إبراهيم المازني
إبراهيم المازني | |
---|---|
الاسم الأصلي | إبراهيم عبد القادر المازني |
وُلِد | 19 أغسطس 1890 القاهرة، مصر |
توفي | 10 أغسطس 1949 القاهرة، مصر | (aged 58)
الوظيفة | شاعر وكاتب |
الفترة | 1963–2014 |
الصنف الأدبي | الشعر، الأدب |
إبراهيم عبد القادر المازني (19 أغسطس 1890-1949 م) أديب وجودي مصري ساخر. يعد من رواد مدرسة الديوان ومن مؤسسيها مع عبد الرحمن شكري و عباس العقاد.
ولد في القاهرة في 19 أغسطس 1890. وأصل أسرته من (كوم مازن) مديرية المنوفية. والده إسمه محمد عبد القادر المازني المحامي الذي حضر العلم في الأزهر ، وسافر إلى فرنسا وكان مزواجا ، له ولع خاص بالتركيات وتزوج أربع مرات. ابراهيم المازني كان ضئيل الجسم وبه عرج في مشيته وقصير القامة.
دخل المازني المدرسة الإبتدائية بالناصرية ، وأتم دراسته الثانوية بالمدرسة الخديوية. كان يتطلع إلى أن يكون طبيبا مشهورا ، ويكون له دخل مالي محترم ،، تقدم إلى مدرسة الطب ولكنه بعد فترة قصيرة إكتشف نفوره من جثث الموتى ومن تشريحها. وهجر دراسة الطب وفي نفسه صدمة ، وأخذ يندب حظه العاثر. ورغب في الإلتحاق بدراسة الحقوق. لا بأس فقد كان لخريجي الحقوق. في ذلك الزمان – أمل في الحكم والسياسة ، وبعد أن إتخذ خطوات الإلتحاق إكتشف أن حالتهم المادية لا تسمح. فالأب قد رحل والأخ الأكبر بدد أموال الأسرة. وإنتهى به الأمر والتشاؤم يخيم عليه وسوء البخت ينكد عليه ،وإلتحق على غير رغبته بمدرسة المعلمين وتخرج فيها عام 1909م ، وعين مدرسا للترجمة بالمدرسة السعيدسة وكان عمره على مشارف العشرين. والتلاميذ كبار ومن عائلات لها وضعها الإجتماعي فماذا يفعل معهم وهو صغير السن ضئيل الجسم والحالة الإجتماعية متواضعة ، وعرجه يدعو إلى سخرية التلاميذ منه. وبدأ الهجوم – وخير وسائل الدفاع الهجوم – إستخدم الشدة والقسوة والسخرية مع الكبار من التلاميذ و(إضرب المربوط يهرب السايب) وصبر على بلواه – فهو يكره التعليم – خمس سنوات إلى أن إستقال من العمل في مدارس وزارة المعارف عام 1914. ولكن وراء هذه الإستقالة قصة سببها سخرية المازني من شاعر النيل "حافظ إبراهيم".
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
عمله في الصحافة
كان "إبراهيم عبد القادر المازني" قد بدأ الكتابة في الصحف عام 1907م في (الدستور) وصاحبها "محمد فريد وجدي" ، وهناك تعرف على "عباس محمود العقاد". المهم أنه إنطلق في السخرية والهجوم على حافظ إبراهيم، وأحمد شوقي، ومصطفى لطفي المنفلوطي، وعبد الرحمن شكري "رغم صداقتهما" وعلى د. طه حسين. ويقول المازني: "إن حافظ إبراهيم كان أثيرا لدى "أحمد حشمت باشا" وزير المعارف (23 فراير 1910 - 20 نوفمبر 1913) في وزارة "محمد سعيد باشا". وحشمت باشا، حسب رواية المازني، هو الذي عين "حافظ إبراهيم" في دار الكتب عام 1912. المهم أن "حشمت باشا" أصدر قرار بنقل صاحبنا "المازني" إلى دار العلوم. وكان المازني رغم ظروفه معتزا بنفسه فقدم إستقالته من مدارس وزارة المعارف وإنصرف يعمل في المدارس الأهلية. وظل يقاسي هكذا لمدة أربعة أعوام إلى أن توسط له صديقه "عباس محمود العقاد" ليعمل مترجما بجريدة "وادي النيل" عام 1918 وأخذ "العقاد" و"المازني" سعدان لعملهما الشهير "الديوان" والذي عرفا به فيما بعد "مدرسة الديوان" أو جماعة الديوان. ونسجل هنا أن "عبد الرحمن شكري" لم يكتب حرفا واحدا في "الديوان" ، وعلى الرغم من ذلك فإن بعض الباحثين يكتبون عن "الديوان" ويسجلون أسماء العقاد والمازني وشكري على أنهم أصحابه. أو يهاجمون الثلاثة على ما كتبوه في هذا "الديوان". ، المهم أن الديوان صدر في جزأين، الأول في شهر يناير 1921، والثاني صدر في فبراير من السنة نفسها، وهو يعبر عن مدرسة التجديد المتأثرة بالثقافة الإنجليزية التي إنتمى إليها العقاد والمازني.
وفي الديوان – كما هو معروف – شن العقاد حملة قاسية على أمير الشعراء "أحمد شوقي" وشن المازني حملة شعواء على "عبد الرحمن شكري" وعلى "مصطفى لطفي المنفلوطي" ، وهدانا البحث إلى أن حملة المازني على شكري كانت بسبب أن "شكري" كان قد كشف عنما تورط فيه "المازني" من الإغارة على بعض الأعمال الأدبية التي أبدعها بعض شعراء الإنجليز. وإن كان الفارسان "العقاد-المازني" قد حملا علم الثورة على القيم البالية في الفكر والأدب ، فإن بعض النقاد الذي نطمئن إلى أحكامهم يقللون من القيمة الفنية للأحكام التي صدرت في الديوان. وإنتهى الأمر مع مسيرة الأيام أن إعتذر المازني عن هجومه على شكري ولم يخفف العقاد من خصومته لأحمد شوقي.
لماذا السخرية؟
هذه السخرية التي عرفت عن "المازني" لها بواعثها ولها إيجابياتها. أما البواعث أو الأسباب فقد عرضنا لها فيما سبق من حديث. قبض الريح الذي وصل إليه بعد أن وجه قلبه إلى المعرفة. وبنى لنفسه الأمال والأحلام من كل نوع ، وكان نصيبه من كل ما بقى هو "قبض الريح". وهذه العبارة وردت في "العهد القديم" من (الكتاب المقدس) في سفر الجامعة، وهو ما يمكن أن نسميه الإسم الحركي للنبي "سليمان" إبن النبي "داود". ويقول "الجامعة": "باطل الأباطيل وقبض الريح". وهو ما وصل إليه "المازني" في قوله بعبارة أخرى: "لقد أسفت على عمري الذي أضعته في الإشتغال بالأدب". وواضح تأثر "المازني" من الناحيتين الأدبية والفنية في عبارات "الجامعة"، والتي إنتهى هو أيضا إلى قوله: "لا جديد تحت الشمس".
وقد تأثر "المازني" أيضا بإبن الرومي ، وقرأ له كثيرا وهو ما نعرف من التشاؤم والتطير ، وما يدفع قارئه إلى السخرية الممزوجة بالتشاؤم. و"المازني" ساخر بطبعه. ومرح يحب النكتة ، يسرها في أحرج المواقف حتى ينفس عما بداخله حماية له من اليأس والضغوط. وهكذا إنتهى المازني إلى السخرية التي عرف بها حتى في عناوين أعماله.. (خيوط العنكبوت ، وقبض الريح ، وحصاد الهشيم ، وصندوق الدنيا). وبيته كان يقع (قريبا من عين الصيرة) ، وعلى بعد بضعة أمتار من الطريق الممهد المرصوف الذي يخترق الصحراء بين الإمام ومسجد عمرو ، وكان لهذا الموقع أثر كبير في نفس المازني. فقد كان في ذهابه وإيابه يمر على المقابر وهو مشهد أورث نفسه إنقباضا. وروى لنا أنه وجد أمامه شبحا أو رجلا لا يدري يجري خلفه فجرى المازني ولكنه تعثر في أحد القبور ووجد نفسه ملقى على جثمان أحد الموتى ، وخيل له أنه يطوقه بذراعيه. وظل أياما يرعد من هول هذا المنظر. فإذا لم يلجأ المازني للسخرية لضاعت حياته منذ زمن ، وهذا هو الأثر الإيجابي الذي حققته السخرية في نفس المازني.
ولجأ المازني إلى السخرية من العيوب الجسدية والعقلية والخلقية لنفسه وللآخرين. وسخر من العيوب الإجتماعية والسياسية للأفراد والأمم والجماعات. ويمكن أن نقول لولا السخرية عند المازني لكان قد مات قبل وفاته بزمن طويل خوفا أو كمدا أو إكتئابا بفعل كل الظروف التي مر بها ، جسدية وأسرية وحياتي. لقد أفرغ طاقته الساخرة في الإستخفاف والمرح ، ولا يبالي أن يجعل من الكتاب الذي ينقده أضحوكة مثيرة. وهذا نراه في نقده للدكتور طه حسين ، ولمصطفى لطفي المنفلوطي ، ولأشعار عبد الرحمن شكري ، ونقده لأحمد شوقي ، ويقال أن شوقي يقصد المازني ببيت الشعر الذي قاله:
- إذا ما نفقت ومات الحمار أبينك فرق وبين الحمار!
مؤلفاته
كتب المقالة
ترك المازني للثقافة العربية عديدا من كتب المقالة نذكرها أو نذكر منها:
- بشار بن برد –
- حصاد الهشيم
- خيوط العنكبوت
- ديوان النقد بالإشتراك مع عباس محمود العقاد
- رحلة الحجاز
- رحلة إلى شعر حافظ
- الشعر غايته ووسائله
- صندوق الدنيا
- في سبيل الحياة
- قبض الريح
الأعمال القصصية
- إبراهيم الكاتب
- إبراهيم الثاني
- أقاصيص
- ثلاثة رجال وإمرأة
- ع الماشي
- عود على بدء
- في الطريق – من الناقة – ميدو وشكراه – إبن الطبيعة .. ترجمة..)
الشعر
وصدر له ديوان المازني في جزأين 1913 و 1915.
وسخرية المازني نوع من الفكاهة الراقية التي تحتاج إلى قدر كبير من الذكاء والدهاء. وكان يحاول أن يسير في هذا المجال على طريق إبن الرومي والمتنبي. وكان "العقاد" يرى أن السير وراء سخرية المازني من نفسه، ومن أعماله الأدبية هو أن المازني يستصغر حياة الإنسان في جانب مصائر الأقدار. كان من الطبيعي أن يختاره المجمع العلمي (مجمع اللغة العربية بدمشق) عضوا مراسلا، وأن يختاره مجمع اللغة العربية بالقاهرة عضوا عاملا عام 1947م. كان فنانا حتى أطراف أصابعه وعاش الموت في كل لحظة ، كان يبتسم إبتسامة مريرة شاحبة، وبقى منه أنه كان منحازا لدعوة "قاسم أمين" حول حرية المرأة. وكان يتمنى أن تكون له بنت حتى يربيها كما أراد قاسم أمين في تريبة البنات فتزوج من سيدة عاش معها ست سنوات، أنجب منها بنتا وماتت الزوجة ثم ماتت البنت. وتزوج مرة ثانية وأنجب ثلاث أولاد وبنتا ، ولكن البنت ماتت! وعاش حزينا لموتها.
المازني في الميزان
وفي مجال (السخرية) بقى لفرنسا "فولتير" وبقى لإنجلترا "برنارد شو" وبقى لأمريكا "مارك توين".. وأما مصر فقد بقى لها "المازني" الذي عاش في فترة شديدة القلق والإضطراب. شهد أشد موجات من الغضب ، فواجه كل يوم موجات من الكبت والقهر والتحطيم الإرادة.
وكانت الحياة الأدبية حافلة بصور من التناقض الذي شمل هذه الفترة. أنصار القديم لا يرغبون في التجديد. ويقابل هذا المدرسة المحديثة التي إنتمى إليها "المازني" ، وكان يجيد اللغة الإنجليزية التي عاونته في الإطلال على الثقافة الإنجليزية. كما أنه تأثر بالأدب الروسي في فترة الإستعداد لثورة أكتوبر 1917.
تحول من التدريس للترجمة ، وتحول إلى الترجمة وهو يعمل بالصحافة. ومن خلال الصحافة كتب المقالات وكتب القصة وأنشد الشعر. ومن الطريف أنه أعلن أنه ترك الشعر منذ عام 1930. وبعد وفاته وجد أهل بيته قصائد كتبها بعد عام 1930. لقد إستمر في صنع المقالب حتى لنفسه ولأهله.
عاش ومات في شقة متواضعة بحي العباسية. وأما سيرة حياته فنجدها متفرقة في روايته (إبراهيم الكاتب) ، وفي (خيوط العنكبوت) ، وفي (صندوق الدنيا). ومثقف أتعب نفسه وأتعب معجبيه من بعده. وترك لنا تراثا خصبا وكانت له فلسفة. وأصبح الأدب عنده هو التعبير عن الحياة بوجهها الجاد أو بوجهها الساخر. وأمورها الجليلة ، أو أمورها المتواضعة. وفي الوقت الذي أدخل فيه المازني بعض الألفاظ العامية في لغته الأدبية. فإنه إستخدم أيضا بعض الكلمات باللغة الفصاحة. ويقول في ذلك: " اللغة أداة ليس إلا ، ووسيلة للعبار بما في النفس لا أكثر ولا أقل".
وفي النهاية، سيبقى المازني رائدا للثقافة. سلطانا للسخرية ، مبتدعا القصة النفسية في الأدب العربي. قال في قصة حياته: "كنت أشتهي أن أكون أخر من في الدنيا لأشهد مصرعها بعيني؟"
وفاته
توفي المازني في مدينة القاهرة في 10 أغسطس 1949.
الأسانيد
- أنيس منصور: هؤلاء العظماء ولدوا معا.
- د. حامد عبده: السخرية في أدب المازني.
- د. بدروي طبانة: مجلة (القاهرة) العدد 104.
- محمد المهدي: مجلة (القاهرة) الهعدد 105.
- صلاح عبد الصبور: روزاليوسف 11/9/1961.
- د. مهدي علام: المجمعيون في خمسين عاما.
- د. نعمات أحمد فؤاد: إبراهيم عبد القادر المازني.
- لمعي المطيعي: رجال من مصر، دار الشروق، 2006.