تاريخ القاهرة

تعد مدينة القاهرة من أكثر مدن الشرق التي استأثرت بالكتابة والتأريخ حيث أطلق عليها لقب " جوهرة الشرق "، نظرا لأن عمر القاهرة يزيد على الألف عام بكثير.

لوحة للقاهرة من رسم جيروم

فقد عرفت أجزاء من القاهرة الحالية في العصر الفرعوني باسم من نفر أى المدينة الجميلة أو منف. وضاحيتها هليوپوليس ("مدينة الشمس"، وبالمصرية القديمة: أون). وتعتبر عاصمة مصر الموحدة منذ أن وحدها الملك نعرمر منذ سنة 3200 ق.م.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

العصور القديمة

A man on a donkey walks past a palm tree, with a mosque and market behind him.
تسليم الفسطاطمن تاريخ مصر، أ. إس راپورت

عرفت في العصر الفرعوني باسم من نفر وضاحيتها مدينة الشمس (مصرية قديمة: أون). وتعتبر عاصمة مصر الموحدة منذ أن وحدها الملك نعرمر 3200 سنة ق.م.

نشأت القاهرة على أنقاض مدن أخرى، سبقتها إلى الوجود عند رأس الدلتا، فقد نشأت ممفيس أولاً، في عهد الأسرات المصرية القديمة على الضفة الغربية للنيل، ثم تلتها بابليون في العهد الإغريقي الروماني، على الضفة الشرقية للنيل، وذلك حينما ازدادت الصلات بين مصر وحوض البحر المتوسط من جهة، وبينها وبين حوض البحر الأحمر من جهة ثانية.[1]


حصن بابليون

فشواهد التاريخ تؤكد أن مكان هذه المدينة كان عاصمة لمصر في أغلب فترات تاريخها، ففي تاريخ مصر الممتد عبر حوالي 50 قرنا كانت القاهرة بمعناها الواسع هي عاصمة مصر، إذ يرجع البعض اتخاذ القاهرة عاصمة إلى سنة 98 ميلادية عندما بني حصن بابليون الذي ما تزال بقاياه موجودة حتى الآن، حيث أقيم هذا الحصن للدفاع عن الوجهين القبلي والبحري.

بقايا حصن بابليون

العصر الإسلامى

خريطة القاهرة عام 1847
قلعة القاهرة، في أواخر القرن 19، واتي أنشأها صلاح الدين الأيوبي ما بين 1176 و1183.
قلعة القاهرة، في أواخر القرن 19، واتي أنشأها صلاح الدين الأيوبي ما بين 1176 و1183
باب الفتح

وتعتبر مدينة الفسطاط وجامع عمرو أول أثرين إسلاميين بمصر وأفريقيا ويرمزان لمرحلة محورية بل بداية عصر بكامله هو العصر الإسلامي. وكانت الإسكندرية عاصمة مصر منذ بناها الإسكندر عام 332 ق.م. مرورا بالإغريق البطالمة والرومان والبيزنطيين الروم. وكان عمرو بن العاص بين أمرين هما لو أبقي علي الإسكندرية كعاصمة فوجوده بها سيجعله معرضا من البحر لأي غزو وهذا ماحدث فعلا عندما غزا البيزنطيون المدينة من البحر بإسطولهم عام 646م . مما جعل المصريون يطلبون إعادة عمرو بن العاص بعدما كان الخليفة عثمان قد عزله. والأمر الثاني الذي جغله يختار مكان الفسطاط أنه بالإسكندرية سيكون بعيدا هن المدينة المنورة عاصمة الخلافة الإسلامية مما يصعب نجدته. وكان قرار الخليفة عمر لعمرو بعدم عزل القوات بمانع مائي وهو الفيضان والنيل وعدم سكناها المدن حتي لايتقاعسوا عن مواصلة الفتح. لهذا إختار ابن العاص هذا المكان الصحراوي الذي يعتبر عسكريا موقعا إستراتيجيا شمال حصن بابليون وأقام فيه مدينة الفسطاط عام 21هجرية –641 م فوق عدة تلال يحدوها جبل المقطم شرقاوخلفه الصحراء التي يجيد فيها العرب الكر والفر والحرب والنيل غربا ومخاضة بركة الحبش جنوبا وهما مانعان طبيعيان. شيد عمرو بن العاص مدينة الفسطاط كمدينة حصن وبها حصن بابليون لتكون مدينة للجند العرب وأقام بها المسجد الجامع (مسجد عمرو بن العاص) أول مسجد أقيم بمصر الإسلامية وبجواره دار الإمارة . وكانت في تخطيطها علي غرار تخطيط الرسول صلي الله عليه وسلم للمدينة المنورة. وكانت تبدو من بعيد كأنها جبل شامخ كما وصفها الرواة والمؤرخون.

الفسطاط

وعندما جاء عمرو بن العاص لفتح مصر أقام عاصمته الإسلامية الجديدة الفسطاط بالقرب من ذلك الحصن، والتي كانت تعرف بمدينة مصر، والمعروف أن نشأة الفسطاط كان على غرار المدن التي ينشئها سكان البادية، فكانت أشبه بالحضر البدوي وكانت تشبه إلى حد كبير تخطيط المدينة المنورة، حيث حدد مخططوها - الذين لم يكن بينهم مهندس - مواقع لكل قبيلة من تلك القبائل التي شاركت في الفتح.

وكان تنسيق الفسطاط يقوم على إعطاء كل قبيلة قطعة من الأرض تقيم فيها مساكنها ويفصل بينها وبين غيرها مساحة من الأرض الفضاء التي طواها فيما بعد التوسع العمراني الذي زحف على هذه الفراغات، ويلاحظ أن العرب المسلمين الفاتحين تركوا مساحة بينهم وبين النهر كانت تسرح فيها دوابهم، كانت تسمى (المراغة)، يقول مؤرخ مصر الكبير ابن عبد الحكم، "وقد كان المسلمون حين اختطوا تركوا بينهم وبين البحر (النيل) والحصن (بابليون) فضاء لتفريق دوابهم وتأديبها"، وظلت الفسطاط حتى أحرقها الوزير الفاطمي شاور عند قدوم حملة أموري الصليبية.

تعتبر مدينة الفسطاط وجامع عمرو أول أثرين إسلاميين بمصر وأفريقيا ويرمزان لمرحلة محورية بل بداية عصر بكامله هو العصر الإسلامي. وكانت الإسكندرية عاصمة مصر منذ بناها الإسكندر الأكبر عام (332 ق.م) مرورا بالإغريق البطالمة والرومان والبيزنطيين الروم. وكان عمرو بن العاص بين أمرين هما لو أبقي علي الإسكندرية كعاصمة فوجوده بها سيجعله معرضا من البحر لأي غزو وهذا ماحدث فعلا عندما غزا البيزنطيون المدينة من البحر بإسطولهم عام (646 م). والأمر الثاني الذي جعله يختار مكان الفسطاط أنه بالإسكندرية سيكون بعيدا عن المدينة المنورة عاصمة الخلافة الإسلامية مما يصعب نجدته. وكان قرار الخليفة عمر لعمرو بعدم عزل القوات بمانع مائي وهو الفيضان والنيل وعدم سكناها المدن حتي لايتقاعسوا عن مواصلة الفتح. لهذا إختار ابن العاص هذا المكان الصحراوي الذي يعتبر عسكريا موقعا إستراتيجيا شمال حصن بابليون وأقام فيه مدينة الفسطاط عام (21هـ – 641 م) فوق عدة تلال يحدها جبل المقطم شرقاوخلفه الصحراء التي يجيد فيها العرب الكر والفر والحرب والنيل غربا ومخاضة بركة الحبش جنوبا وهما مانعان طبيعيان. شيد عمرو بن العاص مدينة الفسطاط كمدينة-حصن وبها حصن بابليون لتكون مدينة للجند وأقام بها المسجد الجامع مسجد عمرو بن العاص أول مسجد أقيم بمصر الإسلامية وبجواره دار الإمارة.

العسكر

صورة لمنطقة القلعة في القاهرة

ثم تطورت هذه العاصمة بإنشاء مدينة العسكر التي يعد موقعها الحالي منطقة (زينهم) التي أقامها صالح بن علي أول وال للعباسيين في مصر سنة (133 هـ - 750 م) العسكر، واستمر ذلك الحال حتى جاء السري بن الحكم واليا على مصر عام (201 هـ - 816 العسكر، واستمر ذلك الحال حتى جاء السري بن الحكم واليا على مصر عام (201 هـ - 816 م) فأذن للناس بالبناء فتهافت الناس على البناء بالقرب من مقر الحكم ونمت المدينة حتى اتصلت الفسطاط بالعسكر. وكانت في البداية مقصورة على الجنود العباسيين، ولعل هذا السبب الذي جعل الناس يطلقون عليها العسكر.

القطائع

ثم نشأت القطائع التي ابتناها أحمد بن طولون سنة (256 هـ - 869 م) مؤسس الدولة الطولونية التي استمرت 38 عاما، وسميت بهذا الاسم لأن "ابن طولون" قطع الأراضي فيها ومنح كل قطيعة (وهي تشبه الشارع أو الحارة في عصرنا الحالي) إلى طائفة من القوم، فكانت هناك "قطيعة النوبة" و"الروم" وغيرهما، وازدهرت "القطائع" في عهد "ابن طولون" وابنه "خمارويه"، وأقام فيها "ابن طولون" جامعه الشهير الذي ما زال قائما حتى الآن، ثم تعرضت المدينة للتخريب بعد هزيمة "الطولونيين" أمام العباسيين عند "تنيس" سنة (292 هـ - 904 م)، وذكر بعض المؤرخين أنه أحرق بها حوالي مائة ألف بيت، يقول المقريزي "إن القطائع قد زالت آثارها ولم يبق لها رسم يعرف".


إنشاء القاهرة في العصر الفاطمي

تطلع الفاطميون منذ أن قامت دولتهم في المغرب إلى فتح مصر فتكررت محاولتهم حتى جاءت اللحظة المناسبة بنظر الفاطميين وقت تولي أمور مصر لأبي الفضل جعفر بن الفرات الذي عجز عن قيادتها، فاستغل المعز لدين الله الفرصة وحشد لغزو مصر جيشا وجعل قيادته لجوهر الصقلي الذي دخل مصر في 17 شعبان 358 هـ/6 يوليو 969 م دون مقاومة تذكر.

أما القاهرة فهي المدينة التي أنشأها القائد الفاطمي جوهر الصقلي سنة (358 هـ - 969 م) شمالي مدينة الفسطاط وبناها في ثلاث سنوات وأطلق عليها اسم "المنصورية" ثم جاء الخليفة المعز لدين الله الفاطمي في 7 رمضان 362هـ= 11 يونيو 972م، وجعلها عاصمة لدولته، وسماها "القاهرة" وهو اسمها الحالي، وأقام في القصر الذي بناه جوهر، وفي اليوم الثاني خرج لاستقبال مهنئيه وأصبحت القاهرة منذ ذلك الحين مقرا للخلافة الفاطمية، وانقطعت تبعيتها للخلافة العباسية وشهدت القاهرة أزهي أوقاتها آنذاك من الازدهار بحكم كونها عاصمة للدولة الفاطمية وكانت مساحتها على حوالي 340 فدانا، وشرع في تأسيس الجامع الأزهر وأحيطت العاصمة بسور من الطوب اللبن وجعل له أبوابا في جهاته المختلفة من أشهرها باب زويلة وباب النصر وباب الفتوح.ولم تطل الحياة بالمعز في القاهرة ليشهد ثمار ما أنجزته يداه، وكان أول خليفة فاطمي يحكم دولته من القاهرة، عاصمته الجديدة.

وقد قامت القاهرة بعد ذلك بدورها القيادي حتى بعد سقوط الدولة الفاطمية في الوقوف أمام المد الصليبي وهجمات المغول.

وفي نهاية حكم الفاطميين شهدت مدينة الفسطاط الحريق علي أيدي الصليبيين أيام الخليفة العاضد عندما بلغوها بمراكبهم بالنيل وأسروا ونهبوا بقيادة الملك عموري (أمالوريك) عام (564 هـ – 1168 م)، فقد أمر وزيره بجمع العبيد وإحراق مدينة الفسطاط. ونزح الأهالي للقاهرة خوفا وهلعاونزلوا بالحمامات والأزقة والمساجد. وظل الحريق بالفسطاط طيلة 45 يوما. وأصبحت الفسطاط بعد الحريق مدينة أشباح خاوية علي عروشها عدة قرون وفقدت أهميتها كعاصمة للمال والتجارة والصناعة ولم يبق منها سوي مسجد عمرو بن العاص والذي أنقذ من الحريق بإعجوبة. أو كما يقول المقريزي "أصبحت كيمان".


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

بناء القاهرة

بعث الخليفة الفاطمي المعز لدين الله بقائد جيوشه جوهر الصقلي إلى مصر ليستولى على السلطة وينفصل بها عن الدولة العباسية. وصل جوهر في 17 شعبان 358 هـ / 968 م ، فاتجه في نفس الليلة إلى الصحراء القريبة من تلال المقطم واختار مكان العاصمة الجديدة ونصب خيامه، ومن المرجح تاريخيا أن جوهر قد اختار هذا الموقع لاعتبارات عسكرية، وقد أطلق جوهر على العاصمة الجديدة اسم "المنصورية" نسبة إلى الخليفة المنصور الفاطمي والد الخليفة المعز، تكريما لذكراه وظلت تعرف بهذا الاسم حتى وصول الخليفة الذي غير اسمها إلى "القاهرة المعزية".

قبل وضع أساس القاهرة أتى جوهر بالعرافين المغاربة، كما تروي جيهان مأمون في كتابها "همسات مصرية.. جولة عبر الماضي"، وطلب منهم أن يختاروا توقيتا يكون طالعه سعيدا لرمي الأساس، وأحاط المدينة بقوائم خشبية، ووضع بين كل عمود وآخر حبالا تتدلى منها أجراس، لتدق كلها في وقت واحد عندما يعطى العرافون الإشارة المتفق عليها.

وقف العرافون يتشاورون ويحسبون حساباتهم الفلكية، لكن حدث ما لم يكن في الحسبان، فقد وقف غراب فوق أحد الحبال فدقت الأجراس وظن العمال أنها الإشارة المتفق عليها فقاموا برمي الأساس، وتصادف أن ظهر في السماء في هذا التوقيت كوكب المريخ الذي يطلق عليه "قاهر الفلك" ولذلك سميت القاهرة..!

اختار جوهر موقع المدينة الجديدة إلى الشمال من العواصم الثلاثة السابقة وأحاطها بسور سميك، واتخذت المدينة شكلا مستطيلا، ويوجد في كل ضلع من أضلاع السور بابان، ولم يكن مسموحا للعامة بدخولها إلا بإذن خاص، فكانت أقرب إلى الحصون منها إلى المدن.

وصل المعز إلى القاهرة بعد أربع سنوات في قافلة ضخمة، وأحضر معه رفات آبائه وأجداده وأنشأ لهم مدفنا وأطلق عليه تربة الزعفران – مكان خان الخليلي حاليا – وأعجب بالمدينة الجديدة أشد الإعجاب لكنه عاب بعدها عن النيل.

قام جوهر الصقلي ببناء عاصمة جديدة للدولة الفاطمية، فوضع أساسا لها في يوم وصوله إلى الفسطاط، بناء على توجيهات من الخليفة المعز، وهي مدينة القاهرة في الشمال الشرقي للفسطاط، وجعل لكل قبيلة أو فرقة من فرق الجيش مكانا خاصا بها، وشرع في تأسيس الجامع الأزهر وأحاط العاصمة بسور من الطوب اللبن وجعل له أبوابا في جهاته المختلفة من أشهرها باب زويلة وباب النصر وباب الفتوح.

نجحت سياسة جوهر في إصلاحاته التي أجراها في مصر كما ونجح في توطيد حكم الفاطميين في مصر. رأى جوهر الصقلي بعدها أن الوقت قد حان لحضور الخليفة المعز بنفسه إلى مصر وتحديدا لمدينة القاهرة عاصمته الجديدة فكتب إليه يدعوه إلى الحضور وتسلم زمام الحكم فخرج المعز من المنصورية عاصمته في المغرب.

وصل المعز إلى القاهرة في 7 رمضان 362هـ= 11 يونيو 972م، وأقام في القصر الذي بناه جوهر، وفي اليوم الثاني خرج لاستقبال مهنئيه وأصبحت القاهرة منذ ذلك الحين مقرا للخلافة الفاطمية، وانقطعت تبعيتها للخلافة العباسية السنية.

ولم تطل الحياة بالمعز في القاهرة ليشهد ثمار ما أنجزته يداه، وكان أول خليفة فاطمي يحكم دولته من القاهرة، عاصمته الجديدة.

وقد قامت القاهرة بعد ذلك بدورها القيادي حتى بعد سقوط الدولة الفاطمية في الوقوف أمام المد الصليبي وهجمات المغول.

مأثورات عن القاهرة الفاطمية

لكن ما حقيقة قول "اللي بنى مصر كان في الأصل حلواني"؟ ترتبط المقولة بقصة حياة القائد جوهر الصقلي الذي تعود أصوله إلى طائفة الأرمن، حيث عاش في كرواتيا وعمل وهو شابا صغيرا بصناعة الحلوى وبرع في مهنته، وعندما دارت الحرب بين كرواتيا وفينيسيا تم أسره وبيعه كمملوك في صقلية التي التصق اسمه بها.

بعد سنوات بيع مرة أخرى للخليفة المنصور بالله الفاطمي فألحقه بالجيش، وفي خلافة المعز ترقى في المناصب وصار وزيرا وقائدا للجيوش الفاطمية.

نعود إلى المدينة التي بناها جوهر، تفتح بواباتها الثمانية مع شروق الشمس فتتدفق جموع الناس، كان باب الفتوح تخرج منه الجيوش للفتوحات، بينما يشق شارع المعز المدينة من الشمال للجنوب، يتفرع منه شوارع ومنها تتفرع حارات لها أبواب تغلق على سكانها ليلا. وكان شارع المعز يضم 12 ألف حانوت تعرض بضائعها الفاخرة المجلوبة من الشرق والغرب.

بروتوكولات القاهرة

شارع المعز تبنى الخلفاء الفاطميون فكرة إنشاء المكتبات وأشهرها على الإطلاق مكتبة القصر الشرقي الكبير التي احتوت على أندر المؤلفات في سائر العلوم والفنون والآداب، وكانت تضم أكثر من مليون وستمائة ألف مجلد وتعتبر من عجائب ذلك الزمان، وكان الخليفة العزيز بالله يتردد على هذه المكتبة ويزودها بالكثير من المؤلفات، ولكن بزوال العصر الفاطمي أحرق جزء كبير من هذه الكتب والمجلدات للقضاء على الفكر الشيعي، وتم بيع المتبقي منها. وهناك دار الحكمة التي أسسها الحاكم بأمر الله وزودها بمكتبة عرفت بدار العلم، وكان مسموحا للعامة ارتيادها للقراءة والنسخ.

في القاهرة لم يكن أحد يستطيع مخالفة البروتوكولات السياسية، فمثلا يجب على الرسل والوفود الترجل من فوق خيولهم أمام أبواب القاهرة وإكمال الطريق سيرا على الأقدام وهم محاطون بصفين من الجنود حتى الوصول لأبواب القصر حيث يرافقهم اثنان من الحراس بملابسهم الفاخرة الأنيقة، وقبل الدخول على الخليفة يخلع الزائرون سيوفهم ويقبلون الأرض أمامه ولا يجلس في حضرته أحد..!

ذهب المعز

ارتبط تاريخ الدولة الفاطمية في الأذهان بالغنى والازدهار وقيل في الأمثال الشعبية "ذهب المعز وسيفه" للدلالة على الغنى والقوة، وكان العصر الفاطمي زاخرا بالاحتفالات والمواكب المبهرة والولائم التي تشبه ألف ليلة وليلة حتى قيل أن الفاطميين اصطنعوا لكل مناسبة نوعا مخصوصا من الحلوى.

وهناك العديد من موروثاتنا الشعبية التي تأصلت في عاداتنا ومازالت قائمة بيننا حتى اليوم، مثل الاحتفال بليلة الإسراء والمعراج والنصف من شعبان وعاشوراء وتناول الكنافة والقطايف. أما أشهر الموروثات فهو الفانوس الذي صار رمزا لشهر رمضان.

كذلك ارتبط رمضان بالمسحراتي الذي يدور في الليالي الرمضانية، ويروى أن الخليفة الفاطمي الحاكم بأمر الله أمر جنوده بأن يمروا على البيوت ويدقوا على الأبواب إيقاظ النائمين، ومع مرور الأيام تم تعيين رجل مخصوص للقيام بهذه المهمة وكان ينادي "يا أهل الله قوموا تسحروا" ويدق على أبواب البيوت بعصا يحملها في يده وتطورت مع الوقت إلى طبلة يدق عليها دقات منتظمة.

من أشهر الموروثات الأخرى العروسة الحلاوة والحصان في المولد النبوي الشريف، ولهما قصة عجيبة فيروى أن الحاكم بأمر الله حرم على الناس الزواج إلا في يوم المولد النبوي، فصار هذا اليوم مشهودا تقام فيه المئات من الأفراح ، فجهز بائعو الحلوى العرائس المصنوعة من السكر المعقود تيمنا بالزواج ، وأقبل الناس على شرائها وصارت عادة لا تنقطع، وصنع بجوارها الفارس فوق حصانه الذي يرمز إلى العريس وشجاعته.


القاهرة الأيوبية

وعندما انتهت الدولة الفاطمية على يد صلاح الدين الأيوبي سنة (567 هـ - 1171 م)، وأقام مكانها الدولة الأيوبية التي استمرت 82 عاما حتى عام (648 هـ - 1250 م) أنشأ فيها أبنية جديدة فزادت اتساعا، ولعل أهم ما أنشأه كان "قلعة الجبل" لتكون حصنا له يعتصم به من أعدائه الداخليين والخارجيين، وقد وكل عمارتها إلى بهاء الدين قراقوش، كما بنى سورا جديدا للقاهرة سنة (572 هـ - 1176 م)، وبنى قناطر الجيزة، غير أنه توفي قبل أن يكمل بعض هذه المباني الضخمة، وقد استخدم "قراقوش" الصليبين في بناء القلعة والسور، وأول خريطة يعتد بها للقلعة جاءت مع "الحملة الفرنسية" أي بعد بناء القلعة بحوالي ستمائة عام.

مسجد محمد علي داخل قلعة صلاح الدين
مسجد الحكيم في القاهرة

القاهرة المملوكية

أما الدولة المملوكية التي بدأت سنة (648 هـ - 1250 م) فقد شهدت اتساعا في "القاهرة" فأنشأت عددا من الآثار والتي ما تزال قائمة حتى الآن، وأنشأت بعض المناطق الجديدة مثل ما يسمى حاليا باب اللوق التي سكنها عدد من فرسان التتر الذين أسلموا وبني عدد من المساجد والأسبلة، إلا أن عهد السلطان محمد بن قلاوون كان الأبرز في العمارة المملوكية.

ضريح من القاهرة المملوكية

قامت الفسطاط لتكون عاصمة ولاية تابعة للمدينة المنورة وقامت مدينة العسكر لتكون عاصمة إقطاعية مصر التابعة لبغداد وقامت مدينة القطائع لتكون عاصمة دولة مصر الطولونية. لكن قاهرة المعز قامت لتكون عاصمة خلافة مستقلة هي الخلافة الفاطمية. وهذه العواصم الأربعة قامت غرب المقطم بشرق النيل.

القاهرة في فترة الدولة العثمانية

أما القاهرة في الدولة العثمانية التي بدأت في مصر بعد هزيمة المماليك في معركة الريدانية سنة (923 هـ - 1517 م) فقد بدأت تشهد عصرا جديدا، كذلك الحملة الفرنسية على مصر سنة (1213 هـ - 1798 م) التي استمرت ثلاث سنوات والتي رسمت خرائط مهمة للقاهرة إضافة إلى عدد كبير من الرسوم التي تصور الحياة في تلك المدينة، والتي ضمها كتاب " وصف مصر ".

القاهرة في عصر أسرة محمد علي

وتأتي القاهرة في عصر أسرة محمد علي لتشكل ملمحا جديدا ما زال كثير من آثاره باقية حتى الآن، والذي بدأ من سنة (1220 هـ - 1805 م) حتى قيام حركة الضباط في يوليو 1952 م حيث بلغت درجة كبيرة في الاتساع في عهد الخديوي إسماعيل ووصلت مساحتها إلى ألف فدان كما يذكر علي مبارك في خططه، حيث أضيف إلى المدينة حي الإسماعيلية (التحرير حاليا)، وفي سنة (1265 هـ - 1849 م) بدأت المدينة تشهد بعض مشاريع البنية الأساسية، مثل مشروع توزيع المياه باستعمال المواسير وتوزيعها داخل البلد، وبعض مشاريع الإضاءة، ويعد محمد علي باشا أول من أدخل العمارة الغربية إلى "القاهرة"، فأحضر بعض المهندسين الغربيين وبنوا له سراي القلعة وسراي شبرا وسراي الأزبكية، ثم بنى ابنه إبراهيم باشا قصر القبة، وفي عهد الخديوي إسماعيل أنشئ كوبري قصر النيل، وأنشئت حديقة الحيوان على مساحة 30 فدانا، وعدد من السرايات منها سراي عابدين، كما رصفت بعض الطرق ومدت خطوط السكك الحديدية والهاتف وأنشئت المدارس الحديثة. و في عهد الخديوي عباس حامية تم إنشاء حي العباسية وأحياء أخرى مثل الحلمية (السدة زينب) وحلمية الزيتون وعين شمس.

سباق دراجات لسيدتين أوربيتين في شوارع القاهرة 1897، وأمامهما شمارشجية حفاة يُخلون الطريق من المشاة، وفي الخلفية ستات البلد على عربة كارو، وجمل، واقفين في انتظار عبور الهوانم.


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

المصادر

  1. ^ صفوح خير. "القاهرة". الموسوعة العربية. Retrieved 2012-07-06.

المراجع