثت ثورة وهياج وهاجمو اسميعلوا بك وكان في مركب بالبحيرة وتعدوا عليه ودارت بينهم وبين رجال الحكومه معركه اسفرت عن قتل احد الصيادين بعيار نارى.
وانتصرت إرادة صيادي المطرية :
وصل أمر هذه الثورة و حوادثها إلى الجهات المسئولة، فتقرر الاستغناء عن خدمات اسماعيلو بك مع منحه مكافأة و صدر الأمر العالي المؤرخ في 23/12/1897 يعدل طريقة استغلال البحيرة من أول يناير 1898 تعديلا من شأنه ترك الصيادين أحراراً في التصرف في محصولات صيدهم على أن تصرف للمراكب رخص تحصل بموجبها رسوم سنوية تدفع على أقساط شهرية ،و قسمت المراكب إلى ثلاث فئات : مراكب النقل (مكارى) و رسومها36 جنيه ، و مراكب الصيد بالشركة (مقايا أو معامل) 30 جنيهاً، و مراكب الصيد الوحادة (لا يزيد أفرادها على ثلاثة) رسومها 15 جنيه .
و ألغيت مصلحة المطرية من أول يناير سنة 1898 ، و ألحقت أعمال تحصيل الرسوم الجديدة و صرف الرخص إلى إدارة الأموال غير المقررة فأنيط بمصلحة خفر السواحل أيضاً تحصيل رسوم الصيد ، و أقساط الالتزام في الجهات التي كانت معطاة بالالتزام .. و قد انتهى التزام مناطق الصيد ببحيرة المنزلة حتى سنة 1903 ما عدا أشتوم الجميل فقد انتهى التزامه في سنة 1905، و بعد ذلك عممت طريقة الصيد بالضريبة السنوية في جميع المناطق .
شركة الملاحة ببحيرة المنزلة
بتاريخ 28 مارس سنة 1904 نالت شركة بحيرة المنزلة للملاحة (و هي شركة فرنسية) حق امتياز بتسيير لنشات بحرية بين بورسعيد و المطرية و دمياط . و قامت لذلك بحفر قناة في قاع البحيرة لهذا الغرض فكانت رفاصاتها تسير في هذا الطريق المائي و تقوم بنقل البضائع و المراكب بين بورسعيد و المطرية و غيط النصارى .. كما أن هناك مراكب نقل للاهالى في غيط النصارى يدفع أصحابها ضريبتها لمصلحة المصائد نظير نقل بضائعهم من غيط النصارى إلى بورسعيد و المطرية و بالعكس .
و امتياز شركة بحيرة المنزلة يخولها استخدام مراكب مع لنشات في نقل البضائع . فكانت الشركة تستخدم بضع مراكب لحسابها مع اللنشات التابعة لها في النقل . و بديهي كانت لهذا السبب تختص بأكثر البضائع و لا تترك لمراكب الاهالى إلا القليل .. نشأ عن ذلك تنافس بين الشركة و بين أصحاب المراكب مما أدى إلى تخفيض نولون الشحن الذي يحصلونه من أصحاب البضائع و هم غالباَ فئة تجار . و ظل يتناقص هذا النولون ، و كان أصحاب البضائع هم المستفيدون من هذا التنافس ..
ضج أصحاب المراكب بالشكوى و تدخلت مصلحة خفر السواحل في الموضوع ، فعقدت بينهم و بين الشركة اتفاقا كان من شأنه توحيد العمل بانضمام مراكب الاهالى إلى مراكب الشركة بنظام الدور على أن تأخذ مراكب النقل 30% من النولون . و حينئذ بدأت الشركة ترفع نولون الشحن شيئاَ فشيئاَ و انعدمت المنافسة فتحسنت حالة أصحاب المراكب و حالة الشركة معاَ . و كان لهذه الشركة 12 خطاَ ملاحياَ ببحيرة المنزلة و منها :
- الخط من بورسعيد إلى المطرية مركز المنزلة
- الخط من بورسعيد إلى العصافرة مركز المنزلة
و كانت الشركة المذكورة تملك 7 لنشات و صندلين و تسير خطا َمنتظماَ للملاحة يقوم من بورسعيد إلى المطرية فدمياط يومياَ و لنشين آخرين يقومان يومياَ للمطرية و بالعكس . أما فيما يختص بالأجور فقد حددت بمعرفة الشركة كالاتى : الخط درجة أولى درجة ثانية من بورسعيد إلى دمياط 240 ملليماَ 140 ملليماَ من بورسعيد إلى المطرية 140 ملليماَ 80 ملليماَ
كما تحدد حد أدنى قدره 800 ملليم لكل مركب من موردة بورسعيد إلى غيط النصارى أو بالعكس ، و مبلغ 500 ملليم من بورسعيد إلى المطرية أو من المطرية إلى غيط النصارى أو بالعكس .. و تنفيذاَ للقرار الوزاري رقم (6/1932) و ضعت مصلحة خفر السواحل قوة من قبلها في موارد بورسعيد و المطرية و غيط النصارى لتنظيم قيام المراكب المخصصة لنقل الركاب و البضائع بالدور في المواعيد و تنظيم الرسو . و مازالت حتى الآن اللنشات الحكومية و لنشات الاهالى تعمل بنظام الدور ، و إن كانت قد افتقدت هذه الوسائل إلى ما يجذب الركاب و التجار مؤخراَ نظراَ لاعتمادهم على وسائل النقل البرية كالباصات و الأتوبيسات و عربات النقل بعد تعبيد و إتمام إنشاء الطريق البرى من العصافرة إلى بورسعيد ، و بالتالي فقدت وسائل النقل البحري في بحيرة المنزلة المخصصة لنقل البضائع و الركاب من و إلى بورسعيد و المطرية بعض الأهمية . إلا أنها ستظل دائماَ وسيلة إمتاع و نزهة بلا منافس في هذه المنطقة.
احتراق مدينة المطرية سنة 1907 م
تعرضت مدينة المطرية لحريق مدمر في ربيع 1907 أتى على الأخضر و اليابس و لم يذر فيها إلا أكواما من الرماد و الحيوانات النافقة كما أن النيران أهلكت عدداَ كبيراَ من أهالي المدينة , و قد نشرت جريدة الأهرام في عددها الصادر بتاريخ 26 يونيو 1997 للدكتور يونان لبيب رزق دراسة تفصيلية عن احتراق المدينة في ابريل 1907 و هي دراسة مستفيضة تجعلك تشعر و كأنك ترى الحريق بعيني رأسك و تشعر أيضا بمدى الدمار الذي لحق بالمدينة حتى أنها (المطرية) لم يكن احد في القطر المصري يعلم شيئاَ عنها فكان هول هذه الكارثة بمثابة جرس قرع بأصواته المزعجة آذان الشعب المصري كله لمؤازرة إخوانهم الصيادين في المطرية ، و تقديم العون و المساعدة من اجل الظروف التي مروا بها على مدى تاريخ المدينة و هم حينئذ أكثر من 20 ألف لقد وجدت أن انقل نص هذه الدراسة في هذا الكتاب لكونها نادرة في إثبات الأحداث ، و وصفها تفصيلياَ ، و لمكانة معدها د. يونان رزق فهو أحد كتاب و مؤرخي مصر الثقات ، و لصعوبة تمكني من الحصول على مراجع أو مصادر تتناول هذا الحادث المروع .
و تحت عنوان : ( احتراق مدينة الصيادين ) نشرت جريدة الأهرام ما نصه : (و من تلك الأحوال ما جرى خلال ربيع عام 1907 من احتراق مدينة المطرية المطلة على بحيرة المنزلة ، فقد شخصت أنظارهم إلى تلك المدينة التي يعيش فيها وقتئذ أكثر من 20 ألف كان اغلبهم من الصيادين ..
و تحت العنوان : ( الرزء العظيم في احتراق المطرية ) ساقت الأهرام في عددها الصادر يوم 17 ابريل عام 1907 أخبار ما أصاب مدينة الصيادين التي طيرها إليه وكلاؤه و مكاتبوه الموجودون بالمنطقة تلغراف وكيل الأهرام في المنصورة جاء فيه : ( دمرت حريقه المطرية جميع البلدة و دواوين الحكومة فيها و دفاترها و يقول رجال الإدارة هناك أن النيران أهلكت كثيرين من أهلها ، و قد أرسلت المديرية 3 ألاف أقة من الخبز و أرسلت المياه و الخيم لمؤاوات المنكوبين و طلبت المديرية من الداخلية 3 ألاف أقة من البقسماط ) !
مكاتب المطرية أرسل تلغراف آخر يستكمل به هذه الصورة المأساوية لمدينة الصيادين كان مما جاء فيه :" عرفتكم تلغرافياَ عن حدوث الحريق الهائل الذي أصاب مدينة المطرية و قلت لكم إن الباقي من البلد نحو الربع و لكن لغاية هذه الساعة 16 الجاري الساعة 10 صباحاَ لم يبق غير العشر و لازالت النار مشتدا لهيبها و يخشى على الباقي لان النار أحاطت بالبلد من الأربع جهات و كأنه موكل بذلك ملائكة شداد غلاظ لم تستطع قوة الحكومة و آلات المطافئ إطفاء النار أو ردع الحريق .. و بالجملة قد عم المصاب جميع اهالى هذه المدينة من جميع الطبقات " .. أما تلغراف مكاتب المنزلة فقد جاء فيه أن النار " أحاطت بمدينة المطرية من كل جانب و اشتد لهيبها حتى عجز كل إنسان عن مكافحتها. و وصل وكيل المديرية أولا مع معاون بوليس المركز في قطار مخصوص و معهما وابورات المطافئ فلم يتمكن من إخماد النار ثم جاء مدير الدقهلية على قطار آخر فلم يفلح في مكافحتها و قد احترقت المدينة و المصاب جلل و الخطب عظيم و السبب مجهول " !
اكتملت الصورة بتلغراف وكيل الأهرام في المنصورة الذي أرسله يوم 18 يونيو و الذي جاء فيه : " لم أجد المطرية بل وجدت كدساَ من الرمال و التراب أما الاهالى فإنهم نازلون في فضاء الأرض و الفقراء منهم قد نشروا ملأت نسائهم خياماَ تغطيهم و تغطى عيالهم .. و كان النار لم تكتفي بأكل المدينة حتى امتدت إلى المراكب الواقفة في المراسي فأكلت خمسة منها و أكلت عربات السكة الحديد و البضائع الموجودة فيها " .
تقدم جريدتنا وصفاَ للمطرية بهذه المناسبة الحزينة فتقول : إنها مدينة واقعة على بحيرة المنزلة يزيد عدد سكانها على 20ألفاَ و فيها متاجر الأسماك التي تصاد من البحيرة ، و هي شبه جزيرة عليها و لكنها وصلت ببر الدقهلية بردم البحيرة و مد إليها الخط الحديدي من المنصورة .
تأكيداَ على العلاقة الحميمة بين المطرية و البحر تقول الأهرام أنّ جانباَ من يابسها قد تكون من الصدف ، و أنّه بعد أن ضاقت المدينة بأهلها أخذوا يردمون ما يحيط بها من البحر من الصدف الذي كانوا ينقلونه من جزر بحيرة المنزلة ، و لعلّ ذلك يذكرنا بأهل البحر الهولنديين الذين نجحوا في انتزاع أغلب أراضى بلدهم من البحر حتى شاعت المقولة بأنّه "بينما خلق الله العالم فقد صنع الهولنديون هولندا " و لم يختلف أهل المطرية كثيراَ عن الهولنديين و إن لم يكتسبوا نفس شهرتهم .
و تستطرد الأهرام في وصف المدينة فتقول أنّ أغلب مساكنها مقامة من الخشب " و هي متلاصقة و فيها نيف و 20 ألف مركب و زورق كلها تشتغل بصيد الأسماك في بحيرة المنزلة و لا تجارة لها و لا زراعة و لا صناعة و لا يرتزق سكانها من غير الأسماك . و بعضهم قد أثرى من هذه التجارة ثراءَ كبيراَ " .
و ثمة ملاحظات على هذا الجانب من وصف صحيفتنا للمطرية : أولاهما :أنّ الأهرام في محاولاتها للتأكيد على هوية المدينة باعتبارها مدينة الصيادين قد بالغت في تقدير عدد المراكب و الزوارق التى يمتلكها الأهالى إذ يصعب تصور أنّ سكانها العشرين ألفاَ يملكون عدداَ مماثلاَ من هذه القوارب و الزوارق . . بمعنى أنّ لكل شخص مركب (!) .
و ثانيها:أنّها قد ميزت بين صيادي السمك و تجارة أصحاب الثروة الكبيرة، و من المتصور أنّ الآخرين قد اقتنوا هذه الثروة من استغلال الأولين.و من الجانب الآخر من هذا الوصف كشف عن تلك المشكلة التى منها أغلب هذه المجتمعات البحرية الخالصة ..نقصان المياه العذبة ، و تقول الأهرام كانت تنقل إليها من بورسعيد بالمراكب إما عن اتصالها بأقرب الحواضر و الذي كان ضرورياَ لتوفير السوق للصيد البحري فتقول صحيفتنا أن شركة المنزلة حفرت قناة في البحيرة لسير بواخرها بين المطرية و بورسعيد " و هي تقطع هذه المسافة الآن في ثلاث ساعات " هذا فضلا عن السكك الحديدية التى تربطها بالمنصورة و التى توفر لها سوقاَ آخر . كل هذا ما عرفه المصريون في مناسبة الحريق الكبير الذي جاء على اغلب مدينة الصيادين ، و كانت المبادرات التى قاموا بها لمد يد العون إلى اهالى المطرية بمثابة اكتشاف لهذه المدينة ، فقد اشتركت في حملة الإعانة قطاعات متنوعة من أبناء الشعب المصري ، الأمر الذي يستحق وقفة .
فى يوم 30 ابريل عام 1907 ناشدت الأهرام المصريين إنقاذ 15 إلف نفس وجدوا أنفسهم بلا مأكل أو ملبس أو مشرب مما جاء في قولها " نستثير عواطف أهل البر و الإحسان لإغاثتهم و إعانتهم و ننتظر من كبراء الأمة بل من الأمة جميعها مد يد المساعدة إليهم و إنا نفتح منذ اليوم أعمدة الأهرام و البيراميدل نشر أسماء المتبرعين " التي استهلتها صحيفتنا بالتبرع ب500 قرش بالتمام و الكمال !
بدأت بعد ذلك الصحيفة في نشر قوائم المتبرعين التى شملت قطاعات عريضة من المصريين نظن انهم كانوا يسمعون لأول مرة عن مدينة الصيادين بالمطرية .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
زيارة الخديوي عباس الثاني:
▪•▪المصدر: كتاب تاريخ المطرية عروس الدقهلية/إعداد ممدوح إبراهيم الطنطاوي- مطابع قميحة للأوفيست - ١٩٩٨م.
أن من لم يسمع من المصريين بخبر حريق المطرية قد سمع بزيارة ولى النعم لها، فقد صدر بلاغ رسمي يوم 27 ابريل جاء فيه: إن الجناب العالي يسافر إلى الإسكندرية و بطريق يخلف كل قواعد الجغرافيا إذ تقرر أن يسافر بطريق النيل بالإبحار في فرع دمياط إلى أن يصل إلى المنصورة و منها إلى المطرية فبورسعيد من حيث يستقل اليخت المحروسة قاصداَ الإسكندرية , و قد فهم الجميع أن سبب الخروج عن قواعد الجغرافيا بالسفر غرباَ عن طريق الشرق وراؤه رغبة خديوية إن يزور مدينة الصيادين .
حدث هذا بالفعل عندما وصل عباس الثاني إلى المطرية في صباح يوم 8 مايو حيث نزل من القطار الخاص " و سار مشياَ على قدميه بين الأنقاض فطاف كل الأحياء التى دمرها الحريق و عند مروره وقف أمام احد المساجد المدمرة فاستبشر الاهالى خيراَ بهذا الوقوف ، و أيقنوا إن سموه مصدر أمره قريباَ ببناء المساجد .. و تكرم سموه بمبلغ 500 جنيه لإعانة الفقراء و المساكين فنطقت ألسنتهم بالشكر و زادوا بالدعاء "
الطريف في هذه الزاوية _ و الكلام للدكتور يونان _ أن الاهالى بالمطرية قدموا للخديوي عريضتين قالوا في الأولى : " أن مصيبتنا بانت في جانب تفضلاتكم كأنها لم تكن فنحن الآن نستقبل خديوينا المعظم بصدور ملؤها السرور و الانشراح"
و تصورنا أن آخرين كتبوا لهؤلاء هذه العريضة ، و قد يكون مأمور المركز , فليس معقولا أن تمتلئ صدورهم بالسرور و الانشراح لمجرد زيارة الخديوي بينما الدمار يحيط بهم من كل جانب !
العريضة الثانية متصلة بما يترتب على الحريق من تدمير مساجد المطرية الثمانية " و بتنا الآن و لا قدرة لنا على تعميرها فنلتمس من خديوينا المعظم إصدار الأمر العالى لديوان الأوقاف ببناء مساجد و لو في جهة العقبيين و العزبة الجديدة و الغصن وإنا نبسط أكف الضراعة إلى الله أن يديم سموكم مع الأنجال الفخام "
أما من لم يلفت نظره حملة الاكتتاب الواسعة التى شملت أغلب مصر و لا شد اهتمامه زيارة الجناب العالى للمدينة المنكوبة فلا بد ان يكون قد تابع بشغف احتجاجات الصيادين على سياسة الحكومة حيال مدينتهم بعد احتراقها و التى وصلت الى حد الاغتصاب ، مما يشكل الفصل الاخير من قصة احتراق المطرية .
· تشكلت لجنة العمومية في اوائل مايو لاسعاف منكوبى الحريق برئاسة مدير الدقهلية انبثق عنها لجنة تنفيذية قصدت المطرية ، و التى اوصت : اولا : بنجدة البائسين من منكوبى الحريق ، و كانوا 401 ارملة .. جنيهان لكل ، و 161 من ارباب العائلات " التى اصبحت لا زاد عندها و لا ملجا " بمبلغ 5 جنيهات لكل ، كما تم توزيع كميات كبيرة من الاقمشة " لستر اجساد المعوزين " ! .. وضعت اللجنة التنفيذية ايضاَ المبادئ العامة لاعانة المنكوبين و كانت ثمانية :
اولا : ترك رسوم الصيد لمدة 8 شهور .
ثانياَ : تسلف الحكومة للتجار و اصحاب الاملاك 100 الف جنيه مقسطة على عشر سنوات بلا فائدة .
ثالثاَ : تسلف شركة بواخر المنزلة للصيادين 6 الاف جنيه تاخذها من اثمان الاسماك التى تباع بواسطة هذه الشركة بخصم 5 % من تلك الاثمان .
رابعاَ : الاعانات التى تجمع من الاهالى تعطى للمحتاجين من الاهالى و التجار دون الصيادين الذين يجدون ارزاقهم امامهم .
خامساَ : الاسراع باجراء التنظيم و ما يؤخذ من املاك الاهالى للشوارع العمومية بدفع ثمنه فوراَ ، و يعطى لهم مساحات في البحيرة ليردموها ، و يحسب ثمن المتر عليهم مليماَ يعطى للحكومة .
سادساَ : يؤجل ردم المساحة المبيعة للاهالى في البحيرة لعجزهم عن ردمها الان .
سابعاَ: تتجاوز مصلحة الاثار المصرية عن الرسوم التى تاخذها من الاتربة و الحجارة التى يحفرها الاهالى من تلول البحيرة لبناء منازل المطرية .
ثامناَ : الطلب من ديوان الاوقاف بان يعيد المساجد التى احرقت .
و تقدم تلك المبادئ صورة لطبيعة الحياة في مدينة الصيادين .. الرسوم التى تاخذها الحكومة منهم ، اعتمادهم على شركة بواخر المنزلة في تصريف منتجاتهم او جانب منها ، ردم البحيرة مقابل رسوم تحصل عليها مصلحة الاثار .
و على ضوء تلك المبادئ بدات عملية الاسعاف ، و التى تمت على نحو لم يرض الصيادين ، فقد قدم اكثر من 8500 جنيهاَ على 704 عائلة من غير الصيادين ، و قد تم تقسيمها الى خمسة مراتب بين 27 عائلة من الاسر الكريمة في المرتبة الاولى ، 352 عائلة في المرتبة الاخيرة , بينما حصل منكوبو الدرجة الاولى على 50 جنيهاَ , و كان نصيب منكوبى الدرجة الثانية 35 جنيهاَ ، و الثالثة 25 جنيهاَ ، و الرابعة 15 جنيهاَ ، و الاخيرة 9 جنيهات فحسب .. و بالمقابل خصص للصيادين 5 الاف جنيه كانت قد قدمتها الحكومة و قد قسموا بدورهم الى 5 مراتب و ان حصلوا على مبالغ اقل ، فقد تراوحت اسعافاتهم بين 30 جنيهاَ لاصحاب المرتبة الاولى و 5 جنيهات لمن وضعوا في المرتبة الاخيرة و هو ما دعا الاهرام للتعليق ..
قالت " وضع درجات للصيادين بالاقل عن الاهالى هو بالنظر لكون الاهالى قد تعطلت اعمالهم و تجارتهم من وقت حصول الحريق لعدم وقود نقود معهم تمكنهم من ادارة اشغالهم و لانهم اجدر بالعناية من الصيادين لان الصيادين لم تقف حركة اعمالهم مثل الاهالى و التجار بل انهم بعد الحريق بايام قليلة جداَ باشروا اعمالهم كما كانت ، هذا فضلاََ عن ان خسائرهم اقل بكثير من الاهالى " و لم يكن هذا راى الصيادين . فقد جاءت الاخبار باغتصاب بعض من هؤلاء و تعرضوا لزملائهم ليمنعوهم من الصيد , و هددوهم بقلب مراكبهم اذا هم اقدموا على الصيد بها " فشكا هؤلاء للبوليس في المطرية و لخفر السواحل في القنبوطى ، و ابلغ الخبر لمديرية الدقهلية فجاء حضرة وكيل المديرية مع مامور مركز دكرنس و ضابطين و 25 عسكرياَ من البوليس و باش كاتب خفر السواحل و معه قوة اخرى فاحضر وكيل المديرية المتعصبين و القى فيهم خطاب حثهم فيه على العودة الى العمل و عدم التعرض لسواهم و حذر كل من اعتدى على اخر من عاقبة اعتدائه " .
و تقر الاهرام بان بعض الصحف اخذت تناصر المتعصبين و عضدتهم و هو ما لم يعجب صحيفتنا التى انحازت للتجار و اصحاب الاملاك على حساب الصيادين ، فهى من ناحية ارتات ان خسائر هؤلاء بلغت نحو نصف مليون جنيه بينما لم تزد خسائر الصيادين عن 50 الفاَ ، و مع ذلك اخذ الصيادون ثلث الاعانة ، و هى من ناحية اخرى رات ان فرصة الصيادين في تعويض خسائرهم اكبر كثيراَ من فرصة غيرهم فيما عبرت عنه بقولها .. " زد على هذا ان الصياد يجد رزقه في ماء البحيرة فقد أكلت النار ماله ولم تبق له ما يسدد ديونه أو يعيل نفسه وعياله وليس له من رزق آخر غير تلك التجارة أو تلك الأملاك التى تلفت فأما المصابون حقيقة هم التجار وأصحاب الأملاك والصناع لا الصيادون الذين لم تحرق النار بحرهم ولم تأكل سمكهم فهم وجدوا رزقهم في يوم المصيبة " تتطور الامور الى مطالب فئوية حين احتج المغتصبون على منع الحكومة للصيادين عن الصيد بالشباك الضيقة وذهبوا في ذلك الى حد ارسال وفد منهم الى الاسكندرية .
جاءت خطوة السلطات التالية من جانب مدير ادارة الاقسام الشرقية من خفر السواحل وكان انجليزيا اسمه "سنو "فقد وزع الرجل منشورا او ما كان يسمى بلغة العصر اعلانا في كل انحاء المطرية وقد امتلا بالتهديد والوعيد جاء ف هذا الانذار أن هجر الصيادين لمهنتهم سوف يترتب عليه أن يوصى الحكومة بردم البحيرة لتجعلها ارض زراعية وتكتب الاهرام ما يفهم منه أن الاعتصاب لم يكن عاما بين صيادى المطرية فقد صنفتهم الى ثلاث مجموعات "السنارتيه" و"الرفاعة" ولم يشاركوا فيه وقد اقتصر على الصيادين الشباكة وعدم استجابة الخديوى لمطالبهم ايضا ولقد تقدم هؤلاء بشكوى الى مدير المديرية بشأن مياه الشرب فقد كانت المراكب تحمل لهم المياه من بورسعيد فيبتاعون الصحف اليومية بثمن بخسو لشدة فقرهم بعد الحريق كانوا لا يستطيعون دفع ثمن الصحيفة وبعد ذلك أعلن الصيادون اقلاعهم عن الاعتصاب وانصرفوا الى البحر يبحثون عن الرزق والى البر حيث يعيدون بنناء أكواخهم التى أتت عليها النيران
المطرية في الثلاثينيات و الأربعينات.
ظلت المطرية تابعة لمركز دكرنس حتى عام 1929 م ثم تبعت مركز المنزلة حتى استقلت بذاتها كمدينة و توابعها : قرية العصافرة و الضهير و اولاد صبور و القبلية .. و خلال هذه الفترة تغيرت معالمها المعمارية و الحضارية بشكل كبير ففى الثلاثينيات من سنة 1930 الى بداية الاربعينيات كانت المطرية اصغر مساحة مما هى عليه في الوقت الحاضر فالمنطقة التى تم تجفيفها و المعروفة في المطرية بين الأهالى ب " الجسر الواقى" كانت بحيرة أو جزء من بحيرة المنزلة يمارس فيها الصيادون الصيد ، و كان فيها أفضل أنواع الأسماك من :بورى و حنشان و قاروس و بياض و بلطى .. الخ ، و كان الصيادون يطلقون عليها اسم " بحر الملاحة " و تمتد من المطرية حتى مجرى القناة التى كانت تجرى فيها اللنشات و المراكب البدائية الى دمياط..اما منازل المطرية و مساكنها كانت مكونة من دور ارضى واحد ، و نادراَ تلك التى كانت تتكون من دورين و كان اكثرها مبنى من الخشب المقام على اعمدة سميكة قوية حتى انها كانت تبدو و كانها معلقة على تلك الاعمدة الخشبية للزينة او لتربية بعض الطيور اسفلها كالبط و الاوز و الدجاج و بعض الحيوانات الاليفة ، الا ان الاهالى كانوا يقيمونها على هذه الهيئة اتقاء لماء البحيرة عندما يزيد منسوبها و تغمر اراضى المطرية في ذلك الوقت كما اخبرنى بذلك بعض المعمرين من اهالى هذه المدينة الطيبة ، و كذلك حفاظاَ على صحة ساكنيها من ارتفاع نسبة الرطوبة بها ..
اما شوارع المطرية فكانت مثار اعجاب و دهشة لزائريها حيث تم تصميمها و تنظيمها شطرنجياَ و تكاد تكون فريدة من نوعها على مستوى العالم اجمع فانت اذا وقفت في اول الشارع سترى اخره بلا عائق ، اى يمكنك رؤية اول المدينة و اخرها من اى مكان على الارض بوضوح ، و من العجيب انها مازالت على هيئتها الى الان و كان اغلبها مشجرة باشجار الصفصاف و النخيل · و كان بمدينة لمطرية نقطة شرطة فقط ، و قوتها العسكرية مكونة من ضابط ملازم و معه من 5 الى 10 جنود و بقية القوة خفر .. و كان بالمطرية عمدتان احدهما عمدة الغصنة و هو " محمد زين الدين عزام " و الاخر عمدة العقبين و اسمه " كامل داوود الريس " بن الحاج داوود الريس الذى بنى مسجد الحاج داوود بالعلادية ، و يعاون كلا منهما شيخ خفر واحد يراس مجموعة من الخفراء لحراسة المدينة ليلا .. كما كان هناك احد الخفراء يتولى اخطار المواطنين بما يخصهم كطلبات الالتحاق بالخدمة العسكرية او اخطاره بغرامة او قضية ما .
اما ما يتعلق بالصيد في هذه الفترة لا يختلف كثيرا عن الحاضر و هذا الاختلاف يتمثل في اختفاء بعض انواع الاسماك من بحيرة المنزلة نتيجة لعذوبتها ، و انتهاء الصيد ببعض الطرق المخصصة لتلك الاسماك المختفية . و كذلك لم تعد مساحة البحيرة كما كانت فقد جف اكثرها حتى تقلصت من 720 الف فدان الى 120 الف فدان فقط و هذه المساحة المتبقية لم تسلم من عبث المفسدين فقد استولى اصحاب القوة و النفوذ على اجزاء كبيرة منها ، ناهيك عن تلوث مياه البحيرة بمخلفات المصانع المقامة في بعض المدن الجديدة .. و لكن ما كانت تتميز به مدينة المطرية في الثلاثينيات و الاربعينيات فيما يتعلق بالصيد هو وجود موردتين ( حلقتين) للتعامل في الاسماك بينما كانت توجد في كل من العزايزة و عزبة البرج و الجمالية و الروضة و القابوطى و غيط النصارى و الكاب موردة سمك واحدة لكل منها ، و لم يكن جائزا التعامل في غيرها ، و كان لكل حلقة ناظر .. ففى المطرية كانت احدى الحلقتين و هى الكبرى عبارة عن صرح او سوق واسع على شاطئ البحيرة بجوار محطة السكة الحديد و كان مكانها في شارع سعد زغلول مكان مبنى التلغراف و السنترال الحالى و كان بالحلقة وزان يقوم بوزن السمك لكل صياد و يعطيه ايصالا او قسيمة مدونة فيها اسمه و وزن سمكه و نوعه و التاريخ ثم يقام المزاد على هذا السمك ولا يبرح التاجر الذى يرسو عليه المزاد الحلقة الا بعد دفع ثمن السمك للصياد .
كانت أسعار الاسماك و بعض السلع منخفضة جدا ، و هى بلا شك تناسب زمانها ، فقد كان للقرش قيمة ، و تكفى كثير من الاسر 5 قروش في اليوم و الليلة لشراء كافة المتطلبات اليومية ،
موكب رؤية هلال رمضان :
فى ليلة ثبوت رؤية هلال رمضان كان اهالى المطرية يخرجون جماعات في الموكب مهيب يجمع كل طوائف المجتمع المطرى ، فكل اهل الحرف و الصناعات يتسابقون للخروج فيه و يقوم كل صاحب حرفة او مهنة بنقديم عرض فنى مميز في هذا الموكب يمثل صناعته ، فالصياد مثلا يحمل مركبا صغيرا على عربة ، و صناع الاحذية كانوا يصممون حذاء ضخما و يجلسون بداخله طفلا او طفلة ، اما الفران فيقوم بصنع الفطائر و الخبز في فرن صمم خصيصا لهذا الموكب فوق احدى العربات ثم يلقى بما يخبزه على جمهور المشاهدين الذين كانوا يصطفون بالالاف على جانبى الطريق لمشاهدة الموكب و المشاركة في فرحة استقبال شهر رمضان المعظم ، و كذلك صناع الحبال كانوا يمارسون مهنتهم بشكل كامل ، و لم يكن يخلو الموكب من البهجة و الطرافة ، فكان بعض الشباب يلبسون ملابس مضحكة و يلونون وجوههم بالاصباغ و الالوان مثلما يفعل المهرج في السيرك و احيانا تصاحب الموكب بعض الالات الموسيقية ، فكان هذا الموكب يشيع البهجة في ليلة استقبال شهر رمضان المبارك .
احتضان الرئيس الراحل السادات
▪•▪المصدر: كتاب تاريخ المطرية عروس الدقهلية/إعداد ممدوح إبراهيم الطنطاوي- مطابع قميحة للأوفيست - ١٩٩٨م.
تعرضت القوات البريطانية لهزيمة نكراء في شهر مايو 1942 حيث هجمت عليها القوات الالمانية بقيادة روميل في طبرق حتى سقطت في 21 يونيو ، وأسر نحو 30 الف مقاتل انجليزى ، ثم سقطت بعدها مرسى مطروح ، و توالت انتصارات الالمان ، و في هذا الوقت طلب الانجليز من الملك التخلص من بعض الضباط المصريين و تعللوا بانهم يشكلون خطرا على الملك و الحكومة و الانجليز انفسهم ، و انهم يقومون بدور خفى و نشاط دؤوب لخدمة الجيش الالمانى و كراهية في بريطانيا .. و كان من هؤلاء الضباط اليوزباشى " محمد انور السادات " و في 8 اكتوبر 1942 طلب الانجليز مرة اخرى ابعاده عن الجيش لنشاطه الملحوظ و وعيه الوطنى و السياسى ، و بالفعل تم تنفيذ القرار الملكى الانجليزى بابعاد انور السادات عن الجيش فكان اول ضابط يفصل من الجيش بدون محاكمة جدية ، و قد تم اعتقاله فور مغادرته المجلس العسكرى ، و اودعوه سجن الزيتون ( المعتقل ) و هناك حدثت عدة مواقف تجلت فيها وطنيته و نبأت بميلاد زعيم وطنى كبير ، لقد رزق بمولودة و هو في المعتقل ، و علم السادات ان زوجته في حالة صحية سيئة فاشتد حنينه لرؤية مولودته و زوجته فطلب من سجانه _ و كان ضابطا وطنيا شريفا و صديقا للسادات _ ان يغادر المعتقل بكلمة شرف لبضع ساعات ثم يعود ، و بعد تردد وافق الضابط ، و لكن ما جعله يزداد احتراما و تقديرا للرئيس الراحل هو عودته الى المعتقل بقدميه قبل الموعد الذى تم تحديده ، و خلف القضبان الحديدية و الأسوار الخرسانية قرر أنور السادات أن يتم تشكيل سرى للمعتقلين السياسيين بقيادته لوضع خطة جماعية للهرب من المعتقل لتنفيذ سلسلة من العمليات الانتحارية ضد الأهداف الانجليزية في مدن القناة و غيرها ، و قد تعرض المعتقلون في هذه الفترة الى التعذيب البدنى و النفسى من قبل الانجليز المحتلين..
و قد هرب أنور السادات من المعقل رغم حراسته المشددة ليبدأ رحلة كفاح طويلة في سبيل الوطن من الاحتلال البغيض .. هرب السادات بمساعدة التشكيل السرى للضباط و المعتقلين السياسيين بعد ما تم نقله الى مستشفى قصر العينى للعلاج ،و في هذا الوقت كان السادات متهماَفى مقتل أمين عثمان فقرر الهرب الى مكان أكثر أماناَو في نفس الوقت أقرب الى مدن القناة لتنفيذ الخطة السرية لمكافحة الاحتلال البريطانى في مصر ،فكان القرار صائباَ .. قام بتهريب أنور السادات فنان الشعب زكريل الحجاوى الى المطرية مسقط رأسه و موطن أسرته و عائلته و أصهاره ،و كان زكريا متعوداَ على استضافة أصدقائه من الفنانين و الأدباء و غيرهم في مدينة المطرية لقضاء وقت ممتع في بحيرة المنزلة بين الصيادين و المراكب و الشباك و في هذا المقام تتحفنا جريدة أخبار الدقهلية التى يرأس تحريرها الأستاذ محمد عبد الرزاق بحوار شائق مع السيدة الفاضلة الحاجة : "عائشة السوداني داود الريس " الشهيرة ب "عائشة الريس " تقول : " كان زكريا يأتى دائماَ و معه بعض أصحابه من مصر ( القاهرة ) ينزلون عندنا في بيت والدى على أنهم معجبون بالبحيرة و الصيادين مثل الصحفي محمود السعدني و الممثل محمد رضا ، و ذات يوم جاء زكريا الحجاوى و معه شاب أسمر يرتدى زى فلاحى و على رأسه " عمة " و قدمه الى والدي و اخوتي على أنّه صديق و معجب ببحيرة المنزلة .. و سيقيم عندنا بعض الوقت ضيفاَ عزيزاَ .. فكان زكريا يصطحبه الى البحيرة .. يركبان المركب مع الصيادين طوال النهار .. يصطادان .. و يطبخان طبيخ الصيادين ..
و عند عودتهما في المساء كنا نعد لهما السمك بأنواعه و خاصة "الصيادية " التى كان يطلبها .. ثم يخرجان في المساء يسهران في قهوة على شاطئ البحيرة مع الصيادين و استمر هذا الحال لمدة أسابيع .. كان صديقاَ لنا بعد أيام ( جابوا عربية ) و اشتغل عليها هذا الضيف سائقا ، و كان التباع من المطرية .. كانت هذه (العربية ) تنقل البضائع الى الاسماعيلية و السويس و خط القناة و المنزلة ايضا .. و استمر هذا الحال لعدة شهور ، و كان يذهب ايضا الى القاهرة الى منزل زكريا الحجاوى في الجيزة ، و بعد قيام ثورة 23 يوليو 1952 ، كشف زكريا الحجاوى لنا الحقيقة ، و عرفنا بان من ضايفناه هو البطل محمد انور السادات الذى كان متهما بقتل امين عثمان و مطلوب القبض عليه .. فكان زكريا الحجاوى واحد من اثنين رسموا له خطة الهروب ، فزكريا اقترح ان يأتى له بملابس فلاح و يرتديها بعد دخوله القصر العينى ، و خرج السادات حسب السيناريو الذى رسمه الحجاوى ، و كانت سيارة تنتظرهم خارج أسوار القصر العينى .. خرج وسط الحراسة بدون ان يعرفه احد و جاء الى المطرية و عاش بيننا بدون ان نعلم حقيقة الامر ، و حينما اشتغل على سيارة نقل من المطرية الى خط القناة كان الهدف تجميع السلاح للفدائيين و رجال الثورة ، و هى مازالت في مهد ولادتها فكانت تجمع التبرعات من المنزلة و المطرية عن طريق زكريا الحجاوى و صاحبه الذى اصبح رئيسا للجمهورية " .
وفاء الرئيس السادات
تواصل الحاجة عائشة الريس حديثها فتروى لنا موقفا عظيما تجلى فيه وفاء الرئيس الراحل انور السادات للمطرية و عائلة الريس التى احتضنته و هو طريد الانجليز برتبة يوزباشى : " بعد ان وصل الى رئيس جمهورية ذهبت اليه و قابلته في قصره فرحب بى قائلا : " اهلا بعائلة الريس بالجيزة " و سألنى عن مطالبى ، و قال لى : " ايه اخبار السمك ؟!!" و عندما علمت بزيارته للمطرية لوضع حجر اساس ترعة السلام ارسلت اليه تلغرافا اعلمه فيه باننى مازلت موجودة في المطرية .. فأعلن انه سيزور البيت الذى عاش فيه ايام ضيافته .. فاستقبلناه في نفس البيت رغم اننا غير مقيمين فيه نظرا لانه آيل للسقوط فقلت له باننى سأبنى هذا البيت و اضع فيه الفراش القديم و الزيارة الثانية لازم ( ييجى ) فوعدني بذلك و لكن القدر لم يمهله فرحل بعد شهور قليلة فضرب السادات بزيارته اروع مثل للوفاء .
قنبلة إيطالية فوق منزل بالمطرية
▪•▪المصدر: كتاب تاريخ المطرية عروس الدقهلية/إعداد ممدوح إبراهيم الطنطاوي- مطابع قميحة للأوفيست - ١٩٩٨م.
فى خريف عام 1939م كانت الجيوش الألمانية قد بدأت الحرب العالمية الثانية بقيادة " أدولف هتلر " و دفع الى عجلتها بالجيوش مسلحة و متدربة تدريباَ جيداَ جداَ ليضم اليه ايطاليا و اليابان و النمسا و هى الدول التى اصطلح المؤرخون على تسميتها بقوى المحور ، و في الجانب المضاد كانت جيوش الحلفاء بريطانيا و فرنسا و دول الكومنولث البريطانى فالولايات المتحدة الأمريكية بقيادة الجنرال "أوكونور" الذى أعلن أنّه قد أعد حصاناَ أبيضاَ ليدخل به القاهرة غازياَ فاتحاَ ، و ليبدأ في استعادة ممتلكات الامبراطورية الرومانية القديمة و اشتعلت الحرب العالمية الثانية ( 1939- 1945) لتلتهم نيرانها أرواح ملايين الشباب و لتدمر المدن و تقوض الحضارات ارضاءَ لأهواء حفنة من المغامرين ، الذين يملكون القوة و تملكت عقولهم أحلام اليقظة و شهوة اراقة الدماء ، ارضاءَ لأطماع مجنونة في سيادة العالم .. في هذه الأثناء وجدت مصر نفسها في موقف لا تحسد عليه عند بداية تلك الحرب فانّ المصريين لم ينسوا بعد أنهم كانوا لا يزالون واقعين تحت سيطرة نير الاحتلال البريطانى البغيض ، الذى وقع عليهم كالكارثة المدمرة منذ عام 1889 م بعد انحدار جيوش عرابى أمام جحافل الغزاة ذوى الوجوه الحمراء و الغطرسة الحمقاء و ها هى جيوش الديكتاتور الايطالي (موسوليني) تهدد بالغزو من الصحراء الليبية في هذا الوقت العصيب تصدرت الصحف المصرية و العالمية انباء ألقاء احدى الطائرات الايطالية لقنبلة على احد منازل مدينة المطرية دقهلية ..
يقول عالمنا الجليل الحاج محمد الازهرى : " كنت صغيرا في المدرسة الاعدادية ، و ذات ليلة و نحن نيام جاءنا عند الفجر احد الناس ليوقظ والدى لامر هام جدا ، و اذ به يخبره بتعرض بيت عمى الى نيران احدى الطائرات الايطالية ، و همت الاسر كلها و الجيران بل و اهالى المدينة كلهم _ و كان عددهم قليلا في ذلك الوقت _ و ذهبنا الى منزل ابناء عمى الحاج محمد و الحاج أحمد ، و مكانه حاليا بمنطقة العلادية منزل الحاج شحاته عبد العال ، و كان البيت مبنيا على مساحة 200 متر ، و الدور الارضى عبارة عن مخزن للغلال و الحبوب يعلوه دوران لكل اخ من اولاد عمى دور منهما يسكن فيه اما عن القاء الطائرة للقنبلة قبيل الفجر في خريف سنة 1940 على منزل عمى ، فقد اشيع ان المرحوم محمد ابو رزق العاصى كان يحمل في يده ( الكلوب ) ليفتح مسجد الحاج محمد الريس لاعداده لصلاة الفجر فشاهد طائرة تحلق في السماء يبدوا انها ترصد تحركاته فألقت الطائرة الايطالية بقنبلة على الضوء ( ضوء الكلوب ) ظن منهم انه هدف عسكرى تابع لبريطانيا التى كانت تحتل مصر في هذا الوقت ..
ذهبنا و آلاف غيرنا من الاهالى الى هذا المنزل فوجدنا الابواب و الشبابيك قد تناثرت في المربع المجاور المقابل للمنزل مما يدل على قوة هذه القنبلة كما هدمت الشقة العلوية في الدور الثالث حيث تحطم الشطر الايمن منها و لكن حدثت هناك معجزة فقد اراد الله عز و جل الا يصاب احد بسوء فعند سقوط السقف حملته اعمدة السرير ( على النظام القديم ) و جاء رجال المطافئ فانتشاوا ابن عمى و زوجته من تحت السقف فقد حماهم الله و نجاهم و من العجيب في هذه القصة ان كانت الاصابات عبارة عن خدش بسيط في وجه احمد الازهرى بفعل تحطم زجاج النوافذ و لم تكن هناك خسائر في الارواح " .
خط الدفاع الثانى ابان العدوان الثلاثى 1956 م
لعبت المطرية دورا بارزا في رحلة الكفاح الوطنى و خلال الحروب المختلفة التى خاضتها مصر ضد اعدائها ، فقد كانت خط الدفاع الثانى بعد مدن القناة ابان العدوان الثلاثى على بورسعيد الباسلة في 26 اكتوبر سنة 1956 فكانت هذه المدينة تشتعل نارا بفعل القصف الجوى المكثف من قبل العدوان ، و كعادتها دائما حملت المطرية امانة غالية فقد تطوع آلاف الصيادين و الشباب من أهالى المطرية لنجدة ذويهم و اخوانهم البورسعيدين و أنقاذ الاحياء منهم خاصة الاطفال و الشيوخ و النساء ، فكانت آلاف المراكب و قوارب الصيد و مراكب الرمل و المياه تنقل كل ثانية مئات الجرحى و المصابين لاسعافهم بالمطرية اضافة الى انقاذ الاحياء من أهالى بورسعيد الذين دمرت منازلهم و تحطمت مساكنهم فأصبحوا مشتتين بلا مأوى ، و لكن المنظر المأساوى الذى لن تنساه المطرية هو وقوف أهلها صغارا و كبارا على شاطئ المنزلة لمشاهدة ألسنة اللهب و أعمدة الدخان الكثيف تملأ سماء الشقيقة و الحبيبة بورسعيد ، و كذلك لن تمح من ذاكرتهم تلك الصورة المأساوية لمئات الجثث المحترقة و المتفحمة من أبناء بورسعيد التى كانت تحملها مراكب الصيد و اللنشات فوق بعضها ثم يلقى بها على أرض مرسى المراكب لتشكل أكواما من ضحايا العدوان الغادر .
لقد فتحت المطرية زراعيها بعد قلبها للمهاجرين و النازحين من مدن القناة عامة و بورسعيد خاصة ، فكان أهالى المطرية يقتسمون معهم الديار و الاعمال و الاقوات ، و من لم يتسع داره أو منزله كان يقوم بعمل خيام بجوارها و يشمل قاطنيها بالرعاية الكاملة ، كما فتحت المساجد و المدارس التى فرغت تماما لهذا الغرض لحين تجهيز المأوى المناسب الملائم لهؤلاء الفارين من لظى الحرب ..
أما عن الدور الذى لعبته المطرية عسكريا فهو يجل عن الوصف و يصعب على القلم ان يطوع من الكلمات ما يروى تفاصيل هذا الدور البطولى ، و لندع شهود العيان يدلون بأقوالهم شهادة للتاريخ لتظل المطرية شامخة الرأس مرفوعة التيجان .. يقول الحاج منير محمود الشناوى : " رأيت بعينى كلا من الصاغ جمال سالم و الصاغ صلاح سالم و اليوزباشى احمد فؤاد الشناوى و الصاغ محمد عبده الشناوى ، و الصاغ محمود المرسى حسين – من المطرية و غيرهم جاءوا جميعا في وقت مبكر من الصباح يتخفون في زى بلدى غير عسكرى بالقرب من مسجد عزام في سيارات و عربات كبيرة و معهم عدد كبير جدا من الجنود بعد العدوان الثلاثى على مصر .. جاءوا الى المطرية باعتبارها خط الدفاع الثانى في هذا الوقت لتنظيم عملية الامداد و انقاذ بورسعيد ، كما كان من بينهم كثير من اهالى المطرية الذين تطوعوا ، و كانوا يضحون بأنفسهم و يعملون معهم لبل نهار للمشاركة و المساعدة في حمل صناديق الاسلحة و الذخيرة في مراكبهم ليلا عبر بحيرة المنزلة للفدائيين و الجيش المصرى .
كانت طائرات العدو تحلق من حين الى آخر فوق سماء المطرية على ارتفاع منخفض ، و احيانا كنا نرى اشتباكات بين طائراتنا المصرية و طائرات العدو فوق البحيرة و المطرية ، و قد وقعت بعض تنكات الوقود من هذه الطائرات فوق بعض بيوت المطرية و لم تكن فيها في ذلك الوقت كهرباء فكانت تطلى الشبابيك الزجاجية للمنازل بالبوية القاتمة او الزهرة الزرقاء او يوضع عليها من الداخل ملاءات سوداء بتوجيه من الدفاع المدنى حتى لا تكون هناك اضاءة ليلا في المدينة لئلا تتعرض المدينة للقصف اثناء اغارة طائرات العدو في هذه المنطقة ..
و كانت صفارات الانذار فوق قسم الشرطة و اعلى بعض المنازل تدوى و يقوم بعض الاطفال و الشباب بالمرور في شارع المدينة و ظل الحال هكذا حتى انتهاء الحرب " و ما زالت بعض المنازل القديمة في المطرية تحتفظ بشيء من هذا الزجاج المطلي و هو بحالة جيدة .
و حدثني عبد الرحمن الريس (75) سنة الشهير ب "الكلس" قال : " بعد العدوان الثلاثى سنة 1956 و أنا في بحر " كساب " بجوار منطقة الجميل في بحيرة المنزلة حضر الى صلاح سالم ، و معهم عشرة ضباط يرتدون جلابيب صيادين بعد صلاة العصر .. جاءوا على مركب صيد .. فسلموا على و عرفونى أنهم يريدون أن أنقلهم الى بورسعيد _خاصةَ أنّ المركب الذى استقلوهلم يكن يجرؤ صاحبه على تنفيذ هذه المهمة _ فوافقت على الفكرة و قمت بعمل غداء لهم و كان " طبيخ جمبرى " في سندوتشات و أعطيتهم ميعاداَ بأننا سنبحر الساعة 7,30 مساءَ ، و كان ما بين العشاء و المغرب بعد العدوان الثلاثي بنحو شهر ، و قمت بنقلهم في الظلام حتى لا يرانا أو يرصدنا العدو ، و وصلتهم الى مطار الجميل و كان هذا هو هدفهم و رغبتهم ، و كان معهم صناديق مقفلة و شنط لم أعرف ما كان بداخلها و ان تأكدت من أنها كانت أسلحة بعد ذلك ، و نفس الليلة التى قمت فيها بتوصيلهم تم تفجير سبعة مواقع للعدو ، حيث سمعنا سبعة انفجارات في بورسعيد و بعد عدة أيام عرفنا أنّ هذه الانفجارات قام بها هؤلاء الضباط في مواقع خاصة بالعدو .. فكانت الشرارة التى انطلقت منها عملية اجلاء قوات العدو " .
بطولة و فداء:
لتسمحوا لي أن أنقل لكم بعض الفقرات من أحدث الكتب التى صدرت قبيل طباعة كتابنا هذا "تاريخ المطرية عروس الدقهلية" و يتحدث عن الفدائية و البطولة في حرب 1956م و دور الفدائيين عن طريق مدينة المطرية ، انّه كتاب "شموس في سماء الوطن" للأستاذ محمد الشافعي
يقول البطل عبد العال الهوارى : "و عند نقطة معينة أقمنا الخط الدفاعي ، و بدأنا تنظيم عمل الفدائيين لمقاومة الانجليز في بورسعيد و ذلك من خلال المراكب المحملة بالسلاح من المطرية الى بورسعيد عبر بحيرة المنزلة" .
و عن وجود الفدائيين في المطرية و تنظيم عملهم البطولي في بيوتها يقول البطل محمد محمد خليفة من الاسماعيلية أو "شزام" كما أطلق عليه الانجليز هذا اللقب الذي يعنى "طائر جارح" : "عندما بدأت حرب 56 تم استدعاء قوات الحرس الوطني خاصة الأفراد الذين حصلوا فرق متخصصة و كنت قد حصلت و معي بعض زملائي على ثلاث فرق صاعقة و فرقتين مظلات و فرقتي أعمال انتحارية و ذلك غير فرق الأسلحة و ذهبت الى المطرية دقهلية و وجدت الفدائيين يملأون بيوت المدينة و معهم كثير من جنود الصاعقة و دخلنا بورسعيد مع الفدائيين و رجال الصاعقة عن طريق بحيرة المنزلة و قابلنا حسن رشدي رئيس مباحث المدينة ..
"و عن عمليات الامداد و التموين لأبطال المقاومة الشعبية و الفدائيين في بورسعيد من المطرية عن طريق بحيرة المنزلة ، يقول البطل محمد عسران : "كانت الحكومة ترسل المواد الغذائية من المطرية عن طريق بحيرة المنزلة و كانت الأسلحة تأتى تحت الأسماك مع رجال الصاعقة و المظلات الذين دخلوا المدينة في زى الصيادين ، و كان معهم أيضاَ بعض رجال المخابرات الحربية و قد تشكلت قيادة المقاومة الشعبية من بعض أجهزة القاهرة و تشكلت مجموعات المقاومة ، و كان أهل المدينة مجموعة واحدة للمقاومة الشعبية ، و مع ذلك فقد حدث بعض التضارب فهناك تشكيل لرجال الصاعقة و تشكيل آخر لرجال المقاومة الشعبية و قد حدث صراع خفي بين الطرفين للحصول على أكبر قدر من البطولات" .
و يقول البطل الفدائي حسين عثمان من بورسعيد : "ثم جاءت الأوامر بمغادرة بورسعيد بعد أن طارد الانجليز المواطن عبد المنعم مختار و أصابوه بطلق ناري فدخل المستشفي و أجريت له عملية الزائدة الدودية ، و بعد الحرب مات هذا الرجل متأثراَ بجراحه ، المهم أنّ القيادة خافت علينا فتركنا بورسعيد حيث وصلنا ليلة الانسحاب" .
و يقول البطل علي طاهر علي مسعد من بورسعيد (67 سنة) : "جاءت التعليمات بأن نغادر بورسعيد و كان البوليس الدولى قد تسلم جميع منافذ المدينة من الانجليز ، فأعطانا الامن المصرى جلاليب قديمة على أننا من الصيادين ، و وصلنا الى المطرية عن طريق بحيرة المنزلة في الصباح ، و من المطرية الى المنصورة ثم الى القاهرة و عدنا الى المطرية مرة اخرى يوم 22 ديسمبر الساعة الخامسة مساءا و سمعنا عن جلاء قوات الاحتلال فعدنا الى بورسعيد في 8 من صباح 23 ديسمبر فوجدنا المدينة كلها في احتفال كبير فشاركنا أهل المدينة احتفالاتهم بهذا النصر العظيم " .
مما سلف ذكره يتأكد لنا اهمية المطرية و بحيرة المنزلة و دورهما في رحلة الكفاح الوطنى فهما خط الدفاع الثانى و نقطة مهمة جدا للامداد و التموين و تنظيم العمليات الفدائية ، و لدينا ما يثبت دور كثير من شبابها في ملاحم البطولة التى خاضتها مصر النتصرة دائما ضد اعدائها على مر العصور .
زيارة جمال عبد الناصر
▪•▪المصدر: كتاب تاريخ المطرية عروس الدقهلية/إعداد ممدوح إبراهيم الطنطاوي- مطابع قميحة للأوفيست - ١٩٩٨م.
فى 24 ديسمبر سنة 1961 تزينت المطرية كلها لاستقبال الزعيم الراحل جمال عبد الناصر الذى شق باللنش الذى استقله من بورسعيد في الاحتفال باعياد النصر عباب مياه بحيرة المنزلة وسط صفين عن يمين و شمال من مراكب الصيادين التى ربت على العشرة آلاف مركب و قارب و لنش ، و قد اصطفت في شكل منظم رائع مزينة بالاعلام و اكاليل الزهور و الورود و الرايات الزاهية ..
كان مع الرئيس الراحل عبد الناصر في زيارته الى المطرية بعض رجال الثورة كحسين الشافعى ، و كمال الدين حسين ، و عبد الحكيم عامر و صلاح سالم و غيرهم .. و قد وصل الموكب المكون من 150 لنشا الى المطرية و نزل الرئيس عبد الناصر من لنشه الخاص ، و كان في استقباله عدد كبير من اهالى المطرية في السرادق الكبير الذى اقيم خلف مبنى المستشفى بجوار مبنى السواحل .. هذا السرادق أقيم على مساحة لا تقل عن 10000 متر ، و لكن تهاوى هذا السرادق نتيجة للحشد الهائل من أهالى المطرية الذين انتظروا ساعات طويلة ليروا زعيمهم و رئيسهم عبد الناصر .. فتحرك موكب السيارات تتقدمها سيارة الرئيس مغادرة المكان و الناس من حولها يهتفون بحياة الرئيس عبد الناصر ، و كان الفنان زكريا الحجاوى يقود الفرقة الشعبية التى كانت متكونة آنذاك من الصيادين ، و الاناشيد الوطنية لا تهدأ ، و شعارات التأييد تدوى في الارجاء ، و في هذا الوقت غادر الزعيم الراحل المطرية متجها صوب مدينة المنزلة التى تزينت هى الاخرى لاستقبال الرئيس الذى قضى بها وقتا أطول من ذلك الذى قضاه في المطرية و هو نحو ست ساعات ، حيث زار دار البطل حسن طوبار وسط عشرات من أشقائنا المنزلاوية ثم اتجه الى المنصورة فالقاهرة ، و مازال وقع هذه الزيارة له أثر كبير في أنفس من عاصروها و شاهدوها حتى تجدهم يفاخرون بها بين الاجيال اللاحقة .
دور المطرية في حرب الاستنزاف
خاضت مصر ضد اسرائيل حربا في 8 مارس 1969 و استمرت حتى 8 اغسطس 1970 , و هى المرحلة التى تعرف ب " حرب الاستنزاف " و كانت العمليات العسكرية مستمرة خلال هذه الفترة و تستهدف اعمال العدو , و كان من نتائجها ما يلى :
1- تحطيم ما يربو على 80 % من خط بارليف الاول .
2- إغراق الضفادع البشرية لقواتنا المسلحة 3 قطع بحرية للعدو أثناء هجومها على ميناء ايلات الاسرائيلى في 26 نوفمبر 1969 م .
3- تجميد حركة القوات الاسرائيلية داخل خنادقها و الحد ما أمكن من هجماتها .
4- انزال خسائر فادحة يومية بالقوات المعادية في الافراد و المعدات .
5-اكساب المقاتل المصرى خبرة في مواجهة الغارات الجوية و التكتيكات البرية الاسرائيلية ، و تمهيدا لمعركة العبور و النصر .
اما دور الصيادين و اهالى المطرية في حرب الاستنزاف فيحدثنا عنه السيد عبدالرحمن فهمى الجيار (عضو جمعية المحاربين القدماء) فيقول كنت متطوعا في مصلحة خفر السواحل والمصايد وحرس المطرية دقهلية ضمن قسم مصايد الأسماك أثناء الحرب وبعد النكسة بدأت مصلحة السواحل تدخل في عملية تنظيمات عسكرية باشتراك قوات من حرس الحدود قبل انضمامها الى السواحل ففى بداية عام 1968 م بدأت في تدريب الصيادين المتوطعين وكذلك قاطنى المراحات بالجزرالكائنة في بحيرة المنزلة على حمل واستخدام السلاح والتعامل مع الأفراد الذين يحتمل أن يقوموا بعمليات إنزال بالبراشوت من طائرات العدو على بحيرة المنزلة وكان تدريبهم عن طريق مخابرات السواحل وكانوا يتسلمون سلاحا شخصيا لكل فرد منهم .
وفى حرب الاستنزاف من سنة 1969 م وما بعدها حتى عام 1973م أتت هذه التدريبات ثمارها حيث استطاع بعض الصيادين من أهالى المطرية أثناء عملهم بصيد الأسماك أن يقبضوا على أحد الطيارين الاسرائيلين ويدعو " آلمينو آم كلداس " حيث أطلقت النيران المصرية على طائرته فقذف نفسه من طائرته فقام صيادو البحيرة بإلقاء القبض عليه وسلموه لقوات السواحل المصرية التى قامت بتسليمه للقادة في القاهرة .
وأثناء معركة رأس العش في حرب الاستنزاف كنا نمد قواتنا برأس العش بالتعينيات وكنا ننقلها على رومس (قارب بدون شراع ) عبر مصرف بحر البقر حتى الكاب قرب القنطرة غرب لمسافة لا تقل عن 11كم فنبحر بعد الغروب في الظلام حتى لا يرانا أحد من أفراد العدو فننام على بطوننا بالتناوب لشد وجذب الحامول من طريق الرومس وخاصة أن القوات كانت تلقى بمواد وقنابل مشعة فوق بحيرة المنزلة ليلا حتى يراقبوا المنطقة.
وكان رجال السواحل يقومون بإحضار المراكب الشراعية الكبيرة التى تنقل الرمال ثم يفرغونها من كل مكوناتها مثل القرية والصارى والحبال والشراع فتصبح قوارب فارغة ثم تشق طريقها عبر المجرى الملاحى بين المطرية وبورسعيد لمسافة 17 كم تقريبا وقد وضعت الذخائر والأسلحة لتسليمها للقوات المسلحة بالشاطىء وكانت محمولة في عربات في جنح الظلام وكان أكبرها مركب القرعة وكانت تساعدها بعض اللنوش التى تسحبها
كما بذلت المطرية كل غال ونفيس فداء مصـــــر ولن تنس المطرية شهيدها البطل عبد العال فويلة الذى نال أوسمة ونياشين كثيرة حيث استشهد إبان هذه الفترة بمدة .
زيارة الرئيس السادات للمطرية
▪•▪المصدر: كتاب تاريخ المطرية عروس الدقهلية/إعداد ممدوح إبراهيم الطنطاوي- مطابع قميحة للأوفيست - ١٩٩٨م.
طيرت الاذاعات المصرية نبأ هام أن الرئيس الراحل أنور السادات قرر زيارة مدينة المطرية بمحافظة الدقهلية لوضع حجر الأساس لترعة السلام ذلك المشروع العملاق وعلى أثر هذا النبأ أرسلت الحاجة عائشة السودانى خطابا مسجلا الى مبنى رئاسة الجمهورية تدعو فيه الرئيس أنور السادات لزيارة منزل العائلة القديم بشارع سعد زغلول ذلك المنزل الذى اختبأ فيه السادات عندما كان مطاردا من الانجليز عقب هروبه من معتقل الزقازيق في قضية مقتل امين عثمان على نحو ما تقدم ذكره في هذا الكتاب .. و قد لبى الرئيس الراحل دعوة الحاجة عائشة حيث ذكرت الاذاعة المصرية انه سيزور المنزل الذى اختبأ فيه في المطرية عند زيارته لها لوضع حجر الاساس لترعة السلام ، و عندئذ اخذت المطرية زينتها و زخرفها لاستقبال السادات ، و جاء محافظ الدقهلية الاسبق سعد الشربينى للاشراف بنفسه على تنظيم و اعداد المدينة لهذا الحدث التاريخى فأقيمت البوابات الخشبية المزخرفة التى ملأت شارع سعد زغلول الرئيسى بأشكال مختلفة و تصميمات رائعة من أول المدينة الى آخرها .. كما رفرفت الاعلام الملونة في سمائها ، و تزينت آلاف المراكب الشراعية الخاصة بالصيادين لاستقبال السادات ..
كانت هذه الزيارة ذات وقع كبير في قلوب المطريين فقد أغلقوا من الصباح الباكر منازلهم و محلاتهم ، و توقف الصيادون عن الصيد و بالمعنى المطرى : " حضروا " و انتظر اكثر من 100 الف مطرى هذه اللحظة التاريخية ليشاهدوا عن كثب رئيسهم و قائدهم .. و في الساعة ال12 ظهرا يوم 27 نوفمبر 1979 م هبطت الطائرة الهيلكوبتر التى كانت تقل الرئيس و رفاقه في المنطقة المعروفة ب " عثمان احمد عثمان " بحى الغصنة ، و كان في استقبال الرئيس عدد من كبار رجال المطرية و التنفيذين و الشعبيين الى جانب محافظ الدقهلية سعد الشربينى و رئيس مجلس المدينة بهى الدين حجاب ، ثم استقل الرئيس السادات سيارة مكشوفة و اخذ الموكب المهيب يشق طريقه صوب العقبيين بين صفين من الرجال و النساء و الشباب و الأطفال من الجنسين يحجزهما عن الرئيس سور حديدي مكون من عدة قطع إقامته الشرطة لحجز هذه الجموع الغفيرة و مئات من جنود الشرطة على الجانبين ..
و قد اكتظت شرفات و أسطح المنازل بمئات من أهالى المطرية و خاصة النساء ، و كان الرئيس الراحل السادات يقف شامخا يحمل تحت ابطه عصاه الشهيرة و اخذ يلوح بكلتا يديه للآلاف المؤلفة من الأهالى الذين طالما كانت أصواتهم صاخبة بالهتاف و الشعارات الوطنية " مرحب مرحب يا سادات " .. " الله معك يا سادات " " بالروح .. بالدم نفديك يا سادات " و كانت مكبرات الصوت تدوي بالأناشيد و الأغاني الوطنية .. كما انتشرت مئات اللافتات التي تحمل كلمات الترحيب بالسيد الرئيس .
مضى الموكب المهيب في طريقه إلى أن وصل إلى المنطقة التي يقع فيها منزل الحاجة عائشة و هي واقفة في شرفة المنزل العلوية و قد علقت أسفلها لافتة كبيرة من القماش كتب عليها ما نصه " أهل البيت يتشرفون بزيارة سيادتكم له " فعلم السادات أن هذه المرأة هي الحاجة عائشة فأخذ يلوح لها بيديه و هي كذلك حتى بعدت سيارته عن المنزل فإذا به يدير نفسه كليا في السيارة المكشوفة و اخذ ينظر تجاه منزل الريس و يشير ملوحاَ بيده حتى بعدت السيارة عن المنطقة ..
وصل موكب الرئيس الراحل إلى المكان المعد لوضع حجر الأساس بجوار قرية النسايمة ، و بعد ذلك ركب السادات و رفاقه لنشاَ عن طريق المسطحات المائية في رحلة قصيرة في بحيرة المنزلة و هذا المشهد وحده يحتاج إلى عشرات الصفحات لوصفه ، لما كان له من روعة و عظمة في الموقف الذي قام به الرئيس أنور السادات و لكن هنا نكتفي بالإشارة إلى أن الرئيس قرر فجأة و بلا سابق إعداد أن يرجع إلى المطرية ، و قد تعجب مرافقوه و كذلك الصيادون الذين ظلوا أياماَ يزينون مراكبهم لهذا الحدث العظيم فكان من المقرر أن يطوف في البحيرة لوقت أكبر و لكن زال تعجبهم عندما رأوا قائدهم يضرب أروع الأمثلة في الوفاء حيث استقل سيارته مرة أخري طالباَ من سائقها أن يمضي إلى منزل الحاجة عائشة الريس لأنه وعدها بزيارة المنزل ، كما أنه لم ينس ما قدمته أسرة هذا المنزل له أثناء هروبه من المعتقل و هو برتبة اليوزباشي .
زار الرئيس محمد أنور السادات المنزل و كان في استقباله الحاجة عائشة و الحاج عبد الله الريس ، و الأستاذ عبد الله الغوابي، والحاج أحمد شميس الريس ، و المحاسب محمود عبد السلام الريس ابن الحاجة عائشة و السيد التميمي الحجاوي شقيق الفنان زكريا الحجاوي وغيرهم.
جاس الرئيس على كنبة مذهبة في الدور الأرضي بالمنزل و بعد دقائق من الترحيب ، قال لها : "يا حاجة فين الصيادية اللي كنت بتعمليها لي زمان " ثم طلب أن يصعد إلى الدور العلوي و إذا به يفاجأ برفض الحاجة عائشة فاستغرب رفضها و سألها عن سببه فأجابته "أي حد يطلع تانى غيرك يا ريس لكن أنت لا" قال لها : "ليه يا حاجة خير" قالت : "السلم مكسر و حياتك غالية يا ريس" و أحاطته علماَ بأنها اشترت سلماَ خشبياَ جديداَ رآه الرئيس بنفسه لكن المسئولين رفضوا تركيبه بزعم أن الرئيس لن يزور إلا المنزل ، بحثت الحاجة عائشة عن نجار ليركبه فلم تجد لأن مجلس المدينة كان قد جمع جميع النجارين لعمل البوابات الخشبية الضخمة ، فأحال الرئيس السادات المسئولين جميعاَ إلى التحقيق ليس لرفضهم تركيب السلم و لكن لزعمهم أنه لن يزور هذا البيت بالرغم من تصريحه بأنه سيزوره .. ثم أنهى الرئيس الراحل محمد أنور السادات هذه الزيارة التاريخية حيث وعد بزيارة أخرى لكن لم يمهله القدر فقد توفاه الله بعد هذه الزيارة بعامين.
الأعلام
من أعلام مركز ومدينة المطرية في محافظة الدقهلية:
- فضيلة الشيخ عبد العظيم علي الشناوي، مراجع المصحف الشريف بمجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف في المدينة المنورة.
- فضيلة الشيخ محمد خاطر، مفتي الديار المصرية.
- زكريا الحجاوي، رائد من رواد الفن الشعبي المصري.
- سيد حجاب، الشاعر والملقب بسيد شعراء العامية في مصر الوطن العربي.
▪•▪المصدر: كتاب تاريخ المطرية عروس الدقهلية/إعداد ممدوح إبراهيم الطنطاوي- مطابع قميحة للأوفيست - ١٩٩٨م.