تاريخ الاستشراق
عند البحث في تاريخ الاستشراق، من الصعب أن نكون دقيقين عن أصل الفرق بين الغرب والشرق. لكن ازدهار المسيحية والاسلام خلق خلاف حضاري كبير بين اوروبا المسيحية والشرق وشمال افريقيا الاسلامي. في العصور الوسطى كان الاوروبيين المسيحيين يرون المسلمين كأعداء جهنميين لهم. وكان معرفة الاوروبيين للحضارات أبعد شرقاً من الشرق الاسلامي أكثر خيالاً. ولكن كان هناك معرفة قليلة للحضارات الهندية والصينية من حيث كان تأتي سلع غالية مثل السيراميك والحرير. وبكثرة الحملات الاستعمارية والاستكشافية صار هناك تمييز بين الحضارات الغير كاتبة، مثل في أفريقيا والاميركاتين، والحضارات الكاتبة والمثقفة في الشرق.
في القرن الثامن عشر ، المفكرين المنورين يصفون أحياناً جوانب من الحضارات الشرقية كأحسن من الغرب المسيحي. مثلاً: فولتير روَّج البحث والدراسة عن الزردشتية، في أنها ديانة تدعم الربوبية العقلانية أحسن عن المسيحية. آخرين مجدوا التساهل الديني في الشرق الاسلامي بدلاً من الغرب المسيحي،
أو منزلة العلم في الصين والشرق عامةً. مع ترجمة الافيستا واكتشاف اللغات الهندوروبية، وضِّح الاتصال بين التاريخ الشرقي والغربي القديم. ورلكن صار ذلك الاكتشاف في وسط المنافسة بين فرنسا وبريطانيا في الهيمنة على الهند، وكان الاكتشاف متعلق في فهم الحضارات المستعمرة كي يتحكم عليها المستعمر بسهولة. ولكن الاقتصاديين الليبيراليين مثل جيمس ميل ذم الأمم الشرقية بأن الحضارات تلك كانوا ثابتات وفاسدة أو فاسقة. حتى كارل ماركس وصف اسلوب التصنيع الأسياوي كرافضة التغيير. والمبشرين المسيحيين كانوا يثلبون الديانات الشرقية كمجرد خرافات.
وقد بدأ الاستشراق اللاهوتي بشكل رسمي حين صدور قرار مجمع فيينا الكنسي عام 1312 م وذلك بإنشاء عدد من كراسي اللغة العربية في عدد من الجامعات الأوروبية. ولم يظهر مفهوم الاستشراق في أوروبا إلا مع نهاية القرن الثامن عشر ، فقد ظهر أولا في إنجلترا عام 1779 م ، وفي فرنسا عام 1799 م كما ادرج في قاموس الأكاديمية الفرنسية عام 1838 م .
هربر دي أورلياك (938-1003 م) من الرهبانية البندكتية ، قصد الأندلس ، وقرأ على أساتذتها ثم انتخب – بعد عودته – حبرا أعظم باسم سلفستر الثاني 999-1003م فكان بذلك أول بابا فرنسي. في في عام 1130 م قام رئيس أساقفة طليطلة بترجمة بعض الكتب العلمية العربية . وقصد جيرار دي كريمونا 1114-1187 م إيطالي ، طليطلة وترجم ما لا يقل عن 87 مصنفا في الفلسفة والطب والفلك و ضرب الرمل.
أما بطرس المكرم 1094-1156 م فرنسي من الرهبانية البندكتية ، رئيس دير كلوني ، قام بتششكيل جماعة من المترجمين للحصول على معرفة موضوعية عن الإسلام . وقد كان هو ذاته وراء أول ترجمة لمعاني القرآن الكريم إلى اللغة اللاتينية 1143م التي قام بها الإنجليزي روبرت أوف كيتون .
ويوحنا الإشبيلي وهو يهودي متنصر ظهر في منتصف القرن الثاني عشر وعني بعلم التنجيم ، نقل إلى العربية أربعة كتب لأبي معشر البخلي 1133 م وقد كان ذلك بمعاونة إدلر أوف باث.
تلقى روجر بيكون 1214-1294 م إنجليزي ، علومه في أكسفورد و باريس حيث نال الدكتوراه في اللاهوت ، ترجم عن العربية كتاب مرآة الكيمياء نورمبرج 1521 م .
- رايموند لول 1235-1314 م قضى تسع سنوات 1266-1275 م في تعلم العربية ودراسة القرآن وقصد بابا روما وطالبه بإنشاء جامعات تدرس العربية لتخريج مستشرقين قادرين على محاربة الإسلام . ووافقه البابا . وفي مؤتمر فينا سنة 1312م تم إنشاء كراس للغة العربية في خمس جامعات أوربية هي : باريس ، اكسفورد ، ويولونيا بإيطاليا ، وسلمنكا بأسبانيا ، بالإضافة إلى جامعة البابوية في روما .
وقد قام المستشرقون بدراسات متعددة عن الإسلام واللغة العربية والمجتمعات المسلمة .
ووظفوا خلفياتهم الثقافية وتدريبهم البحثي لدراسة الحضارة الإسلامية والتعرف على خباياها لتحقيق أغراض الغرب الاستعمارية والتنصيرية.
وقد اهتم عدد من المستشرقين اهتماما حقيقيا بالحضارة الإسلامية وحاول أن يتعامل معها بموضوعية . وقد نجح عدد قليل منهم في هذا المجال . ولكن حتى هؤلاء الذين حاولوا أن ينصفوا الإسلام وكتابه ورسوله صلى الله عليه وسلم لم يستطيعوا أن ينفكوا من تأثير ثقافاتهم وعقائدهم فصدر منهم ما لا يقبله المسلم . وهذا يعني أن أي تصنيف للمستشرقين إلى منصفين ومتعصبين هو أمر تختلف حوله الآراء . فقد يصدر ممن عرف عن الاعتدال قولا أو رأيا مرفوضا ، وقد يحصل العكس فتكون بعض آراء المتعصبين إنصافا جميلا للإسلام ، ولهذا نتوقع أن تكون بعض الأسماء التي شملها تصنيفنا الآتي محل نظر . [1]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
المستشرقون في أوائل القرن العشرين
كانت الدروس الشرقية في غرة القرن العشرين راقية في سائر أنحاء أوربة والعالم وقتئذ في سلام لم تكدر صفاءه معامع الحروب فكان للغتنا العربية مقام رفيع في الجامعات الأوربية يتنافس أساتذتها في نشر تعليمها واستخراج مئات من دفائن كنوزها. وكانت تساعدهم على ذلك المؤتمرات التي كانت تنعقد من وقت إلى آخر في عواصم البلاد ورحلات السياح إلى بلاد الشرق القاصية إلى اليمن والهند ومراكش فيعثرون على تأليف عزيزة الوجود كانوا يعدونها ضائعة مفقودة فينشرونها بالطبع فيتسع بنشرها على نطاق معارفنا عن آثار العرب. [2]
وكانت مجلات المستشرقين حافلة بتلك المآثر النفسية لا سيما المجلات الآسيوية الفرنسوية والإنجليزية والألمانية والنمساوية والإيطالية والأميركانية فلم تترك باباً إلا قرعته ولا بحثاً إلا خاضت فيه لا يهدأ لها بال حتى تبينه غثه من سمينه وهانحن نذكر بعضاً من الذين خدموا العربية في ذاك العهد فأسفت البلاد على فقدهم في أوائل القرن العشرين.
انظر أيضا
المصادر
- ^ شبكة الفلق الثقافية
- ^ "المستشرقون في أوائل القرن العشرين". الحكواتي.