المعاهدة المصرية الإنجليزية بشأن ساحل الصومال
جزء من سلسلة عن |
---|
تاريخ الصومال |
خطأ لوا في وحدة:Portal-inline على السطر 80: attempt to call upvalue 'processPortalArgs' (a nil value). |
المعاهدة المصرية الإنجليزية بشأن ساحل الصومال، هي معاهدة أبرمتها المملكة المتحدة ومصر في 7 سبتمبر 1877 بخصوص سواحل الصومال. في المعاهدة، اعترفت المملكة المتحدة بسيادة مصر على سواحل الصومال حتى رأس حافون.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
نص المعاهدة
مقدمة
(إنه لما أرادت كل من الحكومة الخديوية وحكومة دولة الإنجليز عقد اتفاق فيما بينهما بشأن إقرار دولة الإنجليز على تسلط الحكومة الخديوية بالنسبة لتبعيتها إلى الدولة العلية، على سواحل بلاد الصومال لغاية رأس حافون رخصت حكومة دولة الإنجليز لجناب المسيو هسي ڤيڤيان قنصل جنرال الدولة المشار إليها بالقطر المصري، والحكومة الخديوية لدولتلو (شريف باشا) ناظر خارجيتها بعقد الشروط الآتية وهي:
البند الأول
مع حفظ وإبقاء الاشتراطات المعبر عنها بالبندا لخامس من هذه المعاهدة، تتعهد الحكومة الخديوية بانهمن تاريخ تنفيذ هذه الشروط ومن تاريخ إقرار حكومة دولة الإنجليز رسميا على تسلط الحكومة المصرية على أراضي سواحل الصومال تبقى مدينة (بربره) ومينة (بلهار) بصفة مينئين ممتازتين إذا لم يكن سبق اتخاذ التدابير اللازمة لغاية الآن لذلك..
وكذلك تتعهد الحكومة الخديوية بألا تعطي في هاتين المينيئين أي احتكار أو أي التزام كاف لأحد ما، ولا ترخيص بإجراء شيء مما يعطل حركة التجارة فيهما، وألا تؤخذ عوائد جمارك على البضائع الواردة إليها زيادة من خمسة في المائة – وعلى البضائع الصادرة إلى جهتي تاجورة وزيلع، وكذلك في سائر سواحل بلاد الصومال زيادة عما هو جار أخذه في مدينتي بولهار وبربره، وبشرط أن يكون التابعون لدولة الإنجليز وسفنها معاملين كتبعية دولة متتازة في جميع جهات تلك البلاد التي تدخل تحت تسلط الحكومة المصرية.
البند الثاني
يتعهد حضرة خديوي مصر الأفخم عن نفسه، وعمن يخلفه بألا يرخص بإعطاء أية قطعة كانت من هذه البلاد التي تدخل في حوزة حكومته بطريق الوراثة، إلى أية دولة كانت من الدول الأجنبية.
البند الثالث
يكون لدولة الإنجليز حق في تعيين مأموري قنصليات في جميع المين والجهات الموجودة علىس احل البلاد المذكورة، ويكون مأمور القنصليات السابق ذكرهم متمتعين بجميع الامتيازات والمعافات.. وسائر المزايا المعطاة، والتي يمكن إعطاؤها إلى سائر مأموري قنصليات أي دولة ممتازة، ولا يسوغ تعيين مأموري قنصليات من أهالي تلك البلاد أو من أهالي البلاد المجاورة لها.
البند الرابع
أما بخصوص تجارة الرقيق، وأمور الضبط والربط في عمدية تلك البلاد فالحكومة الخديوية تقضي بمنع تصدير رقيق من الجهات المذكورة وتمنح تجارته كما في سائر أقطارها.
وأن نلاحظ أمور الضبط والربط فيها لغاية بربرة، وكذلك ليس على الحكومة الخديوية من الآن، لغاية ما تنظم أمور إدارتها في جميع الجهات من بربرة إلى رأس حافون، سوى أن تلتزم بإجراء جميع ما في إمكانها لمنع تجارة الرقيق، وحفظ أمور الضبط والربط.
وقد قبلت الحكومة الخديوية أن تكون سفن الإنجليز أيضا مأمورة بملاحظة منع تجارة الرقيق، وأن تضبط وترسل إلى المجالس المختصة بهذا الأمر جميع السفن التي نراها مشتغلة بهذه التجارة، أو تكون مشبوهة بالاشتغال بهذه التجارة، وفي جميع السواحل الموجودة بالصومال التابعة للقطر المصري.
البند الخامس
تعتبر هذه الشروط متممة وواجبة التنفيذ، عندما تتعهد جلالة الحضرة الشاهانية إلى حكومة دولة الإنجليز تعهدا رسميا تاما بأن لا تعطي بأي وجه كان إلى أي دولة كانت من الدول الأجنبية، أي قطعة من سواحل بلاد الصومال، أو من سائر البلاد التي أدخلت في حوزة الحكومة المصرية، وصارت جزءا من ممالك الدولة العلية المعطاة إلى الحكومة المصرية، أو أية نقطة من القطر المصري، أو من البلاد التابعة له بطريقة الوراثة إلى أية دولة أجنبية، وعلى ذلك صار عقد هذه الشروط، ووضع كل من الطرفين إمضاءه.
شريف، هسي ڤيڤيان
تحريرا بالإسكندرية في 7 سبتمبر 1877
غردون وتفكيك الوحدة الصومالية
في مقابل توقيع الاتفاقية السابق ذكرها عين غردون باشا حكمداراً على السودان، لكسب ود بريطانيا، ولكن إسماعيل خديوي مصر بسياسته في تعيين الأجانب في المراكز الهامة من البلاد قد أساء إلى مصر، بل أساء إلى نفسه.
واعتبارا من 4 صفر 1294 هـ/1877م أصبح غردون حكمداراً رسمياً للسودان، وبعد إثنى عشر يوما أضيفت إليه زيلع، وبربره، وهرر، وتجرة، مع بقاء مديري هذه الجهات كما هم (رؤوف باشا على هرر، أبو بكر باشا شحيم الصومالي على زيلع، ورضوان باشا على بربره) وكل منطقة وملحقاتها من المدن والقرى على أن يتعاون الجميع لما فيه الخير للأمة الصومالية، وتدعيم الوحدة الإسلامية.
وما أن تولى غردون حكمدارية السودان وملحقاتها، حتى قام بسلسلة من الأحداث التي تشير إلى أن سياسته لخدمة المصالح البريطانية أولا وأخيرا، واتضحت هذه السياسة حينما قام بعزل الحكام المصريين المسلمين لتعيين حكام أجانب مسيحيين في داخل السودان، ثم اتجه إلى الصومال فطلب عزل الحكام الموثوق بهم وتعيين حكام جدد، فبدأ عمله بعزل رؤوف باشا حكمدار هرر في 12 مايو 1878، وجعل رضوان باشا مديرا عاما على هرر والسواحل، وعين أحمد رامي بك وكيلا له في هرر كما عين يوسف ابن الأمير أحمد مديرا على مديرية هرر.
ومن الغريب حقا ان غردون باشا سبق له أن كتب خطابا في مدح رؤوف باشا حينما كان يعمل معه في مديرية خط الاستواء وكان الخطاب إلى نوبار باشا في القاهرة بتاريخ 5 سبتمبر 1874، غير انه بدأ يذم رؤوف باشا حينما أدرك أن رؤوف يحتل مكانة ممتازة في قلوب الصوماليين، وخشي أن يمتد نفوذه ويدعم من قوة الصوماليين كدولة مسلمة يمكنها أن تعرقل أي سياسة استعمارية تقوم بها بريطانيا على ساحل الصومال، إذا ما أرادت احتلال أي جزء من أراضيها، وظهر الأمريكي مديرا على هرر، فقامت البلاد بثورة وأعلنت أنها لا توافق على أن يكون رئيسهم مسيحيا وأنه لا حاكم غير رؤوف باشا.
وفي 7 أكتوبر قام غردون بطلب فصل رضوان باشا وعودته إلى مصر، رغم أن غردون نفسه هو الذي رشح رضوان باشا من قبل لهذه الوظيفة (حكمدارية هرر)، كما طلب فصل (أبى بكر باشا) شحيم الصومالي وإرساله إلى الحديدة (نفي).
ولكي يثبت غردون أن الصومال عبء على الخزانة المصرية كتب تقريرا عن أحوال الصومال يقول فيه أن بربره لا مستقبل لها، وبلهار لا تصلح لأن تكون ميناء للتصدير، ويجب إغلاقه، وتاجورة لا ينتج من إدارتها أي شيء، وأشار إلى أهمية بربره بالنسبة لعدن، وأنه يجب فرض ضرائب على الصادرات الصومالية من مواشي وأغنام وبضائع. ولعله أراد أن يظهر الصومال الفقير في ظروفه الطبيعية، وفي إنتاجه وفي الوقت نفسه يطالب بفرض ضرائب على الصوماليين لكي تقوم ثورة شعبية لكثرة الضرائب مما يتيح فرصا لبريطانيا للتدخل في شئون بربره.
تقرير غردون باشا، يوليو 1877
ترجمة تقرير غردون باشا عن بربره وزيلع وتاجوره وهرر محافظ الF.O. يوليو 1877
مدينة لا تبشر بمستقبل زاهر.. طالما أن عدن موجودة كميناء هام في مدخل البحر الأحمر وقد صرف على بربره منذ وجود المصريين بها المبالغ التالية (بالجنيه المصري):
21.000 | الفنار | 24.000 | عملية توصيل المياه |
9.000 | المرسى | 1.000 | الجمرك |
1.300 | الجامع | 1.000 | ديوان الحكومة |
8.000 | صهاريج المياه | 1.200 | المستشفى |
1.000 | أفران الخبز | ||
إجمالي المصاريف | 60.000 |
وإذا أضفت إلى هذا مصاريف صيانة الباخرتين بها ومقررها 14.000 جنيه ومصاريف الحامية المكونة من 6 بلوكات وقدرها 25.000 جنيه تصبح التكاليف العامة 99.300 جنيه ويصرف شهريا على الفنار مبلغ 65 جنيه لماهيات العمال ومصاريف الصيانة، ويقال أن الرسوم التي حصلت على الفنار منذ إنشائه لم تتعد سنويا 100 جنيه.
وإذا أنقصنا الحامية بربره إلى 250 رجلا. واستبدلنا الوابورين البخاريين بباخرة صغيرة – تنخفض المصاريف السنوية إلى 8.000 جنيه ولكن يجب ألا يشتري اللوازم الأميرية عن طريق (علي بك حسن) بعدن لارتفاع الأسعار التي يوردها.
هذا على أن صادرات بربره إلى عدن تبلغ من الأغنام والمواشي سنويا 60.000 خروف، 10.000 بقرة، فإذا وافقت الحكومة وبريطانيا على تحصيل 3 قروش على كل خروف و 25 قرشا على كل بقرة تحصل على 1.800 جنيه ضريبة على الخراف، 2.500 جنيه على البقر، فيكون المجموع المحصل 4.400 جنيه في حين أن الدخل الحالي لبربره من الجمرك لا يتعدى سنويا 200 جنيه.
وأعتقد أنه غير مجد الاستمرار في الاحتفاظ ببلهار كميناء ثاني للتصدير – وحتى تجار عدن أنفسهم اعتقدوا أنهم يفضلون قفل بلهار على أن تبقى بربره فقط كميناء لتصدير..
ميناء له بعض الأهمية، ومصاريفه الآن مع وجود بلوك كامل به تصل إلى 3.600 جنيه سنويا ولكن إذا أخفضنا الحامية إلى نصف بلوك – كما يرى ذلك أبو بكر باشا ورضوان باشا تنزل المصاريف إلى 2.400 جنيه سنويا. والمتحصل من زيلع سنويا 4.218 جنيها.
ولذلك يمكن أن يكون فائض الإيراد السنوي على المنصرف ما يقرب من 1.800 جنيه وهذا المبلغ يمكن صرفه في تحسين حال المدينة وبناء المديرية وفي عملية مد مواسير المياه، التي تبعد عن المدينة بما يقرب من 4.000 متر.
تدخل مصاريفها في ميزانية زيلع، لكن لا ينتج عنها إيراد في حين أن مصاريفها السنوية تبلغ 800 جنيه.
كما أعتقد ستصبح من أهم الأقاليم إذا مهد الطريق بينها وبين زيلع، فهذا الطريق مفزع ومتعب، ولذا فقد أمرت بصرف 200 جنيه فورا لتحسينه.
وحامية هرر تقرب من 3.000 عسكري وهم في حالة حسنة من حيث المسكن والمأكل، وقد أخذت على عاتقي مسئولية الأمر بأن لزوجات العساكر المتزوجين الذرة من الحكومة، وذلك بقصد تشجيع العساكر على الزواج لأن ذلك يجعلهم أحسن حالا..
ومصاريف الحكومة على هرر تبلغ سنويا 13.000 جنيه والإيرادات السنوية 17.500 جنيه وهذا يحقق وفرا سنويا قدره 4.500 جنيه
وأرى أن تصرف الزيادة على تحسسين حال هذه البلاد وتتكفل الحكمدارية السودانية بسداد العجز الناتج من زيادة مصاريف بربره عن إيراداتها.
غردون والقوى الإسلامية
اتخذ غردون سياسة هدامة لتحطيم القوى الإسلامية في الصومال، كذلك اتخذ هذه السياسة في السودان، فقام بتعيين امين بك الألماني على مديرية خط الاستواء والإيطالي رومولو جيس في بحر الغزال والإيطالي ساواليا في دارفور والنمساوي سلاتين في كردفان (وكان عمره 25 عاما)، وبذلك أنشأ شبكة من القوى المسيحية في السودان كما هو الحال في الصومال، وهو يهدف إلى تحطيم الحلقة الإسلامية الوحدوية التي تبنتها مصر، وسخرت كل قواها البشرية والمادية في سبيل إنجاحها.
ويذكر المؤرخ Hell's في كتابه (غردون في وسط أفريقيا) (1874/1879) أن غردون قال في 9 أغسطس 1878 ق (إنني أوجه كل وم ضربات مميتة ضد تجار الرقيق، وقد أنشأت من أجل ذلك نوعا من حكومة الإرهاب، فحكمت بالإعدام شنقا، وأني لن أطلب الإذن بذلك من أحد ولا يهمني أن يوافق الخديوي أو يعارض).
فالواقع أن سياسة غردون تسير وفق مخطط سياسي من عزل الحكام المسلمين، وتعين حكام مسيحيين، ومنح الامتيازات للأجانب وخاصة المبشرين، وعمد إلى سياسة القتل داخل ماسماه حكومة إرهابية وغير ذلك مما يدعو الناس إلى الثورة ضد الحكم المصري، ومما يعطي بريطانيا فرص العمل لإخراج مصر من هذه الدول،وقتل الوحدة الإسلامية بتدخل بريطانيا في صورة المنقذ والداعي للسلام، والمحافظ على الاستقلال. ومن أجل تبادل المنافع. فإذا ما استوى لها الأمر أعلنت الحماية على هذه البلاد، وهذا فعلا ما سنراه في الدراسة القادمة.
ويذكر المؤرخون أن إبرام المعاهدة البريطانية المصرية بشأن سواحل الصومال لم يكن عملا حكيما من جانب مصر، لأنها كانت السبب الرئيسي في ضياع الصومال وتمزيق الوحدة الإسلامية في مهدها. كما كان تعيين غردون باشا الإنجليز حاكما على السودان والصومال هو المرحلة العملية لضياع الصومال والسودان، وتمزيق الوحدة الإسلامية، وغن كان الخديوي قام في عام 1879 بعزل غردون وعين محمد رؤوف باشا خلفا له على السودان وعين محمد نادي باشا حاكما على زيلع، وبربره، وتجرة، وهرر فقد كان ذلك بعد فوات الأوان. وأدركت بريطانيا أن التقسيم الإداري الجديد الذي أطاح بغردون وجعل من هرر حكومة قائمة بذاتها لتكون قاعدة للوحدة الصومالية تحت إمرة محمد نادي باشا، مما يضر بالمصالح البريطانية في عدن نفسها، ولذا أرسلت مندوبا عنها إلى الخديوي تطلب أنيصدر أوامر مشددة صارمة بخصوص تجارة الرقيق، قبل إجراء تعيين أحخد لمنصب الحاكم العام وأرادت من وراء هذا الستار المقنع بمنع تجارة الرقيق أن تقوم بحملات تفتيشية للسفن أيان كان نوعها.
وعلى أية حال لم تستمر الإدارة المصرية في سياستها الوحدوية لدول الإسلامية الإفريقية التي نادت بها، وقامت من أجلها بصرف مبالغ طائلة منذ القرن التاسع عشر، ويرجع فشل الأماني المصرية إلى سوء الإدارة في مصر ذاتها، أو في الدول الإسلامية التابعة لمصر، لاحتلال الأجانب لأهم المراكز في الدولة الاتحادية الإسلامية، فثورة المهديين في السودان، وثورة العرابيين في مصر، وتدخل الإنجليز في شئون السودان، وعودة الحكم الرجعي في مصر، بكل هذا أصبحت البلاد الإسلامية التي كانت متحدة مع مصر بدون حامية مصرية مسلحة مما مكن لبريطانيا والدول الاستعمارية الأوروبية، أن تقوم بمناورات على الساحل الصومالي لإجلاء المصريين، وإيجاد مناطق نفوذ على ساحل الصومال، ونشر التعاليم المسيحية فيها.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
جلاء الإدارة المصرية عن ساحل الصومال وهرر
بعد إعلان الحماية البريطانية على مصر، بدأت المناورات البريطانية على ساحل الصومال، منها ذلك الادعاء الصادر من الميجر هنتر المقيم السياسي البريطاني في عدن، قال في ادعائه الكاذب: أن منيلك ملك شوا مع قبائل الجالا يعملون على احتلال هرر وأن القبائل الصومالية في زيلع، وبربره، تنادي بإخراج الحاميات المصرية منها، ولذا رأى هنتر أن تتدخل بريطانيا في جنوب عدن والساحل الصومالي، بهدف إيجاد وسيلة لضمان موارد ثابتة لعدن.
وفي القاهرة ظهر ادعاء آخر من جانب القنصل العام في مصر مؤيدا لادعاءات هنتر قال فيه : (إن حكومة الخديوي لا تستطيع الاحتفاظ بالأقاليم التابعة لها في أفريقيا سواء في الصومال أو على حوض النيل).
وقامت بريطانيا بإرسال بعض وحدات الأسطول البحري غلى مواني بربره، وزيلع، لإجراء مناورات بحرية، وعللت بريطانيا موقفها في 29 مايو 1884 بأن سواحل الصومال كانت تحت الإدارة المصرية بدليل رفض تركيا التصديق على معاهدة 1877، وأن الباب العالي قد باشر حقوقه وسيادته على الجزء الممتد من باب المندب إلى زيلع، أما القسم الذي يبدأ من زيلع إلى رأس حافون فلم تعترف به بريطانيا. مع أن بريطانيا نفسها اعترفت بذلك في اتفاقية 1877 مع مصر بسلطة مصر تحت السيادة العثمانية على كل السواحل الغربية للبحر الأحمر، والجنوبية لخليج عدن حتى رأس حافون.
وقامت بريطانيا باقتراح دعوة الباب العالي، أن يباشر سلطته بعد انسحاب الإدارة المصرية، على أن يتعهد بإلغاء تجارة الرقيق، وعدم أخذ رسوم جمركية في تاجور، وزيلع، أكثر مما حددته الاتفاقية المصرية الإنجليزي في عام 1877، غير أن الباب العالي رفض الشروط البريطانية التي تحد من سلطة تركيا كدولة مستقلة ذات سيادة، وكان رد الفعل أن أعلنت بريطانيا أن اتفاقية عام 1877 تعتبر ملغاة. وفي نفس الوقت قامت باحتلال الجزء الممتد من زيلع، إلى رأس حافون، بحجة المحافظة على النظام، وحماية المصالح البريطانية في بربره، وعهدت إلى الميجر هنتر بأن يقوم بالترتيبات اللازمة لجلاء الإدارة المصرية عن ساحل الصومال، والقيام بعقد اتفاقيات مع شيوخ القبائل الصومالية، قبل رحيل الإدارة المصرية، رغم ما في ذلك من مخالفة للقانون الدولي، فكيف يمكن عقد معاهدات أو اتفاقيات قبل أن يحصل الشعب على استقلاله وسيادته.
وأراد هنتر أن يغزو بربره، بعد أن زودته السلطان البريطانية في الهند بسفينتين بريطانيتين ومائة رجل مسلح، ولكنه شعر بتكتل الشعب الصومالي والحامية المصرية في بربره واستحالة غزو بربره، فعاد إلى عدن وجمع ساريتين من المشاة الهنود، وبطارية مدافع ومائة من الخيالة بذخائر ومهمات حربية، وأقام معسكرا على ساحل عدن في انتظار الأوامر من لندن لغزو بربره، والدخول في حرب مسلحة مع المصريين والصوماليين على حد سواء.
وفي رسالة بعث بها المسيو برتران نائب القنصل الفرنسي في عدن إلى المسيو جول فيري في 31 يوليو سنة 1884 (إن ثلاثة من الشيوخ الخمسة من قبيلة هبر أول الذين تحدثوا مع الميجر هنتر بشأن الاتفاق مع بريطانيا، قد اتجهوا إلى القلعة، وأنزلوا العلم البريطاني الذي كان قد رفع أخيرا عليها وأعلنوا بمجرد وصولهم إلى الصومال، أنهم لن يوافقوا أبدا على رؤوية الأجانب في بلادهم).
غير أن بريطانيا لجأت عن طريق سفيرها في القاهرة السير ايفلين بارنج بالضغط على مصر – التي كانتت حت الاحتلال البريطاني – لكي تصدر الأوامر بإجلاء الإدارة المصرية عن بربره، تمهيدا لإقامة الاحتلال البريطاني على الساحل.
أما عن هرر فقد كان نوبار باشا يعارض فكرة إخلائها، ولكنه وجد أن الحكومة المصرية قبلت إخلاء السودان، وتحت ضغط بريطانيا طلبت مصر من الحامية الموجودة في هرر الانسحاب من هرر تحت إشراف الميجر هنتر.
وتقدم أهالي وتجار هرر باحتجاجات وطلبات بشأن بقاء الإدارة المصرية وهذا نص الاحتجاج :
عريضة مقدمة إلى حكمدار عموم هرر، في 16 أغسطس 1884-شوال 1301، من الأعيان والعلماء والأهالي والتجار الوطنيين بهرر: