الليبرالية في تركيا
يعطي هذا المقال نظرة عامة على الليبرالية في تركيا.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
التاريخ
ارتبط التاريخ العام للأقطار العربية ومسيرة النهضة الثقافية القومية العربية في مطلع السبعينيات ارتباطا عضويا بالأوضاح الداخلية والخارجية للدولة العثمانية، التي تجسدت في الأزمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية الخانقة والتي اصابت الامبراطورية التركية بالشلل الكامل.
ان جبهة الأغلبية المكونة من الاقطاعيين المحافظين ورجال الدين وكبار الموظفين الملتفين حول الباب العالي الذي مثل قلعة الرجعية والاستبداد والعدو اللدود لاي اصلاح أو تجديد، لم يكن بمستطاعه أن يستقطب آفاق الاصلاح في السلطنة العثمانية الا حول تحقيق السياسة التقليدية للاستغلال والاستثمار والضغوط والاضطهادات في أبشع صورها وتجلياتها.
في الربع الثاني من القرن التاسع عشر ظهرت داخل جبهة الأغلبية جماعة من الناس القلقين على مصير الامبراطورية العثمانية، الذين رأوا أن الاصلاحات – طبعا بتأثير من الدول "الصديقة" للباب العالي – ضرورة حيوية لانقاذ الامبراطورية من الضياع. غير أن جماعة المصلحين القليلة العدد وغير المتجانسة دب الانقسام فيما بينها ثم ازاد عمقا واتساعا بفعل الزمان وتقلب الأحوال وقد شكل الجناح المعتدل غالبية الداعين للاصلاح والتجديد. فمنذ أواخر الثلاثينيات وعلى أثر الأزمات المتعاقبة التي هزت الامبراطرية العثمانية رأى هذا الجناح المخرج الوحيد في تطبيق الاصلاحات، التي رسمتها البيانات الشاهانية الصادرة عامي 1839و1856. فلم يكن بمقدور الداعين الى تنفيذ التنظيمات أي الاصلاحات المنزلة من عل، القيام بأكثر من ذلك في ظروف المقاومة الضارية التي أبدتها الأغلبية الرجعية. وهذا لا يرجع فقط لسبب خشيتهم من فقدان نصيبهم في السلطة نهائيا، ولاسيما أنهم حرموا منها في فترات سابقة، بل وبحكم هويتهم الاجتماعية وانتمائهم الطبقي. حقا ان القسم الأعظم من هؤلاء الدعاة من نتاج الاقطاعية العثمانية، ولكنهم انطلاقا من مصالحهم في فرض الهيمنة التركية، يختلفون عن الأغلبية الرجعية في محاولاتهم الساعية لتطعيم النظام الاقطاعي القروسطي ببعض المعايير والقيم البرجوازية العصرية.
كان الجناح الأكثر ردايكالية نسبيا بين الاصلاحيين مؤلفا من تلك العناصر التي اعتبرت علاج "الرجل المريض" علاجا جذريا وتجميل قبائحه الى أقصى حد ممكن، من الضروريات الملحة الآنية التي لا تقبل أي تأخير أو تأجيل. كان مؤسسو وأعضاء التنظيمات "الليبرالية" العثمانية: "الاتحاد الوطني" (1865) و"العثمانيون الجدد" (1867) و"جمعية تركية الفتاة" من ممثلي الاقطاعية – الارستقراطية الليبرالية العثمانية (من الأتراك وغيرهم من الأقوام الأخرى ولاسيما العرب المسلمين) ومن أبناء الشريحة البرجوازية التجارية التركية (المحافظة حتما لأنها تركية).
فبعد اعتلاء السلطان عبد العزيز عرش السلطة عام 1861، انقلب على سياسة التنظيمات فاتبع منهجا مغرقا في الرجعية. اذ ذاك نشط الجناح الليبرالي داخل أوساط دعاة الاصلاح الأتراك، الذين حاولوا انقاذ الامبراطورية من الاندحار والسقوط، وبالتالي تدعيم سيطرة العنصر التركي وهيمنته. وقد قام المثقفون البارزون الذين تلقوا علومهم في المدارس العلمانية التركية أو في أوربة ولاسيما فرنسة، والذين التفوا حول مجلة "ترجمان أحوال" التركية أمثال: نامق كمال، عبد الحميد ضيا، علي السوافي، ابراهيم شناسي، أغياخ تشابان أوغلي، توفيق أبو ضيا، أحمد وفيق، مصطفى رفيق – قاموا باسداء خدمات كبيرة في مجال انعاش التيار الليبرالي الاصلاحي، وشكلوا النواة الأساسية لجمعية العثمانيين الجدد.
ان تحليل الفكر الاجتماعي – السياسي للعثمانيين الجدد لا يدخل في اطار دراستنا، خصوصا ان المستشرقين الأرمن وضعوا دراسات أكاديمية رفيعة المستوى في هذا المضمار. وما يستوقفنا هنا اعطاء صورة عن الأوضاح السياسية السائدة في الواقع العثماني، الذي تواقت مع فترة استباب الحكم التنويرية داخل التيار النهضوي في بيروت حين كان العثمانيون الجدد يسعون جاهدين لتحقيق المرحلة الثالثة والأخيرة من التنظيمات، ونعني بها ، تحويل النظام السلطاني الى ملكية دستورية واجراء ما يناسبه ويقتضيه من اصلاحات. ولكن – كما يقول نوفيتشف: "كانوا يناضلون ضد النظام الاستبدادي المطلق وهاجسهم الأساسي يمتحور حول الحؤول دون سقوط الامبراطورية العثمانية القائمة على تسلط العنصر التركي واستبداده للشعوب والأقوام الأخرى". [1]
فمنذ أن عين السلطان عبد العزيز واحدا من أكبر غلاة الرجعية الباشا محمد نديم صدرا أعظم سنة 1871، وعلى الأرجح عندما وطد السلطان مواقع هذا الباشا اثر الأزمة الحكومية المزمنة سنة 1873، تمكن العثمانيون الجدد من كسب ثقة الجناح الليبرالي نسبيا داخل الطبقة الاقطاعية – الارستقراطية المتمثلة في الوجهاء والأعيان وكبار موظفي الدولة، فكان مدحت باشا زعيم الاصلاحيين الأتراك عظيما بالنسبة لهم.
نجح مدحت باشا في استقطاب جبهة عريضة مكونة من عناصر متباينة في أفكارها وميولها بدءا بالعناصر الرجعية المحافظة المستاءة من اخفاقات السياسة الخارجية، مرورا بالعناصر الاصلاحية – المعتدلة الناقمة على هيمنة انقاذ السلطنة العثمانية هذه الجبهة اللا متجانسة طبقيا واجتماعيا هي التي أطاحت بحكم السلطان عبد العزيز في 30 مايو 1876، ويخلفه السلطان مراد الخامس في 31 أغسطس، عندما ارتقى العرش السلطان عبد الحميد الثاني، الذي انقض على الاصلاحات الدستورية، فاصطبغ النظام الاقطاعي الاستبدادي في عهده بطابع العنف الشديد والدموية.
حزب الحرية والوحدة
حزب الشعب الليبرالي العثماني/حزب الحرية
حزب الحرية
حزب تركيا الجديد
الحزب الديمقراطي الجديد
انظر أيضاً
المصادر
- ^ نجاريان, يغيا (2005). النهضة القومية-الثقافية العربية. دمشق، سوريا: أكاديمية العلوم الأرمنية - الدار الوطنية الجديدة.