الوطاويط (شعب)
الوطاويط، هي جماعة عرقية في إثيوپيا والسودان. ينطقون البرتا، وتعرف أيضاً بالوطاويطية، وهي لغة نيلة صحراوية. عدد سكان الجماعة يتجاوز 100.00 نسمة.
وتعتبر الجماعات الوافدة من التجار الجلابة من الجعليين والركابية والشايقية والمحس والدناقلة والرباطاب وغيرهم، من أكثر العناصر هجرة، ومنذ الأزمان المبكرة قبل عام 1821 إلى الأقاليم المختلفة من جنوب ولاية النيل الأزرق والذين تأقلموا بالتداخل وصاهروا السكان المحليين من البرتا هناك، وقد شكل أحفادهم فيما بعد الزعامات الأرستقراطية المتمتعة بالنفوذ والسلطان وأصبح العامة من السكان المحليين أتباعا لهم وقد عرفت هذه المجموعات الصفوية بالوطاويط الذين يمثلون 10% من المعدل السكاني لإقليم بني شنقول حالياً، فضلا عن المناطق المجاورة الأخرى للبرتا من جنوب النيل الأزرق الذين تجري. في عروقهم الدماء العربية رغماً عن سواد البشرة ويتحدثون اللغة العربية واللهجة المحلية للبرتا معاً وتدعي زعامات الوطاويط أنهم من نسل اليعقوباب والركابية الوافدين إلى تلك المناطق من الجزيرة المروية منذ حقب مبكرة حسب الروايات المحلية المتدوالة بالمنطقة، ولفظة وطواطي أطلقها البرتا على أحفادهم الذين ولدوا نتاج التزاوج بين القبائل العربية والبرتا وكلهم مسلمون ويعملون في مجال الزراعة وحرفتهم الرئيسية ولهم حظا وافر من التعليم. ومن مناطقهم ديم منصور بابرص ، أصوصه، وأروا، وكرمك، وخور عدار.[1]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
من هم
لابّد أن نكون أكثر جدية حينما نضطلع بمسؤولية الكتابة، فلقد كتب الزميل رشيق العبارة، الصادق المهدي الشريف ضد عموده الراتب بالتيّار، عن وزير الدولة برئاسة مجلس الوزراء أحمد كرمنو، ما ينم عن التضحية بالموضوعية طلباً للاستهداف الشخصي كما بدا لي، دون أن أدري مبعث الأمر. فحدّ علمي إن أستاذنا عثمان ميرغني كان دائماً رصيناً عميقاً لا يميل إلى استهداف النّاس انتقاماً، ولكن عموماً ربما كنت مخطئاً.[2]
والشاهد فيما أقول هو أن الزميل الشريف ذهب إلى القول بأن كرمنو يعدُّ ضعيف السند في ولايته النيل الأزرق نسبة إلى كونه ينتمي إلى إثنية «الوطاويط» التي ينقصها الشأن هنالك!
ويدفعني الدفاع عن الحق والحقيقة إلى أن أرد هذا الخطأ المركب الذي وقع فيه زميلنا الكريم بما قد يقدح في مصداقيته ولا مسؤوليته حين يكتب عن الناس، كما ينتقص من رصانة الصحيفة الغراء حينما تخلط بين نقد الشأن العام والطعن في أنساب النّاس.
إن مبعث الخطأ المركب الذي وقع فيه زميلنا الصادق المهدي الشريف (أكنُّ له التقدير لحسن كتاباته) هو أولاً هذا الضرب تحت الحزام، والطعن في الأنساب حينما ينتقد الصحافي سياسياً بيننا وبينه خلاف في شأن عام، وثانياً لأنه ينسب كرمنو إلى الوطاويط وهو ما ليس صحيحاً، وأخيراً وليس بآخر، فهو يظن أن الوطاويط إثنية، وهذا اعتقاد مغلوط يقع فيه كثير من النّاس لأسباب شتى أهمها الجهل وإسهاماً مني بوصفي أعرف ما لا يعرفه أخي الشريف بهذا الخصوص، أرجو أن أَعرّف بما يلي:
«الوطاويط» صفة كيدية أطلقها المسؤولون على مجموعة من التجّار سودانيي الأصول ولكنّهم قطنوا في أقصى شرق السودان اوقعهم التقسيم الجغرافي إبان عهد الإنجليز ضمن أراضي الحبشة، فمنعوا من ممارسة تجارة التهريب من وإلى الحبشة حيث يقيمون منذ قرنين من الزمان تقريباً. فكانوا يتحايلون على السُلطات الإنجليزية ومستخدميهم من السودانيين بأن يظهروا ليلاً في نواحي الكرمك وما جاورها، وكان أسوأ ما يتاجرون به (الرقيق)، فكانوا لذلك مطلوبين وممنوعين، لذا سمّوهم التجار الوطاويط لظهورهم الخفي المراوغ في الليل هرباً من الدرك.
والقصة تبدأ بأن هؤلاء النّاس أتوا أصلاً من مناطق المديرية الشمالية الكبرى: دناقلة ورباطاب وجعليون وشايقية وركابية وغيرهم هاجروا إبان السلطنة الزرقاء إلى إقليم «بني شنقول» الذي كان جزءاً أصيلاً لا يتجزأ من السودان كما هو معلوم، بل إن إقليم بني شنقول هذا كان بمثابة حقول النفط الآن، أو كمشروع الجزيرة على أيام عزّه ومجده، فلقد اشتهر الإقليم الذي يقع في أقصى شرق مملكة سنار، والآن هو في أقصى غرب إثيوبيا، اشتهر بالذهب ذائع الصيت، سهل المنال، كما اشتهر برجاله من قبيلة «برتا» الذين اتّصفوا بالقوة البدنية والإخلاص في العمل وفي الجندية شجعان، وهذا مما حدا بمحمد علي باشا إلى غزو السودان مستهدفاً فازوغلي إلى داخل إقليم بني شنقول السوداني قطعاً.
وأما ما عرّف الباشا بالميزات الاقتصادية لهذا الإقليم العظيم فهو ما حققه التجار السودانيون الذين سبقوا الترك إلى هناك، وأقاموا نظام حكمهم المحلي تحت (الككر) السناري المرصع بذهب بني شنقول.
وما كانت مملكة سنار لترسخ ويتمدد سلطانها ويرتفع شأنها لولا المدد الذي يأتيها من أهم أقاليمها جميعاً: بني شنقول.
ولكن ميزات هذا الإقليم الذي ورد إليه أبناء قبائل الشمالية في القرن الثامن عشر والتاسع عشر، مغامرين، تحوّلت إلى نقمة حينما طمع الملك الأثيوبي «منليك» في الذهب تحت سفوح الجبال الشم ويستحوذ عليه المغامرون السودانيون الوافدون على أطراف إمبراطوريته.
استغل الملك الإثيوبي الفرصة لأسباب عدة أهمها ضعف سلطان الخليفة عبد الله على أقاليم الدولة المهدية، ما حدا ببني شنقول إلى اعتماد نوع من الحكم الذاتي، فرفعوا إلى العرش الشيخ خوجلي ود الجاز والملكة آمنة وغيرهما وكان هذا الإقليم الغني، بالمعادن غير مغطى بهيبة دولة لها جيش قوي كما كانت عليه الحال في عهد سنّار، وفضلاً عن ذلك فإن ملك الحبشة قدم مساعدات جمة للجيش الإنجليزي الغازي مما أدى إلى سقوط الدولة المهدية، فكان أن وقع الملك الحبشي وثيقة يشتري بموجبها إقليم بني شنقول نظير جزية يدفعها للتاج البريطاني.
نعم توجد وثائق حقيقية تؤكد بيع هذا الإقليم السوداني من جانب بريطانيا الحاكمة لبلادنا آنئذٍ.
وثمة تفاصيل كثيرة لا مقام لها ههنا، ولكن ما يهمنا فيما سردنا هو أن (الوطاويط ليسوا إثنية، وإنما هم الدناقلة الجعيلون والشايقية والرباطاب ومن صاهروهم هنالك في إقليم بني شنقول (السوداني حقاً وصرفاً) ولكن باعه الإنجليز لملك بريطانيا في بداية القرن العشرين وقادة الاستقلال لم يطالبوا به قبل التسلم.
ثم إن جزءاً مقدراً من هؤلاء السودانيين (بني شنقول) نزحوا إلى داخل السودان الذي طالما منعهم منه الإنجليز، فوفدوا عليه مع فجر الاستقلال وقد لصقت بهم صفة وطاويط. حتى ظنّ البعض أن كل من يأتي من النيل الأزرق إما أنه من الوطاويط أو من الأنقسنا، مع أن الأمر ليس كذلك، بل إن الأنقسنا في تلك الولاية لا تتجاوز نسبتهم 5% خمسة بالمائة من حجم السكان البالغ مليوناً.
أحمد كرمنو
وأما الأستاذ أحمد كرمنو فهو من قبيلة العركيين الذين نزحوا من وسط السودان إلى جنوب النيل الأزرق مع نهايات المهدية، وهم لم يهاجروا قط بحثاً عن الذهب في إقليم بني شنقول الذي به تعرف الوطاويط من غيرهم، وإنما جدهم الشيخ ود الطريفي هو أول من دعا إلى الإسلام هنالك في الكرمك.
ولكن المهم الآن ليس أن نقلل من شأن القادمين إلى حضن وطنهم بعد رحلة الذهب التاريخية وإنما الأهم هو هل ننسى حقنا في إقليم بني شنقول؟؟
المصادر
- ^ النيل الأزرق، أفريقانيون، فيسبوك
- ^ محمد عبد القادر سبيل (2011-06-19). "من هم الوطاويط، ومن أحمد كرمنو؟". صحيفة آخر لحظة.