حافظ الشيرازي
حافظ الشيرازي | |
---|---|
شاعر روحي، ومتصوف | |
الضريح الرئيسي | ضريح حافظ، شيراز، إيران |
تأثر بـ | ابن عربي، Khwaju, Sanai, القرآن، Anvari, نظامي، سعدي، خاقاني، عطار |
أثر على | كل الشعراء الصوفيين اللاحقين. |
Tradition/Genre | الشعر الصوفي (غزل، عرفان) |
الأعمال الرئيسية | ديوان حافظ |
حافظ الشيرازي (فارسية: خواجه شمسالدین محمد حافظ شیرازی)[1] هو شاعر صوفي فارسي. وهو من أشهر الشعراء الفارسيين وكان يواصف بشاعر الشعراء، دواوينه وقصائده موجودة في بيوت أغلب الأيرانيين الذين يقرأونها ويستعملونها كأمثال وحكم حتى يومنا هذا. كانت حياته وقصائده موضع كثير من التحليلات والتعليقات، التي كان لها تأثير كبير على الشعر الفارسي أكثر من اي شخص أخر امتد تأثيرها إلى ما بعد القرن الرابع عشر. إنّ المواضيعَ الرئيسيةَ من غزليات الشيرازي كانت عن الحب، احتفال النبيذ، تعرية نفاقَ أولئك الأشخاص الذين وَضعوا أنفسهم كأولياء أمور، حكماء، وأمثلة عن الاستقامةِ الأخلاقية. يمكن أن يلمس حضور الشيرازي في حياة الايرانينين من خلال اللجوء المتكرر لقصائده في موسيقاهم الشعبية. أما قبره فيعتبر قطعة فنية نادرة من الهندسة المعمارية الإيرانية ومقصداً للزيارة في بعض الأحيان. و يعتبر من من أهم مؤلفاته ديوان حافظ الذي ترجمه جون باين.سمى حافظ لحفظه للقران الكريم.واهم مايميزعزلياته انها من شعراء المغول تعتبر من التيمورين ومن اعماله ليلى والمجنون وخسرو وشرين وظفر نامه.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
حياته
ولد حافظ الشيرازي عام 1325 في شيراز جنوب إيران، وتعلم كباقي أبناء عصره العلوم الشرعية والأدب والحكمة، كان يحفظ القرآن ولذلك سمي بحافظ، عرفه الغرب مع المفكر والأديب الألماني گوتة، الذي بحث عن أشعاره إلى أن اكتشفها عام 1814، فصاح فرحا: " إنها أخيرا بين يدي" ، أحب گوته شعر حافظ وسبر أغوار معانيه، ونسج معه علاقة روحية خاصة، وفي النهاية كتب ديوانا شعريا أهداه لحافظ الشيرازي تحت عنوان "الديوان الشرقي للشاعر الغربي". ومما أنشده گوتة في حافظ هذه الأبيات:
- أنت يا(حافظ) لا تؤذن بانتهاء وهذه عظمتك
- ولا عهد لك بابتداء وهذه قسمتك
- وشعرك كالفلك يدور على نفسه بدايته ونهايته سيان
ما كان أكثر من ينظم القصيد في فارس. وكان الملوك يكرمون الشعراء اللذين لم يتقدم عليهم في الحظوة بهذا التكريم والتبجيل إلا الحظايا والحظاظون والقواد. وفي زمن حافظ طبقت الآفاق شهرة عشرين من الشعراء، وذاع صيتهم من البحر المتوسط إلى نهر الكنج، ومن اليمن إلى سمرقند، ولكنهم جميعاً، على أية حال، أحنوا رءوسهم إجلالاً لشمس الدين محمد- المشهور باسم حافظ الشيرازي - وأكدوا له أنه بز "الشيخ سعدي" الشاعر الرخيم نفسه. وارتضى حافظ هذا التقدير، وأخذ يحدث نفسه في احترام قائلاً:
"قسماً بالقرآن الذي تعيه في صدرك يا حافظ، لم أر قط أجمل من شعرك"(6).
"وحافظ" لفظة معناها "الذكور" الذي يحفظ ويتذكر، وهو لقب أطلق على كل من حفظ القرآن كله - مثل شاعرنا - ولم يعرف تاريخ ميلاده، وأبواه غير معرفين. وسرعان ما أقبل على الشعر. وكان أول من رعى الشاعر واحتضنه هو "أبو إسحق " الذي عينه غازان خان حاكماً على جنوب إيران. وأولع أبو إسحق بالشعر أيما ولع، وأهمل شئون الحكومة. ولما جاءه النذير بأن بعض القوات المعادية تعد العدة لمهاجمة عاصمة "شيراز"، قال إنه لسفيه ذلك الرجل الذي يضيع مثل هذا الربيع الجميل في الحرب، ولكن قائداً متلبد الشعور هو "مبارز الدين محمد بن المظفر" استولى على شيراز وقتل أبا إسحق (1352)، وحرم شرب الخمر وأغلق كل حانة في المدينة. وفي هذا كتب حافظ مرثية حزينة قال فيها:
"ولو أن الخمر تبعث السرور، والريح تنشر أريج الورود،
لا تشربوا الخمر على أنغام القيثارة لأن المحتسب يقظ،
وخبئوا الطاس في أكمام عباءاتهم المرقعة،
لأن الزمن يسفك الدماء، كما ينسكب الخمر من عين الإبريق الدامعة،
واغسلوا بدموعكم ما تلطخ بالخمر من أرديتكم
لأن هذا موسم الورع وزمن التقشف والتعفف"(7).
ولما وجد خليفة ابن المظفر أن تحريم الخمر أمر غير عملي، أو تبين أن شاربي الخمر أسلس قياداً وأيسر حكماً من المتطهرين المتزمتين، أعاد فتح أبواب الحانات، وخلد حافظ اسمه.
وسار شاعرنا على تقاليد الفرس في نظم من القصائد في الخمر، واعتبر في بعض الأحيان أن زجاجة من الخمر "تسمو على تقبيل العذارى"(8)، ولكن حتى الكروم تجف وتذوى بعد ألف مقطع من الشعر، وسرعان ما تبين حافظ أن الحب، عذرياً كان أو عملياً، لا يستغنى عنه الشعر.
"هل تعرف ما هو الحظ السعيد؟ إنه الظفر بنظرة إلى غادة
هيفاء، إنه التماس صدقة منها في زقاقها، وازدراء أبهة الملك"(9).
وبدا له الآن أن الحرية ليست حلوة مثل حلاوة العبودية في الحب.
"إن عمرنا قصير، ولكن طالما أننا قد نفوز
بالمجد وهو الحب، فلا تحتقر
الاصغاء إلى توسلات القلب،
فإن سر الحياة سوف يبقى فيما وراء العقل.
فاهجر عملك إذن وقبل حبيبتك الآن.
إنى لأمنح العالم كله هذه النصيحة الغالية،
عندما تتفتح أزهار الربيع، وتهجر الريح الطاحون
وتنزلق برفق لتقبل الغصن المورق.
أى حسناء شيراز، امنحيني أمنية الحب،
ومن أجل شامتك - تلك الحبة من الرمل العالقة
بصفحة خد من اللؤلؤ - سوف يمنحك حافظ
كل بخاري، وكل سمرقند.
آه لو دخلت مع القدر في رهان مرة،
لحاولت برمية واحدة، مهما كان الثمن،
لألتقط أنفاسي، أيها الحب اجمع بيننا،
فما حاجتي بعد ذلك إلى الجنة،
إن الذي خلق غدائر شعرك من ذهب وفضة،
وجمع بين الوردة الحمراء والوردة البيضاء
وأسلم إليهما خدك في شهر العسل
أليس بقادر على أن يمنحني الصبر، وأنا ابنه (10)".
ويبدو أنه آخر الأمر، قد هدأت نفسه بالزواج، فلو فسرنا قصائده الرقيقة تفسيراً صحيحاً، فإنه وجد زوجة وأنجب عدة أطفال، قبل أن يحزم أمره بين النساء والخمر. ويبدو أنه في بعض أشعاره يرثيها ويتألم لفراقها:
"سيدتي، يا من حولت بيتي
إلى فردوس حين حللت به،
من عند الله أحاطها بعنايته، كانت طاهرة، مبرأة من الثم،
جميلة المحيا مثل القمر، عاقلة،
وعيناها ذواتي النظرة العطوفة الناعمة
كانتا تشعان فتنة لا حدود لها
ثم حدثني قلبي: هنا سوف يستقر بي المقام!
فإن هذه المدينة تتنفس بحبها في كل ركن منها.
ولكنها نقلت إلى عالم بعيد قصي،
للأسف لم يعرفه قلبي، وا أسفاه أيها القلب المسكين
إن نجماً خبيثاً شريراً أعمل أثره
فأرخى قبضة يدي التي كانت تمسك بها، ووحدها بعيداً
رحلت من كانت تسكن في صدري"(11).
ومهما يكن من أمر فقد ألف المقام، وركن إلى العزلة الهادئة، وقلما ارتحل إلى خارج شيراز، وقال إنه يترك لقصائده أن تجوب الأرض بدلاً من شخصه، وكم دعى إلى بلاط كثير من الملوك والأمراء. واقنع للحظة وجيزة بقبول دعوة من السلطان أحمد بالاقامة في القصر الملكي في بغداد(12)، ولكن حبه لشيراز أبقاه حبيساً بها، وكان يشك في أن بالجنة نفسها مثل هذه الأنهار الفاتنة أو مثل هذه الورود الحمراء في شيراز. وكان بين الحين والحين يوجه قصائد المديح إلى أمراء الفرس في عصره أملا في عطايا أو جوائز تخفف من ألم الفقر الذي كان يعاني منه، لأنه لم يكن في فارس ناشرون لينقلوا نفثات البراع عبر البحار، وكان على الفنان (أى الشاعر) أن ينتظر على أبواب النبلاء والملوك. والحق أن شاعرنا "حافظ" كاد أن يرحل يوماً إلى الخارج، ذلك أن أحد أمراء الهند لم يبعث إليه بالدعوة فحسب، بل زوده كذلك بالمال اللازم لنفقات الرحلة، فأقلع حافظ ووصل إلى هرمز على الخليج الفارسي، وكان على وشك الركوب في السفينة فهبت عاصفة هوجاء حولته عن عزمه، وحببت إليه الاستقرار. فعاد أدراجه إلى شيراز، وبعث إلى الأمير الهندي بقصيدة بدلاً من شخصه.
ويضم ديوان حافظ 693 قصيدة معظمها غنائية، وبعضها رباعيات، وبعضها الآخر شذرات غير واضحة المعنى. وهي أصعب في ترجمتها من أشعار دانتى، زاخرة بقواف كثيرة مما يجعل منها في الانجليزية شعراً غير مصقول محطم عقول الوزن، كما تعج بالاشارات والتلميحات المبهمة التي كانت تبهج عقول الناس في ذاك الزمان، ولكنها الآن ثقيلة على السمع في الغناء، والأفضل أن توضع نثراً في الغالب:
"كاد الليل أن ينصرم، حين جذبني أريج الورود، فدلفت إلى
الحديقة، مثل العندليب، أفتش عن بسم للحمى التي انتابتني،
وهناك في الظل تألقت وردة، وردة حمراء كأنها مصباح محجب،
فحدقت النظر في محياها،
إن الوردة فاتنة لمجرد أن وجه محبوبتي فاتن.... وماذا يكون
عبير المروج، والنسيم الذي يهب في الحديقة، إذا لم يكونا
لخد محبوبتي الذي يشبه الخزامى (التيوليب)؟
وفي ظلمة الليل حاولت أن أطلق قلبي من رباط غدائر شعرك
ولكني أحسست بلمسات خدك ورشفت رحيق شفتيك، وضممتك
إلى صدري. ولفني شعرك وكأنه لهب. وألصقت شفتي
بشفتيك، وأسلمت قلبي ونفسي لك كأنهما فدية (13).
وكان حافظ إحدى النفوس الموهوبة الصادية المنهوكة، التي تستجيب وتتأثر - عن طريق الفن والشعر والمحاكاة والرغبة شبه اللاواعية، تستجيب وتتأثر بالجمال إلى حد الرغبة في عبادته، فترغب بالعينين وبالألفاظ وبأطراف الأنامل، أن تعبد أي شكل جميل، سواء كان نحتاً على حجر أو رسماً أو آدمياً أو زهرة، ونعاني في صمت مكبوت كلما ألم بها الجمال. ولكن هذه النفوس أيضاً تجد فيما تفاجأ به كل يوم من فتنة أو سمو أو جمال جديد، بعض المغفرة لقصر عمر الجمال ولسلطان الموت. ولذلك خلط حافظ التجديف بالعبادة، وانساق في هرطقة غاضبة حتى في الوقت الذي كان فيه يثنى على "الواحد الأحد الخالد" وهو المصدر الذي يفيض منه كل جمال على الأرض.
والتمس كثير من الناس أن يضفوا عليه احتراماً ووقاراً، بتفسير خمرة بأنها نشوة روحية، وحاناته بأنها أديار، ولهبه بأنها "النار المقدسة". صحيح أنه أصبح متصوفاً وشيخاً، وارتدى ملابس الدراويش، ونظم قصائد صوفية غامضة، ولكن معبوداته الحقيقية كانت الخمر والنساء والغناء، وبدأت حركة لمحاكمته بوصفه زنديقاً كافراً، ولكن أفلت منها بالتوسل بأن قصائد الهرطقة كان يقصد بها أن يعبر عن آراء المسيحيين، لا عن آرائه هو. ومع ذلك كتب يقول:
"أيها التحمس، لا تظن أنك بمنجاة من خطيئة الكبرياء،
فليس الفرق بين المسجد وكنيسة الكفار سوى الغرور"(14).
والكافر هنا بطبيعة الحال هو المسيحي. وبدا في بعض الأحيان لحافظ أن "الإله " ما هو إلا شيء اختلقته آمال الإنسان:
"وهذا الذي يسوقنا في هذه الأيام التي تمر كوميض البرق،
هذا الذي نعبده رغم معرفتنا بمن يفنيه أو يذبحه،
أنه هو نفسه قد يتولاه الحزن والأسى، لأننا حين نفترق
سيختفي هو أيضاً في هذا اللهيب نفسه"(15).
ولما مات حافظ كانت عقيدته مشكوكاً فيها، وكان مذهب المتعة عنده لاصقاً به إلى حد الاعتراض على تشييع جنازته في احتفال ديني، ولكن أصدقاءه أنقذوا الموقف بتفسير أشعاره بالمجاز والاستعارة. وجاء بعد ذلك جيل دفن رفاقه في حديقة أطلقوا عليها "الحافظية" تزدان بورود شيراز، وتحققت نبوءة الشاعر بأن قبره سيكون "مزاراً يحج إليه عشاق الحرية من جميع أنحاء العالم". وعلى لوح مقبرة حافظ المصنوع من المرمر نقشت إحدى قصائده، وهي عامرة بالروح الدينية العميقة أخيراً. وفيها:
- "أين أنباء الوحدة؟ حتى أنهض
- من التراب، سوف أصحو لأرحب بك !
- إن نفسي مثل الطائر الزاجل، حنيناً منها إلى الجنة،
- سوف تصحو وتتوجع من شرور العالم التي أطلقت من عقالها.
- وعندما يهتف بي صوت حبك لأكون عبداً لك
- سوف أصحو إلى ما هو أعظم كثيراً من السيادة
- على الحياة والعيش، والزمن والعمر الفاني.
- صب يا إلهي من سحب نعمتك الهادية
- شآبيب الرحمة التي تسرع إلى قبري
- قبل أن أنهض، مثل التراب الذي تذروه الرياح من مكان إلى مكان،
- إلى ما وراء علم الإنسان.
- وعندما تعرج بقدميك المباركتين إلى قبري،
- سوف تحضر بيدك الخمر والإغراء إلي،
- ولسوف يرن صوتك في طيات ملاءتي الملفوفة،
- ولسوف أنهض وأرقص على غناء قيثارتك.
- ورغم شيخوختي، ضمني ليلة إلى صدرك،
- فإني، عندما ينبثق الفجر ليوقظني،
- بنضارة الشباب في خدي، من بين أحضانك سوف أنهض.
- انهض! دع عيني تسح وتمرح في نعمتك العظيمة!
- أنت الهدف الذي حاول كل الناس الوصول إليه،
- أنت المحبوب الذي يعبده حافظ، ووجهك
- سوف يأمره أن ينبعث من الدنيا ومن الحياة ويصحو(16).
أعماله
أسلوبه الأدبي
عرف العالم الإسلامي في عصر حافظ الشيرازي انتكاسة كبرى، إنها الأيام التي اجتاح فيه المغول حواضر المسلمين ونكلوا بهم واستباحوا كل شئ، كان الموقف بالنسبة لحافظ الشيرازي جد مؤلم، خاصة وأن ذلك الانهزام انعكست آثاره على النفوس والعقول، فأصبح شاعرنا أمام مجتمع في حاجة إلى التقويم والتوجيه، لذلك استثمر أرقى وأمتن ما ورثه من قرون عنفوان الأدب الفارسي والتراث الإسلامي في التعبير والوصف.[2]
ليس من الغريب إذا أن تكون أهم المضامين التي تترد في شعر حافظ الشيرازي، هي تلك التي تدين النفاق الديني والاجتماعي، ومظاهر الزيف التي يختبئ وراءها الضعاف والماكرون بغية تحقيق مآرب دنيوية صغيرة، لذلك يضعك حافظ أمام شخصيتان دينيتان متقابلتان: الفقيه المنافق الذي يستغل مسوح الدين لتحقيق رغباته المخالفة لمبادئ الإسلام، والشيخ الذي هجر الخانقاه أو محل العبادة والتبتل إلى الخمارة ومكان العربدة واللهو.
بالنسبة للنموذج الأول يجمع الدارسون تقريبا على كون حافظ الشيرازي يدين من خلاله مظاهر النفاق التي انتشرت في عصره، نظرا لخفوت أصوات التجديد والبعث الديني، وارتباط الكثير من الناس بالدين بهدف أن يخدمهم ويحمل أثقالهم الدنيوية، مما نتج عنه تشوهات كادت تذهب بوجه الدين والتدين. من شواهد هذا المقام يقول حافظ في أبيات ترجمها الشاعر محمد مهدي الجواهري:
عقدة عندي سل عن حلها هذا الأديبا
لا تابت شيوخ وعظتنا أن نتوبا
جلوةٌ للشيخ إن قام على الناس خطيبا
وهو في خلوته يرتكب الأمر المريبا
إن فساد زمن حافظ الشيرازي دفع الكثير ممن يفترض فيهم أن يكونوا أهل علم ودين إلى إضاعة جوهر الدين، والتشبث بمظاهره السطحية إما خوفا على مصالحهم الدنيوية أو طمعا في مكاسب يجمعونها من هنا وهناك، لذلك دأب حافظ على فضحهم والتحذير من زيفهم، كما في هذه الأبيات:
اشرب الخمر، وانظر جيدا إلى الشيخ الواعظ
والمفتي والمحتسب، إنهم جميعا مزورون
وفي موضع آخر يواجه السلطة الدينية الكاذبة:
رغم أن كلامي قاس على واعظ المدينة...
إلا أنه رجل مرائي و متملق للمسلمين
ويقول:
إلزم حب الله تعالى فهو من علامات أهل الله..
وهو مالا نراه في شيوخ مدينتنا
أما النموذج الثاني فقد اختلف حوله المهتمون بحافظ الشيرازي، المجموعة الأولى تعتبر الصورة برمتها منظومة من الرموز والإشارات التي تستقي شرعيتها من حقل العرفان والتصوف، على اعتبار أن ثقافة الرجل عرفانية بامتياز ونذكر من رموز هذه الفئة المعاصرين المفكر مرتضى مطهري. بينما المجموعة الثانية ترى أن الرجل يعرب بوضوح عن مذهبه في اللذة والكفر والمجون، وتضعه جنبا إلى جنب مع الخيام وأمثاله، ومن أقطاب هذه المجموعة الشاعر أحمد شاملو.
يقول حافظ في جرأة ووضوح:
أين دير المجوس وأين الشراب المُصفّى؟
أنى لي السلامة أنا الخربُ
أنظر إلى تباين الدرب من البدء إلى المنتهى
لقد ضجر قلبي من الصومعة وخرقة الرياء
فأين دير المجوس وأين الشراب المُصفّى؟
وما صلة الرند بالصلاح والتقوى، هيهات أن يرقى سماع الوعظ لأنغام الربابة
وماذا سيصيب قلب الخصم إثر طلعة المحبوب؟
مما لانختلف حوله هو أن حافظ رفض واقع النفاق الذي عم عصره، وحاول التعبير بقوة عن ذلك الرفض، لكن هل كلام الرجل ينتهي عند حروفه، أم أن كلماته تتحرر من قيود رسومها وتحلق بعيدا في سماء المعاني، فلا يبقى الدير ديرا ولا المجوس مجوسا، ولا تصبح للشراب أي علاقة بالخمرة التي نعرفها، وتصير الكلمات كلها إشارات لمعاني متعالية، لا تدرك إلا بالحس الروحي ولايفهمها إلا من يستشعرها من الناس. إن من يقرأ حافظ في أصله الفارسي، سيدرك تماما أن الرجل بعيد كل البعد عن أجواء اللادينية ومسار المجون، فمتانة كلام حافظ وتعالي معانيه، وقوة شبكة المضامين التي تحكم نصوصه، كل ذلك يدل دلالة قاطعة على أنه يعني شيئا آخر غير ما يعرب عنه ظاهر لغته، وإلا بماذا سنفسر حربه على النفاق وإعلاءه للصدق الإيماني والنقاء القلبي.
أوليس هو القائل فيما ترجمه إبراهيم الشورابي:
إذا ما استمعت لأهل القلوب فحاذر تصفهم بقول العيوب
فإنك لست الخبير بسر الضلوع وسر القلوب
فإني بقيت عزيزا كريما، ولم أحن رأسي لدنيا الذنوب
فبورك رأسي، وما فيه يجري، إلى يوم أقضي ورأسي طروب
أسلوبه
دمجه للشعر بالعربية والفارسية
ومن شعره الذي دمج فيه بين الفارسية والعربية:
ألا يا أيها الساقي أدر كأسا وناولها | كه عشق آسان نمود أول ولى افتاد مشكلها | |
حضورى گرهمى خواهى از او غايب مشو حافظ | متى ما تلق من تهوى دع الدنيا وأهملها |
وترجمة الأشطر الفارسية:
ألا يا أيها الساقي أدر كأسا وناولها | فأن الكأس للملدوغ بالعشق هي الراقي | |
فإن ترد حضرته يا حافظ فلا تغب عنه | متى ما تلق من تهوى دع الدنيا وأهملها[3] |
ضريح حافظ الشيرازي
انظر أيضا
المصادر
- Peter Avery, The Collected Lyrics of Hafiz of Shiraz, 603 p. (Archetype, Cambridge, UK, 2007). ISBN 1901383091
Note: This translation is based on Divān-e Hāfez, Volume 1, The Lyrics (Ghazals), edited by Parviz Natel-Khanlari (Tehran, Iran, 1362 AH/1983-4). - E.G. Browne. Literary History of Persia. (Four volumes, 2,256 pages, and twenty-five years in the writing). 1998. ISBN 0-7007-0406-X
- Will Durant, The Reformation. New York: Simon and Schuster, 1957
- Erkinov A. “Manuscripts of the works by classical Persian authors (Hāfiz, Jāmī, Bīdil): Quantitative Analysis of 17th-19th c. Central Asian Copies”. Iran: Questions et connaissances. Actes du IVe Congrès Européen des études iraniennes organisé par la Societas Iranologica Europaea, Paris, 6-10 Septembre 1999. vol. II: Périodes médiévale et moderne. [Cahiers de Studia Iranica. 26], M.Szuppe (ed.). Association pour l`avancement des études iraniennes-Peeters Press. Paris-Leiden, 2002, pp. 213–228.
- Hafez. The Green Sea of Heaven: Fifty ghazals from the Diwan of Hafiz. Trans. Elizabeth T. Gray, Jr. White Cloud Press, 1995 ISBN 1-883991-06-4
- Hafez. The Angels Knocking on the Tavern Door: Thirty Poems of Hafez. Trans. Robert Bly and Leonard Lewisohn. HarperCollins, 2008, p. 69. ISBN 978-0-06-113883-6
- Hafiz, Divan-i-Hafiz, translated by Henry Wiberforce-Clarke, Ibex Publishers, Inc., 2007. ISBN 0-936347-80-5
- Khorramshahi, Bahaʾ-al-Din (2002). "Hafez II: Life and Times". Retrieved 25 July 2010.
{{cite web}}
: Unknown parameter|encyclopedia=
ignored (help) - Yarshater, Ehsan (2002). "Hafez I: An Overview". Retrieved 25 July 2010.
{{cite web}}
: Unknown parameter|encyclopedia=
ignored (help) - Jan Rypka, History of Iranian Literature. Reidel Publishing Company. 1968 OCLC 460598. ISBN 90-277-0143-1
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الهوامش
- ^ http://www.britannica.com/EBchecked/topic/251392/Hafez
- ^ حافظ الشيرازي، مختارات فارسية
- ^ صباح عبد الكريم مهدي (2011-08-01 م). "النظم بالعربية خلال الشعر الفارسي". مجلة دراسات إيرانية. جامعة البصرة (14): p. 151. ISSN 2223-2354. Archived from the original on 2016-11-15.
{{cite journal}}
:|page=
has extra text (help); Check date values in:|date=
(help); Cite has empty unknown parameter:|الأول1=
(help)
وصلات خارجية
- Facebook Page for Hafez Selected poetry and images.
- شعر لحافظ مترجم للإنلجيزية
- Hafez in English from Poems Found in Translation website
- Poems by Hafez from Blackcat Poems website
- Hafez Divan in Persian and English
- Life and Poetry of Hafez from "Hafiz on Love" website
- Hafez Poems translated G. Bell
- Selection of Love Poems by Hafez
- مراجع ونصوص فارسية
- Hafez Divan with readings in Persian
- Fall-e Hafez An online Flash application of his poems.
- Radio Programs on Hafez's life and poetry'
- مراجع بالإنجليزية
- Hafiz, Shams al-Din Muhammad A Biography by Prof. Iraj Bashiri, University of Minnesota
- Comprehensive set of scholarly entries about Hafez, on the Encyclopædia Iranica (Columbia University).
- ترجمات ودراسات مقارنة بالألمانية
- Viktor Ullmann "The Songbook of Hafis / Das Liederbuch des Hafis" ARBOS - Company for Music and Theatre
- CS1 errors: extra text: pages
- Articles containing فارسية-language text
- Articles with hatnote templates targeting a nonexistent page
- CS1 errors: unsupported parameter
- Persondata templates without short description parameter
- شعراء فرس
- شعراء إيرانيون
- شعراء الصوفية
- شعراء صوفيون
- كتاب العصور الوسطى
- أشخاص من شيراز
- مواليد القرن 14
- وفيات القرن 14