فتح دمشق 1832

فتح دمشق (16 يوليو 1832) أثناء الحرب المصرية العثمانية في عهد محمد علي باشا.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

خلفية تاريخية

بعد أن رتب شئون عكا، عزم ابراهيم باشا على التقدم الى دمشق، فأرسل كتابا الى واليها علو باشا يدعوه الى تسليم المدينة، وكتب الى أحمد بك اليوسف ربيب يوسف باشا الكنج الذي كان قد فر الى مصر ولجأ الى محم علي في سنة 1819 يخبره عن عزمه على التقدم بعساكره الى دمشق، وكتب مثل ذلك الى أعيان المدينة. وفي 9 يونيو نهض تسعة آلاف من الجنود المنظمة ، وتسعة آلاف من الدروز والبدو المصريين والعربان السوريين، يتبعها أربعة وعشرون مدفعا.[1]

أما أهالي دمشق، فأظهروا عزمهم على المقاومة، ودعا أغاوات البلد أهلها الى حمل السلاح والاستعداد لمقاتلة جيش ابراهيم باشا، فلبوا الدعوة وترتبوا جماعات جماعات، وقاموا بتظاهرات عظيمة، وأخذت كل حارة تقوم بالاستعراض على حدتها، فتدخل دار الحكومة "حتى ينظر الوزير ويطمئن" واستمرت هذه التظاهرات ثلاثة ايام. هذا ما قام به الدمشقيون بعدما عرفوا بعزم ابراهيم باشا على الاستيلاء على مدينتهم، مع أنهم لم يكونوا راضين عن حكم الولاة العثمانيين وسياسة الدولة العثمانية نحوهم، ولعلهم فعلوا خوفا من الجنود العثمانية التي بلغهم قرب وصولها مع مبالغات عظيمة بكثرة عددها.

وفي 15 حزيران (يونيه) وصل ابراهيم باشا الى ضواحي دشق، فخرج علو باشا وجمهور من الدمشقيين لمقاتله، لكن راعهم ما شاهدوه من مظام جنوده وحسن استعدادها، ولم تبد منهم سوى مقاومة ضعيفة، ثم انهزموا ولم يقتل منهم الا عدد يسير. ثم خرج وفد من أعيان المدينة، وقدموا خضوعهم له. أما علو باشا فانسحب من دمشق قاصدا الى حمص يحرسه ألف وخمسائة خيال وخمسمائة رجل، فدخل ابراهيم باشا مدينة دمشق في 16 حزيران (يونيه) سنة 1832.

وفي اليوم التالي أخرج جيشه ونصب مضاربه في سهل القابون. أما اللبنانيون الذين كان يقودهم الأمير بشير حاكم جبل لبنان فبقوا في المرجه، واستعرض الجيش في القابون، فدهش المتفرجون لحسن نظامه، كما أنهم أعجبوا بحسن سلوك الجنود في أثناء اقامتهم في المدينة وبجوارها، اذ لم يحدث منهم أي اعتداء، فكانوا يحضرون الى المدينة ويعودون منها، وفي طريقهم البساتين الحافلة بالأشجار المثمرة، فلا يمسون شيئا منها، وكل ما احتاجموااليه اشتروه ودفعوا ثمنه، وهذا غيرها ما عرفه الدمشقيون في الجنود العثمانية، وما سمعوه عن الجيش العثماني النازل في حمص من كثر الاعتداء على الأموال والأعراض واتلاف المزروعات.

أقام ابراهيم باشا في دمشق ثمانية عشرة يوما وحضر صلاة الجمعة في الجامعة الأموي، وفي أثناء الخطبة حار الخطيب بين أن يخطب باسم السلطان أو باسم محمد علي، ورفع الأمر الى ابراهيم باشا فأجابه بأنه عبد السلطان، وأن الخطبة يجب أن تكون باسم السلطان والدعاء لمحمد علي.

وبعد وصوله الى دمشق جعلها قاعدة لحكمه، ونظم الادارة فيها على النمط المتبع في مصر، وأقام أحمد بك اليوسف متسلما عليها، ورتب ديوان حكم مؤلفا من عشرين عينا من أعيان دمشق سماه ديوان المشروة، وجعل فيه أعضاء تنوب عن اليهود والنصارى، وكان هذا المجلس ينظر في دعاوى الرعية والحكومة، وبطل حكم رجال الساري. مما فعله في دمشق تعيين النصارى في وظائف الحكومة، والسماح لهم بركوب الخيل، وكان ذلك محظورا عليهم سابقا. ومن التدابير التي قام بها في دمشق ضبط الأمن ضبطا تاما، واقامة المخافر العديدة لرجال الحفظ، ووضع حامية مؤلفة من ثلاثة آلاف ومائتي رجل من الجند النظامي، وولى عليها مؤقتا ابراهيم باشا الصغير.

ان استيلاء ابراهيم باشا على دمشق ذات الأهمية الدينية والسياسية بعد استيلائه على البلاد الساحلية والجبلية، جعل في قبضة يده أكثر البلدان السورية أهمية من مختلف الوجوه.

وبعد أن قام في دمشق بالتدابير التي ذكرناها وأعطى جيشه نصيبا من الراحة، عول على الزحف على حمص لملاقاة الجيش العثماني المحتشد فيها، وقبل سفره جمع خمسة وسبعين من أغاوات الشام ومعهم نحو ألف من رجالهم وأمرهم بالذهاب معه الى الحرب ومساء السبت 1 يوليو سنة 1832 م نهض بعسكره من دمشق وتبعه الأغاوات برجالهم في اليوم التالي . وقام من دمشق مع ابراهيم باشا الأمير بشير شهاب وولده الأمير خليل وأمراء وادي التيم الشهابيون ومشايخ جبل نابلس. فكأنه كان يستصحب أعيان البلاد التي دخلت في حوزته والمتنفيذين فيها كرهائب ليأمن شر الفتن، كما أن وجودهم معه يفيده من وجوه أخرى.


المصادر

  1. ^ أبو عز الدين, سليمان (2009). ابراهيم باشا في سوريا. القاهرة، مصر: دار الشروق. {{cite book}}: Cite has empty unknown parameter: |coauthors= (help)