كريكور وارتابيد
كريكور وارتابيد أو كريكور ڤارتاپـِد (1827 في صيدا - ) هو أرمني سوري، أحد مؤسسي الجمعية العلمية السورية ببيروت. وواحد من رعيل المفكرين المنورين للنهضة العربية الذين تحلقوا حول الجمعية السورية، والذين اتسموا بالنزعة الإنسانية "والتحرر الفكري الرحب كرواد النهضة الأوربيين"، خلافا لتأكيدات المستشرق الروسي زلمان ليفين المعاكسة، غير أن ندرة المعلومات لا تسمح لنا – للأسف – برسم صورة واضحة الملامح عنه. [1]
وكل ما نعرفه عنه أنه ولد في صيدا سنة 1827، وهو الأخ الأصغر لحنا وارتابيد الشهير. تلقى علومه في مدرسة المرسلين ببيروت، وكان عضوا في الجمعية السورية . تبحر في علومه بانكلترة وقفل راجعا الى المشرق سنة 1854. وقد أسلم خواطره عن سورية والسوريين ماضيا وحاضرا، وعبر عن آماله وتوقعاته لمستقبل هذا البلد في كتاب مؤلف من جزأين أسماه "سورية والسوريون". وقد أصاب سيساك وارجابيديان عين الحقيقة حين وصفه بأنه "أديب نابغة" وشاعر ألمعي، من أشد المدافعين عن العلم والتنور، وثائر قارع الظلم وحارب الظلام، دافع عن قضايا العرب مشيدا بقيمهم وفضائلهم فكان نبيا في قومه".
وبالفعل فان كريكور وارتابيد دافع دفاعا حرا عن سورية والسوريين ازاء التعنت أو التكبر الذي يبديه الأوربيون، وكان يثير الحمية والحماسة في نفوس أبناء بلده السوريين، ولاسيما اللبنانيين، نحو وطنهم الحبيب وحضارتهم ذات التاريخ العميق وأمجاد العرب التليدة، فضلا عن أنه كان يبق في وعيهم روح التفاؤل بالحاضر المعيش والايمان بالمستقبل الوضاء. وإليكم بعض من كلامه المشبع بحب الوطن:
"كان تجار فينيقية يسمون بالتجار الأمراء، وكان يحاورها مشهورين بأغانيهم، كانت فينيقية في ذلك العصر كما هي عليه اليوم إنكلترة، كان هناك العديد من المدارس التي ساهمت في نشر الحضارة والنور على الدنيا. فيا أطياف الماضي الغابر استيقظي واعزفي القيثار كي ينهض أبناؤك من سباتهم العميق. وليبارك الله تلك الساعة التي يتكرر فيها الماضي العريق بالزمن الحاضر".
ثم يتابع الكاتب حديثه بقلب يعصره الألم فيقول:
"وأسفاه فمدن فينيقية العامرة أصبحت اليوم قاعاً صفصفاً، فلا بحر ولا من يبحرون، فالبحر الذي تسمى باسمهم لم يعد يتعرف عليهم ويصون عرضهم وشرفهم، فالسفن الأجنبية تشق مياهه وتمخر عبابه، وحتى بر الأمان لم يعد يقلهم ويستضيفهم. وابليتاه، إلام سيستمر هذا الحال ويدوم على هذا المنال؟ متى ستجري دماء الماضي العريق في عروق هذا الحاضر الغريق؟ ومتى سيهب أبناء فينيقية هبة رجل واحد آت لا محال. وستزول اللعنة عن هذه البلاد وتجود الحالة؟"
وفي موضع آخر يرى الكاتب الصلة الوثيقة بين النهضة في سورية ولبنان وبين زوال "اللعنة " المتمثلة في الحكم التركي البغيض فيقول:
"ورغم أن سورية اليوم محرورة ملعونة، فإن تباشير المجد العريق ظاهرة للعيان. فيا ربي بارك برحمتك هذه الأرض الطيبة واجعل خرابها عمارة، وفقرها نعيما، وأطلالها ودوارسها مدنا عامة آهلة".
وبعد أن يؤكد كريكور وارتابيد أن دوام حكم الأتراك "القوم الفاسدين" هو أساس التناحر بين الطوائف اللبنانية، ينبري للدعوة بحماسة نقطعة النظير الى التآلف والتآزر بين الطوائف الشقيقة وأبناء البلد والواحد سورية.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
المصادر
- ^ نجاريان, يغيا (2005). النهضة القومية-الثقافية العربية. دمشق، سوريا: أكاديمية العلوم الأرمنية - الدار الوطنية الجديدة.