عبد الرحمن الشهبندر
الدكتور عبد الرحمن بن صالح شهبندر (1882 - 6 تموز 1940)، هو سياسي وطبيب وخطيب وكاتب سوري.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
النشأة
ولد عبد الرحمن الشهبندر في دمشق عام 1882م، مات والده وعمره ست سنوات، فربته أمه وتخرج طبيباً في الجامعة الأمريكية ببيروت عام 1904م.[1]
الحياة السياسية
دخل جمعية الاتحاد والترقي بعد الدستور العثماني وناوأها عند اتجاهها إلى التتريك. تشبّع بفكرة الوحدة العربية واستقلال العرب ورأى الطريق إلى ذلك بالتعاون مع الحلفاء. توارى لدى نشوب الحرب العالمية الأولى، منفلتاً إلى العراق فالهند ومنها إلى مصر حيث جاهر بالدعوة إلى التعاون مع الإنكليز في الحرب، في مجالسه وفي معسكرات أسرى الحرب بالمعادي بالقاهرة، حيث كان يتردد لإقناع العرب منهم بالتطوع في جيش الشريف حسين.
تولى تحرير جريدة (الكواكب) التي أنشأتها دائرة الاستخبارات البريطانية، وفي عام 1918م عندما اتضحت له معالم السياسة البريطانية قدم استقالته منها إلى الجنرال كلايتون، وكان أحد السوريين السبعة الذين تقدموا بمذكرة إلى هوجارت وجاءهم الرد واشتهر باسم (التصريح إلى السبعة).
العمل في الحكومة
عاد إلى سوريا عام 1919م وعين وزيراً للخارجية عام 1920م في وزارة هاشم الأتاسي التي شكلت في أواخر العهد الفيصلي. غادر سورية بعد احتلالها من قبل الجيوش الفرنسية إلى مصر حيث أقام سنة ثم عاد. اعتقل عام 1922م لدى اشتراكه في حفلة للمستر كرين الأمريكي عند زيارته لسورية والمظاهرات والحفاوة التي رافقت الزيارة وحوكم مع نفر من صحبه ثم رُحّل إلى جزيرة أرواد لمدة سنتين وبضعة أشهر.
عمل الشهبندر على إنشاء حزب الشعب في دمشق وتولى رئاسته وأطلق على نفسه لقب الزعيم. نجا من قبضة الفرنسيين عند قيام الثورة السورية والتحق بصفوف الثوار في معاقلهم بجبل العرب ولم يفارق الجبل إلا لفترة قصيرة زار فيها الأردن وعاد.
الثورة السورية الكبرى
في تموز عام 1924 عاد الشهبندر إلى دمشق حيث ألّف حزباً سياسياً سماه حزب الشعب وتولى رئاسته، وأطلق على نفسه لقب الزعيم، وأخذ يعمل من جديد في تنظيم العمل السياسي ويدعو إلى الوحدة العربية ويطالب بإلغاء الانتداب، وإقامة جمهورية سورية في نطاق الاتحاد مع جميع البلدان العربية المستقلة، ولتحقيق ذلك بدأ الدكتور عبد الرحمن الشهبندر الإتصال بزعماء ووجهاء المدن السورية يحثهم على الثورة ضد الاستعمار الفرنسي ويشحن هممهم ويعزز شعورهم الوطني ويطلب منهم بدء الكفاح المسلح لنيل الاستقلال وتحقيق الحلم الوطني العربي بأقامة الجمهورية العربية السورية.
كان عبد الرحمن الشهبندر على تواصل مع الزعيم إبراهيم هنانو في المنطقة الشمالية، الذي كان سباقاً في مقاومة قوات الاستعمار الفرنسي منذ أن وطئت الساحل السوري في أوائل العام 1920، [2] وقد دامت أعمال المجاهدين في المنطقة الشمالية حتى 15 نيسان 1926 عام ومن أهم المعارك التي جرت في تلك الفترة معركة تل عمار، والتي كانت آخر معارك الثورة في تلك المنطقة، وجرت في أوائل شهر نيسان 1925.[3]
كما اجتمع الشهبندر مع الوجيه محمد بك العيّاش في دمشق واتفق معه على مد الثورة إلى المنطقة الشرقية، واستطاع العيّاش تشكيل مجموعات ثورية لضرب القوات الفرنسية في مدينة دير الزور، وبالفعل وجه الثوار ضربات مؤلمة للقوات الفرنسية وكان أخرها قتل ضباط فرنسيين في منطقة عين البو جمعة على طريق دير الزور الرقة، ونتيجة الحادثة أصدر المفوض السامي الفرنسي موريس بول ساراي في 5 آب عام 1925 في بيروت قراراً برقم (49 أس) بنفي جميع أفراد أسرة عياش الحاج من مدينة دير الزور إلى مدينة جبلة، وحكم على محمود العيّاش مع اثنا عشر ثائراً من رفاقه بالإعدام، وتم تنفيذ حكم الإعدام رمياً بالرصاص في 15 ايلول عام 1925 في مدينة حلب، كما حكم على محمد العيّاش بالسجن لمدة 20 عاماً في جزيرة أرواد في محافظة طرطوس، [4][5] وإمعاناً بالتشفي والانتقام اغتالت السلطات الفرنسية عميد الأسرة عياش الحاج في أوائل عام 1926 وأقيمت صلاة الغائب على روح هذا المجاهد في كافة البقاع السورية.[6]
وكان الدكتور عبد الرحمن الشهبندر على تواصل مع القائد فوزي القاوقجي الذي كان يتحضر لإضرام الثورة في مدينة حماة على الرغم من أنه كان معروفاً بولائه الشديد للفرنسيين ونال في جيشهم رتبة عالية ومركزاً (قيادة الجيش الوطني في حماة) قلما يناله غيره من السوريين، ولكن القاوقجي حسبما ورد في مذكرات الشهبندر كان مستاءاً من إلقاء وجهاء وعلماء مدينة حماة في السجون وإهانتهم، وتقسيم البلاد إلى حكومات، واستخدام الأسافل في الوظائف، ورفع الضرائب على المكلفين وإذكاء النعرات الطائفية بين أفراد الشعب السوري، [7] وفي 4 تشرين الأول عام 1925 أعلن القاوقجي الثورة في حماة وضواحيها وكاد أن يستولي على المدينة لولا قصف الطائرات العنيف للأحياء الشعبية فخرج إلى البادية لإثارة القبائل ضد الفرنسيين وتخفيف الضغط عن الثوار في المناطق الأخرى، وقد حقق انتصارات مهمة على القوات الفرنسية وحامياتها وثكناتها وأنزل بها خسائر فادحة حتى أسند إليه مجلس الثورة الوطني قيادة الثورة في منطقة الغوطة ومنحه سلطات واسعة.[8][9]
دعم الشهبندر الثورة السورية بكل إمكانياته وطاقاته ولكن الثورة بعد سنة من قيامها بدأت تضعف فانسحب الشهبندر مع سلطان الأطرش ورفاقهما إلى الأزرق في الأردن ومن هنالك سافر إلى العراق ومن ثم إلى مصر وذلك بعد صدور حكم فرنسي بإعدامه، فاضطر للبقاء في القاهرة قرابة العشر سنوات، وكان خلالها يعمل للقضية العربية بالتعاون مع اللجنة التنفيذية للمؤتمر السوري الفلسطيني بالإضافة إلى عمله في الطب.
وبعد ألغاء حكم الإعدام، عاد عبد الرحمن الشهبندر إلى دمشق في الحادي عشر من أيار عام 1937، فاستقبلته الجماهير استقبالاً حافلاً وأخذ رفاقه وإخوانه وأنصاره ينظمون له احتفالات جماهيرية كل يوم، يحضرها ألوف من رجال الأحياء والوجهاء ومختلف الطبقات، وكان الشهبندر يُلقي في هذه الاحتفالات اليومية خطباً حماسية، تلتهب لها الأكف بالتصفيق، والهتاف بحياته.
هاجم الشهبندر في خطاباته معاهدة عام 1936 مع فرنسا، وفند بنودها، وعدد مساوئها، الأمر الذي أدى إلى ضجة في البلاد، وانقسم الشعب على أثرها إلى فئتين، قسم أيد المعاهدة والكتلة الوطنية بقيادة هاشم الأتاسي، وقسم التف حول الدكتور الشهبندر واقتنع بوجهة نظره في تعداد مساوئ المعاهدة وعيوبها وضرورة الكفاح من أجل تحقيق الاستقلال الكامل والسيادة المطلقة.
مؤلفاته
كان الدكتور عبد الرحمن الشهبندر يحسن الترجمة عن الإنكليزية، ونقل عنها إلى العربية كتاب (السياسة الدولية) لدليزل بورنس. وكتب مقالات في مجلتي (المقتطف والهلال)، جمع بعضها في كتاب سماه (القضايا العربية الكبرى) وكان قد حاول قرض الشعر في صباه، فنشر له المستشرق الألماني _كمبفمير) في مجموعته، بعض ما نظم، وليس بشاعر. وله (مذكرات).
إغتياله
بينما كان في عيادته قبل ظهر يوم السادس من شهر تموز سنة 1940 دخل عليه ثلاثة أشخاص فقتلوه واعتقلوا وأعدموا.
محاكمة القتلة
في 9 ديسمبر 1940، بدأ محاكمة قتلة الدكتور عبد الرحمن الشهبندر بدمشق. نظراً حشد الصحافة العربية، تم نقل المحكمة من المحفل الماسوني في حي القنوات (بسبب صغر قاعته) الى المجلس النيابي في شارع العابد. لأول وأخر مرة في تاريخ المجلس يتحول البناء من سلطة تشريعية الى سلطة قضائية. قررت المحكمة إعدام المتهمين عصاصة وغندور والحرش والحافي وإعلان براءة كل من سعد الله الجابري ولطفي الحفار، جميل مردم بك ومدير مكتبه عاصم النائلي. ملف الشهبندر ما يزال "مغلق" حتى تاريخ 2013 في الأرشيف الوطني الفرنسي.
انظر أيضاً
- صلاح شهبندر (ت. 2001])، طبيب أورام مصري، كان عميد المعهد القومي للأورام، وهو ابن عبد الرحمن شهبندر.[10]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
المصادر
- ^ العايق، رامي، عبد الرحمن الشهبندر" طبيب ومقاوم سوري، مقالة منشورة في موقع سورية الإلكتروني، 8/11/2011.
- ^ الراشد، سعد، الزعيم إبراهيم هنانو صفحات نضال ومواقف بطولة، مقالة منشورة في موقع صحيفة الجماهير، العدد: 14431، 2015/12/13.
- ^ إبراهيم هنانو الآغا الذي أنفق أمواله على قتال المحتل ووضع اللبنة الأولى للدستور ومات فقيراً وحيداً، مقالة منشورة في موقع السوري الجديد، 24/1/2016.
- ^ الحسين، محمد، ملحمة "البوجمعة"... بطولة زادت اللحمة الوطنية، مقالة منشورة في موقع e-syria، تاريخ 14/4/2011.
- ^ النجرس، محمود، ملحمة البوجمعة - من ملاحم الاستشهاد البطولي في وادي الفرات، جريدة الفرات، 2005.
- ^ الشاهين، مازن محمد فايز، تاريخ دير الزور، دار التراث، 2009، ص 753.
- ^ الخطيب، محمد كامل، الدكتور عبد الرحمن الشهبندر (الأعمال الكاملة)، الثورة السورية الوطنية - مذكرات عبد الرحمن الشهبندر، منشورات وزارة الثقافة، الطبعة الثانية، 1993، ص 6.
- ^ فوزي القاوقجي، الموسوعة العربية، 14/4/2016.
- ^ العنتبلي، أشرف، فوزى القاوقجى صفحات من حياته وجهاده، ويكيبيديا الأخوان المسلمون، 20/4/2016.
- ^ د. مينا بديع عبدالملك، أستاذ زائر بالجامعة الأمريكية. "ذكري الإنسان!". جريدة الأهرام. Retrieved 2001-12-26.
- Commins, David Dean. Historical Dictionary of Syria, pp. 142, 236-37. Scarecrow Press, 2004, ISBN 0810849348.