الحجرة النبوية
الحجرة النبوية الشريفة، هي حجرة السيدة عائشة بنت أبي بكر التي كانت تسكنها مع النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وهي التي دُفِن فيها بعد وفاته. ثم دفن فيها بعد ذلك أبو بكر الصديق سنة 13 هـ وكان قد أوصى عائشة أن يدفن إلى جانب رفيقه رسول الله محمد ، فلما توفي حفر لهُ وجعل رأسه عند كتفي الرسول [1]. ودفن فيها بعدهما عمر بن الخطاب سنة 24 هـ إلى جانب الصديق، وكان قد استأذن عائشة في ذلك فأذنت له[2].
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وصف الحجرة
ذكر السمهودي أبعاد الحجرة فقال «بلغت طولاً من الشرق للغرب جهة القبلة عشرة أذرع وثلثي ذراع (4,8 م)، وجهة الشام عشرة أذرع وربع ذراع وسدس ذراع (4,69 م)، وعرضًا من الشمال للجنوب جهة الشرق والغرب سبعة أذرع ونصف وثمن ذراع بذراع اليد (3,43 م)، وعرض منقبة الجدار الداخل من الجوانب كلها ذراع ونصف وقيراطان (0,68 م) إلا الشرقي المجدد فإنه ذراع وربع وثمن ذراع (0,62 م)»[3].
وتتصل بعض أجزاء الحجرة من الشمال بدار فاطمة بنت محمد بنت النبي محمد ، وكان في بيتها كوّة وكان إذا قام النبي محمد للمخرَج اطّلع من الكوّة إلى ابنته فاطمة فعلم خبرها. ومن الجنوب، فيوجد طريق يفصل بين بيت حفصة بنت عمر بن الخطاب وبين الحجرة، وتقع دار حفصة في موقف الزائر للنبي الآن داخل مقصورة الحجرة وخارجها. ومن الشرق، فيتصل بمصلى الجنائز. ومن الغرب، فيقع المسجد النبوي يفصل بينهما باب كان يخرج منه النبي للصلاة[3].
أما عن وصف بنائه، فقد بني النبي محمد بيته مثل بنائه باللّبن وجريد النخل بجانب المسجد، وروي أن له بابين أحدهما جهة الغرب شارع في المسجد، والثاني جهة الشمال. وليس لأبوابه حلق، بل يقرع باليد، والباب من عرعر أو ساج بمصراع واحد، ولم يكن على الباب غلق مدة حياة عائشة بنت أبي بكر[3].
عمارة الحجرة النبوية
وكانت الحجرة من جريد مستورة بمسوح الشعر، ثم أبدله عمر بن الخطاب حائطًا قصيرًا فكان أول من بنى عليه جدارًا. وبنت السيدة عائشة بينها وبين القبور جدارًا، فقسمت بذلك البيت إلى قسمين، قسم قبلي وفيه القبور الثلاثة، وقسم شمالي لسكناها. ثم زاد فيه عمر بن عبد العزيز[4]. وفي عهد الوليد بن عبد الملك أعاد عمر بن عبد العزيز بناء الحجرة بأحجار سوداء بعدما سقط عليهم الحائط، فبدت لهم قدم عمر بن الخطاب[5]. ثم جُدد جدار الحجرة في عهد قايتباي سنة 881 هـ.
وصف القبور فيها
دفن النبي محمد بعد وفاته في حجرة بيته وقد جُعل رأسه إلى المغرب، ورجلاه إلى المشرق، ووجه غلى القبلة، وكان بينه وبين جدار البيت القبلي قدر شبر، وقيل بمقدار سوط، وبينه وبين الجدار الغربي قدر ذراعين. ويليه خلفه قبر أبي بكر الصديق ورأسه خلف منكب النبي محمد ، وكان دفنه بوصيته وموافقة عائشة. ويليه من خلفه قبر عمر بن الخطاب، ورأسه خلف منكب أبي بكر الصديق، وكان دفنه بعد أن أرسل للسيدة عائشة يستأذنها أن يُدفن بجانب صاحبيه، فأرسلت إليه قائلة: «كنت أريده (المكان) لنفسي، ولأوثرنّه اليوم على نفسي» [6].
محل قبر رابع
يوجد في الحجرة محل قبر رابع، ويُروى أن عائشة بنت أبي بكر عرضت على عبد الرحمن بن عوف أن يُدفن فيه، وأنها أذنت للحسن بن علي أن يُدفن فيه، ومنعه بنو أمية من ذلك. وقيل لعمر بن عبد العزيز: لو أتيت المدينة وأقمت بها، فإذا مت دفنتَ في محل القبر الرابع، فقال: والله لأن يعذبني الله عز وجل بكل عذاب إلا النار أحب إلي من أن يعلم أنني أرى نفسي أهلاً لذلك[3].
وقد وردت روايات متعددة عن أهل السنة من أن عيسى بن مريم بعد نزوله سيُدفن في هذا القبر الرابع، فقد روى الترمذي عن عبد الله بن سلام قوله: «مكتوب في التوراة صفة محمد وصفة عيسى ابن مريم يُدفن معه» قال أبو داود أحد رواته: وقد بقي في البيت موضع قبر[7] [8]، ونقل ذلك جماعة من أهل السنة كالقرطبي إذ قال في وصف وفاة عيسى بن مريم بعد نزوله: «وتكون وفاته بالمدينة النبوية فيصلي عليه هنالك ويدفن بالحجرة النبوية أيضًا»[9] [10]. وكذا ابن عساكر قائلاً عن وفاة عيسى بن مريم: «يُتوفى بطيبة فيصلي عليه هنالك ويدفن بالحجرة النبوية»[11]
قصيدة الحجرة النبوية
كُتب حول الحجرة النبوية قصيدة في مدح النبي محمد ، مسطرة بماء الذهب، طُمس بعض أبياتها لوجود ألفاظ تدل على شرك بالله في أبياتها، نظمها السلطان عبد الحميد خان بن السلطان أحمد خان عام 1191 هـ،[12] وقد استخرجت من كتاب تركي قديم هو "مرآة الحرمين الشريفين وجزيرة العرب " لأيوب صبري باشا، وهي[13]:
يا سيدي يا رسول الله خذ بيدي | مالي سواك ولا ألوي على أحد | |
فأنت نور الهدى في كل كائنة | وأنت سرّ الندى يا خير معتمد | |
وأنت حقًا غياث الخلق أجمعهم | وأنت هادي الورى لله ذي السدد | |
يا من يقوم مقام الحمد منفردًا | للواحد الفرد لم يولد ولم يلد | |
يا من تفجرت الأنهار نابعةً | من أصبعيه فروى الجيش بالمدد | |
إنّي إذا سامني ضيم يروعني | أقول يا سيّد السّادات يا سندي | |
كن لي شفيعًا من الرحمن من زلل | وأمنن علي بما لا كان في خلدي | |
وانظر بعين الرضا لي دائمًا أبدًا | واستر بفضلك تقصيري إلى الأمد | |
واعطف علي بعفو منك يشملني | فإنني عنك يا مولاي لم أحد | |
إني توسّلت بالمختار أفضل من | رقَّى السموات سر الواحد الأحد | |
رب الجمال تعالى الله خالقه | فمثله في جميع الخلق لم أجد | |
خير الخلائق أعلى المرسلين ذرى | ذخر الأنام وهاديهم إلى الرشد | |
به التجأت لعل الله يغفر لي | هذا الذي هو في ظني ومعتقدي | |
فمدحه لم يزل دأبي مدى عمري | وحبه عند رب العرش مستندي | |
عليه أزكى صلاة لم تزل أبدا | مع السلّام بلا حصر ولا عدد | |
والآل والصحب أهل المجد قاطبة | وتابعيهم بإحسان إلى الأبد |
المصادر
- ^ طبقات ابن سعد (3/209).
- ^ روى قصة الاستئذان البخاري في صحيحه (3/256 فتح الباري).
- ^ أ ب ت ث فصول من تاريخ المدينة المنورة، تأليف: علي حافظ، ص113-130، ط3، شركة المدينة المنورة للطباعة والنشر.
- ^ انظر طبقات ابن سعد (2/494).
- ^ صحيح البخاري فتح الباري، (3/255).
- ^ فقه السيرة النبوية، تأليف: محمد سعيد رمضان البوطي، ص359، دار الفكر المعاصر، ط2006.
- ^ سنن الترمذي، ج5، ص588، رقم 3617، طبعة دار إحياء التراث العربي، تحقيق أحمد محمد شاكر وآخرون، قال عنه الترمذي: هذا حديث حسن غريب.
- ^ فتح الباري، تأليف: ابن حجر العسقلاني، ج13، ص308، طبعة دار المعرفة، وسكت عنه.
- ^ التذكرة في أحوال الآخرة، تأليف: القرطبي.
- ^ النهاية في الفتن والملاحم، تأليف: ابن كثير، ص 66.
- ^ نقله شمس الحق العظيم أبادي في عون المعبود، ج11، ص307، طبعة دار الكتب العلمية، ط2.
- ^ شفاء الفؤاد بزيارة خير العباد، محمد علوي المالكي.
- ^ موقع الصوفية: قصيدة الحجرة النبوية