معركة رشيد

معركة رشيد
جزء من حملة الإسكندرية 1807 و الحروب الناپليونية وحملات محمد علي باشا
Fraser in Rosetta.jpg
معركة رشيد 1807
التاريخ18 مارس – 25 سبتمبر 1807
الموقع
النتيجة

نصر مصر-عثماني

المتحاربون
المملكة المتحدة المملكة المتحدة

 الدولة العثمانية

القادة والزعماء
المملكة المتحدةالجنرال ألكسندر مكنزي-فريزر
المملكة المتحدةالكاپتن بنجامن هالووِل RN
المملكة المتحدة الميجر-جنرال پاتريك واتشوپي، من إدمون‌ستون  [1]
البريگادير المبجل روبرت ميد  (ج.ف.م)[2]
الدولة العثمانيةمحمد علي باشا
الدولة العثمانيةعمر مكرم
القوى
6,000 جندي نظامي 4,000 مشاة (فرقة طبوز أوغلو), 1,500 خيالة (فرقة حسن باشا)، 700 مشاة (حامية رشيد) وعدد كبير غير معروف من غير النظاميين (فلاحين).
الضحايا والخسائر
+900 قتيل، 282 جريح و 520 أسير غير معروف

معركة الحماد، هي احدى معارك حملة الإسكندرية 1807، وقعت في 31 مارس 1807 بين القوات الإنگليزية بقيادة الجنرال فريزر وقوات الجيش المصري بقيادة محمد علي باشا.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

أحداث المعركة

كانت خطة الإنجليز في القتال أن يزحف المماليك على القاهرة فيحتلوها، وأن يحتل الانجليز بمعاونة أسطولهم ثغور مصر ويزحفوا الى الداخل ويبسطوا أيديهم على حكومة البلاد مستعينين بصنائعهم المماليك. [3]

وقد تلقى الجنرال فريزر وهو بعد في الاسكندرية تقريرا من المستر بتروتشي قنصل إنجلترا في رشيد عن حالة مصر واحصاء ما بها من القوات، فأمعن النظر في هذا التقرير ودرس الموقف بمقدار ما بلغ اليه علمه، ثم اعتزم الزحف على رشيد لاحتلالها واتخاذها قاعدة حربية يتزود منها الجيش ومنها يزحف الى داخل البلاد، وعهد بهذه المهمة الى الجنرال ويكوب وانفذه اليها في قوة من 2000 جندي.

تحرك هذا الجيش من الاسكندرية يوم 29 مارس قاصدا رشيد، فكانت تحت اسوارها في اليوم التالي، وأخذ يتأهب لدخولها صبيحة يوم 31 مارس.

كان محافظ رشيد وقتئذ يدعى علي بك السلانكلي، وهو رجل شجاع ثاقب النظر يختلف كثيرا في أخلاقه عن أمين أغا حاكم الاسكندرية، وتحت أمره نحو سبعمائه جندي، فعزم على مقاومة الجيش الانجليزي معتمدا على قوة الحامية وعلى مشاركة الاهالي في الدفاع عن المدينة، ولاجل ان يبعث الحمية في نفوس جنوده ويحملهم على الاستبسال في القتال أمر بابعاد مراكب التعدية الى البر الشرقي للنيل حتى لا يجد رجال الحامية وسيلة الى الارتداد اذا حدثتهم نفوسهم أن يسلموا كما سلمت حامية الاسكندرية، فلما تم له نقل جميع المراكب وشعر الجنود والاهلون عند اقتراب الجيش الانجليزي أن البحر من ورائهم، والعدو من أمامهم، صحت عزيمتهم على المقاومة الى النهاية، وامر علي بك ان تتراجع الحامية الى داخل المدينة وان يعتصموا هم والاهلون بالمنازل مستعدين للضرب وألا يبدوا بحركة ما إلا عندما تصدر لهم الاشارة باطلاق النار.

فتقدم الإنجليز، ولما لم يجدوا أثرا للمقاومة خارج البلد اعتقدوا أن حاميتها قد اعتزمت اخلاءها وتسليمها محتذية بما فعله أمين أغا محافظ الاسكندرية، فدخلوا شوارع المدينة مطمئنين، وكانوا قد أعياهم السير في الرمال من الاسكندرية الى رشيد ، فانتشروا في الطرق والاسواق يرتادون أمكنة يلجأون اليها ويستريحون فيها، ولكنهم ما كادوا يجوسون خلال الديار وتشتمل المدينة عليهم، حتى أصدر علي بك أمره باطلاق النار، فاقتحمهم الرصاص من كل صوب، واخذ الأهلون يطلقون النار من النوافذ والسطوح، فدب الرعب في قلوبهم، وسقط الكثيرون منهم صرعى في الشوارع، فقتل الجنرال ويكوب برصاصة أردته، وقتل الكثير من ضباطه، فاستولى الذعر على نفوس الانجليز ولاذوا بالفرار، وانتهت الواقعة بهزيمة الجيش الانجليزي وارتداد الاحياء منه عن رشيد في حالة يأس وفشل، فتقهقروا الى الاسكندرية بطريق أبو قير وبلغ عدد القتلى منهم في هذه الواقعة نحو 170 قتيلا و250 من الجرحى وأسر المصريون منهم 120 أسيرا.

19 سبتمبر 1807 تصدي أهالي رشيد بقيادة محافظها علي بك السلانكي للحملة الإنجليزية بقيادة الجنرال فريزر (حملة فريزر) وكان قد مضى عامان على تولي محمد علي حكم مصر. وكان الإنجليز انتهزوا الصراع بين الوالي محمد علي والمماليك وضعف الجبهة الداخلية. فاتفقوا مع محمد بك الألفي زعيم المماليك علي أن يؤيد الحملة البريطانية في مقابل أن تكفل انجلترا للمماليك الاستيلاء علي مقاليد البلاد. لكن الألفي مات قبل أن وصول هذه الحملة الي مصر. وكانت الخطة زحف المماليك إلى القاهرة ليحتلوها. والانجليز يحتلون بأسطولهم موانيء مصر. والبداية كان ثغر رشيد. بعده يزحفون إلى الدلتا و يحتلون القاهرة, لإسقاط حكم محمد علي. علي أن يعاونهم المماليك عملاؤهم في مصر ولاسيما جبهة الألفي بك. وكان الجنرال فريزر بالإسكندرية قد تلقي تقريرا من قنصل انجلترا في رشيد عن حالة مصر وما بها من قوات مما جعله يزحف براً إلى رشيد لاحتلالها واتخاذها قاعدة حربية لقواته.

وكُلف القائد ويكوب بهذه المهمة العسكرية، وكان معه ألف جندي ، تحركوا من الاسكندرية إلى رشيد .وكان محافظ إقليم رشيد علي بك السلانكي كل قواته ‏700‏ جندي .فعزم علي مقاومة عساكر الانجليز . واستنفر الشيخ حسن كيريت الأهالي للمقاومة الشعبية . فأمر بابعاد المراكب المصرية من أمام شاطيء النيل برشيد الي البر الشرقي المقابل عند الجزيرة الخضراء وبرج مغيزل بمركز مطوبس .

وكان الهدف منع الأهالي من ركوبها والفرار من المدينة حتى لايجد رجال حاميته وسيلة للإرتداد أو الإستسلام أو الإنسحاب كما فعلت حامية الإسكندرية من قبل .وأصبحت الحامية بين الأهالي متوارية بالمنازل داخل مدينة رشيد . و البحر من ورائهم والعدو أمامهم ولا مناص إلا القتال والمقاومة .

وأمرهم بعدم التحرك أو إطلاق النار إلا بعد صدور إشارة متفق عليها .فتقدم الانجليز ولم يجدوا أي مقاومة . فاعتقدوا أن حامية المدينة ستستسلم كما فعلت حامية الإسكندرية. فدخلوا شوارع المدينة مطمئنين. وأخذوا يستريحون بعد السير في الرمال من الاسكندرية إلى رشيد. وانتشروا في شوارع المدينة والأسواق للعثور علي اماكن يلجئون اليها ويستريحون فيها. وما كادوا يستريحون حتي انطلق نداء الآذان بأمر السلانكي من فوق مئذنة سيدي زغلول مرددا: الله أكبر. حي علي الجهاد. فانهالت النيران من الأهالي وأفراد حامية رشيد من نوافذ المنازل واسطحها‏,‏ فقتل جنود وضباط من الحملة وهرب من بقي حياً وبلغ عدد قتلى الانجليز ‏170‏ قتيلا و‏250‏ جريحا و‏120‏ أسيرا لدى حامية رشيد‏.‏ وأتي محمد علي بقواته بعدما انسحب الإنجليز للإسكندرية وفاوض محمد علي الجنرال فريزر علي الإنسحاب من مصر التي غادرها مع قواته. وأحبط أهالي رشيد المشروع البريطاني لإحتلال مصر. وأصبح يوم 19 سبتمبر العيد القومي لمحافظة البحيرة.

لم تكن معركة رشيد مجرد معركة ولم يكن نصرها مجرد نصر بل كانت المعركة التى عدّلت وغيّرت مسار الأحداث التاريخية لمصر بما ترتب عليها وبها فبها تأخر احتلال الانجليز لمصر لثلاثة ارباع قرن من الزمن وبها ثبت حكم محمد على الذى قدر لمصر أن ترى نهضتها الحديثة على يديه أى هى المعركة التى استبدلت احتلال مصر بنهضتها الحديثة .


المقاومة الشعبية

كان لأهالي رشيد النصيب الأوفر في هزيمة الجيش الإنجليزي، لأن حاميتها العسكرية كانت من القلة بحيث لا تستطيع ان تصد الجيش الزاحف، وقد سبق لنا القول أن اخبار الحملة الانجليزية قد استفاضت في مصر قبل مجيئها وعلم الناس بأمرها من الرسائل الواردة من الاستانة واخذت الثغور تستعد لمقاومتها، ولم يقبل الاهلون في رشيد او غيرها ان يطلبوا المدد من جنود القاهرة لما اشتهروا به وقتئذ من النهب والسلب اذ كان معظمهم من الأرناؤود والدلاة واخلاط السلطنة العثمانية، فآثار الأهالي أن يتولوا الدفاع عن المدينة بأنفسهم واحتملوا معظم العبء في المقاومة والقتال، قال الجبرتي في هذا الصدد: "وفي يوم الثلاثاء 7 محرم سنة 1222 (7 مارس سنة 1807) عملوا جمعية ببيت القاضي حضرها المشايخ والأعيان وذكروا انه لما وردت الأوامر بتحصين الثغور أرسل الباشا (محمد علي) سليمان أغا ومعه طائفة من العسكر وأرسل الى أهالي الثغور والمحافظين عليها مكاتبات بأنهم ان كانوا يحتاجون الى عساكر فيرسل لهم الباشا عساكر زيادة على الذين أرسلهم، فأجابوا بأن فيهم الكفاية ولا يجتاجون الى عساكر زيادة تأتيهم من مصر فانهم اذا كثروا في البلد يأتي منهم الفساد والافساد ، فعملوا هذه الجمعية لاثبات هذا القول".

يتبين من ذلك ان الاهالي ابوا أن يطلبوا النجدة من العسكر توقيا لما يقع منهم من الفساد وانهم وطنوا النفس على تحمل اعباء القتال بأنفسهم، ومما يؤيد تلك الحقيقة ان وقائع الحملة تدل على أن الحاميات العسكرية قد فر معظمها من الميدان ولم تواجه الجيش الانجليزي، فقد مر بك ما فعله أمين أغا حاكم الإسكندرية وحامية المدينة من التسليم وكذلك فعلت حامية دمنهور فانها لما بلغتها أخبار احتلال الإنجليز الإسكندرية أخلت دمنهور وانسحبت الى قوة، وحاول الدمنهوريين أن يثنوهم عن عزمهم وحرضوهم على البقاء بالمدينة لمقاومة الإنجليزي، فأبوا إلا الهرب وأرسل الأهالي الى السيد عمر مكرم ينبؤونه بفرارهم، قال الجبرتي في هذا الصدد:

"وفي 17 محرم سنة 1222 ورد مكتوب من أهالي دمنهور خطابا الى السيد عمر النقيب مضمونه أنه لما دخلت المراكب الإنكليزية الى الإسكندرية هرب من كان بها من العساكر وحضروا الى دمهور فعندما شاهدهم الكاشف (الحاكم) الكائن بدمنهور ومن معه من العسكر انزعجوا انزعاجا شديدا وعزموا على الخروج من دمنهور، فخاطبهم أكابر الناحية (الأعيان) قائلين لهم كيف تتركونا وتذهبون ولم تروا منا خلافا وقد كنا فيما تقدم من حروب الألفي من أعظم المساعدين لكم فكيف لا يساعد الآن بعضنا بعضا في حروب الإنكليز، فلم يستمعوا لقولهم لشدة ما داخلهم من الخوف وعبوا متاعهم وأخرج الكاشف اثقاله وجبخانته ومدافته وتركها وعدى وذهب الى فوه من ليلته ثم أرسل ثاني يوم في أخذ الاثقال، فهذا ما حصل أخبرناكم به".

ينتج مما تقدم ان النصر في معركة رشيد يرجع الى الأهالي وأنهم هم الذين احتملوا معظم أعباء الجهاد وأبلوا أحسن في الدفاع عن المدينة.

نتائج واقعة رشيد

كان لموقعة رشيد تأثير كبير في تطور الأحوال، لأن هذا النصر المبين قد ملأ قلوب المصريين حماسة وفخرا، وضعضع الهيبة التي كانت للإنجليز في نفوس الناس، تلك الهيبة التي جاءت من انتصاراتهم السابقة على الجيش الفرنسي في مصر وعلى الأساطيل الفرنسية فوق ظهر البحار، فلا غرو أن يبعث هذا النصر الى نفوس الشعب روح الثقة، ويحفزه إلى الإستمرار في المقاومة. ولقد كان لهذه الواقعة في نفوس المماليك تأثير بالغ فانها كانت لهم صدمة شديدة أضعفت أملهم في نجاح الحملة الإنجليزية وجعلتهم ينكمشون في معاقلهم بالوجه القبلي، وبالتالي جعلت الجيش الإنجليزي لا يتوقع المعاونة التي كانت ينتظرها منهم، فكل هذه الاعتبارات جعلت لواقعة رشيد من الأهمية شأنا بالغا في قيمته وخطره.

وقد بادر علي بك حاكم رشيد بعد الموقعة الى انفاذ الأسرى الإنجليزي الى القاهرة ومعهم رؤوس قتلاهم ليكون ذلك اعلانا للنصر الذي نالته رشيد ثم ليبعث هذا المنظر في نفوس الجنود والشعب روح الأمل والثقة، وكان يوم حضروهم يوما مشهودا.

حالة الشعب النفسية وتطوعه للقتال

تكلمنا عن نصيب اهل رشيد في المعركة التي دارت رحاها في شوارعها وفيما حاق بالجيش الإنجليزي من الهزيمة، ولقد بدت على سكان القاهرة تلك الروح التي تجلت في اهل رشيد، فمنذ أن وردت انباء المعركة الأولى استنفر الشيوخ وفي مقدمتهم السيد عمر مكرم اهل القاهرة الى التطوع للقتال، وخطب المساجد في حيث الناس على الجهاد، فاستجابوا للدعوة راضين، وأقبلوا على التطوع مختارين.

فضل السيد عمر مكرم

أخذ المتطوعون يذهبون في صبيحة كل يوم الى أطراف المدينة يعملون في حفر الخنادق واقامة الاستحكامات شمالي القاهرة لصد الانجليز اذا جاءوا بطريق شبرا، وبادروا الى العمل في ذلك وسارعوا الى الاستعداد للقتال وعلى رأسهم السيد عمر مكرم، وكان الفقراء يعملون متطوعين نصف النهار ثم يعودون الى اعمال معاشهم عند الظهر.

وظهرت العاصمة بتلك الروح التي تجلت فيها قبيل معركة الأهرام سنة 1897 وفي خلال ثورة الشعب على خورشيد باشا سنة 1805، قال المسيو مانجان في هذا الصدد يصف ما شاهده:

"كان السيد عمر مكرم يذهب في صبيحة كل يوم تتبعه الجماهير الى حيث يشتغل العمال في اقامة الاستحكامات ، وكثيار ما يبقى هناك النهار كله في خيمة اعدت له، وكان حضوره يثير الحماسة والشجاعة في نفوس الناس جميعا، وقد بذل كل انسان ما في وسعه لاقامة الاستحاكمات.

وقال الجبرتي يصف عمل السيد عمر مكرم:

"وفي – يوم 26 محرم – نبه السيد عمر النقيب على الناس وامرهم بحمل السلاح والتأهب للجهاد في الإنكليز حتى مجاوري الأزهر وأمرهم بترك حضور الدروس وكذلك أمر المشايخ المدرسين بترك القاء الدروس".

فتأمل دعوة الجهاد التي بثها السيد عمر مكرم والروح التي نفخا في طبقات الشعب، فانك لترى هذا الموقف مماثلا لموقفه عندما دعا الشعب الى التطوع لقتال الفرنسيين قبل معركة الاهرام، ثم تأمل في دعوته الأزهريين الى المشاركة في القتال، تجد أنه لا ينظر اليهم كرجال علم ودين فحسب بل رجال جهاد وقتال ودفاع عن الذمار ايضا، فعملهم في ذلك العصر كان أعم وأعظم من عملهم اليوم.

وقال الجبرتي في موضع آخر يصف اجتماع زعماء الشعب ورجال الحكومة للتشاور فيما يجب عمله:

"وفي يوم الثلاثاء حصلت جمعية بيت القاضي وحضر حسن باشا وعمر بك والدفتردار وكتخدا بك والسيد عمر النقيب والشيخ الشرقاوي والشيخ الأمير وباقي المشايخ فتكلموا في شأن حادثة الإنكليز والاستعداد لحربهم وقتلهم وطردهم فانهم اعداء الدين والملة ويجب أن يكون الناس والعسكر على حال الألفة والشفقة والاتحاد وأن تمتنع العساكر عن التعرض للناس بالايذاء كما هو شأنهم وان يساعد بعضهم بعضا على دفع العدو، ثم تشاوروا في تحصين المدينة وحفر خنادق، فقال بعضهم ان الانكليز لا يأتون الا من البر الغربي والنيل حاجز بين الفريقين، وان الفرنساوية كانوا أعلم بأمر الحروب وأنهم لم يحفروا الا الخندق المتصل من باب الحديد الى البحر (النيل) فينبغي الاعتناء باصلاحه ولو لم يكن كوضعهم واتقانهم واتفقوا على ذلك".

وقال في موضع آخر: "وفي يوم الأربعاء 29 محرم ركب السيد عمر النقيب والقاضي والأعيان المتقدم ذكرهم ونزلوا الى ناحية بولاق لترتيب أمر الخندق المذكور وصحبتهم قنصل الفرنساوية وهو الذي أشار عليهم بذلك، وصحبتهم الجمع الكثير من الناس والأتباع والكل بالأسلحة".

وقال عن اشتراك طبقات الشعب في حفر الخندق المذكور واقامة الاستحكامات بما بلغ اليه جهد كل مطيق: "وشرعوا في حفر الخندق المذكور ووزعوا حفره على مياسير الناس واهل الوكائل والخانات والتجار وأرباب الحرف والروزنامجي وجعلوا على البعض أجرة مائة رجل من الفعلة وعلى البعض أجرة خمسين وعشرين وكذلك أهل بولاق ونصارى ديوان المكس (الجمرك) والنصارى والأروام والشوام والأقباط واشتروا المقاطع والغلقان والفوس والقزم وآلات الحفر وشرعوا في بناء حائط مستدير بأسفل تل قلعة السبتية".

وقد حدثت كل هذا الاستعدادات ومحمد علي باشا لم يزل غائبا بالصعيد، وهذا يدلك على ان الشعب كان متطوعا من تلقاء نفسه للقتال عازما على الحرب والمقاومة كما كان شأنه عند مجئ الحملة الفرنسية، أما قنصل فرنسا الذي أشار اليه الجبرتي فهو فهو المسيو دروفتي وكان في الاسكندرية عندما جاءت العمارة الانجليزية، فغادر الثغر مخافة أن يقع أسيرا في يد الانجليز لما كان بين إنجلترا وفرنسا الذي أشار اليه الجبرتي فهو المسيو دروفتي وكان في الإسكندرية عندما جاءت العمارة الإنجليزية، فغادر الثغر مخافة أن يقع أسيرا في يد الإنجليزي لما كان بين إنجلترا وفرنسا من العداء المستحكم في ذلك الحين، فرحل من الإسكندرية إلى رشيد ومنها انحدر الى القاهرة فاشترك في تنظيم وسائل الدفاع عنها.

ولم يقتصر تطوع سكان القاهرة على الدفاع عن العاصمة بل هبوا لنجدة اخوانهم اهل رشيد، وذلك انه على الرغم من ردهم الجيش الانجليزي الأول فانهم استهدفوا لزحف الجيش الانجليزي الثاني الذي جاء ليمحوا أثر الواقعة الأولى، فضرب الحصار على رشيد، وركب المدافع على آكام أبي مندور التي تتسلط عليها، واخذ يضربها بالمدافع تمهيدا للهجوم عليها وفتحها عنوة، وقد تهدم كثير من بيوتها ومات كثير من أهلها من ضرب المدافع وتساقط القنابل، فأرسل السيد حسن كريت نقيب أشراف رشيد الرسائل الى السيد عمر مكرم يستنجده ويطلب اليه امداد المدينة بالرجال والعتاد. فقرأ السيد عمر الرسالة الأولى على الناس وحصنهم على التطوع لنجدة رشيد، فاستجابوا وتطوعوا وحملوا السلاح وازمعوا السفر لنجدة اخوانهم، وبالرغم من أن كتخدا بك لم يأذن لهم بالسفر حتى يحضر محمد علي باشا من الصعيد فان كثيرين منهم لم يعبأوا بهذا المنع وارتحلوا لنجدة أهل رشيد في صد الجيش الانجليزي.

وتطوع كذلك أهالي البحيرة والبلاد المجاورة لرشيد واقبلوا عليها يدافعون عنها، فكان ذلك مظهرا جليلا من مظاهر التضامن القومي والاشتراك في حمل اعباء الجهاد، واتحاد الكلمة في ساعة الخطر، وفداء كل موضع في البلاد بكل فرد من اهل البلاد.

قال الجبرتي: "وفي يوم الخميس غاية محرم ورد مكتوب من السيد حسن كريت نقيب اشراف رشيد والمشار اليه بها (أي كبير أعوانها) يذكر فيه ان الانكليز لما اوقع بهم رشيد ورجعوا في هزيمتهم الى الاسكندرية استعدوا وحضروا الى ناحية الحماد قبلي رشيد ومعهم المدافع الهائلة والعدد ونصبوا متاريسهم من ساحل البحر (النيل) الى الجبل عرضا، وذلك ليلة الثلاثاء ثامن عشرينه، فهذا ما حصل اخبرناكم ونرجو الاسعاف والامداد بالرجال والجباجنة والعدة والعدد وعدم التأني والاهمال، فلما وصل هذا الجواب قرأه السيد عمر النقيب على الناس وحثهم على التأهب والخروج للجهاد. فامتثلوا ولبسوا الأسلحة، وجمع اليه طائفة المغاربة واتراك خان الخليلي وكثيرا من العدوية والأسيوطية واولاد البلد، وركب في صبحها الى كتخدا بك واستاذنه في الذهاب فلم يرض وقال حتى يأتي أفندينا الباشا (محمد علي) ويرى رأيه في ذلك، فسافر من سافر ، وبقى من بقى".

وقال في موضع آخر: "وفي يوم السبت ثاني صفر (11 أبريل سنة 1807) وردت مكاتبة أيضا من ثغر رشيد وعليها امضاء علي بك السلانكلي حاكم الثغر وطاهر باشا واحمد أغا المعروف ببونابرت بمعنى مكتوب السيد حسن السابق ويذكرون فيه ان الانكليز ملكوا ايضا كوم الافراح وابو منضور ويستعجلون النجدة، وفي خامس صفر وردت مكاتبة من رشيد عليها امضاء السيد حسن كريت يخبر فيها بان الانكليز محتاطون بالثغر ومتحلقون حوله ويضربون البلد بالمدافع والقنابل، وقد تهدم الكثير من الدور والابنية ومات كثير من الناس، وقد أرسلنا لكم من قبل تاريخه نطلب الاعانة والنجدة فلم تسعفونا بارسال شي، وما عرفنا لاي شيء هذا الحال، وما هذا الاهمال ، فالله الله في الاسعاف، فقد ضاق الخناق وبلغت القولب الحناجر من توقع المكروه وملازمة المرابطة والسهر على المتاريس ونحو ذلك من الكلام وهي خطاب للسيد عمر النقيب والمشايخ ومؤرخة في ثاني صفر 22".


المصادر

  1. ^ General Patrick Wauchope, Burke’s Peerage;
    The Scots Magazine and Edinburgh Literary Miscellany, Band 69, 1807, S. 638 (Deaths).
  2. ^ p.520, Russell, Jones
  3. ^ الرافعي, عبد الرحمن (2009). عصر محمد علي. القاهرة، مصر: دار المعارف. {{cite book}}: Cite has empty unknown parameter: |coauthors= (help)

المراجع

وصلات خارجية