هدى شعراوي
هذا المقال عن الناشطة النسوية هدى شعراوي، هل تريد الممثلة السورية هدى شعراوي.
هدى شعراوي
| |
الاسم | نور الهدى محمد سلطان |
المهنة | ناشطة مصرية في مجال حقوق الإنسان والمرأة، و مناهضة للإستعمار البريطاني في مصر |
ألقاب | رائدة النهضة النسائية المصرية |
مكان وتاريخ الميلاد | المنيا، مصر 1879 |
مكان وتاريخ الوفاة | القاهرة 1947 |
هدى شعراوي (و. 23 يونيو 1879 - ت. 12 ديسمبر 1947) اسمها الحقيقي نور الهدى محمد سلطان، وهي ناشطة من الناشطات المصريات في مجالي الاستقلال الوطني المصري والنشاط النسوي في نهايات القرن التاسع عشر وحتى منتصف القرن العشرين.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
طفولتها وزواجها
ولدت في المنيا في صعيد مصر في 23 يونيو 1879. وهي ابنة محمد سلطان باشا، والذى نسب إليه تهم بخيانة عرابي والثورة وأنه كان سببا في دخول الإنجليز مصر بتلقيه أموالاً من الخديوي توفيق مقابل رفضه لمواقف عرابي ودفع رشاوى لعدد من العربان والقيادات العسكرية الذين خانوا عرابى، وكان رئيس مجلس النواب المصري الأول في عهد الخديوي توفيق، وأنعمت عليه بريطانيا بعد الاحتلال بنياشين مقابل خدماته.
تلقت هدى شعراوى التعليم في منزل أهلها. وتزوجت مبكرا في سن الثالثة عشرة من ابن عمتها "علي الشعراوي" الذي يكبرها بما يقارب الأربعين عاما، وغيرت لقبها بعد الزواج من هدى سلطان إلى هدى "شعراوي".تقليدا للغرب، وكان أحد شروط عقد زواجها أن يطلق زوجها زوجته الأولى، وفي السنوات اللاحقة أنجبت هدى بنتا أسمتها بثينة وابنا أسمته محمد.
وكأغلب الشخصيات النسائية اللواتي تبنين تحرير المرأة، كنَّ في الواقع شخصيات مأزومة، عاشت ظروفاً اجتماعية قاسية نتيجة غياب الوعي الكامل بمقتضى الإسلام عن نطاق أسرهن، ومن هذه الشخصيات التي ينطبق عليها هذا الحال إلى حدّ كبير هي هدى شعراوى ،
فمن خلال مذكراتها تسرد لنا المتغيرات والمواقف، أو بالأحرى الصدمات، التي كانت بمثابة نقط تحول في شخصيتها وتفكيرها وحياتها. ومنها :
- تفضيل أخيها الصغير "خطاب" عليها في المعاملة، على الرغم من أنها تكبره بعشرة أعوام، فتقول: "كانوا في المنزل يفضلون دائمًا أخاها الصغير في المعاملة، ويؤثرونه عليها، وكان المبرر الذي يسوقونه إليها أن أخاها هو الولد الذي يحمل اسم أبيه وهو امتداد الأسرة من بعد وفاته، أما هي فمصيرها أن تتزوج أحدًا من خارج العائلة، وتحمل اسم زوجها، ويعد موقف مرضها بالحمى من أبرز المواقف التي أثرت فيها بشكل سلبي، خاصة أن اهتمامهم بأخيها من جانب والدتها، التي كانت لا تغادر الفراش، أول الصدمات التي جعلتها تكره أنوثتها - بحد وصفها - فقط لأنه ولد"[1].
- زواجها من ابن عمتها، وتقول أن الزواج الذي حرمها من ممارسة هواياتها المحببة في عزف البيانو وزرع الأشجار، وحدت حريتها بشكل غير مبرر؛ الأمر الذي أصابها بالاكتئاب لفترة استدعت فيها سفرها لأوروبا للاستشفاء، وهناك تعرفت على قيادات فرنسية نسوية لتحرير المرأة؛ الأمر الذي شجعها في أن تحذو حذوهم .[1]
- وفاة أخيها الصغير وسندها في الحياة "خطاب"؛ مما جعلها تشعر بالوحدة والأزمة؛ لأن من يفهمها في هذه الدنيا رحل عنها، خاصة أنهما متشابهان في الذوق والاختيارات، كما أنه اليد العطوفة عليها بعد وفاة والدتها وزواجها من شعراوي باشا.
- وعن زواجها كتبت في مذكراتها : " بأنه كان يسلبها كل حق في الحياة وذكرت من أمثلة ذلك ما نصه : ( ولا أستطيع تدخين سيجارة لتهدئة أعصابي حتى لا يتسلل دخانها إلى حيث يجلس الرجال فيعرفوا أنه دخان سيجارة السيدة حرمه إلى هذا الحد كانت التقاليد تحكم بالسجن على المرأة وكنت لا أحتمل مثل هذا العذاب ولا أطيقه)[1].
العمل النسوي
تسرد لنا في مذكراتها بداية نشاطها لتحرير المرأة كما عبرت، والذي بدأ أثناء رحلتها الاستشفائية بأوروبا بعد زواجها، وانبهارها بالمرأة الإنجليزية والفرنسية في تلك الفترة للحصول على امتيازات للمرأة الأوروبية، وهناك تعرفت على بعض الشخصيات المؤثرة التي كانت تطالب بتحرير المرأة، وعند عودتها أنشأت شعراوي مجلة " الإجيبسيان " والتي كانت تصدرها باللغة الفرنسية،[1]
أسست هدى جمعية لرعاية الأطفال العام 1907. وفي العام 1908 نجحت في إقناع الجامعة المصرية بتخصيص قاعة للمحاضرات النسوية، وكان لنشاط زوجها علي الشعراوي السياسي الملحوظ في ثورة 1919 أثر كبير على نشاطاتها، فشاركت بقيادة مظاهرات السيدات عام 1919، وأسست "لجنة الوفد المركزية للسيدات" وقامت بالإشراف عليها.
في العام 1921 وفي أثناء إستقبال المصريين لسعد زغلول، دعت هدى شعراوي إلى رفع السن الأدنى للزواج للفتيات ليصبح 16 عاما، وكذلك للفتيان ليصبح 18 عاما، كما سعت لوضع قيود للرجل للحيلولة دون الطلاق من طرف واحد، كما أيدت تعليم المرأة وعملها المهني والسياسي، وعملت ضد ظاهرة تعدد الزوجات، كما دعت إلى خلع غطاء الوجه وقامت هي بخلعه. وهو مااعتبره البعض وقتها علامة "انحلال"، لكنها حاربت ذلك من خلال دعوتها إلى تعليم المرأة و تثقيفها و إشهار أول اتحاد نسائي في مصر.[2][3]
أسست هدى "الإتحاد النسائي المصري" العام 1923، وشغلت منصب رئاسته حتى عام 1947. كما كانت عضوا مؤسساً في "الإتحاد النسائي العربي" وصارت رئيسته في العام 1935، و في نفس العام صارت نائبة رئيسة لجنة اتحاد المرأة العالمي [4]، حضرت عدة مؤتمرات دولية منها مؤتمر روما العام 1923 و مؤتمر باريس عام 1926 و مؤتمر أمستردام العام 1927 و مؤتمر برلين العام 1927 و مؤتمر استنبول العام 1935[5] ، وكذلك دعمت إنشاء نشرة "المرأة العربية" الناطقة بإسم الإتحاد النسائي العربي، وأنشأت مجلة l'Egyptienne العام 1925 و مجلة المصرية العام 1937.
لقاؤها موسوليني
حضرت هدى شعراوى أول مؤتمر دولي للمرأة في روما عام 1923، وكان معها نبوية موسى وسيزا نبراوي صديقتها وأمينة سرها.
وكتبت تقول:" كان من بين ما حققه مؤتمر روما الدولي أننا إلتقينا بالسنيور موسوليني ثلاث مرات، وقد استقبلنا و صافح أعضاء المؤتمر واحدة واحدة، وعندما جاء دوري وقدمت إليه كرئيسة وفد مصر عبر عن جميل عواطفه ومشاعره نحو مصر وقال إنه يراقب باهتمام حركات التحرير في مصر"[1].
ولما عادت هدى من مؤتمر الاتحاد النسائي الدولي المذكور كونت الاتحاد النسائي المصري سنة 1927
وشغلت منصب رئاسته حتى عام 1947. كما كانت عضوا مؤسسا في "الاتحاد النسائي العربي" وصارت رئيسته في العام 1935، وبعد عشرين عاماً من تكوين هذا الاتحاد قامت بعقد ما سمي بالمؤتمر النسائي العربي سنة 1944م، وقد حضرت مندوبات عن الأقطار العربية المختلفة (26) واتخذت فيه قرارات وفي مقدمتها :
- المطالبة بالمساواة في الحقوق السياسية مع الرجل وعلى الأخص الانتخاب
- تقييد حق الطلاق .
- الحد من سلطة الولي أياً كان وجعلها مماثلة لسلطة الوصي .
- تقييد تعدد الزوجات إلا بإذن من القضاء في حالة العقم أو المرض غير القابل للشفاء
- الجمع بين الجنسين في مرحلتي الطفولة و التعليم الابتدائي .
ثم في نهاية القرارات :
(اقتراح : تقديم طلب بواسطة رئيسة المؤتمر إلى المجمع اللغوي في القاهرة والمجامع العلمية العربية بأن تحذف نون النسوة من اللغة العربية)[6]
لقاؤها أتاتورك
عقد المؤتمر النسائي الدولي الثاني عشر في استانبول في 18 إبريل 1935م وتكون من هدى شعراوي رئيسة وعضوية اثنتي عشر سيدة – وقد انتخب المؤتمر هدى نائبة لرئيسة الاتحاد النسائي الدولي وكانت تعتبر أتاتورك قدوة لها وأفعاله مثل أعلى،
كتبت تقول في مذكراتها :" وبعد انتهاء مؤتمر استانبول وصلتنا دعوة لحضور الاحتفال الذي أقامه مصطفى كمال أتاتورك محرر تركيا الحديثة .. وفي الصالون المجاور لمكتبه وقفت المندوبات المدعوات على شكل نصف دائرة وبعد لحظات قليلة فتح الباب ودخل أتاتورك تحيطه هالة من الجلال والعظمة وسادنا شعور بالهيبة والإجلال، وعندما جاء دوري تحدثت إليه مباشرة من غير ترجمان وكان المنظر فريداً أن تقف سيدة شرقية مسلمة وكيلة عن الهيئة النسائية الدولية وتلقي كلمة باللغة التركية تعبر فيها عن إعجاب وشكر سيدات مصر بحركة التحرير التي قادها في تركيا ، وقلت : إن هذا المثل الأعلى من تركيا الشقيقة الكبرى للبلاد الإسلامية شجع كل بلاد الشرق على محاولة التحرر والمطالبة بحقوق المرأة، وقلت : إذا كان الأتراك قد اعتبروك عن جدارة أباهم و أسموك أتاتورك فأنا أقول إن هذا لا يكفي بل أنت بالنسبة لنا "أتاشرق"، فتأثر كثيراً بهذا الكلام الذي تفردت به ولم يصدر معناه عن أي رئيسة وفد وشكرني كثيراً في تأثر بالغ ثم رجوته في إهدائنا صورة لفخامته لنشرها في مجلة الإجيبسيان "[1].
كما حضرت مؤتمر باريس عام 1926 ومؤتمر أمستردام العام 1927 ومؤتمر برلين العام 1927، ودعمت إنشاء نشرة "المرأة العربية" الناطقة باسم الاتحاد النسائي العربي، وأنشأت مجلة l'Egyptienne العام 1925 بالفرنسية.
- ويرى النقاد أن هناك تعظيماً حدث لهدى شعراوى، حيث عاشت مصر فترة أراد الإقطاعيون وأصحاب الثروات أن يمتلكوا الريادة في كل المجالات كما حدث مع هدى شعراوى رائدة الحركة النسائية، فتنصيب هدى شعراوى كرائدة حركة نسائية، أغفل العديد من الجوانب، كما ظلم نبوية موسى، والتى ألفت كتاب «تاريخى بقلمى» عن نفسها ولم يأخذ حقه، وكتاب «المثل الأعلى للأمة والدولة» لتيسير ويصا والتى كانت واحدة من الفريق النسائي الذي ضم هدى شعراوى ونبوية موسى وصدر عن الحركة الوفدية، ونبوية موسى شخصية حدث ضدها اجرام لتغييب دورها، لأن حركة النهضة وقتها كانت تنحصر في خلع أو ارتداء الحجاب، لكنها كانت تبحث عن أدوار وحقوق أهم مثل الحق في التعليم، في الوقت الذي دارت فيه أغلب حوارات هدى شعراوى على الحديث حول قصرها، ومصنعها الخاص بالخزف.
ولذلك نحتاج إلى تقليب الأدوار في بعض الأشخاص لأنها أدوار وهمية وتحتاج إلى إعادة نظر، وأن نبحث عن التقييم الحقيقى لتلك الشخصيات ومنهم هدى شعراوى والتى كان تنصيبها كرائدة للحركة النسائية المصرية هو محاولة لتنظيف ملف وصفحة الإقطاع، فقد امتلكت 120 ألف فدان، وعدة مصانع، قيل إنها استخدمت ريعها في إرسال بعض البعثات العلمية، لكن لم يرد ذكر اسم عالم واحد قد تعلم بأموال هدى شعراوى، الأمر الذي يشكك في مصداقية القول إنها صاحبة بعثات علمية»[7].
مراحل حياتها
انشغلت هدى شعراوي بالعمل الاجتماعي، فأسست جمعية لرعاية الأطفال سنة (1325هـ = 1907م)، وطالبت في سنة (1326هـ = 1908م) القائمين على الجامعة المصـرية بتخصيص قاعة للمحاضرات النسائية والاجتماعية، فكان لها ما أرادت، وأسهمت في تأسيس (مبرة محمد علي) للأطفال المرضى سنة 1909م.
قادت هدى شعراوي مظاهرات السيدات الأولى في تاريخ مصر سنة (1338 هـ - 1919م)، وكونت لجنة الوفد المركزية للسيدات، وأشرفت عليها، وألفت الاتحاد النسائي المصـري سنة 1923م، وشاركت في عدد من المؤتمرات النسائية الدولية، ومن هنا بدأ تأثرها بكثير من الأفكار الغربية يظهر إلى العلن، لتبدأ مرحلة الدعوة إلى الانحدار الفكري والأخلاقي في حياة هدى شعراوي.
حكاية " الباشا تزوَّج المطربة "
هي قصة قضية علاقة ابن هدى شعراوى مع المغنية فاطة سرى، وتصرف هدى شعراوى وعلاقته مع ما كانت تنادى به وقتها ، وقد أورد تفاصيل هذه الواقعة الكاتب المعروف "مصطفى أمين" في كتابه "مسائل شخصية":
أقامت هدى شعراوي حفلاً كبيراً في "سرايتها" بعد اختلافها مع سعد زغلول وقتذاك، وفي الحفل شاهد محمَّد شعراوي، ابن هدى شعراوي المطربة "فاطمة سري" (التي أحيت الحفل)، فأعجب بها ووقع حبها في قلبه، فراح يلاحقها من حفل إلى حفل، ومن مكان إلى مكان، وهي معرضة عنه، ممَّا أشعل حبها في قلبه، وبدأت قصة الحب تتطور، ثم أشارت إحدى المجلات إلى هذه القصة على صفحاتها، فانزعجت المطربة، لكن الباشا لم ينزعج، وقال لها: أريد أن تعرف الدنيا كلها أني أحبك!
وعندما علم طليق المطربة بالقصة ثار عليها وحرمها من ولديها، ففكر محمد شعراوي في الانسحاب بعد ما تورَّطت معه وثارت من حولهما الشبهات، فكتب لها شيكاً بمبلغ كبير ثمناً للوقت الذي أمضاه معها، فما كان منها إلا أن مزَّقت الشيك وداسته بأقدامها وتركته وهي ثائرة غاضبة، فلحق بها محمَّد شعراوي واعتذر لها عن سوء تصرفه وعرض عليها الزواج بشكل عرفي، فاعترضت المطربة وقالت إنَّها تريد عقداً شرعياً، فطلب منها أن تمهله حتى يسترضي والدته.
في هذه الأثناء كانت المطربة قد شعرت بدبيب الحمل وقررت إجهاض نفسها، وعندما أخبرها الطبيب بأنَّ هذا الإجراء خطر على حياتها، تمسك شعراوي بها وبالجنين، وكتب الإقرار التالي بخط يده،
إقـرار
أقرُّ أنا الموقع على هذا محمد على شعراوي نجل المرحوم على باشا شعراوي، من ذوي الأملاك، ويقيم بالمنزل شارع قصر النيل رقم 2 قسم عابدين بمصر، أنني تزوجت الست فاطمة كريمة المرحوم "سيد بيك المرواني" المشهورة باسم "فاطمة سري" من تاريخ أول سبتمبر سنة 1924 ألف وتسعمائة وأربعة وعشرين أفرنكية، وعاشرتها معاشرة الأزواج، وما زلت معاشراً لها إلى الآن، وقد حملت مني مستكناً في بطنها الآن، فإذا انفصل فهذا ابني، وهذا إقرار مني بذلك.
وأنا متصف بكافة الأوصاف المعتبرة بصحة الإقرار شرعاً وقانوناً، وهذا الإقرار حجة عليَّ تطبيقاً للمادة 135 من لائحة المحاكم الشرعية، وإن كان عقد زواجي بها لم يعتبر، إلا أنَّه صحيح شرعي مستوف لجميع شرائط عقد الزواج المعتبرة شرعاً
.
محمد علي شعراوي
القاهرة في 15 يونيو 1925م
وعلمت هدى شعراوي بزواج ابنها الوحيد من المطربة، فثارت ثورة عارمة واتهمت ابنها بأنَّه يحاول قتلها بهذا الزواج، وحاولت الضغط على المطربة بما لها من نفوذ وعلاقات واسعة، بالتهديد بتلفيق ملف سري في شرطة الآداب يتهمها بالدعارة، لكن المطربة تحدتهم وقالت إنها ستطلق بنفسها الرصاص على أي وزير داخلية يقوم بهذا التزوير!
واشتعلت المعركة بين هدى شعراوي وابنها وزوجته المطربة، فقرر ابنها السفر إلى أوربا وطلب من زوجته اللحاق به، فكان يتنقَّل من مدينة إلى مدينة، ومن بلد إلى بلد تاركاً ـ لزوجته - في كل مدينة وفي كل بلد رسالة مفادها أن الحقي بي، لكنها برغم حرصها على اللحاق به لم تعثر عليه في أي مكان ذهبت إليه، ويبدو أنَّه كان يتهرَّب منها، فعادت المطربة إلى مصر ومعها طفلتها "ليلى" التي أخفتها عن العيون خوفاً عليها،
وبعد مدة عاد شعراوي ليسأل عنها وعن ابنته ويسألها أيضاً عن الإقرار،
فسألته: هل يهمك الحصول على هذه الورقة؟
فقال: بهذا تثبتين إخلاصك لي إلى الأبد،
فمدَّت يدها تحت الحشية التي كان يجلسان عليها وأخرجت الورقة وسلمتها له، بعد أن قامت بتصويرها "زنكوغراف" صورة مطابقة للأصل، ولم يتبين شعراوي أنَّها صورة، فالخط خطه ولون الحبر نفسه، وكانت هذه نصيحة محاميها.
وخرج شعراوي بعد ما طمأنها بأنَّه سيحتفظ بالورقة في مكان آمن لتكون دليلاً ترثه ابنته به، ثم احتضن الصغيرة، وقبل الزوجة وخرج وهو يقول إنَّه سيعود صباح اليوم التالي، ولم يعد أبداً!
اتصلت به المطربة هاتفياً، فأنكر نفسه، فعاودت الاتصال، فوجدته وقد انهال عليها سباً وشتماً، وأغلق في وجهها الخط!
رسالة إلى محررة المرأة
بعدما يأست المطربة فاطمة سري من شعراوي باشا كتبت الخطاب التالي إلى والدته السيدة هدى شعراوي زعيمة النهضة النسائية في مصر، فقالت:
سيدتي:
سلاماً وبعد، إنَّ اعتقادي بك وبعدلك، ودفاعك عن حق المرأة، يدفعني كل ذلك إلى التقدم إليك طالبة الإنصاف، وبذلك تقدمين للعالم برهاناً على صدق دفاعك عن حق المرأة، ويمكنك حقيقة أن تسيري على رأس النساء مطالبة بحقوقهن، ولو كان الأمر قاصراً عليَّ لما أحرجت مركزك، لعل أنَّك أم تخافين على ولدك العزيز أن تلعب به أيدي النساء وتخافين على مستقبله من عشرتهن، وعلى سمعته من أن يقال أنَّه تزوَّج امرأة كانت فيما مضى من الزمان تغني على المسارح، ولك حق إن عجزتِ عن تقديم ذلك البرهان الصارم على نفسك؛ لأنَّه يصيب من عظمتك وجاهك وشرف عائلتك، كما تظنون يا معشر الأغنياء، ولكن هناك طفلة مسكينة هي ابنتي وحفيدتك، إنَّ نجلك العزيز، والله يعلم، وهو يعلم، ومن يلقي عليها نظرة واحدة يعلم ويتحقق من أنَّها لم تدنس ولادتها بدم آخر، والله شهيد، طالبت بحق هذه الطفلة المعترف بها ابنك كتابياً، قبل أن يتحوَّل عني وينكرها وينكرني، فلم أجد من يسمع لندائي، وما مطالبتي بحقها وحقي كزوجة طامعة في مالكم، كلا! والله فقد عشت قبل معرفتي بابنك، وكنت منزهة محبوبة كممثلة تكسب كثيراً، وربما أكثر ممَّا كان يعطيه لي ابنك، وكنت متمتعة بالحرية المطلقة، وأنت أدرى بلذة الحرية المطلقة التي تدافعين عنها، ثم عرفت ابنك فاضطرني أن أترك عملي وأنزوي في بيتي، فأطعته غير طامعة بأكثر ممَّا كان يجود به، وما كنت لأطمع أن أتزوَّج منه، ولا أن ألد منه ولداً، ولكن هذه غلطة واسأليه عنها أمامي، وهو الذي يتحمَّل مسؤوليتها، فقد كنت أدفع عن نفسي مسألة الحمل مراراً وتكراراً، حتى وقع ما لم يكن في حسابي، هذه هي الحقيقة الواقعة وانتهى الأمر.
والآن يتملَّص ولدك من كل شيء، ولا يريد الاعتراف بشيء، وقد شهد بنفسه من حيث لا يدري بتوسيطه كثيرين في الأمر، وما كنت في حاجة لوساطة، ولو كان تقدَّم إليَّ طالباً فك قيده لفعلت، وكانت المسألة انتهت في السر، ولم يعلم بها أحد، فعرض عليَّ في الأول قدراً من المال بواسطة علي بك سعد الدين (سكرتير عام وزارة الأشغال)، وبواسطة الهلباوي بك (المحامي الكبير) وغيرهم ممَّن حضروا إليَّ ظانين أنني طامعة في مالهم، وأنَّه في إمكاني إنكار نسب ابنتي إذا أغروني! ولكنني أخاف إلهاً عادلاً بأنَّه سيحاسبني يوماً عن حقوقها ـ إن لم تحاسبني هي عليها ـ فلم يجد محمد مني قبولاً للمال، وعندما وجد مني امتناعاً عن إنكار نسب ابنته سكت عني تماماً، فوسطت "فهيم أفندي باخوم" محاميه، فاجتهد في إقناعه بصحَّة حقوقي وعقودي واعترافه بابنته، وتوسَّط في أن ينهي المسألة على حل يرضي الطرفين، فلم يقبل نجلك نصيحته بالمرة، وكان جوابه أن ألجأ برفع دعوى عليه ومقاضاته، وهو يعلم تماماً أنَّ نتيجة الدعوى ستكون في صالحي، فلا أدري ماذا يفيده التشهير في مسألة كهذه سيعلم بها الخاص والعام، وسنكون أنا وانتم مضغة في الأفواه، وأنت أدرى بجونا المصري وتشنيعه، خصوصاً في مسألة كهذه، وهذا ما يضطرني إلى أن أرجع إليك قبل أن أبدأ أية خطوة قضائية ضده، وليس رجوعي هذا عن خوف أو عجز، فبرهاني قوي ومستنداتي لا تقبل الشك وكلها لصالحي، ولكن خوفاً على شرفكم وسمعتكم وسمعتي، ولو أنني كما تظنون لا أبالي، فربما كانت مبالاتي في المحافظة على سمعتي وشرفي أكثر من غيري في حالتي الحاضرة، فهل توافقين يا سيدتي على رأي ولدك في إنهاء المسألة أمام المحاكم؟ أنتظر منك التروي في الأمر، والردّ عليَّ في ظرف أسبوع؛ لأنني قد مللتُ كثرة المتداخلين في الأمر.. ودمت للمخلصة فاطمة سري.
صدى الرسالة
ما كادت هدى شعراوي تنتهي من قراءة رسالة المطربة حتى ثارت ثائرتها، واعتبرتها إعلاناً لحرب، واعتبرتها إنذاراً نهائياً مدته أسبوع واحد، فنست كل مبادئها للتحرير، وخاضت معارك عنيفة ضد المطربة، وبعد سنوات من المرافعات والضغوط والتدخلات، إذا بالمحكمة الشرعية تحكم بأنَّ "ليلى" هي ابنة محمد شعراوي، وفي الحال خضعت هدى شعراوي لحكم القضاء "[8].
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الوفاة
وفي عام 1938 نظمت هدى شعراوي مؤتمر نسائي للدفاع عن فلسطين، كما دعت إلى تنظيم الجهود النسوية من جمع للمواد واللباس والتطوع في التمريض والإسعاف. في 29 نوفمبر 1947، صدر قرار التقسيم في فلسطين من قبل الأمم المتحدة، أرسلت شعراوي خطابا شديد اللهجة للاحتجاج إلى الأمم المتحدة [9]. توفيت بعد ذلك بحوالى الأسبوعين في 12 ديسمبر 1947.
اطلق اسم هدى شعراوي على عديد من المؤسسات و المدارس و الشوارع في مختلف مدن مصر، تكريما لها كما حازت في حياتها على عدة أوسمة و نياشين من الدولة المصرية .
مؤلفات
- عصر الحريم - يحكي مذكرات المرأة المصرية في الفترة ما بين (1880-1924). و قد ترجمته إلى الإنجليزية الصحفية البريطانية مارجوت بدران.
أعمال فنية
عرضت الشاشات التلفزيونية مسلسلا بإسم مصر الجديدة يتحدث عن الفترة التي عاشتها هدى شعراوي والوضع السياسي في تلك الفترة، المسلسل كان من تأليف يسري الجندي وإخراج محمد فاضل ومن بطولة فردوس عبد الحميد.
أنظر أيضا
مصادر
http://www.shareah.com/index.php?/records/view/action/view/id/2753/
http://ejabat.google.com/ejabat/thread?tid=7cfbe976a9ae4d87&pli=1
- ^ أ ب ت ث ج ح مذكرات هدى شعراوي - كتاب الهلال سبتمبر /ط 1981
- ^ هدى شعراوي: الزعيمة، مركز الأخبار - أمان، نقلا عن الأهرام - تاريخ الولوج 24 يوليو-2008
- ^ أعلام وشخصيات مصرية ، الهيئة العامة للاستعلامات - تاريخ الولوج 24 يوليو-2008
- ^ arabia.pl - تاريخ الولوج 24 يوليو-2008
- ^ arabia.pl - تاريخ الولوج 24 يوليو-2008
- ^ تطور النهضة النسائية في مصر من عهد محمد علي إلى فاروق" درية شفيق ، إبراهيم عبده -القاهرة:مكتبة الآداب "
- ^ الناقد شعبان يوسف. رئيس سلسلة الكتابات الجديدة في الهيئة العامة للكتاب - في لقاء برنامج عصير الكتب /06-2010
- ^ مسائل شخصية - مصطفى أمين / ط دار اخبار اليوم
- ^ arabia.pl - تاريخ الولوج 24 يوليو-2008