محمد بن سليمان الجزولي
| ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
| ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
|
أبو عبد الله محمد بن سليمان بن ابوبكر الجزولي السّملالي الحسني (ت. 1465)، وشهرته الإمام الجزولي أو الشيخ الجزولي، هو رجل دين صوفي مغربي، اشتهر بجمعه كتاب دلائل الخيرات وشوارق الأنوار في ذكر الصلاة على النبي المختار، وهو كتاب للذكر الإسلامي له شعبية كبيرة. ينقسم هذا الكتاب عادة إلى 7 أقسام لكل يوم من أيام الأسبوع.[1] والجزولي هو أحد رجال مراكش السبعة، وهو مدفون في ضريحه داخل المدينة.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
سيرته
هو سيدي أبى عبد الله محمد بن عبد الرحمن بن أبي بكر بن سليمان الجزولي، ولد على الأرجح سنة 807 هـ في بلاد جزولة بمنطقة سوس بالمغرب الأقصى. قرأ علوم اللغة العربية وأساسيات علوم الدين ببلده قبل أن يرحل إلى حاضرة فاس، ليدرس بالقرويين وملحقاتها من مدارس بني مرين، وكان مستقراً مدرسة الصفارين|بمدرسة الصفارين]]. ولا زال البيت الذي كان يسكن فيه من هذه المدرسة معروفاً إلى اليوم.
يقول محمد جنبوبي في كتابه "الأولياء في المغرب": "تتلاقى فيها مكانته العلمية، واجتهاده، وكفاءته، بقدرته الفائقة على التأثير والتلقين والتعليم، كلها صفات أهلته ليصبح قطبا، يتحلق حوله المريدون، ويتكتل بين يديه الأتباع الذين تكونت منهم مجموعات آمنت به، واعتمدت مقولاته، وانطلقت في حركة جهادية امتدت حتى بعد مماته. أتباع عجت بين أعدادهم منابت حكي مليئة بالمتخيل الطامح إلى التغيير، واستشراف آفاق غد متوافق مع دعوة الشيخ، ومنسجم مع مشروعه النابع من ثقافة دينية أسست للطريقة الجزولية، التي أحدثت مسلكا جديدا في مجال التصوف داخل المغرب وخارجه.".
من أهم المحطات الفكرية في حياة الإمام الجزولي لقاؤه بالعالم والصوفي الكبير أحمد زروق البرنسي الذي كانت له الريادة في فقه مالك في زمانه، ومكان منظراً في علم التصوف. لقد ألقى الشيخ زروق بتلميذه الجزولي في بحار متون المالكية بإشكالاتها ومسائلها، وهو ما استفاد منه بدون شك، لكن وجهته وميوله الأسمى كان في اتجاه البحث في أسرار شخصية النبي محمد. لقد اجتمعت لدى الجزولي كل الاستعدادات الفكرية والنفسية والذوقية ليضطلع بمهمته الكبرى المتمثلة بتجديد الطريقة الشاذلية وازدهار الثقافة الإسلامية بالمغرب. [2]
ويضيف جنبوبي: "لا ندري بالتفصيل كم مكث الجزولي بفاس، ولا متى غادرها إلى مراكش، كما لا تسعف المصادر في تحديد تواريخ انتقاله إلى ضواحي الجديدة، وإلى آسفي، وغيرها من المناطق التي حل بها، بقدر ما نجد الخبر عن ذلك متفرقا في عمومياته بين مختلف المصادر التي اهتمت بترجمته. تبعاً لذلك نجد مثلا الخبر عن تواجده بفاس مقروناً بلقائه بالشيخ أحمد زروق الفاسي، وبالحدث الذي أورده أغلب المترجمين له، والذي مؤداه: "أنه لما كان بالمدرسة المذكورة -والمقصود بها مدرسة الصفارين- وكان له بيت يخلو فيه بنفسه، لا يدخله معه غيره. فبلغ ذلك والده ببلده، فظن أو قيل له لا يسده ويمنع من دخوله إلا لكونه له به مال. فقدم عليه ثم طلب منه أن يدخل ذلك البيت، فأجابه إلى ذلك وأدخله إياه، فرأى حيطانه كلها مكتوب فيها الموت، الموت، الموت، فعلم ما هو فيه ولده... ورجع على نفسه باللوم يقول: أين هذا وأين نحن، ثم تركه وانصرف إلى بلده". وتفصيل هذه القصة في كتاب "بلوغ الآمال" لمحمد بوستة سيدي أمان.
دلائل الخيرات
- مقالة مفصلة: دلائل الخيرات
كانت تلك بداية الزهد والاعتزال، ومرت شهور على الإمام الجزولي وهو بفاس كان فيها على حال من الوجد والشغف بالصلاة على النبي محمد، وانعزل في بيته الصغير بمدرسة الصفارين مدة شهور، وهي التجربة التي أوصلته في النهاية إلى الإمساك بخيوط "دلائل الخيرات".
لم يكن دلائل الخيرات كتاباً عادياً، بل كان كتاباً عظيماً مفعماً بأسرار التربية وعلم الأذواق، ويبدو أن الإمام الجزولي كتبه لكل الناس ومن جميع الفئات والمشارب، ويمكن القول أن "الدلائل" هو الكتاب الوحيد الذي لا نعرف عدد طبعاته، وأن ملايين المسلمين في المغرب والمشرق عبر العصور والأجيال كانوا حريصين على قراءته، أفرادا وجماعات، في المساجد والمزارات والبيوت.
واسم الكتاب كاملاً "دلائل الخيرات وشوارق الأنوار في ذكر الصلاة على النبي المختار" فيه زيادة من تلميذ الشيخ الجزولي عبد العزيز التباع، وتلميذ هذا الأخير عبد الله الغزواني مول القصور: الأولى تسم قراءة تبّاعية، والثانية تسمى قراءة غزوانية.
فلنقرأ ما يقوله الإمام الجزولي في "دلائل الخيرات" عن رب العزة:
ومما جاء في دلائل الخيرات للإمام الجزولي في حق الرسول الكريم نقرأ:
وفي الحزب الخامس ليوم الجمعة يصلي الإمام الجزولي على الرسول الكريم مبرزا ارتباطا كونيا بين النبي محمد ومعطيات الطبيعة المفعمة بالخلق، ومذكرا إيانا بسر من أسرار التصوف المتجلي في "وحدة الوجود" بمعنى أن الكون معادل موضوعي للكلمة الإلهية في كل أبعادها؛ يقول الإمام الجزولي مصليا على النبي الكريم:
قضى محمد بن سليمان الجزولي ما شاء الله من زمن في فاس قبل أن يرحل للاتصال بالعارف سيدي أبي عبد الله محمد أمغار الصغير بمدينة تيط قرب الجديدة، إثر ذلك دخل في خلوة طويلة مكث فيها صحبة سيدي أمغار برباط تيط حوالي أربعة عشر عاماً، وخلالها ختم الإمام الجزولي مع المريدين عشرات الآلاف من "الدلائل"، واكتشف ذات يوم وهو مستغرق في أذكاره أن المريدين الذين اجتمعوا بين يديه قد زاد عددهم على الإثني عشر ألفا، ولم يطق صبرا، فقد حن قلبه لمجاورة الرسول، وهكذا ذهب في ركب الحجاج إلى مكة، وزار قبر النبي الكريم بطيبة.. عاد سيدي محمد الجزولي واتخذ حاضرة أسفي، مدينة الولي أبي محمد صالح الماجري، مقرا لسكناه. لكنه لم يطق المكوث فيها لأسباب سياسية، فلم يجد ملاذا سوى في بلده اجزولة بسوس، وبقي هناك إلى أن توفى بها حوالي 870 هـ.
قال سيدي المهدي الفاسي في "ممتع الأسماع بالجزولي والتباع وما لهما من الأتباع":
ويقول جنبوبي: "إن شهرة الجزولي، وتأثيره القوي في مختلف أوساط المجتمع، وتكاثر أتباعه ومريديه وتلامذته، وانفتاح زواياه على الحركات الجهادية، بل تبنيها لها، وتزعمها لمقاومة الاحتلال الأجنبي، ستلهب المخاوف في أكثر من جهة، وتعجل بتحريك آلة الدسيسة من أجل التخلص منه، وتسريع عملية اغتياله بالسم سنة 870/1464).
مقاومة الاحتلال الپرتغالي والإسپاني
يضيف محمد جنبوبي: "حين وصل الجزولي إلى مدينة آسفي، كانت طريقته قد أدركت شهرة ومكانة في المغرب وخارجه، فحلت محل الطريقة الشاذلية، وتفرعت إلى طرق عديدة. الشيء الذي جعل الناس يتوافدون عليه من كل مكان، ويعتنقون طريقته، فتعدد أتباعه ومريدوه، ساعده في ذلك منحه للطرقية في المغرب نفسا جديدا عبر محاولته تخطي ما كان موجودا آنذاك من هياكل سياسية ودينية، إذ حملها مسؤولية ما يعانيه المغاربة من محن، لعجز القادة عن الدفاع عن الثغور، والفقهاء عن تحمل مسؤولياتهم في الدفاع عن الدين وإحياء تعاليمه. الشيء الذي أدى إلى تضايق سلطات مدينة آسفي منه، وانخراطها في محاولة إخراجه من المدينة وإجلائه عنها بشتى الوسائل، وبذلك بدأت متاعبه مع مناهضي دعوته المزدوجة. هذه الدعوة التي لاقت تجاوباً كبيراً، وصدى واسعاً بين الناس، ساهمت فيه الظروف السياسية التي عاشها المغرب إذاك، وعلى رأسها الاحتلال الپرتغالي والإسپاني للثغور المغربية. ومن ثمة يعد الجزولي "أول من فتح طريقته لاحتضان المقاومة المسلحة والشعبية بصورة جماعية وتلقائية في المغرب". وبذلك تجاوز الجزولي الاقتصار على الذِكر والسبحة والعبادة بمعزل عن قضايا مجتمعه في مساره الصوفي، بل تعداه إلى حد الظهور بمظهر الرجل المنظم والمخطط". وكما يرى لوي ماسينيون في Le Maroc dans les premières années du 16ème siècle(Alger, 1906)" "أن الزوايا التي ستتأسس خلال القرن 14 الميلادي وما تلاه، ستتكتل فيما بعد تحت زعامة محمد الجزولي كم أجل مباشرة الجهاد بعد سقوط سبتة.".
جاء في كتاب "ممتع الأسماع" المذكور أن الإمام الجزولي كان يقول:
وقال أيضاً:
وفاته
توفي الإمام الجزولي -في الغالب مسموماً- ببلده بالسوس سنة 870هـ.. وتجمع المصادر على قيام ثائر يدعى عمرو بن سليمان الشيظمي المغيطي المعروف بالسياف ويقال له المُريدي، فلما مات الشيخ الجزولي قام عمرو المذكور مطالباً بالثأر من الذين سموّه، فتتبعهم قتلاً، وأخذ يدعو الناس إلى إتباعه، فذاع أمره، وقاد الجيوش، وخلق متاعب كبيرة للدولة الوطاسية، واستمرت حركته عشرين سنة، وكان خلال هذه المدة يحمل تابوت الإمام الجزولي في مقدمة الجيوش تبركا به، وتفاصيل هذه الحادثة في كتاب "الاستقصا" للناصري. وقد أورد كثير ممن ترجموا للإمام الجزولي أن الثائر عمرو بن سليمان السياف، لما كان ينتهي من حرب خاضها، يعود إلى بلاده بالشياظمة، فيضع تابوت الشيخ الجزولي في "روضة يسميها الرباط" كما في "ممتع الأسماع" لمحمد المهدي الفاسي، و"الإعلام بمن حل مراكش وأغمات من الأعلام" للعباس بن إبراهيم. وما ذكر من تزوج عمر زوجة الشيخ وابنته وإنهما اللتان قتلتاه، فالذي عند الشيخ زروق أن الذي قتله امرأته وربيبته، ولم يذكر أنه تزوج زوجة الشيخ الجزولي ولا ابنته، هذا ما أفادنا به محمد المهدي الفاسي في "ممتع الأسماع بالجزولي والتباع وما لهم من الأتباع".
وبعد سبع وسبعين سنة من وفاته فتح قبر الإمام الجزولي، بأمر السلطان أبو العباس أحمد السعدي المعروف بالأعرج تنفيذاً لأمر والده أبي عبد الله القائم، وهو أول مؤسس للدولة السعدي. كان الأمر يتعلق بنقل رفات الإمام الجزولي إلى مراكش ودفنه بها. ويلخص الأستاذ جنبوبي في كتابه "الأولياء بالمغرب" مسار الإمام الجزولي وهو ميت على الشكل الآتي: "فيما يخص المدفن الأول للشيخ الجزولي بتاصروت، فهناك من يقول، بأنه تم خلال أواخر حياة عمرو السياف، وهناك من يقول بعد مقتله. إلا أن المتفق حوله، هو انتزاع قبائل حاحا لرفات الشيخ، ودفنه بأفوغال وبذلك يذكر له مدفنان: "قبره بتاصروت معروف مثل الذي بأفوغال". أما مدفنه الثالث والأخير، فلم يتم إلا سنة 930 هـ، مع وصول أبي العباس الأعرج إلى الحكم ودخوله مدينة مراكش، وقد نقل رفات أبيه أيضا". و فعلا تم ذلك ودفن سيدي الإمام الجزولي برياض العروس، وأصبح فيما بعد من أشهر رجال مراكش السبعة. الإمام الجزولي ونفعنا بعلمه وصلاحه.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
كتبه
- دلائل الخيرات
- حزب الفلاح
- حزب الجزولي
تأثيره
من الذين ترجموا للإمام الجزولي محمد المهدي الفاسي المتوفى سنة 1109هـ في كتابه "ممتع الأسماع بالجزولي والتباع وما لهما من الأتباع"، وجده العارف أبو المحاسن يوسف الفاسي والشيخ أحمد المنجور المتوفى سنة 995هـ، والشيخ أبو العباس أحمد بن القاضي المتوفى سنة 872هـ في "جذوة الاقتباس" وكان معاصراً للشيخ الجزولي، وأحمد بابا التمبوكتي في "نيل الابتهاج بتطريز الديباج"، وفي "كفاية المحتاج"، والعباس بن إبراهيم في "ممتع الأسماع ".
انظر أيضاً
- محمد بن عيسى، ابن وأحد تلاميذه الذي أسس الطريقة العيساوية
- محمد مصلح الدين صديقي
- أحمد أو موسى
المصادر
- ^ Jazūlī, Muḥammad ibn Sulaymān; Efendi, Kayishzade Hafiz Osman Nuri (1877). [[[:قالب:Wdl]] "The Waymarks to Benefits"]. World Digital Library (in Arabic). Baʻlabakk, Al-Biqāʻ, Lebanon. Retrieved 30 June 2013.
{{cite web}}
: Check|url=
value (help)CS1 maint: unrecognized language (link) - ^ د. جمال بامي، مدير وحدة العلم والعمران بالمغرب. "محمد بن سليمان الجزولي". arrabita.ma. Retrieved 2022-01-08.
وصلات خارجية
- Mp3 Audio Recitation of Dala’il al-Khayrat and PDF translation and transliteration.
- Biography of Imam Sidi Mohammed b. Sulayman al-Jazouli
- The Story of Dala’il al-Khayrat (written by Sheikh Nuh Ha Mim Keller)